☯ أبوبكر "المستنير" .. و حاتم "عازف المزامير"

Quote: بالتالي قطعا المسالة لا علاقة لها بالهوية

وها أنت قد أعدتنا مرة ثالثة إلى ما قبل مداخلتك الأولى، وإلى حالة "الحيص بيص" التي كنا فيها منذ لحظة افتراع البوست، وها هي الأمور تزداد تعقيداً بين مداخلة المهندس (عزالدين الفحل) التي يُصورني فيها بأنني مجرّد كسار ثلج للمهندس حاتم، وبين مداخلة المهندس (Ashgar Taiba) الذي يلاحقني باتهامات في الاتجاه المعاكس، وبصفني بأنني محض ماسح جوخ للأستاذ الموصلي.

وهذه ذكّرتني بورطة وقع فيها أحد أقاربي يا ود البُشرى:
قريبنا كان موظفاً في الخدمة المدنية، وقد أتاحت له ظروف تنقله في مختلف نواحي السودان التعرف على ثلة من الأصدقاء، من بينهم صديق من رجالات السلك القضائي كان هو الأقرب إلى قلبه والأكثر حميمية، وقد بقيّت العلاقة بينهما وطيدة رغم مرور الأزمان وبُعد المسافات بين مدينتيهما، ورغم تباعد تكرار اللقاءات، حيث كان القاضي يخف مع أسرته إلى زيارة قريبنا متى ما قدِموا لقضاء شأن في عاصمة البلاد.

في إحدى تلك اللقاءات وفي منزل قريبنا بأم درمان كان كيوبيد حاضراً يرمي سهامه المتبادلة بين ابن شقيقة قريبنا الذي جاء زائراً لمنزل خاله: وهو فتى أنيق ومهذب ومثقف ووحيد والديه وعازب، وبين كريمة القاضي التي وبعدما كانت في طفولتها رقيقة الحاشية ورقيقة العود كبرت وأمتلأت ونضجت واستوت على سوقها كأحلى ما يكون الاستواء.

كانت فرحة قريبنا مضاعفة باعتباره نجح في الربط بين أسرة صديقه الحميم وبين أسرة زوج شقيقته وتتويج تلك العلاقة برباط المودة والرحمة والعديل والزين.....

لم تمض سوى شهور وسرعان ما جرت الرياح المعاكسة، وتلبدت الأجواء وتعكّرت المياه، وانفك حبل الوصل قبل العيد الأول لموعد الاحتفال، وأنتهى مذاق تلك الشهور العسل بطعم المرارة، ليس فقط في لسان العريس وعروسته، وإنما في حلق قريبنا الذي كان يتجرع ويتجرح بكأسات العلقم.

وما ضاعف من مرارة الصدمة، أن قريبنا تمت ملاحقته من قِبل زوج شقيقته وبقية أصهاره: بأنه أخفى عنهم حقيقة البنت، وورّط ابنهم الوحيد بتزوجيه من بنت صديقه القاضي وباع إبنهم – وهو من لحمه ودمه – وقدمه قرباناً مجاملة لصديقه، وزوجاً لفتاة كان يعلم مُسبقاً أنها "مزهللة" و"مهسترة" ولولا أنه يعلم حقيقة "خبلها" لكان قد خطبها وزوّجها لواحد من أبنائه غير المتزوجين.

كما لاحقته الاتهامات المعاكسة من أسرة القاضي: بأنه تسبب في إحداث "صدمة نفسية" لبنتهم البريئة وهو يرمي عليهم بابن أخته المتوحش الطبع وغير المسؤول الذي لم يُحسن التعامل والتلاطف مع فتاة رقيقة وتسبب في توتير أعصابها ورفع جرعات الادرينالين في جسدها حتى تأزمت وامتلأت وانفجرت. ولو كان الصديق الخال صارحهم بحقيقة ابن اخته لما استلموا منه مهراً ولا قبلوا به زوجاً. ولولا أن الخال كان على يقين من أن ابن أخته لا يصلح زوجاً صالحاً لكان قد زوّجه بواحدة من بناته "البائرات".

وأصبح صاحبنا كالمنبت لا أرضاً قطعا ولا ظهراً أبقى، وهو الذي سعى لعمل الخير، فكان الجزاء أن نال سخط الطرفين: غضب أهله وأصهاره وأرحامه وأقربائه من جهة، كما فقّد من الجهة الأخرى وإلى الأبد أعز أصدقائه، وتلطخت سمعته بين أصدقائهما المشتركين وعدد من رِفاق وزملاء الخدمة المدنية.

ورطة قريبنا علّمته الحذر، وأصبح يكتفي بالصمت الجميل، ويُلجم لسانه ويقتضب حتى عند رد التحية والسلام.