عبد الله علي إبراهيم ما بين "الضكارة" و "الخياسة" ...

كتب الكاتب الفاتح جبرا المتوفرة بمعرض الدوحة
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-10-2024, 05:56 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-24-2016, 10:32 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عبد الله علي إبراهيم ما بين "الضكارة" و "الخياسة" ...

    تهجمات المدعو عبد الله علي ابراهيم على الراحل المقيم الأُستاذ الخاتم عدلان بعد وفاته لا تدل على "الضكارة" كما يزعم عن نفسه وإنما على "الخياسة" . لقد إنتقد الخاتم عدلان في حياته عبد الله علي إبراهيم بمقالات مرة فجعل ع ع إبراهيم في فمه ماءاً وانتظر حتى مات الخاتم عدلان ليرد عليه . هذه الحركة غير الضكرانة تعود عليها ع ع إبراهيم وكانت ضمن ما انتقده الخاتم عليه؛ أي شتم عبد الله للموتى والصاق الاشاعات بهم والتدليس عليهم وعنهم. الخاتم عدلان مفكر فذ رغم أنف الماركسي التائه والستاليني العجوز ع ع إبراهيم المتمرغ في أحضان "الامبريالية" والإسلاميين ويدعي الشيوعية.


    حوار ع ع إبراهيم في موقع الراكوبة:
    http://www.alrakoba.net/news-action-show-id-228820.htmhttp://www.alrakoba.net/news-action-show-id-228820.htm

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 03-24-2016, 10:32 AM)
    (عدل بواسطة Abdel Aati on 03-24-2016, 10:34 AM)

                  

03-24-2016, 10:35 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandquot; (Re: Abdel Aati)

    إذا تحدثنا بمقاييس "الضكارة" البائسة والمتخلفة التي يتبناها ع ع إبراهيم ؛ فالخاتم اكثر " ضكارة" ممن يدعيها بهتانا وينسبها لنفسه؛ فالخاتم كان لا يخاف من المواجهة حتى وان كان فردا وكان مقابلوه حزبا أو جمعا أو طائفة. في 1994 و1995 كان حزب كامل في مواجهة الخاتم وكان يرد عليهم برسائل مكتوبة بالقلم ينسخها ويرسلها بنفسه. لم يتراجع ولم ينكسر . انضم الخاتم لمنبر سودانيز اونلاين وهو مملوء بكل الوان الطيف وفيه خصوم عتاة للخاتم وكان ينزل مقالاته للحوار بنفسه ويحاور ويرد وليس مثل عبد الله الذي يهرب من كل لقاء له فيه خصوم ويتلصص من وراء الباب كما يفعل في اضابير الانترنت. كتب الخاتم ناقدا للصادق المهدي والترابي في مقالات راتبة في عز سطوتهم ومع عديد اتباعهم وكان لا يحتكم الا لقلمه؛ أما الرخيص عبد الله فهو يجامل اتباع الرجلين وربما يخاف منهم . واجه الخاتم الشيوعيين برغم لؤمهم بينما يتهرب ع ع إبراهيم من نقد الخطيب ويطير فرقا ويقول أنه رجل خلوق بينما يتهجم على الموتى . يا لها من " خياسة".
                  

03-24-2016, 10:38 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    والرجل فوق ذلك ميت الوجدان ؛ كما وصفه بحق الاستاذ عمر القراي ؛ وها هو الآن في غمرة نشوته بنفسه؛ يقول أنه علم عبد الخالق محجوب ؛ بعد أن قضي حينا من الدهر يزعم انه تلميذ عبد الخالق ويتبرك به في العلن ويسدد له ولمنهجه الطعنات النجلاء بتمسحه بالاسلاميين وخوره الفكري وعدم اخلاقيته التي تجعله يخاصم الموتى .


    كتب استاذنا القراي ( ومن موت وجدان عبد الله، إنه ظل ينقد ما جرى للاخوان المسلمين بمصر، وكأن موضوع مصر هو قضية حياته، دون أن يقول كلمة عن المجازر التي تمت في السودان !! فحتى لو سلمنا جدلاً بأن الاخوان المسلمين ظلموا في مصر، فما حدث لهم هناك، لا يقارن بما فعلته حكومة "الانقاذ" في الشعب السوداني، فلماذا لم يقم عبد الله بإدانة حرق القرى، وقتل الآلاف في دارفور، وقصف وجنوب كردفان والنيل الازرق بالطائرات، ومنع منظمات الإغاثة، من تقديم المعونات لهم حتى يموتوا بالجوع، في قمم الجبال، التي فروا إليها هروباً من جحيم الحرب المسلطة عليهم- وهو جميعه موثق من منظمات وهيئات دولية ؟!
    ومن موت وجدان عبد الله علي ابراهيم ونقص مروءته ، أنه لم يكتب كلمة عن إغتصاب النساء السودانيات، سواء في مناطق الحروب، أو في مكاتب أجهزة الأمن، ولم يعترض على إعتقال النساء، والتحرش بهن، وجلدهن بالسوط بقانون النظام العام.. أليس في كل هذه المآسي، ما يحرك مشاعره أو يحفز موهبته ك(أديب) ليكتب عن هذا الواقع المرير ولو قصة ركيكة، مثل قصصه الباهتة التي كتبها عن السكة حديد ؟!)


    في الرد علي عبدالله علي ابراهيم: انك لاتعدو قدرك 2-2
                  

03-24-2016, 10:42 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    إحدى مقالات الحاتم عدلان التي ألقمت المغبون حجرا ويريد أن يرد عليها بشتم الخاتم بعد موته :

    Quote: *أحب أولا أن أعبر عن شكري الجزيل للأخ عبد المنعم عجب الفيا، على وضعه لفكر صديقنا الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في بؤرة الضوء، سواء محاضرته في أبوظبي التي نشرها عجب الفيا في هذا الموقع بعد نيل موافقة المحاضر على سلامة النص، وهو تقليد حميد اقتضته الأمانة ، أو ورقته بعنوان تحالف الهاربيين حول «مدرسة» الغابة والصحراء، أو كتاباته اليومية في الصحف السودانية. وبالطبع فإنني أوافقه على المجرى العام لحجته الراجحة كما يتضح من مداخلتي الحالية.

    وأبدأ بأن هناك إختلال أعتبره جوهريا في نقاش أفكار عبد الله على إبراهيم، هو غياب الرجل نفسه عن ساحة الحوار. وهو غياب بغير حجة على ما أعتقد، لأن عبد الله، حسب ما ذكر في هذه المحاضرة وفي مواضع غيرها، مطلع على ما يدور في الإنترنت، وخاصة حول أفكاره وآرائه، وقد شاء مرة أن يرد عليها بصورة غير مباشرة في موضع غير موضعها. غياب عبد الله عن المحاورة يشعر بعض المشاركين فيها أنهم ربما يخرقون قواعد « الفروسية الفكرية» إذ ينازلون رجلا لا ينافح عن نفسه بما يملك من العدة والعتاد، بل ربما يشعر آخرون بأنه ألقى سلاحه وهرب من ميدان المعركة كليا. وهذا الغياب نفسه هو الذي دفع آخرين، لا يتفقون تماما مع عبد الله، إلى تبني قضيته، وربما بحماس أكثر من حماس صاحبها نفسه، وهذا يجلب التشويش أكثر مما يحقق الوضوح الذي هو بغية الجميع. وقد وصفت نصوصه بأوصاف ربما توحي إلى البعض بأنهم غير مؤهلين بصورة ما لمناقشتها، وتحت مثل هذه الأوصاف ترقد أنواع من المجاملة أو الغفلة، بل حتى المبالغة والتخويف، لا يبررها لعبد الله، ماضيه أو حاضره.

    من أجل تلافي هذا الخلل الذي أشرت إليه أرجو أن نوجه الدعوة لعبد الله أن يشارك في التوضيح والشرح والرد، والدفاع، عما طرحه هنا من آراء، حتى نصل إلى نتيجة ما، بضمير مرتاح وشعور وافر باللياقة الفكرية.

    النص المقدم هنا يصعب أن يطلق عليه مصطلح المحاضرة، فهو ينطوي على إهمال كبير وارتجال فتك بالإبانة فتكا غير رحيم، كما به من التهافت من حيث البناء المنطقي ما قل أن نجده حتى في نصوص العوام. وهي أمور يمكن إقامة الدليل عليها بالإقتطاف المباشر من النص المبذول بين يدينا، والذي تشهد كل عبارة فيه تقريبا على ما نقول. وربما يغريني توفر مثل هذه الأمثلة بكثرة جالبة للملل، على تتبعها وإبرازها، ولكني لا أريد أن أسير في هذا الطريق. أولا لأن فطنة القراء لا تحوجني إليه، وثانيا لأنني مهتم بالمفهومي في نص عبد الله، حتى وإن توارى تحت عويش من الكلام، أكثر من طريقته في التعبير عنه. ولن أتعرض للتعبير إلا في إطار ما أراه فضحا للمفهوم الثاوي تحت طياته.

    أستطيع أن ألخص أهداف محاضرة عبد الله، مع تحفظي حول الإسم، فيما يلي:

    • نحن في السودان الشمالي ننتمي إلى الثقافة العربية الإسلامية، وهي سوية يمتنع معها التمييز بين أي شمالي أو آخر، سواء كان يساريا أو يمينيا، حاكما أو معارضا، غنيا أو فقيرا، مجاهدا من أجل المشروع الحضاري، أو مناضلا من أجل السلام، مشردا عن الوطن أو ناهبا لثرواته، قاهرا لشعبه أو خارجا ضد ذلك القهر، داعية للدولة الدينية أو مناديا بالدولة العلمانية. كلنا سواء: إذا ارتكب قادة الحكومات المتعاقبة، الديكتاتورية اوالديمقراطية، أخطاء قاتلة في حق الوطن، فإننا نكون كلنا قد ارتكبنا تلك الخطايا حتى وإن كانت ضدنا. إذا شن عبود والصادق المهدي وعمر البشير الحرب ضد الجنوبيين فإننا نكون كلنا قد شننا تلك الحرب حتى وإن عارضناها. أيادينا ملطخة بالدماء حتى وإن لم يطرأ لنا يوما أن نقتل احدا ولو في الأحلام. وعقابنا جميعا واحد لأننا مشتركون كلنا في الجريمة وبنفس المستوى. ولذلك فإن مصلحتنا الشخصية، مصلحة كل واحد منا هي ألا يطالب بعقاب أحد لأنه ارتكب ذنبا في الجنوب لأن العقاب سيطالنا جميعا.

    • يقول عبد الله في تسويقه لفكرته السابقة: « أصبحت السياسة تتكلم عن قطاع عريض، تتكلم الآن مش عن حزب كذا وحزب كذا، ومن أخطأ في حق الجنوب. وإنما بتتكلم عن قطاع، عن « ريس»، عن عنصر، ودا مهم لأنو دي الوقت بداية دخول فكرة الريس، العنصر، يعني في تناولنا وفي نظرنا الثقافي والسياسي، يعني نحن كنا بنتكلم عن والله الخطة بتاعت الجمهوريين هي كانت أفضل عن الجنوب وإنو مثلا اليسار كان أحنى بالجنوب، اليسار الشمالي، والجمهوريين الشماليين. لكن السيد الصادق والنظر العام دي الوقت يقول نحن الشمال السوداني، تتعدد اللافتات والشمال السوداني واحد. ودا مهم لأنو نحن دي الوقت بنتكلم عن ريس، كمدخل لدراسة التعقيد الجاري في السودان ودا بزيل المزاعم الخاصة للجماعات السياسية الشمالية من اليمين إلى اليسار إلى الوسط على أنها هي الفرقة الناجية في مسألة الجنوب: أنا أحسن من ديل، أنا كنت قدمت الفكرة الفلانية والموقف الفلاني وكذا وكذا.»

    • الفكرة الثانية المرتبطة بهذه هي أن ما قامت به الجبهة الإسلامية في الجنوب ليس أسوأ مما قامت به كل الأحزاب الأخرى وأن عذرها في ذلك هو الشفرة الثقافية المركبة فينا جميعا، وحقيقة أن القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها وحررته بطريقة خرقاء ومأزومة.

    • يتبع من كون القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها، وبصورة منطقية، أن تصغر وطنها ليتطابق مع ذاتها، وأن تترك ما عداه لمن لا ينتمي إليها، وهي دعوة إلى الإنفصال، يشارك عبد الله فيها عتاة العروبيين الإسلاميين وغلاتهم.

    • بعد أن يتساوى الوطن مع القومية العربية الإسلامية فإن الدعوة موجهة لنا جميعا لدخول برج الإنقاذ حتى وإن كنا نكرهه لأن دخوله يعني أننا لن نراه.

    وإذا كانت هذه هي القضايا الاساسية التي طرحها عبد الله في هذه المحاضرة، فما هي علاقتها بالثقافة؟

    الإجابة على هذا السؤال تدخلني إلى تكتيكات عبد الله في تسويق افكاره، وفي الإيحاء للكثيرين، من خلال هذه التكتيكات، وكما ظهر في تقديم الأخ محمد عبد القادر سبيل، بأنه عالم لا يشق له غبار، وأنه مؤلف للنصوص الكبيرة، وأنه علم من أعلام التنوير في بلادنا. وهي اوصاف تجانب حقيقة عبد الله مجانبة تكاد أن تكون كلية، وخاصة بعد أن سبق عليه كتاب الإنقاذ وزلزله نداؤها من ابواب الجحيم، وهو أمر سأوضحه في نهاية هذه المساهمة.

    التكتيك الأول: إخفاء الموقف السياسي المباشر في طيات الرطانة الثقافية، التي غالبا ما تكون خالية كليا من المعنى. فعندما أراد عبد الله أن ينفي حجج المعارضة السودانية في إدانة الإنقاذ لأجندتها العروبية الإسلامية الأصولية قال:

    « دا ما صحيح، الصحيح هو أنو نظام الإنقاذ مستل من شفرة في الثقافة ومن مستودع في الثقافة ومن دلالات في اللغة ومن دلالات في الثقافة بحيث إنو لربما كان الأخير في زمانه ولكن جاء بما لم تستطعه الأوائل من حيث البشاعة « ضحكة» لكن البشاعة، إذا شئت إنه في بشاعة أو أنو في عنف، أو في، هو مستل من شفرة أساسية وهذه الشفرة الأساسية زيادة على الثقافة العامة التي درجنا عليها، لكن تأسست بشكل أساسي في فترة الحركة الوطنية.»

    فهذا الحديث المكتسي جلال الثقافة خاو تماما من المعنى. فما معنى أن يكون الإنقلاب العسكري الذي نفذته الجبهة الإسلامية عن طريق التأمر يوم 30 يونيو، مستلا من شفرة ثقافية عربية أو غير عربية؟ الشفرة الوحيدة في إنقلاب الإنقاذ هي «سر الليل» الذي استخدمه الإنقلابيون في تلك الساعات الأولى من الصباح، وهي شفرة فشل في حلها أحمد قاسم فلقي حتفه صباح ذلك اليوم، رغم ما يحمله، حسب عبدالله، من شفرة ثقافية عربية أسلامية أصيلة. وهل يمكن الحديث عن شفرة ثقافية، كما نتحدث مثلا عن شفرة جينية؟ هل إندغمت الثقافة في مفاهيم عبد الله الحديثة جدا في البيولوجيا؟ ومن كان يملك تلك الشفرة: الترابي مجدد العصر، الذي هجره المفتونون به عندما فقد السلطة، أم علي عثمان الذي أكتشف البعض قرابتهم معه بعد أن آلت إليه الأمور؟ وهل الشفرة الثقافية العربية الإسلامية واحدة؟ بحيث يتساوى فيها محمود محمد طه وقاتلوه؟ هل كل مسلم هو بالضرورة أخ مسلم؟ ما هذا الحديث الفج عن الشفرات الثقافية، بينما المقصود معنى سياسي واضح هو الدفاع عن الإنقاذ وجرائمها.

    • لا يستخدم عبد الله الثقافة وحدها في الدفاع عن آرائه السياسية، بل يستخدم كذلك الهراء المحض. وأنا استخدم كلمة «الهراء» هنا، بالمعنى الذي استخدمها به أحمد بن الحسين، عندما فسر الهراء بأنه : « الكلام بلا معاني»:
    ولولا كونكم في الناس كانوا "هراء كالكلام بلا معاني"

    • . فلنستمع لعبد الله مرة أخرى وهو يحاول أن يدمغنا جميعا بما أقترفه نظام الجبهة الإسلامية من خطايا في حقنا، وأقصد نحن كجنوبيين وشماليين:
    « نحن كلنا إذا كنا سودانيين شماليين في هذا اللقاء، لنا إشكال في شفرة ثقافتنا، وفي رموز ودلالات لغتنا وفي شحناتها التاريخية وفي علاقاتها التاريخية بحيث أنه يصبح مفهوم الفريق الناجي ضئيل جدا. وبحيث تكون التبعة والذنب والخطأ هو الخيط الذي يصل بين الجماعات الشمالية كلها.»
    ولاحظ هنا أن الإستنتاج السياسي، وهو تجريم الجميع، واضح جدا ومقيل بلغة لا لبس فيها ولا غموض، لغة سياسية صافية، أما المبررات فهي الهراء المحض الذي لا معنى محددا له، والذي يلوذ بالشفرات والرموز والدلالات والشحنات.

    • لقد تساءلت بيني وبين نفسي: هل أنا مسؤول عن الجرائم التي حاقت بأهلي في الجنوب؟ هل ساهمت فعلا في قهرهم؟ بل هل توانيت في استخدام كل ما أملك من طاقات للدفاع عنهم من مواقعي؟ وأجبت بضمير مرتاح: أنني لست مذنبا. صادقت الجنوبيين والجنوبيات منذ نعومة أظفاري، لم أشعر بتفوق عليهم، وإن شعرت بتفوق الكثيرين منهم عليّ، ولم أحتج في ذلك إلى جهد كبير، لأنني تحررت من أوهام التفوق العرقي وأنا لم أشب بعد عن الطوق، في عام 1969 اقترحت في أتحاد طلاب جامعة الخرطوم أن نبعث لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم التي ارتكبت في الجنوب عامي 1965 و1966، وذهبنا في وفد من أربعة أعضاء في اللجنة التنفيذية، هم أبدون أقاو، وحاتم بابكر، وعبد الله حميدة وشخصي، وحققنا في جرائم الملكية في جوبا، وفي مذبحة العرس في واو، وهددنا مدير المديرية الإستوائية، يوسف محمد سعيد، بالسجن لأننا رفضنا لغته المسيئة ومفاهيمه النازية، وتضامنا مع صديقنا ورفيقنا أبدون أقاو، ضد تهجمه الشخصي.
    وعندما عدنا إلى الخرطوم عرضنا الحقائق الدامغة في مؤتمر صحافي غطته كل الصحف في اليوم التالي، وأصدرنا إدانتنا الدامغة للجيش السوداني و قيادته السياسية. وكنا نسعى إلى المواصلة لولا قيام إنقلاب مايو بعد ذلك بأقل من أسبوع. وفي 1970 ذهبت ضمن مجموعة كبيرة من أعضاء جمعيتي الثقافة الوطنية والفكر التقدمي إلى جوبا وواو وملكال، وعشنا مع الناس واقمنا الفصول للطلاب والاسواق الخيرية لصالحهم وحلقات محو الأمية للكبار، وساعدنا النساء والعمال على التنظيم وخرجنا من كل ذلك بصداقات باقية حتى نهاية العمر. صادقت أخوتي الجنوبيين في الجامعة، وصار «بيتر نيوت كوك» أعز أصدقائي وأعتبره عالما، ديمقراطيا، مثقفا، وقانونيا ضليعا، ضمن مثقفين وعلماء كثر يعج بهم هذا السودان. أيدت نضال الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ أن إنشئت، وأشدت ببرنامجها ودافعت عنها في جميع المنابر دفاع من لا يلوك كلماته أو يخشي في نصرة الحق لومة لائم. وناديت في رفق من يفهم ظروفها، والتعقيدات المحيطة بها، والشروط التاريخية التي لا تملك منها فكاكا، وليس المتحامل عليها من مواقع التآمر السياسي مع الطغاة الأصوليين، إلى تحولها إلى حزب سياسي من حلفا إلى نمولي كما يعبر قادتهأ، واقمت مع هؤلاء القادة أنفسهم ومع أسرهم علاقات حميمة وقوية.

    • كيف إذن يحملني عبد الله علي إبراهيم بدوافع تواطئه المذموم مع الجبهة الإسلامية الخطايا التي ارتكبها القتلة والمجرمون والمهووسون في نظام الإنقاذ أو خارجه؟ وقد تحدثت عن نفسي هنا، ليس لتفرد موقفي أو شخصي، بل لإعطاء مثال محدد لا يستطيع عبد الله أو غيره أن ينازعني عليه. مع علمي أن موقفي هذا هو الموقف المشترك، وإن اختلفت التفاصيل، لمئات الآلاف من أبناء وبنات وطننا الكبير الذين لا يكنون لأخوتهم الجنوبيين سوى الإعزاز. وليس سرا أن عشرات الآلاف من أبناء وبنات الشمال قاتلوا في صفوف الحركة الشعبية طوال هذه السنين، وبلغوا في ذلك شأوا لم نبلغه.

    • هل معنى ذلك أن « الثقافة العربية الإسلامية» وحتى في أكثر صيغها رقيا، خالية من النزعات الإستعلائية، المحقرة للآخر والمقصية له من مجال الكرامة، أو حتى من مسرح الحياة نفسها؟ طبعا لا. ولكن القول بأننا جميعا مشتركون في هذه المفاهيم الحاطة من قدر الإنسان وكرامته، هو القول المرفوض والمردود في تهجمات عبد الله الغليظة علينا جميعا. شخصيا، لا أحمل من هذه النزعات شيئا كثيرا أو قليلا، بل سخرت عمري حتى الآن لمحاربتها ودفعت مستحقات موقفي. وهنا أيضا لا أتحدث عن تفرد شخصي، بل أريد أن أقيم الحجة على عبد الله بصلابة لا يستطيع أن يتخطاها أو يلتف حولها، وأعلم في نفس الوقت أن مئات الآلاف من أبناء السودان وبناته يحملون الموقف ذاته، ومنهم من يعبر عنه بعمق أكثر مما أستطيع، ويدفع مستحقاته بتحمل أقدار من الظلم لم تطالني بنفس الدرجة. كما أعرف أيضا أن عبد الله سار في هذا الطريق لبعض الوقت، وهاهو قد سبق عليه كتاب الإنقاذ، فتنكب ذلك الطريق، وصار يقبل من الثقافة العربية نفسها أكثر جوانبها معاداة للديمقراطية والإستنارة، وتغييبا للإنسان.

    • ليس صدفة أن عبد الله يتحدث عن شفرة ثقافية، غير عابئ بالخلط بين العلوم والتخصصات والفلسفات. فغرضه من ذلك تحقيق سوية غير متمايزة من الشماليين جميعا، ليسوقهم، بالتخليط والتشويش، وبالإبتزاز الصريح المستند إلى الجدار القمعي الحاكم في السودان، والمعتمد في المدى البعيد على مستودعات التجهيل التي أشاعتها الإنقاذ، إلى خطيئة واحدة، وثقافة واحدة ، وتاريخ غفل من الفعلة، وجرائم غاب مرتكبوها في سديم الشفرات. ولا يجد عبد الله صعوبة في كل ذلك، نتيجة للتشويش الفكري الذي يعاني منه هو شخصيا، لإفتقاره للأدوات الدقيقة التي تصنف المفاهيم وتحدد الدلالات وتزيل التناقضات.

    • ماهي هذه الشفرة الثقافية يا ترى؟ ما هي طبيعتها؟ كيف نفك رموزها ومن يملك تلك الرموز؟ أيملكها حسن عبد الله الترابي أم علي عثمان محمد طه أم البشير؟ أم يملكها عبد الله شخصيا ولا يريد أن يجود علينا بأسرارها؟ أمن ضمنها الأصولية الإسلامية والدولة الدينية، والحرب الممتدة، والتطهير العرقي والإسترقاق، وإضطهاد النساء والبتر والقطع والصلب والخلافة عن الله؟ أمن ضمنها الطغيان والدكتاتورية؟ أمن ضمنها النهب الإقتصادي والأثرة والأنانية والشراهة التي تغطي عوراتها بالنصوص المقدسة؟ أمن ضمنها تقسيم البلاد إلى حاكورات يملكها أهل الإنقاذ فيسدون أبواب الرزق على كل من عداهم من أهل هذه البلاد؟ أية شفرة يتحدث عنها عبد الله؟
    • يسهل على عبد الله أن يتحدث عن سوية غير متميزة، لأنه يعتقد أنه يمكن حتى الآن، أن نتحدث عن المجتمع، وهو هنا المجموعة الشمالية العربية المسلمة، في تصنيف عبد الله، وكأنها «جوهر» مستقل عن خصائصه! وهو في ذلك يتخطى إلى الوراء، وفي قفزات نكوصية مذهلة، إرث أكثر من ألفي عام من المنطق الفلسفي والعلمي، وتلك نقطة سنعود إليها في غير هذا السياق.

    • يهمني أن أقول هنا، أنني، ولإنتمائي لشعبي، لا أنتمي لمقولة عبد الله الذهنية حول «الجماعة العربية المسلمة»، بل أنتمي لهوية أوسع هي الشعب السوداني، المتمايز قوميا ونوعيا وطبقيا ودينيا وثقافيا، والذي يشد عراه مع ذلك إنتماء جامع إلى وطن واحد، نحاول أن نوسعه ليشمل الجميع ويحتفي بالجميع. المقولة الذهنية الخاصة بعبد الله، تقوم على فكرة هجرتها البشرية حاليا، هي فكرة النقاء العرقي، بل إن كل قرون إستشعار المخاطر المحدقة، تستيقظ وتدق أجراسها عندما تسمع من يردد هذه الفكرة التي تترتب عنها مناهج في التفكير أورثت البشرية اضرارا فادحة. وقد دفعنا ثمنها في السودان، قبل أن تجيئ حكومة الإنقاذ، ولكن حكومة الإنقاذ حملتها إلى نهاياتها الأكثر دموية وعنفا. وإن أي تحليل يحاول أن يطمس الحدود بين الإنقاذ وما عداها، ويساوي بينها وبين من سبقها، أو حتى يساوي بينها وبين من يحمل هذه الافكار نفسها ولكنه لم يشأ أن يطبقها أو لم يجد وسيلة لتطبيقيها، لهو تحليل معطوب ومتنكب للصواب. ولذلك فإن وضع عبد الله الطيب، أو الطيب صالح على سبيل المثال، في نفس معسكر الترابي والبشير، وإن حمل الرجلان بأقدار متفاوتة مفاهيم عروبية ذاهلة عن حقيقة شعبهما ونفسيهما، من الأخطاء المنهجية الكبيرة التي تورط فيها البعض دون أن يستبينوا الخطل فيما يزعمون.

    • إنتمائي للسودان كهوية جامعة لا ينفي بل يغذي، الإنتماء لهويات أصغر، شريطة ألا تتعارض تلك الإنتماءات، أو تلك الهويات الأصغر، مع المباديء الجامعة للجماعة السودانية، الشمالية الجنوبية الشرقية الغربية الوسطية، وهي مبادئ المساواة والعدالة والرفاه والكرامة والحقوق الإنسانية المملوكة ملكية جماعية. أي أنها لا تتعارض مع الإسلام المستنير، بل تتقف مع جوهره الخير الداعي للحرية، والمتصالح مع العلمانية، وحقوق الإنسان وكرامته. وما العلمانية سوى إدارة الناس لشؤون دنياهم بعيدا عن أي كهنوت. وهي بهذا المعنى حركة مجتمعات لا محيد عنها ولا مهرب منها، طالما أن المجتمعات تسير دون هوادة في إتجاه الإمساك بمصائرها، وإقامة بنائها على أساس من العدل والرشد. وهذا قول يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. كما لا تتعارض مع المسيحية أو الديانات العريقة المبجلة للطبيعة او للجوهر الإنساني، ولا تتعارض مع علوية الإنسان من حيث هو إنسان، بل تمتد بهذه العلوية إلى آفاق أكثر رحابة باستمرار, وتتسع الهوية السودانية الجامعة لكل الهويات العرقية الأصغر، ومنها الهوية العربية بخصائصها السودانية التي وصفناها. أقول السودانية، وأعتبرها مركز جملتي، لأن الأوطان تصبغ خصائصها وتعطي إسمها لكل الجماعات الوافدة عليها، وحتى وإن كانت وفادتهم تدشينا لعهد جهد جديد، ومرحلة تاريخية متطورة. وهي تعطيهم إسمها، وسماتها، وخيراتها، وتفرض عليهم واجبات حمايتها، وتصوغهم وفق قوانين اجتماعها، في نفس الوقت الذي تتسع لمواهبهم وثقافاتهم وألسنتهم وأديانهم أو تتبناها. وهذا أيضا يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. ولا ترفض الهوية السودانية الجامعة بالطبع، اللغة العربية، ولكنها لا ترفض كذلك اللغات الأخرى بل تحتفي بها. ونسبة لحاجة الجماعة الموحدة في الوطن إلى لغة مشتركة، فنحن نرشح اللغة العربية لتكون ذلك الوسيط، على أن تتطور هي نفسها لتكون لغة عالمية، علمانية لا يشعر المتحدث بها أنه ملزم، لهذا السبب، بالإيمان بدين غير دينه. أي فك الإرتباط الأيديولوجي بين اللغة والمكونات الثقافية الخاصة بجماعة في الوطن دون سواها، وتوسيع القطاع العلماني في التعبير بطابعه الإنساني الشامل، المتمايز عن الخطاب الديني الأصولي، الذي يحاول في كل مناسبة أن يستر ضعفه ويخفي تهافت منطقه، بالتحصن والتسلح والتصفح، بالنصوص المقدسة التي يحرفها عن مواضعها ويستغلها في استدامة أنماط تفكيره وإحكام أدوات سيطرته على العقول. وهو ما فعلته كل اللغات المتطورة في العصر الحالي، دون أن تكون عاجزة بالطبع عن التعبير عن القيم الدينية لمن يريد أن يعبر عن تلك القيم. ويتبع ذلك رفع الحرج، التأصيلي، الذي ابتليت به اللغة العربية على أيدي بعض ممثليها من حراس القديم، والمتمثل في تحفظها في الأخذ من اللغات السودانية الأخرى، من نيلية وحامية ونوبية بدويت، ومن الدارجة السودانية وترقية تعابيرها ورفعها كل يوم إلى مصاف اللغة الفصحى، كما ترفع الفرق الكروية التي تتميز في أدائها إلى المستويات الممتازة، باعتبار هذه اللغات هي المستودع الذي لا تنضب مياهه للتعبير اللغوي المعاصر والمتطور والذكي والطريف. وباعتبار قربها من الوجدان الشعبي ومقدرتها على التعبير عن أدق خلجاته. ويمتد رفع الحرج إلى الأخذ من اللغات العالمية كل ما تحتاج |ليه لغتنا لتكون بالفعل لغة للعلوم والفلسفة والإزدهار الأدبي والثقافي. ونخص هنا اللغة الإنجليزية، مذكرين بما حدث لهذه الأخيرة نفسها في بداية النهضة الصناعية، إذ تمثلت في ظرف عدة سنوات أكثر من عشرة ألاف كلمة من اللغة الفرنسية التي كانت أكثر تطورا منها، ليس في مجال اللاهوت، بل من حيث قابليتها للتعبير عن النهضة العلمية الكاسحة التي شهدتها بريطانيا في ذلك الوقت. ولا يساعد على تطور اللغة العربية في هذا الإتجاه، خطاب المهووسين من الأصوليين، الذين يريدون أن يوحوا في كل ما يكتبون بأن إجادة اللغة العربية مرتبطة باعتناق الإسلام. كما لا يساعد فيه ما يوغل فيه بعض اليساريين السابقين، من إبداء طقوس تدينهم في كل حرف يكتبونه، تملقا للمهووسين. وليربأ هؤلاء بإيمانهم من هذا الإستخدام غير الوقور. وهم على كل حال لن ينالوا رضا الأصولين ولن يأمنوا شرهم عن هذا الطريق. فأنت لا تأمن شر الإنقاذيين إلا بالإذعان لهم، إذعانا كليا، أو النهوض في وجوههم وكسر شوكتهم. فهم يفضلون الإذعان على الإيمان، في حالة التخيير بين هذا وذاك. وهم ليسوا وحدهم في ذلك، فجنود إبن العاص كانت تصد أفواج الفلاحين المصريين عن دخول الدين الجديد، لأنهم حينها لن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، والصغار هو الإذعان كما تعلمون. نرشح اللغة العربية، ونعتقد أنها يمكن أن تقوم بهذا الدور، دون استبعاد لأية لغة أخرى، وتجيئ المسألة كاقتراح لأن المجال مفتوح أمام تنافس لغوي لا يمكن حسم نتيجته بصورة مسبقة. وهذه أيضا من أمهات القضايا التي لا بد أن يدور حولها الحوار المفتوح والمثقف.

    • « الجماعة العربية الإسلامية »، التي يتحدث عنها عبد الله علي إبراهيم، هي جماعة عربية نقية العروبة، لم تخالطها دماء زنجية أو حامية، ربما لأن الجماعة العربية الإسلامية التي جاءت إلى السودان، أبادت شعبه الأصلي، من بناة الحضارات القديمة، الذين تمتد جذورهم إلى ما وراء التاريخ، والذين اختلطوا بهذه لأرض، يأخذون سيماءها وتأخذ سيماءهم، ويغيرونها بالفعل المديد، وتمتد فيهم وتخالط منهم الدماء. ربما أبادتهم القبائل العربية الباحثة عن الأرض والفضاء والماء والمرعى، والضائقة بمن لا ينتمون إلى شفرتها الجينية من الشعوب.« يسميها عبد الله الشفرة الثقافية» ربما ابادتهم هذه القبائل، لأننا لا نجد عند عبد الله تفسيرا لمقولته الذاهلة، حول النقاء العرقي لهذه القبائل، وحول أختفاء هذه الشعوب التي صارت أثرا بعد عين. إن أقل إتهام نوجهه لعبد الله هنا، هو أنه ذاهل كليا عن النتائج المترتبة على مقولته، وأنه عن طريق الخرق " بفتح الخاء والراء" الفكري القليل المثال أزال شعبا كاملا من الوجود دون أن يشعر أنه مطالب بأن يقول شيئا، ولو قليلا، عن هذه الصور التوراتية لزوال الشعوب. فهل جاءت القبائل العربية بنظرية عرفناها بعد ذلك عند اليهود، وهي قصة شعب بلا أرض، يبحث عن أرض بلا شعب؟

    ولكن التاريخ والحقيقة أكثر حكمة من عبدالله، وأحكم منه كذلك جميع المؤرخين وعلماء الأنثربولوجيا والآثار، الذين قالوا، وأطنبوا في القول، أن الجماعات العربية الوافدة إلى السودان اختلطت بشعبه، وأن اختلاطها قد أذاب العنصرين في هوية جديدة، لا يمكن أن نسميها عربية خالصة إلا بمصادرة غافلة عن الحقيقة والواقع، ولا نفعل ذلك إلا لأننا نحقر جزء أصيلا من مكونات الهوية الجديدة، مما يفتح الأبواب لانفصامات النفس وفساد الوجدان وخلل العقل. ولا أحب أن أوحي من قريب أو بعيد، بأن عملية الإختلاط هذه شملت الجميع من العنصرين، بل لا أستطيع أن أحدد لها نسبا كمية دقيقة. كما لا أحب أن أتبع المنهج الشيلوخي في تقسيم الإنسان إلى أرطال من اللحم أو أوقيات من الدم، أضع لها قيما متفاوتة كما يفعل القصابون. ولكني اقول باطمئنان أن هذا الإختلاط وإن لم يشمل أغلبية العناصر السودانية العريقة، فإنه شمل الاغلبية العربية الوافدة، ودون أن يحط من شأن هؤلاء أو يعلي من أقدار أولئك. وهذه هي الحقيقة الهامة فعلا، وهي وحدها كافية لدحض مقولة عبد الله عن النقاء العرقي العربي.

    • والجماعة العربية المسلمة، في تعريف عبد الله، أصولية العقيدة محكومة بالشريعة الإسلامية في اقصى صورها بعدا عن العصر، وهي دعوة دعا إليها عبد الله مرارا وتكرارا، وطالب الآخرين بالإنتماء إليها. والجماعة العربية الإسلامية إنقاذية الإنتماء السياسي، منكفئة على ذاتها، رافضة للآخرين، كارهة للتعددية بكل أشكالها وألوانها. إنها سوية أيديولوجية غير متمايزة، مقولة ذهنية في ذهن "مرهق"، ذاهل عن العصر. أقول لعبد الله ولأمثال عبد الله، إنني شخصيا لا انتمي إلى هذه المقولة الذهنية. فليكف عن تصنيفي على هذا الأساس. إنني أنفي عن نفسي فكرة النقاء العرقي، بل تجري في عروقي دماء الأقوام السودانية العريقة، كما تجري في عروقي دماء عربية لا أنكرها ولا أتيه بها على الآخرين. وعندما أتحدث عن الدماء فإنني أتحدث بكثير من المجاز، لأن الموضوع الوراثة يتعلق بالحامض النووي، وبالمورّثات عموما، والتي تعطي الفرد خصائصه الجسدية، ومصطلح الدم، كمحدد للهوية، مثله مثل مصطلح القلب كمكمن للعواطف، مصطلح مجازي تخطته العلوم. ولا فرق بين دماء عربية أو زنجية، حامية أو سامية، ملكية أو عامية. كما يمكن للإنسان أن يغير دمه كليا ولا تتغير هويته في قليل أو كثير، وهو أمر يحدث أمام أعيننا كل يوم. ولا يقتصر الأمر على الذين يغيرون دماءهم لأمراض تصيبهم، بل إن الناس جميعا تتغير دماؤهم كليا أو جزئيا عدة مرات في العام الواحد. وقد آن لنا أن نتحرر من جهالاتنا "الدموية"!

    الدم حامل للحمض النووي ولكنه متمايز عنه تمايزا كليا. وإذا كان الأمر لا يتعلق بدماء نقية أو ملوثة، نحسها تجري في عروقنا، بل يتعلق بشفرة جينية، تكاد أن تكون، من فرط دقتها، مفهوما رياضيا، فإن جوهر المسألة يصبح هو قبولنا لأنفسنا وتأمل ذواتنا في مرايانا الخاصة، وليس النظر إليها بمرايا الآخرين. حينها سنكتشف كم هي جميلة هذه الهوية السودانية، وكم هي متمايزة عن الآخرين في نفس الوقت. ولكن مرايانا نفسها تحتاج إلى التطوير والصقل، لترى تلك القوى الهاجعة في بطن هذه الأم الرؤوم المعطاءة، "المملوءة الساقين أطفالا خلاسيين." وحينها سيكتشف السودانيون أن ما يطلبونه، أي يبحثون عنه، " قد تركوه ببسطام" كما نقل عبد الحي عن فتوحات إبن عربي المكية. فقد تميز السودانيون في كل أرض حلوا بها، لأنهم يملكون طاقة التميز والفوت، عندما يتعلق الأمر بالخصائص الجوهرية في الإنسان، أي علمه، وعمله، وأخلاقه وكرامته. أي لم يكن أكثرهم تفوقا، بالضرورة، أولئك الذين يحملون سمات خارجية أقرب إلى تلك المجتمعات الجديدة التي حلوا بها. ومن يتأمل هذا الأمر يعود إلى ذاته راضيا عنها مرضيا.

    • أتحدث عن نفسي في قضية الهوية، لدوافع ذكرتها تتعلق بالإختيار، وهذا زمن الخيارات الحاسمة، ولكني أعتقد أن ما أقوله عن نفسي ينطبق بصورة أو أخرى، وبهذه الدرجة أو تلك على كل هؤلاء المتحاورين حول الهوية، ومنهم عبد الله علي إبراهيم، كما ينطبق على زعمائنا جميعا دون استثناء. ينطبق على الشريف زين العابدين الهندي، الذي قال أننا جئنا إلى هنا وتزوجنا الإفريقيات، ومن هنا جاءتنا هذه "الشناة"، في مناسبة حضرتها شخصيا، وفي قول أورده صديقي الباقر العفيف الذي تناول الهوية وكتب عنها ما لم يكتبه سواه، وحلل كلمات الهندي بما لا يحتمل الزيادة، كما تنطبق على أحمد الميرغني، وعلى أخيه محمد عثمان، وعلى الصادق المهدي، وعلى حسن عبد الله الترابي، وعلى محمد إبراهيم نقد وعلى عثمان محمد طه وغير هؤلاء. وقد طالبت هؤلاء جميعا، بأن يبرزوا " أشجار نسبهم" السودانية الحقيقية، التي يخفونها كما يخفي الإنسان عورته، كما ابرزوا من قبل أشجار نسبهم العربية المؤسطرة والمتخيلة، لأنهم إن فعلوا ذلك، فإنما يقدمون لأهلهم خدمة جليلة، تفتح لهم الطريق إلى التصالح مع أنفسهم، وإطراح الأوهام التي تضر ولا تفيد، عن أصلهم المتميز والمتفوق.

    • ثم يصل عبدالله بعد ذلك إلى قمة محاضرته، وهي في نفس الوقت قاعها، وهي دعوة الجميع إلى دخول برج الإنقاذ. يقول: « في هذا الصدد أري إنو يجب أن نعترف أننا كلنا ننتمي إلى النظم السيئة، مش النظم السياسية. ننتمي إلى الشفرة الثقافية الموصوفة بالسوء. بقول كان البروفسور إدوارد سعيد ضرب مثل، وأنا أستعين بيهو هنا، قال إنو في كاتب فرنسي كان يكره برج أيفل جدا، لا يطيق رؤية برج إيفل، وكان حله لما يضيق به الضيق النهائي، ويصبح برج إيفل بالنسبة له شبح وكذا، يصعد البرج ويجلس في مطعم البرج ويأكل. قيل له: ليه. قال، لانو تلك اللحظة الوحيدة التي لا أرى فيها البرج «ضحكة». فيا أخوانا نظام الإنقاذ أنا بصفه بأنه برج أيفل لينا « ضحكة ». لا نطيقه، مزعج، كلنا عندنا مواقف حتى أنصاره « ضحكة ».»

    • دعوة عبد الله هنا هي أن ندخل برج الإنقاذ « ونأكل» منه حتى لا نراه. وهو يستعين على دعوته هذه، بالأمثلة، ويعاني في طرحها حرجا عظيما تنوء به الجبال، تظهره الضحكات العصبية المستوحشة، وتظهره العبارة المتهالكة، المستعصية على الفهم، ويظهره تداخل الكلام بعضه في بعض، و الزوغان في نهاية العبارة من معناها الواضح الصريح. ما الذي يجبر عبد الله على كل هذا العناء وهو المشفق على الجميع من الإرهاق؟ ودعونا هنا نناقش المثال الذي أورده عبد الله، وهو يقع في مجال المجاز، وإذا كانت لعبد الله مساهمة متميزة فهي في مجال المجاز وحده وليس سواه. رجل وحيد، غريب الأطوار، يكره برج إيفل، وليس غريبا أن يكون الرجل وحيدا وغريب الأطوار، لأن من يكره إنجازا حضاريا مثل برج إيفل يجب أن يكون كذلك. فهو يكره إنجازا حضاريا يمثل مصدر فخر للشعب الذي شيده، وتفخر به البشرية في عمومها لأن من عاداتها أن تفخر بمثل هذه الإنجازات. هذا الرجل يعتقد أن برج إيفل هو مظهره الخارجي وحده، أي هذا الإمتداد الفولاذي الذي يشق عنان السماء، وليس باطنه، بما فيه من عجائب هندسية ورؤية ساحرة، وأماكن للترويح عن النفس من ضمنها المطاعم التي يأكل فيها ذلك الرجل. رجل يجهل حقيقة يدركها كل الناس وليس السواح وحدهم، وهي أنك عندما تدخل برج إيفل فإنما تراه بصورة أفضل، بل يعتقد أنك إذ تدخله لن تراه. ما الذي يقابل هذا الرجل عندما يتعلق الأمر بمن يكرهون الإنقاذ؟ وما الذي يقابل برج إيفل عندما يتعلق الأمر ببنائها الداخلي؟

    • إن حقائق الواقع الماثلة تقول أن الاغلبية الساحقة من شعب السودان تكره الإنقاذ، لأسباب أقوى بكثير من تلك الأسباب التي تحمل بعض الشعوب على كراهية حكوماتها. والاغلبية الساحقة إن كرهت نظاما سياسيا فإنما تسقطه ولا تدخله. وهذا هو الطريق الذي يسير فيه شعب السودان حاليا، بعد أن ساعدته الحركة الشعبية لتحرير السودان على قطع نصف الطريق. ومهما تغيرت الأساليب فإن الغاية واحدة، وهو إسقاط نظام الإنقاذ وتفكيكه طوبة طوبة، طال الزمن أم قصر. ولكن ذلك سيحدث عن طريق صعود الشعب السوداني مراقي جديدة في التمسك بحريته وحقوقه، وامتلاكه أدوات جديدة، سلمية في غالبها. وهذا أمر طبيعي فالإنقاذ بكل ما تمثله من فكر وممارسات عملية ليست سوى بثور علقت بهذا الجسم الجميل وهي لا شك زائلة. وهذا من طبائع الأشياء لأن الشعب الفرنسي، وليس ذلك الرجل الغريب الأطوار، إذا كره برج إيفل، فإنه سيقتلعه من " الجذور"، ليزيل الأذى عن خط باريس السماوي. ومن الناحية الأخرى، هل يمكن المقارنة بين الإنجاز الحضاري المتمثل في برج إيفل، و"المشروع الحضاري" المتمثل في الإنقاذ؟ ندخل برج إيفل فنأكل الفروي دوميغ، والكوت دو بوف،والفياند سينيان، وبعضنا يأكل شكروت الألزاس، وما يصاحبها من الأجبان والنبيذ المعتق. فماذا نأكل عندما ندخل الإنقاذ؟ عبد الله نفسه يعطينا مثالا عمليا على ما يمكن أن نأكله، فمن ضمنه الدعوة الصريحة إلى الباطل الصريح ومن على رؤوس البيوت، وخيانة المثقف لواجبات التنوير وإستخذاؤه للطغاة، فقط لأنهم طغوا. وهو طريق لم يختره أولئك الفتية الذين حاضرهم عبد الله في أبي ظبي، أو نشر عليهم افكاره في السودان وفي بلدان الشتات. خيانة النفس، إذن، والتنكر لرسالة المثقف ، هي أفضل وجبة يمكن أن تقدمها إلينا الإنقاذ. ولكن ليس ذلك بالنسبة لها سوى "المقبلات". إذ تجيئ بعد ذلك الوجبة الرئيسة وهي مشاركتها في خطاياها جميعا، المكسوة بالقمع والمتوجة بالإبادة الجماعية للاقوام والشعوب، أما " التحلية" فهي إقامة الرفاه المادي للقلة الغليظة الحس، على خلفية من الإفقار المطلق لشعب كريم. "ثم ثانيا" كما يقول أحد أصدقائي وهو يطرح نقطته الخامسة: إذا كان ذلك الرجل يأكل في برج إيفل ويذهب إلى بيته، فهل يمكن الأكل في برج الإنقاذ والخروج منها بعد ذلك، وكل ليلة؟

    • أقول لصديقي عبد الله: دعوتك مرفوضة يا " أخا العرب"، لأنه مهما بلغ حب الناس لك، فإنه لا يبلغ مبلغا يجعلهم يختانون أنفسهم. فهم لم يحبوك على باطل، بل أحبوك على حق. فهل تسير وحدك في دربك الموحش؟ هل تواصل وحدك " رحلة بائسة"؟ هل تتوغل وحدك في صحراء الإنقاذ؟ هل تخوض وحدك في وحلها؟ وهل صار حتما مقضيا أن تقطع رحلة الألف ميل وقد بدأت بخطوة واحدة؟ الخيار خيارك يا عبد اللهّ. وأقول "وحدك" مشيرا إلى وحشتك في قطيع من الذئاب، وليس إلى خلو المكان من الآخرين، ومنوها بمجدك الذي بنيته على بسط ثوب الإستنارة عندما كتبت عن " الناس والكراسي" مذكرا اللبراليين الذين تعثرت ألسنتهم عن إدانة العدوان البربري على تراث الشعب، الذي قامت به عام 1968 هذه الفئة نفسها التي تدعو الناس إلى دخول برجها اليوم، بتلك اللحظات التي تعثرت فيها أرجلهم في باحات الرقص والمخاصرة في جامعات الغرب، وبذلك الفرح الخجول الذي لا يريدون أن يدفعوا مقابله شيئا.

    • سألت في موقع سابق من هذا المقال عما يجبر عبد الله على مثل هذا المآل، وعما يدفعه إلى تحمل هذا الحرج الكبير. ولو وضع عبد الله في موضع يجبره على الإجابة على مثل هذا السؤال، لتعلق أيضا بمقولة ثقافية ما ، غالبا ما تكون خالية من المعنى. وكما أوضحت أن دوافع عبد الله سياسية بحتة، مكسوة بجلال كاذب ومغشوش، فإني أقول أن بداية التحول الفكري لعبد الله، كانت سياسية أيضا، أو قل أنها كانت سياسية نفسية. وهي تتعلق تحديدا بموقفه من الإنقلاب العسكري الذي حدث صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. موقف عبد الله كديمقراطي، وموقفه كعلماني، وموقفه كتقدمي، كان يملي عليه، كما أملى علينا جميعا، أن يرفض ذلك الإنقلاب، حتى ولو لم يكن قادرا على مقاومته. هذا الموقف لم يستطعه عبد الله، ليس لأنه كان طامعا في منصب أو مال أو جاه، ولكن لأنه لم يجد في ذاته قوى وطاقة كافية تسنده ليقف ذلك الموقف. ولذلك عندما دعته السلطة الإنقاذية المغتصبة، إلى المساهمة في إعطائها شرعية أمام الشعب، وخاصة من مثقف تقدمي مثله، له كل هذه الشنة والرنة، فإن عبد الله لم يستطع سوى أن يلبي النداء، وشارك في "مؤتمر الحوار الوطني" وشاهده الناس جميعا، وعلى وجهه ذلك الحرج الأسطوري، وهو يقبل الإنقاذ كبديل للديمقراطية، ويقبل النكوص كبديل للتقدم والتنوير والإنفتاح. وقدفعل عبد الله ذلك والدماء التي أسالتها الإنقاذ ما تزال حارة فوارة، كما أنه في طريقه إلى " المؤتمر" قد مر بالجثة الكبيرة لكيونونة كانت تسمى الديمقراطية الثالثة. تلك خطيئة لم يفق منها عبد الله بعد ذلك، مع أن الطرق كانت أمامه مفتوحة لإنقاذ النفس من "الإنقاذ". عندما خرج عبد الله من السودان، كان يمكن أن يوضح أن موقفه نتج عن غريزة حب البقاء، وهي غريزة مركبة في الناس جميعا، ولكنهم يتعاملون معها بطرق مختلفة، تتراوح بين البطولة والتقية والمخاتلة وتصل إلى قبول الموت المعنوي إنقاذا للجسد. وكان يمكنه أن يعتذر إعتذارا خفيفا، ويواصل الدعوة إلى ما كان يدعو إليه قبل الإنقاذ. ولكن عبد الله لا يجيد الإعتذار، بل لا يقبله حتى وإن كان مستحقا، كما قال في محاضرته هذه، ولذلك اختار أن يحول الموقف الناتج عن ارتخاء الركب، إلى موقف فكري شامل ومحيط. وذاك لعمري اختيار بئيس.

    • في نفس الوقت الذي نشرت فيه محاضرة عبد الله، كنت أعيد قراءة سيرة سقراط، كما جاءت في محاورات أفلاطون، وخاصة كتاب "الدفاع": أبولوجيا. صعقتني المفارقة بين هذا وذاك. فهذا الرجل الذي عاش قبل ألفين وخمسمائة عام لديه ما يقوله لنا حتى اليوم. فعندما قالت عرافة دلفي، وهي إلهة في ذلك الزمان، وناطقة باسم الآلهة وخاصة زيوس، أنه ليس بين البشر من هو أكثر حكمة من سقراط، حار سقراط حيرة شديدة في هذا الأمر. فهو يعلم أنه لا ينطوي على قدر يؤبه له من الحكمة أو المعرفة، ولكنه يعلم في نفس الوقت أن الآلهة لا تكذب، ولم تغب عن فطنته بالطبع أن شهادة الآلهة لم تكن فقط في صالحه، بل تتوجه حكيما على كل البشر. لم يقبل سقراط، لما ركب فيه من هذا العناد البشري المتطاول، حكم الآلهة، لا من حيث قداسته وتنزهه عن الكذب، ولا من حيث أنه جاء في صالحه وحده دوه سواه. فصار يزور أولئك الذين اتصفوا بالحكمة، من حكام ومفكرين وشعراء وأدباء، فاكتشف لدهشته أنه أكثر حكمة من هؤلاء جميعا، لأنه كان يسألهم عما اشتهروا بإتقانه والتخصص فيه، ويظهر لهم من خلال إجاباتهم وبتلك الماكينة العقلية الهائلة التي كان يملكها، أنهم لا يعرفون، معرفة حقة، ما يدعون أنهم يعرفون. وتوصل إلى أنه أكثر حكمة منهم، لسبب بسيط جدا، وهو أنه يعرف أن معرفته متواضعة، وأن الكون لم يكشف له إلا شيئا قليلا من أسراره، وأن عليه أن يمضي دون هوادة في الإستزادة من المعرفة، بينما تربع هؤلاء على حصاة من المعرفة ظنوها جبالا شوامخ. وقال سقراط وهو يشرح ما توصل إليه من علاقة بين المتعالمين الذين يدعون معرفة ما لا يعرفون، والناس العاديين المتواضعين رغم معارفهم وحكمتهم: "أثناء بحثي في خدمة الإله، وجدت أن أولئك الأكثر شهرة والأكثر ذيوعا في الصيت، هم في الغالب الأكثر نقصا، بينما أولئك الذين يعتبرون أقل شأنا هم الأكثر معرفة. ( ترجمة غير رسمية). "رحلة " عبد الله القاسية من بداية محاضرته وحتى نهايتها أثبتت شيئا عكسيا تماما لمسيرة سقراط. فقد وضح أن هذا المفكر الوحيد في السودان، إن كان في السودان مفكر، كما قال مقدمه الكريم، هو الأكثر جهلا بموضوعه من جميع الذين كان يحاضرهم. ولا شك أنهم كانوا يمدون أرجلهم قليلا قليلا، كما فعل أبو حنيفة، كلما أوغل المحاضر في باطله وهرائه، حتى مدوها عن آخرها في نهاية المحاضرة، هذا إذا لم يفكر بعضهم في إطلاقها للريح. وأكاد أرى صديقي محمد الحسن محيسي، المتبحر في كثير من ضروب المعرفة، وهو يفعل ذلك تحديدا. وأحصر المقارنة مع سقراط هنا فقط، فالمقام لا يسمح بالحديث عن محاكمته وموته.

    • وأخيرا، دخل عبد الله في قلوب وخرج من قلوب، وهو بينما يستطيب الدخول فإنه يكره الخروج، ويحاول جهده الجمع بين هذا وذاك، ولا يعتقد ذلك ممكنا إلا لأنه لا يضع للمنطق في تفكيره ورغباته، وزنا كبيرا. وهو يعتقد أنه بالقاء بعض الملاحظات العابرة، لصالح جمهوره القديم، يمكنه أن يكسب هؤلاء وأولئك في نفس الوقت. أنظر إلى إشارته إلى موت جوزيف قرنق "الباسل"، مع أن محاضرته تلزمه أن يقول أن جوزيف قرنق مات من أجل قضية ليست قضيته، مات من أجل جماعة شمالية عربية مسلمة لا ينتمي إليها، مات من أجل وطن يضع عبد الله يده حاليا في أيادي من يريدون تمزيقه، وتقليصه ليكون في حجم مقدراتهم على القهر والتنكيل والسيطرة. أقول لصديقي عبد الله، خيارك الحالي يمكن ألا يكون نهائيا، إذا التفت قليلا إلى الوراء لترى أن مطارديك أصابهم الإعياء والإرهاق "غير الخلاق"، وبالرغم من أنهم لم يكفوا عن المطاردة إلا أن الصمود في وجههم ممكن وميسور، وقد استطاعه كثيرون لم يدقوا الطبول إعلانا عن صمود، فكيف تدق الطبول إعلانا عن هروب؟


    الخاتم عدلان
                  

03-24-2016, 10:46 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    ومقال آخر للخاتم يفضح فيه منهج الرجل التزييفي وتشنيعه على الناس وتشويه اقوالهم - كتبه الخاتم وهو قد فارق صفوف الحزب الشيوعي :

    Quote: بين الدكتور عبد الله على إبراهيم،
    والأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب:
    التآمر والإعدام المعنوي والمزاوجة المستحيلة
    الخاتم عدلان

    لا يكتفي الدكتور عبد الله علي إبراهيم، بأقل من الإعدام المعنوي لليسار، ممثلا في واحد من أوضأ رموزه: الأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب. ومن خلال إشارات مبثوثة في عدد لا يحصى من المقالات، يحاول عبد الله على إبراهيم أن يمدح عبد الخالق محجوب بأن ينسب إليه قيما ومواقف لم تكن حياة الشهيد وموته، إلا نفيا ودحضا لها. وإذا كان ما حدث لعبد الخالق محجوب صبيحة الثامن والعشرين من يوليو 1971، إعداما جسديا إجراميا نفذه حاكم معتوه، فإن رد فعل عبد الخالق عليه، قد مثل الدرجة العليا من التسامي الفردي، والبطولة الإنسانية، والشجاعة العقلية، التي ألهمت أجيالا من الشعراء والرسامين والمبدعين، بقدر ما ألهمت المناضلين في كل الدروب. ومصدر الإلهام هنا لم بكن تلك الوقفة الأسطورية وحدها، بل كانت السيرة كلها، والقيم التي أضاءت تلك السيرة، والتي لم يزدها الإعدام الجسدي إلا جلاء.

    أي أن عبد الخالق محجوب، لم يعد منذ تلك المأثرة الباهرة التي خطها بموته، سوى تلك القيم التي عاش من أجلها، وجاد بروحه ودمائه لإضاءتها وسقياها. وهو قد قال لنا بفعله ذاك: جسدي فداء لفكري، دمي زيت لقيمي، عبوري ثمن لبقاء معناي. فإذا أتي من ينسب لعبد الخالق قيما ومواقف نقيضة لما كان يؤمن به، ويرفعها علما على ذكراه، مع كل آيات التمجيد الزائفة وحسرات الفراق المفتعلة، فإنه يحاول إتيان جريمة أفظع من القتل الجسدي، وهي قتل المعنى. وهذا هو ما ظل يمارسه عبد الله علي إبراهيم منذ أن زلزلته الإنقاذ بحضورها الرهيب، وخلعت فؤاده وكسرت جبارته.

    في كتابه عن الترابي كزعيم للتجديد الإسلامي في السودان، وعن إمكانية حكم البلاد بواسطة فئة القضاة الشرعيين، يورد عبد الله علي إبراهيم الإهداء التالي:
    " إلى أستاذنا المرحوم عبد الخالق محجوب
    كنا قد إئتمرنا أو " تآمرنا" على شيئ من هذا الكتاب في فترة من الزمان عند منتصف ستينات القرن الماضي. واستعجلت أنت تخطو وئيدا شجاعا في السكة الخطرة. أو أبطأت أنا. وهذا بعض كسبي من " المحضر السابق" صدقة جارية لروحك السمح العذب، يا أيها الرجل الوسيم."
    ألاحظ عرضا هنا إستخدام عبد الله على إبراهيم، في إهداء يوجهه إلى عبد الخالق محجوب، لمصطلحين أساسيين في فكر حسن عبد الله الترابي، هما مصطلح الإئتمار، الذي يفضله الترابي لمعناه المزدوج، الظاهر المتعلق بعقد المؤتمرات، والخفي الذي يعني التآمر، فالترابي يعشق مثل هذه المصطلحات ويهيم بها هياما لا فطام منه. ومصطلح "الكسب"، الذي يصور العمل السياسي والفكري، ليس كعطاء يجود به المرء طوعا على الآخرين، بل ككسب يأخذه الفرد عنوة من الجماعة، ويأخذه الحزب غصبا من المجتمع.

    وأتجاوز عن ظاهرة ذلك المستعجل الذي " يخطو وئيدا"، في مزاوجة مستحيلة بين نوعين من المشي، وأنفذ إلى جوهر فكرة عبد الله، وهي إشراك عبد الخالق في تأليف كتاب لم يكن ليتردد في إستنكار كل مقولة أساسية وردت فيه، ودحضها بحزم فكري عرفه عنه عبد الله قبل سواه. والدليل الذي يسوقه عبد الله على إشتراك عبد الخالق معه في فكرة هذا الكتاب، هو تآمر سري، بينه وبين عبد الخالق.

    وهي فكرة ليست كاذبة فحسب، بل هي غبية كذلك. لقد أتهم عبد الخالق محجوب بالتآمر في أشياء كثيرة، في مراحل مختلفة من حياته، من مؤامرة الشيوعية الكبرى، وحتى مؤامرة الإنقلاب العسكري. وكانت الإتهامات ذات طابع سياسي واضح، لأن عبد الخالق كان قائدا سياسيا فذا، من أخمص قدميه إلى شعر رأسه. ولكن أحدا لم يتهم عبد الخالق بمؤامرة فكرية. في مسائل الفكر كان عبد الخالق واضحا كالشمس. بل كان يوصي الشيوعيين بأن يكونوا واضحين فكريا مثله، وألا ينحشروا في مواقع الدفاع، حتى لا يتهموا بالإنتهازية. فكيف يمكن لرجل هذا شأنه أن يتآمر مع عبد الله على أفكار هابطة مثل تولية شؤون الدستور والحكم لفئة القضاة الشرعيين، إذا كان ذلك هو الجزء من الكتاب موضوع التآمر، أو تنصيب الترابي زعيما للتجديد الديني، إذا كان موضوع التآمر هو الجزء الثاني من الكتاب؟ وكيف يمكن لعبد الخالق أن يتآمر على كل تاريخه الفكري؟

    التآمر المشار إليه هنا، لا يعني سوى أن عبد الله، وقد سار في الدروب الموحشة، بدلا عن "السكة الخطرة"، يريد أن يدعي أنه يفعل ذلك وهو في صحبة رفيعة، كما يريد أن يتأبط ذراع عبد الخالق إلى قبره المعنوي، الذي أعده بدافع الكراهية العميقة التي تسمي نفسها حبا خالدا. وسأوضح ما أجملته هنا عندما أتناول في مقالات قادمة، كتاب عبد الله المدوّن بمداد التهافت المنطقي والمرجّب بعمد الحجج الخاوية.

    وما أجمله عبد الله هنا في كلمة إهدائه المسمومة، فصله شيئا ما في مقدمته لكتاب عبد الخالق: أفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين الذي كتبه الشهيد أواخر الستينات. ولأن الرسالة التي حددها عبد الله علي إبراهيم لنفسه، إزاء عبد الخالق، لا يمكن أن تكون مستقيمة، وإلا كشفت نفسها للدحض المباشر، فإن إلتواءها قد ظهر هنا بأجلى ما يكون الظهور. إن عبد الله إذ يقدم لكتاب، ينتقد دون رحمة، وباستقامة فكرية عظيمة، عرفت عن الشهيد، أفكار الإخوان المسلمين، لا يورد حرفا واحدا، أو فكرة واحدة من الكتاب الذي بين يدي القاريئ، بل يلجأ إلى نسبة أفكار نقيضة لما ورد في الكتاب إلى مؤلفه، بإعتماد مراجع أخرى ليست بين يدي القارئ ولا يؤمل أن يحصل عليها حتى إذا شاء! والأخبار غير السارة بالنسبة لعبد الله، إننا حصلنا على بعضها، ونعمل على الحصول على الأخريات ولو طال السفر، فليكفهر وجهه ما شاء له الإكفهرار!

    يقول عبد الله علي إبراهيم أن عبد الخالق محجوب، لم يكن معترضا على دعوة الدستور الإسلامي، عند ظهورها، بل كان محبذا لتلك الفكرة، منشرحا إزاءها، ومحتفيا بها. وربما يكون رد فعل كثير من القراء، وهم يطالعون هذه الدعوة الغليظة، أنني أتجنى على الرجل، وأرجمه بالغيب، وأتهمه بما لا يمكن أن يكون قد صدر عنه. ولا أستطيع أن أرد على هؤلاء إلا بكلمات عبد الله علي إبراهيم نفسه الواردة في مقدمته تلك لكتاب عبد الخالق. يقول في صفحة 11 ما يلي:
    " ويذكر الشيء بالشيئ، فأريحية عبد الخالق الفكرية حيال مشروعية، بل وسداد الدعوة إلى الدستور الإسلامي قديمة. فقد تقبل هذه الدعوى بطيب خاطر في كتابات باكرة له بجريدة الميدان عام 1957، والدعوى إلى مثل هذا الدستور في طفولته بعد" (الدعوى بدلا عن الدعوة وطفولته بدلا عن طفولتها، نقلتها كما وردت في الأصل.)

    ولكن التأييد المزعوم للدستور الإسلامي، المنسوب لعبد الخالق محجوب، وإيمانه ليس فقط بمشروعية الدعوة، بل بسدادها، لا يتوقف على مقال نشر عام 1957 عندما كان عمر عبد الخالق 30 عاما، بل يمتد معه في دعوى عبد الله حتى مماته على ما يبدو، يقول على ص 13 من مقدمته:
    " وعليه لم يكن عبد الخالق في عام 1958م، كما لم يكن في عام 1965 م، ممن أستثقل أو إستفظع أو إسترجع –أي جعلها رجعية باطلاق- الدعوة إلى الدستور الإسلامي، بل كان أكبر همه فحص إن كانت الدعوة إليه قد جاءت من باب المواتاة السياسية أم أنها صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر، وعن عزيمة كتأمين السيادة الوطنية على أساس من العدل الإجتماعي. والدليل على رحابة صدر عبد الخالق لخطاب الدستور الإسلامي هو تنبيهه إلى أن المناقشات التي جرت حول وجوب تطبيقه في ما بعد ثورة أكتوبر 1964م " ولدت وعيا بين الناس لا سبيل إلى إنكاره ولفتت الإنتباه لأول مرة في بلدنا للنظر للدين من زاوية المؤثرات والتقدم الذي أصاب الإنسان في القرن العشرين."

    وربما يكون روع القاريئ قد هدأ حاليا، بعد أن وقف من عبارات عبد الله، على أنني لم أنسب إليه ما لم يقله. فالعبارات رغم حظها الضئيل من الإبانة، ورغم ما فيها من اللغو والعويش، إلا أنها توضح موقف صاحبها بصورة كافية. إذن كان عبد الخالق محجوب منشرحا لدعوة الدستور الإسلامي، محتفيا بها، غير منكر ولا "مسترجع" لها. كل إعتراضات عبد الخالق محجوب، إنطوت على اعتبارات ثانوية، مثل أنها طرحت في غير محلها، وأنها لم تتشرب بصورة كافية بعداء الإستعمار، كما أنه لم يكن واثقا من أنها "صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر" أو كما قال!

    هنا أيضا، يريد عبد الله علي إبرهيم، في مسيرته الهابطة، أن يقنع الناس أنه يسير في صحبة راقية. وهنا أيضا يحاول أن يسوق عبد الخالق محجوب إلى قبره المعنوي، بعد أن تكفل الآخرون بقتله الجسدي. والواقع أن عبد الخالق لم يكن في أية لحظة من لحظات حياته المدونة، من دعاة الدستور الإسلامي، سواء بتوضيحاتها أو بدون توضيحاتها. بل كان خصما لدودا، ومجادلا عميقا عارفا، ضد ذلك الدستور وتلك الدولة، وما كتابه هذا الذي يقدم له عبد الله علي إبراهيم، ولا يذكره بكلمة واحدة، سوى شهادة دامغة على ما نقول.

    مواقف عبد الخالق محجوب في المعركة الممتدة ضد الدستور الإسلامي معروفة وموثقة، وخطبه داخل الجمعية التأسيسية عندما كان نائبا من نوابها معروفة للجميع، تسميته لتلك الدعوة بالمشبوهة والرجعية معروفة كذلك، ويعرفها عبد الله علي إبراهيم أكثر من سواه. وهذه كلها شواهد سنوردها ونفصل أمرها. ولكنا هنا نكتفي بالدحض المنطقي لمقولات عبد الله علي إبراهيم المتهافتة حول موقف عبد الخالق محجوب.

    فإذا كانت الرواية التي أعتمدها عبد الله لتلك المقالة التي نشرها عبد الخالق صحيحة، وليس لدي ذرة من الثقة في أمانة عبد الله، فإن جوهر حجة عبد الخالق هي أن المعركة في ذلك الوقت، كانت هي الوحدة ضد هجمة الإستعمار، وليست الفرقة حول الدساتير. هذا لا يعني أن عبد الخالق كان يؤيد الدستور الإسلامي، بل كان يرى أن من يطرحونه إنما يريدون خلط الأوراق، والهروب من المعركة الماثلة إلى معارك أخرى سيأتي أوانها. فلنحارب الإستعمار جميعا كسودانيين، ثم نتعارك بعد ذلك حول الدساتير. وهذا موقف لا أستبعد أن يكون عبد الخالق قد وقفه بناء على التحليل الماركسي في التناقضات الأساسية والثانوية، المعروفة لدى عبد الله دون ريب.

    وبمعنى أوضح إذا كان عبد الخالق يدعو إلى دستور علماني، وقد كان يدعو إليه حتى إستشهاده، وهو بعض من معانيه الباقية، فإنه يقول دعونا نعرض حاليا عن طرح الدساتير، ودعونا نتوحد ضد الإستعمار وأذناب الإستعمار، وبعد أن نزيح ذلك الخطر فليطرح كل منا دستوره، وفي هذه الحالة فإنني سأعترض على دستوركم الإسلامي، طارحا دستورا علمانيا مستقيما. هذا كل ما يمكن أن يستشفه المحلل الأمين من مواقف عبد الخالق محجوب.

    المهم أن عبد الخالق محجوب لو كان يدعو إلى الدستور الإسلامي، فإن معانيه كلها تكون قد جفت تقريبا، بقيام الدولة الإنقاذية الأصولية التي ألتحق عبد الله بخدمتها الفكرية، من مواقع الإلتواء والخفاء الشديد والنكران. وإذا كان ذلك مبتغى عبد الخالق، فإن إعدامه المعنوي يكون قد إكتمل. فكيف يمكن أن يكون عبد الخالق داعية للإشتراكية والعدالة والعلمانية والشيوعية، إذا كانت أحلامه تنتهي عند عتبة الدولة الدينية؟ ولست مندهشا لمحاولات عبد الله إعدام عبد الخالق معنويا، لأن ذلك يمثل بالنسبة إليه حاجة نفسية قاهرة. فهو لم يكن ليقدم على مثل تلك المحاولة لولا أنه اختار الإعدام المعنوي لذاته أولا، في مواجهته لأخطار لم يكن من ضمنها الموت. وذلك على النقيض تماما من عبد الخالق محجوب الذي اختار الفناء الجسدي، والبقاء المعنوي، وهو عارف تماما بتبعات خياره.

    ولا يكتفي عبد الله بمقالات مجهولة كتبت عام 1957، بل يورد وثيقة قضايا ما بعد المؤتمر كشاهد على أطروحته. وهذا ما سنعالجه في حلقة مقبلة.
                  

03-24-2016, 10:51 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    اما استاذنا الدكتور عمر القراي فقد كان من الناس الذين عرفوا قدر هذا الرجل الرخيص الصغير ؛ فكتب مقالين يعدان مفتاحين في فهم هذا الرجل ميت الوجدان كما وصفه القراي والذي اغتال نفسه معنويا كما وصفه استاذنا الخاتم عدلان - فإلى المقال الأول :

    Quote: تعقيب على د. عبد الله علي ابراهيم: إنك لا تعدو قدرك !! (1-2)



    (وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) صدق الله العظيم

    د. عمر القراي

    حين كتبت عن سقوط د. عبد الله علي ابراهيم، الذي حوله من مناضل (شيوعي)، الى مفاخر بأنه (أخ مسلم)،
    يدعم إعتصام رابعة العدوية، ويطالب بعودة مرسي !! ثم هو أيضاً يؤيد حكومة أخوان السودان، رغم ما ارتكبته من جرائم فظيعة، ويتزلف إليها، ويشاركها إنتخاباتها المزيفة، ليمنحها شرعية، كنت أظن أنه وصل الى الحضيض، الذي هوى نحوه منذ سنوات ..

    ولكن إتضح إن امكاناته في التدني، لا حدود لها، وهو مهما شتمني، ولعنني، لن يضرني إلا أذى، وكفى به داء، وهو (الأديب) و(الكاتب)، أن ينقل للقراء، خاصة الذين لا زالوا يظنون أن لديه أي قدر من أي قيمة، تنابذاً ساقطاً، بينه وبين شخص سماه (حمادة)، وأدعى أنه تبادل معه السباب عبر رسائل، ثم أخذ يربط بيني وبين هذا الشخص الوهمي، مدعياً أنه من الذين قرءوا نقدي له، وأعجبوا به !! ولما كان غاضباً على ( حمادة)، عاجزاً عن مجاراته، أخذ يشتمني أنا، ويحاسبني على سلوكه على اعتبار انه من المعجبين بكتابتي !! فهل رأى الناس مثل هذه الطفولة الفكرية ؟! هذا بالرغم من أنه أدعى، انه يتبع تعاليم الدين في الاعراض عن اللغو، فقال (وعادة ما لا أرد على مثل هذا اللغو كما أمرنا ديننا. ولكن استغربت لرجل يتحدث عن الشجاعة بوحي من القراي ويحجب اسمه عني. وقررت الرد عليه لأعرف المزيد عنه بما في ذلك الكشف عن اسمه) فهل رغبتك لتعرف المزيد عنه، سبباً كافياً لتفارق ما أمرك به دينك وترد عليه ؟! أم أن دينك مجرد إدعاء مثل سائر إدعاءاتك لا قيمة له في صدرك ؟!

    وكان يمكن لعبد الله علي ابراهيم، أن يكتب (منابذته)، التي تشبه (ردح) النساء المصريات المشاكسات، حين يتشاجرن في حواري الاحياء الشعبية، ل (حمادة) في مقال منفصل، ثم يرد علي بمقال آخر، بعنوان مختلف، يتناول نقدي له في مستواه .. ولكنه لم يفعل ذلك، لأنه يريد ان يشتمني، ولو اقتصر على مقالي، لما وجد فيه ما يبرر به شتيمتي، فأتى بهذا (الحمادة) المزعوم، وخلط بيني وبينه، حتى لا يتبين القارئ الأمر، فيكيل لي ما شاء من (الردح)، وهو ما لا استطيع ان أجارية فيه، لأن كل إنسان ينفق مما عنده !! وحتى يضرب الله، على عبد الله علي ابراهيم ما وصفته به من (الردح)، ختم مقاله بقوله (ولعنك الله يا حمادة والقراي ولعنكما اللاعنون) !! فهل هذا السب واللعن من ضمن (أدب) الأدباء أم سفه السفهاء ؟!

    كتب عبد الله (و"ولَّع" القراي في الحبيب الإمام بما تواضع عليه غيره من كتبة "التعليق على الأنباء". وتساءل: "لماذا لم يقد السيد الصادق المظاهرات التي خرجت من مسجد السيد عبد الرحمن؟". ويبدو أننا خسرنا حسنا بالنكتة. فسؤال القراي يذكرني بمساخة رباطابية معروفة. قيل إن رجلين هربا من وجه كلب معقور. وقال أحدهما للآخر وهما "معردين": ما تشيلك حجر ترمي بيهو الكلب دا. قال الآخر: وإنت جاري فوق برش. ومثل القراي أدمن الجري على برش الغربة خالي حجارة ويعرف يقيناً ما "ينبغي" أن يفعله آخرون بحجارة الوطن).

    ولو كان عبد الله يفهم ما يقرأ، لما احتاج ان يصرف القراء عن الموضوع الجاد، بهذا الهزل السخيف .. فأنا لم اطالب السيد محمد عثمان الميرغني، بالخروج في مظاهرة، لأنه لم يهاجم النظام في خطبه، ويدعو الى اسقاطه. ولكنني ذكرت ذلك عن السيد الصادق المهدي، لأنه خطب أكثر من مرة في جموع أنصاره، وذكر ضرورة تغيير النظام، وخرجت المظاهرات من مسجده، بسبب خطبه، ثم لم يخرج معها !! فهل أطالب أنا ألا اذكر هذا التخاذل، لأنني لم اخرج أيضاً في المظاهرات، حين كنت خارج البلاد ؟! وهل يطلب عبد الله من كل المغتربين، المعارضين للنظام، أن يتركوا عملهم خارج السودان، ويحضروا ليشاركوا في المظاهرات، أو لا يتحدثوا عن قضية الوطن، ومواقف الاحزاب المختلفة منها؟! وحين كنت في السودان، شاركت في عدد من المظاهرات، وكنت أكتب مقالات في معارضة النظام، اعتقلت بسببها، وقدمت للمحاكمة.. فماذا فعل عبد الله علي ابراهيم؟! إن الجري على "البرش"، هو ما فعله عبد الله حين لامني على الغربة، وهو قد اغترب اكثر مني!! وهو أمر سأتناوله في الجزء الثاني من هذا المقال.

    ومع ذلك فأنا لم اغترب، وإنما هاجرت، حين حوربت في رزقي، حتى لا استضعف في الأرض، وذلك نزولاً عند توجيهه تبارك وتعالى، في قوله (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا) ؟! فهل أفضل أن أهاجر أم أبقى منكسراً للنظام مستغلاً بواسطته مثل عبد الله علي ابراهيم ؟!
    يقول عبدالله (نتجاوز ذلك إلى عبارة شاذة من القراي حَذِرت بها أنه لا يقرأ فحسب بل هو معاق وجدانياً. فاستغرب لدفاعي عن أخوان مصر في وقت أنكر قادتهم أنهم أخوان في التحريات بعد التحقيق. وهو يشير إلى تحقيقات الأمن مع بعضهم نشرتها الصحف والتلفزيون. ولم أجد فيها سوى الداعية صفوت حجازي تلجلج في دفتر التحري وأنكر عضويته لتنظيم الأخوان. وربما كان بالفعل ليس من الأخوان. أما الآخرون فيحردن. أنكروا بالطبع التهم الملفقة عن الإرهاب ونحوها ولكنهم ثبتوا ثبات المؤمن الواثق من ربه وقضيته..... ليست إعاقة الوجدان مما أصاب القراي في قراءته الخرقاء المضللة (إن لم تكن المزورة) لإفادات قادة الإخوان فحسب بل في استعانته أصلاً ، وهو المثقف الشجاع، بمحضر تحري صادر عن جهة أمنية للخوض في شأن معتقلين بذمة الأمن ما يزالون. كيف سمح له ضميره وذوقه وتدريبه كحامل دكتوارة أن يأخذ استجواب جهة أمنية كمصدر لاي مبحث في حقائق الناس وشجاعتهم؟ ويزيد القراي الأمر نُكرا بأنه لا يتحرج من تزوير حتى هذه المادة الخبرية المسرطنة)

    هذا ما قاله عبد الله علي ابراهيم، أما أنا، فلم آخذ استجواب جهة أمنية، وإنما أخذت باستجاوب النيابة !! فقد جاء (من خلال نص تحقيقات النيابة مع قيادات جماعة الإخوان المسلمين ممن تم القبض عليهم عقب فض اعتصامى النهضة ورابعة، والتى حصل عليها "اليوم السابع"، اتضح لنا بقراءة تحليلية التزام تلك القيادات بنفى التهم المنسوبة إليهم طمعا فى الهروب من المحاكمة، رغم أن معظم تلك التهم موثقة ومصورة صوتا وصورة )(اليوم السابع 10/9/2013م). ولقد كرر قادة الاخوان المسلمين الأنكار امام القضاء، فقد جاء (قال المستشار زكريا شلش، رئيس محكمة جنايات الجيزة، اليوم الأحد، إن أقوال قيادات جماعة الإخوان المسلمين، الذين تم القبض عليهم، هى أن علاقتهم انتهت بجماعة الإخوان، بعد انضمامهم لحزب الحرية والعدالة، موضحا أن اعترافات قيادات الجماعة، تعد نوعاً من أنواع الدفاع عن النفس، يخضع لتقدير المحكمة، ولها ان تأخذ به، أو لا، وفى النهاية الأدلة والورق هو العامل الأساسى لتقدير المحكمة. وأضاف شلش، بعد اعترافات قيادات الجماعة بالفضائيات، وما احتوته الأقراص المدمجة التي سجل عليها اعترافاتهم، وما يثبت بالمستندات التي تدل على أنهم كانوا أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، دليل على ما ارتكبوه من جرائم العمليات الإرهابية، والخيانة العظمى، الممثلة في دعوة الدول الأخرى التي تعادي مصر.

    ومن جانبه قال الدكتور محمود كبيش، عميد كلية الحقوق بجامعة القاهرة، إن إعترافات قيادات جماعة الإخوان المسلمين، الذين تم القبض عليهم، بأن علاقتهم انتهت بجماعة الإخوان بعد انضمامهم لحزب الحرية والعدالة، يأتي استمرارا لمسلسل الكذب الإخواني وأكد كبيش، في تصريح خاص لـ “صدي البلد”، إن انتماء قيادات الإخوان لحزب الحرية و العدالة، ليس له علاقة في التحقيقات بما ارتكبوه من أعمال إرهابية، و تحريض علي القتل و أعمال العنف.

    و تابع الدكتور شوقي السيد، الفقيه الدستوري، لا قيمة لإنكار قيادات الإخوان، بأنهم لا ينتمون للجماعة، لأن الإخوان يعلمون جيداً أن حزب الحرية والعدالة، هو الذراع الأساسية للجماعة، بمعني أنه ينفذ خطط الجماعة، بالإضافة إلي الأدلة المثبتة عليهم وتدينهم وأشار شوقي، إلي أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين، لم يعتقلوا لانتمائهم للجماعة، أو حزب الحرية والعدالة، ولكن لما ارتكبوه من جرائم وأعمال إرهابية. ويذكر أن جميع قيادات الإخوان المعتقلة نفت كل صلة لها بالجماعة في التحقيقات الأولية بعض القبض عليهم في إصرار كبير على أنهم ليسوا، إلا أعضاء بحزب الحرية والعدالة فقط، ومن أبرز هذه القيادات محمد البلتاجي، وصفوت حجازي، ومحمد بديع)(موقع مصرأونلاين 27/10/2013م).

    والحقيقة ان نكران الاخوان المسلمين لإنتمائهم، الذي ينكره عبد الله، هنا، في جهالة لا تليق بباحث، قد اصبح ظاهرة، حتى خرج بعض الصحفيين يسألون علماء النفس، تفسيراً لهذه الظاهرة العجيبة، فجاء (وعن ذلك قالت الدكتورة “هبة العيسوي” أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس لـ”البديل” أن ما حدث من قبل جماعة الإخوان المسلمين منذ فض اعتصاماتهم من حرق وتدمير هو انتحار سياسي وهذا يرجع إلي السلوك النفسي والحالة النفسية التي أصابتهم بعد عزل محمد مرسي، وتعالت في أذهانهم فكرة الضغط حتى يعود مرة أخرى إلى الحكم. وأضافت أن الجماعة خسرت تعاطف بعض من كان يتعاطف معهم من قبل الأمر الذي أصابهم بمرض هستيريا العنف الذي دفعهم لحرق الكنائس والتعدي علي المنشآت الخاصة والعامة والتدمير في سبيل حلم العودة للسلطة مرة أخرى. وأكدت العيسوي أن سلوك جماعة الإخوان حاليا جاء نتيجة قناعتهم أن صورتهم في الداخل مُسحت “بأستيكة” من عقل الشعب المصري بعد المشاهد الدموية التي أثارت حتى الأطفال داخل منازلهم، موضحة أن إنكارهم للتهم هي محاولة أخيرة للنجاة بأنفسهم بعد الفشل.

    ومن جانبه قال الدكتور “إبراهيم حسين” أستاذ الطب النفسي بجامعة عين شمس أن قيادات الإخوان ترفض تماما أن تستلم للأمر الواقع، فتحاول أن تخرج من السجن بأي طريقة عن طريق إنكار كافة التهم، وذلك ربما لاتباعهم نهج المخلوع حتى يخرجون براءة، وهذه الحالة أشبه بحالة الإنتحار والدليل هى مظاهراتهم الغير سلمية... وفى سياق متصل قال دكتور “عبد الرحيم علي” أستاذ الطب النفسي بجامعة دمياط، أن القيادات الإخوانية الآن تحاول أن تتبرأ من كافة التهم الموجهة إليها، وهذا في علم النفس الطبي يسمى “سيكولوجيا الهروب من مواجهه الأزمات” .... وأكد عبد الرحيم أن المشكلة هنا أن من يفعل ذلك هم القيادات التي تتاجر باسم الدين، فكيف كان يصعد إلى القنوات التليفزيونية يتحدث عن ما يأمرنا الله به، ثم يعود هو ليكذب، موضحا أن تلك الحالة ستسبب حالة من عدم الثقة فيهم من الشعب المصري ...)(البديل 28/8/2013م).

    إن الإعاقة الوجدانية والعقلية، هي أن يكذب شخص كل المتحدثين في هذا الامر، ويرفض الاستماع الى صوت ثلاثين مليون خرجوا في الشارع المصري، ويصدق الأخوان المسلمين الذين مردوا على الكذب والنفاق !! يقول عبد الله فيما نقلنا عنه أعلاه (ويزيد القراي الأمر نُكرا بأنه لا يتحرج من تزوير حتى هذه المادة الخبرية المسرطنة) !! فأين هو هذا التزوير الذي نسبه لي دون دليل في هذه العبارة الكاذبة ؟!

    -نواصل-
                  

03-24-2016, 10:49 AM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3484

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    هل تقصد يا عادل، انو دكتور عبد الله انتقد الخاتم نقد شخصي بعد مماته، ولّ نقد يصب في خانة مسيرة الخاتم في العمل العام؟
                  

03-24-2016, 10:58 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: أبوبكر عباس)

    سلام أبو بكر

    Quote: هل تقصد يا عادل، انو دكتور عبد الله انتقد الخاتم نقد شخصي بعد مماته، ولّ نقد يصب في خانة مسيرة الخاتم في العمل العام؟
    نعم اقصد انه عرض به شخصيا ؛ واطلق عنه اقوالا لا يدعمها شيء ؛ ويتهمه بالجهل واللغو ؛ ويفعل كل ذلك بعد موت الخاتم؛ بعد ان كان صامتا صمت القبور في حياة الخاتم .

    ويدعي "الضكران" انه فند كل " إدعاءات" الخاتم؛ وينسى أن يقول أنه فعل ذلك بعد موت الخاتم؛ وبعد 16 عاما من كتابة الخاتم لورقته " آن اوان التغيير" . فقد كتب الخاتم ورقته عام 1990 ونشرت في عام 1993 ؛ وعاش الخاتم حتى 2005 لم يفتح الله على ع ع ابراهيم بحرف؛ ثم مات الخاتم فشمر هذا الرجل الرخيص عن ساعديه وكتب ورقته المتهافتة في شتم الخاتم ولا اقول نقده؛ لأنهى عرف ان الخاتم لن يرد عليه .

                  

03-24-2016, 10:46 AM

sadig mirghani

تاريخ التسجيل: 03-03-2014
مجموع المشاركات: 2555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandquot; (Re: Abdel Aati)

    اخ عبدالعاطي
    والله سبقتني بي دقايق انا خاني الباسويرد عن فتح موضوع بخصوص د\عبدالله على ابراهيم

    اورد الخبر لو سمحت لي
    د.عبدالله علي إبراهيم : لم اكون (حٌوار) لعبدالخالق وتعلم مني الكثير وعلمني(الضكاره) وفاة الترابي خساره للسودان وهذا أكبر أخطاءه .
    د.عبدالله علي إبراهيم : لم اكون (حٌوار) لعبدالخالق وتعلم مني الكثير وعلمني(الضكاره) وفاة الترابي خساره للسودان وهذا أكبر أخطاءه .


    لايوجد حزب شيوعي (ديل ناس زعلانين ساي )..نقد حفظ ماء وجه الحزب والخطيب خلوق
    03-23-2016 02:44 PM
    الخاتم عدلان لم يصل مرحلة التفقه في الماركسية حتى ينتقده .
    لا علاقة لي بالشيوعي حالياً واللون الأحمر لا يعنيني .
    أزمتنا في السودان ازمة هويه وليس من حق الدولة فرض العروبة علينا .

    يعتبر كنز من المعرفة والتعمق في قضايا اليسار ولكنه أعلن في الحوار الحالي تنصله من الحزب الشيوعي والتمسك باليسار كفكرة ومبدأ ولم يتوانى في دمغ الحزب العجوز بتحالف الغاضبين الذي يعمل بلا فكرة وطموح ، من جانبه بدا الرجل معتزاً بنفسه وهو يقول لم اكون حٌوار لعبدالخالق محجوب بل كنت نديد ، في سنوات ماضيه شن هجوماً عنيفاً على الترابي ولكن وصف وفاته بالخسارة للوطن كاشفاً عن ملازمته لسرداق عزاء الفقيد لثلاثة ايام إنه الدكتور عبدالله علي إبراهيم (الأهرام اليوم ) جلست إليه فخرجت بالحصيلة التالية .
    حوار : عبدالرؤوف طه . تصوير : علم الهدى حامد
    هل حزنت على وفاة الترابي ؟
    كنت على مدى ايام متواجداً بسرداق عزاء الترابي .
    إنتقدته من قبل بعنف ؟
    الترابي مثل العلم كما العلم بأي شئ آخر .
    بمعنى ؟
    العلم به كما البيعه وتحديداً لدى المعارضين .
    هل درست الترابي كعلم ؟
    لدى المعارضة كل من يدرس الترابي يعتبر (سٌبه) وانا استغرب جماعة من الناس كيف تعيش عصر الترابي وهي جاهله بالترابي وجهلها به هو الذي مكنه من تلك الجماعة ..
    هل تقصد ان الترابي أعلم من كل الجماعات التي كانت تؤيده وتنتقده ؟
    الجهل به جعله في وضع يسدد لك (لكمات) من حيث لا تدري وكل الاسلاميين واليساريين والليبراليين ورثوا نوع من الإستخفاف بالترابي .
    كيف تنظر لهذا الإستخفاف ؟
    أنا قلت من قبل ان الترابي مثل ريغان الذي كان يقود تحالف الحزب الشيوعي الامريكي اليسار استخف به فاذا به يدمر الامبراطورية السوفيتيه والترابي تعرض للإستخفاف من اليساريين في السودان .
    تقصد أن الترابي هزم اليسار كما فعل ريغان مع السوفيت ؟
    نعم الترابي نجح في التقدم على اليسار وقفز بالتنظيم الطلابي الصفوي الى مشروع حكم بسبب إستخفاف اليساريين والجهل به .
    هل تستطيع ان تقر بإنتصار الترابي على اليساريين ؟
    للأسف كان بإمكانه الإنتصار على اليساريين ولكن تورطه في إنقلاب الانقاذ اوقعه في نفس اخطاء اليسار الذين قادوا إنقلاب مايو .
    المباراة بين الترابي واليساريين كم نتيجتها ؟
    إنتهت بخسارة الطرافين .
    نريد مقارنة بين الترابي ومحمود محمد طه ؟
    محمود محمد طه إنتقل من الفعاليه السياسية الى الفعالية التربويه .
    بمعنى أوضح ؟
    محمود بدأ سياسياً وبعد تعرضه للسجن تحول لصيغة تربويه .
    وماذا عن الترابي ؟
    الترابي هزم الجماعة التربويه داخل الحركة الإسلامية وهم جماعة جعفر شيخ إدريس .
    هل حالف التوفيق الترابي في الشأن السياسي ؟
    وفق منذ اكتوبر حتى مرحلة حل الحزب الشيوعي .
    تقصد حل الحزب الشيوعي كان خطأ ؟
    خطأ ضار بمجمل مسيرة الترابي السياسيه .
    هل الترابي يتحمل مسؤولية حل الحزب الشيوعي ؟
    نعم يتحمل مسؤولية حل الحزب الشيوعي .
    لماذا وهو لم يطلب بحل الحزب في الأصل ؟
    مشروعه هو الذي حل الحزب الشيوعي .
    هل تتفق معي ان ليس للترابي مرارات مع اليساريين ؟
    ليس له مرارات مع اليساريين وهو زميل لهم في المدارس وفي المعتقلات .
    أمر مدهش عدم وجود مرارات بين الترابي واليسار ؟
    صحيح خاصة وان الكثيرون كان لهم عداء مع اليسار مثل الراحل إسماعيل الازهري وعلي عبدالله يعقوب .
    هل وفاة الترابي خسارة للسودان ؟
    مؤكد خسارة طبعاً ولكن للأسف توفى في منعطف أُفرغ فيه الترابي من خطورته .
    تقصد مهادنة النظام مؤخراً ؟
    منذ دخوله في انقلاب الانقاذ لم يعود لقرارات وخيال وتصور وطموح الترابي قيمة وفقد زمام المبادرة تماماً .
    أين مشروعك تحالف الهاربين ؟
    مازلت امضي في إنجازه وهو ضمن المشروع الثقافي لمشروعي الشامل.
    من أين يبدأ المشروع ؟
    بدأ بحوار مع الصفوة .
    ولماذا تبدأ من القمة قبل القاع ؟
    انا من اتيت من القاع ولكن الصفوة هي مشروع مجادله فكرية.
    على ماذا يرتكز هذا المشروع ؟
    على نحن عرب وأفارقة .
    نحن افرو عربية ، ام عرب افريقيه ؟
    لايوجد فرق كبير .
    هل مشكلتنا في السودان تنحصر في الهوية فقط ؟
    بالطبع .
    الهويه تأتي بعد وصولنا للرفاهية والتنمية المستدامة ونحن مازلنا نعاني التشظي والحروب ؟
    كل الحروب التي تدور الآن حول الهويه والصراع حول النسب وحظوظ كل قبيله في الحكم .

    لماذا تحصر نزعتنا في إطار ضيق ؟
    النزاع الذي يحدث في السودان نزاع ثقافي .
    تمسكنا بالهوية العربية هل يعتبر أمر سلبي ؟
    هنالك من هم عرب وسيظلون عرب حتى ابد الدهر ولكن السؤال الاهم هل الدولة من حقها تصبح عربية .
    هل من حق الدولة تصبح عربية ؟
    ليس من حقها .
    لماذا ؟
    لانها تهضم حقوق آخرين .
    ولكن الأغلبيه العربية هي الكاسحه ؟
    الحقوق الثقافيه لا تقوم على الاغلبيه والدولة تقوم على إدارة التنوع .
    أنت مصنف يمين الحركة اليساريه بدليل ان صدقي كبلو كتب في إشارة لك موسم الهجرة الى اليمين ؟
    صدقي كبلو كان يناقش في الخاتم عدلان وكان يتحدث عن التصفويين وأنا افتكر ان الحزب الشيوعي يعمل على تصفية نفسه دون مساعدة من احد .
    هل تعي ماتقول ؟
    نعم الشيوعي يسعى لتصفية نفسه بسبب الصراعات الضيقه بين الأشخاص .
    الى اي شئ تعزي هذه الصراعات ؟
    بسبب تنصل الحزب عن التزامه بالكادحين او الطبقه العامله والاشتراكية والآن الشيوعي يعيش على ذكرى .
    تقصد الشيوعي يعيش على ماضيه التليد ؟
    بالضبط ولم يعود الحزب مهتم بالماركسيه في الوقت الراهن وكل الذي يعرفونه عنها انها انهارت في الإتحاد السوفيتي .
    هل مازالت الماركسيه نظرية حية ؟
    نعم والماركسيه هي التي حللت المجتمع الرأسمالي .
    الخاتم عدلان يقول ان الإشتراكية كنظرية لا يمكن ان تطبق في السودان ؟
    هذا نوع من (اللغو) والخاتم عدلان لم يصل مرحلة من التفقه في علم الإشتراكية حتى يفتي فيها .
    ولكن له رؤية خاصة في مسألة الإشتراكية ؟
    أنا قرأت كتاب الخاتم عدلان الذي تحدث فيه عن الإشتراكية في السودان وفندت كل إدعاءاته وهو لم يستند على اي مرجع معلومة .
    يرتكز في حديثه على ان الإشتراكية تنمو في البلدان المكتظه بالعمال وهذا الامر لايوجد في السودان ؟
    هنالك بلدان قامت فيها الاشتراكيه ولايوجد بها عمال .
    هل تتفق معي ان الانشقاقات اضعفت الحزب الشيوعي ؟
    لم تضعفه وتاريخياً الحزب الشيوعي عباره عن ثمرة انشقاقات منذ الستينات والانشقاقات الصحيه في العام 1949 م هي التي اخرجت الحزب الشيوعي المسموع عنه حالياً .
    تقصد ان الشيوعي وليد إنشقاقات ؟
    وليد إنشقاق صحي .
    وماذا عن إنشقاقات العصر الحالي مثل خروج الخاتم عدلان ؟
    هذه ظواهر مرضيه .
    هل اضعفت الحزب ؟
    لايوجد حزب من الاساس .
    ايضاً الكادر اليساري الآن اصبح رخو في السابق وكان كمال الجزولي إبن العشرين يتحدث الى جوار عبدالخالق محجوب سكرتير الحزب وقتها ؟
    الموجودين الحاليين ليس يسار ونحن كنا ذو صله بالرفاق في كل بقاع العالم ومع الكادحين .
    تبدو غاضباً على الشيوعيين ؟
    هؤلاء ليس شوعيين بل غاضبين على الاسلاميين وعلى النميري وهم مجموعة تسخطات لا يشكلون رؤية اليسار .
    كنت على علاقة جيدة بعبدالخالق محجوب ؟
    كان قائد من الدرجة الاولى .
    كنت قريب من القائد ؟
    لم آتي اليه (كحُوار) .
    هل انت نديد لعبدالخالق محجوب ؟
    انا رفيق ونحن زملاء ثورة .
    زملاء بنفس الدرجة الفكريه والقيادة ؟
    الحظوظ اقسام ولكن اريد ان انفي انني لست حُوار .
    تقصد عبدالخالق كان محظوظ ؟
    حظوظه في العلم والمعرفه أكثر مني ولكن لم آتي اليه (مافاهم حاجه ) بل اتيت اليه مكتمل وكنت انشر في الصحف ، كما علمني تعلم مني .
    ماذا تعلمت من عبدالخالق وما الذي تعلمه منك ؟
    علمني الإستقامه و (الضكارة) والوقوف على الحقيقة ودفع ثمنها .
    وماذا تعلم منك ؟
    تعلم مني انني لا اقبل ان أكون حُوار ويجب ان تسمع كلمتي .
    مبدأ (الحواريه ) موجود في اليسار كم سائر عند اليمين ؟
    موجود وبأحكام معروفه .
    هل مازلت شيوعياً مخلصاً ؟
    لا ،واتعامل مع الحزب الشيوعي كظاهره سياسيه واتعاطى معها مثلما اتعاطى مع الاخوان المسلمين والاتحاديين .
    ماذا يعني لك اللون الأحمر ؟
    لا يعني لي شئ .
    تُهم الإلحاد التي تلاحق اليسار اضرت به ؟
    لا ، ما اضر بنا التخلي عن الكادحين .
    تغيير إسم الحزب الشيوعي كيف تنظر له ؟
    نحن دخلنا معارك ولاتوجد مشكله في اسم الحزب والمشكلة في ضرورة الاهتمام بالكادحين نحن لسنا أصحاب (ورجقا) بمعني نحن لسنا فلاسفه او اساتذه بل مع الكادحين منذ الاربعينات وظلوا يدعمونا في الانتخابات في النقابات .
    المد اليساري في تراجع في الوطن العربي والافريقي ؟
    حتى الحركة الاسلامية في تراجع في الوطن العربي والافريقي .
    الحركات الإسلاميه في تقدم بما في ذلك المتطرفة ؟
    هل التطرف امر ضروري هذه الحركات فرضت نفسها بالقوة .
    لم تحدثنا عن محمد إبراهيم نقد؟
    نقد انسان حفظ الحزب الشيوعي بعد ضربة كان يمكن ان تؤدي بحياة الحزب .
    هذا جميل في حق نقد؟
    نعم هذا جميل يحفظ لنقد لانه لملم اطراف الحزب بعد إنشقاق عنيف .
    أين أخطأ نقد ؟
    اخطأ حينما كان كل طموحه المحافظة على الحزب وعدم السعي للقفز به الى الامام .
    وماذا عن محمد مختار الخطيب سكرتير الحزب حالياً ؟
    لم نعمل مع بعض وكان في مجال آخر ولكنه رجل خلوق وهو منتخب وانا أحترم ذلك .


    الاهرام
                  

03-24-2016, 10:59 AM

Deng
<aDeng
تاريخ التسجيل: 11-28-2002
مجموع المشاركات: 52563

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: sadig mirghani)

    الأخ عادل عبد العاطي.

    عبد الله علي إبراهيم مثال حي للشخصية السودانية المتعلمة والإنتهازية.
    من الحزب الشيوعي الى أحضان الأخوان المسلمين.

    الرجل عروبوي وعنصري، ولكنه من جل كسب العيش يعمل في القسم الأفريقي في جامعة أمريكية.

    وأنا لا أدير ما هي قصة العنصريين العروبوين السودانين الذين يعملون في القسم الأفريقي بجامعات أمريكية!!
                  

03-24-2016, 11:05 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Deng)

    الاخ العزيز دينق تحياتي :

    Quote: الأخ عادل عبد العاطي.

    عبد الله علي إبراهيم مثال حي للشخصية السودانية المتعلمة والإنتهازية.
    من الحزب الشيوعي الى أحضان الأخوان المسلمين.

    الرجل عروبوي وعنصري، ولكنه من جل كسب العيش يعمل في القسم الأفريقي في جامعة أمريكية.

    وأنا لا أدير ما هي قصة العنصريين العروبوين السودانين الذين يعملون في القسم الأفريقي بجامعات أمريكية!!
    ما قلت الا الحق .

    هذا الرجل شارك في مؤتمرات النظام عام 1990 حينما كان الناس يسحلون في بيوت الاشباح؛ فتأمل رخصه و"ضكارته" المزعومة .

    وهذا المدعي للماركسية والشيوعية لحم اكتافه من الجماعات الامريكية ؛ فتأمل .

    لك الود
                  

03-24-2016, 11:00 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 25106

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: sadig mirghani)

    ما قلت إلا الحق ياحبيب
    يكفيه انه شاهد على انحطاط الكيزان وقياداتهم ولم يقوى على نقدهم ، بل ياكل في موائدهم
    كتاباته كلها اجترار لسيرة الموتى لانه يعرف انه ليس بمقدورهم ان يردوا عليه
    ده مؤرخ حواري ليس إلا
    بالتأكيد الخاتم ليس فوق مستوى النقد، لكن امثال عبد الله غير جديرين بنقده
    اسعدتني طلتك ياعادل
                  

03-24-2016, 11:08 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: حيدر حسن ميرغني)

    كبيرنا وتاج رأسنا حيدر حسن ميرغني

    Quote: ما قلت إلا الحق ياحبيب
    يكفيه انه شاهد على انحطاط الكيزان وقياداتهم ولم يقوى على نقدهم ، بل ياكل في موائدهم
    كتاباته كلها اجترار لسيرة الموتى لانه يعرف انه ليس بمقدورهم ان يردوا عليه
    ده مؤرخ حواري ليس إلا
    بالتأكيد الخاتم ليس فوق مستوى النقد، لكن امثال عبد الله غير جديرين بنقده
    اسعدتني طلتك ياعادل
    نعم هذا الرجل ضعيف اخلاقيا عن ان يحاكم الخاتم عدلان او ان يحكم عليه؛ فالخاتم كان انسانا شريفا واضحا؛ عاش حياته مستقيما ومات مستقيما.

    هذا الكلام لا يمكن ان يقال عن ع ع ابراهيم بأي حال .


    لك الود يا حبيب
                  

03-24-2016, 11:00 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: sadig mirghani)

    شكرا اخي الصادق ميرغني على ايراد هذا الحوار المتهافت الجـــبان؛ ولو كانوا سألوه عن الصادق لاجاب اجابة مائعة ؛ فالرجل يخاف من الجمع الكثير ومن اهل الشوكة أو من يظنهم أهل شوكة مثل الترابي والبشير ولكنه لا يتورع من التشنيع على الموتى .

                  

03-24-2016, 11:11 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    نواصل مع استاذنا القراي وتحليله للعدم مرؤة ع ع ابراهيم وموت وجدانه :

    Quote: في الرد علي عبدالله علي ابراهيم: انك لاتعدو قدرك 2-2



    تعقيب على د. عبد الله علي ابراهيم

    إنك لا تعدو قدرك !! (2-2)

    (وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ)
    صدق الله العظيم

    لقد ساق عبد الله علي ابراهيم مقاله المسف، تحت عنوان ( القراي وحمادة في الغربة البطالة)!! وادعى أنني ما هاجمته ووصفته بالإنكسار، إلا لأن الغربة تؤثر على أخلاق الناس سلباً، وقد اثرت علي بدليل هجومي عليه !! ولعل القراء قد لاحظوا أن الجزء الذي ذكرت فيه عبد الله في المقال منقول من مقال سابق، كان قد نشر في الصحافة في عام 2010م، وأنا في السودان ولهذا فهو ليس نتيجة تأثير الغربة !! والأهم من ذلك، ويدل على قصور تصور عبد الله، هو أن الغربة ليست (بطّالة)، ولكن (البطّال) هو الذي حين وجد نفسه خارج الوطن، إفتتن عنه بمباهج الغربة، ونسى أن في رقبته للوطن ( يد سلفت ودين مستحق) .. وبدلاً من أن يحمل قضية الوطن في قلبه وعقله، ساوم فيها، وتاجر بها، واصبح يدعم مغتصبي الوطن وسفاحيه، ويدين ضحاياهم، كما يفعل عبد الله علي ابراهيم، بصورة يستخزي منها كل كريم !!

    لقد وصفني عبد الله بانني معوق وجدانياً .. والحقيقة هي ان عبد الله ميت وجدانياً !! ومن موت وجدانه، دفاعه عن الاخوان المسلمين المصريين، وفرحه الساذج، بما يتلون من قرآن لا يتجاوز حناجرهم .. فقد حكموا في مصر لعام كامل، فماذا طبقوا من القرآن ؟! وحكموا في السودان وهم يقرأون القرآن حوالي ربع قرن، ثم قال قائلهم أن ما فعلوه شريعة (مدغمسة)، وإنهم بعد كل هذا الفشل سيطبقون الشريعة الصحيحة !! هؤلاء من قيل في أمثالهم (رب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه)!!

    إن عبد الله علي ابراهيم، يحاول أن يظهر الأخوان المصريين، بمظهر الضحية، بعد أن عذبوا، و سفكوا دماء الابرياء في رابعة- بشهادة منظمات محترمة مثل "أمنستي" – ثم وقفوا على المنصة، فوق جثثهم، يدبجون الخطب الفارغة، التي هرب قادتهم بعدها، بمجرد بدأ الاقتحام، تاركين وراءهم السذج والبسطاء من اتباعهم .. وحين عجزوا عن مواجهة الشرطة، قاموا بضرب المسيحيين المسالمين، وحرق الكنائس، والاعتداء على العزل، وإثارة الشغب، واطلاق الرصاص العشوائي على المارة في الطرقات، وقتل الشرطة في عدة مراكز والجنود في سيناء.

    ومن موت وجدان عبد الله، إنه ظل ينقد ما جرى للاخوان المسلمين بمصر، وكأن موضوع مصر هو قضية حياته، دون أن يقول كلمة عن المجازر التي تمت في السودان !! فحتى لو سلمنا جدلاً بأن الاخوان المسلمين ظلموا في مصر، فما حدث لهم هناك، لا يقارن بما فعلته حكومة "الانقاذ" في الشعب السوداني، فلماذا لم يقم عبد الله بإدانة حرق القرى، وقتل الآلاف في دارفور، وقصف وجنوب كردفان والنيل الازرق بالطائرات، ومنع منظمات الإغاثة، من تقديم المعونات لهم حتى يموتوا بالجوع، في قمم الجبال، التي فروا إليها هروباً من جحيم الحرب المسلطة عليهم- وهو جميعه موثق من منظمات وهيئات دولية ؟!

    ومن موت وجدان عبد الله علي ابراهيم ونقص مروءته ، أنه لم يكتب كلمة عن إغتصاب النساء السودانيات، سواء في مناطق الحروب، أو في مكاتب أجهزة الأمن، ولم يعترض على إعتقال النساء، والتحرش بهن، وجلدهن بالسوط بقانون النظام العام.. أليس في كل هذه المآسي، ما يحرك مشاعره أو يحفز موهبته ك(أديب) ليكتب عن هذا الواقع المرير ولو قصة ركيكة، مثل قصصه الباهتة التي كتبها عن السكة حديد ؟!

    ومن موت وجدان عبد الله، وهو يكتب في الصحف، عدم إعتراضه على مصادرة الحريات، واغلاق الصحف، وتشريد الصحفيين وتضييق العيش على اسرهم، ومنع صحفيين بارزين من الكتابة.. ألا يقتضي واجب زمالة المهنة، دع عنك أمر الحريات والوطن، أن يكتب مقالاً يدعم به وقفة الصحفيين ويدين مصادرة حقوقهم ؟!

    ومن موت وجدان عبد الله ألا يحركه قتل الشباب، ولا يهزه منظر دمائهم على الأسفلت في شوارع الخرطوم الذي نشرته كل المواقع .. إذ عجز أن يتفوه بكلمة ضد هذا الظلم الغاشم، ولم يدن الذين ارتكبوا هذه الجرائم البشعة !! ولا يؤثره أن يضرب رجال الأمن الدكتورة سمر بهذا العنف ثم يحاكمونها ويديونها بتهمة التظاهر !! ما قيمة الحياة إذا بلغ بك الخوف والطمع أن تصمت عن كل هذا السوء ؟! فهل تغضب بعد كل هذا، حين نصفك بأنك منكسر ؟! الحقيقة أنك (منبطح) للنظام تخشى غضبه، وتتسقط عطاياه، مثل كثير من أنصاف المثقفين المتملقين الذين يزحفون على بطونهم كالدود لينالوا من فتات خبز النظام الملطخ بدماء الابرياء !!

    ومن موت وجدان عبد الله على ابراهيم، أنه ظل لسنوات متخصص في معارضة المعارضة، وكأنها هي التي ارتكبت جرائم الإنقاذ، ثم أنه يعتبر نفسه (مناضل) و (ثوري)!! مع أنه لم يخض معركة واحدة ضد نظام الإنقاذ، وهو أسوأ نظام مر على السودان .. وحتى ترشيحه فى الانتخابات الرئاسية، لم يكن من باب المعارضة، وانما لاكساب انتخابات (الخج) المزورة، شرعية كانت تفتقدها !! وحين منعه رجال الأمن من ان يقيم ندوة من ضمن حملته الإنتخابية، لم يهاجم هذا القرار ولم يدنه أو يحتج عليه !!

    ومن موت وجدان عبد الله، كتابته لسنوات في صحيفة "الرأي العام"، التابعة للحكومة، المعبرة عن رأيها والتي يصفها الصحفيون ب" مقبرة الكتاب"، لأنها تدجن من يكتب فيها، لتمثيلها للسلطة، وعدم نشرها لأي مقالات ناقدة .. ومن موت وجدان عبد الله علي ابراهيم، نفاقه للشيوعيين، بأنه كان صديق المرحوم عبد الخالق محجوب، ثم نقده لهم، وإدانة مواقف للحزب حدثت وهو شريك فيها محاولاً تبرئة نفسه، وتجريم زملائه، وإقناع الشيوعيين بتقليل خصومتهم للإنقاذ في محاولة ليسوقهم معه، على مكث، لدعم نظام الإنقاذ !!

    ويختم عبد الله مقاله بقوله (فيا كل من كان له قريب أو حبيب من المتسيسين في الغربة "البطالة" أن يراجعه ليتأكد من خلوه من فساد الذوق وصدأ الوجدان. وليتأكد أن زوله ستر حاله لأن الغربة سترة حال. وسقط عديد من جيل ساسة المستقبل في امتحان الغربة. والله ثم والله نقرأ له ما يندى له الجبين. قرأنا عن شرف حرائر معلق في حبل الغسيل على المنابر. قرأنا عن أزواج لا يؤدبون زوجاتهم متى صرحن برأي. قرأنا عبارات لم نسمعها في خمارات الخرطوم حين كنا نغشاها).

    فمن هو الشخص المشار إليه بكلمتي (نقرأ له) في النص أعلاه ؟! فهو قطعاً لا يقصد (حمادة)، لأنه ذكر أنه لا يعرفه .. فهل يقصدني أنا ؟! إن كل ما كتبته موثق، ومحفوظ، وليس فيه شئ عن شرف حرائر، أو خلافه، مما ذكره عبد الله في هذه العبارة .. وإن كان لا يقصد (حمادة) ولا يقصدني أنا، فلماذا أورد ما قاله آخرون، في معرض نقده لي، في هذا المقال، ولم يكتف بما قلته أنا ؟! إن من الآخرين، من قال أنه لا يوجد إله لهذا الكون، فهل أنا مسؤول عن اقوالهم ؟! ليت عبد الله ظل في غشيانه للخمارات، فقد كان وهو (مخمور)، أفضل منه وهو (مهووس)، يناصر القتلة المتاجرين بالدين، على ضحاياهم من السودانيين الطيبين، وحين يبين له باطله، تأخذه العزة بالإثم فينحدر الى هذا الاسفاف!!

    ولما كان عبدالله علي ابراهيم، منذور الحظ من الحياء، فقد ختم مقاله الهابط، بتذكيرنا بأن الغربة (سترة حال) !! وعلى كل حال، فإن السودانيين بالخارج، يعرفون بعضهم، ويعرفون من عاش في الإغتراب (مستور الحال)، ومن عاش فيه (مكشوف الحال) .. ومن كان يجاهد في اعالي الاخلاق والقيم، ومن تنكر لكل قيم الوفاء، والمروءة وطيب العشرة !! ولو كان عبد الله علي ابراهيم يسمع لسمع لسان حالهم يقول له : إخسأ .. فإنك لا تعدو قدرك !!

    د. عمر القراي
                  

03-24-2016, 11:33 AM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3484

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    خلونا نظبط الحوار.
    ورقة الخاتم ينقدها بعد ستاشر ولّ خمسين سنة دي أبدا ما مشكلة، ودا حق لي للدكتور ولغيره.
    الذي لا يجوز هو نقده الشخصي للخاتم بعد موته، لكن أي نقد آخر يجوز بعد موت الخاتم، ولا أحد يستطيع سلب الناس هذا الحق.

    محاولة الصاق صفة الجبن على دكتور عبد الله، لن تجد لها ما يسندها، وزي ما قلت قبل كدا، لو كان دكتور عبد الله يمتاز بصفة واحدة فهي الشجاعة.
    زول يتهم منصور خالد بالعمالة ومنصور في قمة جبروته، هل ممكن يكون جبان؟!

    لو في امكانية يا عادل، تخت لينا النقد الشخصي للخاتم في نقاط مختصرة ونشوف ممكن نحللها معاكم.
    نقده له بخصوص العمل العام، أعتقد بكون خارج موضوع البوست
                  

03-24-2016, 11:51 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: أبوبكر عباس)

    سلام ابو بكر
    Quote: خلونا نظبط الحوار.ورقة الخاتم ينقدها بعد ستاشر ولّ خمسين سنة دي أبدا ما مشكلة، ودا حق لي للدكتور ولغيره.الذي لا يجوز هو نقده الشخصي للخاتم بعد موته، لكن أي نقد آخر يجوز بعد موت الخاتم، ولا أحد يستطيع سلب الناس هذا الحق.محاولة الصاق صفة الجبن على دكتور عبد الله، لن تجد لها ما يسندها، وزي ما قلت قبل كدا، لو كان دكتور عبد الله يمتاز بصفة واحدة فهي الشجاعة.زول يتهم منصور خالد بالعمالة ومنصور في قمة جبروته، هل ممكن يكون جبان؟!لو في امكانية يا عادل، تخت لينا النقد الشخصي للخاتم في نقاط مختصرة ونشوف ممكن نحللها معاكم.نقده له بخصوص العمل العام، أعتقد بكون خارج موضوع البوست
    الرجل جـــبان ؛ والدليل سكوته عن مقالات الخاتم والخاتم حي ؛ ولم يكن يذكره حتى ؛ فلما مات الخاتم قلب له ظهر المجن واظهر ما كان مخفيا من غبنه.

    حديث الرجل عن جهل الخاتم وادعاءاته مردود عليه؛ فقد اثبت الخاتم والقراي والبطل جهل الرجل الفاضح ؛ وسقوطه الاخلاقي ؛ وعلم الخاتم شهدت به الاعداء قبل الاصدقاء.أما جبن ع ع ابراهيم وانكساره فقد تبدى امام جهاز الامن حين منع ندواته وهو مرشح لرئاسة الجمهورية فلم يخرج بيانا حتى ؛ وفي دهنسته لاتباع الترابي والصادق والبشير

    أما منصور خالد فليس له حزب او عصبة ؛ وقد سفه منصور خالد الرجل ولم يرد عليه.

    ع ع ابراهيم لا يملك من الشجاعة شيئا؛ ويملك من اللؤم وقلة المرؤة وخســـة الطبع الكثير .

    تحياتي .

    (عدل بواسطة Abdel Aati on 03-24-2016, 11:53 AM)

                  

03-24-2016, 11:12 AM

sadig mirghani

تاريخ التسجيل: 03-03-2014
مجموع المشاركات: 2555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandquot; (Re: Abdel Aati)

    ه((ل وفاة الترابي خسارة للسودان ؟
    مؤكد خسارة طبعاً ولكن للأسف توفى في منعطف أُفرغ فيه الترابي من خطورته .
    تقصد مهادنة النظام مؤخراً ؟
    منذ دخوله في انقلاب الانقاذ لم يعود لقرارات وخيال وتصور وطموح الترابي قيمة وفقد زمام المبادرة تماماً .))
    مؤكد كمان بالله عليك لو قالا المحبوب عبدالسلام ولا امين حسن عمر شينة في حقو تجي منك انت
    انا كسوداني انتفعت شنو بي الترابي سياستو ابدا والله اوردتنا المهالك ويعتبر عراب الارهاب الحديث والحاضنة التي
    فرخت كل الفرق والملل الضالة منذ الحادي عشر من سبتمبر باحتضانه عمر عبدالرحمن وبن لادن والظواهري وكارلوس
    وابوحمزة المصري ومؤتمره الاسلامي العربي في العام 1991 على ما اذكر يعتبر في تقارير الاستخبارات الاميركية
    بداية توحيد الارهاب الاسلامي في بقعة واحدة مع النهضة في تونس وعلي بلحاج في الجزائر
    بالنسبة للجزئية الاخيرة ((منذ دخوله في انقلاب الانقاذ لم يعود لقرارات وخيال وتصور وطموح الترابي قيمة وفقد زمام المبادرة تماماً ))
    طيب كده انا نسفت الراجل يعني طيب هو سوا شنو الانقلاب واخد عمولتوا وشتت انت كدا بتبرئوا من الحصل في البلد منذ قيام الانقاذ
    ودا لي غرض في نفسك
    حضرت ليهو حوار ايام الانتخابات 2010 مع الطاهر حسن التوم في قناة النيل الازرق مع غازي صلاح الدين وتقريبا كان عبدالله على الهاتف المهم
    قعد ينظر ونحن نريد ونرى والاحسن والحكومة في منظوري قام غازي صلاح الدين شتموا ليك قال ليهو انت منو وكلامك دا بعبر عنك انت مابتمثل الا نفسك
    وصحبك تمممممممممممم سكت .
                  

03-24-2016, 11:18 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 25106

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: sadig mirghani)

    Quote: قال ليهو انت منو وكلامك دا بعبر عنك انت مابتمثل الا نفسك
    وصحبك تمممممممممممم سكت .

    هسع غازي ده يموت ... يجي ع ع يعمل فيها ضكر بط عليه
                  

03-24-2016, 11:28 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: حيدر حسن ميرغني)

    Quote: هسع غازي ده يموت ... يجي ع ع يعمل فيها ضكر بط عليه

    :) :) :)

                  

03-24-2016, 11:26 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: sadig mirghani)

    نعم يا صديق هذا الرجل رخيص وليس له من "الضكارة " المزعومة من شيء


    الرجاء متابعة مقال الاستاذ عبد مصطفى العزيز البطل أدناه الذي يكشف لك جهل الرجل والقاءه الكلام على عواهنه :

    Quote:
    منصور خالد لا يرقص الكمبلا ...
    بقلم: مصطفى عبد العزيز البطل

    (1)
    في واحدة من رسائله الى على أبوسن قال المجذوب: (أنا أزعم بأن سبب الفوضى في السودان هو جهل الناس بالتاريخ، وقد زاد جهلهم به حين كتب عنه شبيكة)، "المجذوب والذكريات: أحاديث الأدب والسياسة، الجزء الاول - ص ١٨٢". وأحسب أن صاحب "الشرافة والهجرة" لم يقصد بعبارته تلك التطفيف من أعمال المؤرخ الكبير مكي شبيكة بقدر ما أراد أن يعبر عن أسفه لواقع جهل السودانيين بالتاريخ.

    ولكنني، خلافاً للمجذوب، ألتمس بغير كثير حذر التطفيف من قدر التصريحات التى أدلى بها أستاذنا وصديقنا ومرشحنا لرئاسة الجمهورية، الدكتور عبدالله علي إبراهيم، في محاضرته بعنوان: (الفكر والتاريخ: رؤية نقدية)، التي نظمها نادي الفكر بقاعة إتحاد المصارف السوداني بالخرطوم الأسبوع الماضي. إذ أقول مقتفياً عبارة المجذوب بأنني أخشى أن يزداد جهل الناس بالتاريخ وبأشياء أُخر، لو أنهم أصاخوا السمع لإفادات عبد الله وأخذوها مأخذ الجد.

    (2)
    قال الدكتور عبدالله علي إبراهيم إن الذين تدربوا على البحث من السودانيين كتبوا باللغة الإنجليزية فكانت الإنجليزية أداة تعبيرهم الفاعلة بقرينة أنها (لغة تفكير)، بينما أصبحت اللغة العربية (لغة هرج). ونعت مستوى تناول السودانيين للقضايا العامة إجمالاً نعتاً مقذعاً، كما وصف الحوارات والمناقشات المحررة باللغة العربية، سواء كانت سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية، بالافتقار الى الفكر والتمحور حول ذوات الأشخاص.

    وربما اختلف الأمر بعض الشئ لو أن حكم الدكتور المبرم إقتصر على حياتنا الماثلة كما نحياها فى يومنا هذا، إذن لهان الأمر، ولوقفنا جميعاً، نحن جمهرة المهتمين بمدخلات ومخرجات المشهد السياسي والثقافي المكتوبة والمنطوقة باللغة العربية، متأملين مستبصرين، ومسترشدين بتوجيهات مرشحنا الرئاسي. ولكن الدكتور يرى، ويا للهول، أن أحكامه تنسحب ليس فقط على الحال الراهن، بل انها تنسحب أيضاً إنسحاباً كلياً جامعاً على الواقع السياسي والثقافي السوداني على مدى نصف القرن المنصرم من عمر السودان.

    يقول عبد الله على إبراهيم يصف حال الكتابة السياسية والثقافية على طول الخمسين عاماً الممتدة من ستينات القرن العشرين وحتى اليومSadإذا قرأت أية نظرية أياً كانت اجتماعية، سياسية، اقتصادية، إسلامية.. الخ، لا بد أن تجد انها تبدأ ببيت شعر. وفي رأيي يجب أن يُباد ذلك لأن فيه قدراً كبيراً من عدم المسئولية. يجب أن ننتقل الى النثر. وإذا نظرنا الى المبارزات التي كانت تقع بين المتحاورين منذ صلاح أحمد إبراهيم وعمر مصطفى المكي في الستينات وصولاً الى البطل [ ود. عبد الله حمدنا الله وفتحي الضو] اليوم، نجد أن الأفكار تجسدت في شخص ولم تستقل عن هؤلاء الأشخاص، وأصبحت تناقش وكأنها مبارزة وليست بهدف تفتيح الأفق وتوسيعه، وإنما هو الصراع من أجل الصراع ومن أجل أن يصبح البطلان كراقصي الكمبلا).

    لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله. منذ صلاح أحمد ابراهيم وعمر مصطفى المكي في ستينات القرن الماضي وحتى اليوم لم يشهد السودان حوارات فكرية حقيقية تؤدي إلى توسيع المدارك وإشاعة الوعي وتفتيح الأفق، وإنما فقط مبارزات وهمية وصراعات شخصية بين راقصي كمبلا. ما أتعسنا إذن وما أشقانا.

    أول ما بدا لي بعد قراءة ملخص محاضرة عبدلله هو أن أشرع في استدعاء بعض شواهد التاريخ المعاصر من سجالات ومناظرات وحوارات بين عديد من القمم والرموز والشخصيات الفكرية والسياسية والأدبية الساطعة على توالي العقود المنصرمة والتي أنتجت زخماً فكرياً وثقافياً مهولاً، انداح سيالاً مدراراً على توالي الحقب من التلال السوامق الى السفوح الشعبية.

    تواردت على ذهني ما قرأت من مسطورات السجالات بين الشهيدين عبد الخالق محجوب والأستاذ محمود محمد طه، والتي نافح فيها الأخير عن آرائه الناقدة للفكر الماركسى وطرح فيها عبد الخالق رؤاه للقيم العدلية في الفكر الاشتراكي وسموه بالإنسان في كل مراقي الحياة. والسجالات بين الأستاذ محمود والدكتور حسن الترابي والتي اجتمعت مادتها في كتابين هما (أضواء على المشكلة الدستورية) و(زعيم جبهة الميثاق الإسلامي في ميزان الثقافة الغربية، وفي ميزان الإسلام). والحوارات الشهيرة بين الرموز الصحافية والقانونية حول المساواة بين القضاء المدني والقضاء الشرعي، والتي تولى كبرها الدكتور سعيد محمد أحمد المهدي والأستاذ بشير محمد سعيد في مواجهة قيادات سياسية كإسماعيل الأزهري وخضر حمد. والمناظرات الفكرية والسياسية والقانونية الخصيبة حول قضية حل الحزب الشيوعي السوداني، بين الدكتور حسن الترابي والدكتور محمد إبراهيم خليل من ناحية، وعبد الخالق محجوب ومحمد إبراهيم نقد من جانب آخر. وسجالات عضو البرلمان المهندس حسن بابكر وآرائه الجريئة في مواجهة معارضيه بشأن ذات قضية حل الحزب الشيوعي. وحوارات الدكتور محمود برات والأستاذ مالك بدري مع مخالفيهم من الإسلاميين في شأن مناهج التوجيه الفكري والعملي في قيادة الحركة الإسلامية. والسجالات بين السيد الصادق المهدي وعدد من كتاب اليسار حول دعوة المهدي لنموذج (الإشتراكية السودانية) التي ترفض الصراع الطبقي، والتي احتج من خلالها المحاورون من اليسار بأن الاشتراكية لا جنسية لها، وأن الصراع الطبقي حقيقة واقعية يقر بها المفكرون الليبراليون قبل غيرهم، وان ماركس لم يأت بنظرية الصراع الطبقي كما يسود الاعتقاد، وإنما أتى بها المفكر الليبرالي فايداماير. وتحفظ الأضابير بطبيعة الحال مساجلات أحمد سليمان، فى طبعته الشيوعية، مع قادة حزبه من فوق منبر صحيفة (الأيام) والتي طرح فيها أفكاره الانقلابية علانيةً.


    ولئن انحسر الحوار الحر خلال سنوات الشمولية المايوية فلم تسع الساحة حوارات ديمقراطية مفتوحة، فإن هناك استثناءات ذات مغزى من بينها المجابهات الجريئة التي حملتها جريدة الصحافة بين الوزير مرتضى أحمد إبراهيم والصحافي أحمد علي بقادي، والحوارات بين العميد (م) مزمل سلمان غندور وآخرين. فضلاً عن سلسلة مقالات الدكتور منصور خالد والتي تصدى لها بالرد بعض رموز الحكم آنذاك كالدكتور إسماعيل الحاج موسى، بل وتصدى لها الرئيس الراحل نفسه من خلال خطب لقاء المكاشفة الشهرية التي كان يصوغها مستشاره الإعلامي محمد محجوب سليمان. كما شهدت حقبة الديمقراطية الثالثة حوارات ثرة حول عدد من القضايا الحيوية كالحوار بين السيد الصادق المهدي والسياسي الجنوبي بونا ملوال.

    والغريب أن ذات الحقبة كانت قد شهدت مساجلات حية على صفحات الصحف بين الدكتور عبد الله على إبراهيم نفسه والدكتورين عشاري محمد محمود وسليمان بلدو حول تقرير مذبحة الضعين والذي استبسل فيه الدكتوران في الدفاع عن تقريرهما في مواجهة زعم عبد الله بأن التقرير عملٌ سياسي منحاز يفتقر الى الموضوعية. كما جرت حوارات أخرى لاحقاً في منتصف التسعينات بين السيد الصادق المهدي والراحل جون قرنق بشأن دور حزب الأمة في تعميق وتعقيد مشكلة الجنوب والتي نشرت رسائلها المتبادلة في كتاب.

    وفي غياب صحافة حرة في غالب سنوات العهد الانقاذى فقد شهدت قيمة الحوار ضموراً مشهوداً، وذلك حتى ضاقت محافل الاسلاميين الداخلية بنزاعات السلطة وطفا زيتها فوق سطح الماء فشهدت الساحة مناظرات سياسية شديدة الحيوية بين عدد من كادرات الحركة الإسلامية، ومثال ذلك السجال الذي أثاره كتاب "الثورة والإصلاح السياسي" للدكتور عبد الوهاب الأفندي وسال على ضفافه مداد كثيف من أقلام حركية إسلامية ذات أوزان فكرية وسياسية راجحة. ومثل ذلك أيضا المساجلات التي دارت على صفحات جريدة الصحافة بين الدكتور التجاني عبد القادر والدكتور أمين حسن عمر والتي ضمها مؤخراً كتاب (نزاع الإسلاميين في السودان، مقالات في النقد والإصلاح). وتلك التي دارت بين الناشط الديمقراطى الحاج وراق وعدد من كتّاب الإسلام السياسي.

    وذلك فضلاً عن عشرات المساجلات الثقافية والأدبية ومن أمثلتها المعارك النقدية حول شعر عبد الله الطيب بين محمد محمد علي والمجذوب وموضوعها ديوان عبد الله الأول (أصداء النيل) الذي زعم محمد محمد علي أن لغته متخلفة، بينما رآها المجذوب لغة شاعر مطبوع يعيش البداوة والجزالة. والحوارات بين الأديبين محمد عبد القادر كرف والشاعر محيي الدين فارس حول جدارة الشعر الحديث. والسجال الذي دار بين الأستاذ طه الكد والشاعر أبو آمنة حامد. وصولاً الى المساجلات المطولة بين الدكتور حيدر إبراهيم علي والدكتور عبد الله بولا التي بلغت تحريراً نحواً من ثمانمائة ألف كلمة وضمتها ملزمة كبرى اشتهرت في الدوائر الثقافية باسم "حوارية لاهاى".

    وقد عرف السودان المناظرات الأدبية من قديم العهود، حيث نشرت صحيفة (الفجر) في العام ١٩٣٥م وقائع سجال أدبي شديد الدسامة دارت وقائعه بين الأستاذ محمد أحمد محجوب الذى نافح عن استقلال الثقافة السودانية، والأستاذ حسن صبحي الذى استمسك بعروة الوحدة التاريخية بين الحضارتين السودانية والمصرية.

    ولكن الدكتور عبد الله علي إبراهيم يرى في كل هذه النماذج التي تم تحرير حواراتها باللغة العربية (لغة الهرج) أنها لا تعدو كونها شعراً سخيفاً لا يُجسد أية محتويات فكرية، وان غرضها أصلاً لم يكن تفتيح الأفق وتوسيعه، وانها في أساسها إنما كانت صراعا لوجه الصراع، ومن أجل أن يصبح أبطالها (راقصي كمبلا)!

    (3)
    هل يدهشك – يا رعاك الله - هذا التعميم التقريري السلطوي المتعسف؟ هل تحيرك هذه الجرأة العشوائية في الطرح وهذه الاطلاقية في الأحكام وهي تأتي متهادية من تلقاء الدكتور عبد الله علي إبراهيم؟ لو كانت تدهشك وتحيرك فأنت وشأنك، ولكنني منذ قرأت الورقة التي كتبها الراحل الأستاذ الخاتم عدلان تعليقاً على محاضرة للدكتور عبد الله قدمها بأبي ظبي في الحادي عشر من يوليو ٢٠٠١م وأطلق خلالها في الهواء فقاعات درامية كتلك التي أطلقها في منتدى نادي الفكر بالخرطوم الأسبوع الماضي، ومنذ عرفت عن فتوحات عبد الله (الفكرية) ما عرف الخاتم، لم تعد الحيرة والدهشة تجد بغيتها عندي كلما قرأت عن الرجل وعروضه الاكروباتية.

    كان عبد الله قد زعم في محاضرته أمام الجمع من المغتربين بأبي ظبي أن السودان الشمالي كله ينتمي الى الثقافة العربية الإسلامية انتماءً يمتنع معه التمييز بين شمالي وشمالي آخر، يسارياً أو يمينياً، حاكماً أو معارضاً، غنياً أو فقيراً، داعياً للدولة الدينية أومنادياً بالدولة العلمانية، وان كل الأخطاء والخطايا التي ارتكبتها الحكومات المتعاقبة ديمقراطية أو شمولية في حق الوطن، بما فيها مأساة جنوبي السودان، هي في نهاية المطاف مسئولية الشمال العربي الإسلامي يتحملها كل فرد من أهل السودان الشمالي. وأن أيادينا جميعاً في السودان الشمالي ملطخة بدماء قتلى حروب الجنوب وفظائعها. وعقابنا جميعاً واحد لأننا مشتركون في نفس الجريمة وبنفس المستوى. ولذلك فإن مصلحتنا الشخصية، مصلحة كل واحد منا، هي ألا يطالب بعقاب أحد لأنه ارتكب ذنباً في الجنوب لأن العقاب سيطالنا جميعا. وان ما قامت به الجبهة الإسلامية القومية في الجنوب بعد انقلاب الإنقاذ ليس أسوأ مما قامت به الأحزاب الأخرى يمينا ويسارا وأن عذرها في ذلك هو الشفرة الثقافية المركبة فينا جميعاً (تلخيص الخاتم عدلان، ٢٠٠١).

    وفي تلك الورقة – وبعد أن سخّف مقولة عبدالله التى تقف معلقة فى الهواء بغير ساقين، وبيّن زيفها وخطلها ومفارقتها للروح العلمية والقيم العدلية - عبّر الخاتم عن اعتقاد راسخ لديه، كونه عرف عبد الله عن قرب لعهد طويل وعايشه معايشةً لصيقة شخصاً وفكراً، بأن عبد الله ( يعتمد على تكتيكات معينة في تسويق أفكاره وفي الإيحاء للآخرين من خلال هذه التكتيكات بأنه عالم كبير لا يُشق له غبار، وانه مؤلف للنصوص الكبيرة، وأنه علم من أعلام التنوير في بلادنا)، وهي، بحسب الخاتم، ( أوصاف تجانب حقيقة عبد الله مجانبة تكاد تكون كلية ).

    والواقع يحدثنا بلا مراء أن عبد الله يسيطر عليه وهم المقولات الذاهلة، اذ يظن أن الفرقعات الاعلامية مثل إطلاق تصريحات فاقعة الألوان فى شكل ألعاب نارية بين الفينة والفينة، ومحاولة إكسابها جلال الثقافة عن طريق القولبة الدرامية والتقعر اللغوي ، كتلك التي أشرنا إليها، تجعل منه نجما ثقافيا وعلماً فكرياً، بل انها ربما قادت خطاه يوما ما الى رئاسة الدولة فيصبح معمّرنا القذافي الجديد!

    ومن رأي الخاتم أن التشويش الفكري الذي يعاني منه ويصدر عنه عبد الله ناتج عن افتقاره الى الأدوات الدقيقة التي تصنف المفاهيم وتحدد الدلالات وتزيل التناقضات. وهو ما ينتهي به دائماً الى تحليلات معطوبة ونتائج متنكبة لجادة الصواب. وليس أدل على ذلك من مزاعم عبد الله عن الشمال العربي الإسلامي التي تستند فى لبّها الى فكرة هجرتها البشرية وتركتها وراءها ظهريا وهي فكرة النقاء العرقي، وادعاءاته البلقاء – في مواجهة تاريخٍ معاش لم ترثُّّ صفحاته بعد– عن غياب أنموذج واحد لحوار لاجب ذى فكر جاد في جميع مسارح السياسة والثقافة على مدى نصف قرن من تاريخ السودان!


    (4)
    مهما يكن من أمر أطروحة الخاتم بشأن توهمات عبد الله وتوسله لمقام المفكر القومي بالتنطّع في التنظير والإغراب في التعبير، فإن المتابعة اللصيقة لآثاره المسطورة في الحقلين السياسي والثقافي خلال العقدين الأخيرين تؤشر الى اضطراب لا يخطئه الراصد لمواقف الرجل وتوجهاته.

    وقع انقلاب الحركة الإسلامية في السودان عام ١٩٨٩م والدكتور خارج لتوه من قلب حملة صحفية مستأسدة شنها ضد الجيش الجزائري الذي كان قد استولى على السلطة ليقطع طريق الحكم السياسي على الإسلاميين، تأسيساً على زعم بأنه يرفض الانقلابات العسكرية من حيث المبدأ، ولكن ما أن أذاع الانقلابيون بيانهم الأول في الخرطوم حتى سارع الى صفوفهم ينفق عليهم من شرعيته (الفكرية) بغير حساب.

    ونجد عبد الله في حاضره المعاش يعلن مفارقته للحزب الشيوعي ويلبس لبوس التدين السياسي، ثم نفاجأ به ينتقد الشيوعيين السودانيين على أساس أنهم ليسوا ماركسيين بما فيه الكفاية. ويكتب عبد الله كتاباً كاملاً يمجد فيه فكر الترابي الإسلاموي ويزكي تطبيقات الشريعة الإسلامية في السودان على يد القضاة الشرعيين، ولكنك تقلب صفحة الإهداء فتراه يهدي الكتاب إلى القائد الشيوعي عبد الخالق محجوب. ثم إذا به يمسك بخناق عبد الخالق، الذي يطلق عليه صفة "أستاذنا" فيبتذل فكره على رؤوس الأشهاد. ثم يعيد البصر كرتين ليقول بأن علاقته بالحزب الشيوعى كانت عبارة عن حالة تعاقد شخصي مع عبد الخالق.

    ويدور عبد الله دورةً عبثيةً كاملة فيصف نفسه على حين غرة بأنه ناصري الهوى. ويعلن الرجل عن محاضرة يلقيها بعنوان (في كون السودان ليس رجل إفريقيا المريض)، ويتداعى الحضور من المهتمين بمادة المحاضرة فيعاجلهم بأنه لا محاضرة ولا يحزنون وانه إنما دعاهم ليعلنهم بخبر ترشيحه لرئاسة الجمهورية وفتحه لباب التبرعات والهبات المالية الداعمة لحملته الانتخابية. غير أنه يفاجئ ناخبيه المفترضين بأنه لا يملك برنامجاً يطرحه عليهم ولا تصوراً محدداً للحكم، وان كل ما عنده هو "رؤية " لسودان جديد.

    ولكننا نعلم أن حكم البلدان وسياستها لا يتصل بالرؤى وإنما بالخطط والبرامج التطبيقية التي تحيل خيالات الرؤى الى منجزات ترفل على الأرض. جميع بني وطني لهم رؤى. رؤاهم أن يتحول السودان الى جنة. وكاتب هذه الكلمات له رؤية. رؤيتي أن يشرب كل سوداني من ماء النيل وأن يتملك منزلاً من طابقين وسيارة كورولا.

    وعبد الله أيضاً له رؤية، ولكنه لا يملك برنامجاً ذا خصائص تطبيقية نفحصه بمقتضاه ونقوّمه على أساسه. هو يريد منا فقط أن ننتخبه وأن نُوهطه على مقعد رئيس الجمهورية، فيغيظ منصور خالد ويفقع مرارته، ويصفي معه الحساب القديم، حساب "الملتقى الفكري" الذي طرده منصور من سكرتاريته عام١٩٧٠م، فكسر شوكته وحطم كبرياءه وأحدث فى خويصة ذاته جرحا نفسيا غائرا استعصى على الزمان مداواته.

    (5)
    وصف عبد الله في محاضرة نادي الفكر جميع الحوارات والسجالات التي شهدها السودان خلال نصف القرن الماضي بأنها كانت صراعاً من أجل الصراع، ومبارزات تمحورت حول الشخص، وأنها تفتقر الى الفكر، وان أطرافها لم يتجاوزوا كونهم راقصي كمبلا. كيف لا واللغة العربية أصلاً، بحسب عبد الله، (لغة هرج)! عظيم. هذا رأيه وهو فيه حر.

    ولكن ليسمح لنا عبد الله بأن نتوجه إليه بالسؤال: وماذا بشأن مبارزته مع الدكتور منصور خالد التي ظل خلالها ممتطياً صهوة جواده عامين متصلين، دلق خلالهما حبراً لم يدلقه ابن حجر العسقلاني. هلا تكرم المفكر الكبير فدلنا على مواقع (الفكر) في تلك المبارزة التي ملأ بها الدنيا وشغل الناس؟ لا بد أن يكون هناك (فكر) أليس كذلك؟ فلا يعقل يكون ذلك العمل الضخم بدوره من قبيل رقص الكمبلا أو (صراعاً من أجل الصراع).

    خاض عبد الله بنا في لجج حرب مستعرة ضد الدكتور منصور خالد بلغت ذروتها بنشره جزءاً من وثيقةٍ استخرجها من خزانة للوثائق الأمريكية باحدى المكتبات. استخدم عبد الله في المقال القصير الذي أبرز فيه وثيقته وعنوانه (منصور القوّال) عبارة (المخابرات الأمريكية) باللغة العربية أربعة عشر مرة بالتمام والكمال، وأورد مرادفها بالحروف الإنجليزية (سى آى ايه) مرة واحدة، وعبارة (عميل لإدارة من إداراتها) ويقصد المخابرات الأمريكية مرة واحدة، وكلمة (المخبر) و(المخبرون) مرتين، باجمالى يبلغ عشرين فى العدد لاستخدام ذات الالفاظ او المعانى.

    وزع صاحبنا العبارات توزيعاً ذكياً بين بداية المقال ومنتصفه وخاتمته. مثال ذلك: (علقت بمنصور تهمة العمالة للمخابرات الأمريكية). ثم: (وقفنا على وثائق [تثبت] أن منصور خدم المخابرات الأمريكية عام ١٩٥٣م). ثم: (لم يكن بوسع المخابرات الأمريكية أن تترك الحبل للشيوعيين على الغارب)، وهكذا.

    والوثيقة المشار إليها كتبها دبلوماسي أمريكي اسمه جورج سويني، ومع أن السيرة الذاتية لسويني هذا متاحة لكل من يعرف الطرقعة والغوغلة فى بطون الحواسيب، شأنها شأن السير الذاتية لغالب رجال الدبلوماسية الأمريكية الراحلين والأحياء، وتقول سيرته انه موظف فدرالى من كادرات الخدمة الدبلوماسية، ولد عام ١٩١٢م وتُوفيَ في ١٩٧٩م. ومع ذلك فإن عبدالله لم يطرف له جفن وهو يوحى لقارئه كتابةً بأن سوينى ضابط مخابرات يتبع للسى آى ايه. مع انه يعلم أنه موظف دبلوماسى يتبع لوزارة الخارجية، تماما كما يعلم ان الجاسوسية والدبلوماسية فى الولايات المتحدة خطين متوازيين، وان بين جهازيهما وعناصرهما البشرية ما صنع الحداد.

    والوثيقة نفسها لا تعدو كونها مذكرة دبلوماسية وليست تقريراً استخبارياً بالمعنى الاصطلاحي، بقرينة أنها موجهة من السفارة (مكتب الاتصال) بالخرطوم الى رئاسة وزارة الخارجية الأمريكية، شأنها في ذلك شأن المئات من وثائق الخارجية الأمريكية التي تعني بتوصيف وتحليل الأحوال السياسية في السودان التي ظل الصحافي محمد علي صالح يقوم منذ زمن بعيد بنقلها من الأرشيف الأمريكي و ترجمتها الى العربية دون عجيج أو ضجيج. بل ان الاستاذ محمد على صالح، وهو خبير مخضرم ومحلل معتق للنظم والشئون الامريكية لما يقرب من اربعة عقود من الزمان، كان قد وقع على ذات الوثيقة وقام بايرادها ضمن ترجماته على انها وثيقة كتبها دبلوماسى تابع لوزارة الخارجية وليس عميل للسى أى أيه يتبع لوكالة المخابرات.

    ولعل هذا ما حدا بالسوداني الأمريكى المقيم بمنطقة واشنطون عادل عثمان، أن يبادر وفي ظرف دقائق معدودة من نشر مقال عبد الله علي أحد المواقع الالكترونية الواسعة الانتشار، بكتابة وإرسال التعليق التالي: (كلام عبد الله عن عمالة منصور للمخابرات الأمريكية غريب. المخابرات الأمريكية لا تكشف أسماء عملائها، خاصة إذا كان العميل حياً ويشغل منصباً قيادياً في دولته. هذا التقرير من صميم عمل الدبلوماسيين في أي سفارة. مهمة أي دبلوماسي أن يكون على صلة بمواطني البلد الذي يعمل فيه وبالذات مثقفيه ومتعلميه وصناع الرأي من الصحفييين والكتاب والسياسيين....).

    وكاتب التعليق، مثل كثيرين غيره من الذين عاشوا في الولايات المتحدة لعهودٍ متطاولة، لا يجوز عليهم التخليط والهرج والتأثيرالايحائي وأشغال الاكروبات اللغوية. ولولا اننا لا نأخذ مأخذ الجد تقويم عبد الله وتصنيفه للغتين العربية والإنجليزية، لدفعنا في مقام التفسير بالزعم بأن عملية تدوير المعلومات الأصلية لدى السودانيين الأمريكيين والمحتوى التحليلي المصاحب لها، إنما يتم في المقام الأول باللغة الإنجليزية، التي يصفها عبد الله بأنها (لغة تفكير)، لا باللغة العربية التي نعتها بأنها (لغة هرج)!

    وقد ذكرت أول ما ذكرت عند وقوفي على قنبلة عبد الله الدخانية لقائي في مايو ١٩٨٩م بصحبة الاستاذ علي الجندي، السفير بوزارة الخارجية حاليا، بالمسئول عن الشئون السودانية في وزارة الخارجية الأمريكية بمكتبه بواشنطن، وكنا يومها في زيارة للولايات المتحدة بدعوة من وزارة خارجيتها. فاجأنا الدبلوماسي الأمريكي بسؤال عن رأينا حول تقرير الدكتورين عشاري وبلدو حول أحداث الضعين، فصمّ رفيقي السفير علي الجندي فمه إذ لم يعجبه السؤال، ولكنني برغم حساسية موقعى الوظيفى (ربربت) و(بعبعت) بغير مبالاة وفصّلت رأيي الذي لم يكن كله موافقاً لموقف الحكومة السودانية. وذكرت اللقاءات العديدة التى جرت بينى وبين عدد من دبلوماسيي الولايات المتحدة بالخرطوم وتخيلت ما يمكن أن يكون هؤلاء قد قاموا بتدوينه ونسبته الى شخصي.

    مهما يكن فإن مطالبتنا لعبد الله تظل قائمة بأن يبين لنا طبيعة المكوّن الفكري في صراع العامين الذي خاضه في مواجهة الدكتور منصور خالد ولم تحصد منه السياسة والثقافة غير الإساءات الغليظة المتعمدة لأسماء ولرموز سودانية سامقة لها تاريخها الناصع، غادر أغلبها دنيانا الى دار البقاء بعد حياة حافلة في دروب الجهاد الوطني قدمت خلالها شهد العطاء لأمتها في تجرد ونكران ذات. وذلك لمجرد أن أسماءها وردت في تقرير دبلوماسي أجنبي، كان يدون في دفتره ما يسمعه هنا وهناك من الشخصيات العامة في المحافل الرسمية والدور الخاصة، شأنه شأن غيره من أهل مهنته.

    شخصيات في قامة الأكاديمي والعالم الاقتصادي البارز سعد الدين فوزي، والقائد العمالي الوطني والصحافي الفذ فضل بشير، والإعلامي العملاق محمد خير البدوي مدّ الله في عمره، والقائد العسكري المثالى الأميرالاي عثمان حسين والإداري المحنك عبد القادر يوسف، والسفير المتميز وأحد مؤسسي وزارة الخارجية يوسف مصطفى التني، والأستاذ الجامعي والمربي الفاضل محمد خليل جبارة. وغيرهم من الأخيار ممن لم يبال عبد الله بتلطيخ ثيابهم بالوحل خدمةً لمآربه الذاتية القريبة، وسعياً لتصفية حسابات شخصية مع رئيسٍ له في عملٍ عام، لم يُعجبه أداؤه ولم يقبل رؤاه لادارة العمل فألزمه بالاستقالة، واستأجر بدلاً عنه من رآه قوياً أميناً وجديراً بالمسئولية.

    (6)
    رحم الله الخاتم عدلان القائل: (يعتمد عبد الله على تكتيكات معينة في تسويق أفكاره وفي الإيحاء للآخرين من خلال هذه التكتيكات بأنه عالمٌ كبير لا يشق له غبار، وانه مؤلف للنصوص الكبيرة، وأنه علم من أعلام التنوير في بلادنا). أترى أن منصور كان قد وقف على ربوة ذات القناعة فاستنكف أن يدخل إلى الحلبة ليرقص – مع عبدالله - الكمبلا؟



                  

03-24-2016, 12:07 PM

بهاء بكري
<aبهاء بكري
تاريخ التسجيل: 08-26-2003
مجموع المشاركات: 3519

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    Quote: علمني الإستقامه و (الضكارة) والوقوف على الحقيقة ودفع ثمنها


    ياراجل
                  

03-24-2016, 12:45 PM

أيمن الطيب
<aأيمن الطيب
تاريخ التسجيل: 09-19-2003
مجموع المشاركات: 5845

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: بهاء بكري)

    سلامات عادل عبدالعاطي,,

    دكتور عبدالله علي إبراهيم تمحورت شخصيته وتلونت وتغيرات تغيرات كبيرة
    وإنقلابات مواقفه وتناقضات آرائه أشبه ما تكون بحالة مرضية قد يكون
    لها مسمى في عالم علم النفس,,

    والحالة تكررت كثيرا في عوالم السياسة السودانية مع إختلافات بسيطه
    في الشكل أو المضمون ولكن حقيقة القراي لم يقصر معه أبدا,,

    الكارثة إن الواحد الليلة قرا لعبدالله علي إبراهيم والبطل!!!!

    تحياتي


                  

03-24-2016, 01:35 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: أيمن الطيب)

    الأخ ايمن الطيب سلامات

    Quote:
    دكتور عبدالله علي إبراهيم تمحورت شخصيته وتلونت وتغيرات تغيرات كبيرة
    وإنقلابات مواقفه وتناقضات آرائه أشبه ما تكون بحالة مرضية قد يكون
    لها مسمى في عالم علم النفس,,

    والحالة تكررت كثيرا في عوالم السياسة السودانية مع إختلافات بسيطه
    في الشكل أو المضمون ولكن حقيقة القراي لم يقصر معه أبدا,,
    قطعا لا علاقة لشخصيته بالاستقامة التي ينسبها لنفسه ولا "للضكارة"
    هو مجرد مزوق للكلمات لا موقف له واضح من قضايا الشعب المصيرية خلال الال40 عاما الماضية من تاريخ السودان

    أما كتاباته الادبية والتاريخية فملئية بالثقوب .

    قال علم عبد الخالق محجوب قال.
                  

03-24-2016, 12:50 PM

sadig mirghani

تاريخ التسجيل: 03-03-2014
مجموع المشاركات: 2555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ضكارة ع ع ابراهيم (Re: Abdel Aati)

    في رايي المتواضع مساجلات ع ع ا مع منصور خالد رغم اختلافنا معه في الكثير والكثير
    مردها لظن الاول احقيته في الحقيبة التي اضطلع بها الاخير واقصد بها وزارة الشباب والثقافة
    كما ورد في كتاب عنف البادية للدكتور حسن الجزولي في فصل علايل ابروف
    والذي اورد العثور علي،ورقة بحوزة عبدالخالق محجوب بها اسماء تشكيلة وزاراء
    منهم ع ع ابراهيم لشغل منصب وكيل لوزارة الثقافة .
    صدر الحكم
                  

03-24-2016, 01:40 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضكارة ع ع ابراهيم (Re: sadig mirghani)

    صديق سلامات

    Quote: في رايي المتواضع مساجلات ع ع ا مع منصور خالد رغم اختلافنا معه في الكثير والكثير
    مردها لظن الاول احقيته في الحقيبة التي اضطلع بها الاخير واقصد بها وزارة الشباب والثقافة
    كما ورد في كتاب عنف البادية للدكتور حسن الجزولي في فصل علايل ابروف
    والذي اورد العثور علي،ورقة بحوزة عبدالخالق محجوب بها اسماء تشكيلة وزاراء
    منهم ع ع ابراهيم لشغل منصب وكيل لوزارة الثقافة .
    صدر الحكم
    اعتقد ان معظم خلافات الرجل محكومة بضغائن شخصية وازمات داخلية له
    بعدين فاكيها شديد في نفسو .. أذكر لمن رشح نفسو للرئاسة أني سألت الرجل شخصيا ( في ديسمبر 2009 التقينا بالصدفة في حقل رأس السنة لنانسي عجاج بالخرطوم ودعاني لتأييد ترشيحه)
    سألت ماذا قدم الرجل لجنوب السودان وكانت الانتخابات قبل عام من الاستفتاء في الجنوب وان الناخب الجنوبي سيكون مؤثرا ويجب أن يكون هناك مرشح مقبول للناخبين الجنوبيين اذا اردنا الوحدة .

    لم يكن له من رد
                  

03-24-2016, 05:31 PM

بهاء بكري
<aبهاء بكري
تاريخ التسجيل: 08-26-2003
مجموع المشاركات: 3519

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضكارة ع ع ابراهيم (Re: Abdel Aati)

    شوف جنس ده ياعادل

    Quote:
    موقف مفعم بالحياة .. صاحبه رحل
    وموقف في غرفة الإنعاش .. صاحبه على قيد الحياة
    محمد سليمان – الدوحة

    في المحصلة النهائية قد لا تستحق المعارضة الشمالية لنظام الإنقاذ لتأبينها خيراً من شماتة عبد الله علي ابراهيم (غيرت بلداً ببلد وتكتيكاً بتكتيك ولؤماً بخبث ثم عادت بخفي الحنين ملومة حسيرة تلحس أصابع الإنقاذ والحركة الشعبية). بل ولعلها الآن في عزلتها الخانقة تنازع سكرات موتها أحوج ما تكون إلى دروس من عالم في فنون الدبارة والتكتيك (ليروا أن السياسة دبارة وهي علم قوامه سداد التكتيك) عل ذلك يعينها على عذاب القبر, بعد أن فاتتها الاستفادة من حكمته في الدبارة وهي على قيد الحياة. بيد أن المفارقة العميقة تكمن في أن ما قاد المعارضة الشمالية إلى مآلها هذا الذي جعلها موضعا لسخرية وتندر وشماتة عبد الله علي ابراهيم ليس هو عجزها المخزي في النهاية وإنما نجاحها المبشر في البداية, وليست هي خيبتها في المقاومة وإنما تصديها للمقاومة, وليس هو فشلها الذريع في القيام بواجبها كمعارضة لنظام شمولي قمعي فاسد وإنما هو محاولتها, حتى وإن لم تكن جادة في ذلك, طرح بدائل ووسائل للتعامل مع النظام غير تلك التي اتبعها عبدالله ثم شكّرها (كدلاكتها) وأوصى المعارضة وصية بخيل, بعد أن انكسرت الجرة, باتباعها, في مقدمة أوراقه الإنقاذية وحلقته الأخيرة منها مقارنا فيها موقفه بموقف البروفيسور المرحوم محمد عمر بشير من مؤتمر الحوار الوطني الذي دعى له الإنقاذيون في باكورة أيامهم.

    فيما سرده عبدالله نجد أنفسنا إزاء موقفين, موقف عبدالله الذي قبل الدعوة وشارك في ذلك المؤتمر وموقف البروفيسور بشير الذي رفض الدعوة وقاطع المؤتمر. ورغم زعمه بغير ذلك, يعود عبدالله بعد ستة عشر عاما إلى موقفه محاولاً ترقيع ثقوبه الواسعة ورفي أطرافه المهترئة باستلاف خيوط وقطع من قماشة موقف محمد عمر بشير بعد تمزيقها وخياطتها من جديد لتناسب مقاسات عبدالله . ولكن رغم محاولته إلباس موقفه ثوب البروفيسور بشير إلا أن البون بين الموقفين يظل شاسعاً، ويظل موقف عبدالله ميتاً إكلينيكياً في غرفة الإنعاش يتعلق بالحياة بواسطة المضخات والأجهزة تضخ فيه كل يوم تفسيراً جديداً، ويظل موقف البروفيسور، بعد عقد أويزيد من غيابه، ناصعاً، باهراً، نابضاً بالحياة يتحدث بلسان مبين عن نفسه دونما حاجة لتفسير.

    أستولى الإنقاذيون على السلطة وعبدالله مشغول بالتحضير للسفر لطوكيو, كما قال, وهي مشغولية كما يعلم كل متابع للصحف اليومية آنذاك, لم تمنعه من الانشغال بالشأن العام تسفيهاً وتشويهاً وتزويراً لمواقف اليسار عموما ومن أسماهم باليسار الجزافي خصوصا ممن تنبهوا لمخاطر ما كان يخطط له الإسلاميون وطفقوا يفضحونه داعين الخلق لإعداد العدة لمواجهته. شغلة عبدالله بسفره لم تتح له كما ذكر (فرصة مناسبة لتأمل هذا التغيير السياسي سوى الإطلاع على تراجم قادة الإنقلاب), وهو أمر غريب تماما أن يضيع منافح عن الديمقراطية وحقوق الإنسان كعبدالله السويعات القليلة الثمينة المتبقية لديه قبل السفر منقباً في السير الذاتيه ذاهلاً عن كنه التغيير السياسي موضوع التأمل ذاته وعن حقيقته الساطعة كانقلاب على الشرعية والديمقراطية وأداة مسمومة لانتهاك الحريات وحقوق الإنسان . فلا غرابة إذن إذا كانت (الحقيقة البشعة) التي استخلصها عبدالله علي ابراهيم من اطلاعه ذلك على تراجم قادة الإنقلاب هي طعنه هو في السن, فأكبرهم بمثابة أخ أصغر وأصغرهم بمثابة إبن له . إنها حقيقة بشعة حقا, لايفوقها بشاعة إلا قرار عبدالله بالمشاركة في المؤتمر إذا كان قد بناه عليها . إذا كان بعض الناس قد عاب على الصادق المهدي قوله أنه أختبأ في مطلع أيام الإنقاذ ليعرف إن كان الإنقلاب وطنياً فيفاوض أصحابه أو أجنبياً فيقاومهم, باعتبار أن الإنقلاب على الديمقراطية لا جنسية له, فلا شك أن حديث عبدالله علي ابراهيم الآن عن بشاعة ما وشت به أعمار الإنقلابيين سيجعلهم يعيدون النظر في تقييمهم للصادق .

    خرج عبدالله من البلاد عن طريق مطار الحرطوم على عينك يا تاجر والإنقاذ في أيامها الأولى, وعاد إليها بعد شهرين عن طريق ذات المنفذ في وضح النهار لا متستراً ولا متخفياً, وتلك أيام دهم ومطاردة وملاحقة في عصر رعب لم تشهد البلاد له مثيلاً في تاريخها الحديث, ثم ذهب إلى منزله (ولان العاقل من تدبر حشوت حقيبة صغيرة لي بحاجة المعتقل من ملبس ونحوه في انتظار طارق ليل النظام الجديد). لماذا هذا التشكيك في كفاءة أجهزة أمن الجبهة في المطار وهي تراقب عبدالله يخرج ويدخل عبرها كما شاء؟ ولماذا هذا الإيمان الصحابي بألا مفر من طول يد أجهزة أمنها الأخرى إلا (الفرار الى دار القرار)؟

    دعي عبدالله علي ابراهيم (ضمن جمهرة كبيرة من الناس) عن طريق أجهزة الإعلام للاشتراك في مؤتمر الحوار الوطني من اجل السلام, فوطن نفسه على المساهمة فيه رغم أن نفسه اقشعرّت (لا من الدعوة للمهمة بل من اسلوب الدعوة من خلال المذياع) مما استدعاه لاحقاً لتسجيل احتجاجه علي أسلوب الدعوة كتابة للعقيد خليفة, وتلك بصيرة إن كانت لا تتفوق كثيرا على بصيرة من سرق منه الصندوق فظل فرحاً مطمئناً أنه لا زال محتفظاً بالمفتاح, إلا أنها دبارة جيدة ممن يرى أن قضاته هم الشعب ويتحسب ليوم الحساب بشهادة موثقة من العقيد خليفة، ما شأننا؟ ولكن إن كان غمار الناس الذين يدعي عبدالله أنه بقى وسطهم (لا البرجوازيين الصغار الثرثارين), يعرفون الجواب من عنوانه, ألم يك قمينا به أن يدرك أن أسلوب الدعوة المرفوض لم يكن إلا عنواناً فاضحاً بمضمونها الذي فتش عبدالله انحاء نفسه عن الموقف منه (فلم يجد مثقال ذرة من عزوف او تردد).

    يزعم عبدالله أن المرحوم محمد عمر بشير, الذي لم يحتج على أسلوب الدعوة كتابة أو شفاهة, ذكر له أنه لا مانع عنده من المشاركة في المؤتمر (غير انهم يجب ان يكفوا عن اعتقال الناس وتشريدهم والتضييق على الحريات) وحينما سأله عبدالله إن كان سيجعل من ذلك الكف شرطاً للمشاركة أجاب المرحوم بالنفي, ولكن محمد عمر بشير مع ذلك قاطع المؤتمر, لا نتيجة قراءته الواعية للأحداث ولا بتقديره السليم لمعنى المشاركة بل ولا بخبرته الثرة في أساليب وبروتوكولات الدعوة للمؤتمرات, وإنما لأن (جماعة من مريديه الشباب قد راجعوه في قراره الاشتراك في المؤتمر وحملوا ذلك محمل اضفاء الشرعية على نظام مارق). هل كان من هو في قامة محمد عمر بشير في حاجة لمراجعة من مريديه؟ وهل, إن صحت رواية عبدالله, يعيب البروفيسور أنه رأى الصواب في رأي تلامذته فاحتذاه؟ ومحمد عمر بشير فوق هذا وذاك كله هو مؤسس المنظمة السودانية لحقوق الإنسان , عقب انتفاضة أبريل 1985 , ورئيسها الأول , وهي المنظمة التي حلها نظام الإنقاذ في أول بياناته التي حظر فيها جميع مؤسسات المجتمع المدني (ما عدا الجمعيات الدينية) , ألم يك ذلك كافياً له لمقاطعة المؤتمر.

    ذكر عبدالله أن كلمته في المؤتمر كانت بمثابة نواة لنشأة طائفة من اعضاء المؤتمر جاهرت برأيها في تعديات النظام على حقوق الانسان , و ذكر لتلك الطائفة وقفتين مهمتين بشأن حقوق الانسان , إحداهما (حين قطعنا الشك، بواسطة شهادة صدق، ان محاضرا بطب جامعة الخرطوم قد جرى تعذيبه في معتقلات النظام) فتدخلت لدى العميد عثمان الذي تكرم فأطلق سراح الطبيب بعد زيارة له في السجن غداة ذلك اليوم! ألا رحم الله كل ضحايا التعذيب والإرهاب في معتقلات وبيوت أشباح النظام الذين لم يقيض الله لهم شهادة صدق لدى عبدالله علي ابراهيم كانت كفيلة بإنقاذهم. هكذا تضحي مجمل ممارسات النظام وتصريحات قادة الإنقاذ أنفسهم وكل تلك القوانين الذميمة وغياب أي ضمانات للتحقيق والتقاضي النزيه والعادل, بل وإعداد عبدالله حقيبة الإعتقال الصغيرة دونما جريرة ارتكبها سوى سفره لطوكيو, مجرد أكاذيب تطلقها تلك المعارضة اللئيمة, ويراد لنا أن نؤمن بأن ما أخرج الرقاب من تحت المقاصل لم تكن هي تلك الحملة الدولية الناجعة التي قادها الأستاذ فاروق أبو عيسى وإنما (شهادة صدق) لدى عبدالله علي ابراهيم !

    من تلك الرؤية وذلك الأسلوب في الدفاع عن حقوق الإنسان يذهب عبدالله للتحسر على ما آل إليه حال الدفاع عن حقوق الإنسان ويسأل نفسه "كيف كان سيكون حال الشكل المؤسسي والروحي لحقوق الانسان في السودان اذا لم يغير المرحوم رأيه في المساهمة في مؤتمر الحوار الوطني). هكذا يصبح المرحوم الذي حلت منظمته الوليدة للدفاع عن حقوق الإنسان مسئولا بغيابه عن ذلك المؤتمر عما آل إليه الحال, لا النظام الذي الذي لم يكن التعدي على تلك الحقوق جزءا من ممارساته فقط إنما قاعدة جوهرية من قواعد فلسفته وركناً أساسياً من أركان آيديولوجيته. ولا يكتفي عبدالله بالتحسر فقط, بل و يغالط التاريخ قائلا (بدا لي دائماً انه قد اتيحت لنا في تلك الايام فرصة لتشكيل حركة غير حزبية جامعة لحقوق الانسان ولكنها ضاعت من بين ايدينا لجملة من الاسباب). فإذ يتذكر عبدالله عن المرحوم البروفيسور محمد عمر بشير كل شئ حتى مريديه وتلامذته ينسى أو يتناسى أن تلك الحركة التي تمناها كانت موجودة تماما وأن مؤسسها كان هو البروفيسور المرحوم محمد عمر بشير نفسه وأنها لم تضع لجملة أسباب وإنما لسبب واحد واضح بين وهو قرار حلها الذي لم يوضح لنا عبدالله لِم لم يتوسط هو وطائفته تلك لدى العمداء والعقداء الودودين الأتقياء لإلغائه!
                  

03-24-2016, 06:00 PM

عادل عبدالعزيز عبد الرحيم
<aعادل عبدالعزيز عبد الرحيم
تاريخ التسجيل: 06-06-2008
مجموع المشاركات: 2116

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ضكارة ع ع ابراهيم (Re: بهاء بكري)

    ماشى كويس يا عادل عبدالعاطى
    بس جيبتك لمقال ع العزيز البطل بالغت فيها هو لا يقل تهافتا ولا لؤما منه
                  

03-24-2016, 07:10 PM

sadig mirghani

تاريخ التسجيل: 03-03-2014
مجموع المشاركات: 2555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandquot; (Re: Abdel Aati)

    يا اخ عادل عبدالعزيز
    زي ماقال الراحل المقيم الطيب صالح حين حضر
    السودان وراي سد مروي قال
    (مرات ربنا مرات بخلي ناس ماكويسين يعملوا حاجات كويسة)
    انتهي منهم نهاية بطل
    اخخخخخخخخخخخخ
    سلامي ليك والاخوة المتداخلين
                  

03-24-2016, 08:33 PM

كمال عباس
<aكمال عباس
تاريخ التسجيل: 03-06-2009
مجموع المشاركات: 17154

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: sadig mirghani)

    آخر ماكتبه المناضل الجسور الخاتم عدلان.................هذا مقالي للأضواء الغراء هذا الأسبوع، وهو يتعرض لمحاولات الدكتور عبد الله علي إبراهيم للإعدام المعنوي لعبد الخالق محجوب، بعد أن قتله أعداؤه جسديا.بين الدكتور عبد الله على إبراهيم،والأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب:لا يكتفي الدكتور عبد الله علي إبراهيم، بأقل من الإعدام المعنوي لليسار، ممثلا في واحد من أوضأ رموزه: الأستاذ الشهيد عبد الخالق محجوب. ومن خلال إشارات مبثوثة في عدد لا يحصى من المقالات، يحاول عبد الله على إبراهيم أن يمدح عبد الخالق محجوب بأن ينسب إليه قيما ومواقف لم تكن حياة الشهيد وموته، إلا نفيا ودحضا لها. وإذا كان ما حدث لعبد الخالق محجوب صبيحة الثامن والعشرين من يوليو 1971، إعداما جسديا إجراميا نفذه حاكم معتوه، فإن رد فعل عبد الخالق عليه، قد مثل الدرجة العليا من التسامي الفردي، والبطولة الإنسانية، والشجاعة العقلية، التي ألهمت أجيالا من الشعراء والرسامين والمبدعين، بقدر ما ألهمت المناضلين في كل الدروب. ومصدر الإلهام هنا لم بكن تلك الوقفة الأسطورية وحدها، بل كانت السيرة كلها، والقيم التي أضاءت تلك السيرة، والتي لم يزدها الإعدام الجسدي إلا جلاء. أي أن عبد الخالق محجوب، لم يعد منذ تلك المأثرة الباهرة التي خطها بموته، سوى تلك القيم التي عاش من أجلها، وجاد بروحه ودمائه لإضاءتها وسقياها. وهو قد قال لنا بفعله ذاك: جسدي فداء لفكري، دمي زيت لقيمي، عبوري ثمن لبقاء معناي. فإذا أتي من ينسب لعبد الخالق قيما ومواقف نقيضة لما كان يؤمن به، ويرفعها علما على ذكراه، مع كل آيات التمجيد الزائفة وحسرات الفراق المفتعلة، فإنه يحاول إتيان جريمة أفظع من القتل الجسدي، وهي قتل المعنى. وهذا هو ما ظل يمارسه عبد الله علي إبراهيم منذ أن زلزلته الإنقاذ بحضورها الرهيب، وخلعت فؤاده وكسرت جبارته. في كتابه عن الترابي كزعيم للتجديد الإسلامي في السودان، وعن إمكانية حكم البلاد بواسطة فئة القضاة الشرعيين، يورد عبد الله علي إبراهيم الإهداء التالي:" إلى أستاذنا المرحوم عبد الخالق محجوبكنا قد إئتمرنا أو " تآمرنا" على شيئ من هذا الكتاب في فترة من الزمان عند منتصف ستينات القرن الماضي. واستعجلت أنت تخطو وئيدا شجاعا في السكة الخطرة. أو أبطأت أنا. وهذا بعض كسبي من " المحضر السابق" صدقة جارية لروحك السمح العذب، يا أيها الرجل الوسيم."ألاحظ عرضا هنا إستخدام عبد الله على إبراهيم، في إهداء يوجهه إلى عبد الخالق محجوب، لمصطلحين أساسيين في فكر حسن عبد الله الترابي، هما مصطلح الإئتمار، الذي يفضله الترابي لمعناه المزدوج، الظاهر المتعلق بعقد المؤتمرات، والخفي الذي يعني التآمر، فالترابي يعشق مثل هذه المصطلحات ويهيم بها هياما لا فطام منه. ومصطلح "الكسب"، الذي يصور العمل السياسي والفكري، ليس كعطاء يجود به المرء طوعا على الآخرين، بل ككسب يأخذه الفرد عنوة من الجماعة، ويأخذه الحزب غصبا من المجتمع. وأتجاوز عن ظاهرة ذلك المستعجل الذي " يخطو وئيدا"، في مزاوجة مستحيلة بين نوعين من المشي، وأنفذ إلى جوهر فكرة عبد الله، وهي إشراك عبد الخالق في تأليف كتاب لم يكن ليتردد في إستنكار كل مقولة أساسية وردت فيه، ودحضها بحزم فكري عرفه عنه عبد الله قبل سواه. والدليل الذي يسوقه عبد الله على إشتراك عبد الخالق معه في فكرة هذا الكتاب، هو تآمر سري، بينه وبين عبد الخالق. وهي فكرة ليست كاذبة فحسب، بل هي غبية كذلك. لقد أتهم عبد الخالق محجوب بالتآمر في أشياء كثيرة، في مراحل مختلفة من حياته، من مؤامرة الشيوعية الكبرى، وحتى مؤامرة الإنقلاب العسكري. وكانت الإتهامات ذات طابع سياسي واضح، لأن عبد الخالق كان قائدا سياسيا فذا، من أخمص قدميه إلى شعر رأسه. ولكن أحدا لم يتهم عبد الخالق بمؤامرة فكرية. في مسائل الفكر كان عبد الخالق واضحا كالشمس. بل كان يوصي الشيوعيين بأن يكونوا واضحين فكريا مثله، وألا ينحشروا في مواقع الدفاع، حتى لا يتهموا بالإنتهازية. فكيف يمكن لرجل هذا شأنه أن يتآمر مع عبد الله على أفكار هابطة مثل تولية شؤون الدستور والحكم لفئة القضاة الشرعيين، إذا كان ذلك هو الجزء من الكتاب موضوع التآمر، أو تنصيب الترابي زعيما للتجديد الديني، إذا كان موضوع التآمر هو الجزء الثاني من الكتاب؟ وكيف يمكن لعبد الخالق أن يتآمر على كل تاريخه الفكري؟التآمر المشار إليه هنا، لا يعني سوى أن عبد الله، وقد سار في الدروب الموحشة، بدلا عن "السكة الخطرة"، يريد أن يدعي أنه يفعل ذلك وهو في صحبة رفيعة، كما يريد أن يتأبط ذراع عبد الخالق إلى قبره المعنوي، الذي أعده بدافع الكراهية العميقة التي تسمي نفسها حبا خالدا. وسأوضح ما أجملته هنا عندما أتناول في مقالات قادمة، كتاب عبد الله المدوّن بمداد التهافت المنطقي والمرجّب بعمد الحجج الخاوية.وما أجمله عبد الله هنا في كلمة إهدائه المسمومة، فصله شيئا ما في مقدمته لكتاب عبد الخالق: أفكار حول فلسفة الإخوان المسلمين الذي كتبه الشهيد أواخر الستينات. ولأن الرسالة التي حددها عبد الله علي إبراهيم لنفسه، إزاء عبد الخالق، لا يمكن أن تكون مستقيمة، وإلا كشفت نفسها للدحض المباشر، فإن إلتواءها قد ظهر هنا بأجلى ما يكون الظهور. إن عبد الله إذ يقدم لكتاب، ينتقد دون رحمة، وباستقامة فكرية عظيمة، عرفت عن الشهيد، أفكار الإخوان المسلمين، لا يورد حرفا واحدا، أو فكرة واحدة من الكتاب الذي بين يدي القاريئ، بل يلجأ إلى نسبة أفكار نقيضة لما ورد في الكتاب إلى مؤلفه، بإعتماد مراجع أخرى ليست بين يدي القارئ ولا يؤمل أن يحصل عليها حتى إذا شاء! والأخبار غير السارة بالنسبة لعبد الله، إننا حصلنا على بعضها، ونعمل على الحصول على الأخريات ولو طال السفر، فليكفهر وجهه ما شاء له الإكفهرار!يقول عبد الله علي إبراهيم أن عبد الخالق محجوب، لم يكن معترضا على دعوة الدستور الإسلامي، عند ظهورها، بل كان محبذا لتلك الفكرة، منشرحا إزاءها، ومحتفيا بها. وربما يكون رد فعل كثير من القراء، وهم يطالعون هذه الدعوة الغليظة، أنني أتجنى على الرجل، وأرجمه بالغيب، وأتهمه بما لا يمكن أن يكون قد صدر عنه. ولا أستطيع أن أرد على هؤلاء إلا بكلمات عبد الله علي إبراهيم نفسه الواردة في مقدمته تلك لكتاب عبد الخالق. يقول في صفحة 11 ما يلي:" ويذكر الشيء بالشيئ، فأريحية عبد الخالق الفكرية حيال مشروعية، بل وسداد الدعوة إلى الدستور الإسلامي قديمة. فقد تقبل هذه الدعوى بطيب خاطر في كتابات باكرة له بجريدة الميدان عام 1957، والدعوى إلى مثل هذا الدستور في طفولته بعد" (الدعوى بدلا عن الدعوة وطفولته بدلا عن طفولتها، نقلتها كما وردت في الأصل.)ولكن التأييد المزعوم للدستور الإسلامي، المنسوب لعبد الخالق محجوب، وإيمانه ليس فقط بمشروعية الدعوة، بل بسدادها، لا يتوقف على مقال نشر عام 1957 عندما كان عمر عبد الخالق 30 عاما، بل يمتد معه في دعوى عبد الله حتى مماته على ما يبدو، يقول على ص 13 من مقدمته:" وعليه لم يكن عبد الخالق في عام 1958م، كما لم يكن في عام 1965 م، ممن أستثقل أو إستفظع أو إسترجع –أي جعلها رجعية باطلاق- الدعوة إلى الدستور الإسلامي، بل كان أكبر همه فحص إن كانت الدعوة إليه قد جاءت من باب المواتاة السياسية أم أنها صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر، وعن عزيمة كتأمين السيادة الوطنية على أساس من العدل الإجتماعي. والدليل على رحابة صدر عبد الخالق لخطاب الدستور الإسلامي هو تنبيهه إلى أن المناقشات التي جرت حول وجوب تطبيقه في ما بعد ثورة أكتوبر 1964م " ولدت وعيا بين الناس لا سبيل إلى إنكاره ولفتت الإنتباه لأول مرة في بلدنا للنظر للدين من زاوية المؤثرات والتقدم الذي أصاب الإنسان في القرن العشرين."وربما يكون روع القاريئ قد هدأ حاليا، بعد أن وقف من عبارات عبد الله، على أنني لم أنسب إليه ما لم يقله. فالعبارات رغم حظها الضئيل من الإبانة، ورغم ما فيها من اللغو والعويش، إلا أنها توضح موقف صاحبها بصورة كافية. إذن كان عبد الخالق محجوب منشرحا لدعوة الدستور الإسلامي، محتفيا بها، غير منكر ولا "مسترجع" لها. كل إعتراضات عبد الخالق محجوب، إنطوت على اعتبارات ثانوية، مثل أنها طرحت في غير محلها، وأنها لم تتشرب بصورة كافية بعداء الإستعمار، كما أنه لم يكن واثقا من أنها "صدرت عن إنشغال سياسي محيط بالخطر الوطني والحضاري بالإستعمار، الخصم الأكبر" أو كما قال!هنا أيضا، يريد عبد الله علي إبرهيم، في مسيرته الهابطة، أن يقنع الناس أنه يسير في صحبة راقية. وهنا أيضا يحاول أن يسوق عبد الخالق محجوب إلى قبره المعنوي، بعد أن تكفل الآخرون بقتله الجسدي. والواقع أن عبد الخالق لم يكن في أية لحظة من لحظات حياته المدونة، من دعاة الدستور الإسلامي، سواء بتوضيحاتها أو بدون توضيحاتها. بل كان خصما لدودا، ومجادلا عميقا عارفا، ضد ذلك الدستور وتلك الدولة، وما كتابه هذا الذي يقدم له عبد الله علي إبراهيم، ولا يذكره بكلمة واحدة، سوى شهادة دامغة على ما نقول. مواقف عبد الخالق محجوب في المعركة الممتدة ضد الدستور الإسلامي معروفة وموثقة، وخطبه داخل الجمعية التأسيسية عندما كان نائبا من نوابها معروفة للجميع، تسميته لتلك الدعوة بالمشبوهة والرجعية معروفة كذلك، ويعرفها عبد الله علي إبراهيم أكثر من سواه. وهذه كلها شواهد سنوردها ونفصل أمرها. ولكنا هنا نكتفي بالدحض المنطقي لمقولات عبد الله علي إبراهيم المتهافتة حول موقف عبد الخالق محجوب. فإذا كانت الرواية التي أعتمدها عبد الله لتلك المقالة التي نشرها عبد الخالق صحيحة، وليس لدي ذرة من الثقة في أمانة عبد الله، فإن جوهر حجة عبد الخالق هي أن المعركة في ذلك الوقت، كانت هي الوحدة ضد هجمة الإستعمار، وليست الفرقة حول الدساتير. هذا لا يعني أن عبد الخالق كان يؤيد الدستور الإسلامي، بل كان يرى أن من يطرحونه إنما يريدون خلط الأوراق، والهروب من المعركة الماثلة إلى معارك أخرى سيأتي أوانها. فلنحارب الإستعمار جميعا كسودانيين، ثم نتعارك بعد ذلك حول الدساتير. وهذا موقف لا أستبعد أن يكون عبد الخالق قد وقفه بناء على التحليل الماركسي في التناقضات الأساسية والثانوية، المعروفة لدى عبد الله دون ريب. وبمعنى أوضح إذا كان عبد الخالق يدعو إلى دستور علماني، وقد كان يدعو إليه حتى إستشهاده، وهو بعض من معانيه الباقية، فإنه يقول دعونا نعرض حاليا عن طرح الدساتير، ودعونا نتوحد ضد الإستعمار وأذناب الإستعمار، وبعد أن نزيح ذلك الخطر فليطرح كل منا دستوره، وفي هذه الحالة فإنني سأعترض على دستوركم الإسلامي، طارحا دستورا علمانيا مستقيما. هذا كل ما يمكن أن يستشفه المحلل الأمين من مواقف عبد الخالق محجوب.المهم أن عبد الخالق محجوب لو كان يدعو إلى الدستور الإسلامي، فإن معانيه كلها تكون قد جفت تقريبا، بقيام الدولة الإنقاذية الأصولية التي ألتحق عبد الله بخدمتها الفكرية، من مواقع الإلتواء والخفاء الشديد والنكران. وإذا كان ذلك مبتغى عبد الخالق، فإن إعدامه المعنوي يكون قد إكتمل. فكيف يمكن أن يكون عبد الخالق داعية للإشتراكية والعدالة والعلمانية والشيوعية، إذا كانت أحلامه تنتهي عند عتبة الدولة الدينية؟ ولست مندهشا لمحاولات عبد الله إعدام عبد الخالق معنويا، لأن ذلك يمثل بالنسبة إليه حاجة نفسية قاهرة. فهو لم يكن ليقدم على مثل تلك المحاولة لولا أنه اختار الإعدام المعنوي لذاته أولا، في مواجهته لأخطار لم يكن من ضمنها الموت. وذلك على النقيض تماما من عبد الخالق محجوب الذي اختار الفناء الجسدي، والبقاء المعنوي، وهو عارف تماما بتبعات خياره.ولا يكتفي عبد الله بمقالات مجهولة كتبت عام 1957، بل يورد وثيقة قضايا ما بعد المؤتمر كشاهد على أطروحته. وهذا ما سنعالجه في حلقة مقبلة..................مقال الثلاثاء: بين عبد الخالق محجوب وعبد الله علي إبراهيم: محاولات في الإعدام المعنوي.مقال الثلاثاء: بين عبد الخالق محجوب وعبد الله علي إبراهيم: محاولات في الإعدام المعنوي.
                  

03-24-2016, 08:37 PM

كمال عباس
<aكمال عباس
تاريخ التسجيل: 03-06-2009
مجموع المشاركات: 17154

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: كمال عباس)

    ............ د. عبد الله علي إبراهيم ينتقد ورقةالخاتم عدلان (آن أوان التغيير) الخاتم عدلان: آن آوان الماركسية ... بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم سودانيلنشر في سودانيل يوم 04 - 02 - 2011عرض نقدي لكتاب الخاتم عدلان (آن أوان التغيير) (1994) 1كتب الخاتم “آن آوان التغير" ( فرغ منه في1991) عن وجوب أن يغير الحزب الشيوعي ما بنفسه ونشرها في طبعة ثانية في فبراير 1994 في "الشيوعي"، مجلة الحزب الشيوعي السوداني النظرية. وهو تغيير أزف في نظر الخاتم من جهة انحطاط نظم الاشتراكية التي تركت عصر البطولة من خلفها وتحولت بأحزابها إلى بديل للطبقة العاملة التي جاءت باسمها إلى الحكم فأذاقتها الويل. ولم يكن فساد الماركسية ووجوب التخلص منها هو شاغله بصورة منهجية. بل جاء إلى إبطال الماركسية من جهة قعود حزبه دون بلوغ مراق كان قد التزم به. فهذا الفشل هو الذي قاد الخاتم ليقول بصورة عامة "إن السير بالطريقة القديمة لم يعد ممكناً. فالإيدوجية القديمة (الماركسية) لم تعد ملهماً للأجيال الجديدة ولا مفجراً لطاقاتها ولا جامعاً لقوى التغيير" (صفحة 12).ليس مهماً كيف جاء الخاتم إلى نقض الماركسية. ولكنه متى انشغل بالأمر وقعت عليه تبعة أن ينقضها وجهاً لوجه، نصاً وممارسة، كما هي السنة المتبعة. ولذا نستغرب كيف أبطل الخاتم نظرية خدمها طويلاً أكثر عمره القصير بغير ذكر نص ماركسي واحد سوى إشارة عرجاء لماركس عن نبل البروليتاريا لم يحسن حتى توثيقها. ولم ير غضاضة بالاستعانة بكتاب لمبطل كبير للماركسية هو ألان توفلر "تحول القوة" ( Power Shift). ولم يزد عليه كمرجع على الماركسية أو لها على طول كتابه الذي بلغ 110 صفحة. لم نأت بالضمور المرجعي المطلق لكتاب الخاتم جزافاً. فالتخلي عن عقيدة كالماركسية لمن التزمها كالخاتم مسؤولية لم ينهض بها على وجهها الحق. ولم يسعفه دون إطراح الماركسية، جملة وتفصيلاً، لا ذهنه الفلسفي وتدريبه الذي زكاه ليتفرغ مثقفاً في الحزب ولا خدمته الطويلة الممتازة في صفوف حزب ظل حسن الظن به حتى خرج عليه في 1993. وسنرى أنه تعامل بغير قليل من الإهمال مع هذه المسؤولية تجاه ماركس التي أحسن وصفها جاك دريدا الفيلسوف الفرنسي والماركسي الذي انقطع عنها دهراً. فقد صدر له في 1994 كتابه "شبح ماركس" في نفس الوقت الذي ظهر كتاب الخاتم في مجلة “الشيوعي”.وأول أبواب هذه المسؤولية لدى دريدا هو أن يكف المثقف عن إعادة اختراع العجلة. فالعقائد التي أبطلت الماركسية في الثمانينات وما بعدها، ورتبت نفسها لتجاوزها، لم تأت بما لم تسبق إليه. ف"نهاية الماركسية"، التي يقول بها فوكوياما صاحب كتاب "نهاية التاريخ"، عند دريدا "قديمة". ولكن نفراً كثيراً من قراء فاكوياما، أو مستهلكيه، أو حتى فاكوياما نفسه، لا يعرف قِدم بضاعة التكهن ب"نهاية" هذا او ذاك من الأمر: "نهاية التاريخ"، "نهاية الماركسية" "نهاية الفلسفة"، "نهاية الإنسان" وهلمجرا. وقال دريدا إنهم مضغوا ذلك شباباًً في الخمسينات. ولذا فإعادة القول عن نهاية هذا الأمر أو ذاك هو حديث خرافة عنده وعند جيله. أما الذين ينتشون بهذه الخرافة بفرح شبابي غرير فيبدون كمن جاء متأخراً إلى الحفل أو كمن يريد ما يزال أخذ آخر قاطرة في حين بارحت تلك القاطرة المحطة: يبدو كمن تأخر حتى عن نهاية التاريخ (شبح ماركس 14-15). أما الباب الاخر والمهم في المسؤولية تجاه ماركس وهو أنه لا نهاية له. ولا نقول ذلك لصلاحه في كل زمان ومكان. فحقيقة الأمر أننا لا نتعامل مع الماركسية معرفة بالألف واللام بل مع ماركسيات. فالخاتم نفسه لم ير غضاضة في أن تنفتح فلسفة الحزب الشيوعي السوداني، الذي رنا إليه في كتابه، على نظر كثير آخر من بينه الماركسية. فالماركسية تقليد فلسفي لا "ينتهي". ويقول دريدا: "سيظل من الخطأ أن لا نقرأ ماركس أو نعيد قراءته ومناقشة أفكاره . . . وسيكون الإضراب عنه أكثر فأكثر خطأ وفشلاً في المسؤلية النظرية والفلسفية. وسنتذرع لاستدبارنا مسوؤليتنا حيال قراءة ماركس لأنه لن نوفق إلى سبب وجيه لذلك الإضراب بخاصة في الوقت الذي تخلص لنا نصوص الرجل من غوغاء التنطع والأيدلوجية التي تشبثت به طويلاً حتى تلاشت (الدول، الأحزاب، الخلابا، النقابات ومواقع الإنتاج العقائدي الأخرى). فليس ثمة مستقبل بغير تحمل هذه المسؤولية. ليس بغير ماركس: فبغيره يسقط المستقبل. لن يكون هناك مستقبلاً بغير ذكرى الرجل وإرثه. لن يكون ذلك المستقبل بغير ماركس ما، بغير ذكائه، وبغير واحدة من أرواحه على الأقل . . . هناك أكثر من ماركس واحد، يجب أن يكون هناك أكثر من ماركس واحد" (شبح ماركس 13) 2سنلقي في الجزء التالي أضواء على أفكار الخاتم عن منزلة الحزب الشيوعي والنواقص التي أخذها عليه التي جاءته من باب تمسكه بالماركسية. فمن رأيه أن حزبه الشيوعي ليس بمنأى عن الانحطاط الذي ضرب أحزاباً مثيلة وسابقة ومتمكنة في المعسكر الاشتراكي. فليس يسلم حزب السودان من ذلك لدعواه أنه حزب مختلف متجذر في مأثرة وطنه أوأنه حزب "عبد الخالق والشفيع". وقال إن حزبه كان لن يصمد أيضاً متى وضعته الظروف في وضع الأحزاب الشيوعية الحاكمة الظالمة. فقد بدت عليه مظاهر الشيخوخة أيضاً. فنظمه الداخلية "عفا عليها الزمن والديمقراطية يجب أن تدخل من جمبع النوافذ والأبواب، كما ان الوجوه يجب أن تجدد". وميز حزبه مع ذلك بأنه حامل لجينات الخلاص من تاريخه متى ما شرعنا في الإصلاح بعزيمة وقوة (9-11).عرض الخاتم لتأريخ موجز للحزب خلص منه إلى أنه كان "جزءا أصيلاً من نضال الشعب السوداني . . . لم يكن نبتاً شيطانياً ولا كياناً مصطنعاً ولا مقولة ملفقة، بل استدعاه الواقع: استدعته المهام الوطنية التي كانت مطروحة أمام الشعب والتناقضات المستعصية التي كانت تنتظر الحل والآمال المشروعة في الديمقراطية والاشتراكية، التي لم يتحرك بها وجدان الشعب السوداني فحسب، بل انداحت دوائرها لتغطي كل القارات، وتأخذ بشغاف أفئدة الشعوب". (19-20). بل تخطى الحزب "مستوى النضال السياسي المباشر إلى مستويات الفكر النظري والخلق الفني والأدبي والثقافي". وكتب عبد الخالق عن النظرية التي تنسق الوجدان وتفسر ظواهر الوجود وتعطي الإنسانية رسالة نبيلة في الحياة" (20). ونسب هذه المهارة السياسية والفكرية إلى الماركسية ونظرتها الطبقية. وميز الشوعيين لتمسكهم بالتحليل الطبقي برغم قول القائلين لهم بفساده لأن الطبقات لم تولد في السودان أو لعدم صلاحية المعيار الطبقي في الحكم على المواقف الاقتصادية والاجتماعية. وميز الخاتم بشكل خاص وثيقة المؤتمر الرابع "الماركسية وقضايا الثورة السودانية" (1967) التي حاولت إنهاء "غربة الماركسية" بجعلها جزء من نسيج السودانين الثقافي الحي (21).ولكن الخاتم لا يحاسب الحزب بالمتحقق من مشروعاته فحسب بل بما التزم به منها ولم تتحقق. وتساءل إن كانت ما تزال قابلة للتحقيق في ظروف عالمية عاصفة وتطورات متلاحقة لا سبيل للتغاضي عنها ثم نواصل السير كما كنا (24-25).ومن المشروعات المركزية للشوعيين التي لم تتحقق هو "تحويل الحزب إلى قوة إجتماعية كبرى" الذي تبناه المؤتمر الثالث في 1956. ورد ذلك إلى:(1) القمع الشرس الذي وقع عليه من النظم العسكرية وغيرها،(2)تعقد تركيبة المجتمع الذي يغلب فيه القطاع التقليدي بنظمه القبلية والطائفية والعرقية،(3) "غربة الماركسية": فالماركسية موقف فلسفي من الوجود عَزَّ على متناول الأغلبية الساحقة من شعبنا وأنه لطموح "غير عقلاني أن تحاول بناء حزب من الفلاسفة في بلد أمي" (22-23). ثم عرض لما يمكن تسميته لإلحاد الشيوعية وكيف سَهَّل لاعداء الحزب "إنشاء جدار أصم بينه وبين أغلبية الشعب". (33-34). وتذكر عرضاً عدم اتساق الخاتم هنا الذي ساغ له القول بهذه الغربة عن الماركسية في حين أطراها بجعل الشيوعيين يقتربون من واقعهم ويصوغون استنتاجاتهم بنظر دقيق فيه برغم النقائص ( 66) بل ونسب إزدهار الحزب إلى الماركسية وإلى تمسكه بطليعية الطبقة العاملة في نشأته الأولى في الأربعينات رغم نصح الناصحين بغير ذلك.ويرى الخاتم في برنامج الحزب عقبة كأداء حالت دونه والتحول إلى حزب جماهيري. ونظر إلى ذلك البرنامج من زاوية فريدة. فطبيعة البرنامج نفسها منفرة. فهو برنامج مترابط الحلقات لأنه ثلاثة في واحد. فهو يهدف إلى إقامة الحكم الوطني الديمقراطي فالاشتراكية فالشيوعية. وسمى هذا التثليث بالدعوة للإنتماء للحاضر وكل المستقبل. فيتعذر على المرء بهذا التثليث البرنامجي أن يختار حلقة دون الحلقتين الأخريتين. فهو إن اقتنع ببرنامج المرحلة الوطنية الديمقراطية فلن يصبح عضواً فيه لأنه لم يستنفد البرامج اللاحقة في الاشتراكية والشيوعية. فإن غرّب الدينٌ الحزبَ عن الريف فإن "لزوم ما يلزم" البرنامجي (أن تكون شيوعياً غصباً بمقتضى برنامج الحزب مترابط الحلقات) أبعد الحزب من قطاع واسع من جماهير القطاع الحديث. فلو اقتصر الحزب على مرحلة واحدة (بالطبع هي المرحلة الوطنية الديمقراطية) لأعفى هذا الجيل من التورط في مستقبل سيكون له أهله وخياراتهم. ومن جهة أخرى سيقل الإقبال على الحزب متى وصف نفسه بحزب الطبقة العاملة لأنه كمن يدعو الفئات الاجتماعية الأخرى بالانتحار الطبقي قبل دخوله. وبالطبع فمثل هذا الانتحار نبل لا يقوى عليه إلا القليل. ولهذا تناقص نفر الحزب الشيوعي. وعرَّج الخاتم من هنا إلى نقد عريض للماركسية استعان فيه بتوفلر ليقول إن الصراع الطبقي في عصر رأسمالية الثورة التكنولجية و نبوءة الماركسية باشتداد الاستقطاب بين البرجوازية والبروليتاريا باطلة. وسنعود لذلك حين نضع الخاتم موضعه في السياق الكبير للنظريات التي قضت بنهاية الماركسية.وقصور الحزب عند الخاتم براني وجواني. فمصاعب الحزب مع الماركسية ومجتمعه في نظره عوامل "ذات طابع خارجي براني" في تعويق نمو الحزب. وعرج بعد ذلك إلى العوامل الجوانية في مباديء تنظيمه. وسنرى أن هذه العوامل الجوانية مست الماركسية (أو تفريعاتها اللينينة) أيضاً. و هذه العوامل الجوانية هي:1- تمسك الحزب بالمركزية الديمقراطية التي عَقٌمت بها حياة الحزب الداخلية لضيقها بالخلاف وبرمها باستقلال الأعضاء ونمو شخصياتهم المستقلة وجعلت الطاعة المطلقة لازمة في كادره وشرطاً للترقي. وشاخت بذلك هيئات الحزب القيادية باكراً. وقال إن المبدأ، المركزية الديمقراطية، لينيني ناسب أوضاع الإمبراطورية الروسية ومستوى الثقافة التنظيمية فيها وليس ماركسياً (46-47)2- تهيب الحزب من بناء مركزية قومية للجبهة الوطنية الديمقراطية. وخطَّأ الخاتم الحزب لامتناعه عن بناء تنظيم وطني للجبهة بذريعة أنه سيكون بناء فطيراً عمودياً مستعجلاً لا يرعى انبثاقات مكونات الجبهة القاعدية التي تنضج بصورة متفاوتة بين الجماهير. وقال إن غيبة المركز عن هذه المكونات أدى إلى أن يفوض الحزب الشيوعي نفسه ليكون هو ذلك المركز يحمل منظمات الجبهة القاعدية حملاً لتتبني سياساته ومواقفه الوطنية. وأدخل ذلك المثقف الديمقراطي، الذي ينتمي عن طريق منظمته المهنية أو غيرها لجبهة لا مركز لها، في أزمة لأنه ينفذ ما لم يكن له الفضل في التفكير فيه وبه.ولأنه لم ينشأ مركز لقوى الجبهة الديمقراطية سَاسَهم الحزب ب "الفراكشنات" (خلايا للشيوعيين تنسق نشاطهم في المنظمات الديمقراطية) التي صارت قيادة غير مرئية للجبهة. وأعطى ذلك الشيوعيين حقاً إضافياً في تنظيم الجبهة الوطنية الديمقراطية. وكردة فعل لذلك قام الطلاب الديمقراطيون في السبعينات بإنشاء تنظيم خاص بهم في جامعة الخرطوم سموه "الجناح الديمقراطي" لفرز كومهم عن حلفائهم الشيوعيين. ورغم الحيوية التي رفد بها هذا الجناح أعضاءه في عمل الجبهة الديمقراطية إلا أنها حيوية اتصفت بسلحفائية في تنظيم ذي رأسين (65-72). 3- حصاد الحزب المتواضع من النفوذ وسط العمال والمزارعين: وقال هنا إن دور العمال تراجع منذ ضربة الحزب بعد انقلاب يوليو 1971 الذي ترافق معه إغلاق كثير من المصانع وتشريد العمال والانهيار الاقتصادي المريع. وخلال عقدين باءت بالفشل "مجهودات الحزب لإيقاظ الطبقة العاملة من سٌباتها". وهذا يمكن في قوله أن يتغير بجهد مثابر ولكن في إطار تراجع الحزب عن دور الطبقة العاملة الرائد النصي في الماركسية. والوضع بين المزارعين في قول الخاتم شبيه بالعمال. بل عزلة الحزب عن القطاع التقليدي برمته بارزة مع أنه يضم أكثر من سبعين في المائة من سكان البلاد، وظل هذا القطاع بوجه عام مغلقاً أمام الحزب الشيوعي، بما في ذلك جنوب البلاد الذي كان الحزب من أوائل الأحزاب التي نشطت فيه، وطرحت رؤية صائبة لحل قضاياه الأساسية (73-74).4- سوء أدب الحزب مع المثقفين. قال الخاتم إنه كان للمثقفين دور كبير في بواكير نشاط الحزب ثم اضمحل ذلك الدور في عقديّ الثمانين والتسعين للتحولات التي طرأت على أحوال أفراد منهم (الوظيفة، الارتباط بالدكتاتوريات). أما بالنسبة لأغلبية المثقفين فابتعادهم عن الحزب راجع إلى أسباب متعلقة بالحزب. فقد تواضع على تصنيفهم كبرجوازية صغيرة مع الشناعات المرافقة لذلك التوصيف من نقص في الثورية وتذبذب. وهي طبيعة تقول بها الماركسية في الطبقة المتأرجحة بين العمال والبرجوازية بالنظر إلى وضعها في عملية الانتاج بين الجماعتين. وعليه صار وضع المثقفين في الحزب غير مريح " فهم دائماً في وضع الدفاع عن النفس". وقتلت مسلمات الحزب عنهم هذا الفعالية الحرة للمثقف. فنشاطهم في نظر الحزب ليس غير مرغوب فيه فحسب بل هو عٌصَابي نفساني. "فآثر بعضهم الابتعاد عن الحزب وآثر آخرون الخروج عن صفوفه، وبقي آخرون يضطلعون بأدوار تحدد لهم" ووجه نقده لإتهامات طالت المثقف في ما بعد هزيمة ثورة 1924 في "لمحات من تاريخ الحزب الشيوعي" ( 1962-1965 ( لأستاذنا عبد الخالق محجوب. فقد نعى عليهم هروعهم للمكاسب الشخصية فصاروا رصيداً للمستعمر وانحصر نشاطهم في أندية الخريجين. ولم ير الخاتم بأساً في تَعَلق المثقف بوظيفيته ولا في الانضمام إلى جمعية أدبية. وهي الجمعيات التي ترعرعت فيها فكرة مؤتمر الخريجين وغذت مجلات تلك الفترة بالفكر (77-79). وقال إن ذلك الحكم لم يكن مطلقاً بل انحصر في فترة العشرينات. والتفت إلى ما جاء في وثيقة "قضايا ما بعد المؤتمر" (1968) التي اشترطت شروطاً إيجابية لجذب المثقفين التي علق عليها "أهمية كبيرة". فقال:وذلك بوضعهم في المكان المناسب داخل الحزب، وفتح المجال لتوليهم المسئوليات القيادية حسب مقدرتهم، وعدم إخضاع ذلك للعمر الحزبي، أو سجل التضحيات وبمنع طغيان النشاط السياسي على النشاط الفكري والثقافي بالنسبة لهم . وبالتطبيق السليم للمركزية الديمقراطية لضمان الحرية الفكرية. وبحيث تترك آراء وانتقادات المثقفين أثرها في تطور الحزب واتخاذ قراراته ورسم سياساته. وذلك لأن حركة التثقيف والثقافة لا يمكن أن تنمو في جو تصادر فيه حرية النقد وتصادر فيه حرية التفكير (79-80). وقال إن ما نادى به عبد الخالق أعلاه لم يتحقق. فالهجمة الشرسة على الحزب لم تسمح لوظائفه الثقافية بالاتساع ولم تسمح للديمقراطية داخله أن تزدهر. فلم يستقطب جماعة من المثقفين في العقدين الأخيرين. "والذين بقوا داخله أو التحقوا بصفوفه لم يجدوا المكان اللائق بمقدراتهم ولا المناخ المفجر لطاقاتهم الفكرية".فالمركزية الصارمة استبعدتهم من مركز القرار لأنهم كانوا في مؤسسات حزبية لا تتمتع بسلطة يؤبه لها في رسم الخط السياسي العام للحزب. ووقعت الأعباء الفكرية بالنتيجة على السكرتير العام للحزب يعينه بالكاد واحد أو اثنين من الكادر وانحصر دور الآخرين في التلقي والمباركة والتلقين "وظهرت طبقة طفيلية فكرية معتمدة بالكامل على إنتاج السكرتير العام" فصارت تضيق بكل إجتهاد آخر لا يحمل اسم السكرتير وترى فيه مروقاً (80-81)..ونبه الخاتم بصدد قعود الحزب عن بلوغ مراميه إلى سبق عبد الخالق في التنبيه إلى "بدائية في الأداء والتنفيذ" وأن الحزب إن لم يغير ما بنفسه "فسوف يصبح تنظيماً بدائياً ومتخلفاً، ولا يكون في مقدمة الأحداث بل خلفها". ويرى الخاتم أنه آن أن يجد المثقف مكانه الرحب في قيادة حزبه. ولن يحدث هذا إن لم نكف من طلبنا عليه أن يتحول ليكون هوية نقيضة بل "المطلوب منه فقط أن يكون أميناً لعلمه ولذاته ولشعبه ولوطنه والانسانية والعصر الذي يعيش فيه". وعاب على الحزب أنه لم يصدر خلال عقدين سياسة متكاملة حول المثقفين (82).3 تلازم عند كل منكريّ الماركسية القول بنهايتها بسبب بطلان أطروحتها في الصراع الطبقي في النظام الرأسمالي. ونقطة التركيز في إنكارهم هي فساد ما علقته النظرية من أمل على البرليتاريا في تحقيق مجتمع للاشتراكية أو الشيوعية. ولم يترك الخاتم مجالاً لمجتهد حول منطلقه في بطلان الماركسية بعد استشهاده بتوفلر. وهو منظر معروف لنهاية الماركسية على حيثيات الثورة المعلوماتية والتكنولجية المعاصرة. وأعاد الخاتم أقوال توفلر بحذافيرها كما سنرى. ولكننا سنعرض أولاً لاجتهادات خاصة للخاتم حول بطلان رهن المستقبل بالطبقة العاملة. من رأي الخاتم أن رهن المستقبل بالطبقة العاملة من أضغاث ماركس الشاب. فقد كان افتتن في شبابه بنبل هذه الطبقة افتتناناً لم يتجاوزه وقد تقدم به العمر الكفيل بتبديد نزوات الشباب. وقاريء كتابات الخاتم حتى غير المدقق سيجده يكرر أن من لم يعتنق الماركسية شاباً خاطيء ومن تجاوز الشباب وما زال عَلِقاً بها خاطيء كبير. قال في معرض نبل ماركس الشاب: ولعله سيكون من المفيد أن نتذكر أن تعلق ماركس بالبروليتاريا في أساسه كان تعلقاً رومانسياً لفتى لم يتعد العشرين إلا قليلاً عندما كان يبحث عن العدالة المطلقة. فاستعار من دون أن يعي مفهوم المسيح المخلص، وأصبغه على طبقة أثارت شفقته واستفز شقاؤها حسه العميق بالعدالة. وقد ظل ماركس في سنيّ نضجه وشيخوخته أميناً امانة مدهشة لمشروع كان صاغه في صباه. إن الذي يقرأ نصوصه حول العمال الفرنسيين والعمال المهاجرين الألمان "الذين يشع نبلهم من أجسادهم" سيدرك بسهولة ما نرمي إليه. وإن المطلع على أعمال ماركس لن يجد في ترشيحه البروليتاريا لقيادة التاريخ الإنساني سوى أسباب واهية (صفحة 43)وهذا شطح من عدة جوانب لا بينة له في سيرة ماركس. فقد صبغ الخاتم ماركس بسذاجة عاطفية لم يسبقها إليه الخبراء في سيرة الرجل. فقد وصفه إزايا برلين، الأكاديمي البريطاني، بأنه رجل منقطع بصورة غير عادية عن البيئة التي حوله. فالذي ليس مطبوعاً في مجلة أو كتاب كأن لم يكن. وإنه ظل حتى وفاته غير ملق بالاً بصورة كبيرة لنوعية الحياة من حوله ولا لخلفياتها الطبيعية أو الاجتماعية. فقد خلت طبيعته من العاطفية بل هي طبيعة مَثلوجة إن أردنا الدقة. فللبيئة من حولها تأثير يكاد لا يذكر . . . فهو كاره لكل شغف وبالذات ذلك الذي يتغذى بالعبارات البطولية.كان ماركس، والقول ما يزال لبرلين، لا يطيق البسالة بغير نظر والولاء بغير بصر. وليس أدل على ذلك من حكايته مع الداعية الاشتراكي وليهام ويتلينق، الترزي، الذي دعا إلى حسم الصراع الطبقي بالإرهاب. وكان الرجل خطيباً مؤثراً على العامة. ويقال إنه التقى بماركس الذي طلب منه أن ينوره بما ينوي فعله للطبقة العاملة. ومن بين ما قاله الداعية إن نقد أوضاعها بالكتابة بعيداً عن عالم شقوتها غير مجد. وواضح أن الرجل من العمليين الذين يعتقدون أن شقاء الجماعة البين هو كل ما يحتاجه الرجل العطوف للنضال من أجلها. وليس هذا مزاج ماركس ولا فكره. فخبط ماركس على المنضدة وصرخ فيه " لم يخدم الجهل أحداً أبداً". وانفض اللقاء ولم يجتمعا معاً مرة ثانية (برلين 92).لم تكن البروليتاريا على رادر ماركس (الذي عاش بين 1818-1883) إلا بعد خمس سنوات من تأرخة الخاتم. وليس المهم هنا سن ماركس بل الأشراط التاريخية والفلسفية التي توصل فيها إلى خطر البروليتاريا في التاريخ. فلم يكن ماركس شيوعياً حتى تهجيره من وطنه المانيا إلى باريس في 1843 لنقده الاستبداد القيصري بقوة في مجلة أصدرها. فقبلها ما عرف سبيلاً للشيوعية. بل جعل الغرض من المجلة، التي قرر معاودة إصدارها في باريس، المدينة التي سماها "الجامعة القديمة للفلسفة" أن تنأى عن التماهي مع أياً من التنطعات الجذرية وذكر منها الشيوعية بالذات لقصورها وتعبيرها عن جانب واحد من جوانب الواقع الإنساني. وكان الهدف من المجلة أن تعين المتنطعين على استيضاح أفكارهم. ولكنه سرعان ما وجد نفسه يحث الخطى إلى الشيوعية. ومن دلائل ذلك نشره مقاله عن هيغل بالمجلة جنح نحو الشيوعية فيها حتى أغضب ممول الجريدة الليبرالي اليوتوبي-الخيالي. وفي ذلك المقال اكتشف ماركس البروليتاريا كالقوة التي ستحل النظام الاجتماعي القائم ومحررة البشرية من أسقامها (بادوفر 173 ).نمى ماركس في سنوات المنفى في باريس (بين سنوات 1843 و 1849 داخلاً خارجاً) مفهومه للمادية التاريخية في خضم التيارات الفكرية والمؤثرات العاجة بالمدينة موئل المفكرين الأوربيين الثورييين. وخلافاً لقول الخاتم فإنه تخلص من الرومانسية الهيغلية يوم اكتشافه للبروليتاريا كقوة لبناء المجتمع الجديد. فقرأ الاقتصاديين مثل سميث وريكاردو ووجد أسلوبهم صاف وبارد وغير مؤجج بالعاطفة مما لا يقارن ببلاغية وعاطفية الألمان المزجاة. وجذبه للاقتصاديين مزيج من المكر العملي وتركيزهم على التحري الإمبريقي بالفرضيات العامة الحاذقة. وقوى ذلك ميله الطبيعي لتفادي كل أشكال الرومانسية والقبول بالتفسير الطبيعوي للظواهر وحده لا غيره مما يمكن إثباته بدليل من الملاحظة العلمية. وخلَّصه الاقتصاديون الإنجليز والاشتراكيون الفرنسيون بالتدريج من ركام غيوم الهيجلية. فآخى بين هيغل والاقتصاد السياسي الذي استولى على فؤاده في باريس. فأعطى مفهوم التغريب الهيغلي الفلسفي المجرد معنى جديداً ربطه بالعالم المادي وبخاصة عالم الشعور الإنساني والفعل الإنساني. وجاء بمفهوم "تغريب العمل" في النظام الرأسمالي وهو تغريب العامل عن ما ينتجه في الصناعة للآخرين (بادروفر 191) .جاء ماركس للعمال بمقتضى النظر للتاريخ الذي وضع سره في الطبقة العاملة كالطبقة التقدمية للإنسانية الجديدة في العصر الرأسمالي. وهذا ما دفعه ليكون سيء الظن بالفرنسي الاشتراكي الفوضوي ببيير-جوزيف برودن. فقد وجده أخلاقياً أكثر منه تاريخياً. فمواقفه قبولاًً ونقداً للظواهر بناها على معايير أخلاقية مطلقة وجَهِل تماماً اعتبار الأهمية التاريخية للنظم والمؤسسات. ونقد ماركس كتابه "فلسفة البؤس" بغير رحمة لأنه، كما قال، مضلل. فمن بين مائة عامل قرأوه ربما تجاوز عشرة منه أفكاره ولكن التسعين الباقين سيعمهون في ضلاله. وقال لاحقاًً في وجوب نقد مثل برودون لإنه إذا تركت الخطأ بغير فضح فإنك إنما تشجع التبذل الفكري أو الخنا.ومن فرط "لا رومانسية" ماركس أن أواصر صداقته لفردريك إنجلز التي نوه بها الخاتم تنويهاً خاصاً، انعقدت انتصاراً للنهج العلمي والعقلي. فرد سول بادوفر، مؤلف ترجمة عصماء عن ماركس، صداقته مضرب الأمثال مع إنجلز إلى مقتهما معاً للرومانسيات. كان ماركس أعجب بمقال لإنجلز نشره في مجلته عرض فيه لتطور الرأسمالية من الميركنتالية إلى نظام المصنع في انجلترا. ثم استمد من كتاب إنجلز عن أوضاع الطبقة العاملة في بيريطانيا علماً غزيراً. ووجد ماركس الجاهل بالشأن في شغل صديقه دراسة مبادرة ملموسة لواقع ملموس هو تطور النظم والمؤسسات الرأسمالية. وفي لقاء الرجلين (28 أغسطس إلى 6 سبتمبر 1844) تطارحا افكارهما ووجدا أنهما متطابقان في نظرتهما للأشياء وقررا التناصر في خدمة الشيوعية (بادوفر 184).تحول ماركس إلى الشيوعية بتداخله مع العمال في باريس. وقد عرّفه بهم جماعة من حلقة منعقدة حول موسيس هيس، المعجب بماركس. وكذلك أقامت بباريس جماعة عمالية وصنائعية من الألمان احتكرت صناعة الأحذية وسادت فيها اتجاهات شيوعية قوية. وتعرف ماركس على منظمة شيوعية وسطها اسمها تحالف العدالة وتركت أثراً قوياً عليه. بل نجده نظم الدولية الشيوعية الأولى في 1864 على هيكلها التنظيمي (بادوفر 177-178). من جهة أخرى كان الصراع الطبقي مٌلقَى على أرض باريس ليراه الغادي والرائح. فذكرى ثورة 1789 كانت ما تزال عابقة فيها تلهج بها البرجوازية والعمال معاً. لهجت بها البرجوازية لأن الثورة مكنت لها فأمسكت بمقاليد البلد تحت لويس فليبي. وتتذكرها البروليتاريا الغبينة بالهزيمة أيضاً. وقال بادوفر : "كان التباين الطبقي في باريس ,واضحاً وحاداً ولا تنازل لطرف عنه. ولم يكن ماركس بجاجة لاختراع الصراع الطبقي أو تصوره. يكفيه من ذلك أن يدير النظر في ما حوله". (بادوفر 177).وفي مناخ هذه الزمالة المبتكرة قال ماركس بنبل عمال باريس الذي أخذه الخاتم عليه ونسبه لرومانسية الشباب. قال ماركس: الزمالة بين أولئك العمال ليست شعاراً ولكنها الحقيقة ويشع النبل من وجوهم التي أيبسها العمل . . . وعليك أن تحضر واحداً من اجتماعاتهم لتقف على الطزاجة والنبل العذريين اللذين تنتجهما لقاءات أولئك العمال" ( بادروفر 183).ولا سبب عندي لربط الزمالة ونبلها بالشباب. فهي مطلوبة في كل كدح وضمانة نجاحه. وربما عزت في الكبر ولكن ماركس تحلى بها في كبره. علماً بأن الخاتم نفسه لا يبدو أنه يعترض على نبل الزمالة. فقد جاء في موضع آخر من كتابه بالبشريات التي قدحتها الماركسية في العقول والقلوب والأجساد. فقال إن ماركس وإنجلز رسما مشروعاً لشبحهما الذي طارد أوربا العجوز"، الشوعية، بما جذب إليه "أكثر العقول إستنارة، وأكثر المناضلين شرفاً وحماسة، وقد تفجرت في صدور الرجال والنساء احلام، وأمتلأت آفاقهم باحتمالات نبيلة وخيرة، كفيلة باجتياح السماء" (صفحة 1). وزاد بأنه نشأت لتحقيق هذه المطامح "أخويات بشرية لم تكن أقل من تلك الأخويات التي حققها الأنبياء وسط أتباعهم". وقال إن نضال القوى التي تجيشت للمهمة اتسم "بالبطولة وبالشجاعة الفائقة، وبنكران الذات، والإزدراء بالمنفعة الشخصية، والاستهانة بالمصاعب والأخطار" (صفحة 2). ولم يكن هؤلاء الذين نبلت زمالتهم كلهم من الشباب بالطبع.4ونريد في ما تبقى من هذه الدراسة مناقشة الخاتم في حيثياته التي إطرح الماركسية على ضوئها. وسنتسعين هنا بشكل رئيسي بكتاب "ماركس الإسفيري" للدكتور نيك داير-وزيفورد الصادر في 1999 عن جامعة إلينوي للنشر. فبه سنضع الخاتم في وضعه اللائق من مبطلي الماركسية ومدارسهم وحججهم. وسَنٌعَرِف بفكر توفلر، الذي اقتدى به الخاتم بصورة مطلقة، في سياق هؤلاء المنظرين لنفهم بصورة أقضل فكرة الخاتم في تخطي الماركسية. من جهة أخرى سنرد على الخاتم في قوله إن ماركس لم يعتبر الثورة التكنولجية المعلوماتية التي ألفت بين رأس المال والبروليتاريا فطفت فتيلة الصراع الطبقي. ثم نعرض لبعض الماركسيين المعاصرين الذين واجهوا تحدي "نهاية الماركسية" الذي يروج له منظرو الثورة التكنولجية. ونوجز هنا بسرعة غرض داير-وزيفورد من كتابه ليتابع القاريء أفكاره التي عليها اعتمادنا هنا. أراد المؤلف بكتابه المحاجة كيف أن عصر المعلوماتية الجديدة (كمبيوتر، اتصالات، هندسة وراثية)، خلافاً لقول القائل إنه تجاوز الخصام التاريخي بين رأس المال والعمل، يشكل حالياً آخر المعارك في المواجهة بين الخصمين. وكيف أن التكنولجيا المتقدمة قد جرى تشكيلها لتسليع (من سلعة) عام غير في مسبوق في عالميته. فخرج بكتابه لبيان كيف أنه، خلافاً لمراد من تواضعوا على هذه التكنولوجيا بقصد كسر شوكة الطبقة العالمة،وللغرابة، سيخرج من كنفها للوجود قوى تنتج مستقبلاً مغايراً قائماً على تشارك الثروة هو شيوعية القرن الحادي والعشرين (صفحة 2).صنّف داير-وزيفورد المدارس الفكرية القائلة بنهاية الماركسية وقال إنها الليبرالية الجديدة والتوفلرية. وشرح منطلقها ومرماها كما يلي:1-الليبرالية الجديدة: وهي ردة فعل على الليبرالية الاجتماعية التي اعتقدت في دور للدولة في إحلال العدل الاجتماعي وأفضل تمثيل له الرئيس ريغان ومارقرت تاتشر اللذان حاولا سحب الدولة من "التطفل" على المجتمع. ومن باطنها خرجت دعوة فوكاياما عن "نهاية لتاريخ" التي قوامها أن الماركسية قصرت دون استيعاب ثورة المعلومات. فتهافت الاتحاد السوفياتي راجع إلى تنكبه ثورة المعلومات وهو تنكب دفعته إليه نواقص كامنة في الماركسية وعلل. أما الرأسمالية فقد أنجاها أنها استصحبت هذه الثورة لذا توجت التطور البشري بصورة خاتمة.وجاء نقد فوكاياما للماركسية بحليف غير متوقع لها هو الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا كما رأينا. وسبق لنا عرض مقولة دريدا عن "شبح ماركس" واستعيد أكثره هنا من على لسان داير-وزيفورد طلباً للتوسعة في مسألة ربما كانت جديدة على أكثرنا. نقد دريدا فرضية نهاية التاريخ القائلة بأن تهافت اشتراكية الدولة في آخر العقد الثمانين من القرن الماضي استأصل "الشبح" الثوري" (الماركسية) الذي لاحق رأس المال لحقب طويلة. وأحيا دريدا بذلك فهماً مستقراً في بعض الدوائر مفاده أن الماركسية ليست جسداً جامعاً للفكر ولكنها اشتملت على عديد النسخ المتداخلة والتي بينها تناقضات جذرية. وتحدى دريدا كل قائل أن التقليد البلشفي السوفيتي قد استنفد مأثرة الماركسية. فخلافاً للزاعمين أن الماركسية قد ولى عهدها بعصر المعلومات فإن أهميتها لن تتضح بصورة كاملة إلا حين نأخذ في الحسبان بعض التطورات المعلوماتية (العولمة، طغيان الوسائط) التي أتى عليها ماركس بنصوص شددت على الكوكبية وأتمتة الإنتاج. فدريدا يتحدث لا عن ماركسية وإنما عن ماركسيات. فقد كتب ماركس أشياء مختلفة في أوقات مختلفة وليس كلها سوية أو أن كلها يصلح لينتظم في أنساق تامة ومختلفة. وأخذ الناس جمل ماركس في سياق تطور الماركسية التاريخي وأصعدوا بها واسفلوا وصبوها في طيف من أشكال شتى وفي أحوال كثيرة متشاكسة. فبعيداً عن الزعم بموت الماركسية، في قول دريدا، التبعة الآن أن نرى من فرجة تهافت البلشفية فضاء تينع فيه فروع مصمتة من شجرة نسب الماركسية وتزدهر (4-6).2-التوفلرية: عائدة إلى الآن توفلر الذي اشتهر بالتنظير لثورة المعلوماتية والاتصالات التي تخطت الماركسية وقتلتها. سبقت التوفلرية، ثورة المعلومات، نظرية ما بعد المجتمع الصناعي. والأخيرة تتحدث عن طبقة تكنوقراطية في المجتمع ما بعد الصناعي تراوح في التوتر القائم بين راس المال والعمال. ولكن ثورة المعلوماتية ذهبت إلى القول إلى أن الكمبيوتر ومتعلقاته نَقَض نظرية ماركس وألف بين العمل ورأس المال فصارا بفضل وفرة المجتمع ما بعد الصناعي إخوانا.ولا ينكر منظروّ ثورة المعلوماتية ماركس وإنما يستدركونه بملاحقة كر الزمن الذي فاته. فهم يأخذون بمنطقه ذاته ولكنه يبلغون به غايات ما طرأت له. فبالنظر إلى نظريته عن تطور وسائل الإنتاج يقولون إنه إذا أعطتنا طواحين الهواء النظام الإقطاعي وأعطتنا الآلة البخارية الرأسمالية الصناعية فلا بد من قبول أن الكومبيوتر سيعطينا المجتمع المعلوماتي. فعليه فهم على نهج ماركس ماديون تاريخيون التاريخ عندهم تطوري جدلي.وليس بين دعاة نظرية المعلوماتية من أمعن فيها التنظير مثل توفلر الذي تخلى عن ماركسيته سقماً من الإستالينية وعِزة برفاه المجتمع الأمريكي ووفرة حياته. وغدا توفلر ناقضاَ لا يريم لفكرة ماركس من فوق مفهوم ماركس نفسه للتاريخ. فتجد مطابقة بين موجاته التاريخية الثلاث: الزراعية ثم الصناعية فالمعلوماتية وبين موجات ماركس الثلاث: الإقطاعية فالراسمالية فالشيوعية. الفرق أن موجة المعلوماتية، بحسب توفلر، لا تتحقق بالصراع الطبقي. فلن يتخلل تحقيقها صراع طبقي، أو استغلال للعمال، أو تغريب، أو تركيز للثروة ومركزة لها، أو مكننة لا إنسانية.فكل ذلك من عقابيل المرحلة الثانية، الراسمالية الصناعية، التي هي سمة الماركسية. فالتكنولجيا وحدها ستتكفل بتحقيق المعلوماتية التي ستبسط المجتمع اللاطبقي والعمل الذي لا يٌغَرِب العمال، وتتلاشي فيه الملكية الفردية.ويرى توفلر أن قصور الماركسية عن اللحاق بالمعلوماتية علة فيها. فمادية ماركس قائمة على معارضة بين عالم الأشياء الفيزيائي الحسي، ساحة الإنتاج، وعالم الأفكار الأثيري المجرد. وهذه المعارضة هي التي تلتبس مجاز ماركس الزائط "القاعدة-والبناء الفوقي". ومفاده أن المعلومات والفن والثقافة والنظريات وغيرها من منتجات العقل غير المحسوسة هي جزء محض من "البناء الفوقي" الذي يٌحَلق فوق الأساس المادي للمجتمع. ومع أنه من المتفق عليه أنه يغذي واحدهما الآخر إلا أن القاعدة، حسب ماركس، هي التي تتحكم في البناء الفوقي وليس العكس. وهذه الإزدواجية هي التي تعمي الماركسية عن القيمة الإنتاجية للأفكار والعوالم الرمزية. فمن رأي توفلر أن المعرفة هي التي تََقطٌر قطار الاقتصاد لا العكس. فإذا كان ماركس بمعارضته البناء الفوقي -القاعدة (واختياره للقاعدة كالمسبب للبناء الفوقي) قد جعل هيغل (الذي يقدم الفكرة على القاعدة المادية) يقف ، في قول ماركس نفسه، على رأسه فالمعلوماتية، بإعلاء الفكر، قد جعلت ماركس يقف على رأسه، أي في الوضع الخطأ.ما استنكره توفلر على الماركسية هو قولها بأن الخلاص الثوري في طبقة البروليتاريا. فمن رأيه إن ما حفز العمال للثورة ليس ملكية الرأسماليين لوسائل الإنتاج بل التكنولجيا المتخلفة لعصر المداخن التي أرهقت العمال فثاروا. فهو يقول بأن الماركسية تٌعلي من قدر العمال الجٌهم ذووي العضلات المشدودة في مصانع الحديد. ولكن كتل العمال تلك تتبخر الآن. فاقتصاد المعلومات يلغي المصنع وبالمرة العمال الذين عهدت لهم الماركسية بمهمة الثورة.ويتخذ "وداع العمال" في نظرية المعلوماتية وجهان:أ-الأتمتة (بما يصير العمل كله رهن الالآت) ستحوجنا إلى عمال أقل فأقل مما يضعف حجم العمالة،ب- لن يقود هذا بالضرورة إلى التبطل. فالأتمتة ستفتح جبهات جديدة لتشغيل العمال في حقول الكنولوجيا العليا وحقول للصناعة تطغى فيها المعلوماتية. وهي أشغال أفضل لن يعاني بها العمال من التغريب. فالحاسوب خلق آلي آخر يستبدل شقوة العمل اليدوي بصحو العمل الذهني وتنحل به هرميات المصنع التقليدي وتسترد للعامل كينونته فيرضى بما يقوم به من عمل.ويفترق رواد ثورة المعلوماتية حول ما هم بصدده: هل مجتمعهم الموصوف تجاوز للرأسمالية أم أنه مجرد مجتمع لرأسمالية متطورة. فجماعة "ما بعد الرأسمالية" منهم يقولون إن تكنولوجيا المعلومات وفيضها سيؤدي إلى انحلال قبضة العلاقات الرأسمالية وتوؤل فيه الملكية إلى العمال والمواطنين. فالمصادر التي ستوفرها ثورة المعلومات ستلغي تبادل السلع وسنكون بإزاء مجتمع إلكتروني لاطبقي.وكان لتوفلر موقفان. بدأ "ما بعد رأسمالياً" يرنو لمجتمع يتجاوز الرأسمالية ثم تحول إلى الاعتقاد بأن ثورة التكنوولجيا ستقتصر على "أنسنة" الرأسمالية. في موقفه الاول قال إن عامل مجتمع ثورة المعلومات، خلافاً لعامل ماركس الصناعي الذي تملك النذر من أدوات الإنتاج، يمتلك شفرة الإنتاج في ذهنه. وعليه فهو يحتفظ في رأسه بالرموز التي يتكاثر بها رأس المال. وعليه فهو "يمتلك نصيباً هاماً وغير قابل للإحلال من وسائل الإنتاج". وهنا تسقط نظرية ماركس للصراع الطبقي. فالنزاع الطبقي في مجتمع توفلر المتصور لن يتبخر فحسب بل سيصبح الفصل بين العمال والإدارة مستحيلاً. وستحل محل النزاع خلقية مشتركة من المساهمة والمهنية يغذيها اقتسام الأرباح، وفرص الحصول على أسهم في المنشأة، والميزات النوعية لبيئة العمل. سيكون هناك عملاً بلا طبقة عاملة لأن الطبقة، كهوية جماعية قائمة على التباغض في الإنتاج، ستنحل.أما الداعون لرأسمالية أحسن، وهو الموقف الذي تبناه توفلر بآخرة، فهم يقولون إن تكنولوجيا المعلومات ستأتي بوفرة ترسي رأسمالية رحيمة. ومع اختلاف المدرستين فهما متفقان في أن مفهوم ماركس للثورة والصراع الطبقي قد بطل (26-30). 5أضع في هذا القسم من البحث الخاتم في سياق مبطليّ الماركسية. وهو بالطبع توفلري كما شهد بنفسه وكما سنترك للقاريء استنتاجه (أو دحضه) من قراءة تخريده للماركسية بعد أن وقفنا على آراء توفلر في نفس الموضوع . وحرصت على المجيء بأكثر ما جاء به الخاتم بخصوص فساد الماركسية في مبحث كهذا لأنني لا أعرف مقدار ذيوع كتابه "آن أوان التغيير". دلف الخاتم إلى تعطيل الماركسية من باب نقده لقصور حزبه كما رأينا ومن ذلك تبنيه الماركسية فلسفة ما يزال. فقال إن الحزب يدعو إلى أنه حزب الطبقة العاملة منحاز لمصالحها في وقت لا تنحاز الطبقة نفسها لمصالحها وفكرها. فمثل هذه الدعوة ربما نجحت لو صدقت "النبوءة الماركسية الأساسية حول الاستقطاب الاجتماعي الشامل بين البروليتاريا من جانب، والبرجوازية من الجانب الآخر. ذلك الاستقطاب الذي لا تجد إزاءه الطبقات الوسيطة سوى الانحياز إلى هذا الجانب أو ذاك". وبقفزة طويلة للأمام إلى أوضاع صناعية وطبقية في الرأسمالية المتقدمة، وعلى بينتها، قال الخاتم قال إن هذا الاستقطاب لم يحدث. ولبيان ذلك لجأ إلى توفلر، أحد ابرز المنقلبين على الماركسية وناشر بطلانها بالنظر إلى الثورة المعلوماتية كما رأينا، وكتابه "تحول الشوكة" (Power Shift).قال الخاتم ناظراً لتوفلر إن الطبقات التي تناقصت لعهدنا هي البروليتاريا والبرجوازية لتنامي الطبقات الوسطى وعلى حساب البروليتاريا أساساً. فهذه الطبقات أصبحت تشكل الأغلبية الساحقة في كل المجتمعات الرأسمالية المتقدمة. فالثورة العلمية والتكنولجية همَّشت البروليتاريا فصار عددها يتراوح بين 10 و15 % من السكان. وزاد بقوله إن انتاج الثروة القومية قد تحول "بصورة حاسمة من اليد إلى الدماغ. وأصبحت المعرفة والمعلومة والفكرة والتصميمات الذهنية هي أداة الإنتاج الأساسية". وتملٌك هذه الخزائن المعرفية الجديدة، بصورة حصرية، الطبقات والفئات الجديدة التي ولدتها الثورة العلمية وأهلتها وحدها دون غيرها لقيادة المجتمع. وسمى توفلر هذه القوى الجديدة ب"الكمومنتاريا" (من "كومنت" تعليق comment أي التي بيدها القلم الفصيحة) تلك "التي تمتلك وسائل إنتاجها بامتلاكها للمعرفة، وهي أدوات إنتاج لا تستطيع البرجوازية نفسها أن تجردها منها. وهذه ظاهرة جديدة لم يعرفها ماركس ولم ينظر لها" (37-38).ثم نجد الخاتم يوالي نظرية الثورة المعلوماتية في قولها بنفي الصراع الطبقي من المجتمع المعلوماتي. فقد انتهى مجتمع المعلوماتية إلى سلام طبقي بفضل المساومة التاريخية التي تنزلت عندها البرجوازية بعد الحرب العالمية الثانية، وهي البرجوازية التي يصفها منظرو ثورة المعلوماتية ببرجوازية "ما بعد الفوردية". ويعنون ب"فورد" هنا صانع السيارات الأمريكي الأشهر الذي يعتقد أولئك المنظرون أن ما بعد الرأسمالية قد تجاوزات مصنعه الكلاسيكي الذي شهد مواجهات العمال ورأس المال. فبفضل المساومة المذكورة بين العمال والبرجوازية أصبحت البرجوازية أكثر ديمقراطية عن طريق إشراك العاملين في رسم أهداف الإنتاج وفي ملكية وسائل الإنتاج بأقدار متفاوتة. ووقع ذلك في سياق تنامي خلق ديمقراطي تسرب إلى خلايا المجتمع ترسخت به حقوق ديمقراطية وضمانات اجتماعية. وقيدت الأعراف الاجتماعية المبتكرة سيادة البرجوازية على العملية الإنتاجية والمجتمع. وقال الخاتم إن هذه البروليتاريا، التي لم تنشأ عندنا في السودان أصلاً، مكتوب عليها الاضمحلال (متى جئنا لها) أسوة بالدول الصناعية التقليدية "التي ربطت إنتاج القيمة الزائدة بالانتاج اليدوي أساساً، والاتجاه إلى التغليب التدريجي للانتاج الفكري المستند على المعرفة والمعلومة والوسائل التكنولوجية الحديثة. و"سنحرق مرحلة" الإنتاج القائم على العمل اليدوي" في السودان لأنه "ليس مكتوباً على مجتمعاتنا أن تترسم خطى المجتمعات المتقدمة وقع الحافر على الحافر". فسنبلغ بالطائرة ما بلغته هي بالقطار. وطالما ستضمحل البروليتاريا عندنا، أو هي لن تنشأ أصلاً عندنا نشأتها الأولى، فأولى بالحزب الشيوعي، الذي يرتكز على عقيدة أن الطبقة العاملة هي القوة القائدة في المجتمع، أن يركب "طائرة التاريخ" إلى المجتمع ما بعد الصناعي الذي لم تعد فيه هذه الطبقة سوى جزء من المنتجين لا أعظمهم (40-41).ثم يعرج الخاتم على الطبقة العاملة كما هي عليه في السودان حالياً. ويدعو للكف عن التعامل معها "كمقولة ذهنية خيالية وكستودع خيالي لكل ما هو خير ونبيل والتعامل معها كما هي في الواقع" ونحدد مكانها بمعطيات موضوعية ومقدمات الحقيقة. ومن هذه المقدمات أن هذه الطبقة "ضيئلة الوزن بالقياس إلى مجموع السكان وهي محصورة في قطاع حديث محدود وهي غير نقية في تكوينها الطبقي لأن عدداً كبيراً من أبنائها يجمع بين الانخراط في العمل المأجور والاحتفاظ بالملكية الصغيرة". وهي غير مستقرة بالنظر إلى موجات العمال الموسميين الذين يرواحون بينها وبين الريف. وتوصل الخاتم من ذلك إلى أن موقع الطبقة العاملة في الإنتاج ليس المحدد الوحيد لإيدلوجيتها حتى بقولنا جدلاً أن الأيدلوجية تابعة لموقع الجماعة من الإنتاج. وبناء على ذلك يزعم الخاتم صعوبة الحديث عن إيدلوجية للطبقة العاملة السودانية "إلا إذا تعاطينا مع التلفيق وحددنا بصورة مسبقة وتحكمية أن الماركسية اللينينة هي تلك الأيدلوجية وأن على الطبقة العاملة أن تتيبناها رغم أنفها. وهذه وصاية لا تستقيم مع تنامي الوعي الديمقراطي" (41-42).ومن تلك المقدمات التي جاء بها الخاتم ليطعن في تمييز الحزب الشيوعي لقيادة الطبقة العاملة تشخيصه للتناقضات في المجتمع. فالتناقض الأساسي ليس بين الطبقة العاملة والبرجوازية "بل هو التناقض بين المجتمع ككل والشرائح الطفيلية السائدة والحاكمة، بين المجتمع ككل والتخلف، بين المجتمع ككل ودوائر الاستغلال الإمبريالي " وستلعب الطبقة العاملة هنا دوراً لن تكون له الغلبة لضآلة وزنها السياسي والاقتصادي والثقافي والبشري. وغالباً ما يذهب هذا الدور المقدم "إلى الفئات المرتبطة بالثورة العلمية والتكنولوجية من المثقفين والفنيين والتقنيين والطلاب". وسيتجه نضال هذه الجماعات الغالبة ضد دعاة الديكتاتورية من كل شاكلة ولون بما في ذلك دعاة "ديكتاتورية البروليتاريا". ويقر الخاتم بدور هام للطبقة العاملة في السودان في هذا النضال. فهي ذات "أرث مجيد" فيه ولكن الزعم بأنها "وحدها تملك المفاتيح السحرية للابواب المفضية إلى التحرر الإنساني الشامل، زعم لم يؤكده الواقع، ولم يشهد له التاريخ" (42-43)ويعرج الخاتم من هنا إلى ماركس. فيرى أن ما أضر بالحزب هو تمسكه بهوية الحزب البروليتارية وكدحه ل"ترقية تكوينه البروليتاري". قساقه هذا التمسك إلى ضيق في الاهتمامات "وغذى روح الانتظار الحالم لتلك اللحظة التي تنمو وتنضج وتسود فيها الطبقة العاملة. وقد أدى ذلك إلى غربة الشيوعيين عن واقعهم غير البروليتاري أساساً. فأعرضوا عن الانخراط اليومي الحميم في معرفة الواقع وتوجيهه وفق منطقه الخاص وليس وفق تصورات ذهنية غير واقعية". وسلب التركيز على البروليتاريا الحزب من الحساسية "تجاه الفئات والطبقات الأخرى. وأنشأ جداراً من الاستعلاء والغربة بين الحزب وبين العناصر الراغبة في الانضمام إليه من تلك الفئات والطبقات." كما أدى طلبه (النقاء البروليتاري) إلى التعصب واحتقار الرأي الآخر بما يقرب من التخوين لاتهامه بأنه فكر غريب عن إيدلوجية الطبقة العاملة". ونٌشرت بذلك محاذير الخروج عن "ملة البروليتاريا" جواً فكرياً حانقاً في الحزب عطل خلاف الرأي وأخرس حرية التعبير وفرض لغة مؤممة للحديث لا مجال فيها للخطاب الخاص. ونشأ حراس أشداء ل "ملة البروليتاريا" هم قساوسة في خطر سوسولف الروسي. وهكذا خرَّجت الأحزاب الشيوعية روبوتات بدلاً عن الأفراد ذوي صوت الخاص. وربما لم يحدث هذا بكامله في جميع الأحزاب "ولكنه اتجاه قوي لا يستطيع أن ينكره أحد" (44-45).نجحت الرأسمالية في رأي الخاتم في عقد مساومة تاريخية بينها والمنتجين كسبت به بعداً اجتماعياً تصور المنظرون الباكرون أنها غير قادرة على تحقيقه. فالربح، هذا الدافع الأزلي للانتاج الرأسمالي، "لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تنازلات حقيقة للمنتجين. وصارت العملية الانتاجية أكثر ديمقراطية بما لا يقاس. إذ دخل المنتجون والإداريون والتقنيون والمستهلكون في تحديد أهدافها، وفي كيفية الوصول إلى هذا الأهداف، جنباً إلى جنب مع مالكي وسائل الإنتاج." وظهرت فئة الحرفيين الجدد الذين يبيعون منتجاتهم وليس قوة عملهم من المهندسين والمصممين والفنانين والمبدعين وصانعي الموضة ونجوم الرياضو البدنية والذهنية إلخ." ارتبطوا بالثورة العلمية التكنولجية (91-92).ويزكي الخاتم الصفوة التكنولجية لقيادة مجتمع المصالحة بين الرأسمال والمنتجين. فمع رأيه في وجوب تجييش قوى الشعب كلها للنهضة لتجاوز التخلف إلا أنه يرهن القيادة المأمولة إلى المثقفين الذين ارتبطوا بالثورة العلمية. فهي الفئة "القادرة على استيعاب العملية الاجتماعية في كلياتها والمنخرطة في أرقى العلاقات الانتاجية والتي سيتعاظم نصيبها في انتاج الثروة القومية باستمرار. وهي القادرة على قيادة المجتمع وتسيير وسائل التوجيه والاتصال، وتفجير منابع الطاقة بكل اشكالها والتي لا يمكن لمجتمع معاصر أن يحلم بالتقدم بدون تفجيرها". وهو ينفي أن قوله بما تقدم "نظرية جديدة للصفوة" لأن المراد منه مجرد استيعاب متواضع لطبيعة عصرنا وإلمام بسيط بقواه المنتجة. ويركز الخاتم على "المثقف الشعبي الديمقراطي، المزود برسالة وطنية جامعة، الشاحذ ذهنه لمواجهة التحديات الكبيرة" وهو لايرى أن المثقفين عندنا مؤهلين لذلك الدور إلا بعد تغيير أنفسهم(93-94). وربما لم تكن أشراط الخاتم للمثقف الشعبي مما ينطبق على مثقف صفوة الثورة المعلوماتية. فقد بدا لي وكأنه هو نفس المثقف الذي طمع الشيوعيون في استنباته طويلاً ولم يوفقوا. وزاد الخاتم بأن الدور الذي رسمه للمثقفين لا يقلل من أدوار الطبقات والفئات الأخرى. ولكن المثقفين قطاع ديمقراطي يدخل إليه الأفراد من كل الطبقات. وسيخضع دوره القيادي لأعراف المجتمع وإرادته. وينتهي الخاتم برسم المثقفين قادة لهذا المجتمع بقوله "وهذا يرشحهم لدور وطني قيادي ويجعلهم مجسدين لوحدة المجتمع" (95-96). وهو يدعو إلى استيعاب للمثقفين الأكفاء "دون تصورات إيدلوجية مسبقة" مستفيدين من كل الإرث الفكري الإيجابي "في العالم ومنها وعلى رأسها الماركسية وما حققته من منهج علمي في الاقتراب من الواقع، وما كشفته من حقائق إجتماعية واقتصادية وثقافية لا يستطيع أي مفكر جاد أن يتجاهلها . . " وميز في الماركسية انطلاقها في النشاط النظري أو العملي من "دراسة المنطق الملموس للواقع الملموس" (102).وعليه فالحزب الذي يدعو إليه الخاتم فوق هذه المقدمات هو حزب القوى الحية في المجتمع (منتجين بالدماغ واليد، رأسماليين مرتبطين بالانتاج والوطن، أقليات قومية ودينية وثقافية) يجبه التخلف. وعليه فهو ليس "الحزب الشيوعي" لأنه "لا يتبنى موقفاً إيدلوجياً متكاملاً إزاء الكون، ولا يبشر بمرحلة معينة يتوقف عندها المجتمع البشري، ولا يرمي إلى صياغة المجتمع وفق مخطط نظري شمولي. إنه حزب للعدالة الاجتماعبة التي هي مقولة عامة مفتوحة (105-106). وهو حزب سيخرج من حزب شيوعي قرر الانتحار. فهو يدعو إلى عقد المؤتمر الخامس وحل الحزب الشيوعي وتكوين لجنة تمهيدية من الشيوعيين السابقين وعناصر ديمقراطية مؤثرة وشخصيات وطنية مثقفة ومناضلة وممثلين للأقليات العرقية والثقافية لوضع برنامج الحزب الجديد ولوائحه (108).6اختار الخاتم كما رأينا أن يخلع الماركسية حين بدا له تراخيها عن تطور التكنولوجيا ومجتمعها الجديد. وسنعرض هنا لماركسيين عضوا على الماركسية بالنواجذ وجابهوا بها تحدي الثورة التكنولجية. ومنهم من أحسن ومنهم من أساء. ونبدأ بمقدمة عن أفكار ماركس نفسه عن الثورة العلمية والكنولجية وجدلها في عصره. من رأي داير-وزيفورد أن مزاعم منظريّ الثورة التكنولوجية وبطلان الصراع الطبقي هي خمر جديدة في قناني قديمة. فأرجع فكرة من قالوا بأن ثورة المعلومات ستلغي الصراع الطبقي في الرأسمالية إلى منظرين من عصر ماركس نفسه. ففيه كتب شارلس بابيج مؤلفاً عن اقتصاد الألات والصناعات في 1835. وبحث فيه عن سبل أتمتة العمل (الذهني والجسدي) للتقليل من وزن العامل البشري في الإنتاج، بل والتخلص منه نهائياً. فقد كدَّر الصناعيين الذين نظروا إليه كمصدر خروج عن الضبط والربط والخلل والخطر. ومن رأي بابيج أنه ستقوم على تعبئة الموارد النظرية لخدمة الصناعة "طبقة جديدة من محللي إدارة الأعمال".قرأ ماركس كتاب معاصره بابييج. ولم ير في فكرته سوى استراتيجية أخرى للتخلص من الصراع الطبقي. وكان من رأي ماركس أن استخدام الآلات في الصناعة هي من حيل البرجوازية لإخضاع البروليتاريا المتمردة. ولمّح لبابيج في فصله "الالآت والصناعة الثقيلة" من كتاب رأس المال بوصفه للصراع الطبقي كواقعة بين العامل والماكينة. ونظر ماركس في ما كتبه أحد أنصار بابيج القائل "حينما يوظف رأس المال العلم لخدمته فإن ذلك يكسر شوكة العامل ويؤدبه". وعلق ماركس أنه بالوسع كتابة تاريخ مٌكَمل عن الاختراعات التي تمت منذ 1830 لغرض وحيد هو تزويد رأس المال بسلاح ضد ثورة الطبقة العاملة. فهو يرى أن العلم ومنتوجاته مشروع إنساني جماعي استأثرت بثمرته "جماعة من النوع الرديء من راسماليّ النقد" (3)وقف ماركس على هذا التوتر بين الطبيعة الجماعية للتطور التقني العلمي واستئثار رأس المال به في مذكراته لكتابه رأس المال. وتنبأ ماركس بأن خلق الثروة الحقة سيعتمد أكثر فأكثر على الحالة العامة للعلوم وتقدم التكنولجيا لا على الوقت المبذول في العمل أو كمية العمل المبذول. وسيكون العامل المفتاحي في الإنتاج هو المعرفة الاجتماعية اللازمة للابتداع العلمي التكنولوجي. وسمى ذلك "الذهن العام" (general intellect). وهو ذهن يقوم على نظامين تكنولوجيين سيميزانه عما سواه متى بلغا أشدهما:1-الآلات التي تنبأ ماركس بأنها ستستأصل العمال من المصنع،2-وشبكة دولية من المواصلات والاتصالات تَصِل السوق العالمي بعضه ببعض.وهذا حلم الرأسمالي وغايته. ولكنه حلم تنخر فيه من غير أن يدري حقيقة أخرى. فمتى أطلق رأس المال عنان قوى المعرفة التكنولجية والتعاون الاجتماعي فإنه إنما يبذر بذرة تضعضع حكمه. فالأتمتة، بسبب تخفيضها المبالغ فيه للحاجة للعمال، ستهدم علاقة الأجور التي هي ركن ركين في الرأسمالية. فكلما أزداد تطبيق العلم التكنولوجي في الانتاج سيصعب ربط الدخول بالوظائف واحتواء الإبداعية في حيز صور السلعة. ففي عهد الذهن العام إذاً يعمل رأس المال نحو تحلله كصورة من صور الانتاج الغالب.ويخلص الكاتب إلى أن كل من بابيج وماركس من أنبياء مجتمع ثورة المعلومات الحالي. وخلاف الرجلين راكز في أن الأول يعتقد في التمكن العلمي التكنولجي لعلاقات السوق بينما يرى الثاني تحلل هذه القاعدة. ومع فارق الزمن بينا وبينهما فتفكراتهما القديمة تبدو معاصرة في الذي نراه في القول الرائج الآن بموت الماركسية بالنظر إلى هجوم عصر ثورة المعلومات الذي لم تتحسب له (4).وعرض المؤلف في فصل كتابه الثالث لفكرة أن الماركسية إنما هي ماركسيات لا ماركسية واحدة. وفيه تطرق أولاً لما كتبه ماركس عن التكنولوجيا ثم عرض لكيف استفاد منها ماركسيون في صراعهم الفكري ضد ثورة المعلوماتية ومقابلة تحدي نظريات القائلين بموت الماركسية. فيقول الكاتب إن ماركس مثلنا جميعاً متعدد. وقال الرجل عن التكنولوجيا أشياء مما يصعب مواقعة بعضها على بعض أو مما يمكن مواقعته ولكن بصور مختلفة وربما بصور جذرية في خلافها. ونشأت من جراء ذلك ثلاث مدارس ماركسية تصدت لتثبيت الماركسية من حيث أرادت ثورة المعلوماتية خلعها وهي:1-الاشتراكية العلمية2-اللودية الجديدة3-ما بعد الفورديةوالكاتب يعتقد أن أصحاب هذه المدارس جميعاً لم يحسنوا الاستجابة لتحدي ثورة المعلومات. ففي ماركس نسب إلى ثورة المعلومات بقوله: الطاحونة الهوائية جاءتنا بالإقطاعية وآلة البخار بالراسمالية الصناعي. هذه التحكمية التكنولوجية ليست كماً مهملاً في فكر ماركس. فهو القائل في مقدمة كتابه (المساهمة لنقد الاقتصاد السياسي): "يدخل الناس في الإنتاج الاجتماعي لحياتهم في علاقات إنتاج محددة مستقلة عن إرادتهم، علاقات تتطابق مع مرحلة محددة من تطور قوى إنتاجهم المادية" ويضيف أنه في طور من تطور الناس "تدخل القوى الإنتاجية المادية للمجتمع في نزاع مع علاقات الإنتاج السائدة" وتتحول هذه العلاقات من مٌعين لتطور قوى الإنتاج إلى قيد يثقل على تطورها. وهنا منشأ الثورة الاجتماعية,واضح هنا في قول ماركس أن القوي الإنتاجية هي تكنولوجية بينما علاقات الإنتاج إجتماعية. وللأولى سبق على الثانية. ورد داير-وزيفورد هذه الفكرة إلى أثر إنجلز على ماركس. فألهمت ماركسيين مثل نيكولاي بوخارين الذي فهم أن التطور التكنولوجي طاقة مستقلة، محركة للتاريخ، تهدم قواها الإنتاجية المطردة أشكال الملكية المتخلفة في مسار قاصد لنصر الاشتراكية.ولكن لماركس عبارات أخرى تعدل بل تنقض هذا الفهم الميكانيكي للتاريخ. ففي رأس المال يحكي عن رأسمالية، ولسيطرتها على مواقع العمل والمجتمع، تحول وسائل الإنتاج بتعميقها. ويصور ماركس حدوث ذلك في درجات متفاوتة متلاحقة منا التضمينات. في الفترة الأولى يفرض رأس المال العمل المأجور على أنماط أقدم موروثة من عهد الإنتاج الحرفي. وفي الطور الثاني يعيد رأس المال تنظيم العمل فيطبق العلم في الصناعة فيفشو الإبتداع التقني ويتصل بلا توقف، ويصبح الاستغلال، لا في تمديد ساعات العمل، بل في التكثيف النسبي للإنتاجية. ويقع هنا استبدال العمل العضلي بالعمل بالآلات. وما يدفع الرأسمالي لذلك هو أنه يريد تعظيم سيطرته على القوى العاملة بتجريد الحرفيين من مهاراتهم وتوسيع مستودع جيش العاطلين. وهنا يعكس ماركس آية روايته الميكانيكية التحكمية آنفة الذكر (طاحونة الهواء أعطتنا الإقطاعية إلخ) . فالذي يدفع بالآلة ويزكيها هو نازع الرأسمالي للتحكم بالقوى العاملة (وهو عامل اجتماعي) وليس العكس. وخرجت من هذه الماركسية الأخرى قراءة للماركسي جورج لوكاش تصر على أن الآلات ما هي إلا لحظة في حياة قوى الإنتاج التي يخضع تشكيلها نفسه للشوكة الاجتماعية.ماركس حمَّال أوجه في نظرته للتكنولوجيا والإنسان. فيمكن النظر إليه كمنظر رائد ل "النظم التقنية الاجتماعية" للعلاقة المعقدة التي أقامها أعلاه بين "الاجتماعي" و"التكنولوجي". ولكنه في أحوال أخرى يكون "لودياً جديداً" مصاباً بالتكنوفوبيا (أي كراهة الكنولوجيا). ونعني باللودية الجديدة مدرسة من المفكرين ناقدة للتكنولوجيا وآثارها على الفرد والمجتمع. وقد أخذت اسمها من لودية القرن التاسع عشر التي احتج فيها حرفيون صنائعية في بريطانيا ضد استخدام الآلات التي جاءت مع الثورة الصناعية بل وسعوا لتهشيمها لأنه رمت بهم في البطالة وقطعت رزقهم. فقد حفلت كتابات ماركس أيضاً بتصاوير من قرنه التاسعشري دالة على بغض التكنولوجيا. وفيها نجد آلة البخار تصادم العامل كتجسيد بليغ لرأس المال. فالآلة بذلك نظام متقن لتعذيب العامل. فتكنوفوبيا ماركس تظهر في قوله بأن كل مخترعاتنا وتقدمنا تبدو وكأنها تنتهي إلى تزويد القوى المادية بحياة فكرية بينما تشل الحياة الإنسانية وتجعلها قوة مادية. وهذ الغضبة من الالات تظهره ك "اللودي الجديد" الذي ألمحنا إليه أعلاه. ولكن تجد ماركس في مواضع أخرى يتحدث في نفس الوقت عن الوعد التحريري للآلات. قال في كتابه رأس المال إن الصناعة الحديثة تحول نفسها وتغيرها "بواسطة الالآت والعمليات الكيمائية وغيرها" وبفعلها هذا تٌهًجِر كتلاً من العمال ورأس المال من قطاع صناعي إلى آخر". وهو يرى في هذه المرونة والتغير هجمة على العامل تنزع الطمأنينية من نفسه. ولكنه يرى من الجانب الآخر في هذا الإبتداع حسنة. فهو يهدم التخصص الضيق الذي مَيَّز الصناعة الحرفية بجعله التباين في العمل شِرعة تؤهل العامل ليعمل في العديد من أنواع الشغل. وهنا نرى ماركس آخر مأخوذاً بالإمكانيات التقدمية لعلاقة الماكينة والإنسان.مثلاً: كيف نظر ماركس إلى تقدم تقنية الاتصال في عصره من تلغراف وبواخر وسكك حديد؟ هي عنده أدوات لا محيص عنها لتطوير انتاج المصنع ولخلق السوق العالمي وثمرة لتثوير رأس المال الذي لا يني لوسائل الإنتاج. فهذه التقنيات هي التي تضطر البرجوازية لتضرب في أنحاء سطح المعمورة لتنسرب في كل مكان وتقيم العلائق في كل فضاء. فهذه الوسائط التقنية في نظره أخطبوط يمدد من نظام سيطرة رأس المال. وفي عبارة له سبق بها عولمتنا قال: كل تطور في وسائل القوى الجديدة هو في نفس الوقت سلاح ضد العمال. فكل تحسين في وسائل المواصلات هو مكون هام في أتمتة السوق العالمي" تحيل التبادل النقدي قوة تبدو أنها تقف بوجه أي إمكانية للتحول الإنساني أو للتدخل الإنساني من فرط عملياتها الموضوعية غير الشخصية التي لا تني". وهذه عبارات جعلت ماركسيين كثيرين يركزون على التأثير الهيمني للوسائط الرأسمالية في صناعة المعلومات كما سنرى بالذات عند مدرسة فرانكفورت وثورة طلاب الستينات التي انتظمت حول أفكار هربيرت ماركوز .ومن جهة أخرى نظر ماركس إلى الإمكانية التي وفرتها ثورة اتصالات القرن التاسع عشر (التلغراف، البريد المتسارع) لهدم الحواجز الريفية والقومية وتدويل البروليتاريا. وسبق ماركس وإنجلز شعار "يا عمال العالم اتحدوا" في المانفستو بقولهم إنه قابل للتحقيق لظرف" تحسن وسائل الاتصالات التي خلقتها الصناعة الحديثة ووشجت ما بين العمال في مواضعهم المختلفة". ولهذا قالا بأن البرجوازية، وهي التي خلقت هذه البئية من التآخي العمالي، قد شحذت "الأسلحة التي ستقضي عليها" في الوقت الذي جاءت لمسرح التاريخ "بالرجال الذين سيمتشقون هذه الأسلحة، الطبقة العاملة الحديثة، البروليتاريا". وأهتبل ماركس هذه السانحة للدعوة لنظريتهما على نطاق اسع. فسعى مع إنجلز للتسلل، عير وكالة أنباء سويسرية ، إلى وكالات أنباء عالمية في بروكسل، لبث أفكارهما على نطاق واسع. وقال الكاتب معلقاً إن هذا لن يجعل ماركس "هاكر" بالمعنى الحرفي ولكنه يشف عن تعلقه بإمكانيات ثورة الاتصالات في عصره.واضح أن كتابات ماركس عن الآلة تأرجحت بين قطبين. الأول هو أن التكنولوجيا هي أداة لتمكين الرأسمالية ولتعزير استغلاها واعتقال العالم في التبادل السلعي. أما القطب الثاني فهو أنها قاعدة للحرية من العوز وللتداخل الاجتماعي اللذان هما بمثابة تمهيد للمجتمع الشيوعي. ومن إتبع ماركس جنح إلى قطب دون آخر أو راوح بينهما (39-42).وبعد هذه المقدمة المفيدة نظر الكاتب إلى الثلاث مدارس الماركسية التي نازلت مدرسة ثورة المعلوماتية (التي قضت بنهاية الماركسية) وعرض لاستجابتها لتحدي تلك الثورة وعلاقة التكنولجي والثورة. وسنعالج أدناه كل منها ونتعرف على كيف لاقت التحدي ومدى نجاحها من إخفاقها.1-الاشتراكية العلمية: ركزت على مقولة ماركس عن التناقض بين قوى الإنتاج وعلاقاته. وعليه رأت التاريخ مدفوعاً في سيره بقوانين نافذة تجاه الاشتراكية (42). وتمثلت هذه المدرسة بأجلى صورها في كتاب إرنست ماندل "الرأسمالية المعاصرة-المتأخرة) (1968). وفيه يرد على بشائر دعاة إلغاء الماركسية بالنظر إلى ثورة المعلومات التي كان نجمها آنذاك دانيل بل بكتابه (قدوم مجتمع ما بعد الصناعي)(1973). وكان دافعهم لنقض الماركسية هو ما بدا لهم من قوة السبرنيطيقا وتنامي أهمية التخطيط والتعليم وتنامي "قاعدة المعرفة" التي يقوم عليها التطور الاقتصادي. وتمسك ماندل بماركسية ماركس. وقسّم المجتمع الراسمالي في الغرب إلى رأسماليات: رأسمالية السوق وتكنولجيا الآلة البخارية، فرأسمالية الاحتكار وآلتها كهربائية واحتراقية، فالرأسمالية المتأخرة وآلتها الكمبيوتر والذرة. وكل تحول في الرأسمالية يجلب مزيداً من الربح للرأسماليين (43).ويصف ماندل الرأسمالية المتأخرة بتزايد وتيرة الأتمتة وإحلال نظم السبرنيطقيا محل العمال. ويترتب على ذلك أمور1- يتحول العمل الحي من معالجة مواد خامة حقيقية إلى وظائف تحضيرية وإشرافية، 2-تقع تطورات مبتكرة في تنظيم الأبحاث والتعليم الجامعي، 3-تسارع في الإنتاج وضغوط لإحداث ضبط أفضل للتفريدة inventory وأبحاث السوق وإدارة سوق الطلب وزيادة الاستثمار في نظم تكنولوجية سرعان ما يجري استبدالها بأخرى أفضل. وستٌملى هذه القسمات على الرأسمالية المتأخرة ضرورة تنظيم أدق للإنتاج لا يقتصر على المنشأة بل يشمل الاقتصاد بأسره. وسيقود هذا جميعه إلى تدخل الدولة في الاقتصاد. ولن يغير هذا كله من الغريزة الأم للرأسمالية وهو الحفاظ على نسبة الربح.وهكذا واجه ماندل طلائع نظرية مجتمع ما بعد الرأسمالية. ورفض فكرتها القائلة بأن المركزية الاقتصادية الناشئة للعلم والمعرفة التكنولجية هي من علائم مرحلة جديدة في التاريخ. قال: "إنه خلافاً لزعم الرأسمالية المتأخرة من أنها تمثل مجتمعاً ما بعد صناعي تبدو كالفترة التي (تصنعت) فيها كل فروع الاقتصاد للمرة الأولى". وقال بأن الاعتقاد في فحولة التكنولوجيا هو الشكل المخصوص من إيدولوجية البرجوازية في الرأسمالية المتأخرة. وهي "نظرية تزعم أن بوسع النظام الاجتاعي القائم، وبالتدريج، أن يستأصل شأفة بؤر الأزمات وأن يجد حلاً "تكنيكياً" لكل تناقضاته، وأن يدمج فيه كل الطبقات الثائرة ،ويتفادى التفجر الثوري". وانتهى ماندل إلى وصف الزعم بأن الإبتداع في التكنولوجيا سيعين الرأسمالية لتخطي أزماتها المزمنة بالضحالة. فعلى العكس، قال مندل، إن تلك الإبتداعات ستسوقها حتف أنفها إلى الهلاك الحتمي (43-44).2- - مدرسة التكنولجيا كإخضاع. تعود فكرة التكنولجيا كقيد إلى مدرسة فرانكفورت (ماكس هوركهيمر وثيودور برونو وهربرت ماركوز) ومفادها أن عقلانية التكنولوجيا خدمت التحرر الإنساني في ما سبق ولكنها صارت الآن ظالمة. وتعاصرت هذه المدرسة التكنولجية في الستينات مع مدرسة الاشتراكية العلمية المشروحة أعلاه. وروادها ماركسيون من أوربا وأمريكا استدعوا الجانب البغيض للتكنولوجيا من ماركس ناظرين إلى سوءة التكنولوجيا في عصرهم من استخدام قنابل النابالم، ووحشة خط التجميع (أسمبلي لاين) في المصانع، ومحطات التوليد الذري. وبدا لهم من عنفوان هذه الأدوات التكنولوجية وقهرها أنها تٌقَوى رأس المال بدلاً من إضعافه. فلم يصح عندهم بالتالي أن قوى الإنتاج الجديدة ستنشق عن وسائل الإنتاج وتحقق الاشتراكية. خلافاً لذلك بدا لهم أن قوى الإنتاج قد حصرتها علاقات الإنتاج التي رتبها الراسماليون لتمكين أنفسهم. وصار رأس المال المدجج بالتكنولوجيا بالنتيجة من المنعة بما مكنه من صناعة "الإنسان أحادي الجانب" في قول ماركوس. واتخذت المدرسة مسارين. ركز أحدهما على مجريات العمل والآخر على اكتشاف الوسائط الجماهيرية (48-49).وخلص المسار الأول إلى أن استخدام رأس المال للتكنولوجيا في الصناعة هو ضد الإنسانية في جوهره وناشيء من تصور مفاده ألا حاجة للناس لإحداث التقدم.ويرى مسار الوسائط أن استخدام التكنولجيا يستهدف فرض "ثقافة الصناعة" التي تروج لمنشآت التسلية والإعلان مستنبطة حاجات زائفة في الناس لبضائع يشترونها فيأمنون لها ويلتذون فتٌبطِل فيهم التمرد والإنشقاق وتٌمكن للنظام السائد وتحميه. ومن هؤلاء الماركسيين الناقمين على "ثقافة الصناعة" هربرت شيللر الذي قال إن الاستبشار بثورة المعلومات باطل. فما نراه من مجتمعها المزعوم مجرد مجتمع تستأثر المؤسسة الرأسمالية به بما تذيعه من معلومات وليس مجتمعاً تخطينا فيه الرأسمال إلى مجتمع كوني من أفراد إنسانيتهم معصومة تخدمهم الإكترونيات. ولا يرى أهل المدرسة غضاضة في الرجوع بموقفهم إلى تقليد اللوديون القدامي الذين حاربوا الاستغلال الراسمالي في القرن التاسع عشر بتهشيم الآلة التي استعبدهم المستغلون لها. فشيللر وصحبه هم لوديو ثورة المعلومات. وبلغوا من ذلك أن قال أحدهم إن جوهر مسألة التكنولوجيا الآن أن هناك حرب اجتماعية (بين العمال ورأس المال) ولكن جانباً واحداً منها هو المسلح. وأضاف "إذا بدأ العمال صراعهم بتهشيم الآلات في معادنها لأنها أداة استغلالهم فمسؤولية المثقفين الآن أن يبدأوا بغير تلفت هشم الماكينات الفكرية للاستغلال . وكان ماركس قد تعاطف مع اللوديين. ولكنه قال لقد مضى بعض الوقت حتى تمكن العمال من التفريق بين الماكينة وبين استخدامها بواسطة رأس المال لإستغلالهم. وبهذا الوعي انتقلوا بالتهشيم من الآلة المادية للإنتاج إلى هدم نوع المجتمع الذي يوظف هذه الآلات (50-54) 3-ما بعد الفوردية (من هنري فورد صاحب مصانع السيارت الأمريكي الشهير). وهي دعوة لرأسمالية عاقبة للفوردية الذي هو مصطلح في رأسمالية التراكم المٌمَيزة للرأسمالية الصناعية لمنتصف الخمسينات من القرن العشرين. فهي نظام شامل للتنظيم الاجتماعي يقوم فيه الإنتاج على مصانع خطوط التجميع ، وسوق استهلاكي جماهيري مشراه بضائع منمطة، ويتمتع باستقرار كينزي (عائد إلى جون كينزي 1883-1946) لدورة المال والأعمال (بيزنس). وكان عصر الفوردية الذهبي في ما بعد الحرب العالمية الثانية. وأخذت ما بعد الفوردية مساراً مختلفاً عن اللودية الجديدة والاشتراكية العلمية. فهي على خلاف اللودية الجديدة متفائلة بالطاقة التحريرية للتكنولوجيا الجديدة. ولكنها خلافاً للاشتراكية العلمية لا تنتظر من هذه التكنولجيا أن تنصر الاشتراكية بل إصلاح ذات بين العمال ورأس المال. وهي بهذا خطاب يقرب الماركسية كثيراً من تحليلات الأكاديميين الليبراليين ومستشاري الإدارة ومنظريّ مجتمع المعلومة (55-56).ونشأت مدرسة الفوردية الجديدة من تحليل الأزمة التي استحكمت بالفوردية في الستينات والسبعبنات فابطلتها. وتولت "مدرسة الرقيوليشن (الضوابطية)" الفرنسية التنظير لتلك الأزمة والمخارج منها. فمن أسباب الأزمة في رأيها تشبع سوق الفوردية الجماهيري، وضيق العمال ببيئة الورش، وتفاقم تكلفة دولة الرفاه، وتغيرات في صور المنافسة العالمية. ويقول الانضباطيون في محنة الفوردية إنه منذ منتصف السبعينات تهافت نظامها للتراكم الفوري الناجح من قبل وتدنى الربح فتوالت فترات من الشك والتفكك وإعادة بناء للاقتصاد العالمي ما تزال جارية. وتساءل منظرو الضوابطية عن ماذا بعد الفوردية. ومع تباين الإجابات اتفق للمنظرين أن ما بعدها سيشمل إدخال تكنولوجيا جديدة تغير في وتائر الصناعي. وتكهن المفكر ميشل أقليتا بأنه ستحل بنا فوردية جديدة تستبدل خط التجميع الإنتاجي بنظام حاسوبي مؤسس على مبادي المعلوماتية. ولم يتفاءل أقليتا بهذا التحول لأنه سيضاعف من مطلوبات العمل ويستغني عن المهارة ويطبع المجتمع عامة باتجاهات شمولية تحكمية. واتجه منظرون بالفوردية الجديدة إلى مذهبين. فمنهم من اخذها بنبرتها المتشائمة بينما تفاءل آخرون بها وبنوا على ذلك. وممن تفاءلوا مايكل بيو وسارلز سابل. وهم من غير الماركسيين الذين تقاطعت أفكارهم مع مدرسة الإنضباطية الماركسية التي نظَّرت للفوردية الجديدة. فإطار التكنولوجيا ما بعد الفوردي، في نظر بيو وسبل، سيعيد إلى العمل نعمة النظر والتعلم والتنوع الذي فقده بتمكن الآلة الميكانيكية في فترة الفوردية وخلاصة قول بيو وسبل إن هذا الإنعاش التكنولوجي في مصانع ما بعد الفوردية سيزيل التباغض من موقع الإنتاج الراسمالي ويعلى من قيمة التعاون بين الإدارة والعمال. وصارت ما بعد الفوردية في طبعة بيو وسابل صناعة أكاديمية لرواجها بين اساتذة الجامعات (56-57)لا اعتراض لداير-وزيفورد على الفوردية الجديدة من حيث قوة تحليلها لحقائق مبتكرة في الثقافة والأقتصاد في الرأسمالية المعاصرة. فهي أفضل نظراً من نقادها الماركسيين العقائديين. بل طرقت باباً من كتابات ماركس عن الرأسمالية كتجربة غير جامدة أهملها عقائدة الماركسيين. ولكن لا يعني توفيق الفوردية الجديدة في طرق مرونة الرأسمالية إعفاءها من المؤاخذة لتضعيفها التناقض في الرأسمالية. ففي حماسة منظريها ل" الزمن الجديد" للرأسمالية نسيوا "الأعداء القدامى". فركزوا على احتياجات التنظيم الموفق لرأس المال للمجتمع وغضوا الطرف عن العمال الذين نازعوه سلطانه (59). فأعتنوا بنمو رأس المال وتلاؤمه مع بيئاته المستجدة لا بالصراع الطبقي. وقد ألجأهم ً تهافت اليسار في الثمانينات إلى قبول حيوية الرأسمالية قبولاً كفوا به عن التفكير في مصرعها كما راهنت الاشتراكية العلمية بذلك. فلم يعدوا ينتظرون ميلاد نظام جديد بل قنعوا من غنيمته برأسمالية ذات تجليات مرنة وبالصفقة التي ستعقدها مع العمال فينحل الصراع الطبقي. فالنظرية لا تصوب نظرها للعمال الذين يمكن لهم استخدام سعة تجديد الرأسمالية وآلياتها لتداول الثورة لا البضائع. وسمى ناقد للفوردية الجديدة منظريها ب"بيع المستقبل رهنا" . فالمنزل متى أفلس صاحبه يباع بثمن يحل دين الدائن وغالباً ما كان ثمن البيع بخساً (61). ونظرا لتعقد هذا الباب وغرابة أطواره في المسميات أترجم هنا تلخيص الكاتب له. قال:رأينا في الفصل كيف استجابت مدارس ماركسية بطرق متباينة لتحدي ثورة المعلوماتية. وهذا التباين مردود إلى كتابات ماركس المعقدة عن التكنولوجيا. فكل أخذ ناحية من فكرة ماركس عن التكنولوجيا والمجتمع واشتغلها مخالفاً آخرين. فالاشتراكية العلمية تنبؤوية رأت في تداخل قوي الإنتاج وعلاقاته طريقاً سالكاً مؤكداً لقيام الاشتراكية. بينما رأت مدرسة التكنولوجيا الإخضاعية أن التكنولجيا تمكن للراسمالية. وعالج الفورديون الجدد تطور التكنولجيا كفرصة لأنسنة العمل وتجاوز صور استغلاله الموروثة.وتعاني هذه النظريات من نواقص كبيرة. فالاشتراكية العلمية سحبت المكر البشري من المعادلة وأحلت محله آليات تقود بصورة أتومتيكية إلى الاشتراكية. وأما مدرسة التكنولجيا الإخضاعية فردت الفاعلية للمكر الإنساني إلا أنها لم تخرج به من نطاق الاستغلال بما يملي عليه تهشيم التكتولوجيا. أما الفوردية الجديدة فقد امتصت عقائد منظري ثورة التكنولوجيا وتتازلت عن تبعة نقد رأس المال بل بايعته على منطقه في المرونة والتطور.وخرجت كل هذه المدراس من الماركسية بطريق أو آخر. فلم يبق حجر على حر في بناء الاشتراكية العلمية المتفائل بمستقبل الاشتراكية بعد تهافت نظمها في آخر الثمانينات. واكتنف مدرسة الأخضاع التكنولجي اليأس. وتحالفت ما بعد الفوردية مع مدارس ما بعد الماركسية التي زعمت تخطي تباغض رأس المال والطبقة العاملة. وهذا العرض صالح مبوجه هام رأينا فيه كيف أمرضت ثورة المعلوماتية الماركسية مرضاً عضالاً (60-61).7لم تنفد جعبة الماركسية من سهام تتصدى بها لتحدي ثورة المعلوماتية. فالكاتب بعرض في الفصل التاسع إلى مدرسة ماركسية إيطالية فرنسية معاصرة ارتبطت باسم مجلة "فيوتر أنتريو" الفرنسية التي صارت "ملتيود" في 2000 . وهي مزج للمدرسة "العٌمالية-الأتمتة" الإيطالية مع شاغل فرنسي بالماركسية والتكنولوجيا في ستينات وسبعينات القرن الماضي. فالعٌمالية الإيطالية جعلت الطبقة العاملة مرتكزاً لبعثها الفكري. ولما أضطر أنطونيو نقري، نجم العٌمالية، اللجوء إلى فرنسا تشكلت نظرية مزجت عمالية إيطاليا بشاغل مباحث الثورة التكنولوجية الفرنسية وجعلت مجلة فيوتر أنتريو منبرها النظري. وضمت إلى جانب شيوخ ماركسيين مثل نقري شباب مثل مايكل هاردت ومورزيو لازارتو . ومن رأي داير-وزيفورد أنها المدرسة الماركسية الأقرب إلى الإصابة في الاستجابة لتحدي الثورة التكنولجية.واسطة عقد المدرسة هو مفهوم "العقل أو الذهن العام". وجاء ماركس بالمفهوم في كتابه "خطوط عامة لنقد الاقتصاد السياسي" (1939) في باب من الكتاب عنوانه "شذرات عن الآلة". في هذا الباب ترك ماركس تأكيده المعروف لدور العمل في خلق الفائض اللازم للتقدم الاجتماعي. بدلاً عن ذلك رأى، أنه عند حد معين من تطور رأس المال، لن يعتمد خلق الثروة على انفاق وقت العمل في الإنتاج. خلافاً لذلك فخلق تلك الثروة سيعتمد على عاملين متناصرين هما الخبرة التكتولوجية، اي العمل العلمي، والتنظيم أو الترتيب الاجتماعي. وسيكون العامل الحاسم في الإنتاج "هو تطور الملكات العامة للدماغ الإنساني" أي "المعرفة الاجتماعية العامة"، "العقل الاجتماعي" وبعبارة سائغة "القوي العامة المنتجة للدماغ الإنساني". ويتمثل التعبير الأساسي لقوة الذهن العام في تصاعد أهمية الآلات، أي رأس المال الثابت في التنظيم الاجتماعي. فالطبيعة لا تصنع الآلات التي هي من صنع الذهن الإنساني معمولة باليد الإنسانية. وعليه فالآلة هي قوة المعرفة موضوعياً (مموضعة). فتطور الآلات يرينا إلى أي مدى أصبحت المعرفة العامة قوة إنتاجية مباشرة. وكذلك المدى الذي أصبحت به أوضاع عمليات الحياة الاجتماعية نفسها تحت تأثير الذهن العام وكيف صارت تتحول بسببه. وكان ماركس يقصد بإشارته للتكنولوجيا إلى الأتمتة والاتصالات التي وحَدَت السوق العالمي (219-220).ويعتقد داير-وزيفورد أن قول ماركس في "شذرات عن الالآت" نبؤوي. فهو يكاد يصف مجتمع المعلومات أو اقتصاد المعرفة المعاصر. وهو اقتصاد تتداعي فيه سائر موارد المجتمع الفكرية (في فرق العمال على بلاط المصنع، وشراكات الصناعة مع الجامعات، وغيرها) لتنتج البدائع التكنولوجية للمصانع التي يديرها الروبوت وانفلاق الجين، وشبكات الكومبيوتر الدولية. ولا يصح من ذلك أن نستنج أن الاشتراكية صارت قاب قوسين أو أدني. ما وجب التنبه له أننا نشهد في البادي إعادة تنظيم ظافرة للرأسمالية التي توظف الإبتداعات التكنولوجية المحدثة لكي تمكن لنفسها من سيطرة على الدنيا غير مسبوقة.تبقي أن نعرف ما بوسعنا أن نتعلمه من تفاؤل ماركس بالعقل العام. وهذا العلم ما أخذت مدرسة ال "فيوتر أنتريو " على عاتقها الحصول عليه. وملخص فكرتهم هو: اضطر رأس المال، مضغوطاً بصراع العمال الجماعي في الستينات والسبعينات وأزمة الفوردية، إلى اجتراح مستويات غير عادية من التكنولوجيا العالية وسلاسة الحراك العالمي. وجاءت بنا هذه التطورات إلى العقل العام" الذي قال به ماركس. ولكن هذا الزخم لم يؤد إلى هلاك الرأسمالية. ولكن ظهر بعض ما تكهن به ماركس من ذيول هذا الزخم. فقد تآكلت قاعدة العمل المأجور وتزايدت الطبيعة الاجتماعية للانتاج. ولكنها لم تأت بما يشتهي الماركسي من إهلاك الراسمالية. فقد استمر النظام كما كان في إطار للعمل المأجور والملكية الخاصة ما يزال (221). ومن رأي مدرسة الفيوتر انتريو أنه لملاقاة تحدي الثورة التكنولوجية لما بعد الفوردية وحقائقها أن نتصالح مع فكرة أن هذه الرأسمالية، التي أنقصت العمل عند محطة الإنتاج بفضل إبتداعها التكنولوجي، ستتطلب نشأة جملة من الملكات الاجتماعية والتعاون: أي رعرعة "المعرفة الاجتماعية العامة". ويبحث منظرو المدرسة جوانب هذا التكوين الذاتي للعقل العام ويسمونه "التثاقفية الشعبية". وهذه التثاقفية هي جماع المعارف-البصائر التي تسند عمليات اقتصاد التكنولوجيا العالية. وهي همة في بروليتاريا الفوردية الجديدة التي تواثقت بصورة مباشرة بعمل إتصالاتي وتكويني الحاسوب لحمته وسداه. وهذا التثاقف الجماهيري شديد الصلة ب"العمل غير المادي" الذي يَسِم الفوردية الجديدة التي تلعب المعلوماتية والاتصالات دوراً هاماً في كل مرحلة من مراحل الإنتاج. وهي مما لا يحتويه تفريق الماركسية بين القاعدة والبناء الفوقي أو الاقتصاد والثقافة. فهذا العقل مما يصعب وصفه بمصطلح الاقتصاد. ولهذا السبب نفسه (لا رغماً عنه) صار هو المكون الاساسي للإنتاج الرأسمالي في أيامنا هذه.ويبقي السؤال: إلى أي مدى سيستطيع رأس المال احتواء هذا التثاقف الجماهيري؟ وليس هذا الاحتواء صعباً بالطبع وهو حادث. ولكنه سيستدعي ممارسة درجة عالية من الرصد والتجسس. فالإدارة الرأسمالية وطائفة من المؤسسات، بما فيها المدراس، تحاول قصر استخدام المعارف المنتجة وانتشارها. والفيصل هنا الربحية التي لأجلها يحظرون الروابط والعلائق التي بوسعها أن تغير بصورة جذرية بنية حقل المعرفة. وهذا التضييق على التثاقف الجماهيري هو ما تتفاءل مدرسة الفيوتر انتريو أن يصبح مناسبة لصور جديدة من الصراع الاجتماعي (222).ومن رأي نقري ولازاراتو أن هذا الصراع سيقع في حيز "الإدارة التشاركية" التي هي سمة الذهن العام لعصرنا. ويقصدان بذلك ما تبذله الإدارة في ما بعد الفوردية ليبلغ فَضل العمال (اي ما تبقى منهم بعد الأتمتة) أقصى حدود الإنتاج بحفز إبداعيتهم ومشاركتهم ويقظتهم. فروح العامل هي المرغوب أن تتنزل في المصنع بعد الفوردي لا مجرد عضلاته. ولكن من رأيهما أن فريق عمل ما بعد الفوردية المبدع لا يختلف كثيراً عن عمال خط التجميع في مصانع الفوردية. بل ربما كان هذا الفريق أشد شمولية لأن الإدارة تستصحب ذاتية العامل وإرادته ليلجم روحه لجماً يكون به الأمر بالطاعة صادراً عن الذات وعمليات الاتصال نفسها. وهنا منشأ تناقض: فالرأسمال بحاجة إلى إبداعية العامل ولكنه يحذر من استصحابها على طول الخط وسيقلب لها ظهر المجن لأن الإنتاجية هي شاغله الأكبر (223).وقد درس لازارتو هذا التناقض بين الدعوة لإبداعية العامل بواسطة رأس المال والتملص منها في أعقاب إضرابات مصانع البيجو الفرنسية في 1989. وهي إضرابات كسرت شهر العسل الطويل بين العمل ورأس المال وذكَّرت بعمال خط التجميع في الفوردية وثورتهم. ووجد لازاراتو بوناً كبيراً بين المفروض من استعداد الشركة لسماع اقتراحات العمال لما ينبغي أن تكون عليه الإدارة وما بين تصميمها ألا تأخذ منها إلا ما يقوي الإنتاج. ووجد لازاراتو أن التراضي المزعوم بين العمال والإدارة مختلطاً بمطلب الأجر الأفضل وبتذمر من إطراد سرعة الإنتاج. وأضرب العمال وكان من بين مطالبهم أن تجعل الإدارة من حديثها عن التعاون واحترام العامل خٌلقاً صناعياً ممارساً. وكشفت دراسة في أمريكا عن أحوال العمال في مصانع ما بعد الفوردية هزء العمال من الإدارة التشاركية. فهم يسمعون بالعلاقة الجديدة مع رأس المال ولا يجدونها. فالعمال كما وجدتهم الدراسة لا يحبون شركاتهم بينما ذلك الحب هو ما قال منظرو ثورة المعلوماتية إنه لحادث. وبرز هذا التناقض في كندا حيث أضرب العمال في مصانع جنرال موتورز في 1996 مطالبين ب "تملك الوظائف" في وجه حملة لإنهاء التعاقد. وزاد العمال بأن طالبوا بيوم عمل أقصر ورفضوا تهجير مصانعهم للخارج وإلى إلزام الإدارة بتخديم أهل المنطقة التي يٌهَجَّر لها المصنع بشروط مجزية. واستمر الإضراب 22 يوماً واحتلوا مصنعاً ولقوا تأييد الرأي العام (224-225).وصور التناقض بين زعم ما بعد الفوردية بالإبداعية وتجنبها للعمال مع ذلك عديدة. فوجد منظرو الفيوتر انتريو في بعض المصانع أوضاعاً تحالف فيها العمال مع حركة الخضر للبيئة لأجل "العمل الأخضر" ولتعميمه خلال شبكة عالمية. وفي حالات أخرى نجد العمال جدوا للاستمرار في الإنتاج بكفاءة جديدة في حالات استغناء رأس المال عن العمل المأجور بدلاً من الإضراب لوقف الإنتاج. وقد يكفي هذا لنرى كيف أن العمل الجديد، العمال، يحاول توظيف نفس الطاقات الفكرية والتضامنية التي يوظفها رأس المال في فريق الإنتاج ولكن في وجهة أخرى. وكثيراً ما تقاطعت تحالفات العمل الجديد مع حركة الخضر والنساء والشعوب المقهورة. وعليه نستطيع من وجهة هذه الحركة الجديدة للعمال أن نقول إنها بديل تحت التكوين لتنظيم رأس المال للعقل الجماهيري لأغراضه.ومن رأي الفيوتر انتريو أن هذا العقل الجماهيري سينفجر بوجه رأس المال ليس لأن رأس المال سيستغني عن عمال كثيرين فحسب بل لأنه استحصل على المعارف والخبرات من ثورة المعلوماتية التي ستعينه على تدبير المجتمع على نحو مبتكر.ويسمي نقري هذه السعة المبتكرة ب" الشوكة المٌنشئة" التي تهدف سياستها الجذرية إلى إقامة "جمهورية" تتطهر من تأمر رأس المال وسلطنة الدولة. ويرى منظرو الفيوتر انتريو تجلي إمكانات هذا العقل الجماهيري في موجات الاحتجاج الاجتماعي التي انتظمت الدول الراسمالية المتقدمة في التسعينات (226). وبالطبع تعرضت فكرة "العقل الجماهيري"، الذي له ولاية الثورة والتغيير في مجتمع ما بعد الفوردية، إلى نقد دقيق. فوصف النقاد منظري العقل الجماهيري بأنهم رجال أوربيون. وعليه استبعدوا ،في تركيزهم على سيادة العمل غير المادي، الذهني، في العقل الجماهيري، النساء وعمال الجنوب، غير أوربا، الذين ظلوا يخضعون لمشاق العمل الجسدي المرهق. فمن رأي النقاد أن رأس المال ما زال يفرق بين طوائف المستخدمين ويرتبهم هرمياً. وتأتي طبقة "المحللين الرمزيين" من مهندسين وعلماء، التي هي ثمرة الثورة التكنولجية، فوق الفراشين وعمال الخدمات عامة.ممن برزوا بشكل واضح في رأسمالية ما بعد الفوردية. فالفيوتر انتريو في نظر نقادهم "صفويون" لم يفارقوا ماركسية الحزب الطليعي الذي عليه ولاية الثورة نيابة عن العمال. وكانت لمنظري الفيوتر انتريو ردودهم على نقادهم وأهمها أن التكنولجيا المتقدمة لن تترك خالفاً لا يتوسل بها إلى اغراضه.وضربوا مثلاً بفراشيّ وادي السيلكون، ذؤابة التكنولوجيا في عصرنا، في كليفورنيا الذين طَوعوا الحاسوب لتقوية حجتهم وصفهم خلال إضراب ما. وكذلك حمل الإنترنت مقاومة مناضلي الزباتيين في المكسيك والمطالبين بحق تقرير المصيرفي تيمور الشرقية. ومن رأي داير-وزيفورد أنه مهما قلنا عن اليوتر انتريو فلا بد أن نذكر لهم أنهم جاءوا بصيغة عن الصراع الطبقي في مجتمع ما بعد الفوردية الذي قال منظرو ثورة المعلوماتية إنه خلا من ذلك الصراع. وهي صيغة صالحة على حاجتها إلى مراجعة مسلماتها واستكمالها بما وصفه ماركس ب"التحري العمالي" تنهض به شبكة باحثين في دراسات متضامنة تقف على أشكال الصراع الطبقي المستجدة (231-232). وضرب الكاتب على مثل هذا التحري النافذ إلى التجليات المستحدثة للصراع الطبقي مثلاً على استصحاب رأس المال للفكر وساحاته، الجامعات، خلال العقود الماضية. فمن الملاحظ انكماش المسافة بين الصناعة والجامعة منذ الحرب العالمية الثانية حتى تبخرت فصار الأكاديميون ،وبصورة قاطعة، طرفاً في استحواذ رأس المال على الذهن العام. فقد أصبحت الأكاديمية مسرحاً لذلك الاستصحاب للعقل العام بما جعل الصناعة أكثر فكرية حتى سمت مايكروسوفت موقع إنتاجها ب"الكامبس" وهو لغة في الجامعة. والهدف من ذلك هو تحويل الهمة الأكاديمية إلى رأس مال فكري. فبين عام 1970 و1980 نجح رأس المال في "تسليع" الأكاديمية. وجرى ذلك بخلق شراكة بين الصناعة والأكاديمية تجسدت بقوة في ما عرف ب"منتزه البحوث" (Research Park) التي أصبحت معلماً هاماً في حياة جامعات ذات خطر. وفيها تمول الصناعة ما ناسبها من أبحاث على حساب البحث في المسائل الأساسية التي يمليها الشاغل الأكاديمي وحده.وتعددت صور استصحاب رأس المال للجامعة. فجاء رأس المال لها ب "ببراءة الاختراع" لإغراء علمائها بالركون إليه. ثم جاءت الصناعة في التسعينات بمفهوم "الجامعة الافتراضية" (virtual university) زودت به الجامعات بتكنولوجيا الحاسوب المتقدمة ليكون التعليم عن البعد هو الغاية المثلي. وفي هذا "تسليع" لوظيفة الجامعة التعليمية. ويقول نقاد الجامعة الافتراضية إنها مصممة لبيع وظيفتها ومنتوجها التربوي في سوق الله أكبر. مثلاً صار المدرس يبذل مادة كورسه لتعبئها شركات التعليم في أقراص مدمجة للبيع بما أفقده قبضته البيدجاجوية (التربوية) على مادة تدريسه. ومن شأن ذلك أن يجعل الاستغناء عن الاستاذ يسيراً أو أن يٌثقَل عليه بتبعات التدريس من على البعد بالإنترنت. ومع أن جدوى هذا التعليم لم تثبت بعد إلا أن الصناعة وإدارات الجامعات تتوسع فيه غير متحسبة للعواقب.وسمى ديفيد نوبل، الناقد الدقيق لتبذل الجامعة إزاء الصناعة، تلك الجامعات ب"بطواحين الدبلومات الرقمية". ومثل هذه الأحوال المتغيرة في الجامعات هي الأساس لعلاقة ناشطة جديدة بين الأكاديميين والطلاب الخوارج على تبذل الجامعة والحركات الاجتماعية المعارضة. وهذا مدخل هؤلاء ليكونوا طرفاً في الذهن الجماهيري وليقوموا ببحث القضايا ذات النفع للحركات الاجتماعية وتدريسها وكسر الحائط الرابع بين الجامعة وقادة تلك الحركات ليكونوا طرفاً في المشاركة بخبراتهم واشواقهم. ويمكن للأكاديميين الخوارج مصادرة الحاسوب، الذي أريد له تدجين العملية التربوية، من أربابه الرأسماليين لخدمة التغيير الاجتماعي. وضرب مثلاً بما جرى في ربيع 1994 الذي دخل فيه الطلاب من أصول أسبانية في جامعات ميتشغان وكلورادو ونبراسكا في إضراب عن الطعام واحتلوا بعض الجامعات. وطالبوا ببرامج تعليم جديدة ومبادرات ضد العنصرية ومقاطعة شراء العنب تضامناً مع لَقَّاطيه من ذوي الأصول الأسبانية وبناء نصب تذكاري لسيزار شافيز أول من نظم العمال الزراعيين في الستينات. وقد استخدموا الكومبيوتر في تنسيق حركتهم والتضامن معها. وجرت أيضاً في 1995 و1996 حملة رسائل إسفيرية منسقة في كندا والولايات المتحدة ضد ارتفاع تكلفة التعليم وضعف العون المالي للطلاب. وصفوة القول إن الجامعات صارت هي مركز للتعبئة السياسة الجذرية مستخدمة ذات الحاسوب الذي ارادت به الصناعة جر الجامعة إلى أغراضها (233 -236).وختم داير-ويزفورد الفصل بتأكيده بأن ثورة المعلوماتية لم ترم بالصراع الطبقي إلى سلة المهملات. ففي الجامعة، كما في المصانع، تعلم العمال والطلاب والأكاديميون حيلاً من التكنولوجيا التي سعى بها رأس المال لاستصحابهم في مشروعه لتراكم الثروة. فقد انكشف مستور ثورة المعلوماتية وبان ضحايها فتحفزوا للصراع ضدها بشفرتها نفسها. ففي الثلاثة عقود الأخيرة انكشفت عورة هذه الثورة التكنولجية: لم تبسط بركة تكنولوجياها على الناس كما أشيع وفتجمدت أجور العمال بل تدنت. وما زعموه من تمدد ساعات الفراغ للمتعة صار تزايداً في معدلات البطالة. ولم تحسن الشركات إلى "طبقة المعارف" التي قيل لنا إنها ستكون ربان سفينة المجتمع ما بعد الفوردي (236-238).وعموماً فإن يوتوبيا ما بعد الفوردية أسفر عن تزوير كبير. ولن نعلم عنه علم اليقين إذا اقتصرنا على مجرد رفع جهل الناس عن قوة رأس المال ونفاذه في المجتمع مما يمضغه كثيرون باسم الماركسية. فمتى وقفنا عند هذا المضغ فشا الهزء واليأس. فالتحدي الحق أن نضع أصبعنا على إمكانيات أن نبدل حالنا غير الحال مستلهمين ما كتبه ريموند وليامز بأن التحدي الجد للثوري هو "أن يجعل الأمل عملياً بدلاً من تسويق البراهين على حالة اليأس الراهنة". ولهذا وجد الكاتب نظرية الفيوتر انتريو صائبة لقولهها بتجدد حلقات الصراع بين العمل ورأس المال وتغيرها. فهذه النظرية ترى أن ثورة التكنولجيا نفسها، التي قيل إنها رمت بالصراع الطبقي إلى سلة التاريخ، تشكل حلقة من حلقات هذا الصراع الاجتماعي. فهي مما يفتق عنه ذهن رأس المال لتحوير نفسه وتطويرها ليستغني عن العمال ويقمعهم. وأهم من ذلك قول مدرسة الفيوتر انتريو إن حيلة راس المال باءت بالفشل. فبدلاً عن استئصال الصراع الطبقي تسرب هذا الصراع إلى آلة التكنولوجيا وتَقَوى بفنياتها التي كانت تهدف لإزهاق ذلك الصراع. .فالثورة التكنولوجية المزعومة للجم راس المال مثل الساحر الذي استجمع ب "شيخن بيخن" وسائط للإنتاج والتبادل متناهية الضخامة ولكن انقلب السحر على الساحر الذي لم يعد يقوى على السيطرة على عالمه السفلي الذي استدعاه بالرقي والتمائم (237). الخاتمةشاغلي من تحرير هذا الكتاب ليس تخطئة الخاتم في إطراحه الماركسية. فهذا جائز دائماً وأبداً. فأنا نفسي لا أعرف عن نفسي إنتماءاً للنظرية يخولني "سلطة التكفير" فيها. وأجد في تعلقي بها في زمن الضباب هذا عزاء في قول سيمون جوات عن علاقة ليوتارد الفيلسوف الفرنسي بماركس. قال في ما تقدم إن تعلقه بنصه ليس كنظرية بل كجنون. لم أكتب ما قرأته "دفاعاً" عن الماركسية بل بحس بمسؤولية سواء اعتقدت فيها أو نفضت يدك عنها. وأعني المسؤولية أن نقبلها فوق حيثيات وأن نتركها فوق حيثيات. ووجدت عبارة دريدا المذكورة في أول البحث عن هذه المسؤولية كافية بالغرض. وحررت الكتاب لما رأيت الخاتم لم يأخذ هذه المسؤولية مأخذاً جدياً. فغادر الماركسية كالشعرة من العجينة لم يعلق به نص منها ولا اعتنى بالانتماء إلى سياق من غادروها قبله ليكون مناقشه على بينة من أمره. ووجدته يطرب للحزب الشيوعي وخياراته الماركسية والطبقية الباكرة. وهذه مسؤلية سرعان ما عاد منها ليطالب بحله ورمي طوبة الطبقة العاملة كطليعة للاشتراكية وحل الماركسية في إطار نظريات شتى. وما يلزمنا بهذه المسؤلية إن الماركسية في السودان كتقليد ثقافي هي كل ما لدينا خلال نصف قرن من الزمان وتخللت مجتمعنا من غمار الناس إلى مبدعيهم. فالرمي بها هكذا بلا دليل ولا برهان قفزة في الظلام.ولتعميق مفهوم هذه المسؤولية وجدت سيمون جوات في كتابه الجديد "ماركس عبر ما بعد البنائية" دقيقاً في هذا الخصوص. فقال إن "تخريف" الماركسية قديم. فلم تنعم الماركسية بالقبول في فرنسا مثلاً إلا ما بين 1945 و1968. والعام الأخير عام ثورة الطلاب الذي تخطى فيه الفلاسفة الجدد لما بعد البنائية ماركس وانقلبوا عليه بثأرية فظة. فتبارى هؤلاء الفلاسفة الجدد في "تخريف" ماركس وعقيدته (10). ولكن جوات انصرف عن النتيجة التي وصلوا لها ليقف على كيف قرأ هؤلاء الفلاسفة ماركس ووظفوه ونقدوه وكيف أغتنى ماركس من قراءتهم (36). فليوتارد مثلاً لم ير أن الماركسية قد قضت نحبها وتحديها الماثل هو أن تواصل المسيرة ( 38). فهو يستصفي ماركس لأنه ما يزال، بنقده للرأسمالية، وبحربه عليها، يعزز العامل الذي يتعرض ل differend وهي حالة من العقم يعجز فيها المرء عن ردة الفعل على ما ينتابه من ظلم. فالعامل يخضع لإضطهاد مزدوج في نظر ليوتارد. فهو يبيع قوة عمله للراسمالي ويٌحظَر من الوسائط التي يعبر عليها عن ظلمه (58 ). فلا يمكن تبسيط المسألة ف"إلحاد" ليوتارد عن الماركسية فتح علاقته بماركس بسبل خصيبة الخيال. فبدلاً أن يتعامل ليوتارد مع ماركس كنظرية تٌفهم وتٌطبق رغب في أن يتعامل مع ماركس ككاتب، ومؤلف مليء بالمشاعر effects , وأن يتعامل مع نصه كجنون وليس كنظرية. فهو لا يريد أن ينظر لعمل ماركس كنظام نسيق يحتاج إلى أن يٌقام على الأرض أو كعلم تحتاج فلسفته إلى إعاد تركيب. ليوتارد تعامل مع شغل ماركس كقطعة فنية تتفجر طاقتها هنا وهناك مستقلة عن تناغم الخطاب. وتنفجر مرات في تفصيل منسي ومرات في منتصف آلية مفهومية راسخة مجذرة وبينة (46). فحتى حين اتفق له أنه قد تخطى ماركس أكد مجدداً أهمية ماركس في محاولتة نقضه.أريد بهذا الكتاب أن نعرف عن الماركسية بافضل ما عرفنا عنها حتى قبل أن نستدبرها. فالماركسية، قبلتها أم رفضتها، تستدعي معان لا يكون العالم بدونها. المراجعIsaiah Berlin, Karl Marx, 1963.Simon Choat, Marx through Post-Structuralism, 2010Jacques Derrida, Specters of Marx, 1994Nick Dyer-Witheford, Cycles and Circuits of Struggles in High-Technology Capitalism, 1999Saul K. Padover, Karl Marx, 1978. ............
    ............
                  

03-24-2016, 08:52 PM

كمال عباس
<aكمال عباس
تاريخ التسجيل: 03-06-2009
مجموع المشاركات: 17154

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: كمال عباس)


    الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم
    من بوست للأستاذ
    عبد المنعم عجب الفيا

    تعليق الخاتم عدلان علي محاضرة الدكتور عبدالله ابراهيم التي قدمها بابو ظبي في 11/7/2001 والتي نشرنا نصها في بوست خاص،
    ولاهمية مساهمة الاستاذ عدلان راينا ان نعيد نشرها في بوست منفصل

    *أحب أولا أن أعبر عن شكري الجزيل للأخ عبد المنعم عجب الفيا، على وضعه لفكر صديقنا الدكتور عبد الله علي إبراهيم، في بؤرة الضوء، سواء محاضرته في أبوظبي التي نشرها عجب الفيا في هذا الموقع بعد نيل موافقة المحاضر على سلامة النص، وهو تقليد حميد اقتضته الأمانة ، أو ورقته بعنوان تحالف الهاربيين حول «مدرسة» الغابة والصحراء، أو كتاباته اليومية في الصحف السودانية. وبالطبع فإنني أوافقه على المجرى العام لحجته الراجحة كما يتضح من مداخلتي الحالية.

    وأبدأ بأن هناك إختلال أعتبره جوهريا في نقاش أفكار عبد الله على إبراهيم، هو غياب الرجل نفسه عن ساحة الحوار. وهو غياب بغير حجة على ما أعتقد، لأن عبد الله، حسب ما ذكر في هذه المحاضرة وفي مواضع غيرها، مطلع على ما يدور في الإنترنت، وخاصة حول أفكاره وآرائه، وقد شاء مرة أن يرد عليها بصورة غير مباشرة في موضع غير موضعها. غياب عبد الله عن المحاورة يشعر بعض المشاركين فيها أنهم ربما يخرقون قواعد « الفروسية الفكرية» إذ ينازلون رجلا لا ينافح عن نفسه بما يملك من العدة والعتاد، بل ربما يشعر آخرون بأنه ألقى سلاحه وهرب من ميدان المعركة كليا. وهذا الغياب نفسه هو الذي دفع آخرين، لا يتفقون تماما مع عبد الله، إلى تبني قضيته، وربما بحماس أكثر من حماس صاحبها نفسه، وهذا يجلب التشويش أكثر مما يحقق الوضوح الذي هو بغية الجميع. وقد وصفت نصوصه بأوصاف ربما توحي إلى البعض بأنهم غير مؤهلين بصورة ما لمناقشتها، وتحت مثل هذه الأوصاف ترقد أنواع من المجاملة أو الغفلة، بل حتى المبالغة والتخويف، لا يبررها لعبد الله، ماضيه أو حاضره.

    من أجل تلافي هذا الخلل الذي أشرت إليه أرجو أن نوجه الدعوة لعبد الله أن يشارك في التوضيح والشرح والرد، والدفاع، عما طرحه هنا من آراء، حتى نصل إلى نتيجة ما، بضمير مرتاح وشعور وافر باللياقة الفكرية.

    النص المقدم هنا يصعب أن يطلق عليه مصطلح المحاضرة، فهو ينطوي على إهمال كبير وارتجال فتك بالإبانة فتكا غير رحيم، كما به من التهافت من حيث البناء المنطقي ما قل أن نجده حتى في نصوص العوام. وهي أمور يمكن إقامة الدليل عليها بالإقتطاف المباشر من النص المبذول بين يدينا، والذي تشهد كل عبارة فيه تقريبا على ما نقول. وربما يغريني توفر مثل هذه الأمثلة بكثرة جالبة للملل، على تتبعها وإبرازها، ولكني لا أريد أن أسير في هذا الطريق. أولا لأن فطنة القراء لا تحوجني إليه، وثانيا لأنني مهتم بالمفهومي في نص عبد الله، حتى وإن توارى تحت عويش من الكلام، أكثر من طريقته في التعبير عنه. ولن أتعرض للتعبير إلا في إطار ما أراه فضحا للمفهوم الثاوي تحت طياته.

    أستطيع أن ألخص أهداف محاضرة عبد الله، مع تحفظي حول الإسم، فيما يلي:

    • نحن في السودان الشمالي ننتمي إلى الثقافة العربية الإسلامية، وهي سوية يمتنع معها التمييز بين أي شمالي أو آخر، سواء كان يساريا أو يمينيا، حاكما أو معارضا، غنيا أو فقيرا، مجاهدا من أجل المشروع الحضاري، أو مناضلا من أجل السلام، مشردا عن الوطن أو ناهبا لثرواته، قاهرا لشعبه أو خارجا ضد ذلك القهر، داعية للدولة الدينية أو مناديا بالدولة العلمانية. كلنا سواء: إذا ارتكب قادة الحكومات المتعاقبة، الديكتاتورية اوالديمقراطية، أخطاء قاتلة في حق الوطن، فإننا نكون كلنا قد ارتكبنا تلك الخطايا حتى وإن كانت ضدنا. إذا شن عبود والصادق المهدي وعمر البشير الحرب ضد الجنوبيين فإننا نكون كلنا قد شننا تلك الحرب حتى وإن عارضناها. أيادينا ملطخة بالدماء حتى وإن لم يطرأ لنا يوما أن نقتل احدا ولو في الأحلام. وعقابنا جميعا واحد لأننا مشتركون كلنا في الجريمة وبنفس المستوى. ولذلك فإن مصلحتنا الشخصية، مصلحة كل واحد منا هي ألا يطالب بعقاب أحد لأنه ارتكب ذنبا في الجنوب لأن العقاب سيطالنا جميعا.

    • يقول عبد الله في تسويقه لفكرته السابقة: « أصبحت السياسة تتكلم عن قطاع عريض، تتكلم الآن مش عن حزب كذا وحزب كذا، ومن أخطأ في حق الجنوب. وإنما بتتكلم عن قطاع، عن « ريس»، عن عنصر، ودا مهم لأنو دي الوقت بداية دخول فكرة الريس، العنصر، يعني في تناولنا وفي نظرنا الثقافي والسياسي، يعني نحن كنا بنتكلم عن والله الخطة بتاعت الجمهوريين هي كانت أفضل عن الجنوب وإنو مثلا اليسار كان أحنى بالجنوب، اليسار الشمالي، والجمهوريين الشماليين. لكن السيد الصادق والنظر العام دي الوقت يقول نحن الشمال السوداني، تتعدد اللافتات والشمال السوداني واحد. ودا مهم لأنو نحن دي الوقت بنتكلم عن ريس، كمدخل لدراسة التعقيد الجاري في السودان ودا بزيل المزاعم الخاصة للجماعات السياسية الشمالية من اليمين إلى اليسار إلى الوسط على أنها هي الفرقة الناجية في مسألة الجنوب: أنا أحسن من ديل، أنا كنت قدمت الفكرة الفلانية والموقف الفلاني وكذا وكذا.»

    • الفكرة الثانية المرتبطة بهذه هي أن ما قامت به الجبهة الإسلامية في الجنوب ليس أسوأ مما قامت به كل الأحزاب الأخرى وأن عذرها في ذلك هو الشفرة الثقافية المركبة فينا جميعا، وحقيقة أن القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها وحررته بطريقة خرقاء ومأزومة.

    • يتبع من كون القومية العربية الإسلامية خلقت وطنا أكبر منها، وبصورة منطقية، أن تصغر وطنها ليتطابق مع ذاتها، وأن تترك ما عداه لمن لا ينتمي إليها، وهي دعوة إلى الإنفصال، يشارك عبد الله فيها عتاة العروبيين الإسلاميين وغلاتهم.

    • بعد أن يتساوى الوطن مع القومية العربية الإسلامية فإن الدعوة موجهة لنا جميعا لدخول برج الإنقاذ حتى وإن كنا نكرهه لأن دخوله يعني أننا لن نراه.

    وإذا كانت هذه هي القضايا الاساسية التي طرحها عبد الله في هذه المحاضرة، فما هي علاقتها بالثقافة؟

    الإجابة على هذا السؤال تدخلني إلى تكتيكات عبد الله في تسويق افكاره، وفي الإيحاء للكثيرين، من خلال هذه التكتيكات، وكما ظهر في تقديم الأخ محمد عبد القادر سبيل، بأنه عالم لا يشق له غبار، وأنه مؤلف للنصوص الكبيرة، وأنه علم من أعلام التنوير في بلادنا. وهي اوصاف تجانب حقيقة عبد الله مجانبة تكاد أن تكون كلية، وخاصة بعد أن سبق عليه كتاب الإنقاذ وزلزله نداؤها من ابواب الجحيم، وهو أمر سأوضحه في نهاية هذه المساهمة.

    التكتيك الأول: إخفاء الموقف السياسي المباشر في طيات الرطانة الثقافية، التي غالبا ما تكون خالية كليا من المعنى. فعندما أراد عبد الله أن ينفي حجج المعارضة السودانية في إدانة الإنقاذ لأجندتها العروبية الإسلامية الأصولية قال:

    « دا ما صحيح، الصحيح هو أنو نظام الإنقاذ مستل من شفرة في الثقافة ومن مستودع في الثقافة ومن دلالات في اللغة ومن دلالات في الثقافة بحيث إنو لربما كان الأخير في زمانه ولكن جاء بما لم تستطعه الأوائل من حيث البشاعة « ضحكة» لكن البشاعة، إذا شئت إنه في بشاعة أو أنو في عنف، أو في، هو مستل من شفرة أساسية وهذه الشفرة الأساسية زيادة على الثقافة العامة التي درجنا عليها، لكن تأسست بشكل أساسي في فترة الحركة الوطنية.»

    فهذا الحديث المكتسي جلال الثقافة خاو تماما من المعنى. فما معنى أن يكون الإنقلاب العسكري الذي نفذته الجبهة الإسلامية عن طريق التأمر يوم 30 يونيو، مستلا من شفرة ثقافية عربية أو غير عربية؟ الشفرة الوحيدة في إنقلاب الإنقاذ هي «سر الليل» الذي استخدمه الإنقلابيون في تلك الساعات الأولى من الصباح، وهي شفرة فشل في حلها أحمد قاسم فلقي حتفه صباح ذلك اليوم، رغم ما يحمله، حسب عبدالله، من شفرة ثقافية عربية أسلامية أصيلة. وهل يمكن الحديث عن شفرة ثقافية، كما نتحدث مثلا عن شفرة جينية؟ هل إندغمت الثقافة في مفاهيم عبد الله الحديثة جدا في البيولوجيا؟ ومن كان يملك تلك الشفرة: الترابي مجدد العصر، الذي هجره المفتونون به عندما فقد السلطة، أم علي عثمان الذي أكتشف البعض قرابتهم معه بعد أن آلت إليه الأمور؟ وهل الشفرة الثقافية العربية الإسلامية واحدة؟ بحيث يتساوى فيها محمود محمد طه وقاتلوه؟ هل كل مسلم هو بالضرورة أخ مسلم؟ ما هذا الحديث الفج عن الشفرات الثقافية، بينما المقصود معنى سياسي واضح هو الدفاع عن الإنقاذ وجرائمها.

    • لا يستخدم عبد الله الثقافة وحدها في الدفاع عن آرائه السياسية، بل يستخدم كذلك الهراء المحض. وأنا استخدم كلمة «الهراء» هنا، بالمعنى الذي استخدمها به أحمد بن الحسين، عندما فسر الهراء بأنه : « الكلام بلا معاني»:
    ولولا كونكم في الناس كانوا "هراء كالكلام بلا معاني"

    • . فلنستمع لعبد الله مرة أخرى وهو يحاول أن يدمغنا جميعا بما أقترفه نظام الجبهة الإسلامية من خطايا في حقنا، وأقصد نحن كجنوبيين وشماليين:
    « نحن كلنا إذا كنا سودانيين شماليين في هذا اللقاء، لنا إشكال في شفرة ثقافتنا، وفي رموز ودلالات لغتنا وفي شحناتها التاريخية وفي علاقاتها التاريخية بحيث أنه يصبح مفهوم الفريق الناجي ضئيل جدا. وبحيث تكون التبعة والذنب والخطأ هو الخيط الذي يصل بين الجماعات الشمالية كلها.»
    ولاحظ هنا أن الإستنتاج السياسي، وهو تجريم الجميع، واضح جدا ومقيل بلغة لا لبس فيها ولا غموض، لغة سياسية صافية، أما المبررات فهي الهراء المحض الذي لا معنى محددا له، والذي يلوذ بالشفرات والرموز والدلالات والشحنات.

    • لقد تساءلت بيني وبين نفسي: هل أنا مسؤول عن الجرائم التي حاقت بأهلي في الجنوب؟ هل ساهمت فعلا في قهرهم؟ بل هل توانيت في استخدام كل ما أملك من طاقات للدفاع عنهم من مواقعي؟ وأجبت بضمير مرتاح: أنني لست مذنبا. صادقت الجنوبيين والجنوبيات منذ نعومة أظفاري، لم أشعر بتفوق عليهم، وإن شعرت بتفوق الكثيرين منهم عليّ، ولم أحتج في ذلك إلى جهد كبير، لأنني تحررت من أوهام التفوق العرقي وأنا لم أشب بعد عن الطوق، في عام 1969 اقترحت في أتحاد طلاب جامعة الخرطوم أن نبعث لجنة لتقصي الحقائق في الجرائم التي ارتكبت في الجنوب عامي 1965 و1966، وذهبنا في وفد من أربعة أعضاء في اللجنة التنفيذية، هم أبدون أقاو، وحاتم بابكر، وعبد الله حميدة وشخصي، وحققنا في جرائم الملكية في جوبا، وفي مذبحة العرس في واو، وهددنا مدير المديرية الإستوائية، يوسف محمد سعيد، بالسجن لأننا رفضنا لغته المسيئة ومفاهيمه النازية، وتضامنا مع صديقنا ورفيقنا أبدون أقاو، ضد تهجمه الشخصي.
    وعندما عدنا إلى الخرطوم عرضنا الحقائق الدامغة في مؤتمر صحافي غطته كل الصحف في اليوم التالي، وأصدرنا إدانتنا الدامغة للجيش السوداني و قيادته السياسية. وكنا نسعى إلى المواصلة لولا قيام إنقلاب مايو بعد ذلك بأقل من أسبوع. وفي 1970 ذهبت ضمن مجموعة كبيرة من أعضاء جمعيتي الثقافة الوطنية والفكر التقدمي إلى جوبا وواو وملكال، وعشنا مع الناس واقمنا الفصول للطلاب والاسواق الخيرية لصالحهم وحلقات محو الأمية للكبار، وساعدنا النساء والعمال على التنظيم وخرجنا من كل ذلك بصداقات باقية حتى نهاية العمر. صادقت أخوتي الجنوبيين في الجامعة، وصار «بيتر نيوت كوك» أعز أصدقائي وأعتبره عالما، ديمقراطيا، مثقفا، وقانونيا ضليعا، ضمن مثقفين وعلماء كثر يعج بهم هذا السودان. أيدت نضال الحركة الشعبية لتحرير السودان منذ أن إنشئت، وأشدت ببرنامجها ودافعت عنها في جميع المنابر دفاع من لا يلوك كلماته أو يخشي في نصرة الحق لومة لائم. وناديت في رفق من يفهم ظروفها، والتعقيدات المحيطة بها، والشروط التاريخية التي لا تملك منها فكاكا، وليس المتحامل عليها من مواقع التآمر السياسي مع الطغاة الأصوليين، إلى تحولها إلى حزب سياسي من حلفا إلى نمولي كما يعبر قادتهأ، واقمت مع هؤلاء القادة أنفسهم ومع أسرهم علاقات حميمة وقوية.

    • كيف إذن يحملني عبد الله علي إبراهيم بدوافع تواطئه المذموم مع الجبهة الإسلامية الخطايا التي ارتكبها القتلة والمجرمون والمهووسون في نظام الإنقاذ أو خارجه؟ وقد تحدثت عن نفسي هنا، ليس لتفرد موقفي أو شخصي، بل لإعطاء مثال محدد لا يستطيع عبد الله أو غيره أن ينازعني عليه. مع علمي أن موقفي هذا هو الموقف المشترك، وإن اختلفت التفاصيل، لمئات الآلاف من أبناء وبنات وطننا الكبير الذين لا يكنون لأخوتهم الجنوبيين سوى الإعزاز. وليس سرا أن عشرات الآلاف من أبناء وبنات الشمال قاتلوا في صفوف الحركة الشعبية طوال هذه السنين، وبلغوا في ذلك شأوا لم نبلغه.

    • هل معنى ذلك أن « الثقافة العربية الإسلامية» وحتى في أكثر صيغها رقيا، خالية من النزعات الإستعلائية، المحقرة للآخر والمقصية له من مجال الكرامة، أو حتى من مسرح الحياة نفسها؟ طبعا لا. ولكن القول بأننا جميعا مشتركون في هذه المفاهيم الحاطة من قدر الإنسان وكرامته، هو القول المرفوض والمردود في تهجمات عبد الله الغليظة علينا جميعا. شخصيا، لا أحمل من هذه النزعات شيئا كثيرا أو قليلا، بل سخرت عمري حتى الآن لمحاربتها ودفعت مستحقات موقفي. وهنا أيضا لا أتحدث عن تفرد شخصي، بل أريد أن أقيم الحجة على عبد الله بصلابة لا يستطيع أن يتخطاها أو يلتف حولها، وأعلم في نفس الوقت أن مئات الآلاف من أبناء السودان وبناته يحملون الموقف ذاته، ومنهم من يعبر عنه بعمق أكثر مما أستطيع، ويدفع مستحقاته بتحمل أقدار من الظلم لم تطالني بنفس الدرجة. كما أعرف أيضا أن عبد الله سار في هذا الطريق لبعض الوقت، وهاهو قد سبق عليه كتاب الإنقاذ، فتنكب ذلك الطريق، وصار يقبل من الثقافة العربية نفسها أكثر جوانبها معاداة للديمقراطية والإستنارة، وتغييبا للإنسان.

    • ليس صدفة أن عبد الله يتحدث عن شفرة ثقافية، غير عابئ بالخلط بين العلوم والتخصصات والفلسفات. فغرضه من ذلك تحقيق سوية غير متمايزة من الشماليين جميعا، ليسوقهم، بالتخليط والتشويش، وبالإبتزاز الصريح المستند إلى الجدار القمعي الحاكم في السودان، والمعتمد في المدى البعيد على مستودعات التجهيل التي أشاعتها الإنقاذ، إلى خطيئة واحدة، وثقافة واحدة ، وتاريخ غفل من الفعلة، وجرائم غاب مرتكبوها في سديم الشفرات. ولا يجد عبد الله صعوبة في كل ذلك، نتيجة للتشويش الفكري الذي يعاني منه هو شخصيا، لإفتقاره للأدوات الدقيقة التي تصنف المفاهيم وتحدد الدلالات وتزيل التناقضات.

    • ماهي هذه الشفرة الثقافية يا ترى؟ ما هي طبيعتها؟ كيف نفك رموزها ومن يملك تلك الرموز؟ أيملكها حسن عبد الله الترابي أم علي عثمان محمد طه أم البشير؟ أم يملكها عبد الله شخصيا ولا يريد أن يجود علينا بأسرارها؟ أمن ضمنها الأصولية الإسلامية والدولة الدينية، والحرب الممتدة، والتطهير العرقي والإسترقاق، وإضطهاد النساء والبتر والقطع والصلب والخلافة عن الله؟ أمن ضمنها الطغيان والدكتاتورية؟ أمن ضمنها النهب الإقتصادي والأثرة والأنانية والشراهة التي تغطي عوراتها بالنصوص المقدسة؟ أمن ضمنها تقسيم البلاد إلى حاكورات يملكها أهل الإنقاذ فيسدون أبواب الرزق على كل من عداهم من أهل هذه البلاد؟ أية شفرة يتحدث عنها عبد الله؟
    • يسهل على عبد الله أن يتحدث عن سوية غير متميزة، لأنه يعتقد أنه يمكن حتى الآن، أن نتحدث عن المجتمع، وهو هنا المجموعة الشمالية العربية المسلمة، في تصنيف عبد الله، وكأنها «جوهر» مستقل عن خصائصه! وهو في ذلك يتخطى إلى الوراء، وفي قفزات نكوصية مذهلة، إرث أكثر من ألفي عام من المنطق الفلسفي والعلمي، وتلك نقطة سنعود إليها في غير هذا السياق.

    • يهمني أن أقول هنا، أنني، ولإنتمائي لشعبي، لا أنتمي لمقولة عبد الله الذهنية حول «الجماعة العربية المسلمة»، بل أنتمي لهوية أوسع هي الشعب السوداني، المتمايز قوميا ونوعيا وطبقيا ودينيا وثقافيا، والذي يشد عراه مع ذلك إنتماء جامع إلى وطن واحد، نحاول أن نوسعه ليشمل الجميع ويحتفي بالجميع. المقولة الذهنية الخاصة بعبد الله، تقوم على فكرة هجرتها البشرية حاليا، هي فكرة النقاء العرقي، بل إن كل قرون إستشعار المخاطر المحدقة، تستيقظ وتدق أجراسها عندما تسمع من يردد هذه الفكرة التي تترتب عنها مناهج في التفكير أورثت البشرية اضرارا فادحة. وقد دفعنا ثمنها في السودان، قبل أن تجيئ حكومة الإنقاذ، ولكن حكومة الإنقاذ حملتها إلى نهاياتها الأكثر دموية وعنفا. وإن أي تحليل يحاول أن يطمس الحدود بين الإنقاذ وما عداها، ويساوي بينها وبين من سبقها، أو حتى يساوي بينها وبين من يحمل هذه الافكار نفسها ولكنه لم يشأ أن يطبقها أو لم يجد وسيلة لتطبيقيها، لهو تحليل معطوب ومتنكب للصواب. ولذلك فإن وضع عبد الله الطيب، أو الطيب صالح على سبيل المثال، في نفس معسكر الترابي والبشير، وإن حمل الرجلان بأقدار متفاوتة مفاهيم عروبية ذاهلة عن حقيقة شعبهما ونفسيهما، من الأخطاء المنهجية الكبيرة التي تورط فيها البعض دون أن يستبينوا الخطل فيما يزعمون.

    • إنتمائي للسودان كهوية جامعة لا ينفي بل يغذي، الإنتماء لهويات أصغر، شريطة ألا تتعارض تلك الإنتماءات، أو تلك الهويات الأصغر، مع المباديء الجامعة للجماعة السودانية، الشمالية الجنوبية الشرقية الغربية الوسطية، وهي مبادئ المساواة والعدالة والرفاه والكرامة والحقوق الإنسانية المملوكة ملكية جماعية. أي أنها لا تتعارض مع الإسلام المستنير، بل تتقف مع جوهره الخير الداعي للحرية، والمتصالح مع العلمانية، وحقوق الإنسان وكرامته. وما العلمانية سوى إدارة الناس لشؤون دنياهم بعيدا عن أي كهنوت. وهي بهذا المعنى حركة مجتمعات لا محيد عنها ولا مهرب منها، طالما أن المجتمعات تسير دون هوادة في إتجاه الإمساك بمصائرها، وإقامة بنائها على أساس من العدل والرشد. وهذا قول يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. كما لا تتعارض مع المسيحية أو الديانات العريقة المبجلة للطبيعة او للجوهر الإنساني، ولا تتعارض مع علوية الإنسان من حيث هو إنسان، بل تمتد بهذه العلوية إلى آفاق أكثر رحابة باستمرار, وتتسع الهوية السودانية الجامعة لكل الهويات العرقية الأصغر، ومنها الهوية العربية بخصائصها السودانية التي وصفناها. أقول السودانية، وأعتبرها مركز جملتي، لأن الأوطان تصبغ خصائصها وتعطي إسمها لكل الجماعات الوافدة عليها، وحتى وإن كانت وفادتهم تدشينا لعهد جهد جديد، ومرحلة تاريخية متطورة. وهي تعطيهم إسمها، وسماتها، وخيراتها، وتفرض عليهم واجبات حمايتها، وتصوغهم وفق قوانين اجتماعها، في نفس الوقت الذي تتسع لمواهبهم وثقافاتهم وألسنتهم وأديانهم أو تتبناها. وهذا أيضا يحتاج إلى تفصيل لا يتسع له المقام الحالي. ولا ترفض الهوية السودانية الجامعة بالطبع، اللغة العربية، ولكنها لا ترفض كذلك اللغات الأخرى بل تحتفي بها. ونسبة لحاجة الجماعة الموحدة في الوطن إلى لغة مشتركة، فنحن نرشح اللغة العربية لتكون ذلك الوسيط، على أن تتطور هي نفسها لتكون لغة عالمية، علمانية لا يشعر المتحدث بها أنه ملزم، لهذا السبب، بالإيمان بدين غير دينه. أي فك الإرتباط الأيديولوجي بين اللغة والمكونات الثقافية الخاصة بجماعة في الوطن دون سواها، وتوسيع القطاع العلماني في التعبير بطابعه الإنساني الشامل، المتمايز عن الخطاب الديني الأصولي، الذي يحاول في كل مناسبة أن يستر ضعفه ويخفي تهافت منطقه، بالتحصن والتسلح والتصفح، بالنصوص المقدسة التي يحرفها عن مواضعها ويستغلها في استدامة أنماط تفكيره وإحكام أدوات سيطرته على العقول. وهو ما فعلته كل اللغات المتطورة في العصر الحالي، دون أن تكون عاجزة بالطبع عن التعبير عن القيم الدينية لمن يريد أن يعبر عن تلك القيم. ويتبع ذلك رفع الحرج، التأصيلي، الذي ابتليت به اللغة العربية على أيدي بعض ممثليها من حراس القديم، والمتمثل في تحفظها في الأخذ من اللغات السودانية الأخرى، من نيلية وحامية ونوبية بدويت، ومن الدارجة السودانية وترقية تعابيرها ورفعها كل يوم إلى مصاف اللغة الفصحى، كما ترفع الفرق الكروية التي تتميز في أدائها إلى المستويات الممتازة، باعتبار هذه اللغات هي المستودع الذي لا تنضب مياهه للتعبير اللغوي المعاصر والمتطور والذكي والطريف. وباعتبار قربها من الوجدان الشعبي ومقدرتها على التعبير عن أدق خلجاته. ويمتد رفع الحرج إلى الأخذ من اللغات العالمية كل ما تحتاج |ليه لغتنا لتكون بالفعل لغة للعلوم والفلسفة والإزدهار الأدبي والثقافي. ونخص هنا اللغة الإنجليزية، مذكرين بما حدث لهذه الأخيرة نفسها في بداية النهضة الصناعية، إذ تمثلت في ظرف عدة سنوات أكثر من عشرة ألاف كلمة من اللغة الفرنسية التي كانت أكثر تطورا منها، ليس في مجال اللاهوت، بل من حيث قابليتها للتعبير عن النهضة العلمية الكاسحة التي شهدتها بريطانيا في ذلك الوقت. ولا يساعد على تطور اللغة العربية في هذا الإتجاه، خطاب المهووسين من الأصوليين، الذين يريدون أن يوحوا في كل ما يكتبون بأن إجادة اللغة العربية مرتبطة باعتناق الإسلام. كما لا يساعد فيه ما يوغل فيه بعض اليساريين السابقين، من إبداء طقوس تدينهم في كل حرف يكتبونه، تملقا للمهووسين. وليربأ هؤلاء بإيمانهم من هذا الإستخدام غير الوقور. وهم على كل حال لن ينالوا رضا الأصولين ولن يأمنوا شرهم عن هذا الطريق. فأنت لا تأمن شر الإنقاذيين إلا بالإذعان لهم، إذعانا كليا، أو النهوض في وجوههم وكسر شوكتهم. فهم يفضلون الإذعان على الإيمان، في حالة التخيير بين هذا وذاك. وهم ليسوا وحدهم في ذلك، فجنود إبن العاص كانت تصد أفواج الفلاحين المصريين عن دخول الدين الجديد، لأنهم حينها لن يدفعوا الجزية عن يد وهم صاغرون، والصغار هو الإذعان كما تعلمون. نرشح اللغة العربية، ونعتقد أنها يمكن أن تقوم بهذا الدور، دون استبعاد لأية لغة أخرى، وتجيئ المسألة كاقتراح لأن المجال مفتوح أمام تنافس لغوي لا يمكن حسم نتيجته بصورة مسبقة. وهذه أيضا من أمهات القضايا التي لا بد أن يدور حولها الحوار المفتوح والمثقف.

    • « الجماعة العربية الإسلامية »، التي يتحدث عنها عبد الله علي إبراهيم، هي جماعة عربية نقية العروبة، لم تخالطها دماء زنجية أو حامية، ربما لأن الجماعة العربية الإسلامية التي جاءت إلى السودان، أبادت شعبه الأصلي، من بناة الحضارات القديمة، الذين تمتد جذورهم إلى ما وراء التاريخ، والذين اختلطوا بهذه لأرض، يأخذون سيماءها وتأخذ سيماءهم، ويغيرونها بالفعل المديد، وتمتد فيهم وتخالط منهم الدماء. ربما أبادتهم القبائل العربية الباحثة عن الأرض والفضاء والماء والمرعى، والضائقة بمن لا ينتمون إلى شفرتها الجينية من الشعوب.« يسميها عبد الله الشفرة الثقافية» ربما ابادتهم هذه القبائل، لأننا لا نجد عند عبد الله تفسيرا لمقولته الذاهلة، حول النقاء العرقي لهذه القبائل، وحول أختفاء هذه الشعوب التي صارت أثرا بعد عين. إن أقل إتهام نوجهه لعبد الله هنا، هو أنه ذاهل كليا عن النتائج المترتبة على مقولته، وأنه عن طريق الخرق " بفتح الخاء والراء" الفكري القليل المثال أزال شعبا كاملا من الوجود دون أن يشعر أنه مطالب بأن يقول شيئا، ولو قليلا، عن هذه الصور التوراتية لزوال الشعوب. فهل جاءت القبائل العربية بنظرية عرفناها بعد ذلك عند اليهود، وهي قصة شعب بلا أرض، يبحث عن أرض بلا شعب؟ ولكن التاريخ والحقيقة أكثر حكمة من عبدالله، وأحكم منه كذلك جميع المؤرخين وعلماء الأنثربولوجيا والآثار، الذين قالوا، وأطنبوا في القول، أن الجماعات العربية الوافدة إلى السودان اختلطت بشعبه، وأن اختلاطها قد أذاب العنصرين في هوية جديدة، لا يمكن أن نسميها عربية خالصة إلا بمصادرة غافلة عن الحقيقة والواقع، ولا نفعل ذلك إلا لأننا نحقر جزء أصيلا من مكونات الهوية الجديدة، مما يفتح الأبواب لانفصامات النفس وفساد الوجدان وخلل العقل. ولا أحب أن أوحي من قريب أو بعيد، بأن عملية الإختلاط هذه شملت الجميع من العنصرين، بل لا أستطيع أن أحدد لها نسبا كمية دقيقة. كما لا أحب أن أتبع المنهج الشيلوخي في تقسيم الإنسان إلى أرطال من اللحم أو أوقيات من الدم، أضع لها قيما متفاوتة كما يفعل القصابون. ولكني اقول باطمئنان أن هذا الإختلاط وإن لم يشمل أغلبية العناصر السودانية العريقة، فإنه شمل الاغلبية العربية الوافدة، ودون أن يحط من شأن هؤلاء أو يعلي من أقدار أولئك. وهذه هي الحقيقة الهامة فعلا، وهي وحدها كافية لدحض مقولة عبد الله عن النقاء العرقي العربي.

    • والجماعة العربية المسلمة، في تعريف عبد الله، أصولية العقيدة محكومة بالشريعة الإسلامية في اقصى صورها بعدا عن العصر، وهي دعوة دعا إليها عبد الله مرارا وتكرارا، وطالب الآخرين بالإنتماء إليها. والجماعة العربية الإسلامية إنقاذية الإنتماء السياسي، منكفئة على ذاتها، رافضة للآخرين، كارهة للتعددية بكل أشكالها وألوانها. إنها سوية أيديولوجية غير متمايزة، مقولة ذهنية في ذهن "مرهق"، ذاهل عن العصر. أقول لعبد الله ولأمثال عبد الله، إنني شخصيا لا انتمي إلى هذه المقولة الذهنية. فليكف عن تصنيفي على هذا الأساس. إنني أنفي عن نفسي فكرة النقاء العرقي، بل تجري في عروقي دماء الأقوام السودانية العريقة، كما تجري في عروقي دماء عربية لا أنكرها ولا أتيه بها على الآخرين. وعندما أتحدث عن الدماء فإنني أتحدث بكثير من المجاز، لأن الموضوع الوراثة يتعلق بالحامض النووي، وبالمورّثات عموما، والتي تعطي الفرد خصائصه الجسدية، ومصطلح الدم، كمحدد للهوية، مثله مثل مصطلح القلب كمكمن للعواطف، مصطلح مجازي تخطته العلوم. ولا فرق بين دماء عربية أو زنجية، حامية أو سامية، ملكية أو عامية. كما يمكن للإنسان أن يغير دمه كليا ولا تتغير هويته في قليل أو كثير، وهو أمر يحدث أمام أعيننا كل يوم. ولا يقتصر الأمر على الذين يغيرون دماءهم لأمراض تصيبهم، بل إن الناس جميعا تتغير دماؤهم كليا أو جزئيا عدة مرات في العام الواحد. وقد آن لنا أن نتحرر من جهالاتنا "الدموية"! الدم حامل للحمض النووي ولكنه متمايز عنه تمايزا كليا. وإذا كان الأمر لا يتعلق بدماء نقية أو ملوثة، نحسها تجري في عروقنا، بل يتعلق بشفرة جينية، تكاد أن تكون، من فرط دقتها، مفهوما رياضيا، فإن جوهر المسألة يصبح هو قبولنا لأنفسنا وتأمل ذواتنا في مرايانا الخاصة، وليس النظر إليها بمرايا الآخرين. حينها سنكتشف كم هي جميلة هذه الهوية السودانية، وكم هي متمايزة عن الآخرين في نفس الوقت. ولكن مرايانا نفسها تحتاج إلى التطوير والصقل، لترى تلك القوى الهاجعة في بطن هذه الأم الرؤوم المعطاءة، "المملوءة الساقين أطفالا خلاسيين." وحينها سيكتشف السودانيون أن ما يطلبونه، أي يبحثون عنه، " قد تركوه ببسطام" كما نقل عبد الحي عن فتوحات إبن عربي المكية. فقد تميز السودانيون في كل أرض حلوا بها، لأنهم يملكون طاقة التميز والفوت، عندما يتعلق الأمر بالخصائص الجوهرية في الإنسان، أي علمه، وعمله، وأخلاقه وكرامته. أي لم يكن أكثرهم تفوقا، بالضرورة، أولئك الذين يحملون سمات خارجية أقرب إلى تلك المجتمعات الجديدة التي حلوا بها. ومن يتأمل هذا الأمر يعود إلى ذاته راضيا عنها مرضيا.

    • أتحدث عن نفسي في قضية الهوية، لدوافع ذكرتها تتعلق بالإختيار، وهذا زمن الخيارات الحاسمة، ولكني أعتقد أن ما أقوله عن نفسي ينطبق بصورة أو أخرى، وبهذه الدرجة أو تلك على كل هؤلاء المتحاورين حول الهوية، ومنهم عبد الله علي إبراهيم، كما ينطبق على زعمائنا جميعا دون استثناء. ينطبق على الشريف زين العابدين الهندي، الذي قال أننا جئنا إلى هنا وتزوجنا الإفريقيات، ومن هنا جاءتنا هذه "الشناة"، في مناسبة حضرتها شخصيا، وفي قول أورده صديقي الباقر العفيف الذي تناول الهوية وكتب عنها ما لم يكتبه سواه، وحلل كلمات الهندي بما لا يحتمل الزيادة، كما تنطبق على أحمد الميرغني، وعلى أخيه محمد عثمان، وعلى الصادق المهدي، وعلى حسن عبد الله الترابي، وعلى محمد إبراهيم نقد وعلى عثمان محمد طه وغير هؤلاء. وقد طالبت هؤلاء جميعا، بأن يبرزوا " أشجار نسبهم" السودانية الحقيقية، التي يخفونها كما يخفي الإنسان عورته، كما ابرزوا من قبل أشجار نسبهم العربية المؤسطرة والمتخيلة، لأنهم إن فعلوا ذلك، فإنما يقدمون لأهلهم خدمة جليلة، تفتح لهم الطريق إلى التصالح مع أنفسهم، وإطراح الأوهام التي تضر ولا تفيد، عن أصلهم المتميز والمتفوق.

    • ثم يصل عبدالله بعد ذلك إلى قمة محاضرته، وهي في نفس الوقت قاعها، وهي دعوة الجميع إلى دخول برج الإنقاذ. يقول: « في هذا الصدد أري إنو يجب أن نعترف أننا كلنا ننتمي إلى النظم السيئة، مش النظم السياسية. ننتمي إلى الشفرة الثقافية الموصوفة بالسوء. بقول كان البروفسور إدوارد سعيد ضرب مثل، وأنا أستعين بيهو هنا، قال إنو في كاتب فرنسي كان يكره برج أيفل جدا، لا يطيق رؤية برج إيفل، وكان حله لما يضيق به الضيق النهائي، ويصبح برج إيفل بالنسبة له شبح وكذا، يصعد البرج ويجلس في مطعم البرج ويأكل. قيل له: ليه. قال، لانو تلك اللحظة الوحيدة التي لا أرى فيها البرج «ضحكة». فيا أخوانا نظام الإنقاذ أنا بصفه بأنه برج أيفل لينا « ضحكة ». لا نطيقه، مزعج، كلنا عندنا مواقف حتى أنصاره « ضحكة ».»

    • دعوة عبد الله هنا هي أن ندخل برج الإنقاذ « ونأكل» منه حتى لا نراه. وهو يستعين على دعوته هذه، بالأمثلة، ويعاني في طرحها حرجا عظيما تنوء به الجبال، تظهره الضحكات العصبية المستوحشة، وتظهره العبارة المتهالكة، المستعصية على الفهم، ويظهره تداخل الكلام بعضه في بعض، و الزوغان في نهاية العبارة من معناها الواضح الصريح. ما الذي يجبر عبد الله على كل هذا العناء وهو المشفق على الجميع من الإرهاق؟ ودعونا هنا نناقش المثال الذي أورده عبد الله، وهو يقع في مجال المجاز، وإذا كانت لعبد الله مساهمة متميزة فهي في مجال المجاز وحده وليس سواه. رجل وحيد، غريب الأطوار، يكره برج إيفل، وليس غريبا أن يكون الرجل وحيدا وغريب الأطوار، لأن من يكره إنجازا حضاريا مثل برج إيفل يجب أن يكون كذلك. فهو يكره إنجازا حضاريا يمثل مصدر فخر للشعب الذي شيده، وتفخر به البشرية في عمومها لأن من عاداتها أن تفخر بمثل هذه الإنجازات. هذا الرجل يعتقد أن برج إيفل هو مظهره الخارجي وحده، أي هذا الإمتداد الفولاذي الذي يشق عنان السماء، وليس باطنه، بما فيه من عجائب هندسية ورؤية ساحرة، وأماكن للترويح عن النفس من ضمنها المطاعم التي يأكل فيها ذلك الرجل. رجل يجهل حقيقة يدركها كل الناس وليس السواح وحدهم، وهي أنك عندما تدخل برج إيفل فإنما تراه بصورة أفضل، بل يعتقد أنك إذ تدخله لن تراه. ما الذي يقابل هذا الرجل عندما يتعلق الأمر بمن يكرهون الإنقاذ؟ وما الذي يقابل برج إيفل عندما يتعلق الأمر ببنائها الداخلي؟

    • إن حقائق الواقع الماثلة تقول أن الاغلبية الساحقة من شعب السودان تكره الإنقاذ، لأسباب أقوى بكثير من تلك الأسباب التي تحمل بعض الشعوب على كراهية حكوماتها. والاغلبية الساحقة إن كرهت نظاما سياسيا فإنما تسقطه ولا تدخله. وهذا هو الطريق الذي يسير فيه شعب السودان حاليا، بعد أن ساعدته الحركة الشعبية لتحرير السودان على قطع نصف الطريق. ومهما تغيرت الأساليب فإن الغاية واحدة، وهو إسقاط نظام الإنقاذ وتفكيكه طوبة طوبة، طال الزمن أم قصر. ولكن ذلك سيحدث عن طريق صعود الشعب السوداني مراقي جديدة في التمسك بحريته وحقوقه، وامتلاكه أدوات جديدة، سلمية في غالبها. وهذا أمر طبيعي فالإنقاذ بكل ما تمثله من فكر وممارسات عملية ليست سوى بثور علقت بهذا الجسم الجميل وهي لا شك زائلة. وهذا من طبائع الأشياء لأن الشعب الفرنسي، وليس ذلك الرجل الغريب الأطوار، إذا كره برج إيفل، فإنه سيقتلعه من " الجذور"، ليزيل الأذى عن خط باريس السماوي. ومن الناحية الأخرى، هل يمكن المقارنة بين الإنجاز الحضاري المتمثل في برج إيفل، و"المشروع الحضاري" المتمثل في الإنقاذ؟ ندخل برج إيفل فنأكل الفروي دوميغ، والكوت دو بوف،والفياند سينيان، وبعضنا يأكل شكروت الألزاس، وما يصاحبها من الأجبان والنبيذ المعتق. فماذا نأكل عندما ندخل الإنقاذ؟ عبد الله نفسه يعطينا مثالا عمليا على ما يمكن أن نأكله، فمن ضمنه الدعوة الصريحة إلى الباطل الصريح ومن على رؤوس البيوت، وخيانة المثقف لواجبات التنوير وإستخذاؤه للطغاة، فقط لأنهم طغوا. وهو طريق لم يختره أولئك الفتية الذين حاضرهم عبد الله في أبي ظبي، أو نشر عليهم افكاره في السودان وفي بلدان الشتات. خيانة النفس، إذن، والتنكر لرسالة المثقف ، هي أفضل وجبة يمكن أن تقدمها إلينا الإنقاذ. ولكن ليس ذلك بالنسبة لها سوى "المقبلات". إذ تجيئ بعد ذلك الوجبة الرئيسة وهي مشاركتها في خطاياها جميعا، المكسوة بالقمع والمتوجة بالإبادة الجماعية للاقوام والشعوب، أما " التحلية" فهي إقامة الرفاه المادي للقلة الغليظة الحس، على خلفية من الإفقار المطلق لشعب كريم. "ثم ثانيا" كما يقول أحد أصدقائي وهو يطرح نقطته الخامسة: إذا كان ذلك الرجل يأكل في برج إيفل ويذهب إلى بيته، فهل يمكن الأكل في برج الإنقاذ والخروج منها بعد ذلك، وكل ليلة؟

    • أقول لصديقي عبد الله: دعوتك مرفوضة يا " أخا العرب"، لأنه مهما بلغ حب الناس لك، فإنه لا يبلغ مبلغا يجعلهم يختانون أنفسهم. فهم لم يحبوك على باطل، بل أحبوك على حق. فهل تسير وحدك في دربك الموحش؟ هل تواصل وحدك " رحلة بائسة"؟ هل تتوغل وحدك في صحراء الإنقاذ؟ هل تخوض وحدك في وحلها؟ وهل صار حتما مقضيا أن تقطع رحلة الألف ميل وقد بدأت بخطوة واحدة؟ الخيار خيارك يا عبد اللهّ. وأقول "وحدك" مشيرا إلى وحشتك في قطيع من الذئاب، وليس إلى خلو المكان من الآخرين، ومنوها بمجدك الذي بنيته على بسط ثوب الإستنارة عندما كتبت عن " الناس والكراسي" مذكرا اللبراليين الذين تعثرت ألسنتهم عن إدانة العدوان البربري على تراث الشعب، الذي قامت به عام 1968 هذه الفئة نفسها التي تدعو الناس إلى دخول برجها اليوم، بتلك اللحظات التي تعثرت فيها أرجلهم في باحات الرقص والمخاصرة في جامعات الغرب، وبذلك الفرح الخجول الذي لا يريدون أن يدفعوا مقابله شيئا.

    • سألت في موقع سابق من هذا المقال عما يجبر عبد الله على مثل هذا المآل، وعما يدفعه إلى تحمل هذا الحرج الكبير. ولو وضع عبد الله في موضع يجبره على الإجابة على مثل هذا السؤال، لتعلق أيضا بمقولة ثقافية ما ، غالبا ما تكون خالية من المعنى. وكما أوضحت أن دوافع عبد الله سياسية بحتة، مكسوة بجلال كاذب ومغشوش، فإني أقول أن بداية التحول الفكري لعبد الله، كانت سياسية أيضا، أو قل أنها كانت سياسية نفسية. وهي تتعلق تحديدا بموقفه من الإنقلاب العسكري الذي حدث صبيحة الثلاثين من يونيو 1989. موقف عبد الله كديمقراطي، وموقفه كعلماني، وموقفه كتقدمي، كان يملي عليه، كما أملى علينا جميعا، أن يرفض ذلك الإنقلاب، حتى ولو لم يكن قادرا على مقاومته. هذا الموقف لم يستطعه عبد الله، ليس لأنه كان طامعا في منصب أو مال أو جاه، ولكن لأنه لم يجد في ذاته قوى وطاقة كافية تسنده ليقف ذلك الموقف. ولذلك عندما دعته السلطة الإنقاذية المغتصبة، إلى المساهمة في إعطائها شرعية أمام الشعب، وخاصة من مثقف تقدمي مثله، له كل هذه الشنة والرنة، فإن عبد الله لم يستطع سوى أن يلبي النداء، وشارك في "مؤتمر الحوار الوطني" وشاهده الناس جميعا، وعلى وجهه ذلك الحرج الأسطوري، وهو يقبل الإنقاذ كبديل للديمقراطية، ويقبل النكوص كبديل للتقدم والتنوير والإنفتاح. وقدفعل عبد الله ذلك والدماء التي أسالتها الإنقاذ ما تزال حارة فوارة، كما أنه في طريقه إلى " المؤتمر" قد مر بالجثة الكبيرة لكيونونة كانت تسمى الديمقراطية الثالثة. تلك خطيئة لم يفق منها عبد الله بعد ذلك، مع أن الطرق كانت أمامه مفتوحة لإنقاذ النفس من "الإنقاذ". عندما خرج عبد الله من السودان، كان يمكن أن يوضح أن موقفه نتج عن غريزة حب البقاء، وهي غريزة مركبة في الناس جميعا، ولكنهم يتعاملون معها بطرق مختلفة، تتراوح بين البطولة والتقية والمخاتلة وتصل إلى قبول الموت المعنوي إنقاذا للجسد. وكان يمكنه أن يعتذر إعتذارا خفيفا، ويواصل الدعوة إلى ما كان يدعو إليه قبل الإنقاذ. ولكن عبد الله لا يجيد الإعتذار، بل لا يقبله حتى وإن كان مستحقا، كما قال في محاضرته هذه، ولذلك اختار أن يحول الموقف الناتج عن ارتخاء الركب، إلى موقف فكري شامل ومحيط. وذاك لعمري اختيار بئيس.

    • في نفس الوقت الذي نشرت فيه محاضرة عبد الله، كنت أعيد قراءة سيرة سقراط، كما جاءت في محاورات أفلاطون، وخاصة كتاب "الدفاع": أبولوجيا. صعقتني المفارقة بين هذا وذاك. فهذا الرجل الذي عاش قبل ألفين وخمسمائة عام لديه ما يقوله لنا حتى اليوم. فعندما قالت عرافة دلفي، وهي إلهة في ذلك الزمان، وناطقة باسم الآلهة وخاصة زيوس، أنه ليس بين البشر من هو أكثر حكمة من سقراط، حار سقراط حيرة شديدة في هذا الأمر. فهو يعلم أنه لا ينطوي على قدر يؤبه له من الحكمة أو المعرفة، ولكنه يعلم في نفس الوقت أن الآلهة لا تكذب، ولم تغب عن فطنته بالطبع أن شهادة الآلهة لم تكن فقط في صالحه، بل تتوجه حكيما على كل البشر. لم يقبل سقراط، لما ركب فيه من هذا العناد البشري المتطاول، حكم الآلهة، لا من حيث قداسته وتنزهه عن الكذب، ولا من حيث أنه جاء في صالحه وحده دوه سواه. فصار يزور أولئك الذين اتصفوا بالحكمة، من حكام ومفكرين وشعراء وأدباء، فاكتشف لدهشته أنه أكثر حكمة من هؤلاء جميعا، لأنه كان يسألهم عما اشتهروا بإتقانه والتخصص فيه، ويظهر لهم من خلال إجاباتهم وبتلك الماكينة العقلية الهائلة التي كان يملكها، أنهم لا يعرفون، معرفة حقة، ما يدعون أنهم يعرفون. وتوصل إلى أنه أكثر حكمة منهم، لسبب بسيط جدا، وهو أنه يعرف أن معرفته متواضعة، وأن الكون لم يكشف له إلا شيئا قليلا من أسراره، وأن عليه أن يمضي دون هوادة في الإستزادة من المعرفة، بينما تربع هؤلاء على حصاة من المعرفة ظنوها جبالا شوامخ. وقال سقراط وهو يشرح ما توصل إليه من علاقة بين المتعالمين الذين يدعون معرفة ما لا يعرفون، والناس العاديين المتواضعين رغم معارفهم وحكمتهم: "أثناء بحثي في خدمة الإله، وجدت أن أولئك الأكثر شهرة والأكثر ذيوعا في الصيت، هم في الغالب الأكثر نقصا، بينما أولئك الذين يعتبرون أقل شأنا هم الأكثر معرفة. ( ترجمة غير رسمية). "رحلة " عبد الله القاسية من بداية محاضرته وحتى نهايتها أثبتت شيئا عكسيا تماما لمسيرة سقراط. فقد وضح أن هذا المفكر الوحيد في السودان، إن كان في السودان مفكر، كما قال مقدمه الكريم، هو الأكثر جهلا بموضوعه من جميع الذين كان يحاضرهم. ولا شك أنهم كانوا يمدون أرجلهم قليلا قليلا، كما فعل أبو حنيفة، كلما أوغل المحاضر في باطله وهرائه، حتى مدوها عن آخرها في نهاية المحاضرة، هذا إذا لم يفكر بعضهم في إطلاقها للريح. وأكاد أرى صديقي محمد الحسن محيسي، المتبحر في كثير من ضروب المعرفة، وهو يفعل ذلك تحديدا. وأحصر المقارنة مع سقراط هنا فقط، فالمقام لا يسمح بالحديث عن محاكمته وموته.

    • وأخيرا، دخل عبد الله في قلوب وخرج من قلوب، وهو بينما يستطيب الدخول فإنه يكره الخروج، ويحاول جهده الجمع بين هذا وذاك، ولا يعتقد ذلك ممكنا إلا لأنه لا يضع للمنطق في تفكيره ورغباته، وزنا كبيرا. وهو يعتقد أنه بالقاء بعض الملاحظات العابرة، لصالح جمهوره القديم، يمكنه أن يكسب هؤلاء وأولئك في نفس الوقت. أنظر إلى إشارته إلى موت جوزيف قرنق "الباسل"، مع أن محاضرته تلزمه أن يقول أن جوزيف قرنق مات من أجل قضية ليست قضيته، مات من أجل جماعة شمالية عربية مسلمة لا ينتمي إليها، مات من أجل وطن يضع عبد الله يده حاليا في أيادي من يريدون تمزيقه، وتقليصه ليكون في حجم مقدراتهم على القهر والتنكيل والسيطرة. أقول لصديقي عبد الله، خيارك الحالي يمكن ألا يكون نهائيا، إذا التفت قليلا إلى الوراء لترى أن مطارديك أصابهم الإعياء والإرهاق "غير الخلاق"، وبالرغم من أنهم لم يكفوا عن المطاردة إلا أن الصمود في وجههم ممكن وميسور، وقد استطاعه كثيرون لم يدقوا الطبول إعلانا عن صمود، فكيف تدق الطبول إعلانا عن هروب؟
    الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم الخاتم عدلان - يرد علي - عبدالله علي ابراهيم
    Agab Alfaya
                  

03-24-2016, 08:59 PM

كمال عباس
<aكمال عباس
تاريخ التسجيل: 03-06-2009
مجموع المشاركات: 17154

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: كمال عباس)
                  

03-24-2016, 08:59 PM

كمال عباس
<aكمال عباس
تاريخ التسجيل: 03-06-2009
مجموع المشاركات: 17154

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: كمال عباس)

    تحياتي أخ عادل عبد العاطي وضيوفه أحببت أن أرفد ه ـ البوست في أعلاه بمواد فكرية ــ لمن فاته الإطلاع علي المقالات في وقتها ـ وهي أيضاتشحذ ذاكرة من طال عهده بالإطلاع عليها ـــ كما أنها تسهم إدارة موضوعي حول ـ مكامنالإختلاف بين الأساتذة ـ الخاتم عدلان و عبد الله علي إبراهيم وقد ساهمت في التعليق عليهافي وقت صدورها ..

    (عدل بواسطة كمال عباس on 03-24-2016, 09:00 PM)
    (عدل بواسطة كمال عباس on 03-24-2016, 09:04 PM)

                  

03-24-2016, 08:45 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: sadig mirghani)

    سلام يا عادل
    كتب الراحل المقيم الخاتم عدلان جملة تقريرية فى تفسير موقف د. ع ع ابراهيم المهادن لانقلاب الانقاذ منذ بدايته قائلا " ان الانقاذ بحضورها الرهيب قد خلعت فؤاد الرجل".
    من الصعب التأكد من صحة مثل هذه الاحكام خاصة واننى اميل الى التسامح مع الكتاب من منطلق ايمانى العميق بالتعددية.
    لكى اجد احيانا صعوبة فى فهم مواقف ع ع ا ومنها موقفه المهادن للانقاذ اول ايامها وهى تقتل وتعذب وتسحل وتشرد.
    اجد صعوبة فى الجمع بين تمسك ع ع ا بالماركسية ودفاعه عن الديمقراطية فى مصر !
    طبعا انا هنا اتحدث عن انقلاب مصر العسكرى وادينه وقد اعلنت موقفى هذا منذ اول يوم للانقلاب بغض النظر عن ضحاياه لاننى مقتنع انه اذا بدأ بالاسلامويين فانه سينتهى باخرين.
    اما فيما يتعلق بالجمهوريين فلا زلت فى حيرة فى تأييدهم لانقلابى مايو و السيسى.

    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 03-24-2016, 11:29 PM)
    (عدل بواسطة طلعت الطيب on 03-24-2016, 11:33 PM)

                  

03-24-2016, 08:48 PM

MAHJOOP ALI
<aMAHJOOP ALI
تاريخ التسجيل: 05-19-2004
مجموع المشاركات: 4000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: sadig mirghani)

    عادل ود نورا
    مشتاقين يااخي
    اضف لذلك مقاله عن احمد سليمان المحامي
    كان بامكان الخوار بينهم ان يثري ويسلط الضوء
    علي فترة مهمة من تاريخ السودان وتاريخ الحزب
                  

03-24-2016, 09:05 PM

MAHJOOP ALI
<aMAHJOOP ALI
تاريخ التسجيل: 05-19-2004
مجموع المشاركات: 4000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: MAHJOOP ALI)

    المستنير ابوبكر
    تناول ع ع ا لدكتور منصور لايعد شجاعة
    بل اختيار لهدف سهل لايختلف عليه الاسلاميون قاطبة ،
    بل هو تماهي معهم واتكي علي ارثهم في تخوين منصور خالد
    في كل صحفحم بداية من الوان ونهاية بالراية وملحقاتها
    خاصة بعد ان نشر في الصحافة الفجر الكاذب ، وكانوا
    يترفعون حتي من ذكر اسمه بـ مهزوم بائد
    وصوره اعلام الانقاذ بالخائن والعميل للامريكان
    دي ماشجاعة ، دا توظيف لخدمة اتجاه داخل السلطة
    الوطنية الغيور عليها ع ع ا ماتظهر تجلياتها الا
    في حديث في حفل عام بين سفير ومنصور خالد ؟
                  

03-25-2016, 04:55 AM

سيف النصر محي الدين
<aسيف النصر محي الدين
تاريخ التسجيل: 04-12-2011
مجموع المشاركات: 8995

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: MAHJOOP ALI)

    استمعت بقراءة الخاتم عدلان كأني اقرأه لاول مرة.
    شكرا يا عبد العاطي.
                  

03-25-2016, 10:52 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: سيف النصر محي الدين)



    (1)

    التحية لصديقي العزيز دكتور طلعت الطيب ، والذي كتب مداخلة مقتضبة وقصيرة ولكنها مليئة بالمعاني النبيلة التي يجب ان نضعها جميعنا في الإعتبار..واعذرني يا صديقي ، فهي مهمة قاسية للغاية ، مهمة أن نكون موضوعيين وحصيفين ومحايدين تجاه قراءة الأشياء.. فهنا ، كما ترى ، يختلط الحابل بالنابل ، يختلط السياسي بالمثقف بالمفكر بالمؤرخ..وقاسية هي مهمة التفريق بين ألأشياء..!

    وانا اقرأ تلك المداخلة ، وبقية المداخلات في هذا الخيط ، كنت استغرب لهذه المعركة التي افتعلها صديقي واستاذي عادل عبد العاطي بلا مبرر واضح في حق الدكتور عبد الله على ابراهيم..وهو رجل ، نختلف ونتفق معه ، ولكن ليس بمثل هذا الترصد الذي يضر بالمترصد اكثر من الحاق الضرر بالمترصد به.. فصديقنا عادل في سبيل نصرة معركته الغريبة هذه ، استشهد بالدكتور عمر القراي ، وكانما عادل يريد أن يبتسر الأشياء فقط فيما يخدم معركته هذه ، واستشهد وبصم بالعشرة على عبارة ذكرها بيت الأشباح دينق اخوان (كتبها شيوعي معروف لدينا) في حق عبد الله علي ابراهيم وتناولت الشخصي (كحق العمل في الجامعات الأمريكية التي عمل بها عبد الله على ابراهيم..)..وهذا التناول وبصم عادل عبد العاطي عليه بكل فرح طفولي ، يضع عادل في سرج واحد مع المزاعم التي جلبهاعادل هنا في حق عبد الله علي ابراهيم ، مزاعم الإهتمام بالخاص دون الإهتمام بمناقشة الأفكار..!!

    بحثت في الحوار الذي جلبه الصديق صادق ميرغني ، وهو حوار اجرته صحيفة (الإهرام اليوم السودانية ) مع عبد الله علي ابراهيم ، وبحثت عن الإساءة التي يزعم صديقنا عادل انها تمت بجبن وخساسة وخياسة في حق المرحوم الخاتم عدلان..وبحثت عن التناول الشخصي في حق المرحوم الخاتم عدلان..ولم ارى ما يزعم صديقنا عادل..!

    واستغربت اكثر على جلب تعقيب للمرحوم الخاتم عدلان على محاضرة قام بها عبد الله ابراهيم ، قبل عشرة سنوات تقريبا ، ونشر مخلصها أو محتواها كاملا صديقنا الأستاذ عبد المنعم عجب الفيا ..ولو كنت مكان صديقنا عادل عبد العاطي لما استشهدت بهذه المقالة للمرحوم الخاتم ، لأنها تفتح جروح وقراءة لمشاهد قد لا تعجب الخاتم معاينتها من زوايا اخرى ، وقد لا تعجب مريديه واصدقائه وصديقاته ، هذه مقالة فضيحة يا عادل.. اللهم الإ اذا كنتم تريدوننا فقط ان نطرب للإنشاء والعبارات المنمقة ، دون أن نقيّم الأشياء وفق سياقها التأريخي والثقافي والفكري..!!

    وان كان البعض ، بمن فيهم المرحوم الخاتم نفسه ، يعتبرون أن عبد الله على ابراهيم يقوم بالتدليس ، فاني اقول ، ولدي ما احتج به تاريخيا وفكريا وثقافيا ، ومن صلب المقالة نفسها : فان صدق الخاتم في تلخيصه لتلك النقاط عن عبد الله علي ابراهيم ، فلو صدق الخاتم في نقلها ، فان الخاتم مارس تسطيحا وتدليسا وخم بالباب العديل ، تجاه افكار عبد الله علي ابراهيم ، بل في بعض المناحي اني ادعي ان الخاتم لم يفهم تلك الأفكار ، لذلك قاتلها بالإنشاء والإطناب والمحسنات اللغوية ، ولقد نجح في ذلك ، لأن لازال هناك من يحتفى بهذه التخريجات العجيبة..!!

    واقول اكثر من ذلك لصديقي واستاذي عادل عبد العاطي ، لقد ولى زمن تصنيم الناس يا صديقي ، لقد ولى تأليه الناس ، وأربأ بك ان تنهل من هذا المنهل يا عادل ، وانت رجل ندخرك لأشياء كبرى ، علمت أم لم تعلم..!!


    كبر

                  

03-25-2016, 11:00 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Kabar)



    (2)..

    في الحوار الذي استند عليه صديقنا واستاذنا عادل عبد العاطي ، في غضبته غير المبررة في حق عبد الله على ابراهيم ، وردت سيرة المرحوم الخاتم عدلان بصورة مقتضبة للغاية..ثلاثة اسئلة قصيرة ، واجاباتها كانت قصيرة من قبل عبد الله علي ابراهيم..وننقلها هنا من نسخة الحوار الذي جلبه صديقنا صادق ميرغني عن جريدة الإهرام اليوم السودانية..
    السؤال:
    Quote:
    الخاتم عدلان يقول ان الإشتراكية كنظرية لا يمكن ان تطبق في السودان ؟


    الإجابة (من عبد الله علي ابراهيم):
    Quote:
    هذا نوع من (اللغو) والخاتم عدلان لم يصل مرحلة من التفقه في علم الإشتراكية حتى يفتي فيها .

    السؤال:
    Quote:
    ولكن له رؤية خاصة في مسألة الإشتراكية ؟

    الإجابة:
    Quote:
    أنا قرأت كتاب الخاتم عدلان الذي تحدث فيه عن الإشتراكية في السودان وفندت كل إدعاءاته وهو لم يستند على اي مرجع معلومة .

    السؤال:
    Quote:
    يرتكز في حديثه على ان الإشتراكية تنمو في البلدان المكتظه بالعمال وهذا الامر لايوجد في السودان ؟


    الإجابة:
    Quote:
    هنالك بلدان قامت فيها الاشتراكيه ولايوجد بها عمال .


    وان كان صديقنا عادل عبد العاطي ، يرى أن مجرد وصف افكار المرحوم الخاتم باللغو من قبل عبد الله علي ابراهيم ، فقد تكون هذه سبة تحتاج كل هذا الإنتفاض ، ولكن ماذا عن سباب اخر حدث في حق المرحوم الخاتم وهو اكثر خطورة من كلام عبد الله علي ابراهيم هنا؟..
    في حوار مع القيادي الشيوعي محمد علي خوجلي هلاوي ، نشر في الخامس من مارس 2012..

    كان السؤال:
    Quote:
    هل كان الحزب الشيوعي يعلم بانقلاب الإنقاذ قبل حدوثه ؟ ولماذا تم إيقاف نشاطك مع الانقلاب؟


    وكانت الإجابة هي:
    Quote:
    ماحدث في 30 يونيو لم يكن انقلابا عسكريا ولكنه استيلاءا على السلطة بواسطة الحركة الإسلامية بقيادة الترابي وتم الإستيلاء على السلطة بالعنف المسلح تحت غطاء الإنقلاب العسكري. واؤكد بان قيادة الحزب الشيوعي وكل القوى السياسية كانت على علم بذلك وقيادة الحزب الشيوعي بخاصة كانت على علم قبل وقت كاف سواءا عن طريق بلاغات مباشرة من الأعضاء لمركز قيادة الحزب او بالطرق التنظيمية المعروفة كما حدث من معلومات في فرع الحزب بالحارة 7 بمدينة الثورة بامدرمان. واؤكد ان ما انكرته قيادة الحزب عن معرفتها بذلك غير صحيح وغيابها عن حضور الإجتماع الذي كان مقررا بشأن تحرك الحزب لإحباط الإنقلاب وفقا للمعلومات المتوفرة قبل وقت كاف لا يغير من الحقيقة شيئا حيث انها تواطأت او تخاذلت لترك الإسلاميين ينجحون في استلام السلطة. وفي الحقيقة لم يتم ايقافي نشاطي في الحزب بعد تلك الحادثة لوحدي بل كان معي ثمانية عشر كادرا تم ايقافنا منتصف يوليو 1989. ولم يكن ذلك القرار مفأجئا لنا لأننا نعلم ان الإنتهازية داخل الحزب تتطابق مصالحها مع اعداء الحزب السياسيين. والذين اتخذوا ذلك القرار هم قيادات سكرتارية مديرية الخرطوم في ذلك الوقت وهم الخاتم عدلان والحاج وراق وكانت توصيتهما لسكرتارية اللجنة المركزية ان يتم فصل هذه المجموعة دون ابلاغها بسبب اغراض التأمين كما ورد في توصيتهما.


    فهذا قيادي شيوعي يصف المرحوم الخاتم عدلان والأستاذ الحاج وراق (امد الله في عمره واطاله) يصفهما بالإنتهازية والتواطؤ مع العدو السياسي ، والتوصية بفصل العضوية الشوعية الملتزمة التي قامت بواجبها الوطني في التنبيه بانقلاب الجبهة الإسلامية بوقت كاف ..فهل هذه تهمة تساوي شيئا في عظمتها بعبارة عبد الله علي ابراهيم التي يصف فيها افكار الخاتم بـ (اللغو) ويزعم انه لا يفقه في الإشتراكية وانه يكتب افكار بلا مراجع (حسب التقاليد الأكاديمية) معترف بها؟..

    ماذا كان يضير صديقنا عادل ، لو انتصر للمرحوم الخاتم بان اكد لنا ان الخاتم يكتب الأفكار ويستعين بالمراجع المعترف بها ، وهذا هو سلوكه الحق في كتابة الأفكار؟..

    ماذا كان يضير صديقنا عادل ، أن يقول لنا ان عبد الله كذب في حكاية ان هناك اقطار قامت فيها الإشتراكية دون وجود الطبقة العمالية ؟..

    بل ماذا كان يضيره ان يضع عبد الله علي ابراهيم في زاوية ضيقة ويسأله ان يسمى تلك الأقطار والمجتمعات التي قامت فيها الإشتراكية دون وجود طبقة عمالية؟

    ويا ترى لماذا لم يثير استاذنا وصديقنا عادل عبد العاطي الغبار والثورة على عبارة القيادي الشيوعي محمد على خوجلي هلاوي في حق المرحوم الخاتم؟..ولماذا لم يتهم نفس القيادي بانه يمارس (الخياسة) ويستأسد على الموتى الذين لا يستطيعون المنافحة عن افكارهم والدفاع عنها؟..


    كبر

                  

03-25-2016, 11:06 AM

Kabar
<aKabar
تاريخ التسجيل: 11-26-2002
مجموع المشاركات: 18537

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Kabar)



    (3)..

    يتهم البعض هنا ، عبد الله على ابراهيم ، بانه ارتمى في حضن الإسلاميين ، وانه اصبح مدافع عنهم ، ولست هنا في الدفاع عن الرجل ، وهو يملك لسان سليط وقلم سنين ويعرف كيف يدافع عن افكاره واقواله ومعاركه ، ولكن ، هنا لتحقيق الأشياء ، قراءة الوقائع عبر سياقاتها التأريخية ، حتى تعرف الأجيال القادم الأمور بموضوعية ، بعيدا عن التدليس والخم والغش التأريخي الذي سئمنا منه كثيرا..!!

    الحقيقة التي يتعامى عنها بعضنا هنا ، ان المرحوم الخاتم عدلان اتُهم بمولاة الإسلاميين قبل ان يُتهم عبد الله علي ابراهيم بمولاتهم.. ففي المقتبس السابق ، اتُهم الرجل( الخاتم) مباشرة بانه متواطئ مع الإسلاميين لدرجة انه اوصى بفصل العضوية المشاغبة التي كانت تنذر الحزب الشيوعي بانقلاب الإسلاميين وقبل وقت كافي..وفوق ذلك..يقول محمد علي خوجلي ، ان الخاتم والحاج وراق اجتمعوا بالوسطية الإسلامية في السعودية (وكلنا نعرف أي اسلام يحكم السعودية..!!)..

    السؤال:
    Quote:
    ماذا تقصد بالانتهازية داخل الحزب؟


    الإجابة:
    Quote:
    - الانتهازية في المفهوم الماركسي هي البرجوازية داخل الحركة العمالية وهي تعني التقليل من دور النظرية أو الفصل بينها وبين الممارسة العملية وإنكار دور الصراع الطبقي وإنكار دور حزب الطبقة العاملة, وقد أكدت الأحداث اللاحقة أن الخاتم عدلان والحاج وراق ورفاقهما قد تخلوا عن الماركسية ولم تمض فترة طويلة حتى حضر كلاهما اجتماع الوسطية الإسلامية في السعودية. وتفاصيل ذلك معلومة لكافة الشيوعيين.


    لو استطاع صديقنا عادل عبد العاطي ، او الجمهوري دكتور عمر القراي ، من انكار واقعة اجتماع المرحوم الخاتم بما يسمى بالوسطية الإسلامية ( الإسم المهذب للسلفية الحاكمة في السعودية) ، اذن من حق كليهما ان يكيل الشتم والسخرية والإستهزاء في حق عبد الله علي ابراهيم وسبه بالإرتماء في احضان اسلاميي السودان (الجبهة الإسلامية السودانية)..!!

    سلوك المرحوم الخاتم عدلان والأستاذ الحاج وراق ، في الإجتماع بالوسطية الإسلامية ، هذه هي جوهر فكرة عبد الله علي ابراهيم (الشفرة الثقافية) التي قام المرحوم الخاتم عدلان بتسطيحها كفكرة ، في عملية تدليس وغش ثقافي وفكري بين وواضح..!!!!!!

    وسأعود لاحقا ، بتعقيبات على المقالة التي يحتفي بها صديقنا عادل عبد العاطي ، مقالة المرحوم الخاتم كتعقيب على ندوة لعبد الله علي ابراهيم.. لأنها مقالة فضيحة للغاية ، فضيحة فكرية وثقافية، وانطوت على اعترافات غريبة ومباهاة باشياء محل سؤال في سياقها التاريخي والفكري والثقافي..!!

    كبر

                  

03-25-2016, 01:14 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Kabar)

    الاستاذ كبر كتبت

    Quote: لو استطاع صديقنا عادل عبد العاطي ، او الجمهوري دكتور عمر القراي ، من انكار واقعة اجتماع المرحوم الخاتم بما يسمى بالوسطية الإسلامية ( الإسم المهذب للسلفية الحاكمة في السعودية) ، اذن من حق كليهما ان يكيل الشتم والسخرية والإستهزاء في حق عبد الله علي ابراهيم وسبه بالإرتماء في احضان اسلاميي السودان (الجبهة الإسلامية السودانية)..!!

    سلوك المرحوم الخاتم عدلان والأستاذ الحاج وراق ، في الإجتماع بالوسطية الإسلامية ، هذه هي جوهر فكرة عبد الله علي ابراهيم (الشفرة الثقافية) التي قام المرحوم الخاتم عدلان بتسطيحها كفكرة ، في عملية تدليس وغش ثقافي وفكري بين وواضح..!!!!!!
    نعم انكرها ومن كلمات الخاتم نفسه

    قال الخاتم في رد على هذا السؤال :

    عذرا للإستطراد. ودعني أنتقل إلى الشق الآخر من سؤالك حول تعاملنا مع جهاز الأمن السعودي.

    لقد أوضحت كثيرا من الأشياء عند إثارة هذه المسألة أواخر عام 1996. وأذكر لك حاليا ما يلي:

    تلقينا في حق دعوة لزيارة السعودية وبحث إمكانيات إقامة تحالف جديد بين بعض قوى المعارضة، لإسداء خدمة للشعب السوداني في محنته الحالية كما عبروا. ناقشنا الدعوة في الجنة التنفيذية، بعد استفسارات واسئلة عديدة حول طبيعة هذا التحالف. وكانت الحيثيات التي استندنا إليها في قرارنا هي التالية:

    أولا: قال السعوديون أن المواثيق التي تتفقوت عليها أنتم كسودانيين لا دخل لنا بها ولا راي لنا فيها، بل هو أمر متروك لكم، تصوغونه كيفما تشاءون.

    ثاينا: كان النظام الحاكم في الخرطوم معاديا للسعودية عداء سافرا وذلك منذ لحظاته الأولى، وموقفه إلى جانب صدام في غزوه إلى الكويت. وترن في آذان المسؤولين السعوديين الهتافات في شوارع الخرطوم، ايامها،والتي تندد بآل سعود، وتقول لن يسود أل سعود، وتهددهم بمفردات أقسى من تلك التي وجههتها إلى دول الإستكبار العالمي وإلى أمريكا التي دنا عذابها. كما صرح الترابي بأن السعودية ليست دولة إسلامية وأنه آن الأوان لتغيير النظام هناك.

    ثالثا: اصبح السودان بؤرة لتجمع الحركات الإسلامية المعادية للنظام السعودي، وعلى رأس أولئك أسامة بن لادن، الذي أعلن حربه على الأسرة الحاكمة وشرع من الخرطوم في وضع خططه ضد الحكم السعودي.
    توصلنا من خلال هذه الحيثيات وعلى خلفية تعهد السعوديين بالا دخل لهم فيما نتقف عليه من مواثيق، وبحثا عن سبل فعالة للمعارضة بعد ان تبينا أن التجمع عاجز وغير فعال، وعلمنا ان منازلة سلطة مثل سلطة الجبهة الإسلامية يحتاج لامكانيات لا نملكها، قررنا تلبية الدعوة السعودية. وقدمنا نحن صيغة مشابهة في كل نقاطها الأساسية لوثيقتنا التأسيسية التي قبلت من قبل الآخرين دون تغيير تقريبا. وفي نقاش النقطة الخاصة بموقفنا من الدين، وبنفس الكلمات الواردة في وثيقتنا الأساسية، والتي تقول أن الدين يجب أن يبتعد عن السياسة ويبقى ملهما للفعالية السياسية ولاحما للنسيج الإجتماعي ، وبعيدا عن الإستفلال الرخيص من قبل ذوي الاغراض الدنيوية المموهة... ألخ، اقترح أحد الحضور أن نضيف عبارة، وهذا ما ندعوه الوسطية الإسلامية. وقد رفضنا هذا الإضافة جميعا، وانتهى الموضوع على هذا الأساس.

    ذهبنا السعودية وقابلنا المسؤولين هناك وشرعنا في تعاون لم يستمر لاسباب عديدة لا أستطيع الخوض فيها هنا. وأعتقد أن أولئك المسؤولين كانوا من وزارة السياحة السعودية، لأن الجهة التي تتعامل مع الحركات المعارضة من الدول الأخرى، هي عادة وزارة السياحة كما تعلمون.

    وزارة السياحة الأميركية هي التي تتعامل حاليامع التجمع الوطني الديقراطي، ومع الحركة الشعبية والحكومة السودانية. وهي نفسهاالتي جاء ممثلوها إلى الخرطوم وفتحت لهم الدولة السودانية كل الملفات الأمنية وزودتهم بالمعلومات التي طلبوها وبغيرها من المعلومات التي لم يطلبوها. ووزارة السياحة المصرية كما يعلم القاصي والداني،كانت هي التي تتعامل مع المعارضة السودانية وتنظم لهم الرحلات إلى الأهرام والأقصر والقناطر الخيرية. كما أن وزارة السياحة الأرترية التي أنشئت حديثا هي التي كانت تشرف على شؤون المعارضة السودانية في أسمرا وطوقان وتسني. ونفس الشيء يمكن أن يقال عن وزارة السياحة الأثيوبية والكينية واليوغندية والليبية. كما يمكن أن يقال عن وزارة السياحة السودانية في تعاملها الطويل مع الارتريين، لاجئين كانوا أو سياسيين.

    نحن أيضا، ومثلنا مثل الآخرين كلهم، تعاملنا مع وزارة السياحة السعودية. والمدهش أننا وجدنا أن المعارضة السودانية، ولأ أسثني أحدا، لا أستثني أحدا، سبقتنا إلى هناك. مما بزال البعض يواصل الزيارات.
    مالكم كيف تحكمون؟



    هذه هي الشجاعة والشفافية و"الضكارة" اذا استخدمنا تعبير ع ع ابراهيم التي لا يقدر عليها
                  

03-25-2016, 01:16 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    وكان الخاتم قبلها قد كتب :

    ابدأ بسؤالك الأول حول الوسطية الإسلامية والصلة بأجهزة الأمن السعودية. أبدأ بالمنطق وأنتقل إلى التقرير، وأنتهي بألإتهام، لأني، مثلك تماما، أميل في بعض الأحيان إلى لعب دور الإدعاء، لكثرة المتهمين في بحر السياسة السودانية الأجاج.
    المنطق: كيف أكون داعية للوسطية الإسلامية، وقد عرفت بأنني أكثر المعارضين للدولة الدينية، في كل أشكالها وتظاهراتها، استقامة وإنسجاما ومثابرة؟ يمكنك الرجوع إلى كتاباتي، وإلى محاضراتي، وإلى مساهماتي في المنابر العامة، الفضائية وغير الفضائية، فتجد أن مواقفي، منسجمة ومتصلة في معارضة الدولة الدينية. بل ونفخر نحن في حق أننا من القليلين الذين ندعو، باستقامة ومثابرة أيضا، ليس لفصل الدين عن الدولة، وحسب، بل ندعو إلى فصل الطائفة عن الحزب، باعتبار ذلك وجه من الوجوه الهامة لخلط الدين بالسياسة في السودان. وسندعو لذلك حتى يستبين الناس صحة موقفنا هذا، لأن أحد الأبواب الاساسية لفساد الحياة السياسية السودانية، واستعصاء إنسراب ضياء الديمقراطية إلى البنية الحزبية التقليدية، هو وجود هذا الجسم الأصم، ذي الولاءات العمياء سياسيا، أو قل العمشاء إذا أردت، في قلب الحزب السياسي،مما يمدد الولاء الطائفي إلى غير الطائفيين، ويصلحهم قبل أن يصلحوا الحزب!
    كيف أكون أنا وهذا كتابي، وكيف تكون حق وهذا بيانها، داعية للوسطية الإسلامية، باعتبارها شكلا من أشكال الدولة الدينية، كما أثارها المرجفون؟ هل تدعو إليها في السر؟ هل تحاربها في العلن، ثم تدعو إليها في الخفاء؟ هل تحاربها نهارا وتحتضنها ليلا وتعتذر لهاعن عقوق النهار؟
    أعتقد أن ذلك كله من قبيل اللامعقول، ومن قبيل الإشانة والديمونايزيشن لحركة صغيرة حسبها الآخرون عملاقا يهم بابتلاعهم.وذلك للوساوس التي تستبد بعقولهم وتصور لهم أن هناك عقرب تحت كل حجر، فيكثروا من أعدائهم الوهميين، مع أن أعداءهم الحقيقيين ليسوا فئة قليلة أو ضعيفة.
    ومع ذلك دعني اقول لك على سبيل الإستطراد، أنني شخصيا أدعو إلى الإصلاح الديني، وفق رؤية فلسفية ومنطقية، طرحتها في كثير من المنابر وأعمل على تطويرها وتوسيعها حاليا. والمبدأ الذي أطرحه لضرورة الإصلاح الديني هو التالي: المجتمع الإنساني متغير، ومتطور، وسائر إلى الأمام في كل مناحى الحياة الإنسانية: الفكرية، الإقتصادية، السياسية، الثقافية، الإجتماعية وغيرها. هذه الفعالية الإنسانية الممتدة المقتحمة للآفاق، لا يمكن إيقافها، ولو قاومتها بعض فئات المجتمع لبعض الوقت، بصورة عنيفة أو سلمية. وهذه الفئات عندما تقاوم فإنها تكون مدفوعة إما بمصالحهاالآنية أو بمحدودية افاقهاالمعرفية. ولكنها أجبرت في كل مرة على قبول الجديد، لا لتسير مع المتواصل التقدمي، ولكن لتقيم متراسا جديدا يقطع عليه الطريق ويحصره في مرحلة واحدة من مراحله. وقد كان ثمن إخضاع أو خضوع هذه الفئات، فادحا كما تعبر الحروب التي نشبت على أسس دينية ومحاكم التفتيش التي أقيمت والعقول التي أحرقت واضطهدت. ومن المهام الكبيرة المطروحة على الفكر والمفكرين تقليل هذا الثمن الفادح التي تدفعه الإنسانية عند مشارف كل منعطف معرفي جديد.
    تقليل هذا الثمن الفادح، وتيسير سبل الحداثة على مجتمعاتناالتي تتخذ من الدين معيارا لمواقفها من الأشياء والظواهر، مهمة شاقة ومحفوفة بالمخاطر ولكنها ضرورية ولازمة، فضلا عن كونها ممكنة.
    وهي ممكنة بالمنطق الديني نفسه وليس بمنطق مفروض عليه من الخارج أو معارض له وساع إلى إستئصاله. وهناك موقفان واضحان هنا:
    الموقف الأصولي الذي يجمد الدين في لحظة واحدة من لحظاته، وهي لحظة ماضية، ويعتقد أن التطور الإنساني، الذي يسميه البعد عن الدين، هو الخطأ، وأن واجب الدعاة هو رد المجتمع كله إلى تلك اللحظة التي يجب أن يتجمد عندها الزمن. ونحن نعلم أن هذا لا يمكن أن يحدث إلا بإبادة ثلثي البشرية أو أكثر من ذلك. وهذا هو الشر الكامن في المشروع الأصولي وهو سر عدائه للإنسانية، وعدم منطقيته إزاء الفعالية الإنسانية الخلاقة.
    الموقف الثاني هو موقف منسجم منطقيا مع ذاته ويمكن اختصاره فيما يلي: الدين أزلي، موغل في القدم، وسائر مع الزمن، ومستمر في المستقبل. ولكنه لا يحقق أزليته إلا من خلال الإنسان، ومن خلال المجتمع الإنساني. وإذا كان الإنسان والمجتمع الإنساني متطوران بالصورة ألتي أشرنا إليها، فيجب أن يكون الدين حاملا في ثناياه ما يناسب هذه المراحل المختلفة في مسيرة المجتمع البشري. لأن غير المتغير لا يوافق المتغير ولا يعبر عنه كما نعرف في المنطق. ولذلك يجب أن يكون هناك متصل ديني يوافق المتصل الإنساني. ومهمة المفكرين، ولا أحصر الأمر في رجال الدين او نسائه، أن يكتشفوا في هذه الثنايا ما يناسب عصرهم. وأن ينتبهوا إلى أن هناك لحظات في المتصل الديني كانت تناسب مراحل سابقة في المتصل الإنساني ولكنها لم تعد كذلك. ولكن تلك اللحظات لا ينبغي الخلط بينها وبين الدين ككل، كما يفعل الغلاة على الناحية الأخرى من التطرف الفكري، بل ينظر إليها في سياق أزلية الدين التي لا تتحقق إلا من خلال نسبية إنبساطه وتفتحه، ونسبية التعاطي الإنساني معه.
    هذا منطق صلب لا يمكن القفز فوقه. ومع انني لست جمهوريا إلا أنني أعتقد أن الأستاذ محمود محمد طه نفذ إلى جوهر هذه المسألة عندما تحدث عن آيات الأصول وآيات الفروع، وعن الإسماح والإكراه وعن الوصاية و الرشد. ولكن منطقي كما يسهل على القاريئ أن يتبين، مختلف عن منطق الأستاذ، وإن كان الإتفاق كبير وخصب.

    ومن أنا حتى أتحدث عن الإصلاح الديني؟
    سؤال يمكن أن يثيره " حقوقي نفسه" أو يثيره آخرون.
    واجيب عليه فأقول، ان الدين مكوّن اساسي من مكونات الوعي، في مجتمعنا، وعامل حاسم في تحديد مواقف الأكثرية من الناس، ومؤثر مباشر على حياة المجتمع، بكل افراده، وبصرف النظر عن موقفهم الديني أو موقفهم من الدين. وما دام الأمر كذلك، فإن من حق الجميع، متدينين أو غير متدينين، أن يدلوا بدلائهم الفكرية في نصوص وممارسة تحكم حياتهم شاءوا ذلك أم ابوا، وتؤثر عليهم سلبا إذا سادت التفاسير الأصولية للدين، كما حدث في بلادنا على يد السلطة الحالية ومفكريها، كما يؤثر إيجابا إذا سادت التفاسير العقلانية التي ندعو إليها، لأنها تمهد سبل التقدم وتشيع الإنسجام في العلاقات الإجتماعية.
    وأنا على كل حال ملم بما أتحدث عنه و مطلع عليه ومنصرف لدارسته باستمرار. وقد عرفت مؤخرا أنني أكثر علما بالدين من الشيخ الدكتور حسن الترابي، لأنني كنت أعرف منذ صباي المبكر أن القرآن يعطي الإنسان الخيار في أن يؤمن أو يكفر، مع أن الترابي، صاحب القراءات السبع، لم يكتشف هذه المسألة إلا بعد سجنه الأخير وتبحره في دراسة القرآن من جديد، أو كما قال!!
    هذا موضوع ضخم أرجو أن نطرحه بصورته المتكاملة في المستقبل، بوسائط تتسع له.
    عذرا للإستطراد. ودعني أنتقل إلى الشق الآخر من سؤالك حول تعاملنا مع جهاز الأمن السعودي.


    الافادة الكاملة هنا :
    Re: السبت 20 ديسمبر نقاش مفتوح مع الاستاذ الخاتم عدلان في المنبر الحرRe: السبت 20 ديسمبر نقاش مفتوح مع الاستاذ الخاتم عدلان في المنبر الحر
                  

03-25-2016, 01:20 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    الافادة السابقة للخاتم عدلان ؛ والتي كتبها بخط يده ؛ وليست منقولة من خطاب شفهي يمكن ان يختلط عند السامع والناقل لها بعد 14 عاما ؛ توضح التالي:

    1/ لم يكن هناك اي مؤتمر لأي وسطية اسلامية ؛ وما قدمته حركة حق لذلك التجمع البديل كان يحمل طرحها العلماني ؛ وعندما طرح احدهم ان تكتب عبارة الوسطية الاسلامية ؛ رفضها الجميع .

    2/ ليس هناك اي حديث عن اموال استلمها الخاتم او حركة حق من السعوديين ؛ بل ان الخاتم يقول ان المبادرة قد اجهضت في مهدها ؛ ولو اخذ الخاتم اموالا لصالح حركة حق لقالها؛ فقد كان الرجل فارس الموقف والكلمة .

    3/ لقاءات الخاتم وحركة حق بالمسؤولين السعوديين وقتنها؛ والارتريين من بعد؛ والمصريين؛ الخ ؛ تدخل في اطار العمل الدبلوماسي الذي تقوم به الحركات السياسية كافة ؛ وليس فيه اي شي من الاتهامات التي اطلقها المشنعين ..
                  

03-25-2016, 01:02 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Kabar)

    كبر سلامات

    Quote: فهذا قيادي شيوعي يصف المرحوم الخاتم عدلان والأستاذ الحاج وراق (امد الله في عمره واطاله) يصفهما بالإنتهازية والتواطؤ مع العدو السياسي ، والتوصية بفصل العضوية الشوعية الملتزمة التي قامت بواجبها الوطني في التنبيه بانقلاب الجبهة الإسلامية بوقت كاف ..فهل هذه تهمة تساوي شيئا في عظمتها بعبارة عبد الله علي ابراهيم التي يصف فيها افكار الخاتم بـ (اللغو) ويزعم انه لا يفقه في الإشتراكية وانه يكتب افكار بلا مراجع (حسب التقاليد الأكاديمية) معترف بها؟..

    ماذا كان يضير صديقنا عادل ، لو انتصر للمرحوم الخاتم بان اكد لنا ان الخاتم يكتب الأفكار ويستعين بالمراجع المعترف بها ، وهذا هو سلوكه الحق في كتابة الأفكار؟..

    ماذا كان يضير صديقنا عادل ، أن يقول لنا ان عبد الله كذب في حكاية ان هناك اقطار قامت فيها الإشتراكية دون وجود الطبقة العمالية ؟..

    بل ماذا كان يضيره ان يضع عبد الله علي ابراهيم في زاوية ضيقة ويسأله ان يسمى تلك الأقطار والمجتمعات التي قامت فيها الإشتراكية دون وجود طبقة عمالية؟

    ويا ترى لماذا لم يثير استاذنا وصديقنا عادل عبد العاطي الغبار والثورة على عبارة القيادي الشيوعي محمد على خوجلي هلاوي في حق المرحوم الخاتم؟..ولماذا لم يتهم نفس القيادي بانه يمارس (الخياسة) ويستأسد على الموتى الذين لا يستطيعون المنافحة عن افكارهم والدفاع عنها؟..
    سوف ارد على كل مزاعم ع ع ابراهيم فقط بعد مماته؛ أما الان فالرد على خياسته هو بمثل هذه البوستات

    اما السيد محمد علي خوجلي فقد كان يقول باتهاماته هذه في زمن حياة الخاتم؛ وفي حياة وراق الآن ؛ وهو لهذا لا يعتبر خايسا؛ ومن واجب الاستاذ وراق ان يرد عليه؛ ولا علم لي بتلك الواقعة من عدمها ( الفصل) واذا صحت فإن الرجل متضرر من الرجلين وحق له سوء القول في القول ( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم ) - فما هو تضرر ع ع ابراهيم من الخاتم ولماذا لا يعلنه وانما يزوق مواقفه الشخصية المريضة في قالب فكري زائف؟
                  

03-25-2016, 12:52 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Kabar)

    الاخ العزيز واستاذي الكبير محمد النور كبر تحياتي

    ع ع ابراهيم انسان رخيص يمارس فعلا الخســـاسة والخياسة كما تفضلت بالتلخيص ؛ وأنا لم استخدم تعبير الخســاسة ولكني اجده مناسبا تماما لذا ساستعمله في حق الرجل.

    هذا الرجل مصفي حسابات من الدرجة الاولى ؛ وهو لا ينفك يصفي حسابه مع الراحل المقيم الخاتم عدلان بعد ان عجز عن مواجهته حيا ؛ ولم يفتح الله عليه بكلمة طوال حياة الخاتم ليعود ويتصدى له بعد موته؛ زاعما مرة انه ليس مفكرا ومرة انه جاهل بما يكتب ومرات انه يطلق ادعاءات؛ وما هناك من جاهل ومدعي غيره.

    ان سلوك ع ع ابراهيم مع الخاتم ؛ ومع بروفيسور محمد عمر بشير ؛ بل وحتى مع عبد الخالق محجوب ؛ في ظل تمجيده لامثال الترابي والصادق ومحمد ابراهيم نقد انما يعبر عن صغر نفسه وتطاوله على المفكرين وانكساره امام اهل الشوكة ؛ وهي لعمري قمة الخياسة ؛ ولا علاقة لها بالضكارة التي يدعيها .

    ع ع ابراهيم عندي ليس بشيء في عالم الفكر ولا عالم المواقف ؛ لذلك اصلا لن اناقشه في افكاره العقيمة ؛ ولكني ساتصدى له باسلوبه المعوج ؛ وسارد له الصاع صاعين كلما وجدت له اساءة للخاتم او لأي مفكر شريف؛ وقد اقسمت انه ان توفي قبلي ؛ فسوف اشرشحه بعد مماته بمقالات لا عد لها ؛ اقول فيها عنه ما لم يقله مالك في الخمر . ذلك ان الجزاء يكون من نفس العمل ؛ واختلافي عن الرجل انه يسكت عن الناس احياء ويطاردهم اموات؛ أما انا فاتناوله الان وساتناوله بعد موته؛ وليكن عارفا اليوم ان هذا ليس من قبيل الوعد الكاذب.

    وفي النهاية انا لا يهمني الكاتب بقدر ما يهمني ما يكتب: كل ما كتب اعلاه شهادة دامغة عن تدليس الرجل ؛ سواء اتى به البطل او غيره ؛ وان اتي من شيوعي او جمهوري؛ وهذه شهادات تاريخية ساعمل على توثيقها وترديدها حتى لا يفتح انسان انترنت ويبحث عن ع ع ابراهيم الا ويجدها. والخاتم ليس محل تبجيلي في شخصه وانما في مواقفه؛ التي لا يطمح اليها عبد الله . ومن المحال ان اجد من هو في التراب يحاول ان يسيء لمن هو في السحاب؛ واكون صامتا .

    لك الود
                  

03-25-2016, 10:56 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: سيف النصر محي الدين)

    شكرا يا اصدقاء على هذا الرفد الذي يوضح اتفاق الراي العام المثقف على انتهازية الرجل وصغر نفسه ..

    تعدى ع ع ابراهيم على البروفيسور الراحل المقيم محمد عمر بشير وتسفيهه لموقفه الواضح المضاد للانقاذ والرافض لها حتى وفاته انما يعبر عن ازمة ضمير ع ع ابراهيم؛ اذ يرى نفسه قزما صغيرا امام رجال في قامة البروفيسور والخاتم عدلان وعبد الخالق محجوب؛ عاشوا حياتهم باستقامة وماتوا وهم قابضون على جمر ما يؤمنوا اتفقنا معهم ام اختلفنا .

                  

03-25-2016, 04:55 PM

عوض محمد احمد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 5566

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    في رايي المتواضع مساجلات ع ع ا مع منصور خالد رغم اختلافنا معه في الكثير والكثير
    مردها لظن الاول احقيته في الحقيبة التي اضطلع بها الاخير واقصد بها وزارة الشباب والثقافة
    كما ورد في كتاب عنف البادية للدكتور حسن الجزولي في فصل علايل ابروف
    والذي اورد العثور علي،ورقة بحوزة عبدالخالق محجوب بها اسماء تشكيلة وزاراء
    منهم ع ع ابراهيم لشغل منصب وكيل لوزارة الثقافة .

    sسلام عادل و شركاء الحوار هنا

    اود التعقيب لازالة اللبس في المداخلة اعلاه
    اول خلاف معلوم بين ع ع ابراهيم و منصور خالد حين اقصاه الاخير من لجنة تحضيرية لمؤتمر
    كان يضم منظمات سياسية اجنبية (احزاب عروبية و اخرى) يبدو ان الهدف منه كان التحضير
    لقيام تنظيم سياسي لانقلاب مايو و كان هذا في اوائل 1970م
    اما الورقة التي وجدت مع الشهيد عبد الخالق فقد كانت بعد نهاية انقلاب هاشم العطا و كانت تضم التشكيل الوزاري المفترض
    للنظام الجديد. و كان مرشح وزارة الاعلام و الثقافة الراحلة سعاد ابراهيم احمد
                  

03-27-2016, 09:36 AM

AMNA MUKHTAR
<aAMNA MUKHTAR
تاريخ التسجيل: 07-31-2005
مجموع المشاركات: 13702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: عوض محمد احمد)

    الراجل دا عجيب يا عادل .
    كلما يكتب أو يقول حاجة يجعلك تتحسر ..وتعرف نوع العقلية الملتبسة الأوصلتنا وأوصلت البلد لما نحن فيه الآن .
    وهو مثال حي ( للنخب ) السودانية لحقبة ما بعد الإستعمار .
    هو مثال حي يحتاج إلى دراسة نفسية وإجتماعية ..
    ربما تجعلنا نضع اليد على الخطوط العامة لظواهر الإنتقال الثقافي والأيدولوجي العنيف أو غير المتدرج ، من بيئة إلى أخرى . وإعتناق البعض لأفكار معينة ..بصورة سطحية وفجائية تشبه حرق المراحل .
    أو كما يطلق عليه البعض ( بالصدمة الحضارية ) ..

    وكان نفسي ينزل من برجه العاجي الوهمي ..ويدينا فرصة نتناقش معاه هنا ..بدل يتاوق عبر نافذة فيسبوك ..فقط للرد على المتفقين معه ..

    ( وليت حضرته يتكرم ويكتب لنا مقالا ضافيا ..يعرف لنا فيه معنى الضكرنة ومفهومها ومغازيها ..وآثارها وعلاقتها بالسياسة السودانية ..والعمل العام عموما )

    فيمكن عندها نفهم مفهوم ( الضكرنة ) الملتبس دا ..و نقدر نفهم شوية ..دوافع كثير من التصرفات المحيرة للنخب السياسية والثقافية السودانية ..
    البتخلي راسنا يلف لما ندوخ حيرة.. !
                  

03-27-2016, 10:00 AM

تبارك شيخ الدين جبريل
<aتبارك شيخ الدين جبريل
تاريخ التسجيل: 12-04-2006
مجموع المشاركات: 13936

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: AMNA MUKHTAR)

    ما قابلني رد على الرأي بالهجوم الشخصي اكتر من كدا ...

    لنفترض جدلاً أن البروف على المستوى الشخصي اسوأ من كل ما ذُكِر هنا ... أيطعن ذلك في رأيه بقلة معرفة الخاتم عدلان بالاشتراكية مثلاً؟

    مالكم كيف تحكمون؟








    ... المهم ....
                  

03-27-2016, 10:16 AM

بهاء بكري
<aبهاء بكري
تاريخ التسجيل: 08-26-2003
مجموع المشاركات: 3519

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: AMNA MUKHTAR)

    Quote: وليت حضرته يتكرم ويكتب لنا مقالا ضافيا ..يعرف لنا فيه معنى الضكرنة ومفهومها ومغازيها ..وآثارها وعلاقتها بالسياسة السودانية ..والعمل العام عموما )


    العزيزة امنة .............. سلام
    لن يتكرم دكتور عبدالله بكتابة مقال يشرح فيه تصوراتة بصورة عامة لانه بلا تصورات , فهو يريد ان يجعل من نكوصة حالة عامة لذلك يستنطق الموتي لدعم موقفة المفزور .
    امثال عبدالله كثر في مشهدنا السياسي ويبدو ان الرجل اصبح ملهما لكثير من الذين يبحثون عن الاسباب الواهية لتاييد النظام . فهو يتحصن بكرباج لغوي يجلد به مخالفية ويسوقهم
    سوقا لتاييد النظام والغريبة هنالك من يسمع له .
                  

03-27-2016, 11:37 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37021

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: بهاء بكري)

    sudansudansudan155.jpg Hosting at Sudaneseonline.com




    نقد الافراد في الحزب الشيوعي السوداني لن يجدي ما لم ننقد النشاة المشوهة للحزب الشيوعي السوداني عبر مراحله الثلاث من حيث التسمية كاستلاب مصري رخيص حستو وزمن القدال واراءه البشعة في السيد عبدالرحمن المهدي والموثقة تارخيا ..الحزب الشيوعي السوداني ولد مريض يعاني من متلازمة العروبيين المصرية وليس حزب ماركسي طبيعي لذلك فشل طول مساراه الحرلزوني الى القاع من حستو لي الجبهة المعادية للاستعمار(يا تو استعمار ؟؟) ثم الحزب الشيوعي وتحالفهم مع القوميين العرب في انقلاب مايو 1969 -البرجوازية الصغيرة وما ترتب عليها من نتائج هذه التنظيمات الوافدة من بلاد العربان -مصر - ملة واحدة القوميين والعرب والشيوعيين والاخوان المسلمين وكانت ولازالت البديل الاسوا للاحزاب الوطنية السودانية وهم فقط ادوات رخيصة للخارج والمخابرات المصرية واسالو المسن في كاردف قضايكم بمقعده المسروق بابكر عوض الله عن سر انبطاحه المشين العروبي لمصر وتغيره للعالم وازمته الغامضة مع الازهري وموته بتلك الطريقة المشينة جريمة قتل من الدرجة الثانية هذا الجدل السطحي والشخصي بتاع فلان وفلان انتو يا شيوعيين السجم والرماد ماليين البورد ما بتجابو السؤال ده ليه ايهما كان الافضل نسمع كلام السيد عبدالرحمن المهدي ونمشي عديل في درب الانجليز ونجدع مصر الغبية- والمفضوحة الان ..وافسلت كل بضاعاتها ام نسمع كلام القدال ودجله الماركسي العاطل ونتابع ناس جابتهم انقلابات دبرتها المخابرات المصرية من زمن الراقص مع الجنوبيين الصاغ صلاح سالم الحزب الشيوعي والقوميين من العرب والاخوان المسلمين تنظيمات منبتة شوهت السودان ووصلتنا الفيه نحن الان واخر ايام الترابي قاعد مع ابو عسي في قوى الاجماع الوطني المازومة والمتسكع ياسر عرمان حول الحركة الشعبيةشمال الى (كمونية) اسمها الجبهة الثورية لم فيها ايتام الترابي من العدل والمساواة وعواجيز المركز مستشاريهم من الحزب الشيوعي على حساب ابناء جبال النوبة صدقني ياعادل حزبك القديم غير الشعراء الجيدين نقد وكتبه القيمة لم يفعل شيء للسودان بس ما دايرين يتواضعو ابدا والحزب الاسسو السيد عبدالرحمن - حزب الامة الليبرالي لاشتراكي حقق 96 مقعد في اخر انتخابات 1986 والحزب بتاع المتفسلف القدال حقق مقعدين في الخرطوم المرحومين عزالدين علي عامر ونقد يعني العيب في الشعب ولى في الحزب الشيوعي القاعد في السودان من الاربعينات لمن الرجرجة الاتلمت دي يبقو رجااال ويفتحو ملف الحزب الشيوعي من تاسيسه عبر حستو في مصر لي الجبهة المعادية للاستعمار لي الحزب الشيوعي السوداني للنقد والتقييم بكونو فعلا اتعلمو الديموقراطية وعيا وسلوكا وانا ورررراهم لحدي مااجيب تار السيد عبدالرحمن والسيد علي الميرغني منهم ... ونحن راجعين في المغيرب و وما تزعل دي نيران صديقة
                  

03-27-2016, 10:43 PM

الجيلى أحمد
<aالجيلى أحمد
تاريخ التسجيل: 03-27-2006
مجموع المشاركات: 3236

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: adil amin)

    تحياتى عزيزى عادل,

    هذا الملف مهم ولكنك دخلت إليه من ثقب الابرة.

    طريقة الهجوم اللفظى المنفلت على الذى تود تناوله بالنقد أضعفت حججك القوية..

    على كل حال هذا ملف توثيقى جيد لتلك السجالات,
    ولكنه لاينفع كدفع نقدى يعتد به فى خضمها
                  

03-28-2016, 12:57 PM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 37021

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: الجيلى أحمد)

    الاخ الجيلي احمد
    تحية طيبة
    انا لا اسبهم انا اصفهم ... وهم اسوا من ذلك بي كثير وليس عبدالله علي ابراهيم هم الخرا في جامع .كلاب الحر الشيوعيين وكلاب الجزارة الاخوان المسلمين هم من ضيع السودان
    i am not damn them i am only describing them

    الحقيقية لله السودان ضاع بين كلاب الحر"الشيوعيين" وكلاب الجزارة "الاخوان المسلمين
    والشخص المؤدلج عمره ما يعترف بالسوء الفيه عشان كده
    عايز بيان كبير عريض من الحزب الشيوعي يعتذر للسيد عبدالرحمن المهدي
    بديهم شهر بس يطلعو بيان يعتذرو ليه وانا الوحيد المحتفل بيه في البورد

    Quote: الاخوان المسلمين افسدو حزب الامة من 1964 وجروهو الى الحضيض الذى هم فيه عبر العصور
    والشيوعيين شووهو الحركة الشعبية ايضا وصنعو كمونية الجبهة الثورية
    والشيوعيين والكيزان وجهين لعملة واحدة لا قيمة لها
    في1969-1971 ش غيرو العلم والشعار ومسخو التعليم وقتل في ظلهم الازهري والسيد الهادي المهدي وبعد المصالحة المشينة1978 تمكن الاخوان المسلمين عبر تدمير الاقتصاد بي البنوك الاسلامية والقضاء بي قوانين سبتمبر 1983 واعدام محمود محمد طه
    ويستمر سجل العار الى الان 2016
    لا الاخوان المسلمين بشبهو حزب الامة
    ولا الشيوعيين بشبهو الحركة الشعبية
    والترابي وابو عيسي...تجاوزهم العصر
    بضاعة جات من مصر واعتنقها منتبتين السودان فقط ودمرت وشوهت السودان

    في بوست مفتوح خصيصا لهم بي غادي يجو فيه
                  

03-29-2016, 08:00 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: AMNA MUKHTAR)

    العزيزة آمنة تحياتي

    Quote: الراجل دا عجيب يا عادل .
    كلما يكتب أو يقول حاجة يجعلك تتحسر ..وتعرف نوع العقلية الملتبسة الأوصلتنا وأوصلت البلد لما نحن فيه الآن .
    وهو مثال حي ( للنخب ) السودانية لحقبة ما بعد الإستعمار .
    هو مثال حي يحتاج إلى دراسة نفسية وإجتماعية ..
    ربما تجعلنا نضع اليد على الخطوط العامة لظواهر الإنتقال الثقافي والأيدولوجي العنيف أو غير المتدرج ، من بيئة إلى أخرى . وإعتناق البعض لأفكار معينة ..بصورة سطحية وفجائية تشبه حرق المراحل .
    أو كما يطلق عليه البعض ( بالصدمة الحضارية ) ..

    وكان نفسي ينزل من برجه العاجي الوهمي ..ويدينا فرصة نتناقش معاه هنا ..بدل يتاوق عبر نافذة فيسبوك ..فقط للرد على المتفقين معه ..

    ( وليت حضرته يتكرم ويكتب لنا مقالا ضافيا ..يعرف لنا فيه معنى الضكرنة ومفهومها ومغازيها ..وآثارها وعلاقتها بالسياسة السودانية ..والعمل العام عموما )

    فيمكن عندها نفهم مفهوم ( الضكرنة ) الملتبس دا ..و نقدر نفهم شوية ..دوافع كثير من التصرفات المحيرة للنخب السياسية والثقافية السودانية ..
    البتخلي راسنا يلف لما ندوخ حيرة.. !
    ما حيرد رغم انو عندو حساب هنا ؛ لانو شايف نفسو فوق الناس على الفاضي
    بعدين اصلا لا مواقف هذه انتهازية وتقلبات وخور وضعف يحاول هو التغطية عليها بأن يلبسها ملابس "فكرية"

    حقيقة تقلبات "المتعلمين" ولا اقول المثقفين السودانيين محيرة
                  

03-29-2016, 07:52 AM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    معذرة لعدم ترتيب الإجابات على الاستاذ كبر - انا كتبتها مرتبة ولكن نظام البورد يوزعها كيف يشاء

    كتب الخاتم العظيم :


    الأخ حقوقي:
    أشكرك على ملاحظاتك وأسئلتك.جلست صباح أمس للإجابة على أسئلتك فوجدت المنبر الحر مغلقا للأرشفة، ولم أنتبه أنني يمكن أن أدخل إلى الإرشيف وأكتب من هناك، فضاع علينا يوم نتيجة لجهلي، فمعذرة لكم جميعا.
    وأحب في البدايةأن أشير إلى بعض الأفكار التي دارت في رأسي عندما قرأت سؤالك الأول. سألت نفسي أولا: من هو حقوقي الذي يوجه لي هذا السؤال؟ وما هو مقصده؟ وهل هو من اؤلئك الذين شنوا علينا هجوماكاسحا قبل عدة سنوات؟ وأتهمونا بأننا وهابيون جدد جاءوا لاقتلاع ما تبقى من الشيوعية في السودان؟ ثارت هذه التساؤلات في رأسيي لأن الإجابة، كما تعلم، تتأثر، قليلا أو كثيرا، بالسياق. ومن أهم عوامل السياق هوية ومقاصد ذلك الذي يطرح الأسئلة ويثير الإتهامات.
    وطرأ لي إعتبار آخر، وهو أن المسألة عندما تتعلق بالإتهامات والمحاكمات، وأفترض أنك اخترت الإسم المستعار لأنك من أهل القانون، وربما ترتاح أكثر للإضطلاع بأدوار الإدعاء أكثر من الدفاع، فينبغي أن تكون الحيثيات كلها واضحة:المتهم، التهمة، الإدعاء والقاضي وربما المحلفين. ولذلك أشعر ببعض الضيق وأنا ارد على شخص يكمن وراء أكمة الأسماء المستعارة. وهو شيئ شبيه بما كان يشعر به جوزيف كي، في رواية المحاكمة لفرانتس كافكا. ولكني عزيت نفسي بأنني افضل من جوزيف كي، لأن التهمة،على الاقل، واضحة. وافترضت شيئا كثيرا من حسن النوايا، وهذه عادتي وطبيعتي، التي تصل في كثير من الأحيان إلى درجة السذاجة، كما يقول لي أصدقائي. وقد أتاني من حسن نيتي كثير من العناء. وتلك قصة أخرى على كل حال.


    كتب الخاتم هذا الكلام وأنه شعر ببعض الضيق لأن من يتهمه يتهمه من وراء اسم مستعار. وكان الخاتم حيا يرزق وكان بإمكانه الرد وقد رد. فكيف يا استاذ كبر تريد منا الا نشعر بالضيق من شخص صغير النفس؛ يسكت عن مواجهة خصمه الفكري - لو كان ل ع ع ابراهيم ان يكون خصما للخاتم - وهو حي ؛ وينتهشه وهو ميت ؟ وهل تقبل انت هذا ؟ وهل هذا من "الضكارة" التي يدعي ع ع ابراهيم انه تعلمها من عبد الخالق محجوب ؟

                  

04-01-2016, 02:17 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)




    الأخ/ عادل عبدالعاطي،
    سلام وَ "شوية" اغتمام وَ شيءٌ من عَتَبٍ غير ثقيل، بل "حَبَّة" لَمَمٍ لا يصل مرحلة الاضّغان.

    ويا عزيزي لمَ كل هذا الـــ "لُّملام" ..!
    أوَ يُقطَعُ النهرُ عندك مَرّتان ..؟ فـ ــَ بأيِّ ألاء الزّمان نحنُ في معمعان من "النّقضمان" أو إن سِلِمنا، نَعِش في ضاحية الجّهجهان، أو نقعي في آحاد أركان النِّسيان؛ ثم لمَ تِكرار الإغارة..؟ ليس تكرارٌ واحد إنّما تِكراران، وربما أكتر؛ تقول ملء فــيك: (تهجمات المدعو عبد الله علي ابراهيم على الراحل المقيم الأُستاذ الخاتم عدلان بعد وفاته لا تدل على "الضكارة" كما يزعم عن نفسه وإنما على "الخياسة" . لقد انتقد الخاتم عدلان في حياته عبد الله علي إبراهيم بمقالات مرة فجعل ع ع إبراهيم في فمه ماءاً وانتظر حتى مات الخاتم عدلان ليرد عليه) .. وهذا في رأيي، كلام .. باطنه الزّحمة والتكرار، وظاهره خلوٌّ من إحسان ..! هل تذكر شِعارَك الذي تَلبَّبتَه حيناً من الدهر وأنت "عالكَفَر" حاقب باطن قَدَمَك..؟! أيّاميها كانت القوافي تنسرِب من مِقْوَدٍ لك بَهيٍّ، فَتسيرُ من مِقْوَلٍ لك، فـَـ ــصَعَدْنَ الجبالا وَ خُضْنَ البحارا، ثم ما هيَ إلا سُنَيْنات من عُمر الزمان ولعلّها شُهَيرات، فإذا بكَ وَ هذا العبدُالله، حِنَيْن مِنَيْن وآخر شُكُر..؟ فكيف التأمتْ الشِّعاب والكسرُ المثلّج كان ثقافة الأمس القريب؟


    قبل أن يحوق نقضك المغبون، وقد فاق السَّويّة في مَثالات أخيك عبدالله علي إبراهيم، وتبقّى منه كتير؛ فإذا بك تركمُه بالزيادة التي تربو "وقد تقعُد ليْ جَنا الجَّنا " بالنصف الأفرَغ من صهاريج النقض الصُّراح مُباح..! تكتُب : ( هذه الحركة غير الضكرانة تعوَّد عليها ع ع إبراهيم وكانت ضمن ما انتقده الخاتم عليه؛ أي شتم عبد الله للموتى وإلصاق الاشاعات بهم والتدليس عليهم وعنهم. الخاتم عدلان مفكر فذ رغم أنف الماركسي التائه والستاليني العجوز ع ع إبراهيم المتمرغ في أحضان "الامبريالية" والإسلاميين ويدعي الشيوعية) .. ياخ ما يَدَّعيها ..! انتا حارقك وين؟ هيْ الشيوعية دي حَقَّة منو دا ..؟ مُنو دي ..؟ أنا دِيْ ..! بَري بَري بَري!

    فانظر إليكَ تُحدِّث بـ أن أخيك عبدالله "مِــــ تعَــوِّدا دايمن.." على الحَركات غير الضكرانة ..! أفلا تكون، عزيزي عادل، قد أهَلتَ على كُل "بواتر" عبدالله – ولو في الزمن الفلاني - ما جلبته من جبال صعدتها قوافيك الشُّرَّد السّائرات لم يختَصِمْنَ (debit) من إمّة أمجاد العبدالله، ولو حَبّةٍ من خردل مَعفُوّاً تجاوُزها؟

    الضكارة ما في زول بياباها يا عزيزي، فهي، حتى في شكلها البروباغاندي ساي، قيمة عُليا في أذهان مجتمعية ما تزال تستعمر الأرض والناس والبهائم! وبما يتناقض مع "الضّكارة" في عظمها الأساس(بل قُل الأصل!) ثم يقولون نحن الضّكرانين الكَتّالين أولاد اللذين! فأنتم ماذا تقولون أيها المُعارضين..!

    واضح جدّاً، أنّك استسهلتَ، وكثيراً، في جعلك مسألة الضكارة ، مِداد "طاقوي" تَنفِثُ به شجونك العِجاب حول موضوعة فكرية، سياسية، تاريخية ثقافية، حوارية، جدلية تأنف – بطبعها – أن يخوضها الناس بهذه الغِلْظَة التي مجالاتها أُخَر وميدانها غير موطّأةٍ أكنافه بــ هَدهَدة الخواطر ولا تركيز النظر في المنظور خلف الدّكُنّات، بل ولا هيَ في حاجة لتعميق التأمُّلية وَ "عَمَلان" الحساب لما قد يأتي من زَبَدٍ يذهبُ جُفاء، ولا يُعقِب إلّا الندامة؛ فالضكارات ميدانها غِرْ يحسُنُ فيه تلبُّب "لُعاب المنيّة"، سيف وعكاز وسِكِّين و دِروع الأحاجي ربما.

    يا أخانا العزيز/ عادل، أعرف أنّك more smarter من أن تُحيل الرِّبقة إلى مقالات أخينا المرحوم الخاتم عدلان، وأنه رحمه الله تعالى، قد جاء بوصف الفروسية في تعييره لأخينا عبدالله، فسَكَت عبدالله..! ولئن لم يسكُت عبدالله حينها، فربما أنها التَّكتَكة من ذات العين النّضَّاحة، معلوم حدودها لدى المتحاوِرَيْن! وإن كان قد سكَتَ أياميها، فلربما نظرَ مبدأً إلى كلام عُلماء الأصول – يعرفهم – إن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان، بيان.

    إنك، ولا شك، تنطلق من ذات العيون النضّاحة بالمعرفة والبحث؛ ولذا تجدني مُتسائلاً: هل سألتَه، أعني هل استفسرتَ عبدالله، نَبّهتَه أو أنّك دَمَسته لشيءٍ في نفس يعقوبيانك..؟ بالأكيد أنّك استأت لحوارِه، وبالطبع معك كل الحق أن تستاء ما شاء لك، من أي حوار، كما لك أن تضطّغِن من أي حديث قابل للأخذ والرّد لكن، أنتَ عادِل " مواجَهة ذاتا بي ذاتا" وأحيانا مِتْلَقِّي حِجج، أترى أنّ لك أدنى حق في أن تتَقَمَّص "روح راحل عذبِ الفؤاد فأله الخير" ثم لا تلتفتْ حتى تقوم تشغِّل سَنين لسانه بما تتوَهّمه من فروسية وضكارة وحَقارة وشمارات. وإن لم يكُ لك، اتصال e-mail ـــــلي بأخيك عبدالله، فلن أتأخَّر بأن أبعثه لك طازجا، مع إني قد عُدْتُّ مؤخّراً لـ عَتَبي عليه أجلسُ القرفصاء داخل ميزاب بُرجِ إيفِلِه دااك!

    وقبل أن أستودعك، أهيبُ بك الوقوف مع زُهير! ( والبطل قال: ولا يهمّكم! اشعروا بالقريض حديثاً والقديم، هااانعتبرو ليكم بحوث فكرية ألمعية وكدا، وما تسمعوا كلام شيخو!):
    وَ مَنْ لم يُصانِع في أمورٍ كثيرةٍ ... يُــضَرَّس بأنيابٍ ويُوطأ بِــ مِنسَمِ

    أو إذا ما بتحب زُهير (زي هناي!) فبالله أقيف مع السموأل بن عاديا، حافِظ دروع امرئ القيس الضِّليل، يفقد خارج حِصنه فَلَذة كبده، ابنه! حتى لا يخفر ذمّة الشاعر:
    وَ إنْ هوَ لم يحمل على النفسِ ضَيْمها ... فــَ ليسَ إلى حُسن الثّناء سبيلُ
    تُعَيِّرنا .. أنّا قليلٌ وَ جارُنا عــزيزٌ .. وجارُ الأكثرين (ديل التّانين) ذَليل
    وإنّنا لا نرى الموتَ سُبَّة علينا .... إذا ما رأته عامرٌ (الكيزان) وسلول .. (ديل أظرطهم!)
    إذا المرء لم يدنُس من اللؤم عِرْضُه ,,, فأيِّ رِداءٍ يرتديه جميلُ

    وهذا الأخ يرتدي رِداء الهَمّ العام والدراسات السودانية والأمل ليوم باكر ال فاتح على فراديس الدُّنياوات العبيقة الكُثرِ، ولكم، اشتطاطَ مواطَنية سودانية حين جعل من ( وَ لْتَدُم أنتَ أيها الوطنُ) شعاراً صقيلاً يُعبِّر عمّا بنفسِه من حُبِّ للسودان، لا سيما ال "عاملين فيها تَرَب فَهرٍ أو كُونتاكِنتي".


    وُ .. هااات يا زميل.






    .........
                  

04-02-2016, 08:35 PM

sadig mirghani

تاريخ التسجيل: 03-03-2014
مجموع المشاركات: 2555

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ع ع أ مابين الضكارة والخياسة (Re: Abdel Aati)

    الشيوعي الشايل الوسخ

    الشيوعي الشايل الوسخ







    04-02-2016 02:19 AM | تعليقات : 26 | زيارات : 6152 |

    شوقي بدري

    في ايام الطفولة كان عندنا موسمان للعب البلي اكبرهما في الإجازة المدرسية الشتوية في امدرمان. والبلي كان نوعين مثلث او درداقي . والدرداقي يكون فيه اللاعب جالسا ويدفع البلية باصبعه الاوسط وتعلوه السبابة فقط لإطلاق البلية وهي الكرات الزجاجية الملونة . ولكن قبل اللعب يجب ازاحة كل التراب حتي يسهل تدحرج البلي .

    عند الرجوع الي البيت نكون مغطيين بالتراب وبسبب البرد وتفادي الماء البارد نتردد من الاستحمام . وكانت والدتي رحمة الله عليها تقول لي ,, انت يا ولدي شايل الوسخ في منو ,,؟ شيل الوسخ كان يقوم به اهل المتوفي وجيرانهم واقرباءهم وما عرف بأهل الوجعة . ولا يستحمون اويغيرن ملابسهن في ايام المأتم . وينامون علي الارض . والبعض قد يمتنع عن الاكل تماما في اليوم الاول .

    في المسالمة سكن اثنان من اهلنا المسيحيين جيرانا لخالتي نفيسة متعها الله بالصحة . وعملا بنسج الفراد لانهما كانا من نقادة في صعيد مصر واهلها اشتهروا بنسج القماش . بعد فترة تزوج احدهما بشقيقة الآخر ...الخالة سالمة التي كانت تصنع خبزا رائعاوتبيع بعضه لاهل الحي . وكانت تريد ان تتداخل مع جيرانها . وطلبت من خالتي ان تشرح لها المطلوب في العزاء وبعض العادات السودانية. وكانت خالتي تحذرها من الحضوربغيرملابسها التي ذهبت بها في اليوم الاول وان تتجنب العطور . وكانت سالمة تضحك لانها في العادة ترتدي ثوبها الاسود طيلة الوقت . وهي لم تكن من من يحب العطور وتتحلي بالذهب الخ . وفي زمن الانقاذ صار الفراش فستفالا لإستعراض الذهب وآخر صيحات الموضة .

    ذكر الدكتور عبد الله علي ابراهيم الشيوعي الحاضر ، السابق او الآبق بانه عصر الفراش في وفاة الترابي طيلة ايام المأتم . وبما انه صار من اهل الوجعة ، فقد خطر بذهني انه كان شايل الوسخ لمصابه الأليم . وكنت اتوقع ان البعض قد ,, شال ,, معة الفاتحة ، بسبب دوامه المتكامل وحسبوه من اهل البيت بالرغم انه حسب إنتماءة السياسي من بني قينقاع. تذكرت كاسترو الذي كان يحمل لحية مستديرة، ويتحدث بالفصحي ويمكث في المأتم الي تقسيم الصدقة . ويرفض القماش . ويقول ,, اريد حقي عينا ,, . ولقد ذكرته في كتاب حكاوي امدرمان مع الفتاتة امثال ابو الياء وحاج ابكر وآخرين. الا انهم يحضرون فقط في يوم الصدقة .

    . هل كان الدكتور يبحث عن وزارة ؟
    قرأنا قديما ان الانسان وهو في العشرين يريد ان يغير العالم وفي الثلاثين يريد ان يغير قطره وفي الاربعين يريد ان يغير بلدته وفي الخمسين يريد ان يغير اسرته ولكن عندما يتخطي الستين يكتفي بأن يحاول تغييرنفسه . والبعض يصر عن افتناع انهم قد خلقوا لكي يحكموا ويسيطروا علي البلاد والعباد خاصى اذا حباهم الله بفكروعقل مثل دكتور عبد الله . ويحسبون ان الدنيا لم تكن عادلة عندما حرمتهم من ذلك الحق واعطته لمن هم اقل منهم فهما وعلما .

    في بداية الستينات كان هنالك صول بوليس . وكانت الترقيات قد قفلت في البوليس ..وبسبب صلاته وخدماته الجليلة التي قدمها للكثيرين وجد من توسط له لكي يعود الي الجيش الذي بدأ فيه عمله في الاول . وكان مدفوعا بإمكانية الاغتناء في البوليس . وعندما سمح ان الترقيات قد فتحت في الجيش عاد للجيش.

    وبينما اللواء المقبول الامين الحاج في زيارة احد المرضي في في مستشفي السلاح الطبي ويعاني من صداع في الصباح . يسمع صوت حذاءعسكري يخبط الارض بعيدا كلما دخل احد الظباط الكبار . ولكن سمع خبطة الحذاءخلفه مباشرة بصورة جعلت الصداع يتضاعف... وبعد اداء التحية العسكرية سمع ... جنابك نحن مستعدين لأي خدمة . واللواء المقبول عرف بانه من المدردحين ويعرف كل كبيرة وصغيرة في الجيش وفي مجتمع امدرمان . فحدق في الصول وقال له انت في السلاح الطبي ؟ ايه البجيبك المستشفي .. انا سامع بيك انت داير تركب دبورة .. امشي شوف شغلك الدبورة دي الا تركبا .... ولم يركب الصول الدبورة لانه عندما كان في الجيش فتحت الترقيات في البوليس في ايام الحكم العسكري الاول وبسبب الحاجة لخدماتهم . لقد خاب امل البعض في الوصول الي الوزارة عن طريق الحزب الشيوعي وانتقلوا الي الكيزان وحصل البعض علي الوزارة والسلطة والجاهو المال وسبدرات خير مثال . لكن عبد الله يشمها قدحة .

    الاخ العم خ . كان يبتمتع بحتجرة قوية و وطلبوا منه بالاجر المدفوع ان يحمس الجماهيرلصالح شيخ علي عبد الرحمن بعد الانفصال من الوطني الاتحادي . وما ان يمسك شبخ علي بالمكرفون ويتحدث قليلا حتي ينتزع عمنا المكرفون ويصرخ علي ... علي حبيب الشعب . وتكررت العملية وتضايق شيخ علي في ميدان الاهلية وقال بغضب ... انت حكايتك شنو يا زول ... ما تخلينا نتكلم . فقال عمنا ... ما تتكلم الحاميك مكنو ادونا حقنا خلونا نمشي نشوف راسنا . وكل هذا مسمع في المايكروفون .
    بعد سنين وامام المسرح القومي كان العم خ ... يقف ويحيي اعضاء مجلس الثورة .... الرئيس عبود نفديك بالدم ...حسن بشير ود القبايل ... طلعت فريد .... بطل كرن ... الخ وعندما تكررت القصة اقترب منه اللواء المقبول وسأله ... انت يا حلبي عاوز شنو ؟ فقال العم .. انحنا مع الثورة .... فقال له المقبول احسن تقول ليا انت عاوز شنو . وكان الرد ... انا في الحقيقة مقدم لبوفيه الاذاعة . فقال له المقبول حنديك ليه . لاكن تاني ما اشوفك بي جاي ... حتخسر علينا الناس ديل . هل يريد عبد الله بوفية البرلمان ؟

    اتي احمد سليمان طيب الله ثراه الي براغ في صيف 1970 في معية النميري وفاروق ابو عيسى جوزيف قرن خالد حسن عباس وعلي صديق ..الامن وآخرين الرحمة للجميع . قدم لنا للحديث كالوزير السابق والسفير الحالي لموسكو احمد سليمان . فلم يتمالك ابو سلمون رحمة الله عليه من ان يقول ,, يعني الناس تمشي لي قدام وانا لي ورا . ويبدو انه كان يحسب نفسه اولي بمنصب وزير الخارجية من فاروق .

    ولقد قيل لاحمد سليمان في مايو ... انه رجل محبوب ومحامي ناجح يتمتع بخفة الروح ولا ينقصه المال والاصدقاء لماذا يسعي للوزارة؟ قال انتو بس ما ما ضقتوا حلاوة السلطة ... السلطة دي الزول كان ضاقا ما بيقدر يخليها ,, . الحمد لله نحن لم نكن نظن ان عندنا المقدرات او الرغبة في السلطة ولا تناسبنا. ولا نفهم اين تكون اللذة في ممارسة السلطة . رئيس الوزراء السويدي كارلسون الاشتراكي حقق احسن نتيجة لحزبه وفاز بالانتخابات . ولكن رأسه والف سيف ما يواصل . واقتضي الامر اسابيع ومطاولات وترجيات لانه انسان هادي تحبه حتي المعارضة لا يحتد ولا يناكف علي عكس اولوف بالما الذي كان شخصية عالمية بتحدث عدة لغات بطلاقة تامة . ويثير حفيظة الآخرين بذكاءه وعلمه الغزير. واخيرا اقتنع الحزب الاشتراكي وسلمت الرئاسة لبيرشون الذي كان يسكن في شقة بالقرب من ابنائي . وجمع السكان توقيعات لطرده من الشقة المواجهة لمكتبة المدينة التي ورثها من والديه ، بسبب تردد الزوار والمسئولين المكثف والازعاج . وعندما حصل علي قرض وبدأ في بناء منزل صغير ، واجه محاكمة لانه فشل في التحصل علي اذن خاص للبناء لان المنطقة تعتبر محمية طبيعية . والجهل بالقانون لا يعفي ,,المجرم ,,. وربما قال كارلسون عندما رفض السلطة في السويد ,, السلطة دي مصيبة وتعب كان الواحد وقع فيها يكوس اليفكو منها . وكان يتقاضى حوالي العشرة الف دولار كمرتب يذهب اقل قليلا من نصفها للضرائب وليس له اكراميات او سكن من الدولة . وعندما كان في زيارة امريكا وقابل الممثل الفاشل والرئيس الجاهل ريقان ، لم تتمالك السيدة الاولي نانسي ريقان من الاستفسار عن سبب تواضع ملابس زوجة الرئيس السويدي. والسويد من اغني دول العالم . وقالت السويدية ان مرتب زوجها لا يسمح لها بارتداء الملابس الفاخرة . ونساءالدول الفقيرة يرتدين انفس الحلي واغلي الثياب . وازواجهن الرؤساء يحضرون لإستجداء العون والطعام من امريكا .

    عندما حضر البشير في 1995 للمؤتمر العالمي كان مصحوبا بخمسين فردا واحتلوا افخم الهوتيلات في كوبنهاجن . ووفد امريكا كان صغيرا .
    الد كتور عبد الله يسعي ,, للبهرج ,, والسلطة حتي بالترشح لرئاسة الجمهورية والتي يعلن جيدا انها مسرحية سمجة . ولا تليق بمن يتشدق قديما بانه من تلاميذ عبد الخالق محجوب وصار اخير بقدرة قادر ندا لعبد الخالق وكان ينصحه . لقد عرف كل العالم عبد الخالق بالرغم من غلطاته الكبيرة مثل المشاركة في مايو . لكنه رجل عبقري وقائد نادر . ولكل جواد كبوة . وعبد الله لا يمكن ان يقارن نفسه بعبد الخالق وزعماء الحزب الشيوعي ، لهم سجل ناصع في التضحية والنضال .

    لا ادري لماذا يريد عبد الله ان يلمع نفسه لمنصب بالبصق علي ارثه الشيوعي . والهجوم علي الخاتم طيب الله ثراه لا يزيد عبد الله رفعة . والخاتم بالرغم من انفصاله من الخط اللينيني له الكثير من الزملاء ولا اقول الاتباع . وهنالك مركز ثقافي بإسمه مثل الرفيق عبد اللطيف كمرات الذي قاد مظاهرة وهتف ضد عبود وهويلقي كلمة في بورسودان . وعندما خرج من السجن واتي الي الخرطوم كان اللواء المهاب احمد عبد الوهاب في استقباله لانه رجل شجاع يستحق الاحترام . ويبقي الاحترام هو الاثمن. ومن يتكرم علي الآخرين بالسلطة يمرمطونهم كما يحدث الآن مع السماني الوسيلة و احمد البلال ، الدقير والبقية.
    هنالك فطاحلة الحزب الذين نحترمهم نحن الذين اختلفنا مع سياسة الحزب ولم نكن اعضاء في الحزب واصابنا الكثير من العنت والضرر الكبير من بعض الشيوعيين , كنا نحترم هذا الحزب . ولقد احترمه واشاد به رئيس البوليس العم ابارو الذي كانت مهمته تحطيم الحزب والزج بالشيوعيين خلف القضبان .

    الانقاذ قد استغلت ابناء الصادق وابنا الميرغني وجعلت منهم صورا تستدعي الشفقة . ومهما حاول عبد الله فلن تتصدق عليه الانقاذ والكيزان بمنصب مهما صغر . والذي تنكر لرفقاء الدرب سيتنكر للإنقاذ . وكافور الاخشيدي قد قال لمن توسط للشاعر المتسول المتنبي لكي يعطيه كافور امارة ,, يا قوم من ادعى النبوة مع محمد الن يدعي الملك مع كافور ؟ ,,
    هل يمكن ان ننسي جرائم الترابي وكذبه علي كل الامة السودانية ؟ هل نسي عبد الله الغدر والخيانة التي ارتكبها الترابي ضد صهره وصديقه وخال ابناءه الصادق وغدر الترابي بزميله كشكوش وسبب طرده من المدرسة واعاق دخوله الي الجامعة وكشكوش كان الطالب المميز ؟ ؟ هل نسى عبد الله إغتصاب زملاءه الشيوعيين من بروفسيرات ومهندسين الخ ؟ هل نسي عبد الله ساحات الفداء واصطياد الشباب والقذف بهم الي محرقة الجنوب ، وقصف وقتل وتشريد احبابنا في الجنوب ؟ 100 الف من خيرة ابناء الوطن طردوا بدون ذنب وشردوا وحرم الوطن من خبراتهم واتى من لايعرف لكي يحتل مناصبهم . لقد حطم الترابي السودان وكان علي مقدرة من السوء ان اخلص خلصاءة قد تنكروا له ووضعوه في السجن وقالوا فيه اكثرمن ما قالت ستان الشاي في محصل المحلية .

    ابن خالتي الشاب المهذب م . ا . أ. كان نشطا في الانضمام الي المظاهرات في ايام دراسته الثانوية . وعندما حاصرهم زبانية الترابي ركضوا وكلاب الامن خلفهم . ووجد ابن خالتي جنازة يحملها بعض الجنوبيين فانضم اليهم وحمل العتقريب . وتفادى الاعتقال . ولكن صديقه الحميم تعرض للإعتقال . وكان ظهره يحمل اثار سياط كلاب امن الترابي . وقد اجلسوه علي زجاجة مشروب . واسمعوه من الكلام ما لا يقدر اي انسان سوي ان يتفوه به .

    حضرة البروفسر عبد الله دعني احكي لك والآخرين عن من عرفت في الامارات واسمه كذالك عبد الله . اتصل به قريبه وطلب منه ارسال مبلغ من المال علي جناح السرعة بسبب عملية جراحية لا تسمح بالانتظار . وقام بارسال المبلغ الذي استدان بعضه . وعرف بالامر احد الكيزان الذي اوغر صدر عبد الله واكد له ان قريبه ,, الكذاب ,, لم يكن مريضا ولم يحتج ابدا لأي عملية جراحية . وذهب عبد الله ,, الاسم سالم يا خليفة المهدي,, وواجه قريبه الكذاب المستهبل... الدنيا قد تغيرت بسبب الترابي وصار الجميع ينهبون ويكذبون .ويستهبلون . ولا يثق الانسان بشقيقه. وذهب القريب واتى باوراق وضعها امام عبد الله الذي انفجر باكيا وقبل راس قريبه الذي كان يحمل مظروفا مكتوب عليه اسم عبد الله وما بساوي والمبلغ الذي ارسله عبد الله من الامارات .
    القريب لم يحتج لعملية جراحية ، ولكن ابنه الطالب في بداية الانقاذ قد تعرض للتعذيب . والتقرير الطبي المكتوب بالغة الانجليزية كان يشير الي تهتك وتمزق في الشرج . والمبلغ في الظرف كان ثمن قطعة ارض باعها القريب بتراب القلوس . والمشتري كان صديقهم المشترك الكوز الذي يعمل في الامارات .
    هل سعد عبد الله بلقاء نافع وقوش وبقية الرائعين الحادبين علي الوطن واهل الوطن ؟ وهل قدموا زجاجات البيبسي كولا لعبد الله والبقية .


    كركاسة
    ذهب الترابي للقاء ربه حيث لا ينفع امن او مليشيات . اغلب اهل الانقاذ اليوم في الزون الكبير .اي مأتم سيداوم فيه عبد اللة قريبا ؟ اقترح عليه ان يقطع ,, ابونيه ,, .


    [email protected]
                  

04-03-2016, 06:12 AM

حيدر حسن ميرغني
<aحيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 25106

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ع ع أ مابين الضكارة والخياسة (Re: sadig mirghani)

    لا يدافع عن بعد الله علي إبراهيم إلا ارزقي مثله
                  

04-03-2016, 08:01 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ع ع أ مابين الضكارة والخياسة (Re: حيدر حسن ميرغني)



    وما ضــَــرَّكم!

    وَ "غير الأرزقية" بزعمهم يملأون البوست! بل قُل دُنيا السياسة والثقافة والفكر ..





    ..................
    اللّهُمّ لا تُمْحِــنّا ولا تُبلينا بأهل المزاعم والحلاقم والقراضم
                  

04-03-2016, 08:29 AM

AMNA MUKHTAR
<aAMNA MUKHTAR
تاريخ التسجيل: 07-31-2005
مجموع المشاركات: 13702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ع ع أ مابين الضكارة والخياسة (Re: محمد أبوجودة)

    عموما كدا ..
    بعيدا ..وربما قريباً من موضوع البوست .

    بيحنوني نوع أبو جودة دا !
    البيكتبوا كلام شديد التكلف والزخرفة ، ومع ذلك خاوي من أي فكرة مترابطة أو استشهاد ذو معنى .
    مع إنه مغرم بالإستشهادات ..لزوم نفخ مداخلاته الخاوية ..
    وعبثا يحاول !
                  

04-03-2016, 04:25 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ع ع أ مابين الضكارة والخياسة (Re: AMNA MUKHTAR)




    Quote: بيحنوني نوع أبو جودة دا !






    ......
    ؟
                  

04-03-2016, 09:17 AM

اسامة الكاشف
<aاسامة الكاشف
تاريخ التسجيل: 06-13-2008
مجموع المشاركات: 911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ع ع أ مابين الضكارة والخياسة (Re: حيدر حسن ميرغني)

    شكراً عادل اضم صوتي لسيف النصر حقيقة استمتعت بإعادة قراءة الخاتم مرة أخرى
                  

04-03-2016, 04:38 PM

أبوبكر عباس
<aأبوبكر عباس
تاريخ التسجيل: 03-04-2014
مجموع المشاركات: 3484

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ع ع أ مابين الضكارة والخياسة (Re: اسامة الكاشف)

    هسع يا آمنة، الخاوية مداخلات أبو جودة التي تبحث عن معيار للإتهامات وفش المغصة المطلوقات ساكت في البوست دا، ولّ مقال شوقي بدري ومشاركة حيدر حسن ومشاركتك إتي الما عندهن معيار غير الغضب؟
                  

04-03-2016, 08:11 PM

AMNA MUKHTAR
<aAMNA MUKHTAR
تاريخ التسجيل: 07-31-2005
مجموع المشاركات: 13702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ع ع أ مابين الضكارة والخياسة (Re: أبوبكر عباس)

    والله يا أبكر عباس أصلاً نحنا ناس جيناتنا غضوبة .
    وبكري أبكر كتر خيره ..زي كأنه هيأ لينا البورد دا لفش غضبنا .. :)

    وبخصوص أبو جودة من زمااان بستغرب في أسلوبه الممل والمعسم دا ..
    وبجد بتمنى يتقبل نقدي لأسلوبه .. بصدر رحب .

    أما بخصوص المعيار وما أدراك ما المعيار ..
    فأنا ذاتي عندي معايير ما تخرش منها مية يا أخوي .
    وعلى ع ع أ ..أن يعرف إنه نوعه دا ..ما بيخدع أمثالنا ديل ، ولما يستعصم بعدم الحوار معنا ..دي براها حاجة بتخصم منو 50% ..دا ناهيك عن أسلوبه الموغل في التنميط الساذج ..والنفاق .

    بجد ، يغيظوني الناس الذين تدللوا من خيرات وفرص حقبة الإستعمار وما بعده .
    ومع ذلك لم يحرصوا على أن يقدموا لنا فكرا معاصرا حقيقيا ، كي نستفيد منه نحنا المساكين ديل .
                  

04-04-2016, 03:53 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandquot; (Re: Abdel Aati)



    Quote: وبخصوص أبو جودة من زمااان بستغرب في أسلوبه الممل والمعسم دا ..
    وبجد بتمنى يتقبل نقدي لأسلوبه .. بصدر رحب .


    الأخت آمنة مختار
    لك التحية الطيبة،

    ويا زولة سألتك عن (يحنوني)، حتى أجيبك فاخرج من رِبقة تجاهلك ذي الثمن الفادح كما تظنين..!
    تقومي تطلعي لي بــ" استغرابك إسلوبي، مللاً وَ عَسَما" ..؟

    كذلك لم يقف "غضبك" غير الوسيم، عند الملل وال عسم وقد فاق الاستغراب والاستشراق (محليّاً) معاً، بل

    ها أنتِ تُهاودين ب: التمنِّي ..! وأنْ يٌُقابَل نقدك ب صدرٍ رَحِب ..!

    وعلى كل حال، لا إجابة لي حالياً عليك إلّا:

    يا زولة شِن جابرِك على ال"قراية أم عَسَم" ..؟


    Stay there away of my way, Please
                  

04-04-2016, 04:34 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandquot; (Re: Abdel Aati)

    الأخ/ عادل عبدالعاطي،

    سلام وَ "شوية" اغتمام وَ شيءٌ من عَتَبٍ غير ثقيل، بل "حَبَّة" لَمَمٍ لا يصل مرحلة الاضّغان؛

    ويا عزيزي لمَ كل هذا الـــ "لُّملام" ..؟ أوَ يُقطَعُ النهرُ عندك مَرّتان ..؟ فـ ــَ بأيِّ ألاء الزّمان نحنُ في معمعان من "النّقضمان" أو إن سِلِمنا، نَعِش في ضاحية الجّهجهان، أو نقعي في آحاد أركان النِّسيان؛ ثم لمَ تِكرار الإغارة..؟ ليس تكرارٌ واحد إنّما تِكراران، وربما أكتر؛ تقول ملء فــيك: (تهجمات المدعو عبد الله علي ابراهيم على الراحل المقيم الأُستاذ الخاتم عدلان بعد وفاته لا تدل على "الضكارة" كما يزعم عن نفسه وإنما على "الخياسة" . لقد انتقد الخاتم عدلان في حياته عبد الله علي إبراهيم بمقالات مرة فجعل ع ع إبراهيم في فمه ماءاً وانتظر حتى مات الخاتم عدلان ليرد عليه) .. وهذا في رأيي، كلام .. باطنه الزّحمة والتكرار، وظاهره خلوٌّ من إحسان ..! هل تذكر شِعارَك الذي تَلبَّبتَه حيناً من الدهر وأنت "عالكَفَر" حاقب باطن قَدَمَك..؟! أيّاميها كانت القوافي تنسرِب من مِقْوَدٍ لك بَهيٍّ، فَتسيرُ من مِقْوَلٍ لك، فـَـ ــصَعَدْنَ الجبالا وَ خُضْنَ البحارا، ثم ما هيَ إلا سُنَيْنات من عُمر الزمان ولعلّها شُهَيرات، فإذا بكَ وَ هذا العبدُالله، حِنَيْن مِنَيْن وآخر شُكُر..؟ فكيف التأمتْ الشِّعاب والكسرُ المثلّج ما كان ثقافة الأمس القريب ..؟

    قبل أن يحوق نقضك المغبون، وقد فاق السَّويّة في مَثالات أخيك عبدالله علي إبراهيم، وتبقّى منه كتير؛ فإذا بك تركمُه بالزيادة التي تربو "وقد تقعُد ليْ جَنا الجَّنا " بالنصف الأفرَغ من صهاريج النقض الصُّراح مُباح..! تكتُب : ( هذه الحركة غير الضكرانة تعوَّد عليها ع ع إبراهيم وكانت ضمن ما انتقده الخاتم عليه؛ أي شتم عبد الله للموتى وإلصاق الاشاعات بهم والتدليس عليهم وعنهم. الخاتم عدلان مفكر فذ رغم أنف الماركسي التائه والستاليني العجوز ع ع إبراهيم المتمرغ في أحضان "الامبريالية" والإسلاميين ويدعي الشيوعية) .. ياخ ما يَدَّعيها ..! انتا حارقك وين؟ هيْ الشيوعية دي حَقَّة منو دا ..؟ مُنو دي ..؟ أنا دِيْ ..! بَري بَري بَري!

    فانظر إليكَ تُحدِّث بـ أن أخيك عبدالله "مِــــ تعَــوِّدا دايمن.." على الحَركات غير الضكرانة ..! أفلا تكون، عزيزي عادل، قد أهَلتَ على كُل "بواتر" عبدالله – ولو في الزمن الفلاني - ما جلبته من جبال صعدتها قوافيك الشُّرَّد السّائرات لم يختَصِمْنَ (debit) من إمّة أمجاد العبدالله، ولو حَبّةٍ من خردل مَعفُوّاً تجاوُزها؟ الضكارة ما في زول بياباها يا عزيزي، فهي، حتى في شكلها البروباغاندي ساي، قيمة عُليا في أذهان مجتمعية ما تزال تستعمر الأرض والناس والبهائم! وبما يتناقض مع "الضّكارة" في عظمها الأساس(بل قُل الأصل!) ثم يقولون نحن الضّكرانين الكَتّالين أولاد اللذين! فأنتم ماذا تقولون أيها المُعارضين..! واضح جدّاً، أنّك استسهلتَ، وكثيراً، في جعلك مسألة الضكارة ، مِداد "طاقوي" تَنفِثُ به شجونك العِجاب حول موضوعة فكرية، سياسية، تاريخية ثقافية، حوارية، جدلية تأنف – بطبعها – أن يخوضها الناس بهذه الغِلْظَة التي مجالاتها أُخَر وميدانها غير موطّأةٍ أكنافه بــ هَدهَدة الخواطر ولا تركيز النظر في المنظور خلف الدّكُنّات، بل ولا هيَ في حاجة لتعميق التأمُّلية وَ "عَمَلان" الحساب لما قد يأتي من زَبَدٍ يذهبُ جُفاء، ولا يُعقِب إلّا الندامة؛ فالضكارات ميدانها غِرْ يحسُنُ فيه تلبُّب "لُعاب المنيّة"، سيف وعكاز وسِكِّين و دِروع الأحاجي ربما.

    يا أخانا العزيز/ عادل، أعرف أنّك more smarter من أن تُحيل الرِّبقة إلى مقالات أخينا المرحوم الخاتم عدلان، وأنه رحمه الله تعالى، قد جاء بوصف الفروسية في تعييره لأخينا عبدالله، فسَكَت عبدالله..! ولئن لم يسكُت عبدالله حينها، فربما أنها التَّكتَكة من ذات العين النّضَّاحة، معلوم حدودها لدى المتحاوِرَيْن! وإن كان قد سكَتَ أياميها، فلربما نظرَ مبدأً إلى كلام عُلماء الأصول – يعرفهم – إن السكوت في معرض الحاجة إلى البيان، بيان. إنك، ولا شك، تنطلق من ذات العيون النضّاحة بالمعرفة والبحث؛ ولذا تجدني مُتسائلاً: هل سألتَه، أعني هل استفسرتَ عبدالله، نَبّهتَه أو أنّك دَمَسته لشيءٍ في نفس يعقوبيانك..؟ بالأكيد أنّك استأت لحوارِه، وبالطبع معك كل الحق أن تستاء ما شاء لك، من أي حوار، كما لك أن تضطّغِن من أي حديث قابل للأخذ والرّد لكن، أنتَ عادِل " مواجَهة ذاتا بي ذاتا" وأحيانا مِتْلَقِّي حِجج، أترى أنّ لك أدنى حق في أن تتَقَمَّص "روح راحل عذبِ الفؤاد فأله الخير" ثم لا تلتفتْ حتى تقوم تشغِّل سَنين لسانه بما تتوَهّمه من فروسية وضكارة وحَقارة وشمارات.


    إن لم يكُ لك، اتصال e-mail ـــــلي بأخيك عبدالله، فلن أتأخَّر بأن أبعثه لك طازجا، مع إني قد عُدْتُّ مؤخّراً لـ عَتَبي عليه أجلسُ القرفصاء داخل ميزاب بُرجِ إيفِلِه دااك! وقبل أن أستودعك، أهيبُ بك الوقوف مع زُهير! ( والبطل قال: ولا يهمّكم! اشعروا بالقريض حديثاً والقديم، هااانعتبرو ليكم بحوث فكرية ألمعية وكدا، وما تسمعوا كلام شيخو!):

    وَ مَنْ لم يُصانِع في أمورٍ كثيرةٍ ... يُــضَرَّس بأنيابٍ ويُوطأ بِــ مِنسَمِ


    و إذا ما بتحب زُهير (زي هناي!) فبالله أقيف مع السموأل بن عاديا، حافِظ دروع امرئ القيس الضِّليل، يفقد السمؤأل، خارج حِصنه فَلَذة كبده، ابنه! حتى لا يخفر ذمّة الشاعر:

    وَ إنْ هوَ لم يحمل على النفسِ ضَيْمها ... فــَ ليسَ إلى حُسن الثّناء سبيلُ

    تُعَيِّرنا أنّا قليلٌ عديدُنا فقلتُ لها ,,, إنّ الكِرام قليلُ ..! وما ضرّنا أنّا قليلٌ وَ جارُنا عــزيزٌ .. وجارُ الأكثرين (ديل التّانين) ذَليل
    وإنّنا لا نرى الموتَ سُبَّة علينا .... إذا ما رأته عامرٌ (الكيزان) وسلول .. (ديل أظرطهم!)
    إذا المرء لم يدنُس من اللؤم عِرْضُه ,,, فأيِّ رِداءٍ يرتديه جميلُ

    وهذا الأخ يرتدي رِداء الهَمّ العام والدراسات السودانية والأمل ليوم باكر ال فاتح على فراديس الدُّنياوات العبيقة الكُثرِ، ولكم، اشتطاطَ مواطَنية سودانية حين جعل من ( وَ لْتَدُم أنتَ أيها الوطنُ) شعاراً صقيلاً يُعبِّر عمّا بنفسِه من حُبِّ للسودان وأهله، لا سيما ال "عاملين فيها " تَرَب فَهرٍ بن كنانة أو كُونتاكِنتيx كولورادو.



    وُ .. هااات يا زميل.



    -------
    وَ ربما حَلَتْ النِّكايات

    (عدل بواسطة محمد أبوجودة on 04-05-2016, 09:39 PM)

                  

04-05-2016, 09:47 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: محمد أبوجودة)




    Quote:

    هسع يا آمنة، الخاوية مداخلات أبو جودة التي تبحث عن معيار للإتهامات وفش المغصة المطلوقات ساكت في البوست دا،

    ولّ مقال شوقي بدري ومشاركة حيدر حسن ومشاركتك إتي الما عندهن معيار غير الغضب؟





    تقول شنو يا صديقي!

    أهلنا قالوا ال بتجي من السمـوات تتحمّلها الأرضين؛ وَ عين الرّضا عن كل عيبٍ كليلة، وربما مليلة ..




    ............
                  

04-05-2016, 10:02 PM

امجد الجميعابى
<aامجد الجميعابى
تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 2623

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: محمد أبوجودة)

    الاخ عادل سلام و تحية

    البوست دا لو ادرتو بغير هذه الحدة كان تأثيره او نتاجه افضل
                  

05-31-2016, 01:32 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: امجد الجميعابى)

    الأخ محمد ابو جودة تحياتي واحترامي

    شكرا لك على تكبد مشقة الكتابة فيما اراه دفاعا عن عبد الله علي ابراهيم وشكرا له؛ والرجل ما بيتتشكر ؛ فهو اسؤا من الراكوبة في الخريف - وربما عذرنا الراكوبة فهي من بناء البسطاء ممتن يشكون رقة في المال فيبنوها كي تقيهم حر الشمس لا مطر الخريف؛ ولكن كيف نجد العذر لعبد الله الشيوعي حامل الوسخ كما اسماه بحق شوقي بدري ؟

    الشاهد ان عبد الله علي ابراهيم انسان غير امين وغير شريف؛ ولو كتب الكتب والف المؤلقات - ولو كتب عبد الله بكل مداد البحر ولم يتخل عن اسلوبه القبيح للتعرض للموتى وهو الذي يسكت في حياتهم ؛ فلن يزيد عندنا عن كونه عرضحلجي ؛ او كونه طبلا اجوفا كما زعم اةو قيل عنه انه قال في حق محمد المكي ابراهيم؛ بل اظن الرجل حاطب ليل وذو وجهين وركاب سراجين؛ وهو لا حظ له من العلم الحقيقي والحكمة ؛ حاله كحال الحمار يحمل اسفارا؛ فهو لم يستغل ما تحصل عليه من علوم دفع ثمنها شعب السودان لمصلحة شعب السودان؛ وانما للتبرير لتقلبات نفسه الامارة بالسوء المتطلعة للزهو الفارغ؛ حتى زعم انه كان ينصح عبد الخالق محجوب ويعلمه؛ وحتى تطاول على امثال بروفيسور محمد عمر بشير والخاتم عدلان.

    اسمح لي يا اخي ابو جودة الا ادخل معك ولا مع اي فرد في نقاش خراقات وعرضحالات عبد الله علي ابراهيم؛ فمادة هذا الحوار الصحفي توضح ان القبة ليس تحتها فكي ؛ وهو طالما لم يتوقف عن نهجه المعيب فلا حوار فكري معه؛ فأنت تتحاور مع من تحترم وتقدر؛ فكيف نحترم من يزحف في بكيات الترابي وغيرهم من اساطين الشر ؛ ومن يسلق الموتى بالسن حداد وهو الذي كان يتجنبهم في حياتهم ؛ ولقد اقسمت ان عبد الله لو مات قبلي - وحساب السنين يقول بذلك ؛ الا ارتك سيرته وأ، ابدأ نهش سيرته البطالة حتى اكتفى ؛ وكما تديتن تدان .

                  

06-02-2016, 11:46 AM

AMNA MUKHTAR
<aAMNA MUKHTAR
تاريخ التسجيل: 07-31-2005
مجموع المشاركات: 13702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: Abdel Aati)

    Quote:
    Misbah Ali كورونا (كاليفورنيا)
    آمنة مختار سلام ، الزول اللي ـ برد عليكي دا بكتب ليكي بطريقة ومفردات عبدالله علي ابراهيم ، بتكلم جد ...هههة

    مرحب أخ مصباح .
    والله ع ع إ ذاااتو ..كتابته أكثر سلاسة ورشاقة من كتابة أبو جودة دا ..!
    ياخي دا بيعسم الكتابة عسيم التابى واليابى ..وبعد دا كله بيمط الكلام مط عجيب لما تتوه الفكرة ، وعلشان تفهم وجهة نظره إلا تلقطها تلاقيط من وسط حروفه الجعيصة زي الكلمات المتقاطعة ، وهو فاكر إنه دي بلاغة !!

    وبعد دا كلو ختاااااي ما تشوفو كدا ..زي أستاذه ع ع ص م ا ..
                  

06-02-2016, 04:44 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandquot; (Re: Abdel Aati)



    شكراً عزيزي عادل،

    تجشّمك الرد، ولو بعد لأي! مَ الذي جَدَّ يا ربي؟!

    يا أخي، تفاءل بالخير! و لا تقدّم نية السوء تفعله ..! وهل يضير الشاة سلخ بعذ ذبح.



    ...............

    آمنة مختار،

    انتي حركات "الاتحاد الاشتراكي" دي ما ح تخلّيها ..؟!




    ..................
                  

06-02-2016, 07:32 PM

AMNA MUKHTAR
<aAMNA MUKHTAR
تاريخ التسجيل: 07-31-2005
مجموع المشاركات: 13702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: محمد أبوجودة)

    الإتحاد الإشتراكي دا أنا ما حضرت زمنه يا أبو جودة .
    إلا دا كان مصطلح عندك وقاصد بيهو حاجة تانية غايتو .. :)

    عموما دي كانت واحدة بواحدة .
    في داعي كان تحشر سيرتي وسيرة حزب الخضر ..في معرض ردك على حوار تراجي مع الكيزان ؟
    مالى أنا والخضر بالكيزان ..والإتحاد بتاع نميري ..

    -----

    ( كويس إنك أخيراً فكيت خطك شوية ..واصل على هذا النهج ) .
    And, stay away from my way
                  

06-03-2016, 11:19 AM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: AMNA MUKHTAR)




    لولا أنني ماشِّي على صلاة الجمعة، من دربي دا، لأهديتُ لكَ:

    فارقيييييهو دربي!

    للراحل الفنان إبراهيم عوض.






    .................
    وبالعدَم! كنتُ سأهدي لك: نارِك زايدة أفراحنا ..
    مــا هذا الدّفن يا خضراء..؟!

                  

06-04-2016, 04:09 PM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: محمد أبوجودة)


    الاخ عادل عبد العاطى
    تحية طيبة وسلام كثير
    عساك طيب وبخير وعافية
    أعتقد ان الكتابة النقدية حول اعمال ومواقف الاحياء والاموات عمل مهم
    ولا اجد غضاضة فى نقد ع ع ا للمرحوم الخاتم وورقته الشهيرة " أن اون التغيير"
    بمعنى اخر ليس لدى اعتراض فى النقد طالما ظل رصينا ومسؤولا ولكن يأتى اعتراض على مضمون ما كتبه ع ع ا فى " أن اون الماركسية" ذلك ان مجمل النقد للورقة ومشروع الخاتم السياسيى لم يكن موفقا فى تقديرى.
    فالمرحوم الخاتم عدلان لم ينعى وفاة المنظور الماركسى بشكل مطلق وانما كان مشروعه الاساسى للتغيير فى الحزب الشيوعى هو اعتماد التعددية قولا وعملا فى المشروع النظرى لذلك الحزب ، بمعنى ان يعتمد حزبه السابق تعدد المناظير والتخلى عن مشروعه الماركسى اللينينى واستدعاء المذهب البراجماتى فى التعامل مع واقع السودان المتخلف وقد عبر عن ذلك الخاتم بقوله فى " أن اوان التغيير" ما معناه ان الحزب الشيوعى ظل يطرح برنامجا متعدد الحلقات ( برنامج وطنى ديمقراطى ، ثم اشتراكى فشيوعى) وهى ثلاثة حلقات يمسك بعضها برقاب بعض لا يراها المواطن العادى حتى يستطيع ان يناضل من اجلها. واستدعاء البراجماتية يعنى تنزيل الفلسفة من عليائها وبرجها العاجى لخدمة قضايا الناس اليومية ( حتى تستطيع الجماهير ان ترر قضاياها وتناضل من اجلها) ..
    اعتراض الخاتم بلغ قمة سخريته حينما قال ما معناه : وكانما الحزب الشيوعى ظل يتبنى فكرة حزب من الفلاسفة فى مجتمع شبه امى !
    هذا نقطة جوهرية فاتت على د.ع ع ا فى فى قراءته لمشروع الخاتم ورؤيته الاصلاحية، ويبدو ان الرجل تاه وسط اشجار الغابة ولم يراها ككل لاسباب خاصة به.
    القضية الجوهرية التى لم اجدها فى رد ع ع ا هى قضية الاصلاح الادارى ونقد الخاتم للمركزية الديمقراطية التى تحكم الحياة الداخلية للحزب الشيوعى والتى استخدمت الان فى محاولة ادانة الشفيع خضر حيث لم تختلف صحيفة الاتهام التى قدمتها قيادة الحزب الشيوعى فى جوهرها عن قانون النظام العام للانقاذ !
    والواقع ان الرجل متهم بانه مارس حقه فى التعبير عما يعتقد فى صحته حول مستقبل حزبه لعضوية حزبه .. مما يجعلنا نستدعى مقولة فولتير الشهيرة : اسحقوا هذا العار.
    هذه الدعوة الجريئة والشجاعة والنبيلة فى التحول المؤسسى الذى يتطلبه مشروع الاصلاح الحزبى يبدو انها لم تكن احد هموم ع ع ا !!
    الملاحظة الثانية فى كتابات ع ع ا انها تترك فى النفس تساؤل فى غاية الاهمية وهو الخاص ب: لماذا ترك الرجل الحزب الشيوعى طالما ظل الرجل يعتقد بصلاحية المشروع الماركسى فى تغيير واقعنا السياسى والاجتماعى؟
    التساؤل ليس من باب التشكيك او الشخصنة لكنه محير فعلا خاصة فيما يتعلق بقراءتى للرجل.
                  

06-05-2016, 12:46 PM

محمد أبوجودة
<aمحمد أبوجودة
تاريخ التسجيل: 08-10-2004
مجموع المشاركات: 5265

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandquot; (Re: Abdel Aati)


    إزّايك يا عزيزنا طلعت الطيب، وأريت حالك زين ..

    لا يَسعُني إلّا أن أُبدي بعض دهشتي بالفتوحات النقاشية الجديدة، تظهر عندك وآخرين،
    تركّز كثيراً ألا يكون هناك أدنى تناول لـــ" تحليل، تقرير، تفكير إلخ,,," صاحبه توفّى!
    قال كلمته ومضى؛ ف ما هذه التقديسية الجزيلة؟

    ألا ترون في تناول " ما " حلّل، فكّر، ابتدرَ وأبدع، أحدهم ثم مضى، نوع من الاحتفائية
    بالذين أغنوا الأمس ثم مضوا وافرين؟

    المشكلة الأعوَص، أن بعضهم، كأخينا الأستاذ/ عادل عبدالعاطي، يجهر مُتَيَمِّناً أنه لو
    حضر جنازة فُلان! فسوف يهيلُ عليها، ليس التراب فقط! بل كلاماً كالــ كَلِم يجرّح به
    السيرة، كأنّما يقول: ال ما بنسدّا يـ نقدّا.

    يااخوانّا باركوها.

    او استذكروا: افرز يا ديجانقو.





    - - - - - - - - - - - - - -
    البت ال خدرا ..
    الحوار حَـــــرّا ..
    ابقي لازمن تمرقي لي بــَــرّة .. (إن شاء الله مَــرْقة: مَرقنبو قرنبو) ..
    اريتك "بس" تبقي طيبة، ف ال بالبوست كلّو هَيِّن.
                  

06-06-2016, 00:24 AM

طلعت الطيب
<aطلعت الطيب
تاريخ التسجيل: 12-22-2005
مجموع المشاركات: 5826

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: محمد أبوجودة)

    سلام يا ابوجوده
    ورمضان كريم

    وكل عام وانت بخير
                  

07-27-2016, 12:27 PM

Abdel Aati
<aAbdel Aati
تاريخ التسجيل: 06-13-2002
مجموع المشاركات: 33072

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عبد الله علي إبراهيم ما بين andquot;الضكارةandq (Re: طلعت الطيب)

    لي عودة
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de