بين الانفجار والانفراج.. الحرب المتدحرجة بين الرياض وطهران

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-06-2024, 06:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-23-2016, 01:15 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
بين الانفجار والانفراج.. الحرب المتدحرجة بين الرياض وطهران

    00:15 AM October, 23 2016

    سودانيز اون لاين
    Yasir Elsharif-Germany
    مكتبتى
    رابط مختصر

    بين الإنفجار والإنفراج
    الحرب المتدحرجة بين الرياض وطهران

    محمد الأنصاري

    لا ينقص الحرب بين طهران والرياض سوى لحظة جنون لتفجيرها، ولن تكون حرباً كلاسيكية بل إن الشحن المتصاعد يجعلها من أشد الحروب ضراوة وتدميراً. كل محاولات التهدئة والوساطات فشلت، وفيما كانت الرياض تصرّ على نبرة التصعيد ضد طهران، كانت الأخيرة تواصل مساعيها للمصالحة والحوار مع الرياض، ولكن بلا طائل. وقائع كثيرة رفعت من مستوى خطر المواجهة المباشرة، لا وتقتصر على الملفات السورية والعراقية واليمنية، وحتى ملف النفط الذي يمثّل نقطة خلافية بين البلدين كان يلعب دوراً تسخينياً، وجاءت مأساة منى في حج العام 1437هـ وسقوط المئات من الحجاج الايرانيين لتسكب مزيداً من الزيت على الأزمة المتصاعدة بين طهران والرياض.
    توتّر شديد أصاب علاقات البلدين على خلفية إعدام رجل الدين الشيعي البارز الشيخ نمر النمر في 2 يناير 2016، وما تلى ذلك من ردود فعل في الشارع الايراني أفضى إلى عملية تخريب للسفارة والقنصلية السعودية في طهران ومشهد وانتهت الى قطع العلاقات بين البلدين في خطوة وصفت بأنها رد فعل مبالغ من الجانب السعودي ومتعمّد، الأمر الذي قرّب فرص المواجهة المباشرة بين البلدين.
    مبادرات عمانية وكويتية وحتى قطرية وأخيراً تركية لم توصل حتى الآن الى نتيجة حاسمة، برغم من أن الرياض وجدت نفسها في منتصف الطريق، فلا هي قادرة على التراجع ولا السير الى الأمام، إذ لابد من حل.
    كان شهر سبتمبر الماضي حافلاً بعناصر التفجّر وزاد من فرص المواجهة بين ايران والمملكة السعودية، ويمكن رصدها على النحو التالي:
    ـ في الجانب الإيراني، تمثّل مقالة محمد جواد ظريف، وزير الخارجية، في صحيفة (نيويورك تايمز) في 13 سبتمبر الماضي عنصر تفجير لافت. المقالة التي حملت عنوان «لنخلص العالم من الوهابية»، تناول التحوّلات التي شهدتها الوهابية، وتحدث عن تغيّر أوجه «الوهابية المتشددة» منذ احداث الحادي عشر من سبتمبر، لكنه أكّد ما بات معلوماً بأن الوهابية هي التي تستمد منها القاعدة وداعش فكرها.
    ولفت ظريف الى مساعي سعودية بهدف إقناع حلفائها الغربيين بدعم تكتيكاتها «القصيرة الأمد» بناء على «الفرضية الخاطئة» التي تقول بأن إدخال العالم العربي في المزيد من الفوضى سيؤدّي بشكل ما إلى الحاق الضرر بإيران. و قال ان «الفكرة الخيالية» التي ترى بأن عدم الإستقرار في المنطقة سيساعد على احتواء إيران و أن الخصام السني الشيعي يؤجج الصراعات تتناقض والواقع، إذ إن أسوأ أعمال العنف تعود الى ما يقوم به الوهابيون ضد أبناء الطائفة السنية.
    وجادل ظريف بأن أكثر المتضررين من تصدير «عقيدة الكراهية»، أي الوهابية هم السنّة العرب، برغم من كون المتطرفين «بدعم رعاتهم الأثرياء» استهدفوا المسيحيين واليهود والايزيديين والشيعة وغيرهم. وعليه، فإن المنافسة بين الوهابية والاسلام بصورة عامة ستكون لها تداعيات أكبر على المنطقة، وليس النزاع الطائفي «المفترض» بين السنة والشيعة. وعدّ ظريف الاجتياح الاميركي للعراق عام 2003 عامل تفجير للقتال الذي يدور اليوم، ولكن المسبب الأساس لهذا العنف هو الفكر المتطرّف الذي روجت له السعودية.
    ورأى ظريف بأن «أمراء الرياض» سعوا جاهدين الى إحياء أيام حكم صدام في العراق، حيث قام «طاغية» بالتصدي لما يسمى التهديد الايراني مع «دعم مادي من نظراء عرب ومن غرب ساذج». وطالب حكّام السعودية بقبول حقيقة أن أيام صدام قد ولّت، وأن تقبّل هذا الواقع سيكون أفضل لجميع الاطراف. وتحدّث عن حقائق جديدة في المنطقة يمكن ان تتسع للسعودية حتى في حال اختار السعوديون نهجاً مختلفاً.
    وأعاد ظريف ما تناوله باحثون ومسؤولون أميركيون، بمن فيهم سفير الولايات المتحدة في كوستاريكا، عن حجم الاموال التي تنفقها السعودية على نشر الوهابية في العالم، وقال بأن الرياض أنفقت عشرات المليارات من الدولارات خلال العقود الثلاث الماضية من أجل تصدير الوهابية عبر المساجد و المدارس المنتشرة حول العالم، ربط ذلك بما أحدثته الوهابية من إشعال الفوضى من آسيا الى أفريقيا الى أوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية.

    مناورات درع الخليج 1: رسالة سعودية لإيران

    وأكّد ظريف على التأثير المدمّر للوهابية على الرغم من أنها استقطبت نسبة قليلة جداً من المسلمين، وقال ان كل الجماعات الارهابية تقريباً التي تستغل إسم الاسلام - من القاعدة و اتباعها في سوريا الى بوكو حرام في نيجيريا - وجدت في الوهابية مصدر الهام لها. ولفت الى أن السعوديين نجحوا حتى الآن بجعل حلفائهم يتماشون مع خطواتهم الخاطئة في أماكن مثل سوريا واليمن من خلال التركيز على «الورقة الايرانية» (التهديد الايراني المفترض)، وجزم بأن ذلك سيتغير مع تنامي الإدراك بأن رعاية الرياض للتطرف تتناقض وزعمها بأنها قوة من أجل الاستقرار. وطالب العالم بعدم التزام موقف المتفرج فيما يستهدف الوهابيون ليس فقط المسيحيين واليهود والشيعة، بل أيضاً السنة. وشدّد على وجود خطر تقويض «جيوب الإستقرار القليلة المتبقية» في الشرق الاوسط بسبب النزاع الحاصل بين الوهابية والاسلام السني.
    ظريف صعّد من نبرة خطابه ونقل المعركة مع السعودية الى المحافل الدولية، وأكّد على ضرورة العمل المنسّق في الأمم المتحدة لقطع التمويل عن إيديولوجيات الكراهية والتطرف، وكذلك على ضرورة وجود استعداد لدى المجتمع الدولي للتحقيق في قنوات تمويل وتسليح الجماعات المتطرّفة. وضع ظريف ذلك في سياق المبادرة التي أطلقها الرئيس الايراني حسن روحاني عام 2013 تحت مسمى «عالم التطرف الدموي»، داعياً الامم المتحدة الى اعتماد المبادرة لناحية تعزيز الحوار بين الأديان و الطوائف المختلفة بغية التصدي للفكر المتطرف «الخطير الذي يعود الى العصور الوسطى»، حسب قوله.
    وواصل ظريف نقده للوهابية، ورأى أن الهجمات التي وقعت في نيس وباريس وبروكسل يجب أن تقنع الغرب بأنه لا يمكن تجاهل تهديد الوهابية، داعياً المجتمع الدولي إلى تبني إجراءات ملموسة ضد التطرف وعدم الاكتفاء بالتعبير عن غضبه و تعازيه.
    ولم يغلق ظريف الباب في وجه خصومه، بل دعا لأن تكون السعودية جزءاً من الحل «على الرغم من أن الكثير من أعمال العنف التي تُرتكب باسم الاسلام تعود الى الوهابية»، حسب قوله. وطالب حكام الرياض بوقف خطاب اللوم والخوف والإنضمام الى بقية الدول من أجل التخلص من الإرهاب والعنف الذي «يهدّدنا جميعاً».
    مقالة ظريف لم تمرّ بهدوء، فالمضمون الانفجاري فيها دفع فريق الاعلام الرسمي قبل الفريق السياسي للرد.
    ولكن الأبرز من ردود الفعل صدر في اليوم التالي، أي 14 سبتمبر، من أمير مكة خالد الفيصل الذي تحدّث بلغة الحرب بما نصّه: «إذا كانوا يجهزون لنا جيشاً لغزونا، فنحن لسنا لقمة سائغة حتى يجهّز لنا من أراد ويحاربنا متى ما أراد، نحن بعون الله وتوفيقه سوف نردع كل معتد، ولن نتوانى أبداً عن حماية هذه الأراضي المقدسة وبلادنا العزيزة».
    هناك من تجاوز سؤال الحرب وحقيقة وقوعها، وانتقل للحديث عن تفاصيل الاستعدادات لدى كل طرف، بل وضعت مواقف الطرفين على أنها جزء من خطاب الحرب الوشيكة.
    موقع (Global Firepower) لعام 2016 يعتمد خاصية المقارنة بين القدرات العسكرية بين بلدين، إلى جانب تصنيفه الدول عسكرياً اعتماداً على 50 عامل يشمل السكّان والدخل وعدد القطع العسكرية الجوية والبرية والبحرية وأعداد الجيوش وغيرها. وفي المقارنة بين ايران والسعودية، يصنّف الموقع ايران في مرتبة 21، بينما تحتل المملكة السعودية مرتبة 24 من أصل 126 دولة في العالم تتصّدّرها من حيث القوة: الولايات المتحدة ثم روسيا وتالياً الصين والهند.
    http://www.globalfirepower.com/countries-listing.asphttp://www.globalfirepower.com/countries-listing.asp
    إن اعتماد الرياض على الدعم الأميركي العسكري والاستخباري وحتى السياسي قد يشكّل عاملاً مهماً في القرار العسكري السعودي. ولا شك أن إقرار قانون جاستا من قبل الكونغرس (الشيوخ والنواب) سوف يدفع الرياض لإعادة حساباتها في أي حرب قد تفكّر في شنّها ضد إيران، للتعويض عن فارق النقص في القوة بينهما. ما تجدر الإشارة إليه، أن هناك مجموعات داخل الكونغرس تعمل منذ شهور على سن تشريع يحد من بيع الأسلحة للسعودية في سياق الضغط عليها لابتزازها مالياً وسياسياً، وفي الوقت نفسه كبح جماح نزوعها نحو الدخول في حروب لا تحظى بقبول واشنطن.
    لا ريب أن القرار العسكري السعودي يتوقف بدرجة أساسية على الغطاء الأميركي، إذ لايمكن الرياض التعويل على شن حرب بقرار منفرد، وبفعل القرارات الأميركية المتعاقبة بات من الصعوبة على السعودية الوثوق بالحماية الاميركية. واشنطن ليست ضد الحرب على ايران ولكن تريدها حرباً مضمونة وبشروطها، ولأنها غير واثقة من الخروج منها بسلام فضلاً عن مكاسب فهي لا تسعى إليها ولا تقبل حتى مجرد الاستدراج السعودي، فواشنطن لا تزال تراهن على الاختراق الناعم في الفضاء الايراني الاجتماعي والثقافي، وتنأى عن التورّط في مغامرة عسكرية غير مأمونة العواقب.
    إن التفوق النوعي لسلاح الجو الحربي السعودي والذي يمكنه إلحاق أضرار فادحة بالمنشآت الإيرانية المدنية والعسكرية وحتى النووية وتعطيل دور الطائرات الايرانية القديمة، لايقلل من قدرة إيران على تعويض الفارق في الجو عبر تصنيع ترسانة من الصواريخ الباليستية التي يمكن أن تطال كل أجزاء المملكة السعودية وتحدث دماراً هائلاً وكبيراً للمنشآت الحيوية السعودية وهي في متناول الصواريخ الباليستية المتوسطة.
    حدّة الاستقطاب السياسي والمذهبي بين ايران والسعودية تجعل إمكانية حشد الأنصار والمقاتلين أمراً متوقعاً بل وحتمياً، الأمر الذي سوف يحيل منطقة الخليج والجزيرة العربية الى مسرح عمليات مفتوحة، أي تهديد الاستقرار وتعميم الفوضى المدمّرة..وكما في تجارب العراق وسوريا واليمن حيث مشاركة التشكيلات العسكرية غير النظامية في الحرب، فإن أي مواجهة عسكرية بين ايران والسعودية سوف تجعل نطاق الحرب أوسع مما نتخيل، وإن السيطرة عليها سوف يكون مستحيلاً حتى لو اجتمعت الدول الكبرى.
    بالنسبة للسعودية، فإن الحرب قد بدأت، وأخذ شكلاً اقتصادياً منذ عام 2014 حين قررت تخفيض أسعار البترول من جانب واحد بهدف الإضرار بالاقتصاد الايراني، وأخذت شكلاً إعلامياً تصعيدياً منذ اعلان الحرب على اليمن في 26 مارس 2015، وأخذت شكلاً أمنياً بحضور الأمير تركي الفيصل في مؤتمر المعارضة الإيرانية الممثلة في مجاهدي خلق في باريس في يوليو الماضي ودعوته بصورة علنية بإسقاط النظام في ايران، وتبع ذلك تحريك مجموعات مسلّحة كردية وبلوشية وأهوازية لإحداث اضطرابات داخل ايران. وبرغم من أن مثل هذه التدابير وضعت بأنها عودة سعودية الى حرب النيابة لعدم قدرتها على شن حرب، ولكن حين توضع إلى جانب أشكال أخرى من المواجهة نصبح أمام حرب متدحرجة.

    مناورات ايرانية: رسالة الى أمريكا!

    كثافة الصفقات التسليحية التي لجأت اليها الرياض في الآونة الأخيرة ليست مفصولة عن أجواء الحرب بينها وبين طهران، وتندرج في سياق اللحاق وراء تعديل ميزان القوة العسكرية الذي لا يزال يميل لصالح إيران. وبرغم من حديث الرياض عن مشروع التصنيع العسكري في الداخل الا أن احتمالات تنفيذه لا تزال بعيدة، بل إن الغرب المستفيد من بيع السلاح للدول النفطية لن يشجّع مثل هذه المشاريع التي تضرّ بمستقبل صناعته العسكرية. ولا شك أن الغرب هو المستفيد الأول من تأزم العلاقات بين طهران والرياض، ويجني من وراء ذلك أموالاً طائلة عبر إبرام صفقات التسلّح الضخمة.
    في كل الإحوال، إن قدرة البلدين على تفادي الإنزلاق نحو المواجهة المباشرة تضعف بصورة تدريجية. فالخصومة بين ايران والسعودية تتصاعد بثبات وتنتقل من حرب النيابة الى مواجهة عسكرية مباشرة. وبرغم من أن الطرفين لا يرغبان في مواجهة شاملة، فإنهما على ما يبدو عاجزان عن التحكّم في مسار يقود الى نزاع عسكري متقطع أو يحول دون حرب مفتوحة.
    ويمكن وضع مناورات «درع الخليج 1» الذي بدأته السعودية في 4 أكتوبر الجاري في سياق التصعيد العسكري. وهذا ما عبّرت عنه بحرية الحرس الثوري الايراني في بيانها في 5 أكتوبر بتحذير القطع البحرية السعودية المشاركة في المناورات من الاقتراب من المياه الإقليمية. وقال البيان بأن المناورات «تهدف إلى خلق التوتر وتقويض الأمن المستديم في الخليج». وأكّد البيان بأن الحرس الثوري والجيش الايرانيين «على أتم الجهوزية والاستعداد للحفاظ على الأمن في الخليج ومضيق هرمز وسترد بشكل مناسب وفوري على أي تحرك وسعي لزعزعة الأمن والاستقرار».
    إذاً، ليس هناك ما يمكن التعامل معه بمعزل عن أزمة آخذة في التفاقم بين البلدين، وإن أي خطأ من أي طرف قد يؤول الى اشعال حرب إقليمية. المؤشر المقلق حالياً لدى كلا الطرفين هو الرغبة في تجاوز الخطوط الحمراء لدى الآخر. فقد قامت السعودية برعاية المعارضة الايرانية بصورة علنية، وباتت الاجتماعات تعقد في جنيف وباريس ولندن بين السفراء السعوديين وقادة مجاهدي خلق دون تحفّظ. وقد كشفت المخابرات الايرانية أكثر من مجموعة مسلّحة وخلايا أمنية تعمل لحساب السعودية. في المقابل، تقدّم ايران كل أشكال الدعم الممكنة لحركة أنصار الله في اليمن في الحرب التي يقودها التحالف العربي بقيادة السعودية.
    وعلى أفق واسع، إن نزاعات النيابة المتصاعدة في سوريا واليمن، وعلى مستوى أقل في البحرين والعراق ـ تسارعت مصحوبة بلغة مذهبية حادة بشكل متزايد، وخلقت مساحة لدورة التصعيد التي قد تفضي في لحظة حرجة الى فقدان السيطرة.
    في مطلع الشهر الفائت، سبتمبر، شن قائد الثورة الايرانية علي خامنائي هجوماً غير مسبوق على المملكة السعودية بنعته أسرة آل سعود بأنها أشرار صغار حقراء في خدمة الشيطان الأكبر، أي الولايات المتحدة.
    وأعقب ذلك كلام غير مسبوق أيضاً للمفتي الشيخ عبد العزيز آل الشيخ مستخدماً لغة ذات طبيعة عنصرية بوصفه الايرانيين بـ «المجوس»، وتوصيمه الشعب الإيراني بأسره بالكفر.
    خلفية الحرب الكلامية كانت حاضرة، فقد جاء هجوم الخامنائي عقب مرور قرابة العام على مقتل 464 حاج إيراني في منى، وعقب إعدام الرمز الديني والسياسي الشيعي الشيخ نمر النمر في 2 يناير 2016، وإن شئنا العودة الى حوادث 1987 حين لقى نحو 300 حاج إيراني مصرعهم على يد قوات أمنية سعودية بلباس مدني.
    يبقى أن التنافس الإقليمي بين البلدين تمثّل العنوان الكبير للتوتر في علاقاتهما. لابد من الإشارة الى أن الخصومة بين الرياض وطهران قديمة وتعود الى انتصار الثورة الايرانية وقيام نظام إسلامي، ولكن التنافس لم يظهر حينذاك بسبب انخراط ايران في حرب مع العراق بأموال سعودية وخليجية ودعم أميركي. ولكن بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003 وما بعدها من تحوّلات سمحت لإيران بالعودة الى المنطقة ومراكمة نفوذ بارز وشعرت السعودية بأنها ليست اللاعب الوحيد في المنطقة وعليها القبول بمنافس جديد له نفوذ واسع وإن لم يكن له وجود مباشر. وكانت خسارة العراق بالنسبة للسعودية الأكبر، وهي التي كانت تراهن، بحسب تصريح سابق لوزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل، أن تتقاسم كعكة العراق مع الولايات المتحدة. ولكن النتيجة كانت مخيّبة، فقد دخلت ايران على الخط وبدأت تحقق نفوذاً لها في العراق، ونجحت في أن تكون رقماً صعباً، وهذا ما دفع السعودية الى تمويل الجماعات المسلّحة لتخريب العملية السياسية في العراق.
    الى جانب العراق، تحوّلت إيران الى لاعب رئيس في المعادلة اللبنانية وإن بطريق غير مباشر عبر حليفها القوي، أي حزب الله، وبالتالي منعت السعودية من التفرّد في القرار اللبناني. وحتى مع انشغال سوريا في الازمة الداخلية، فإن ايران عوّضت الغياب السوري وحافظت على التوازن داخل الساحة اللبنانية. بصورة إجمالية، فإن النفوذ الايراني يطاول كل زوايا المنطقة، ويجعل من ايران القوة المهيمنة في الشرق الأوسط. ولا غرابة في عدم كف واشنطن محاولاتها في التواصل مع طهران من أجل التوصّل الى تفاهمات حول ملفات المنطقة.
    إن إضافة أهمية كبيرة للعامل المذهبي بوصفه عامل التوتير الأقوي قد لا يكون صحيحاً، وإن جرى استغلاله في التحشيد والتعبئة والاستقطاب، فقد يكون عاملاً مضللاً، بالنظر الى أن ايران والسعودية دولتان ناضحتان وعاقلتان وأنهما يوصغان وينفذان سياسة خارجية تقوم على المصالح القومية وليس على الاعتبارات الخاصة، المذهبية أو الفئوية. فالمذهبية، أو أي شكل من أشكال الهوية، تكتسب أهميتها طالما انها تتواشج مع المصلحة الوطنية ويمكن توظيفها في تحقيق أهداف جيوسياسية معقولة.
    ما يشدّد التصعيد الخطير اليوم ليس النزاع المذهبي المتصاعد في المنطقة، أو حتى اليد العليا لإيران في حروب النيابة في سوريا والمن، ولكنّه الإدراك السعودي للتحوّل الحاسم في ميزان القوى الاقليمية.
    فهناك أدلة لدى الرياض لتأكيد هذا المنحى من الصراع. ولعل الأكثر أهمية هو الانسحاب الأميركي التدريجي من المنطقة والتنامي الثابت للثقة بالنفس الإيرانية في منطقة الخليج، كما ظهر في مشهد الحجز المذل لعدد من ضباط البحرية الأميركية في يناير الماضي، وكذلك الاستعراضات العسكرية الضخمة التي جرت مؤخراً في الذكرة الـ 36 لبداية الحرب العراقية الايرانية..
    ومن أجل إعاقة مسار التطوّرات الاستراتيجية، فإن الملك سلمان تبنى سياسة عدوانية بهدف احتواء النفوذ الإيراني، وكان السلوك السعودي يهدف إلى زعزعة استقرار الأمن القومي الايراني من خلال دعم المعارضين والجماعات المسلّحة الايرانية. لقد نبّه مسؤولون إيرانيون مثل رئيس الحرس الثوري الأسبق محسن رضائي ووزير الخارجية محمد جواد ظريف من خطورة الوضع وأن تصرّفات السعودية تهدف الى اشعال الحرب. صحيح ان حاصل جمع العوامل الاستراتيجية والعسكرية تميل الى غير صالح المواجهة المباشرة، ولأن الولايات المتحدة وهي القوة العسكرية الأكبر في الخليج ليست في وارد خوض حروب خارجية مهما بلغت مستويات التوتّر في العالم، وبالتالي فإنها سوف تبادر الى احتواء أي نزاع محتمل بين طهران والرياض، خصوصاً إذا ما تطلب توفير ضمانات لتدفق النفط عبر مضيق هرمز. العامل الآخر، إن عدم وجود حدود بريّة بين ايران والسعودية يصعّب من احتمالية وقوع نزاع مسلّح مباشر وبالتالي فإن التعويل سوف يقتصر على القوتين الجوية والبحرية والصاروخية، وهناك يبدو التوازن واضحاً، فإذا كانت السعودية متفوقة في الجو فإن ايران متفوقة بمراحل كثيرة في البحر، إضافة الى اعتماد الأخيرة على الصواريخ الباليستية القادرة على ردع الهجمات الجوية السعودية على منشآتها الحيوية.
    وفيما يتصاعد التوتّر بين البلدين، فإن الراجح هو وقوع مواجهات متقطّعة والتي قد تستمر لسنوات وربما أكثر، إلى أن يتشكّل المشهد الإستراتيجي والأمني الجديد في المنطقة.
    ــــــــــــــــ
    المصدر: مجلة الحجاز عدد أكتوبر 2016
                  

10-23-2016, 01:26 AM

Elhadi
<aElhadi
تاريخ التسجيل: 01-06-2003
مجموع المشاركات: 9602

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين الانفجار والانفراج.. الحرب المتدحرجة � (Re: Yasir Elsharif)

    سلام أستاذ ياسر الشريف...

    في اعتقادي الشخصي السعودية تحت كل الظروف لا تستطيع مواجهة إيران ناهيك عن التفكير في الدخول مواجهة عسكرية مباشرة معها

    و أعتقد أن كاتب المقال يحاول من جانبه تضخيم القدرات السعودية ومحاولة تصويرها كقوة موازية لإيران ليس إلا..
                  

10-23-2016, 01:45 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين الانفجار والانفراج.. الحرب المتدحرجة � (Re: Elhadi)

    سلام يا أستاذ الهادي
    حرب اليمن كشفت ضعف السعودية، وقانون جاستا كشف ظهر السعودية.
    ــــــــــــــــــــــــــــ

    ومن موقع DW الألماني نقرأ هذه المادة الكاشفة.

    تاريخ 29.09.2016
    "العدالة ضد رعاة الإرهاب".. طلاق كاثوليكي بين الرياض وواشنطن؟
    بعد أن عطل الكونغرس الأمريكي "فيتو" الرئيس أوباما على قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب" قالت السعودية أنه "طعنة في الظهر"، بينما حذر الخبراء من مغبة تقليص التعاون الاستخباري بين البلدين.

    قد تعمد السعودية إلى تقليص تعاونها مع الولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب، بعد إقرار الكونغرس الأمريكي قانونا يتيح لأقارب ضحايا اعتداءات 11 أيلول/ سبتمبر مقاضاة المملكة، وهو ما تراه الرياض بمثابة "طعنة في الظهر"، بحسب محللين.
    وأقر الكونغرس الأربعاء قانون "العدالة ضد رعاة الأعمال الإرهابية" (جاستا)، معطلاً بذلك "فيتو" الرئيس باراك أوباما الذي سبق له رفض القانون على خلفية أنه قد يشكل خطراً على الأمن القومي الأمريكي.
    وعلى رغم أن علاقات البلدين شابها فتور متزايد منذ وصول أوباما إلى الحكم مطلع 2009، إلا أن التعاون في مجال مكافحة الإرهاب لم يتأثر بحرارة العلاقة السياسية. وتشارك السعودية منذ صيف 2014، في التحالف الذي تقوده واشنطن ضد تنظيم "داعش".
    ويقول رئيس لجنة شؤون العلاقات العامة السعودية الأمريكية سلمان الانصاري لوكالة فرانس برس إن "هذه الشراكة ساهمت في تزويد السلطات الأمريكية بمعلومات استخبارية دقيقة"، مبدياً خشيته من أن تكون للقانون الجديد "انعكاسات إستراتيجية سلبية".
    ويتيح القانون للناجين من أحداث نيويورك وواشنطن 2001 وأقارب الذين قضوا فيها، التقدم بدعاوى قضائية في المحاكم الأمريكية ضد حكومات أجنبية للمطالبة بتعويضات، في حال ثبوت تورط هذه الحكومات في الاعتداءات التي راح ضحيتها زهاء ثلاثة آلاف شخص.
    ونفت الرياض أي دور لها في الهجمات. كما لم تثبت التحقيقات الأمريكية التي وجهت الاتهام لتنظيم القاعدة، أي ضلوع رسمي سعودي. إلا أن 15 شخصاً من أصل 19 خطفوا الطائرات التي نفذت بها الهجمات في نيويورك وواشنطن، كانوا سعوديين.
    علاقات وثيقة
    وجمعت بين واشنطن والرياض منذ عقود علاقات وثيقة قوامها النفط والتسليح والأمن. إلا أن هذه الروابط شهدت محطات تباين خلال عهد أوباما، خصوصا مع تقارب واشنطن وإيران في ظل الاتفاق حول الملف النووي للجمهورية الإسلامية مع الدول الكبرى.
    ويعد القانون الجديد الذي عارضه أوباما بشدة واستخدم حق النقض "الفيتو" ضده، من الخطوات الأمريكية النادرة ضد السعودية. ويرى المحللون أن التعاون الأمني قد يصبح موضع شك، إضافة إلى مجالات تعاون أخرى أبرزها المالي والاقتصادي.

    ويوضح الانصاري بالقول: "السعودية طعنت في الظهر من خلال هذا القانون غير المدروس وغير الواقعي"، سائلاً "كيف يمكنك مقاضاة بلد يتعاون وإياك في مجال، هو نفسه الذي توجه له فيه اتهامات غير مسندة؟".
    وبحسب المستشار الأول مدير برنامج الأمن والدفاع ودراسات مكافحة الإرهاب في مركز الخليج للأبحاث مصطفى العاني، فإن على السعودية "تقليص الاستثمارات المالية في الولايات المتحدة، وتقليص التعاون السياسي والأمني" مع واشنطن.
    وكانت تقارير صحافية قد أشارت سابقاً إلى أن السعودية لوحت بسحب مليارات الدولارات من الاستثمارات في الولايات المتحدة في حال إقرار القانون، على رغم أن مسؤولين سعوديين قللوا من أهمية هذه التقارير.
    ويرى الصحافي والمحلل السعودي جمال خاشقجي أنه "سيكون صعباً جداً على المملكة العربية السعودية أن تواصل التعاون الاستخباري" مع الولايات المتحدة بعد أن اتخذت الأخيرة "موقفاً عدائياً كهذا".
    ويضيف أن المسؤولين السعوديين قد يكونون في خضم إجراء مناقشات حول رد فعلهم "أو سينتظرون إلى أن يتم تقديم الدعوى الأولى".
    إلا أن المعلق السعودي يشدد على وجوب التروي في أي خطوة. ويضيف في هذا السياق: "من المهم أن يكون الأمريكيون إلى جانبنا" لمواجهة أزمات المنطقة، خصوصاً في سوريا واليمن، والخصم الإقليمي الأبرز إيران.
    إعادة تقييم داخلية
    ويأتي القانون الأمريكي في وقت تواجه السعودية انتقادات متزايدة، بعضها من واشنطن، على خلفية ارتفاع حصيلة الضحايا المدنيين للنزاع في اليمن، حيث تقود منذ آذار/ مارس 2015 تحالفاً عسكرياً داعماً للحكومة في مواجهة المتمردين.

    ويرى خاشقجي أن على الرياض إجراء إعادة تقييم "في الداخل" لإزالة الأسباب التي قد تكون أدت لنيل القانون تأييداً واسعاً في الكونغرس.
    وكان أوباما استخدم الجمعة حق النقض "الفيتو" ضد القانون الذي اقره الكونغرس في وقت سابق. إلا أن مجلسي الشيوخ والنواب أعادا التصويت الأربعاء، فأيد 348 نائباً تعطيل الفيتو الرئاسي في مقابل 77. وفي مجلس الشيوخ، أيد التعطيل 97 سناتوراً من 98.
    وندد أوباما بالقرار "الخاطئ" للكونغرس، مؤكداً في تصريحات صحافية أن ما جرى هو "تصويت سياسي"، وأن القانون "يخلق سابقة خطيرة".
    وتعتبر الإدارة الأمريكية أن القانون من شأنه أن يقوض مبدأ الحصانة التي تحمي الدول (ودبلوماسييها) من الملاحقات القانونية، وقد يعرض الولايات المتحدة لدعاوى قضائية أمام المحاكم في كل أنحاء العالم.
    وسبق لدول خليجية أن أعربت عن قلقها من احتمال إصدار القانون.
    وحذر وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد في وقت سابق هذا الشهر، من أن قوانين مماثلة "ستؤثر سلباً على الجهود الدولية والتعاون الدولي لمكافحة الإرهاب".

    وغداة إصداره، حذرت البحرين في تصريحات لوزير خارجيتها الخميس، من أن إقرار القانون سيرتد على واشنطن نفسها.
    وقال وزير خارجية البحرين خالد بن احمد الخليفة في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر" للتواصل الاجتماعي، إن "#قانون_جاستا، سهم أطلقه الكونغرس الامريكي على بلاده"، مضيفاً "أليس منكم رجل رشيد؟".
    وعلى رغم هذه المواقف، بدا المحللون أكثر تروياً لجهة الموقف الذي قد تتخذه السعودية، وما إذا كانت الرياض ستتخذ إجراءات قد تهدد علاقات بهذا القدم مع واشنطن. ويقول العاني "ليس من السهل القيام بعملية استدارة".
    ع.غ/ ح.ع.ح (DW، وكالات)
    ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


    في صور: العلاقات الأمريكية السعودية على محك قانون "رعاة الإرهاب"
    شكلت أحداث الحادي عشرة من سبتمبر/ أيلول شرخا في العلاقات الأمريكية السعودية ليس فقط بحكم تواجد العديد من السعوديين ضمن الانتحاريين ولكن أيضا بسبب شبهات حول تمويل جهات سعودية للإرهاب.
    ـــــــــــــــــ

    صور انهيار برج التجارة العالمية سيظل راسخا في الذاكرة الأمريكية.
    ــــــــــــــــــ

    15 شخصا من الـ19 الذين نفذوا الاعتداءات يحملون الجنسية السعودية.
    ــــــــــــــــــــ

    أسامة بن لادن مؤسس تنظيم القاعدة والعقل المدبر لاعتداءات 11 ايلول/ سبتمبر وعددا من الاعتداءات الإرهابية الأخرى أسقطت عنه الجنسية السعودية..إلا أن صناع القرار في الغرب يرون أن المذهب الوهابي المتشدد في السعودية مسؤول لحد كبير في تفريخ الإرهاب في العالم.
    ـــــــــــــــــــــ

    المصالح الاستراتجية المشتركة بين الرياض وواشنطن جعلت الحليفين يحافظان على شعرة معاوية في أحلك الفترات.
    ـــــــــــــــــــ

    مع إدارة باراك أوباما طرأت تحولات في السياسة الخارجية الأمريكية التي جعلت من آسيا مركز ثقلها الأساسي، كما سارعت في حل مشكل الملف النووي الإيراني، وهو ما ترى السعودية ودول الخليج أنه تم على حسابها.
    ــــــــــــــــــــــ

    نددت السعودية وحلفاؤها بمشروع قانون "رعاة الإرهاب" محذرة من أنه قد يذكي عدم الاستقرار والتطرف.
    ــــــــــــــــــــ

    البيت الأبيض أكد أن الرئيس باراك أوباما سيستخدم حق النقض "الفيتو" ضد قانون "العدالة ضد رعاة الإرهاب". [بالفعل استخدمه] ولكن حتى وإن استخدم أوباما هذا الحق فإن هذا لا يعني تلقائيا أن القانون لن يرى النور، إذ يمكن للكونغرس ان يتخطى الفيتو الرئاسي إذا ما تمكن من حشد أغلبية ثلثي أعضاء المجلس.[بالفعل أسقط الكونغرس بمجلسيه فيتو الرئيس]
                  

10-23-2016, 01:58 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48802

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: بين الانفجار والانفراج.. الحرب المتدحرجة � (Re: Yasir Elsharif)

    من مجلة الحجاز:
    عدد أكتوبر 2016


    جاستا يدين آل سعود بالإرهاب ويهيء نهب استثماراتهم وربما انهاء دولتهم
    https://www.alhejaz.org/images/jasta_400.jpghttps://www.alhejaz.org/images/jasta_400.jpg
    السعودية غير المستقرة
    جاستا.. تخريب بيئة الاستثمار

    هيثم الخياط
    إن أول ضربة قاصمة يوجّهها قانون جاستا (العدالة ضد رعاة الارهاب) هو تخريب بيئة الاستثمار في المملكة السعودية. إذ لا يمكن تخيّل إقدام شركات أجنبية كبرى على الاستثمار في بلد باتت ثروته بل ومقدّراته جميعاً تحت رحمة العقوبات المالية من دولة عظمى أو من مؤسسة دولية خاضعة لإرادة دولة أو دول عظمى.

    فما هو الحل؟

    الحل المباشر وغير الموارب أن قانون جاستا يحرم السعودية من تنويع خياراتها الاستثمارية ويجعلها مرتهنة بصورة كاملة للولايات المتحدة. بمعنى آخر، أن قانون جاستا يملي على النظام السعودي اسستثمار مداخيله النفطية في الأسواق الأميركية إن أراد ضمان استقراره ووحدته ومصيرته. وبالتالي، فإن الخطورة في جاستا ليس في تطبيقه وإنما في أصل صدوره والتلويح به، وسوف يبقى سيفاً مسلطاً على رقاب آل سعود الى مدى الحياة. لاشك أن محاولات البحث عن مستثمرين آخرين صينيين ويابانيين وهنود وروس وحتى أوروبيين لإدماجهم في مشروع «رؤية السعودية 2030» تصبح عبثية بعد صدور قانون جاستا..

    إن السعودية دخلت بعد قرار الكونغرس في مرحلة المجهول، ولربما أول انعكاس لذلك هو الهاوية التي وقع فيها الريال السعودي بعد التصويت على جاستا. ما هو جدير بالإنتباه أن الأوضاع الجديدة يجعل المملكة السعودية في مهب تقلّبات سياسية واقتصادية وأمنية. يدفع رد الفعل الإنفعالي بعض المتحلّقين حول الطبقة الحاكمة للدعوة الى مراجعة العلاقة مع واشنطن، وهناك من يشجّع على تطبيق مبدأ «المعاملة بالمثل»، بحسب الكاتب جميل الذيابي في صحيفة (عكاظ)، ويذهب آخرون للقول بأن « المملكة لديها ترسانة من الوسائل تكفل لها ردّ الفعل المناسب ضد هذا القانون من ضمنها تجميد الاتصالات الرسمية، وسحب مليارات الدولارات من الاقتصاد الأميركي وإقناع أشقائها في مجلس التعاون الخليجي بالحذو حذوها واتباع سياستها التي قد تشمل تجميد التعاون في مجال مكافحة الإرهاب والتعاون الاقتصادي والاستثمار والسماح للقوات المسلحة الأميركية باستخدام قواعد المنطقة العسكرية»، كما جاء في تقرير وكالة الاسوشيتدبرس في 28 سبتمبر.

    عبد الرحمن الراشد، من بين قلّة نادرة إن وجدت، من قارب بهدوء الخلاف الأميركي السعودي عقب قرار الكونغرس، وانتقد الناصحين بتوتير العلاقة بين واشنطن والرياض، وعوّل على «رصيد الحكمة والتروي» لدى الرياض في التعامل مع الأزمات التي شهدتها العلاقة مع واشنطن، واستبعد أن «تفرّط السعودية في علاقتها مع الولايات المتحدة لأسباب كثيرة، إستراتيجية وتاريخية». ولم يغفل، في الوقت ذاته، إقحام إيران وسط الأزمة السعودية الاميركية، على أساس أن إيران «تعمل على تخريب العلاقة بين الدولتين»، وألحق بها زعيم القاعدة السابق «أسامة بن لادن» الذي خطط ذات مرحلة لإرسال الارهابيين لتنفيذ تلك الهجمات على نيويورك وواشنطن «لتقويض العلاقة السعودية الأمريكية».

    مهما تكن الأسباب والخلفيات، فإن الراشد مؤمن بقوة بأن خيارات الرياض في العلاقات الاستراتيجية محدودة للغاية، وعلّق ذات مقالة على جولة سلمان الآسيوية، حين كان ولياً للعهد، مستبعداً إمكانية تعويض الصين بالولايات المتحدة حين يجري الحديث عن بناء تحالف استراتيجي، وكذلك الحال بالنسبة لروسيا. وعليه، فإن أولئك الذين تجنح بهم العاطفة للثأر من قرار الكونغرس يجهلون طبيعة العلاقة بين واشنطن والرياض وكذلك تعقيداتها، وأيضاً فرص الرياض للتحرّر من قيودها.

    من نافلة القول، تملك السعودية ما يقدّر بنحو 116 مليار جدولار على شكل سندات خزينة، وهي جزء من الموجودات الخارجية التي يديرها البنك المركزي السعودية (ساما) والتي بلغت نحو 578 مليار دولار بنهاية أغسطس الماضي بعد أن كانت 715 مليار دولار عشية تولّي سلمان العرش في 23 كانون الثاني 2015.

    حتى الآن، لم يكن رد الفعل الخليجي، دع عنك العربي والإسلامي، على قدر توقعات الرياض، التي تنتظر من الدول المدرجة على قائمة المساعدات الخارجية التعبير عن تعاطفها، وإن شكلياً، لمواجهة استحقاقات «مقاضاة» السعودية في المحاكم الأميركية على خلفية ضلوعها في هجمات الحادي عشر من سبتمبر والتي في حال ثبوت التهمة سوف تستنزف ليس كل ما لديها فقط من أصول مالية وإنما ستحيلها الى دولة مدينة للولايات المتحدة لعقود قادمة بناء على حجم التعويضات لعوائل الضحايا وللخسائر المترتبة على استخدام الطائرات المدنية وسقوط البرجين والأضرار التي ألحقت بالمباني وبالشركات والمؤسسات...قائمة مفتوحة من المتضررين لا حصر لها..تعويضات عوائل الضحايا وحدها قدّرت بـ 3.3 تريليون دولار. وحتى في حال تعطيل أو تجميد القانون، فإن مجرد التصويت عليه قد نقله الى حلبة الابتزاز الدائم، وهو ما سوف يرهن السعودية لأمد غير معلوم.

    خيارات السعودية كما أظهرها البيان الصادر عن الخارجية السعودية بعد التصويت على القانون تبدو محدودة للغاية، ولا تزال الجهود الدبلوماسية تقتصر على مخاطبة الكونغرس من أجل إعادة النظر في القانون فحسب.

    في كل الإحوال، بدت السعودية أمام صندوق باندورا، فما إن تغلق بؤرة حتى تنفجر بؤر أخرى. ومن المفارقات الفارقة أن الرياض التي كانت تتحكم في سوق النفط العالمية انتاجاً وتسعيراً، أرغمت مؤخراً على استجداء طهران، بطريقة غير مباشرة، من أجل تخفيض الانتاج وهو ما تمّ في ضوء اتفاق أوبك في 29 سبتمبر الماضي، حيث قرّرت إيران تخفيض انتاجها بمعدل 700 ألف برميل يومياً.

    لاريب أن السعودية تعيش أياماً صعبة، وإن توقّعات الخبراء الاقتصاديين لا تحمل بشارة من أي نوع، في ظل تدهور أسعار النفط، وانعدام مؤشرات حتى الآن على نجاح (رؤية السعودية 2030) والتآكل المتسارع في الإحتياطي النقدي بفعل النفقات الباهظة على حرب اليمن، وصفقات التسلّح المسعورة، وتمويل الميليشيات المسلّحة في سوريا والعراق وأفغانستان وإيران..وقد حذّر الرئيس التنفيذي لصناديق التحوّط «بوينت ستيت كابيتول» زاك شرايبر في مايو الماضي من كارثة مالية وشيكة في المملكة السعودية، وتوقّع شرايبر في مؤتمر الاستثنار «سون» السنوي الـ 21 بأن «أمام السعودية عامين أو ثلاثة قبل أن ترتطم بالجدار»، متوقعاً أن تواجه المملكة «إفلاساً هيكلياً» لأنها تواجه تهديدات مزدوجة من التزامات الإنفاق الضخمة والنفط الرخيص، وعلّق «لا عجب أنها يستدينون بمبالغ ضخمة.”

    صعوبة التحديات الراهنة والمستقبلية في المملكة السعودية تكمن في أن التحوّلات الاقتصادية الحادة نتيجة انهيار أسعار النفط (السعودية تتطلع لسعر 100 دولار للبرميل للخروج من الأزمة)، والعواقب المترتبة على أساس تقليص وترشيد المصروفات وتحميل المواطن القسط الأكبر من مسؤولية تعويض الخسائر الاقتصادية عبر حزمة ضريبية قاسية، يقابله إصرار على إقفال باب المحاسبة والرقابة، الأمر الذي قد يؤول الى اضطرابات منفلتة في ظل رفض الملك سلمان مجرد الحديث عن اصلاحات سياسية تواكب أو بالأحرى تخفف من وطأة الاوضاع الاقتصادية الضاغطة.

    في التداعيات، لا يزال البديل المتاح لدى النظام السعودي في تعويض خسائره الاقتصادية هو جيوب مواطنيه، في عملية إفقار ممنهجة وواسعة النطاق.

    وفي العلاقة بين واشنطن والرياض، فإن قرار الكونغرس يتفيأ ظلال التوجّهات الجديدة في واشنطن، كما انعكست في خطاب أوباما الأخير في الأمم المتحدة بنبرته النقدية للأنظمة الشمولية في الشرق الأوسط، ويعيد أوباما ما ذكره جيفري جولدبرغ في صحيفة «ذي أتلانتيك» في نيسان الماضي وللكاتب توماس فريدمان في «نيويورك تايمز» في 14 تموز 2015، إذ أشار الى محاولة «قادة المنطقة تحويل مظالم شعوبهم وشكاواها الى اتجاهات أخرى»، في إشارة إلى إيران.

    بصورة إجمالية، إن التكهنات المتفائلة حول نتائج زيارة ولي ولي العهد محمد بن سلمان، وهي الأطول في تاريخ الزيارات الرسمية للمسؤولين السعوديين من هذه الطبقة الى الولايات المتحدة، والتي قيل بأنها حسمت حتى الموقف الأميركي من المرشّح القادم لخلافة سلمان، إلا أن المؤشرات تفيد بأن الإدارة الأميركية لم تحسم قرارها بدعم بن سلمان، وإن إبقاء الباب مفتوحاً يمثّل الخيار الأفضل لدى واشنطن.

    محلياً، فإن مطالعة سريعة في عناوين الصحف اليومية تنبى عن المشهد اليومي لحال الاقتصاد الوطني وللأوضاع المعيشية للمواطنين. بين التشريعات الخاصة بالإفلاس، وبين اللون الأحمر الذي يكسو شاشة الأسواق المالية والتي هبطت بنحو 260 مليار ريال (حوالي 71 مليار دولار) منذ بداية العام الجاري، لتبلغ 1.32 تريليون ريال (361.6 مليار دولار) وفقا لأرقام إغلاق آخر جلسة في 4 أكتوبر الجاري. وفي التحليل فإن انهيار سوق الأسهم تأثر بتراجع أسعار النفط، المصدر الأول لإيرادات الدولة السعودية، إضافة إلى عوامل أخرى منها ترشيد الدولة للإنفاق في محاولة لتخفيف عجز الموازنة المتوقع.

    من جهة أخرى، أصيب القطاع العقاري بالشلل شبه التام نتيجة وقف الحكومة صرف مستحقات الشركات الكبرى في القطاع مثل بن لادن وسعودي أوجيه، الأمر الذي انعكس على الفور على بقية القطاعات الاقتصادية الأخرى المالية والسوقية والصناعية وغيرها، وبصورة تدريجية انخفضت السيولة النقدية لدى البنوك، ومن الطبيعي أن يؤول ذلك الى تراجع حركة الاستثمارات بسبب انخفاض السيولة وعدم قدرة البنوك على الإقراض، وهكذا عصفت سياسة التقشف بكافة القطاعات الاقتصادية في البلاد حتى بتنا نرصد تداعياتها الخطيرة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والنفسية والسياسية..

    هناك اليوم مئات الشركات العقارية والمقاولات خرجت من السوق وأعلنت إفلاسها ووجد العاملون فيها أنفسهم في الشارع بلا مصدر رزق، ولا قدرة على دفع المستحقات العائلية وغيرها. وهناك أكثر من 2000 شركة مقاولات متوسطة وصغيرة الحجم باتت خارج السوق وأعلنت إفلاسها، ولحقت بالشركات الكبيرة التي تصارع الموت مثل سعودي أوجيه نتيجة تراكم ديون على الشركات الكبرى بلغت نحو 300 مليار ريال (80 مليار دولار). تجدر الإشارة الى أن نسبة تراجع البناء في المملكة السعودية بلغ 80 بالمئة في غضون عام.

    إن الكساد الكبير (Great Depression) الذي هو انهيار كبير، لم يقع دفعة واحدة، بل جاء نتيجة تراكمات لأخطاء في السياسات الاقتصادية والتخطيط الاقتصادي، إلى بلغت مرحلة بات من الصعب على على الدولة ضبط انفلاتاتها، والحد من الخسائر. والمشكلة اليوم أن المواطن هو من يتكبّد النصيب الأكبر من الكارثة الاقتصادية، وبدلاً من إعادة النظر في السياسة الضريبية نتيجة الانهاك المعيشي الذي يعاني منه المواطنون بسبب تخفيض البدلات وتالياً انخفاض الرواتب راحت بعض الوزارات تجترح طرقاً أخرى لامتصاص المزيد من الريالات ولكن من جيوب الناس..
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de