مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع......

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 05:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-11-2017, 12:43 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع......

    11:43 AM October, 11 2017

    سودانيز اون لاين
    سيف اليزل برعي البدوي-
    مكتبتى
    رابط مختصر


    سالم مولى أبي حذيفة.. القرآني المجاهد....
    هو شاب من شباب الصحابة من المهاجرين الأولين، رفع نفسه بالإسلام والقرآن؛ فارتفع بهما وحلق عاليا، وجاهد في سبيل الله حق الجهاد، حتى استحقت مواقفه أن تدرس للمجاهدين، واستحق بكل فخر أن يوصف بالقرآني المجاهد.

    إنه أبو عبد الله سالم بن معقل، مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة.
    قال عنه الذهبي في السير: "سالم مولى أبي حذيفة من السابقين الأولين البدريين المقربين العالمين".

    وسالم في أصله من اصطخر من بلاد فارس، كان في بداية أمره مملوكا لثبيتة بنت يعار الأنصارية الأوسية، زوجة أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة، فأعتقت ثبيتة سالما، فتبناه زوجها أبو حذيفة، وكان يحبه حبا شديدا.. حتى إنه زوّجه من ابنه أخيه فاطمة بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة.

    وما زال سالم يعيش في كنف أبيه بالتبني أبي حذيفة، حتى نزل قوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآَبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آَبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}(الأحزاب:5).. فحرم الله التبنّي. فصار يدعى سالما مولى أبي حذيفة.

    محبته للقرآن:
    أسلم سالم قديما في مكة، وكان محبا لكلام الله وقرآنه، حريصًا على حفظه، حتى إنه لما هاجر المسلمون للمدينة كان يُقدّم للإمامة في الصلاة على المهاجرين في قباء، قبل قدوم النبي محمد إلى يثرب، لأنه كان أقرأهم لكتاب الله. كما روي ذلك عن عبد الله بن عمر، ولفظه: (لما قدم المهاجرين الأولون العصبة قبل مقدم رسول الله كان سالم يؤمهم)، وفيهم عمر وأبو سلمة بن عبد الأسد.
    وقال الواقدي حدثنا أفلح بن سعيد عن محمد بن كعب القرظي، قال: "كان سالم يؤم المهاجرين بقباء فيهم عمر قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم".

    ثناء الرسول عليه

    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحض الصحابة رضون الله عليهم أن يتعلموا القرآن من أربعة من قراء الصحابة، وكان سالم واحدا من هؤلاء الأربعة.
    روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وسلم: [خذوا القرآن عن أربعة: من ابن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة، وأبي بن كعب، ومعاذ بن جبل].

    وقد كان سالم حسن التلاوة للقرآن، ندي الصوت، يرقق القلوب بتلاوته، ويبهج النفوس بقراءته، ويجذب الناس لسماع ترتيله، وقد روى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن سابط عن عائشة رضي الله عنها قالت: "استبطأني رسول الله ذات ليلة، فقال: ما حبسك؟ قلت: إن في المسجد لأحسن من سمعت صوتا بالقرآن، فأخذ رداءه وخرج يسمعه، فإذا هو سالم مولى أبي حذيفة؛ فقال: [الحمد لله الذي جعل في أمتي مثلك](إسناده جيد).

    ملازمته لرسول الله:
    ما إن هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى يثرب، حتى لازمه سالم كغيره من المسلمين، وسمع منه الكثير من الأحاديث، وقد روى عنه ثابت بن قيس بن شماس، وعبد الله بن عمر بن الخطاب، وعبد الله بن عمرو بن العاص. وقد آخى النبي عليه الصلاة والسلام بينه وبين معاذ بن ماعص الأنصاري.. وقيل بينه وبين عبد الرحمن بن عوف، ولكن إسناده منقطع. كما قال الذهبي رحمه الله.

    منزلته وتواضعه
    كان سالم رضي الله عنه من سادات المسلمين، وكبراء الصحابة، وقد مدحة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزكاه.

    وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يكثر من الثناء عليه وقد بلغ من تزكيته له أنه اعتبره أهلا للخلافة، فقد ذكر ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية عن عمر أنه لما احتضر قال: "لو كان سالم حيا لما جعلتها شورى"(البداية والنهاية: 6/336).

    وأخرج الإمام أحمد رحمه الله في المسند عن أبي رافع رحمه الله أن عمر بن الخطاب قال: "لو أدركني أحد رجلين، ثم جعلت الأمر إليه لوثقت به : سالم مولى أبي حذيفة، وأبو عبيدة بن الجراح"

    وقال أيضا كما في "حلية الأولياء1/177": لو استخلفت سالما مولى أبي حذيفة ثم سألني عنه ربي: ما حملك على ذلك؟ لقلت: رب!! سمعت نبيك صلى الله عليه وسلم يقول: [إنه يحب الله تعالى حقا من قلبه].

    جهاده واستشهاده
    كان سالم رضي الله عنه شغوفا بالجهاد، طالبا للشهادة، مواظبا على حضور الغزوات التي غزاها رسول الله عليه الصلاة والسلام، حريصا على ألا يفوته شيء منها.
    وقد كان رضي الله عنه من الذين شهدوا بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقاتل معه فيها قتال الأبطال، وكان في مقدمة الصفوف فهو بدري، وكان ممن حضر أحدا والنضير وقريظة والأحزاب والحديبية، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الموت على دخول مكة عنوة، وقال الله فيه وفي الذين معه: {لَّقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا}( الفتح:18).. وشهد فتح مكة، وغزوة حنين والطائف ومؤته وغيرها. كما أنه كان في جيش أسامة الذي أمر رسول الله بتجهيزه لتأديب الروم وغزوهم قبل وفاته مباشرة عليه الصلاة والسلام.

    وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وارتداد العرب شارك مع الصديق في حروب المرتدين، وأبلى فيها بلاء حسنا، وفيها كان استشهاده راضيا مرضيا، مدافعا عن دين الله، ومجاهدا في سبيله.

    وقد كان استشهاده في معركة اليمامة في قتال مسيلمة الكذاب وبني حنيفة، وكان واحدا من أبطالها وحامل لواء المسلمين فيها.
    قال ابن كثير: (لما أخذ الراية يوم اليمامة بعد مقتل زيد بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين، قال له المهاجرون: أتخشى أن نؤتى من قبلك؟ فقال: بئس حامل القرآن أنا إذا) (البداية والنهاية 6/337).

    وقد كانت معركة هائلة، وحربا ضروسا، ذكر الواقدي أنه: "لما انكشف المسلمون يوم اليمامة قال سالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحفر لنفسه حفرة فقام فيها، ومعه راية المهاجرين يومئذ، ثم قاتل، فقطعت يده اليمنى، فأخذها بيساره، فقطعت فاحتضنها وهو يقول: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}(آل عمران:144). فما زال يحمل الراية حتى صرع، فلما أحس بقرب موته قال لأصحابه: ما فعل أبو حذيفة؟ قالوا قتل. قال: فما فعل فلان. قالوا: قتل. قال: فأضجعوني بينهما. (أي ادفنوني بينهما).

    وفي الاستيعاب لابن عبد البر قال: قتل سالم ومولاه أبو حذيفة، فوجد رأس أحدهما عند رجلي الآخر رضي الله عنهما. وجزاهما عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.
    islamweb
                  

10-11-2017, 12:45 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    أهمية الدعاء للذرية والأبناء
    أبناؤنا قرة عيوننا، وبهجة نفوسنا، وثمرة حياتنا، ومصدر من مصادر سعادتنا في هذه الحياة.
    هم زينة الحياة، ونعمة الإله؛ كما قال جل في علاه: {المال والبنون زينة الحياة}.

    ولا يسعد الإنسان مهما كان عنده من أسباب السعادة إلا أن يرى أبناءه سعداء صالحين، مطيعين لربهم، نافعين لأنفسهم ودينهم وأوطانهم. فلا جرم أن يسعى الآباء في سبل إصلاح الأبناء ويأخذوا بكل الأسباب لهذه النتيجة.

    وقد جرت سنة الله أن البيوت الصالحة (بحق) يخرج أبناؤها صالحين، وهي حقيقة أثبتها القرآن والواقع، وهو مما استقر في فطر الناس.
    أما القرآن فقد قال تعالى: {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا}(الأعراف:58).
    وأما استقراره في فطر الناس فيدل عليه قول بني إسرائيل لمريم وقد وهبها الله عيسى فقالوا مستنكرين: {يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا}(مريم:28)، فكأنهم يقولون: أنت من بيت طيب طاهر، معروف بالصلاح والعبادة والزهادة، فكيف صدر هذا منك؟

    فالأصل أن صلاح البيت معه صلاح الذرية، غير أن الله قد يخرق هذه العادة، كما قصة نوح وابنه، ليعلم الناس أن الهداية والصلاح بيد الوهاب الفتاح، فتبقى قلوبهم متعلقة به مهما فعلوا وبذلوا، ولتلهج ألسنتهم بدوام الدعاء لهم ولأبنائهم بالهداية والصلاح والسعادة والفلاح.

    فضل الدعاء
    والدعاء ـ أيها الكريم ـ باب من أعظم الأبواب التي يدخل بها المسلم على ربه، ويحقق من خلاله رغباته وأمنياته، فالله كريم يحب أن يسأل:
    الله يغضب إن تركت سؤاله .. وبني آدم حين يسأل يغضب

    إن للدعاء أثرا كبيرا في حياة المسلم عموما، وفي صلاح الأبناء خصوصا، ذلك أن دعوة الوالد لولده مستجابة.. قال عليه الصلاة والسلام: [ثلاث دعوات مستجابات: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة والولد لولده](رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه).

    فكم من دعوة صادقة ردت شاردا، وقربت بعيدا، واصلحت فاسدا، وهدت ضالا.
    بل كم من دعوة كانت سببا في صلاح هذه الذرية من أصلها، وحلول البركة فيها.

    وهذا كتاب الله يعلمنا ويبين لنا ويدلنا على هذا السبيل، وكيف أنه سبيل أصلح الناس وأهداهم وأقدرهم على تربية أبنائهم، ولكنهم يلجؤون إلى الله ويسألونه صلاح ذريتهم.
    هذا إبراهيم خليل الله يدعو ربه وقد كبرت سنه أن يهبه ذرية ولكن أي ذرية؟ {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين}(الصافات:100).
    فماذا كانت النتيجة؟
    {فبشرناه بغلام حليم}، وأتته الملائكة مبشرين: {إنا نبشرك بغلام عليم}، وفي سورة هود: {وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ}(هود:71).
    فهل توقف عن الدعاء لهم؟
    لا.. بل ظل يسأل الله لهم لخير واليمان {رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ}(إبراهيم:35)، {رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء}(إبراهيم:40)، {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ}(البقرة:128).

    وهذا زكريا نبي الله يدعو ربه بالذرية فيقول: {رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}(آل عمران:38).
    ما وصف هذه الذرية: {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا . يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ۖ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا}(مريم:5، 6)
    وإنما كان يطلب من يرث النبوة والهداية ودعوة الناس إلى الله وإلى طريق الهدى والنور، فمن المعلوم أن الأنبياء لا يورثون، وما تركوه صدقة، فأراد وراثة النبوة والدين.
    فاستجاب الله دعاءه وبشره: {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَىٰ لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا}(مريم:7)، أما صفات هذا الغلام: {يَا يَحْيَىٰ خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ ۖ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (12) وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا وَزَكَاةً ۖ وَكَانَ تَقِيًّا (13) وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُن جَبَّارًا عَصِيًّا (14) وَسَلَامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَيَوْمَ يَمُوتُ وَيَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا}(مريم:12ـ15).. فكانت كل هذه البركة في يحيى بسبب دعاء أبيه له.

    والأم أيضا
    وحتى لا يظن أحد أن الدعوة خاصة بالرجال فقط ذكر لنا القرآن مثلا فريدا لصلاح المرأة ودعائها لأبنائها وذريتها، وأثر هذا الدعاء على الذرية في قصة امرأة عمران أم مريم، وكيف أنها كانت تدعو لجنينها في بطنها وتهبه لخدمة بيت ربها {إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ}(آل عمران:35)، فلما خرج المولود أنثى لم يمنعها هذا أن تهبها لخدمة بيت المقدس وأن تدعو ربها ليحفظها وينبتها نباتا حسنا بل دعت بما هو أكبر من ذلك فقالت: {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}(آل عمران:36).

    فاستجاب الله دعاءها، وبارك في ابنتها، واصطفاها على نساء العالمين، واختارها لتكون فيها آية من آياته الكبرى بأن وهبها عيسى بكلمة منه دون أب، وأعاذها وابنها من الشيطان الرجيم، فلم يكن للشيطان عليهما سبيل. كل ذلك ببركة دعاء الأم الصالحة المباركة.

    السنة والدعاء للذرية:
    والسنة الميمونة تسير على نهج القرآن، والنبي الكريم تطبيق عملي لكل خير، فكان عليه الصلاة والسلام يدعو لابنته فاطمة وزوجها علي بن أبي طالب، ويدعو لحفيديه الحسن والحسين، ولأبناء المسلمين:
    دعا لأنس بن مالك بالبركة في ماله وولده؛ فكان من أكثر الناس مالا، وبلغ أولاده وأحفاده قرابة المائة نفس، وحلب بماله البركة فكان زرعه ينتج في العام مرتين.
    وكان المسلمون يأتونه بأبنائهم فيحنكهم ويسميهم ويدعو لهم بالبركة.

    وقد علم كل أب وأم أن يدعوا لأبنائهما، ولا يبخلا بالدعاء لهم، ولو في أسعد الأوقات، كما في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال: باسم الله، اللهم جنبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا، فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبدا](متفق عليه).

    هدي الصالحين
    وعباد الله الصالحون وصفهم الله في قرآنه المجيد فذك من أوصافهم {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا}(الفرقان:74).
    فهم يدعون الله تعالى أن يقر أعينهم بأزواجهم وذرياتهم، وقرة العين هذه لا تكون إلا بأن يكونوا على ما يحب الله من الإيمان والرشاد والهداية والسداد.. ثم هم يدعون لهم ولأنفسهم، ليس فقط أن يكونوا متقين، بل أن يكونوا من أئمة المتقين.
    فأكثروا من الدعاء لأبنائكم، وألحوا على ربكم بأن يهبهم الصلاح في الدنيا والفلاح في الآخرة.

    ملاحظتان هامتان
    وأحب أن أسجل هنا ملاحظتين:
    الأولى: أسمع أولادك الدعاء أحيانا:
    إذا دعوت لولدك فأسمعه دعاءك أحيانا، فإن قولك له: "اسأل الله أن يفتح عليك فتوح العارفين"، أو "أسأل الله أن يرضى عنك"، أو "أن يحبك مع عباده الذين يحبهم ويحبونه".. هذا الكلام يسري في روحه، ويملأ قلبه بمحبتك لما يرى من حرصك عليه وحبك له وحب الخير له، ويشجعه أن يكون أهلا لدعائك، وأن يعمل ليحقق ذلك.

    ثانيا: إياك ثم إياك أن تدعو على أبنائك:
    مهما أساؤوا، أو أخطؤوا، أو كسروا، أو أزعجوا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن دعوة الوالد لولده أو عليه مستجابة، ففي سنن الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ثلاثُ دعواتٍ مستجاباتٍ لا شكَّ فيهنَّ: دعوةُ المظلومِ ودعوةُ المسافرِ ودعوةُ الوالدِ على ولدِه].
    ولأنه ربما توافق دعوة الأب أو الأم على الولد ساعة إجابة فيهلك الولد، فحذرنا عليه الصلاة والسلام من ذلك أشد التحذير فقال كما في حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكُم، ولا تدعوا على أموالكُم، لا تُوافقُوا من اللهِ تعالى ساعة نيْلٍ فيها عطاء فيستجيب لكم](رواه مسلم).

    فكم من دعوة خرجت من أب أو أم على أحد الأبناء فصادفت ساعة إجابة فكانت سببا في ضلال أو ضياع أو عقوق أو حتى موت.
    جاء رجل إلى عبد الله بن المبارك يشكو عقوق ولده. فقال له ابن المبارك: أكنت تدعو عليه؟ قال: نعم. قال. أنت أفسدته.

    وانظر إلى هذا الرجل وقارن بينه وبين الفضيل بن عياض الذي كان يدعو الله لولده، ويقول: اللهم إني اجتهدت في تربية ابني علي فلم أقدر، فربه أنت لي. فكان ابنه من أفضل الناس، وأعبدهم، وأخوفهم من ربه سبحانه.

    فعود نفسك أن تدعو له بدلا من أن تدعو عليه، فإذا فعل ما يغضبك فادع له: الله يهديك، الله يصلحك، الله يتوب عليك. فإن صادفت إجابة سعد بدعوتك، وسعدت أنت بهدايته.
    اللهم أصلح أبناءنا وأبناء المسلمين، وأنبتهم نباتا حسنا يا أكرم الأكرمين.
    إسلام ويب
                  

10-11-2017, 12:46 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    فيه آيات بينات
    إن حياة المسلم كلها موصولة بالبيت العتيق حيث يبدأ صباحه بالتوجه إليه، وينهي نهاره، ويبدأ ليله بالتوجه إليه أيضا، ويمارس عملية التوجه، والصلاة خمس مرات يوميا، مصرا على استرداد معاني التوحيد وآثاره، التي انطلقت من البيت العتيق، معتقدا أن هذا الموقع الذي انطلقت منه خير أمة أخرجت للناس، يمتلك الإمكان والقدرة، في كل وقت وحين إذا توافرت الشروط، على معاودة إخراج الأمة، التي تمتلك الخيرية للعاملين، ذلك أن نهوض أي مجتمع، مرهون بتوفير شروط وظروف ميلاده الأول.

    إن توجه المسلم المستمر، إلى البيت العتيق، نفسيا في المعتقد، وحركيا في عبادة الصلاة والحج، يعني فيما يعني، الخلوص من العبوديات، والتحرر من كل ألوان التسلط، والضغط، والإكراه، والانعتاق من كل المغريات المادية والمعنوية، والانطلاق إلى أداء الرسالة، التي بني عليها البيت من أول يوم في تاريخ النبوة، رسالة التوحيد والتحرير.

    إنه البيت العتيق، قبلة الإنسان العتيق من كل القيود والإصار، الذي يمتلك المسلم التاريخ بالتوجه إليه، فينسلك في قافلة النبوة، التي انطلقت من ذرية إبراهيم، ومقامه عند البيت الحرام، ويسعد بكسبها ويستمد من عطائها، ويدخل في قافلة الخلود، الذي لا يحده الموت، وقد يتوج هذه المعاني كلها عمليا، إذا امتلك الزاد والراحلة، فيسقط جدار الزمان، ويختزل مساحة المكان، ليحج البيت العتيق ويطوف حوله، متمحورا حول المعاني الكبيرة، التي يحملها في تاريخه الطويل، واقفا أمام الآيات البينات وجها لوجه، وفي مقدمتها مقام إبراهيم، باني التوحيد، وصاحب الحنيفية السمحة، {فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا}(آل عمران:97) {ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل}(الحج: 78).

    إن الآيات البينات، التي يقرأ عنها المسلم، ويتوجه إليها يوميا، والتي كان يؤمن بها غيبا من الغيب، يشهدها هنا في رحاب البيت الحرام عيانا في لحظات، يحس معها بمعاني الخلود وآفاق الامتداد، وأخوة البشرية، ووحدة الإنسانية، ويسقط معها كل صور الزيف، والتمييز، ويستشعر أنه لم يعد بينه وبين الله حجاب، فيعب من الخير على أرض النبوة، وفي مواقع القدوة، مترسما خطا النبوة، متوسما الآيات البينات، لأنها آيات للمتوسمين، هنا في رحاب البيت العتيق، يتحرر من كل قيد، ويطلق سمعه، وبصره، وعقله، وحسه، وحدسه، لإدراك الآيات البينات.

    هنا في رحاب البيت الحرام، وعلى مقربة منه، يسمع من وراء الزمن المنظور، ومن غار حراء عطاء الوحي الخالد: {أقرأ باسم ربك الذي خلق}(العلق:1) فيدرك أن الإسلام كان المرحلة الفاصلة بين العلم والجهل، بين الضلال والضياع، بين الإيمان واليقين، ويدرك أيضا أن العلم مفتاح هذا الدين، ويعتصر قلبه أسى وحسرة، على أن نسبة الأمية في عالم المسلمين اليوم، هي أعلى النسب؛ ذلك أن أمة اقرأ أصبحت لا تقرأ!

    ولعل ذلك الصوت الغائب اليوم، عن الحياة الإسلامية، بالشكل المطلوب، صوت الوحي: بـ{اقرأ}، هو من أولى الخطوات المطلوب استردادها، وأولى الآيات البينات.

    فإذا نظر المسلم إلى الكعبة، التي جعلت مثابة للناس وأمنا، يلمح في تاريخ النبوة، كيف أن هذا البيت الذي بني على التوحيد، ترجمت النبوة الخاتمة معاني التوحيد فيه إلى واقع الناس، وأعلنت وحدتهم العملية، وكأنه يرى بلالا رضي الله عنه يصعد الكعبة، بساقيه السوداوين، ليعلن نداء التوحيد، والمساواة، وتتعاظم مكانته وتتعاظم، ليدوس بقدمه سطح الكعبة ويصبح سيدا، فالإنسان المؤمن أكرم من كل شيء - وأبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا- بعد أن كان يسمى الغراب الأسود.

    إن المسلم، الذي يبصر مكانة بلال، من وراء الحجب، يدرك من الآيات البينات، الشيء الكثير الغائب عن حياة المسلمين اليوم، والذي يمثل روح الحضارة الإسلامية، وهو المساواة، وعدم التمييز، وأن الأكرم هو الأتقى: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}(الحجرات: 13) وعندما يطوف في خياله، نموذج بلال وسليمان، لا بد له أن يقف ولو للحظات، عند معاني الكرامة، وتصويب الموازين، فبلال يصعد حتى يقف على الكعبة، والقرآن، يتلى: {تبت يدا أبي لهب وتب . ما أغنى عنه ماله وما كسب . سيصلى نارا ذات لهب . وامرأته حمالة الحطب . في جيدها حبل من مسد}(سورة المسد)؛ فيدرك هذه الآيات البينات، وكيف أن رموز الجهل والظلم والجاهلية، أصبحت وسائل إيضاح، لمصير كل الطغاة والمعاندين للحق، لقد غابت الجاهلية برموزها وتاريخها، وبدأت الآيات البينات، والمعاني الجديدة للقيم الإنسانية الجديدة.

    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه: [إن الله قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية، وتفاخرها بالآباء، كلكم لأدم وآدم من تراب](حديث حسن)، {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس}(البقرة: 199)

    المسلم في رحلة الحج، يقف كما أسلفنا، وجها لوجه أمام الآيات البينات، هنا في الحج، يصبح الماضي مستقبلا، ويتحول التاريخ، من الوراء إلى الإمام، فيتزود الإنسان بالآيات البينات، ليعود مولودا جديدا، [فمن حج لله، فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه](متفق عليه)

    إنه يرى صورة أبي لهب الدارسة، ويرى معها صور كل أولئك الذين يحملون الحطب اليوم، ليحاربوا الدعوة والصحوة، ويرى مصارعهم، وكيف أنهم سيصبحون وسائل إيضاح للطغاة والمتألهين، الذين يسيرون وراء لواء أبي لهب إلى النار، فيزداد المسلم قوة على قوة، وتصميما على تصميم، في الثبات على الحق، والدفاع عنه، لأنه يعلم أن الله يضرب الحق والباطل، {فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض}(الرعد: ).

    ومن الآيات البينات أيضا ما يقرره العلماء: من أن النظر إلى البيت الحرام: الكعبة عبادة، ذلك أن هذا النظر، والتأمل، والتوسم سوف يستدعي الكثير من المعاني الغائبة.

    إن هذا النظر، يذكر أول ما يذكر، بحكمة الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء إعادة بناء الكعبة، ووضع الحجر كما أنه يذكر بحكمته في الدعوة، وأخذ الناس بأحكام الإسلام شيئا فشيئا، فيستمع إلى حديثه العظيم في قولته لعائشة: [لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت البيت، وأقمته على قواعد إبراهيم]. ويدرك حكمته وكيف أنه تحول إلى تغيير النفوس، لا إلى تحطيم الرؤوس، فكان يقرأ القرآن، ويطوف البيت الحرام، والأصنام تملأ ساحاته، فلم يمسها بأذى، حتى انتهى الأمر بها إلى أن كسرها عبادها، بأيديهم بعد أن آمنوا.

    يتأمل المسلم في الكعبة، وتأمله عبادة فيستثير التأمل في نفسه الكثير والكثير، من المعاني الغائبة، يتذكر ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من الصبر والمصابرة، وما كان عليه المسلمون من الاستعجال، والرغبة في النصر السريع والضيق، بالمعاناة الشديدة، وكيف أنهم لا يدركون تماما أن مع العسر يسرا، وأن العسر والشدة مقدمات النصر.

    وكأن المسلم الذي يتأمل في الكعبة، ليدرك الآيات البينات، يبصر من السيرة، وعند هذا المكان كيف أن الرسول صلى الله عليه وسلم: كان متوسدا بردته في ظلها، عندما جاءه المسلمون يقولون: ألا تدعو لنا ألا تستنصر لنا، وقد أصابهم من الشدة ما أصابهم، فيقول لهم بما معناه: [لقد كان فيمن كان قبلكم يؤتى بالرجل، فينشر بالمناشير ما بين فرقه وقدمه، ويمشط بأمشاط الحديد ما بين لحمه وعظمه، ما يثنيه ذلك عن دينه، والله ليتمن الله هذا الدين حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، ولكنكم تستعجلون](رواه البخاري)؛ فيتعلم المسلم من رحلة الحج، فن الصبر، ويدرك أبعاده وآماده، وأعماره المطلوبة، فيدرك خطورة حرق الزمان، ويدرك خطورة الاستعجال، ويدرك خطورة التحول، من تغيير النفوس، إلى محاولة الإطاحة بالخصوم.

    يدرك المسلم في جنبات هذا البيت، كيف أن الكثير من الصحابة، سمعوا آيات الله تتلى وهم أهل الفصاحة والبيان، ومع ذلك لم يؤمنوا لسنوات من السماع طويلة، ثم ما لبثوا أن آمنوا، وكانوا عدة الإسلام، ورجاله العظام، فيعيد حسابه من جديد، ويدرك أن عملية التربية، والتحويل الثقافي، وتغيير النفوس من الصناعات الثقيلة، التي تقتضي الكثير من الصبر، والاحتساب، والمصابرة، حتى تنضج الثمار، ذلك أن أي استنهاض للنبتة قبل أوانها، يعني قطعها والقضاء عليها، فيتعلم من الحج فن الصبر، والاحتمال في سبيل الله، وأن لكل أجل كتابا.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    من كتاب "في رحاب الحرم"
    أ. د. عمر عبيد حسنة
                  

10-11-2017, 12:48 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    احترام الآخرين...
    لا يخفى على أحد ما تحقق للناس من تمدن وتحضر واستقرار وتعليم ورفاهية، مما يستوجب الحمد لله والثناء عليه.
    لكن من المهم ألا ننسى أن لدينا شواهد كثيرة على أن (التوحش) وما يصحبه من ظلم وبغي وجفاء، أشبه بالفيروس الكامن كي نحمي مجتمعاتنا من الانحطاط والعدوان.

    إن الله - تعالى - وجهنا إلى شيء عظيم، يرسخ فضيلة الاحترام حيث قال: {وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً}. أي كلموهم بالكلام الطيب، وألينوا لهم جانباً، ولاطفوهم، وناصحوهم بما يصلح شأنهم.

    كلما درج الناس في سلم الحضارة توقعوا من بعضهم احتراماً أكبر ولطفاً أعظم، ولهذا فإن علينا جميعاً أن نكون دقيقين في تعبيراتنا وتصرفاتنا؛ حتى لا يؤذي بعضنا بعضاً من غير قصد.

    القاعدة الذهبية في هذا هي أن نخاطب الناس بالأسلوب الذي نحب أن يخاطبونا به، ولو أننا عملنا بهذه القاعدة لتخلصنا من كثير من مشكلاتنا الاجتماعية، وما أجمل قوله صلى الله عليه وسلم: [لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه].

    الناس بفطرتهم يحتاجون حاجة ماسة إلى من يعترف بهم، ويقدرهم، ويثني عليهم، ويحفزهم ويهتم بهم، وقد قال أحدهم: (من الأساطير المتداولة: مكتوب على جبين كل إنسان: "أرجوك أعرني اهتمامك، ولا تمر بي غير آبه").

    إلقاء السلام على من نلقاه في طريقنا، والتبسم في وجهه، وسؤاله عن حاله، والاعتذار إليه عند الخطأ، والمسارعة إلى مساعدته في ساعة ضيق أو كرب، والثناء على أعماله الحسنة... كل ذلك من الأمور التي تعبر عن الاحترام والاهتمام.

    احذروا ـ يا بناتي وأبنائي ـ من التكبر على الآخرين وإهمالهم والاستخفاف بهم، وقد أحسن من قال: إن المتكبر مثل الصاعد في الجبل، يرى الناس صغاراً، ويرونه صغيراً!
    مثــل المعجـب فـي إعجـــابه .. مثل الواقف في رأس الجبل
    يبصر الناس صغارا وهو في .. أعين الناس صغيرا لم يزل
    كأني بالمتكبر ينشر معادلة الاحتقار المتبادل، على حين أن تعاليم ديننا توجهنا إلى أن ندعم قاعدة الاحترام المتبادل وقاعدة الاهتمام المشترك.

    نحن جمعياً في حاجة إلى أن ننمي في نفوسنا مشاعر (الاستحياء من الذات)؛ لأننا حينئذ سنقوم باحترام الناس وتقديرهم؛ وعلى رأسهم الأبوان والمعلمون وكبار السن، ومن لهم أيادٍ بيضاء في خدمة الناس والإحسان إليهم، وفي خدمة البلاد ورفعة شأنها، وقد قال صلى الله عليه وسلم: [ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا قدره].
    وقال: [إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه، ولا الجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط].

    ماذا يعني هذا بالنسبة إلى أبنائي وبناتي؟
    إنها يعني الآتي:
    1 ـ من أراد منكم أن يكون محترماً جداً، فليعامل الناس على أساس قيم واحدة؛ لأن الشخص المهذب اللطيف الكريم، لا يستطيع أن يتلون في سلوكه، ولا أن يلقى الناس بوجوه متعددة، إنه يكرم الجميع، ويصبر على الجميع، ويحاول فهم الجميع، ويعمل على مساعدة الجميع، ولهذا فإنه محترم ومقدر من قبل الجميع.

    2 ـ احترام الناس يعني فيما يعنيه احترام اجتهاداتهم واختياراتهم وأذواقهم، ما دام ذلك في إطار المباح والمشروع.

    3 ـ حاولوا دائماً اختيار الكلمات والجمل المعبرة عن أصالتكم وترفعكم عن الدنايا، واهجروا الألفاظ السوقية التي يستخدمها الأشخاص غير المحترمين.

    4 ـ اعملوا دائماً على ألا تكونوا مصدر إزعاج لأحد، وألا تفاجئوا أحداً بمكروه، وتعلموا التأنق في التصرف، وطالعوا شيئاً من الكتب المؤلفة في ذلك.
    ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
    كتاب: "50 شمعة لإضاءة دروبكم"
    د.عبدالكريم بكار
                  

10-11-2017, 12:51 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    الاستقامة على الطاعة...
    الحمد لله والصلاة والسلام على نبيه ومصطفاه محمد بن عبد الله وآله وصحبه ومن والاه ، وبعد:
    روى الإمام مسلم في صحيحه عن سفيان بن عبد الله الثّقفيّ قال: قلت: يا رسول الله، قل لي في الإسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك، قال صلى الله عليه وسلم: "قل: آمنت بالله، ثمّ استقم".
    الاستقامة كلمة جامعة، تأخذ بمجامع الدّين والدّنيا، وتتحقّق بها معالي الأمور، وأعلى الدّرجات والأجور، وبها يكمل الإيمان، ويضمن الأمن يوم البعث والنّشور، وتعمّ الخيرات والبركات، ويسعد الأفراد والمجتمعات، إنّها خصلة من أعظم خصال السّائرين إلى الله تعالى، وأجلّ مدارج السّالكين بين منازل إيّاك نعبد وإيّاك نستعين، ينال المرء بها الكرامات، ويصل إلى أعلى المقامات، ويعيش برد اليقين، ويحوز على مرضاة ربّ العالمين.
    إنّها اتّباع الدّين القويم بفعل الطّاعات واجتناب المحرّمات، ولزوم الصّراط المستقيم برعاية حدّ الوسط في كلّ أمر من أمور الحياة، والقيام بين يدي الله بما أمر، والالتزام بالصّدق في القول والعمل، والوفاء بكلّ المواثيق والعهود، فالإسلام إيمان بالله وحده دون سواه، ثمّ استقامة على منهج الله وشرعه من غير تغيير أو تبديل أو تقصير؛ على حدّ قول الحقّ سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأحقاف:13-14).
    قال أبو بكر الصّدّيق -رضي الله عنه-: لم يشركوا بالله شيئا، ولم يلتفتوا إلى إله غيره، ثمّ استقاموا على أنّ الله ربّهم. ويقول الحسن البصريّ -رحمه الله-: استقاموا على أمر الله، فعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته. ويقول عمر بن الخطّاب -رضي الله عنه-: الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنّهي، ولا تروغ روغان الثّعلب. يريد بذلك أنّ المستقيمين يلتزمون بالاستقامة دائما في جميع أحوالهم وأوقاتهم وليس وقتا دون وقت؛ ولذا قال شيخ الإسلام ابن تيميّة -رحمه الله-: أعظم الكرامة لزوم الاستقامة.

    وأصحاب الاستقامة جمعوا بين أصلي الكمال في الإسلام: الإيمان بالله تعالى، والاستقامة على ذلك، فالإيمان كمال في القلب بمعرفة الحقّ والسّير عليه، معرفة بمقام الرّبوبيّة والألوهيّة، معرفة بالله تعالى ربّا حكيما، وإلها مدبّرا، معظّما في أمره ونهيه، قد عمرت قلوبهم بخوفه ومراقبته، وامتلأت نفوسهم خشية وإجلالا، ومهابة ومحبّة، وتوكّلا ورجاء، وإنابة ودعاء، أخلصوا لله في القصد والإرادة، ونبذوا الشّرك كلّه، وتبرّؤوا من التّعلّق بغير الله ربّهم، ثمّ استقاموا على ذلك، دون تفريط أو إفراط، فإذا تمكّن ذلك من العبد ظهر في سلوكه طمأنينة في النّفس، ورقّة في القلب، وقرب من الرّبّ -سبحانه وتعالى-.
    سئل الصّدّيق -رضي الله عنه- عن الاستقامة فقال: أن لاّ تشرك بالله شيئا. يريد: الاستقامة على محض التّوحيد والإيمان. وقال بعض السّلف: ما أمر الله تعالى بأمر إلاّ وللشّيطان فيه نزعتان: إمّا إلى تفريط، وإمّا إلى مجاوزة وهي الإفراط، ولا يبالي بأيّهما ظفر زيادة أو نقصان.

    أيّها المسلمون: بالاستقامة يجد المسلم حلاوة الإيمان، وطمأنينة القلب، وراحة النّفس والبال؛ {أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (الزمر:22)، {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الأنعام:122).
    وما أجمل الاستقامة على العمل الصّالح، والتّوبة والإنابة، والازدياد من الباقيات الصّالحات! وما أعظمها حين تكون بعد الطّاعة! فهذه حال المؤمن الصّادق في إيمانه، الذي لا يغترّ بما قدّم من عمل، ولا يركن إلاّ إلى رحمة الله تعالى وفضله؛ لأنّه يعلم أنّ عمله في جنب معاصيه وغفلته عن الله تعالى قليل، وأنّه مهما عمل في جنب نعم الله عليه وفضله وإحسانه وستره فلن يوفّي ذلك كلّه بعض حقّه، وأنّ الله تعالى إنّما يتقبّل من المتّقين؛ { إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} (المؤمنون:57-61).

    وفي الصّحيحين من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ رسول الله قال صلى الله عليه وسلم: "لن ينجّي أحدا منكم عمله"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟! قال: "ولا أنا، إلاّ أن يتغمّدني الله برحمة منه وفضل، فسدّدوا وقاربوا، واغدوا وروحوا، وشيء من الدّلجة، والقصد القصد تبلغوا"؛ ولأجل هذا فقد أرشد النبيّ الكريم –صلى الله عليه وسلم- أمّته بقوله: "استقيموا ولن تحصوا" (رواه مسلم)، وبقوله –صلى الله عليه وسلم-: "سدّدوا وقاربوا" (متفق عليه). والسّداد هو حقيقة الاستقامة، وهو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد؛ وأعظم من ذلك وأجلّ قول الحقّ تعالى: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ} (فصلت من الآية:6). وهو توجيه إلهيّ كريم لجبر ما قد يحصل من ضعف بشريّ، وقصور إنسانيّ.

    لقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام -رضي الله عنهم- بالاستقامة، وهو صفوة الخلق، وهم أفضل الأمّة، قال سبحانه: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (112) وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} (هود:112-113). قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: ما أنزل على رسول الله –صلى الله عليه وسلم- في جميع القرآن آية كانت أشدّ ولا أشقّ عليه من هذه الآية. وعن الحسن قال: لمّا أنزلت هذه الآية شمّر رسول الله –صلى الله عليه وسلم- للعبادة، فما رئي ضاحكا، وقال لأصحابه حين أسرع إليه الشّيب: "شيّبتني هود وأخواتها"، يعني قوله تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}".
    ولقد كان المصطفى –صلى الله عليه وسلم- قرآنا يمشي على الأرض؛ تقول عائشة -رضي الله عنها- حين سئلت عن خلقه –صلى الله عليه وسلم-: كان خلقه القرآن، أما تقرأ القرآن: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4)؟! (رواه أحمد). وكان أكثر دعائه –صلى الله عليه وسلم-: "يا مقلّب القلوب ثبّت قلبي على دينك" (رواه أحمد والترمذيّ وحسّنه).
    وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: خطّ لنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- خطّا، ثمّ قال: "هذا سبيل الله"، ثمّ خطّ خطوطا عن يمينه وعن شماله، ثمّ قال: "هذه سبل (متفرّقة) على كلّ سبيل منها شيطان يدعو إليه"، ثمّ قرأ {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (الأنعام:153). (رواه أحمد والدّارميّ والحاكم بإسناد صحيح).

    وهذه السّبل التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلّ واحد منها شيطان يدعو إليه من شياطين الجنّ والإنس، وما أكثرهم في هذا الزّمان! الذين يدعون إلى مخالفة صراط الله المستقيم بكلّ وسيلة، ويزيّنون الابتعاد عنه بكلّ طريقة، يدعون إلى الطّرق المنحرفة، والسّبل الملتوية، وهؤلاء كلّهم دعاة على أبواب جهنّم، من أجابهم قذفوه فيها، والنّار حفّت بالشّهوات، وما أكثر من يستجيب لهم من ضعاف الإيمان!.
    لكنّ المسلم المستقيم على أمر الله تعالى لا يأبه بهم، ولا يركن إليهم، ولا يستجيب لهم، بل يتّبع أمر الله ورسوله، ويحكّمهما في جميع أموره، ويتمسّك بكتاب الله تعالى وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويعضّ عليهما بالنّواجذ في زمن الشّهوات والشّبهات، فيصلح حين يفسد النّاس، ويصلح ما أفسد الناس، ويقبض على الجمر حين يتذرّع النّاس بالشّهوات والمغريات؛ حينها تعظم الاستقامة أجرا وتسمو قدرا.
    وقد صحّ عند التّرمذيّ من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "يأتي على النّاس زمان الصّابر فيهم على دينه كالقابض على الجمر"، وروى مسلم في صحيحه عن ثوبان -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله: صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمّتي ظاهرين على الحقّ لا يضرّهم من خذلهم حتّى يأتي أمر الله وهم كذلك"، وعن تميم الدّاريّ -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ليبلغنّ هذا الأمر ما بلغ اللّيل والنّهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلاّ أدخله الله هذا الدّين بعزّ عزيز أو بذلّ ذليل؛ عزّا يعزّ الله به الإسلام، وذلاّ يذلّ الله به الكفر". (رواه أحمد).
    إنّ الاستقامة على دين الله تعالى ثبات ورجولة، وانتصار وفوز في معركةٍ بين الطّاعات وبين الأهواء والرّغبات والشّهوات، ولذلك استحقّ الذين استقاموا أن تتنزّل عليهم الملائكة في الحياة الدّنيا؛ لتطرد عنهم الخوف والحزن، وتبشّرهم بالجنّة، ويعلنوا وقوفهم إلى جانبهم في الدّنيا والآخرة، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ} (فصلت:30-32).

    ثمّ اعلموا -رحمكم الله- أنّ الاستقامة منزلة شاقّة تحتاج النّفس معها إلى المراقبة والملاحظة والأطر على الحقّ والعدل، والبعد عن الهوى والمجاوزة والطّغيان، فالكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمّنى على الله الأمانيّ.
    ومدار الاستقامة في الدّين على أمرين عظيمين هما: حفظ القلب ، وحفظ اللّسان، فمتى استقاما استقامت سائر الأعضاء، وصلح الإنسان في سلوكه وحركاته وسكناته، ومتى اعوجّا وفسدا فسد الإنسان وضلّت أعضاؤه جميعا، وفي الصّحيحين أنّه صلى الله عليه وسلم قال: "ألا وإنّ في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كلّه، وإذا فسدت فسد الجسد كلّه؛ ألا وهي القلب"، وعند الإمام أحمد من حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يستقيم إيمان عبد حتّى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتّى يستقيم لسانه، ولا يدخل رجل الجنّة لا يأمن جاره بوائقه".

    إنّ الاستقامة على منهج الله ليست أمرا محالا، ولا أمنية وادّعاء ،ولا رهبانيّة مبتدعة كما يتوهّمه بعض النّاس، ولكنّها استقامة على الأمر بالامتثال، وعلى النّهي بالاجتناب، فقد روى البخاريّ ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنّ أعرابيّا أتى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: دلّني على عمل إذا عملته دخلت الجنّة. قال: "تعبد الله لا تشرك به شيئا، وتقيم الصّلاة المكتوبة، وتؤدّي الزّكاة المفروضة، وتصوم رمضان". قال: والّذي نفسي بيده، لا أزيد على هذا، فلمّا ولّى قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "من سرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنّة فلينظر إلى هذا".
    إنّ الاستقامة الحقّة -عباد الله- هي سلوك طريق أهل السّنّة والجماعة، طريق الطّائفة المنصورة والفرقة النّاجية، أهل العقيدة الصّافية، والمنهج السّليم، أتباع السّنّة والدّليل، والتّميّز عن أعداء الله، ومفارقة أهل الباطل، ومجانبة أهل الأهواء والبدع والشّهوات؛ روى التّرمذيّ بسند صحيح أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ بني إسرائيل تفرّقت على ثنتين وسبعين ملّة، وتفترق أمّتي على ثلاث وسبعين ملّة، كلّهم في النّار إلاّ ملّة واحدة"، قالوا: ومن هي يا رسول الله؟ قال: "ما أنا عليه وأصحابي".
    نسأل الله تعالى أن يرزقنا الاستقامة وأن يثبتنا على دينه حتى نلقاه وهو تعالى راض عنا، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين.

    د / ناصر بن محمد الغامدي
                  

10-11-2017, 05:51 PM

سيف اليزل برعي البدوي
<aسيف اليزل برعي البدوي
تاريخ التسجيل: 04-30-2009
مجموع المشاركات: 18425

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقالات متنوعة عن الأسرة و المجتمع...... (Re: سيف اليزل برعي البدوي)

    تبسمك في وجه أخيك صدقة
    رسولنا ـ صلى الله عليه وسلم ـ هو أعظم الناس قدرا، وأعلاهم شرفا، وأشرحهم صدرا، وكان يملك قلوب أصحابه ـ رضي الله عنهم ـ بوجهه البسَّام، وابتسامته المشرقة، وكلماته الطيبة، وقد قال الله تعالى عن حاله مع أصحابه: { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ }(آل عمران من الآية: 159)، وقال هند بن أبي هالة ـ رضي الله عنه ـ: " كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ دائم الْبِشْرِ، سهل الخُلُق، لَيِّنَ الجانب " .
    قال ابن عيينة: " البَشَاشَة مصيدة المودَّة، و البِرُّ شيء هيِّن، وجه طليق، وكلام ليِّن " .

    أخو البِشْرِ محبوبٌ على حُسْنِ بِشْرِهِ ولن يعدم البغضاءَ منْ كان عابسا

    الابتسامة في الوجوه أسرع طريق إلى القلوب، وأقرب باب إلى النفوس، وهي من الخصال المتفق على استحسانها وامتداح صاحبها، وقد فطر الله الخَلْقَ على محبة صاحب الوجه المشرق البسَّام، وكان نبينا ـ صلى الله عليه وسلم ـ أكثر الناس تبسُّمًا، وطلاقة وجهٍ في لقاء من يلقاه، وكانت البسمة إحدى صفاته التي تحلّى بها، حتى صارت عنواناً له وعلامةً عليه، وكان لا يُفَرِّق في حُسْن لقائه وبشاشته بين الغنيّ والفقير، والأسود والأبيض، حتى الأطفال كان يبتسم في وجوههم ويُحسِن لقاءهم، يعرف ذلك كل من صاحبه وخالطه، كما قال عبد الله بن الحارث ـ رضي الله عنه ـ: ( ما رأيت أحدا أكثر تبسّما من رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ ) رواه الترمذي وصححه الألباني .
    وتصف عائشة ـ رضي الله عنها ـ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فتقول: ( كان ألين الناس، وأكرم الناس، وكان رجلاً من رجالكم إلا أنه كان ضحاكًا بسّامًا ) .
    والبعض تراه عابساً دائماً، يظن أن التبسم فيه إنزال من مكانته، ونقص من هيبته أمام الآخرين، فهؤلاء واهمون ينفرون أكثر مما هم يقربون، لأن التبسم في وجه أخيك مع كونه مفتاحاً للقلوب، وتأليفاً للنفوس فهو سنة نبوية، فعن جرير بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: ( ما حجبني رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ منذُ أسلمتُ، ولا رآني إلا تبسمَ في وجهي ) رواه مسلم .

    ولم يكتفِ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن يكون قدوة عملية في الابتسامة، بل إنه دعا إليها وحثَّ عليها بقوله، فعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( تَبَسُّمُك في وَجْه أَخِيك لك صدقة ) رواه الترمذي .
    قال المناوي: " ( تبسُّمك في وجه أخيك ) أي في الإسلام، ( لك صدقة ) يعني: إظهارك له البَشَاشَة، والبِشْر إذا لقيته، تؤجر عليه كما تؤجر على الصَّدقة "
    وقال ابن بطَّال: " فيه أنَّ لقاء النَّاس بالتَّبسُّم، وطلاقة الوجه، من أخلاق النُّبوة، وهو مناف للتكبُّر، وجالب للمودَّة " .
    وقد جمع الإمام البخاري أحاديث كثيرة للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وبوَّب لها : ( باب التبسم والضحك )، وفي ذلك دليل على الابتسامة التي كان يحرص عليها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، وكذلك جمع الإمام مسلم في صحيحه أحاديث بوب لها الإمام النووي فقال في كتاب الفضائل: ( باب تبسمه وحسن عشرته ـ صلى الله عليه وسلم ـ ) .

    التبسم في الوجوه عمل بسيط ويسير، غير مكلف ولا مجهد، ولكن له الأثر الكبير في نشر الألفة والمحبة بين الناس، وهو في سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من المعروف الذي يؤدي إلى مرضاة الله ـ عز وجل ـ، فعن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( كلُّ معروف صدقة، وإنَّ من المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طَلْق ) رواه الترمذي .
    وعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال لي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْـمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ ) رواه الترمذي وصححه الألباني .
    قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( ولو أن تلقى أخاك بوجه طَلْق )، روي ( طَلْق ) على ثلاثة أوجه: إسكان اللام، وكسرها، وطليق بزيادة ياء، ومعناه: سهل منبسط، وفيه الحثُّ على فضل المعروف، وما تيسَّر منه وإن قلَّ، حتى طلاقة الوجه عند اللِّقاء .
    قال المباركفوري: " ( وإنَّ من المعروف ) أي: من جملة أفراده، ( أن تلقى أخاك ) أي: المسلم، ( بوجهٍ ) بالتنوين، ( طَلْق ) معناه: تلقاه منبسط الوجه متهلِّله " .
    وقال ابن علان في دليل الفالحين: " أي بوجه ضاحك مستبشر، وذلك لما فيه من إيناس الأخ المؤمن، ودفع الإيحاش عنه، وجبر خاطره، وبذلك يحصل التَّأليف المطلوب بين المؤمنين " .
    وقال أيضًا: " أي: متهلِّلٌ بالبِشْر والابتسام، لأنَّ الظَّاهر عنوان الباطن، فلُقْيَاه بذلك يشعر لمحبَّتك له، وفرحك بلُقْيَاه، والمطلوب من المؤمنين التوادُّ والتحابُّ " .

    ومما ثبت أيضا في استحباب البشاشة وطلاقة الوجه عند اللقاء قوله - صلى الله عليه وسلم-: ( إِنَّكُمْ لا تَسَعون النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ يَسَعُهُمْ مِنْكُمْ بَسْط الْوَجْه، وَحُسْنُ الْخُلُق ) رواه البيهقي في شعب الإيمان، وقال الألباني: حسن لغيره .
    وعن جابر بن سليم الْهُجَيْمِىُّ - رضي الله عنه - قال: قلت: ( يا رسول الله إِنَّا قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَة، فَعَلِّمْنَا شَيْئاً يَنْفَعُنَا الله ـ تبارك وتعالى ـ بِه، قال: لاَ تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوف شَيْئاً وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ مِنْ دَلْوِكَ فِي إناء الْمُسْتَسْقِي، وَلَوْ أَنْ تُكَلِّمَ أَخَاك ووجْهُك إليه مُنْبَسِط ) رواه ابن حبان وصححه الألباني .
    قوله - صلى الله عليه وسلم -: ( مُنْبَسِط ) أي: منطلق بالسرور والانشراح، قال حبيب بن ثابت: " من حسن خلق الرجل أن يحدث صاحبه وهو مقبل عليه بوجهه ".
    وقال الإمام الغزالي:" فيه رد على كل عالم أو عابد عبس وجهه، وقطب جبينه كأنه مستقذر للناس، أو غضبان عليهم، أو منزه عنهم، ولا يعلم المسكين أن الورع ليس في الجبهة حتى تُقطَّب، ولا في الخد حتى يُصَعَّر، ولا في الظهر حتى ينحني، ولا في الرقبة حتى تُطاطأ، ولا في الذيل حتى يضم، إنما الورع في القلب ".

    الابتسامة إحدى وسائل غرس الألفة والمحبة بين الناس، وهي سنة نبوية ووسيلة دعوية، ومفتاح للقلوب، وكنز تنفق منه مع أهلك وإخوانك وجيرانك وكل من تقابله وتدعوه، وصدقة لا تكلفك ديناراً ولا درهماً، فعن أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( تبسمك في وجه أخيك لك صدقة ) رواه الترمذي .
    إسلام ويب
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de