قال أستاذ اللغة الانجليزية البريطاني، و نحن في ثالثة ( جبرتي) بمدرسة خورطقت الثانوية:- ” لا تخشوا أمريكا و لا غرب أوروبا من أن تأتي لتستعمركم من جديد، بل اخشوا الصين!” كان ذلك عام 1963.. كنت أعتبر ما قاله الأستاذ ( كلام الطير في الباقير) ليس إلا..!
و أنا شاهد الآن على غزو الصين للسودان ببطء يفضي إلى الاحتلال الكامل ( Slowly, but surely) ) و الصين تملأ شاشات التلفزيون و تحلق في أثير الاذاعات هذه الأيام ( المباركات)! و أصبح النظام و أذياله يشكرون الله الذي بعث إليهم بجيش عرمرم من خبراء و مستشارين صينيين كمؤشر لقرب الاحتلال الصيني الحقيقي للسودان و الناس نيام كالعادة.. لقد دوخ نظام ( الانقاذ) رؤوس السودانيين، فأصبحوا لا يفكرون إلا في القوت و ماء الشرب و الدواء.. و يتمنون أن تأتيهم ليالٍ يقضونها بلا بعوض يعكر عليهم لياليهم كما يفعل الذباب في نهارهم… ” قلت للوزير عايز أديكم 10 مليون فدان تزرعوها لي شجر الهشاب.. فقال لي حنشوف!” هذا ما قاله وزير الزراعة الدخيري لقناة الشروق في يوم 23/9/2016 .. و عمامته تكاد تطير من السعادة بتحقيق هدف لا يتجاوزه أي هدف آخر.. كان سعيداً جداً بخيبته التي لم يسبقه عليها سوداني قط.. فقط، تأملوا تضخيم الذات في حديث الدخيري “قلتَ… و تزرعوها لي!”.. و كل جهابذة الخيبة ( الانقاذية) مصابون بداء تضخيم الذات و الشعور بالفوقية و ( يا دنيا ما فيك إلا أنا!).. كلهم هكذا.. كلهم، و بلا استثناء.. لا يستطيع الدخيري عرض 10 مليون فدان على الصينيين دون إذن من ( الراعي) عمر حسن البشير الذي ورث كل أراضي البلد أباً عن جد بعد أن زور شهادات البحث.. و نحن نعلم كل شيئ.. و سنقدم مرافعتنا في محكمة الشعب في يوم من الأيام، أو يتولى تقديمها أبناؤنا، و ربما أحفادنا.. و دعك من المعارضة التي تدور حول نفسها كما دارت في سبتمبر 2013! لا تطمع الصين في تلك الملايين من الأفدنة لكنها تطمع في كل أراضي السودان.. و هي أرخص الأراضى المعروضة للبيع في الأسواق الدولية في الوقت الراهن.. ثم، مقابل ماذا تطوع الدخيري لعرض الأفدنة تلك؟ هل بسبب الديون الصينية المهولة علينا؟ و كم تبلغ خدمات الديون الصينية و الأقساط واجبة الدفع ؟ لا نعلم كم تبلغ و لكنها مبالغ شابت لها رؤوس مستشاري القصر الجمهوري و اقتصاديي وزارة المالية و محاسبي البنك المركزي.. مبالغ لم يستفد منها سوى منتسبي الانفاذ الذين قسموها فيما بينهم.. و ما على عموم السودانيين إلا دفع المستحقات و ممارسة السخرة و خم التراب في الجزيرة و في غير الجزيرة.. هنا تلعب الصين لعبة المقامر المنتصر على المقامر المهزوم.. حيث يضغط المنتصر على المقامر الذي خسر كل نقوده على طاولة القمار و القمار في أشده.. فيعرض الخاسر جزءً من بيته للبيع مقابل مبلغ من المال.. و يواصل اللعب و هو يخسر و يخسر أجزاء أخرى من بيته إلى أن يخسر بيته كله، فيعرض زوجته لزملائه المقامرين.. و يخسر زوجته.. و لو وجد سبيلاً لعرض أولاده للبيع مقابل مواصلة اللعب، و هذا غير وارد حتى على طاولة القمار!! صرح د. عوض الجاز، مساعد الرئيس باللجنة العليا لتطوير العلاقات بين السودان و الصين، أن التعاون الزراعي بين البلدين سوف يرتفع إلى مستوى أعلى!.. و لا نشك في ذلك لكننا نشك في أنها علاقات و اتفاقات فيهما منافع مشتركة لشعبي البلدين.. و نؤكد أن بنود الاتفاق لن يتم الاعلان عن بنودها لا في المجلس التشريعي و لا في مجلس الوزراء كونها ترهن أراضينا للشركات الصينية بشروط مجحفة في حقنا و حقوق الأجيال القادمة .. و سبق أن طالب مزارعو الجزيرة أن تكشف لهم وزار الزراعة عن بنود الاتفاق مع الصين و الخاص باستزراع 450 ألف فدان في الجزيرة.. و وزارة الزراعة ( ضربت طناش).. و لا زال وزير الزراعة الدخيري يوغل في استنباط اتفاقات جديدة ببنود سرية جديدة.. هذا و يقول أخونا د. فيصل عوض حسن:- “…. لقد بدا واضحاً أنَّ الصين شرعت في التهام السُّودان بمُباركة البشير وعصابته، الذين نَالوا منها قروضاً ضخمة وبمُعدَّلات فائدة عالية و(مجهولة) باسم السودان، وأحالوها لمصالحهم الشخصية وقَدَّموا أراضينا وأصولنا العقارية كضماناتٍ لنيلها، وامتنعوا عن سداد الأقساط ولا نقول (عَجَزوا)، لأنَّ ديون السودان أصبحت أرصدةً وأملاكاً خارجية لهم! وسواء عَجَزوا أو امتنعوا، فإنَّ أراضينا وأصولنا العقارية تُواجه خطر الاستلاب من الدائنين وعلى رأسهم الصين، وهو أمرٌ لن يتوقَّف على الجزيرة والشمالية وحدهما. ولقد جاء أوان السداد للصين، وبدأ المُتأسلمون التسليم بتكتيكاتٍ مُختلفة” و نؤكد أن من تلك التكتيكات ما أسموه الزراعة التعاقدية.. و الشراكة الذكية.. و غيرهما.. يقول الباحث/ مصطفى عمر أن ” المشاريع التي مولتها الصين كلياً أو جزئياً بقروض أو منح تبلغ 96 مشروعاً معظمها حلً أجلها و لم تسدد حتًى تاريخه و تتعاظم الفوائد عليها سنويًاً… منها ما هو معروف مثل سد مروي و المشاريع التابعة له من اعادة توطين و خطوط نقل و طرق و كباري……… و تم انشاء بعثة استثماريًة صينية لاستثمارات القطاع الخاص في مجال الزراعة، فهل هذا بمثابة الاستيلاء الفعلي على اراضي بواسطة الدائن بنك التصدير و الاستيراد الصيني و تصرفه فيها كمالك أم ماذا؟ لا أدري، و لكن ما اشرت اليه في بداية المقال يعزز هذا الشك و يجعله يقينناً .. هنالك اتفاق معه في السر على التنازل عن تلك الأراضي كما حدث سابقاً مع القذافي و كما حدث عند تسوية مديونيًة إحدى الشركات الماليزية التي كانت ترهن الفندق الكبير و استولت عليه و باعته بالفعل سداداً لمديونية ( بتروناس) التي باعته لرجل أعمال باكستاني، و باعوا بيت السودان في لندن.. و ها هم الآن يسعون في بيع 800 ألف فدان في مشروع الجزيرة و اراضي غير معلومة المساحة الشماليًة لبنك التصدير و الاستيراد الصيني و البقيًة تأتي..” و قبل أشهر أعلنت الحكومة عن 155 مشروع عمل مشترك بينها و بين الصين بتكلفة عشرة مليارات دولار 90% من قيمتها من حكومة السودان عن طريق التمويل..! فمن أين للحكومة بمبلغ 10 مليون دولار للمشاركة في التمويل؟.. إن في الأمر بنوداً غاية في السرية سوف تزيد من تورطنا في وحل القروض حتى يتلاشى السودان كله في الوحل النتن.. أيها السودانيون، أراضيكم في خطر.. خطر حقيقي.. و من يعتقد غير ذلك فهو في غيبوبة! [email protected]
العنوان
الكاتب
Date
أراضيكم في خطرخطر حقيقي و من يعتقد غير ذلك فهو في غيبوبة
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة