كان مساءا هادئا والشمس تنحدر نحو المغيب فى تلك البقعة تحت الجبل.. وبعد أن ملآت وعائها بالماء.. جلست فوق احدى الصخور وسرحت بخيالها.. بيد أنها كانت تتلفت احيانا .. وفى عصبية بائنة.. خوفا من أى خطر قادم.. فقد ذهبت صاحباتها وعدن بعد أن افرغن الماء.. ووجدنها على تلك الحال .. فلم تشأ الفتيات أن يزعجنها خاصة وأن قصتها يتناقلها الحى.. وتتناقلها المكوكية بحالها.. ومعها قصص متشابهه.. تلفتت ذات اليمين.. ونظرت الى تلك الصخرة التى وضعت فوق صخرة أخرى بشكل غريب.. يخيل الى المرء أن الصخرة سوف تسقط من مكانها.. لآن الحافة التى تقف عليها.. مستحيل أن تتحمل ذلك الثقل.. ويقال أنه فى زمن الانجليز.. أحضر المستعمر أقوى الرجال فى المدينة وأمرهم بأن يسووا الصخرة حتى لا تقع على رؤوس البشر.. وحينما أنتهوا من مهمتهم مساءا وعادوا الى بيوتهم.. أطمأنوا وأنزاح عنهم الخوف من مصير الاهالى حينما تسقط تلك الصخرة.. ولكن وفى صبيحة اليوم التالى.. وجدوا الصخرة فى مكانها المعهود.. وما زالت حتى يومنا هذا.. ملآت الفتيات أوعيتهن.. ولكن هذه المرة طلبن من كآدى أن ترافقهن لان الظلام قد حل.. خيم الصمت على الشريط النسوى الذى كان يتبع تلك الطرق المعرجة.. وقد لزمن جميعا الصمت التام.. كما لو كانت صلاة وايمانا بقدرة المولى عز وجل فى بسط سلطانه وقدرته على تلك المنطقة من جبال النوبة.. وقد تحول لون السماء خلف تلك الجبال الى الاحمر القانى.. ليزيد من وقار الجبال.. وعظمة الخالق... ورهبة الموقف..
04-11-2016, 11:58 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
وأصلت الفتيات سيرهن وسط الحى.. وقد بدأـتالكلاب تأخذ مواقعها للحراسة الليلية.. وبدأت دوامها بالفتيات حاملات الماء.. غطت رائحة الطعام الجو.. فقد كانت المدينة تعد طعام العشاء.. فأختلطت روائح الفراخ بالسمك بالملوخية بالبامية .. والفتيات فى مشوارهن الابدى ذاك.. كن يتناقصن واحدة أثر الآخرى.. فما أن تصل أحداهن الى بيتها حتى تودعهن وتختفى... فيما تواصل بقية الفتيات.. سبعة من الجنود بكامل هيئتهم يحملون سلاحهم ويتوجهون الى الجبل.. لاستلام وردية السهرة فوق تلك الصخرة.. أخيرا وصلت كادى.. ساعدتها والدتها فى انزال الماء.. ولكنها لم تجرؤ أن تسأل ابنتها عن سبب التأخير.. فهى تعرف ماذا تفعل ابنتها حينما تذهب لاحضار الماء.. طلبت منها أن تغتسل وتغير ملابسها استعدادا للعشاء.. دخلت كادى الى غرفتها المتواضعة.. وبدلا من أن تفعل كما أمرت والدتها.. أنتصبت فى قلب الغرفة.. وأطلقت زغرودة أرتعدت معها فرائص الام التى هرعت الى الغرفة.. يا مجنونة..أتى دايرة تجيبى لينا الحكومة ؟ وبدأ الجيران يتوافدون على المنزل ولكن سرعان ما يعودون حينما يعرفون أنها كآدى..
04-12-2016, 08:47 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
أخيرا اسدل الليل رداءه الاسود الحالك على المدينة .. و تراجعت اصوات الناس والسيارت والاحياء عموما.. لتفسح المجال لهدوء من نوع غريب.. هدوء تستطيع أن تسمع معه أنفاسك.. وأستعدت المدينة لليل اخر.. لا يدرون شكله أو كنهه. أو كيف سيقضونه.. فلكل يوم طعمه الخاص منذ بداية الحرب ..
وبعد العاشرة مساء.. سمع الناس اصوات طلقات نارية من ناحية الجبل.. حيث توجد نقاط مختلفة على امتداد الجبال التى تحيط بمدينة كادقلى.. ولكن الطلقات جاءت من ناحية المكوكية.. فبدأت الكلاب وظيفتها... فى النباح وتبادل النباح.. تدريجيا أختفى صوت الكلاب الذى غطته أصوات الرصاص... فقد بدأ يتكّثف.. وبدأت الموبايلات تستفسر عن الدافع لهذا الرصاص.. لآن لكل قصف أو رصاص تفسير لديهم.. ولكن دون جدى.. أستمر الآمر بشكل متقطع حتى الخامسة صباحا.. حينئذ بدأت جدران المنازل تهتز كما لو مسها الجان.. وبدأت الاسقف تهتز كذلك.. وتدريجيا.. تحول المشهد كله الى زلازال اثنى عشر ريختار.. فقد كان الضرب المكثف الذى بدأ فى الخامسة صباحا.. للقوات المسلحة.. وقد كانت تضرب النار بكثافة من ناحية المكوكية.. و لكن بأتجاه الجبل.. لآنها كشفت عن تحرك للحركة الشعبية يسيرون بأتجاه حى ك..ل..ب..ا.. (بضم الكاف) ثم مرتا..(بضم الميم).. ثم تواصل الضرب فى ذلك الحى.. وحتى العاشرة صباحا.. استطاعت كادقلى أن تلتقط انفاسها.. وتخرج الى بعض شأنها.. وبدأ التلاميذ يتدفقون على المدارس... وفتحت الاسواق... وبدأت الحياة تدب فى المدينة...
04-12-2016, 10:31 PM
Muna Khugali Muna Khugali
تاريخ التسجيل: 11-27-2004
مجموع المشاركات: 22503
تتشابه تفاصيل حياة الناس في الحروب حتي وان تأرجحت قليلا أحداثها بين حرب وهدنه.. وتتشابه أكثر معاناة النساء..بين خوف وغضب ورجاء وحيره وعجز عن فهم أسباب إستمرارها.. وذلك الحزن المتجدد علي أرواح حصدتها الحروب وبيوت إنهارت صخور ربما كانت صامده منذ وجود الإنجليز أو حتي منذ الأزل مازال يذبح قلوبهن أكثر دون يوقفها تماما عن الخفقان .يتركها تنزف دون علاج أو توقف...
............ ............
نأمل أن يسود السلام ويرتاح الجميع من الحروب..
04-12-2016, 11:05 PM
الامين موسى البشاري الامين موسى البشاري
تاريخ التسجيل: 08-09-2009
مجموع المشاركات: 15391
تسارعت وتيرة الحياة فى تلك المدينة خرافية الملامح والتاريخ والصمود وتحمل الصعاب... فبدأ الناس يهرولون فى كل الاتجاهات لقضاء حوائجهم اليومية.. وسريعا جدا أمتلآ السوق بالتجار والباعة المتجولين وغير المتجولين والمواطنين.. هناك من ذهب الى السوق ليطمئن على بعض أهله أو اصدقائة ممن تعذر الوصول اليهم.. والكل يسرع فى خطاه حتى يعود الى بيته قبل أن يبدأ القصف أو تسقط الدانة..
سوق كادقلى هو قلب المدينة... وفيه يجد الشخص ما لا يمكن أن يجده فى سوق فى أحد المدن الطرفية فى السودان.. أو كما يقول المثل السودانى (المعدوم فى سوق الخرطوم).. أستمرت الحياة بايقاعها السريع حتى أن الناس نسيت موضوع الحرب لبعض الوقت.. ولكن من النساء التى كانت تبيع الخضار.. وتجلس فى البمبر وأمامها خضارها... كان بصرها يتجول فى بقعة معينة من السوق (البّرا) كما يسمونه.. فهو السوق الشعبى.. ولكن السوق العتيق موضوع اخر.. وهى تفعل ذلك كل يوم.. وتتسمر عينيها فى ذاك المكان حتى ينبهها أحد الزبائن.. وهى فى تلك الحالة.. ظهرت سيارة نساف كبيرة.. تحمل فى الخلف عمال بملابس زرقاء.. وبايديهم معاول للحفر.. و قد غطى التراب كل اجسامهم.. وأحمرت وجوههم.. وبدا أنهم لم يذوقوا طعم النوم فى الليلة السابقة.. سقط قلبها.. فبالرغم من أنها تنتظر هذا المشهد كلما جاءت الى السوق.. ألا انها حين تراه يسقط قلبها من بين ضلوعها.. وتتدافع الدموع الى عينيها.. لآن المنظر يعنى حفر مقبرة جماعية جديدة..
04-13-2016, 01:44 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
الغريب فى تلك المدينة هو أنها تعيش حياتها بالكامل.. مهما أشتدت الحرب.. وكأنها تسخر من المتحاربين... وتخرج لهم لسانها .. فالمحاكم أيضا تعمل بكامل طاقتها... وأمام المحكمة جلس كتاب العرائض.. وهم يرشفون الشاى ويتبادلون الاخبار والنكان ويحييون المارة.. والنساء تدخل مهرولة.. وتخرج كذلك.. الرجال يدخلون غاضبون.. ويخرجون كذلك.. والمحاكم تعقد جلساتها in all weather conditions وأمام المحكمة فى الطرف الاخر من الشارع تقع مدارس البنين الابتدائية... فتسمعهم ينشدون الاناشيد ويحيون العلم ويركضون فى فترات الراحة.. فيما تسير الحياة فى السوق العتيق الذى لا يبعد من المحكمة.. فجأة.. أهتزت الارض وزلزلت.. و للحظة خيل للمواطنين أنه النداء الآول لقيام الساعة.. حدث هرج ومرج ولم يكن أى شخص يعرف الى اين يتجه.. وفجأة ايضا اجتاح المكان صمت غريب.. ووجوم.. وبدأ الناس يتجهون الى مكان وقوع الدانة.. التى وقعت فى أحد مدارس البنين الابتدائية.. حيث مات اربعة تلاميذ فى الحال.. وحملت أمراتين الى المستشفى فى حالة خطيرة.. و وفاة أحد كتاب العرضحال.. وبدأ الناس يعودون ادراجهم.. وقد نسوا ما خرجوا من أجله.. هذا لان الحركة تضرب مرتين أو عدة مرات.. وهى عادة تستهدف الاماكن المأهولة بالسكان..
04-13-2016, 01:47 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
لا يمكن لكائن من كان ان يتخيل حياة الناس تحت نيران الحروب.. ألا لو عاشها بنفسه.. حتى القلم... يفشل أن يسجل تسجيلا دقيقا كل ما يحدث.. لذلك.. وكما تفضلتى.. لابد للحرب أن تقف..
04-13-2016, 01:52 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
قضت كادقلى بقية يومها.. تدفن قتلاها.. وتداوى جرحاها.. وتعد العدة لليلة المقبلة.. فقد اصبحت الحياة فى كادقلى تقاس بالساعات .. وبالايام.. وأنتهى اليوم بخيره وشره.. وفيما وصل الناس الى بيوتهم ... خلعت كادقلى ثوبها.. لترتاح قليلا من أحداث النهار.. قررت كادى أن تخرج لجلب الماء.. ولكن والدتها منعتها تلك المرة قائلة.. قائلة أن المكوكية أصبحت فى خطر دائم.. وأن الرصاص يأتيها من كل صوب.. وأن الحكومة والحركة تقومان بتصفية حسابهما فى تلك المكوكية.. وأن البئر التى يجلبون منها الماء.. يبدو أنه قد تلوث ببقايا الرصاص.. المهم فقد سردت والدة كادى جملة اسباب لتقنع ابنتها بعدم الخروج من المنزل.. ولكنها لم تستطع أن تقول لها السبب الاساسى.. فاتجهت كادى الى غرفتها.. و شغلت نفسها بأمر ما...
04-13-2016, 08:11 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
فى الطرف الاخر من المدينة.. وفى مكان لا يكاد يخطر على بال.. منزل قديم ومهترئ.. يقع وسط أحد الاحياء الراقية فى كادقلى.. ولكن أحدا لم يفكر فى هوية ذاك المنزل.. وقد أعتقدت المدينة أن أهله ينوون بنائه.. لآن تلك اصبحت سمة بعض المنازل فى كادقلى.. ممن غادرها أهلها منذ بداية الحرب الاهلية.. ويتوقع الناس عودتهم لاعادة بنائه والعيش فيه... ولكن أحدا لم يعد.. ولم يلحظ كائنا من كان أن هناك باب ضيق فى الشارع الخلفى.. تدخل منه عربات مغطاه باغطية سميكة.. وتخرج تلك العربات... ثم تعود.. ولم يفكر الناس فى الامر.. خاصة وأن كادقلى لديها ما يشغلها.. ففى ذاك المنزل القديم.. بعض الغرف التى بنيت على الطراز الانجليزى القديم.. فقد كان مملوكا لعائلة من التجار الاثرياء فى المدينة.. وبه الممرات والصالات.. وفى أحد الغرف جلس ضابط بملابس مدنية.. تعلو وجهه ابتسامة ساخرة على الدوام.. و تكاد الغرفة أن تخلو من أى اثاث... سوى بعض الكراسى الوثيرة.. أحضرت تلك المرأة وهى مغطاة بالكامل.. و لم تكن تدرى اين هى.. وحينما نزع الغطاء عن وجهها.. استغرقت بضع دقائق.. لتتكيف على اضاءة الغرفة.. أمرأة فى منتصف العمر.. يبدو عليها الوقار والاستسلام التام لما جلبت من أجله.. وقفت وهى مرفوعة الرأس ولكنها مهمومة.. فسألها الضابط بعد أن رسم تلك الابتسامة الساخرة على شفتيه.. وهو يرمق المرأة من قمة رأسها الى أخمص قديمها فى احتقار واضح.. اسمك وسنك وعنوانك ؟ المهنة ؟ مدرسة ابتدائى.. عاملة نفسك ثورية وبتتعاملى مع الانانيا ؟ صمتت.. جاوبى على كل الاسئلة فلا وقت لدينا لنضيعه مع أمثالك.. لم اتعامل مع الانانيا سعادتك.. وما معنى المكالمة التى سجلناها لكى مع أحدهم ؟ أنه أبنى سعادتك.. وهل ربيتيه على التطاول على اسياده ؟ لا يا سعادتك لم أ فعل ذلك.. عسكرى ؟ حضر العسكرى الذى كان يقف خلف المرأة على أهبة الاستعداد لتنفيذ أوامر ضابط الامن.. ودوها خلوها تعترف.. ما عندنا ليها وكت.. و ّدخلوا العجوز ما البيعرف يحترم نفسه دا..
أقتيدت المرأة الى غرفة مجاورة.. تشبه فى اثاثها ورشة لبعض الحدادين.. وقف فى منتصف تلك الغرفة.. اثنان من الشباب.. طوال غلاظ يتطاير من وجوههم الشرر.. طلبا من المرأة أن تخلع ثوبها.. وحينما لم تفعل ذلك.. جذب احدهم الثوب فى حركة واحدة والقى به فى الارض.. ثم طلبوا منها ان تخلع فستانها.. فلم تفعل, بل بدأت ترتجف بشكل واضح.. قام الاثنان بتمزيق الفستان بالقوة والقيا به فى كرسى فى منتصف الغرفة.. ثم بدأءا فى رش مسحوق ابيض على جسدها.. بعد بضعة دقائق.. بدأت المرأة تهتز كما الجان.. وتضغط بظهرها على حافة الكرسى فى حركة هستيرية.. كل ذلك ويديها مقيدتان.. وبقيت على تلك الحالة حتى اغمى عليها.. ثم جاءا بسائل اخر ورشوه على جميع جسمها.. فقفزت فى حركة جنونية لا ارادية.. ثم أوقفوها فى منتصف الغرفة.. وبداءا يتناوبان عليها الضرب بسيطان العنج.. حتى اذا سقطت على الارض مغشى عليها .. اعادوها الى وعيها و بداءا فى ضربها من جديد.. أستمر المشهد حتى الساعات الاولى من الصباح.. حيث اصبحت قاب قوسين أو أدنى من الموت.. نادى أحدهم على السائق الذى كان يجلس بالقرب من الباب.. ويستمع الى صرخات المرأة وهو يأكل الساندوتش احيانا.. ويشرب العصير أو الشاى احيانا أخرى.. حملوها كما يحملون جوالا من الاسمنت.. فالقوا بها فى قارعة الطريق.. وعادوا...
04-13-2016, 08:28 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
فى تلك اليلة غطى الظلام الدامس المدينة.. وبدا كما لو أن المدينة سوف تنعم ببعض الهدوء.. لآن الناس لم تسمع كثيرا من الرصاص أو القنابل او طائرات الانتينوف التى تشق صمت المدينة.. فيطير النوم من عيون الجميع.. الشاهد أن الحرب قد حولت ليالى كادقلى الى جحيم لا يطاق.. ثم يتواصل الجحيم اناء النهار.. وسط ذلك الهدوء المفتعل... لم تكن كادقلى تدرى أن هناك غرف وبيوت يتم فيها التعذيب على احدث الطرق... وادوات تعذيب يتم جلبها من الخرطوم.. ويتم نقل الجثث ويلقى بها فى ارصفة الشوارع كما الكلاب.. ففى سجن كادقلى للرجال... كان الانين يصدر من عدة جهات.. وهناك من يصرخ بأعلى صوته نتيجة التعذيب... وهناك من ينتحب فى صمت.. ففى سجن الرجال فى كادقلى.. تتم ابشع وسائل التعذيب.. اقلها الضرب والربط من خلاف.. حتى اذا قضوا الليل على تلك الحالة.. فى الصباح يتم نوع اخر من التعذيب.. ففى تلك الغرفة المكتظة فى السجن.. توفى عدد من الرجال جراء التعذيب فى تلك الليلة.. ولكن الادارة لا تزيل الموتى حتى تبدأ الجثث فى التحلل.. ثم يحملونهم فى درداقات... قائلين لبقية المساجين.. أن هذا مصيركم... قررنا أن تروه قبل الموت.. كان خميس فى الاربعين من عمره.. وان لم يبد عليه أى اهتمام بالسياسة.. ألا ان رجال الآمن قد عثروا على بطاقة الحركة الشعبية فى جيبه. أثناء الغرة على منزله... فأحضروه وبدأوا فى ضربه.. وحينما لم يهّده الضرب... بدأوا فى خلع اظافره.. وحينما لم يروا منه انكسارا.. ربطوه من خلاف.. وحينما لم يبك.. صبوا الملح على جروحه.. كل ذلك وخميس يتلوى فقط دون أن ينطق بكلمة أو تخرج منه آهة.. وحينما طلب الماء.. اتوا له بزجاجة مياه معدنية فارغة.. وطلبوا منه التبول فى تلك الزجاجة كشرط بأن يعطوه الماء... وحينما قام بتنفيذ ذلك..أ جبروه على شرب البول.. فى صباح اليوم التالى.. حينما بدأ اذان الفجر يؤذن.. كان خميس قد اسلم روحه.. وعلى شفتيه ابتسامة مريرة.. قالت كل شئ...
كانت درجة الرطوبة عالية فى تلك الليلة.. و ارتفعت درجة الحرارة على غير العادة.. كما لو كانت تعبيرا عن العنف الذى يحدث فى المدينة.. فما حدث بالرصاص والطائرا ت والقنابل والدانات.. لم يرتق الى ما يحدث للاهالى فى بيوت الاشباح والسجون.. حتى الكلاب لم تكلف نفسها كثيرا من النباح فى تلك الليلة.. وبدأ العرق يتصبب من الناس وهم فى غرفهم.. لآن الناس تقضى لياليها فى الغرف.. بعد أن حرمتها الحرب متعة النوم فى (الحيشان).. ثم أن المراوح لا تزيد الجو الا حرارة.. خاصة الاطفال الذين تجتهد أمهاتهم فى أن يصمتوا دون جدوى.. قضت كادقلى تلك الليلة فى هدوء يشوبه القلق والتوتر والتربص.. كأنها تحس بالتعذيب الذى يحدث لبنيها وبناتها.. حتى اذا خرجت الشمس لتقلى نظرة على المدينة.. بدأ الانتينوف فى الصراخ.. وتحولت السماء الى ساحة قتالية شرسة.. اشرأبت الاعناق لترى أين تذهب الانتينوف.. ولكن بدا الامر كأن الحكومة قد حولت صراعها الى السماء... فبدأت الطائرات تصرخ وتئن.. والناس تحملق فى الجو.. وأستمر الحال لمدة ستة ساعات كاملة.. بدأ الناس بعدها حياتهم الطبيعية.. وبدأوا يستسفرون عن الامر.. فقد أتضح أن هناك خلية للحركة الشعبية شرق مدينة كادقلى.. وكانت فى طريقها الى المدينة من بوابتها الشرقية.. ابادتهم الحكومة.. وعادت.. كأن شيئا لم يكن.. وتركت الناس فى حالة أنتظار.. لرد فعل الحركة الشعبية.. اين ستلقى الدانات ؟ واين ستسقط الصاروخ ؟
04-14-2016, 01:27 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
أقفلت كادقلى ابوابها.. ولجأ الجميع الى اسرتهم.. وكلّ يصلى باسلوبه الخاص.. والبعض بات تحت تأثير الحبوب المهدئة حتى لا يسمع صوت الرصاص.. وبدأ الوجه الاخر للحياة فى المدينة.. أخلدت والدة كآدى الى النوم دون أن تتفقد ابنتها.. فهى قد دأبت على الاطمئنان عليها طوال الليل واثناء النهار.. بعد الانهيار العصبى الذى اصاب ابنتها فى بداية الحرب.... ولكنها من شدة الاعياء غطت فى نوم عميق.. فقد تسللت كادى من غرفتها فى الليل البهيم.. وتوجهت نحو سوق كادقلى.. و هى تردد بشكل عصبى SPLA , وييى.. تدريجيا بدأ صوتها يعلو وخطواتها تتسارع دون أن يعترضها أحد.. فقد خلا الشارع الا من العربات الحكومية التى تطير طيرانا.. حتى وصلت الى الكبرى الذى يفصل حى تقو من وسط المدينة.. حينئذ اشهر حرس الكوبرى سلاحهم وكادوا يردونها قتيلة.. لولا أن أوقفهم أحدهم قائلا: لا يمكن لهذه المرأة ان تذكون طبيعية لتخرج فى هذا الوقت وهى تردد شعار الحركة .. وفوق هذا وذاك فهى لا تلبس ما يسترها.. من المؤكد أنها واحدة من اللائى فقدن عقلهن مع الحرب.. جرها أحدهم من يدها بعنف وأجلسها بعنف كذلك.. قائلا لزملائه.. أحتمال ان تكون هذه تمثيلية و ان ورائها جنود من الحركة.. فحسم أحدهم الموقف قائلا.. نربطها فى هذه الشجرة حتى الصباح ليأتى الاهالى ويتعرفوا عليها.. وفى نفس الوقت نطلب مزيدا من القوة ونكون على اهبة الاستعداد لآى طارئ.. وهذا ما حدث.. صبيحة اليوم التالى.. كانت حكاية كادى قد ملآت المدينة.. وكانت أمها تبكى وتلطم و النسوة يحاولن جاهدات تهدئتها... أما كادى فقد دخلت الى غرفتها و غطت فى نوم عميق..
04-14-2016, 07:54 AM
علي عبدالوهاب عثمان علي عبدالوهاب عثمان
تاريخ التسجيل: 01-17-2013
مجموع المشاركات: 12477
التحية للاستاذة نور .. صور حزينة وتلمس شغاف القلوب .. ما يستاهلوا أهلنا في الجبال .. هذه المعاناة والقسوة نحن في جدة هنا لدينا رابطة نوبة الشمال ونوبة الجبال .. في آخر لقاء اقتراحنا توحيد الاسم ( نوبة السودان ) .. لدينا ليالي تراثية مشتركة .. الرابطة بقيادة الشيخ الوقور حامد دامر وهو الاب الروحي لأخواننا نوبة الشمال .. جزى الله الاغتراب خيراً ان جمعنا بإخوتنا في جبال النوبة .. لقد كنت في أقصى الشمال لا أعرف الكثير عن إخواننا في الوطن .. والمدهش في آخر لقاء كان عرض فيلم عن إختيار ملكة جمال النوبة .. فهم رغم المعاناة يعيشون افراحهم وجمال دواخلهم ..
مودتي الاستاذة نور ..
04-14-2016, 08:54 AM
عفاف أبو حريرة عفاف أبو حريرة
تاريخ التسجيل: 12-28-2006
مجموع المشاركات: 1818
أصل المشكلة فى السودان هى أنه متنكر لآصله.. لذلك يلف ويدور فى هذه الحلقة المفرغة من العنف.. أملنا فى أن يكون السودانيين جميعا.. سودانيين فى الحقوق و الواجبات.. حينئذ سوف ينتهى العنف وبشكل تلقائى..
تشكر على الدخول..
04-14-2016, 01:38 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
اضعف الايمان هذه كتيرة.. وما ساهلة.. فلا تقللى من قيمة حضورك البهى.. ولولا متابعة الشرفاء أمثالك.. لما استطعنا أن نكتب ونواصل.. فقط صدقينى لا استطيع أن ارسم الواقع بدقة.. فهذا مجرد أجتهاد.. والذين يدقون طبول الحرب من أمام كيبورداتهم.. شركاء فى الجريمة.. لآنهم يروجون للقتل والعنف والموت..
زارتنا البركة.. نعول عليك كقارئة مستدامة..
04-14-2016, 01:58 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
مضى اليوم على غير عادته منذ بداية الحرب.. فقد أبطأ الخطى.. ومشى متثاقلا حزينا.. يئن من كثرة الجروح والشروخ وفقد الاحباب.. فقد أنحنى ظهره.. فاعوّج الظل أمام الاشجار.. و غطى الجميع وجوم و حيرة.. وأختفت الضحكات والمرح الذى يميز أهالى كادقلى.. وحتى ستات الشاى.. اللائى يضفن على الجو العام نوعا من الحميمية والمودة.. وضعن أكفهن على خدودهن.. وسرحن مع حركة الظل المعوج.. يتابعن أحداث الولاية الغريبة عجيبة.. ويتساءلن عن سبب هذا السخط ألالهى الذى حول الولاية الى جحيم لا يطاق.. بعد أن كانت جنة الله فى ارضه.. مّرت سيارة الوالى.. بحرسها وهيلمانها وتمامها وكمالها.. وأختفت بنفس السرعة التى ظهرت بها.. أحد الشباب الذين فقدوا عقولهم مع الاحداث.. يضحك باستمرار ويلتقط الحجارة من الارض.. ثم يضعها مكانها دون أن يضرب احدا.. أطفال الحروب الذين يجوبون سوق كادقلى.. يحملون صناديق تلميع الاحذية.. ويجلسون تحت ظل اشهر نيمة فى سوق كادقلى مقابل الافران.. ينتظرون الزبائن.. ولا ينسون ايضا أنهم أطفال.. فيضحكون ويقيظون بعضهم البعض.. واليوم يمضى بتلك الرتابة والملل حتى وقعت الواقعة.. بوووووم.. صارخ فى قلب السوق (البرا) .. و السوق البرا مأهول بالناس.. وتوجد محطة للمواصلات للجانب الشرقى من المدينة.. وتوجد سلال الفراخ و نبات الظل معدة للبيع.. ويوجد سوق للسمك الطازج الذى يأتى من بحيرة كيلك يوميا وفى تلك الظروف الحرجة.. ثم السمك الجاف.. يوجد كل شئ. وتوجد الطواحين.. وهى تطحن الغلال.. وكل ما يمكن طحنه.. يوجد سوق الخضار وسوق الغلال.. وسوق الملابس الراقية.. وسوق الملابس المستعملة.. وسوق فى حد ذاته يشبه أى مدينة فى أى مكان فى العالم الثالث.. وتوجد دكاكين الملابس الفاخرة والاحذية التى يديرها تجار من دارفور.. ويوجد سوق الموبايلات والعطور والشعر المستعار.. وسوق الشطة والملح والبهارات.. كل ذلك أختلط مع بعضه البعض.. وتطاير كل شئ فى الهواء.. بدءا بالمواطنين.. فقد وقعت الواقعة.. وأنفرط عقد السوق.. وبدأت الهرولة فى كل الاتجاهات.. فقد نفذت الحركة الشعبية تلك العملية.. فى عصر ذاك اليوم.. أنتقاما من الحكومة.. وبدأت المدينة تسرع الخطى نحو دورها.. استعدادا لآنتقام الحكومة...
04-14-2016, 02:19 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
على عكس الهرج والمرج الذى حدث فى السوق البرا... فقد كانت مكوكية المك رحال فى منتهى الهدوء.. وهو أمرغير عادى منذ أن بدأت الحرب الآهلية.. فالمكوكية تقع اسفل الجبل مباشرة.. ومن فوقها تلك الصخرة التى ذكرنا أن الانجليز حاولوا تعديلها.. فعادت الى مكانها صباح اليوم التالى.. توجد مقابر الاسرة المالكة خلف قاعة جلسات المكوكية.... ويوجد بئر بآسا الذى ترتاده كادى وصويحباتها غير بعيد من قاعة محكمة المكوكية.... وتوجد سلسلة من المنازل فارغة ولا يوجد بها أحد.. و فى ذاك المساء.. عم الهدوء مقر المكوكية .. فقد توقفت حركة الناس تماما.. و بدا أن المكوكية خالية مثل البيوت التى نقرأ عنها فى كتب الاطفال.. حيث يأخذ المرء شكل الحركة التى كان عليها حينما لمسه السحر.. جهاز راديو صغير كان يصدر اصواتا مشروخة ولا يكاد يسمعه غير صاحبه.. وهنا أيضا وقفت اشجار المهوقنى شامخة كعادتها.. هذه الاشجار لا يقهرها أحد.. فقد وقفت شامخة كالطود.. عالية.. تهتز فروعها فى فرح وسعادة...ف فيما وقفت جذوعها ثابتة لا تتحرك.. هذه الاشجار يخيل الى الرائى أنها تتحدى الحرب.. وتتحدى الموت.. وتتحدى الحكومة.. وتتحدى الحركة.. وتشعر بالاسف لحال ابناء تلك المدينة.. وأهل المكوكية.. واصلت اشجار المهوقنى ميلانها وطربها الملوكى.. وهى تتابع ميلان اغصانها بعد أن أختفت ظلالها وذابت مع سواد الليل.. والسؤال.. اين اختفت الكلاب ؟ ولماذا نفذت ذاك الاضراب العام دون أن تنبح نبحة واحدة ؟ مع من تتآمر الكلاب ؟ والمهوقنى يتمايل.. والصخرة العجيبة هى التى تقوم بدور الحراسة فى ذاك المساء بدلا من الكلاب.. والراديو يصدر تلك الحشرجة فى أذن صاحبه.. وصاحبه لا يستطيع النوم.. والرجال الذين يحيطون بغرفته ايضا لا ينامون.. وكل عتاد الحكومة وسلاحها خارج المكوكية على أهبة الاستعداد.. من السلاح ما هو موجه الى الجبل حيث يأتى الانانيا من خلف الجبل.. ومنها ما هو موجه فى كل الاتجاهات.. والمهوقنى يتمايل فى خيلاء... وتلك النقطة الفارقة فى الزمن.. فى تلك البقعة من الكرة الارضية.. حبلى بأحداث الماضى والحاضر والمستقبل.. وهى تستعد للميلاد..
فى المدخل الغربى للمدينة.. بأتجاه ميرى بّرا وميرى جوة.. كان الوضع شديد الاختلاف.. ففى مدخل المدينة الغربى كان النوبة والبقارة وقبائل الامبررو يسكنون.. والنوبة فى ذاك الجزء من المدينة قد نزح معظمهم من مختلف قرى الجبال وبطونها خوفا من البطش.. فمنحتهم الحركة أراضى مملوكة للغير.. ممن فر من المدينة ولم يعد.. نشطت الحياة فى ذاك الجزء من المدينة بشكل غريب.. فمن هنا يتم العبور للكحليات و حتى قرية كيلك حيث البحيرة الصناعية لجلب السمك الطازج للمدينة.. هنا أيضا ما يزال الناس يزرعون.. فتسمع غنائهم الجماعى من خلف الاشجار والحشائش.. ولكن نوبة الجبال اختفوا بين عشية وضحاها.. قبل بدء الحرب بيوم.. فهم قد منحوا اصواتهم الانتخابية للحركة الشعبية التى وزعت لهم السكن.. وأختفوا مع الحركة الشعبية.. الامبررو ايضا أختفوا.. والبقارة الرعاة غادروا تلك المنطقة خوفا من بطش الحركة حتى قبل بدء الحرب.. لآن الحركة أتخذت لها معسكرا فى المدخل الغربى للمدينة.. ولم يكن من السهل الاختلاط بها ! فكان لا بد من الرحيل وترك المنطقة خاوية على عروشها.. و فى اليوم الآول للحرب الاهلية الثانية.. كانت الحركة قد أختطفت بعض العائلات وبعض الفتيات.. ممن لم يكن مواليا للحركة.. وبالنتالى لم يخبروه ببداية الحرب.. حتى يتخذ تدابيره اللازمة.. المهم فى الامر أن الحركة أختطفت بعض النساء من مختلف الاعمار,.. وصعدت بهم الجبل.. و بنت لها معسكرا فى الجزء الغربى داخل جبال ميرى المعرجة وذات ال(الجخانين) العميقة.. وبدأت تغازل كادقلى من ذاك المدخل...
04-19-2016, 00:36 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
تسربت مجموعة من قوات الحركة الشعبية الى كادقلى من بوابتها الغربية.. وذابوا فى المدينة.. ولم يستطع كائنا من كان تحديد وجهتهم أو مخابئهم.. فأصاب كادقلى الهياج.. جهز أمن الدولة.. جهاز الامن العام.. وجهاز أمن المجتمع.. وجهاز الاستخبارات.. وجهاز وحدة القبائل.. الشرطة.. الشرطة الشعبية.. وسلسلة من جهاز الامن والاستخبارات لا أول لها ولا اخر.. كلهم أنتشروا فى المدينة كما النمل فى يوم شديد الحرارة.. وبدأوا فى الاعتقالات زرافاتا ووحدانا.. يعتقلون كل من يقع تحت أيديهم.. وكثير من البلاغات كيدية والقصد منها هو التصفية ليس ألا.. تحكم الشك فى الجميع.. ولم يعد الشخص يعرف فى من يثق .. أو لا يثق.. فى هذه الاجواء.. ظهرت حالة جديدة من الهروب من المينة... والى أى جهة كانت تقيهم شر الآمن.. لآن الامن فى مناطق العلميات.. بل وفى كادقلى بالذات.. كما يقولون عادة لمن يقع فريسة فى ايديهم.. نحن نحى ونميت.. أو فليأت ربك لينقذك منا.. وهكذا.. فاللحرب مليون وجه قبيح.. ووجه أكثر قبحا.. وسلسلة من المقابر الجماعية فى طول كادقلى وعرضها..
04-19-2016, 00:53 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
غادرت الشمس وهى فى حالة من الوجوم والحيرة.. كيف يمكن أن تتبدل حياة الناس فى غياب القانون ؟ كيف يعيش المرء وهو لا يدرى أى رصاصة أو أى قنبلة أو أى دانة يمكن أن تقع فى رأسه فتفصلها عن الجسد ؟ كيف يأكل الناس ويتسامرون ويتناسلون فى ظل الحروب ؟ وأى نوع من البشر مجتمع كادقلى الذى يجمع كل تناقضات الدنيا ثم يجعل منها نكتة كبيرة.. ويسخر من الحرب والمتحاربين..
كان ليلا غائظ الحرارة.. والهدوء الذى يسبق العاصفة يجعل الاعصاب ترتوى قلقا .. فقد أصبح الهدوء المطبق مهدد خطر فى كادقلى.. ذكرنا أن حتى الكلاب دخلت فى عصيان مدنى فى تلك الامسية.. ولم يعرف احد ماهى مطالبها.. الراديو الصغير ما يزال يصدر حشرجة تخرج من صوت المذيع.. لآن الراذديو القديم المهترئ قد قرر ذلك.. وتدريجيا اسلم المك روحه لنوم هادئ لم يدم طويلا.. فيما بقى الحرس يتلفتون يمنة ويسرة... ويحتسون الشاى والقهوة ليمنع عنهم النوم..
بدأت الراصاصة الاولى.. وقد أتى صوتها بأتجاه جبل تقو.. وهذا الجبل هو الذى تتسلل منه قوات الحركة.. وهذا الجبل هو الذى يطلق قوات الحركة النار بأتجاهه.. ثم تبعتها عدة طلقات.. ثم تكثف الرصاص.. وقد وضح أن القوة المرابضة بالجبل هى التى كانت تتصدى لهم..
ثم افلت زمام الآمر تماما.. حينما بدأت المدفعية الثقيلة والتى أتخذت من المكوكية مقرا لها.. فقد كانت القوات المسلحة هى صاحبة الموقف.. تسلمت زمام الآمر.. اذ بدا أن مجموعة قوات الحركة التى تسربت الى الجبل فى تلك الامسية لم تكن قليلة العدد.. وفجأة تحول السكون الى واحدة من بوابات جهنم.. والظلام الى اضاءة مبهرة لتكشف الجبل.. والمواطنين خرجوا فى تلك الليلة بحثا عن مأوى.. وهذا حالهم منذ بداية الحرب.. فهم يخرجون الى الشوارع مع كل غارة ويتكدسون تحت الاشجار او فى المساجد.. ويبدو أن تجمعهم يمنحهم بعض الامان.. فقد خرجوا عن بكرة ابيهم وتركوا منازلهم تهتز كما الجان..
أستمر ألامر حتى السادسة صباحا.. حيث بدأ الاهالى يدخلون الى بيوتهم.. استعدادا لاستقبال اليوم الجديد..
04-19-2016, 01:31 AM
بثينة تروس بثينة تروس
تاريخ التسجيل: 08-17-2012
مجموع المشاركات: 696
شكرًا الاستاذة نور تاور علي هذا التوصيف الحي الموجع! قرأت كل المكتوب بنفس واحد وبنفس حزينة!! قيل ان الاستاذ محمود محمد طه في فترة حرب الجنوب كان يستمع للأخبار والتي ورد فيها انه قد استشهد من القوات المسلحة عدد! ومن الجنوبين عدد! وقيل انه عقب علي قول الأخبار فيما معناهو هذا يعني لقد مات عدد( جمع العدد الكلي من الجهتين ) من السودانيين.. ربنا يلطف بالسودانيين في اي بقعة من ارضه ، و علي الدوام ضحايا الحرب للأسف من النساء والأطفال والشيوخ.. وقرب اوان اقتلاع حكومة الاخوان المسلمين من ارض الطيبين المساكين ومتابعين
04-19-2016, 07:18 AM
عفاف أبو حريرة عفاف أبو حريرة
تاريخ التسجيل: 12-28-2006
مجموع المشاركات: 1818
Quote: غادرت الشمس وهى فى حالة من الوجوم والحيرة.. كيف يمكن أن تتبدل حياة الناس فى غياب القانون ؟ كيف يعيش المرء وهو لا يدرى أى رصاصة أو أى قنبلة أو أى دانة يمكن أن تقع فى رأسه فتفصلها عن الجسد ؟ كيف يأكل الناس ويتسامرون ويتناسلون فى ظل الحروب ؟ وأى نوع من البشر مجتمع كادقلى الذى يجمع كل تناقضات الدنيا ثم يجعل منها نكتة كبيرة.. ويسخر من الحرب والمتحاربين..
ده وصف لكل الوجع الممكن يكون موجود في الوجود ما اظن في وجع اكتر منه الله في
04-19-2016, 11:26 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
قيل ان الاستاذ محمود محمد طه في فترة حرب الجنوب كان يستمع للأخبار والتي ورد فيها انه قد استشهد من القوات المسلحة عدد! ومن الجنوبين عدد! وقيل انه عقب علي قول الأخبار فيما معناهو هذا يعني لقد مات عدد( جمع العدد الكلي من الجهتين ) من السودانيين.. ....
لو أن المتحاربين فى السودان تناولوا الآمر من منطلق الشهيد محمود محمد طه.. لما قامت الحرب أصلا.. ولكن عمى البصر والبصيرة.. قد عطى عيون السودانيين..
كونى بخير...
04-19-2016, 11:37 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
ده وصف لكل الوجع الممكن يكون موجود في الوجود ما اظن في وجع اكتر منه الله في ....
فعلا مجتمع كادقلى محّير.. فبرغم المعاناة اليومية فى دفتر الحرب.. والحال الذى لا يشبه أى حال.. ترينهم يبتسمون ويضحكون ويتزوجون ويذهبون الى المدارس.. وأن أنسى لا أنسى صوت تلميذات المدرسة الابتدائية بجوار منزلنا وهن يرددن نشيد العلم فى طابور الصباح.. فيما يلعلع الرصا ص بأعلى صوت.. هذه فعلا خرافية الفعل.. وجنون العبقرية..
نحن جند الله .. جند الوطن.. أن دعا داعى الفدا.. لم نهن.. نتحدى الموت .. عند المحن.. نشترى المجد... بأغلى ثمن.. هذه الارض لنا.. فاليعش سوداننا .. عالما بين الآمم.. يا بنى السودان.. هذا رمزكم.. يحمل العبء.. ويحمى أرضكم..
فكم عدد السنين الضوئية بيننا نحن أهل السودان.. وبين نشيد العلم ؟!
04-19-2016, 11:59 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
انتصبت اشجار المهوقنى فى المكوكية كعادتها.. مرفوعة الرأس.. شديدة الكبرياء.. رشيقة.. توزع الهواء البارد ذات اليمين وذات الشمال.. وقد بدأ الظل يزحف تحت رجليها كما الوليد الذى يعشقه ابواه حد الموت.. بأختصار لم يكن هناك أى اثر للحرب فى قاموس المهوقنى.. خرج المك كادقلى من تحت احدى الحافلات العسكرية الضخمة التى نصبت أمام المكوكية.. بعد أن اتكأ عليها طوال ليلة الامس .. أغتسل وبدل ملابسه على عجل ثم توجه صوب المدينة.. فيما وصلت دورية من الجنود لتحل محل وردية الليل.. وفيما هو فى طريقه الى المدينة.. لمح كآدى تسير بخطوات مسرعة.. حتى أنها كانت تركض أحيانا.. وهى تحمل وعاء الماء فوق راسها.. ورغم علمه بحالتها الصحية التى تأثرت بالحرب.. ألا أنه لم يرها فى تلك الحالة من قبل.. فقد كانت دائما شديد ة الاناقة.. خاصة وهى ذاهبة الى مكتبها فى المجلس البلدى.. وحينما اقتربت منه أوقفها وسألها بعد السلام والتحايا.. ولكنها لم تقف تأدبا واحتراما كما يفعل المواطنون فى حضرة المك.. ولكنها استمرت نحو بئر بآسا قائلة.. توجد رسالة فى أسفل البئر قد القى بها زوجها قبل ان يصعد الجبل.. وانه قد زارها فى الحلم ليلة الآمس... وابلغها بمكانها .. وطلب منها أن تخرجها لآن فيها مفاجأة.. تمتم المك قائلا: لا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم.. اللهم ارحم عبيدك.. ثم امر احد حراسه بأن يرافقها وينتظر حتى تعود أدراجها خوفا من ايذاء نفسها..
04-20-2016, 02:28 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
البوابة الجنوبية لمدينة كادقلى هى واحدة من بوابات جهنم.. أولا فهى المخرج الى قرى البرام وكاودا وهيبان.. والمسافة بين كادقلى الى البرام خمسة عشر دقائق باالسيارة.. وهى نفس المسافة الى كاودا.. ومن كاودا الى هيبان.. هذه القرى هى معقل الحركة الشعبية فى السابق.. ينتمى معظم أهلها الى الحركة.. الحكومة أقامت عدد من الغارات على قرية البرام.. فدكتها دكا دكا.. ومسحتها من خارطة الولاية.. حيث لا يوجد بها اثر للحياة.. حتى الكلاب والقطط أختفت.. ومن استطاع الفرار فى بداية الحرب.. لم يعد اليها.. عدد المنشأت التى كانت تعمل محدود جدا.. وقد تم نسف القرية بالكامل.. بمن فيها وما فيها.. وبالتالى اختفت من خريطة جبال النوبة..
قرية كاودا استعصت على الحكومة نسبة لتركيبتها الجغرافية.. فهى محاطة بالجبال بشكل محكم.. وتوجد أماكن تنفع كمخابئ.. وبها اشجار شديدة الكثافة... وبالرغم من أن معظم سكانها قد غادروها وتركوها للحركة.. فان الحكومة لم تستطع أختراقها.. وتأتى اهمية كودا بالنسبة للحكومة فى أنها مركز الحركة الشعبية.. وفيها تتم كل الاتصالات بالجنوب.. أما هيبان.. فقد اصابها ضرر بليغ ايضا.. ولكن ما يزال بها بعض الحياة...
الحكومة حينما تترصد الحركة فى القرى والمدن.. فهى تضرب المواطنين العزل.. بتهمة الموالاة للحركة.. والحركة تضرب المواطنين بتهمة الموالاة للحكومة.. وهذا هو واقع أهل جبال النوبة .. فقد وضعهما المتحاربان بين قوسين.. و احكموا اغلاق القوسين..
04-20-2016, 05:02 AM
عبدالرحمن إبراهيم محمد عبدالرحمن إبراهيم محمد
تاريخ التسجيل: 10-02-2009
مجموع المشاركات: 2591
الجمتنى كلماتك وأحارنى وصفك لدواخل النفس حينما يقهرها الوجع الدفين وألم الخوف والترقب. مأساتنا نظل نصفى مستقبل الوطن فى شباب يصرع كل يوم ومن كل جانب. وأبرياء ترديهم دانات اللظى وحمم القصف.
ماذا أقول غير ما قلت من قبل:
ياعـشـيرتى فى الجـبال صـمـتـنـا جـريـمة
قلبى تمزّقَ أشلاءً مبعثرةً من قسوةِ الألم ِ وعقلى تصدَّعَ إذ غُيّبْتُ فى وجعى وفى سقمى يا ويحَ سودانَ عز ٍ تداعى مَهيضاً فاقـدَ القيم ِ فسآءلتُ نفسى هل مازلتُ إنسانا؟ أم جُرّدت من قيمى؟ ففيم صمتى إذاً؟ و عشيرتى تمتْ إبادتُها والكل تبكّمتْ أفواهُهم وظلـّوا على صَمم ِ وفيمَ السُكوتُ وقد لاذ َ الصغارُ بأجحارِ الزواحف ِ وأركانُ الكهوفِ تكرّمتْ على أهلِ ِ الإباءِ والشـمَم ِ يقتاتُون بالديدان ِ وكالكواسرِ بالجـرذان ِ والأعشابِ كالبهم ِ هـُم أهلى أنا وللسـودان ِأسـيادٌ من سالف ِالقدم ِ و بأرضهم إحتمى الثائرُ المهديِّّ إذ كَنفوه فى كرم ِ فمالهم اليومَ فى الوديان ِ حيرى بدائلـُهم خياراتٌ بين الفناء ِ والعدم ِ والأنتنوفُ تهيلُ الموتَ أطنانا ً من الأثقال ِ والحمم ِ وجوفُ السماء ِ تكوّر نيراناً تنداحُ ناشرة ً فيضاً من الرجم ِ زخاتُ الرُصاص ِ وداناتُ اللظى تترى براكيناً من شاهق ِ القمم ِ وإخواتى وأبنائى يُسـاقونَ للموت ِ أوصالاً مقطعة ً ونتفاً من اللحم ِ فها جسـدٌ تكوّمت أطرافُهُ كُتلاً من الأعصاب ِ والعظم ِ وفكُ رضيع بثدى الأم ِ ملتصقٌ ولهاتهُ برزتْ من داخل ِ الفم ِ ومخُ صبى ٍ بالطين ِ مخلوط ٌ وقد حطَّ على الكرُاس ِ والقلم ِ وكعبٌ بالصخور ِ ممزقٌ وأصابعٌ حُزّت من القـدم ِ وها عجزُ عروس ٍ وساقُ عريس ٍ تدلت من أفرع ِ السَلم ِ وإذا سألت كبيرَهم فيم الدمارُ؟ وفيمَ تقتيلُ العباد ِ؟ كَـذَبوا وقالـوا نورُ كتاب ِ الله هاديهم! وهُـم شُـيّاعُ للظُـلـَم ِ تجارٌ للحروب ِ سـماسرةٌ للرشـاوى بيّاعُون للذمـم ِ ونحن بصمتنا هذا حــتـــماً شركاءُ فى الجُرم ِ
الجمتنى كلماتك وأحارنى وصفك لدواخل النفس حينما يقهرها الوجع الدفين وألم الخوف والترقب. ...
والله ان كلماتك لتحمل المرء الى جبال النوبة.. فى نهار شاق غائظ الحرارة.. والانتنوف تلعلع على رؤس البشر.. أحساس وتعبير لا يصدران الى من شخص له القدرة الكاملة.. فى تحويل الواقع الى كلمات.. فنجد ماساتنا امامنا بكل تفاصيلها..
كلمة شكر لا تكفى.. ولكن سوف تكون هذه القصيدة من ادبيات الحرب العبثية بأذن الله..
04-20-2016, 03:12 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
ذكرنا ان البرام قد أختفت من الوجود.. وأن كودة هجرها معظم سكانها.. وأن هيبان لم يبق فيها غير القادرين على البقاء.. وهكذا اختفت المدن و القرى تدريجيا من خارطة جبال النوبة.. جلس هذان الرجلان امام ست الشاى امام مستشفى كادقلى.. يحتسيان الشاى... ويرقبان السماء فى حركة دائمة.. ففى ذلك الموقع امام المستشفى.. يتحصل الناس على اخر الاخبار.. من مات ؟ من قتل ؟ من أختفى ؟ ومن يستثمر فى الحرب ؟ الخ... ولم يلحظا أنهما وبقدرة قادر قد تحولا الى بقايا بشر.. حيث اختفى الشحم واللحم.. واشتعل الرأس شيبا.. والجلابيب تمزقت من الوحدانية والقدم والركض أمام الكوارث... سأل صاحبه.. يا خ انا ما فاهم اى حاجة..كدى فهمنى.. أفهمك شنو ؟ هو فى زول بقى فاهم حاجة ؟ كيف يعنى البرام بى قدرة قادر تبقى مافى ؟ ليه ات ما سمعت الوالى لما قال اكتل امسح اكشح ما تجيبو حى ؟ سمعت لكين للدرجة دى ؟ نعم للدرجة دى..عمليات الحكومة فى الولاية دى بسموها operation no living creature طيب والحركة ؟ سألتنى من الحركة الله لا اكسبهم دنيا وأخرى.. صديقه محتارا..كيف الكلام دا ؟ يا أخ ديل شفت عفاريت جهنم ؟ لا ما شفتهم بس سمعت بيهم.. أها ديل ناس الحركة.. ديل بيضربوا ويلبدوا.. والحكومة تجى تكمل الباقى... كأنه فى تنسيق بيناتهم.. فديل لما يدخلوا قرية.. بيكتلوا طبعا حسب اللون وحسب وظيفتك فى الحكومة... ويشيلوا كل العندك.. وفى الاخر يسحبوا معاهم البنات أو النسوان ويختفوا.. كيف الكلام دا؟ يسوو بيهم شنو ؟ وات قايل البطبخ ويخدم الجنود منو ؟ يا أخ ديل ما اخدوا من الاسلام الا ما ملكت ايمانكم.. والاصعب فى موضوع الحركة أنه الولاية و زى ما شايف.. ما عندها مودة مع الحكومة..ولكن فى ناس بيفتكروا أنو الحركة بتحارب عشان تخلصهم من الحكومة.. تخيلت الناس ديل فى السلطة ؟ نعم تخيلت..شفتهم بعد نيفاشا والله لا يعيدها من ايام..الحرب احسن..خليهم يشبكوا فى بعض كدا لامن رب العالمين يدبر امرنا.. فجأة تسمرت اعناقهما فى السماء.. وقد صما أذانهما.. ولم يسمع كليهما الاخر قائلين.. أها..نشوفك بكرة كان بقينا حيين..
04-20-2016, 03:30 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
كان الرجل قد وضع والدته فى درداقة.. وبدأ يهرول بأتجاه الدلنج فى بداية الهجمة.. فقد كان الجميع يركضون وفى أى اتجاه.. المهم الابتعاد عن موقع الحرب.. ركض الرجل بكل قواه لا يلوى على شئ.. وقد قضى فترة الصبح والظهيرة راكضا.. و عندما بدأ المساء يزحف على قرية الكرقول.. كان الانانيا قد اصطادوه وقتلوه ... و تركوا والدته تتدحرج هى و الدرداقة.. توقفت الدرداقة فى جهة.. و الآم فى جهة أخرى.. فقد أغمى عليها .. وبقيت فى تلك الحال فترة من الزمن لم تستطع تحديدها.. المهم أن الظلام قد حل.. وعم المكان صمت مهيب.. و توقفت حركة الناس والدواب و كل وسائل المواصلات التى تقل البشر.. وحتى الخيط الاول من الفجر.. توقفت سيارة بالقرب منها.. وحركتها.. ثم نادى على اصحابه قائلا.. لسه حية.... فيها روح.. وبعد ان عرفوا قصتها حملوها معهم الى الدلنج.. فقد قتل جنود الحركة ابنها لانه فاقع اللون.. ولم يخطر ببالهم أن الرجل (ألبينو).. وحتى رموشه وشعره شديد البياض... وهو اصلا من الكركراية.. فقد كانت كل جريمته بياض لون بشرته..
04-21-2016, 06:01 PM
عفاف أبو حريرة عفاف أبو حريرة
تاريخ التسجيل: 12-28-2006
مجموع المشاركات: 1818
امنت بالله النظام يقاتل من اجل حماية امن و استقرار المواطن و الحركات تقاتل من اجل امن و استقرار المواطن و الاحزاب تترنح بينهما من اجل امن و سلامة المواطن و حال المواطن كما تقول نور ينزف دما و تٌسلب روحه هو ضحيّة أمنه الذى بيد الحركة و استقراره الذى بيد النظام و حلم مستحيل بيد الاحزاب مصيبة الوطن , فى نظامه وحركاته و احزابه فلنبحث عن فكر جديد يحتوى احلام الاغلبية الصامتة .... التى ارهقها الموت و الخوف و ... الركض امام الكوارث .. كما قالت نور .... آلامها و آمالها فى العيش فى سلام فى وطن السلام
04-21-2016, 10:59 PM
Muna Khugali Muna Khugali
تاريخ التسجيل: 11-27-2004
مجموع المشاركات: 22503
لقد لخص شاعرنا عبدالرحمن ابراهيم محمد القصة الكاملة.. ووضعنا جميعا أمام مسئولياتنا.. وقد كان محقا.. فى اننا اضعف من ان نقف امام الانقاذ.. لننهى هذه المهازل التى تحدث فى السودان..
......
وإذا سألت كبيرَهم فيم الدمارُ؟ وفيمَ تقتيلُ العباد ِ؟ كَـذَبوا وقالـوا نورُ كتاب ِ الله هاديهم! وهُـم شُـيّاعُ للظُـلـَم ِ تجارٌ للحروب ِ سـماسرةٌ للرشـاوى بيّاعُون للذمـم ِ ونحن بصمتنا هذا حــتـــماً شركاءُ فى الجُرم ِ
04-21-2016, 11:27 PM
عبدالعزيز الفاضلابى عبدالعزيز الفاضلابى
تاريخ التسجيل: 07-02-2008
مجموع المشاركات: 8199
(ينزف دما و تٌسلب روحه هو ضحيّة أمنه الذى بيد الحركة و استقراره الذى بيد النظام و حلم مستحيل بيد الاحزاب مصيبة الوطن , فى نظامه وحركاته و احزابه فلنبحث عن فكر جديد يحتوى احلام الاغلبية الصامتة)... ...
هذه باختصار كل الحكاية التى استغرق فى تفاصيلها دون جدوى.. فأنت تلاحظ وقوع الشعب بين المتحاربين.. وكل يدعى أنه أحق من الاخر.. فالحكومه فى حمايتها للمواطنين من الحركة.. تبيد القرى بمن فيها.. وتمسحهها من الوجود.. والحركة فى حربها من أجل العدالة والمساواة تقتل الناس على اسا س العرق.. وتنهب وتقتل مواطنين ابرياء.... وتختطف النساء.. وتسخر الاطفال فى حمل السلاح.. وهى تعيث فى الارض فسادا..
خلاصة الامر.. المستقبل ليس للانقاذ.. وليس للحركة الشعبية ولا الحركات المسلحة.. وليس للاحزاب التى هى سمن على عسل مع الانقاذ.. والحللللللللللللللللللللللللللل !!!!!!
فى رأيى هو الشارع السودانى الذى لم يتلوث بأى دم.. ولم يرتكب او يشارك فى أى جريمة ضد الوطن..
وقول يا رب..
04-21-2016, 11:34 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
كان ارتفاع الحرارة بتلك الدرجة العالية.. مؤشرا لما سوف يلى.. فقد تجمعت السحب الكثيفة فى سماء كادقلى.. وغطت المدينة بثوب شفاف من النسمات الرقيقة.. وتراقصت اشجار المهقونى فى صخب وهى تنثر ظلالها فى كل الاتجاهات.. وترقص رقصا مما يقدمه شباب كادقلى فى الحفلات.. وبدا والله أعلم.. فى نهاية المساء.. أن المهوقنى قد فقد وقاره أمام تلك الحفلة المفاجأة التى لم تخطط لها.. وتدريجيا.. هطلت الامطار بغزارة.. تصاحبها الزوابع والرعد وكل ما يعبر عن غضب الطبيعة.. حدث كل ذلك فى تلك المدينة الغريبة.. التى لا تعرف انصاف الحلول.. هدوءها مطبق.. صراخها تتولاه الانتنوف.. وأمطارها تصاحبها الرعد والزوابع.. وبدأت اشجار المهقونى تستحم.. بعد تلك الرقصات الصاخبة.. والحفلة التى اقامتها قبل هطول الامطار.. فهى تعرف كيف تسخر الطبيعة لاغراضها.. وحتى فى تلك الحالة من الاستحمام.. كانت تترك الماء يتخلل اغصانها واوراقها وينزل عند سيقانها ويبللها بالكامل.. كل ذلك.. وقد نسيت هى ونسى الناس أمر الحرب والقتل والاقتتال.. منهم من يقول.. تغور الحكومة.. وتغور الحركة.. ويسيبونا فى حالنا..
كانت كادى جالسة وسط السرير تهمهم همهمات لا تفهمها حتى هى.. وقد سرحت بخيالها فى المفاجأة التى وعدها بها الزوج فى قاع البئر ولكنها لم تجدها.. وهزت راسها ذات اليمين وذات الشمال.. فهو صادق الوعد ولا يكذب ابدا.. أم أن المفاجأة قد أخذتها احدى الفتيات التى ارتادت الماء قبلها.. وسوف تحضرها لها فى أى وقت.. كما أقترح حارس المك..
04-22-2016, 00:07 AM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
هطلت الامطار بغزارة.. واستمرت فى تلك الحال طوال الليل.. وحتى الساعات الاولى من الصباح.. حيث كان الانطباع العام لدى كادقلى هو... أن السماء قذ افرغت كل ما فى جوفها..
بدأ صوت الرصاص متقطعا.. ويأتى من مكان بعيد.. من الناحية الشرقية للمدينة.. وبدأ الناس الخروج من منازلهم لاستطلاع الآمر... ففى فترة الحرب لا تعرف المدينة اى ساعات للنوم أو اليقظة.. وبدأ الناس فى تحليل الآمر.. فهم يعرفون الضرب الذى تقوم به القوات المسلحة... وهو دائما كثيف وعميق و متواصل.. وحينما تضرب القوات المسلحة.. فهذا معناه أنهم يضربون عدد كبير من قوات الحركة.. ولكن الضرب المتقطع يفسر بعدة تفسيرات.. وفى تلك الحالة فى المدخل الشرقى.. فقد دخل بعض من قوات الحركة الى الجزء الشرقى من المدينة... حيث تمركز البقارة والابقار.. واقتادوا قطيعا وهربوا.. لذلك كان صوت الرصاص يذوب و قوات الدفاع الشعبى تطاردهم.. ثم دخلت عدة سيارات عسكرية تطوى الارض طيا.. وهى تتجه شرقا.. وقد فسر المواطنون الامر بأن القيادة العسكرية قد تلقت الاخبارية وهم فى طريقهم لاعادة المواشى لاهلها.. والقضاء على تلك المجموعة من الحركة بالطبع.. خرجت الشمس من مخبأها فى ذاك الصباح.. وهى مجهدة تتلمس طريقها الى المدينة التى غمرتها الامطار.. ويبدو والله اعلم.. انها كانت تحمل خبرا كانت تجد مشقة فى ان تقوله للمدينة...
04-22-2016, 02:36 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
فى مركز شرطة كادقلى.. وقف احد عشر جنديا من قوات الحركة.. يبدو عليهم الاعياء.. و لا يبدو عليهم الاستسلام.. فقد وقفوا فى الفاراندا أمام مكتب الضابط المختص. بعد أن جردوهم من سلاحهم.. أو بالاحرى سلموا سلاحهم.. فقد عادوا اصلا لتسليم سلاحهم.. والعودة الى الحياة المدنية.. ولكن حكومة الولاية استجوبتهم ليوم كامل.. بلا ماء ولا طعام.. وقد قال الجنود أنهم استجابوا لنداء حاكم الولاية... فى وضع السلاح.. لان تلك الحرب لا فيها منتصر او مهزوم.. ولان مشاكل الولاية يمكن أن تحل بالتفاوض.. ولآن ما يحدث فى الحركة ابشع بكثير من ان يحتمل.. كان الشرطة والمتهمين يحلقون فيهم كما لو أنهم مخلوقات من كوكب اخر.. وبعض النظرات فيها احتقار والبعض الاخر فيها عطف وشفقة.. وفجأة دخل الى القسم.. شرطى كان فى وردية فى الخارج... وما أن رأى أولئك الجنود حتى جن جنونه و اشهر سلاحه.. وارداهم جميعا قتلى. وفى لمح البصر.. ولم ينفع معه صراخ بقية الشرطة وهم يطلبون منه التوقف.. لا...لا...لا... وبعد أن أنتهى من اخر جندى التفت اليهم سائلا.. مالكم فى شنو؟ اتوا ما شايفين ديل انانيا ؟ نعم انانيا ولكنهم جوا يسلموا سلاحهم ويسيبوا الحرب وسعادتوا كان بيعمل ليهم اجراءات التسريح..
08-18-2016, 12:27 PM
nour tawir nour tawir
تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 17638
نعتذر لقراءنا الكرام بانقطاع الكتابة فى هذه الرواية.. ونواصل الان.. وهى كما قلت رواية واقعية ولكن كل الشخصيات من وحى الخيال.. وأى تطابق فى الاسماء ليس مقصودا.. وهى تحكى بنوع من التفصيل عن احوال الناس فى مدينة كادقلى تحت نيران الحرب.. وهى المدينة العملاقة الباسلة.. التى صارعت كل اشكال الاستعمار ضد السودان وخاصة الانجليز.. ولفظتهم جميعا وهيأت نفسها للسودان الحر .. وهو سودان ما بعد الاستقلال.. ولكنها تقع مرة أخرى فى الاسر.. وهو اسر وحصار حكوماتنا الوطنية جميعا.. حتى تفجر الموقف عسكريا منذ عام 1986.. وهى ما تزال تواجه هذا العبث بكل قوة وكبرياء.. حتى كتابة هذه السطور...
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
nour tawir
Muna Khugali
الامين موسى البشاري
ملهم كردفان
علي عبدالوهاب عثمان
عفاف أبو حريرة
بثينة تروس
عبدالرحمن إبراهيم محمد
جلالدونا
عبدالعزيز الفاضلابى
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست