|
Re: إغتصابٌ مُتكَرِرٌ (Re: طه جعفر)
|
(2)
مشهد سابق
في ذلك الزمن كانت وسامة اليافعين لعنة. تنتشر في فضاء المدينة اللغوي الكلمات و العبارات المحتشدة بالشبق المثلي التي يبادر الناضجون و المتنمرون من الأقران بنوع من الحماس إطلاقها علي اليافعين و الصغار الذين يتصفون بالوسامة علي شاكلة يا حِتَّة ... أحي أنا... يا قطعة.... لكن ما شرِط.. يحدث ذلك في جوٍ إختلطت فكرة الفحولة في وعيهم بالمثلية الجنسية و الإعتداء علي الأطفال. كان فلان وسيماً و ينحدر من أصول عربية غير سودانية. فلان وسيم جداً و رياضي و في الأحيان كلها يرافقه إخوته الأكبر مباشرة و الأصغر مباشرة و لا يمنع ذلك المتنمرون من مناداتهم بتلك الكلمات.كانت اسرته ثرية تسكن في جوار متنوع العِرْق في ضاحية كبيرة من أنحاء المدينة. كان فلان وقتها في نهاية المدرسة المتوسطة.واحدة من بنات جيرانهم قد ملأت سمعة جمالها آفاق المدينة و سماواتها و حلّق طيفها الطايف حول أسِرَّة الحالمين من العشق المستحلم. يتحين المعجبون المناسبات الإجتماعية ليتطفلوا و يجدوا فرصةً لرؤيتها و حشد خيالاتهم المراهقة بجمالها الذي يعبأُ الواحدَ منهم باللظي فيتفجر الشعر من منخريه. يترصدها العارفون في دربها من و إلي المدرسة القريبة من بيت أهلها و عادة ما يتم زجرهم من قِبَل الكبار بالناحية. ارتبط فلان بعلاقة مع بنت الجيران الجميلة و لم تكن هذه العلاقة أكثر من مرافقة فلان قليلاً لها في الشوارع بطلبٍ أهلها، أحياناً إلي السوق، الكناتين في الضاحية المتنوعة العِرْق، بيت المدرس الذي يعطي دروساً في وقت العصر للطلاب المتعثرين، إلي الكوافير و إلي دكان الخياط و أحياناً إلي بيوت المناسبات .أضافت هذه العلاقة عبءً إضافياً علي وسامته أمام المتنمرين الذين جيشوا جنود عدوانيتهم بغلواء زائدة. طفق المتنمرون يخططون للإنتقام منه بدوافع كثيرة منها وسامته، ثراء أسرته، علاقته مع بنت الجيران الجميلة و في القاع الغميس أصوله العربية غير السودانية. بين المتنمرين متهور و هو ابن المقبوض عليه و المحبوس لاحقاً في حراسات الجيش. أبتاع المتهور سكينة تصنع عادة من شرائط الحديد الصلب التي تستخدم في تعبئة بالات القطن في مكعبات من الخيش بعد الحلْج او تستخدم في حزْم صناديق الشاي الهندي الكبيرة الحجم. يجَهِّز هذا النوع من السكاكين السمكرجية في الجزء من السوق المجاور للضاحية المتنوعة العِرْق. إشتري المتهور سكينة من هذا النوع. في وقت ما من أول المساء و قبل غروب الشمس في ذلك اليوم طرق علي باب بيت فلان قال له: أريد أن اتحدث إليك في موضوع مهم. لم يمانع فلان خاصة أن المتهور يسكن القشلاق التابع للشرطة و القريب من بيتهم و يدرسان بمدرسة واحدة لا بل بنفس الصف. وقفا إلي جانب الطريق فطلب منه المتهور مرافقته ليقفا تحت شجرة النيم التي يفصلها عن شارع الأسفلت مكب كبير للقمامة (كوشة). كانت شجرة النيم منظورة من باب بيتهم حيث يقف أخوه مراقباً للقاء. دار بينهما حديث مقتضب و بعدها سقط فلان علي الأرض و لم يقف. هُرِع إخوته و أباه لمكان الحادث كان أن فرّ المتهور المعروف و تمدد فلان مطعنوعاً أكثر من عشرة طعنات صادفت كبده، كليتاه و رئته و ربما قلبه. سقط فلان و كان كتلة من الدماء النازفة، أسلم روحه بالمستشفي بعد محاولات يائسة لإنقاذ حياته. انتهت حياة المتهور في الإصلاحية ببورتسودان مداناً بجريمة القتل العمد و هو يافع و ما زال مسجوناً حتي هذه اللحظة.
|
|
|
|
|
|
|
|
|