كتب الأستاذ الدكتور عبدالله على إبراهيم مقالا عاطفيا مشحونا على إثر سماعه الخبر الخاص بعزم الصحفي حسين خوجلي الرحيل من السودان والهجرة بعد إغلاق النظام لقناته التلفزيونية. المقال تلفه روح الوفاء التي لا يسيتطيع أي من إلا وأن يكبرها في الدكتور، فالوفاء من كرم الأخلاق ورفعتها.. ولكن يجب ألا يحاول الدكتور أن يخلق من أمر خاص قضية عامة، خاصة في هذا الظرف الذي يمكن أن تأخذ فيه هذه القصة بعدا رمزيا يشمل أهل الانقاذ جميعهم وحسين خوجلي الذي يعرفه الناس خير ممثل لهم. لا أريد الحديث عن لحظة مفصلية في تاريخ السودان، لأن غالبية الذين يتبنون مثل هذه اللغة يحاولون جر الناس لأمور ليس من بينها الشأن والمصلحة العامة في الغالب الأعم. ورغم نفوري من الاستشهاد بالاسماء في الكتابات العامة ولكن لا مفر هنا من الاشارة لمقولة المفكر السلافي: Slavoj Zizek أحد من كتبوا عن موضوع العنف بشكل جيد بعد "حنا أرندت"، يقول إن العنف لا يظهر في لحظة القتل والحريق والتحطيم ولكنه يحدث في خطوة واحدة للوراء من تلك اللحظة.. هذه هي الخطوة التي يتوسل فيها الدكتور عبدالله على ابراهيم حسين خوجلي على البقاء وعدم الرحيل.. هذا الخطاب يجعل، مثل خطابات اخرى كثيرة، استمرار العنف الجاري في السودان وتصاعده ضد المقاومة الشعبية أمرا ممكنا ومجانيا، وهذا مايجب أن نحول دون حدوثه والذي يجب أن يدعمه كل صاحب رأي وضمير.. حسين خوجلي هو من ساهم بصحيفته ألوان أيام الديمقراطية الأخيرة في الهجوم على الديمقراطية كنظام وليس كممارسة أحزاب وقادة سياسيين الأمر الذي مهد للانقاذ التي رضع منها واغتنى منها ولم يفتح الله عليه بكلمة واحدة ضد الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الانقاذ حتى اللحظة التي قابل فيها الرئيس البشير لم يملي عليه ضميره المهني أي مساءلة جادة للنظام عبر ذلك اللقاء. لا مصلحة للشعب السوداني في بقاء حسين خوجلي أو غيره من مجرمي الانقاذ والمقام ليس مقام التحسر عليهم وهم يحزمون حقائبهم ويرحلون ولكنها مرحلة تضييق منافذ الخروج عليهم كي يلقى كل منهم حسابه.. لا نسعى لشيطنة الخصوم السياسيين هنا ولكن يجب ألا نسمح بخلط الأمور الخاصة بالعامة.. يجب أن يذهب هذا النظام وتتم محاسبة من أجرم من منسوبيه.. كما أني لا أستطيع الايعاز للدكتور عبد الله على ابراهيم بالشأن الملح الذي تجب الكتابة فيه هذه اللحظة فالمقامات محفوظة ولا يصح استخدام لغة أركان النقاش مع العلماء والمفكرين ولكني أحيله لمقولة جبران خليل جبران: "إذا أردت أن تعرف إنسانا فاصغ إلى ما لا يقوله".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة