الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائقية 9م الجمعة (صور من البرنامج)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 07:24 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-29-2016, 06:56 AM

عبدالله عثمان
<aعبدالله عثمان
تاريخ التسجيل: 03-14-2004
مجموع المشاركات: 19192

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق (Re: عبدالله عثمان)

    أبدأ أولا بنقل مقال البروفسير محمد المهدي بشرى عن موقع الفكرة
    ثم بعدها الردود عليه من الملف الذي أعده قصي همرور
    ====

    كتابات حول فكر ومواقف الحركة الجمهورية




    المثقف والسلطة: مصائر فاجعة





    د. محمد المهدي بشرى

    تدرس هذه الورقة مآلات ومصائر بعض المثقفين في مراحل تاريخنا المعاصر، خاصة تلك المصائر الفاجعة لأولئك الذين دفعوا حياتهم ثمناً لافكارهم ومبادئهم، مقابل هؤلاء الشهداء والمنارات نجد مثقفين انتهوا إلى مصائر تتناقض تماماً مع ما ملأ جوانحهم من أشواق، وهؤلاء انقلبوا على أنفسهم وانحازوا لأنظمة استبدادية نكلت بالشعب وأذاقته الويلات، ويمكن القول أن المثقف هو الجلاد والضحية، وخير مثال للطائفة الأولى من المثقفين الشهداء الحسين الزهراء ومحمود محمد طه وعبد الخالق محجوب، وخير مثال للطائفة الثانية الضحية والجلاد جمال محمد احمد وصلاح أحمد إبراهيم ومنصور خالد وعبد الله علي إبراهيم؛ وهؤلاء هم نماذج فحسب فالقائمة تطول على مر الزمان، خاصة في عهود الاستبداد، حيث تهافت المثقفون على السلطة وتساقطوا حولها كالفراشات، وعلى الرغم من التجارب المريرة التي راكمها تاريخنا السياسي، برغم هذا ظل العديد من المثقفين على ضعفهم وهوانهم. فالعسكري يتفق بليلٍ مع هؤلاء من زملائه العسكريين على الإستيلاء على السلطة، وما أن ينبلج الصبح حتى يتم الأمر دون عناء يذكر، وتهدر في الشوارع المواكب التي تهلل وترحب بالمنقذ والمهدي المنتظر، وسرعان ما نجد ذلك الضابط المغمور وقد أطاحت هالة من السلطة حول شخصيته التي كان حتى مساء أمس نكرة لا بريق لها أو مجداً، وسرعان ما يهرول المثقفون والأكاديميون من أصحاب الدرجات العلمية الرفيعة نحو القائد الذي سيصحب القائد الملهم ومجدد العصر... إلخ، خير مثال لما نقول ما تم في عهد مايو (1969-1985م) حيث تمت صناعة ديكتاتور اسمه جعفر نميري وقد درس محمود قلندر هذا الأمر في كتابه سنوات النميري (قلندر: 2005م).
    تقول قلندر "منذ أن توجهت سفينة مايو عن سواحل الماركسية بعد يوليو 71، بدأت الانتلجنسيا الوطنية هي الأقرب من مايو. وكان اقترابها أول الأمر في خطى كسولة مترددة، ثم ما لبثت تلك الخطى في الشارع بعد فترة قصيرة."(نفسه: 265)، ومن الواضح أن قلندر يسعي لتبرير مواقع هذه "الانتلجنسيا الوطنية." التي لم تتقرب من مايو إلا بعد أن تخلى عن الماركسية، وكأن هذه الانتلجنسيا لم تكن مدفوعة بمصالحها الذاتية الضيقة ورغبتها في التمرغ في تراب النميري، الأمر الذي اعترف به بعض أفراد هذه "الانتلجنسيا" مثل منصور خالد الذي نجده يقول: "قلة يومئذ [مايو] كانت تعف عن المغنم، ويا له من مغنم، وكثر كان لهم في ظل السلطان مبيت ومقيل يترجعون فتاته." (خالد: 2001م).


    الحسين الزهراء:

    تقول كتب التاريخ عن الحسين الزهراء أنه عالم أزهري متفقه في الدين ملك ناصية البيان شعراً ونثراً وكان واحداً من مجددي الشعر في عصره، ويقول عبد المجيد عابدين عن شعره: "وشعر الحسين بوجه عام أقل عناية بالمحسنات البديعية اللغوية" (عابدين: 220) أما عن بلوغ باعه في النثر فليس أدل من استعمال المهدي الزهراء كأحد كتابه الرسميين، ومن أشهر الرسائل الرسمية التي كتبها الزهراء رسالة المهدي إلى أحد الزعماء الذين لم يؤمنوا بدعوة المهدي وهو صالح المك الشايقي (عابدين: 317) وقد علق عابدين على نثر الزهراء وأشار إلى ما يميز هذا النثر من اقتباس وسجع وجناس، وأسلوب الزهراء في تقدير عابدين هو "الأسلوب البديعي الديني [الذي] لقي رواجاً في عهد المهدية على يد المهدي نفسه" (عابدين: 317).
    مهما يكن من أمر فقد انخرط الزهراء في ركاب الدولة بعد حملة هِكْس التي هزمها المهدي في واقعة شيكان نوفمبر 1883م (شبيكة: 663)، وأعلن إيمانه بالمهدية، لكنه أتهم الدولة الجديدة باحتقار العلم والعلماء وموالاة الجهلة (نفسه: 132) ويقال أنه نصح المهدي بوجوب إسناد الوظائف إلى العلماء (شقير: 841) ومع هذا وبسبب إيمانه بالمهدية عمل مع المهدي وناصره، وبعد وفاة المهدي عمل قاضياً للإسلام وهو أعلى منصب قضائي في تطبيق الشريعة، وكان لا يعمل بالمنشورات إذا تعارضت نوعاً ما كما أمر المهدي بذلك (شبيكة: 205) وكما هو واضح فإن الزهراء حرص على نزاهة الحكم وعدالته ورفض أن يكون أداة في يد الخليفة. تقول الروايات أن الزهراء قضى بعدة مسائل على خلاف ما أراد الخليفة، (شقير: 842) ولا شك أن سلوكاً مثل سلوك الزهراء في ذلك الزمان البعيد وفي ظل دولة ثيوغراطية لم يكن بالسلوك المقبول على ما ينطوي عليه من تمرد، وكان بدهياً أن يلقى الزهراء جزاءه ثمناً لشجاعته وحرصه على العدالة كما أقرها الدين والشرع، فقد حُبِس في غرفة ضيقة بسجن (الساير) ومنع من الطعام والماء إلى أن مات قهراً 1895م (شقير: 824) ليس هذا فحسب بل أن الخليفة حرص على تصفية فكر الزهراء وشبهه بالشجرة التي في وسط الزرع فإنها تأوي الطير الذي يُفسد الزرع، فما يستريح الزارع حتى يقطعها من أصلها (شقير: 824).
    ومن أسف أن شخصية الزهراء لا تجد الاهتمام اللائق بها، فأغلب كتب التاريخ لا تتحدث عنه إلا بطرف خفي، هذا إذا لم يتم تجاهل الشخصية تماماً، حتى في الكتابات المعاصرة نلمس ذات التجاهل لشخصية الزهراء، ففي كتابه الذي أرخ فيه لأكثر من ستين عالماً لا يشير صديق البادي للحسين الزهراء على الرغم من تركيز الكاتب على منطقة الجزيرة التي ينتمي إليها الزهراء (البادي: 1994م)، أما الشاعر والمفكر محمد المكي إبراهيم فهو لا يشير بوضوح للزهراء وموقفه الشجاع، بل يتجاهل الأمر برمته ويشير له عرضاً، نجد ذلك في معرض حديث محمد المكي عن مساوئ حكم الخليفة عبد الله الذي على يديه تم اضطهاد المثقفين والعلماء السودانيين والتنكيل بهم (إبراهيم: 33:1986م).
    إهتم بعض الكتاب بشخصية الزهراء فالكاتب بشرى أمين أفرد دراسة لشخصية الحسين الزهراء بعنوان (القاضي حسين إبراهيم الزهراء مثل رائع للنزاهة والعدل) (أمين: 1970م) وقد أشار الكاتب إلى ظروف وملابسات اختلاف الزهراء مع الخليفة ورجاله. وكان الشيخ الحسين إبراهيم الزهراء ضعيف البنية، نحيفاً، فاحتمل ثقل الحديد كالمارد الجبار بهمة صلبة ونفس جَلِدَة(…) وكان بإمكانه أن يتراجع عن رأيه الذي سبب محاكمته لينجو من السجن ومن بعده الموت صبراً فأنف من ذلك ولم يفعل (نفسه:9).
    لم يكن غريباً أن يكون الشاعر والمفكر صلاح أحمد إبراهيم واحداً من القلائل الذي توقفوا أمام سيرة الزهراء والإعجاب بها، ففي معرض حديثه عن تكوين شخصية المثقف السوداني نجده يشيد بالتاريخ الناصع للشاعر والثائر الحسين الزهراء، يحاول صلاح قراءة العلاقة المتوترة بين الخليفة عبد الله وبين المفكرين مثل الزهراء يقول صلاح "لم يكن الخليفة عبد الله بحاجة للقلم فعنده ذهب المعز (…) ثم كان هناك الساير (السجن) حيث يسجن العالم والشاعر والكاتب الثائر الذي كان يحض الناس على العصيان والثورة باسم مستعار يعرفه الفطن (بأخي الحسن" (إبراهيم: 81: 1968م).


    محمود محمد طه:

    الأستاذ محمود هو أحد المفكرين الإسلاميين المجددين المعاصرين ، أكثرهم وأعمقهم إدراكاً لمأزق الفكر السلفي في مواجهة متغيرات الواقع المعاصر وما تطرحه من إشكاليات متواترة ومعقدة ولقد كان عميق الإدراك بنفس القدر لقصور محاولات الكثيرين من دعاة التجديد (بولا: 1996م: 30) والتجديد يبدو واضحاً منذ نشوء الحزب الجمهوري إذ نشأ بعيداً عن المؤسسة الطائفية على عكس الأحزاب السودانية خاصة حزبي الأمة والاتحادي.
    ويشير روجالسكي في دراسته الرائدة عن أيديولوجيا الفكر الجمهوري إلى آفاق التجديد التي ارتادها الفكر الجمهوري (روجالسكي: 1992م) يقول روجالسكي أن أهم ما يميز الفكر الجمهوري هو اختلافه عن الجماعات الإسلامية الأخرى في النأي عن المؤسسات التقليدية كالطرق الصوفية، ويعتقد روجالسكي أن حداثية الفكر الجمهوري تتركز في كونه يتجه أساساً نحو تحليلات الواقع المعاصر لرؤية السياسي والاجتماعي ويضع نقده التاريخي والتراث الإسلامي في الاعتبار (نفسه: 80).
    ومما يجدر ذكره أن روجالسكي هو الباحث الوحيد الذي نظر في مستقبل الجماعة بعد إعدام زعيمها، فهو يقول في هذا الصدد: "وما زالت الحركة الجمهورية في السودان، فيما يتعلق بالاتباع النفوذ وهامشية الأثر، ولم يتغير الوضع كثيراً بعد إعدام الأستاذ ولكن من المستبعد انهيار التنظيم في المستقبل القريب." (نفسه: 87).
    إن الفكرة الأساسية في فلسفة الفكر الجمهوري تتلخص في الشعار الذي يتصدر مطبوعات وأدبيات الحزب وهو شعار (الحرية لنا ولسوانا) ويذهب حيدر إبراهيم علي في هذا الصدد إلى أن محمود محمد طه كان مع هذا الشعار مما جعله مفكراً ليبرالياً محترماً خلال الحقبة الدستورية- البرلمانية في السودان فقد شارك في كثير من الفعاليات الخاصة بتدعيم الديمقراطية في السودان (علي: 1992، 13) بل إن حيدر يصف محمود بغاندي السودان وذلك حين يقول: "كان الأستاذ محمود ديمقراطياً حقيقياً ينبذ العنف ويسلك سلوكاً إنسانياً راقياً ولذلك استحق عن جدارة لقب (غاندي السودان) وكان ضد العنف سواء بالفعل أو بالقول "نفسه:14".
    ومن أسف أن محمود برغم أفكاره النيرة المنحازة للديمقراطية والعدالة لكنه تعجل النظر في الحكم على سلطة مايو الاستبدادية فقد وقف إلى جانب سلطة النميري وناصره بقوة، وحتى عندما بالغ النظام في العداء للشعب السوداني كان محمود وجماعته يدافعون عن سياسات النظام ويسوغون لها المبررات، فالفكر الجمهوري لم ير في الأزمات الاقتصادية الطاحنة التي جرت البلاد إليها سياسات نميري، لم ير فيها سوي "أزمة أخلاق"، فنجدهم يكتبون في مطبوعاتهم "إن أزمة أمتنا الراهنة هي أزمة أخلاق فنحن لا ينقصنا التخطيط العلمي ولا الخبرة الفنية ولا الكوادر المؤهلة بقدر ما تنقصنا الأخلاق." وقد ظل هذا الفكر يركز على مفهوم أزمة الأخلاق ويوظفها كمنظور في رؤية الواقع السياسي في البلاد ولعل هذا مما قاد الفكر الجمهوري وقادته ليروا في نظام مايو بكل دكتاتوريته واستبداده المنقذ للبلاد من تخلفها السياسي والاجتماعي، فهم يقولون عن هذه السلطة: "لقد وجد نظام مايو الشعب معطل الوعي السياسي والديني قاصراً عن مستوي المسؤولية، وتلك جريرة الأحزاب الطائفية، ولذلك كان لابد أن يقوم أمر السلطة التي تأتي لإصلاح ذلك الفساد على الوصاية الرشيدة على الشعب ريثما تبلغ به مبلغ الرشاد والمسؤولية." (الأخوان الجمهوريون: 1982م).
    ومن الغريب حقاً أنه برغم التأييد المطلق الذي وجده النميري بدكتاتوريته من محمود وجماعته إلا أن المعيار يختلف لدى الجمهوريين في النظر لعبد الناصر، وكما هو معروف فقد وصل نميري للسلطة عن طريق انقلاب عسكري ونفس الشئ بالنسبة لعبد الناصر، لكن الجمهوريين يقفون موقفاً عدائياً ضد عبد الناصر. فعبد الناصر بالنسبة للفكر الجمهوري" وصمة عار في التاريخ السياسي المعاصر للشعوب العربية (طه: 1967م) بل أن عبد الناصر في زعم الفكر الجمهوري هو المسؤول عن الهزيمة التي ألحقت بالعرب في حزيران وأن خزي الهزيمة الذي جلل الشعوب العربية ينوء به الزعماء ونصيب السيد جمال منه نصيب الأسد." (نفسه) وعلى النقيض من هذا الموقف المتطرف ضد عبد الناصر نجد موقف الفكر الجمهوري تجاه السادات الذي كتب الجمهوريون عنه كتاباً بعد موته جاء في مقدمته "هذا كتاب السادات.. حياته واستشهاده وحياته بعد الاستشهاد، فقد أعطي السادات حياته لقضية السلام واستشهد وهو يدافع عن السلام." (الجمهوريون: 1982م:3) وهكذا يبدو واضحاً الكيل بمعيارين تجاه نميري والسادات من جانب وتجاه عبد الناصر من جانب آخر.
    لسنا هنا بصدد مراجعة الفكر الجمهوري ولكننا حاولنا تلمس التأييد المطلق الذي حظي به نميري ونظامه من قبل الفكر الجمهوري ومن خلال هذا التأييد نستطيع تلمس رؤية هذا الفكر تجاه الديمقراطية أو العدالة الاجتماعية، ومهما يكن من أمر فهذا التأييد لم يشفع لمحمود عند نميري عندما اختلفا فلم يتردد النميري في تشكيل محكمة خاصة أهدرت فيها أبسط مجريات العدالة، لتقضي بإعدام محمود والحكم عليه بالردة، كل هذا بالطبع لا يقدح من قيمة استشهاد محمود وموقفه الشجاع في خاتمة حياته وهو الشيخ الذي ناهز السبعين فقد دافع محمود عما يراه صواباً ولم يساوم، وبهذا يكون محمود قد قدم نموذجاً للمفكر الشجاع الذي دفع حياته ثمناً لفكره، ولا شك أن تفاصيل وملابسات محاكمة محمود وإعدامه تؤكد حرص نميري على الإيقاع به، فالمحكمة الخاصة التي حاكمته لم تقم بإعدامه والحكم بردته فحسب بل كفرت الفكر الجمهوري بأجمعه وأمرت بحرق كتبه ومطبوعاته وصادرات دوره وأوصت بدفن جثمان محمود في مكان لا زال مجهولاً إلى يومنا هذا.
    يحار المرء حقاً من إهمال أو تجاهل أغلب الكتاب الذين عالجوا أمر الفكر الجمهوري لموقف الفكر من نظام جعفر نميري الاستبدادي (1969-1985م) فقد وقف هذا الفكر مسانداً ومؤيداً هذا النظام بل والتبرير لعسف النظام وبطشه بالشعب وتنكيله بالحريات، هذا نلمسه بوضوح في أدبيات الفكر الجمهوري التي ظلت تصدر طوال فترة تأييد الفكر الجمهوري لنظام مايو، من أسف أن مفكراً ومجدداً في قامة محمود محمد طه ومن وحزبه، يقفان وقفة المؤيد بل والمدافع عن نظام استبدادي قمعي وصل للحكم عن طريق انقلاب عسكري وعلى أنقاض نظام ديمقراطي، ومن الصعب تبرير مثل هذا المسلك من مفكر تصدى لتجديد الفكر الديني. على كل انقلب نظام مايو على الفكر الجمهوري وزعيمه بعد أن تغيرت الموازين الداخلية وتنكر النظام لكل المبادئ التي يدعي أنه جاء لأجلها، وقد فارق النظام الفكر الجمهوري عند إعلان الشريعة الإسلامية أو ما يسمى بقوانين سبتمبر في 1984م الأمر الذي رفضه الفكر الجمهوري، فكان أن قُبض على محمود وبعض أنصار الفكر الجمهوري وزج بهم في السجن ثم لفقت لهم تهمة الردة وشكلت محكمة خاصة من ألد أعداء الفكر الجمهوري حكمت بالإعدام على محمود ومن معه ثم أُعطيت لهم فرصة الاستتابة للرجوع عن أفكارهم وتراجع الجميع عن أطروحات الفكر الجمهوري عدا محمود الذي أصر على موقفه وتمسك بأفكاره ولم يتزحزح عن موقفه مما قاده إلى المقصلة.
    نادرة جداً المرات التي يقف فيها باحث أو كاتب أمام علاقة الفكر الجمهوري بنظام جعفر نميري القمعي، فهذه العلاقة تطرح الكثير من التساؤلات وأهمها مبررات وقوف مفكر في استنارة محمود مع حاكم مستبد، ومن الغريب حقاً وقوف الفكر الجمهوري مع النميري في وقت عارضته كل أحزاب الشعب السوداني والدراسات التي أشارت لهذه العلاقة لم تعالجها بعمق، ففي دراسته عن ملامح التجديد في الفكر الجمهوري يشير بولا على استحياء للعلاقة، يقول بولا "فقد كان تنظيم الأخوان الجمهوريين نموذجاً ممتازاً للجماعة الملتزمة المنضبطة النشطة (…) هذا على الرغم مما يمكن أخذه عليهم من بعض اضطراب في التحليل السياسي والمواقف المتصلة بمبادئ الديمقراطية في بعض لحظات فترة حكم النميري بالذات مما ليس يسعه الحيز." (بولا: 45) هنا وحده صلاح أحمد إبراهيم أشار لموقف محمود مع نميري (إبراهيم 2000) وأسمى الموقف برمته سذاجة، حيث يقول في معرض إشادته بصمود محمود وشهامته "كنت وصفته (محمود) في مجلة الدستور بأنه المايوي من منازلهم المايوي بالمجاني لسذاجته السياسية على الأقل في مساندة نظام بانت سوأته وانكشفت عورته واتضح للغاشي والماشي فساده، وما جرى للبلاد من دمار ونهب لثروات الشعب." (نفسه: 112) لكن صلاحاً بعد هذا العتاب يعود ليشيد بمحمود قائلاً "على أن محمود قال كلمته الصادقة ووقف شامخاً كالطود الأشم." (نفسه:112) بالطبع يمكن فهم عتاب صلاح الرقيق لمحمود وموقفه مع نظام نميري الاستبدادي، إذ وقف صلاح مع النظام وسانده وعمل سفيراً له لكنه استقال من منصبه احتجاجاً على تصاعد سياسة النظام القمعية وناصبه العداء إلى أن سقط النظام في أبريل 1985م. على كل، فإن الكثير من الكتاب والباحثين الذين درسوا الفكر الجمهوري لم يتوقفوا أمام علاقة هذا الفكر بنظام استبدادي غاشم مثل نظام مايو (1969-1985م) ولا ينظر هؤلاء الكتاب والباحثين لمسؤولية دعم الفكر الجمهوري لمثل هذا النظام الذي راح محمود بنفسه ضحية لبطشه واستبداده، وعادة ما تحمل المسؤولية للزعيم حسن الترابي وحزبه الجبهة الإسلامية القومية، فقد ظلت هذه الجماعة تترصد بالفكر الجمهوري وتعمل على تصفيته، يقول حيدر إبراهيم علي في هذا الصدد بأن الجبهة الإسلامية تتحمل مسؤولية إعدام محمود (علي: 20) ويبقى السؤال حول مسؤولية نميري نفسه في هذا الأمر، فليس من المنطقي القول بأنه كان أداة في يد الجبهة الإسلامية، بل يمكن القول أن الشهيد محمود مسؤول إلى حد كبير، فقد وقف إلى جانب حاكم سفاح ومستبد أرتوى من دماء خصومه، وفي جانب آخر يفسر محمد أحمد محمود إعدام الاستاذ محمود محمد طه قائلاً "إن ما جعل إعدام الأستاذ ممكناً في بلد إسلامي وفي الربع الأخير من القرن العشرين هو افتراض أن من يملك سلطة التفسير الديني يملك في نفس الوقت حق إعدام من يختلفون معه في الرأي والاعتقاد" (محمود: 1992-67-68).
    نخلص مما سبق للقول أن الذين دفعوا حياتهم ثمناًَ لحرية الفكر كانوا طلائع الدفاع عن هذه الحرية كانوا جميعاً من رجال الدين بل والمثقفين ولم يكونوا كفرة أو علمانيين أو أي شيء من هذا القبيل، وفي جميع الحالات كانوا من مؤيدي السلطة ومناصريها، أي كانوا جزءاً من المؤسسة الدينية، لكنهم منذ أن أعلنوا خلافهم مع المؤسسة صاروا أخطر أعداءها مما حدا بالسلطة للتنكيل بهم والحرص على تصفيتهم جسدياً، وهنا يبرز سؤال: لماذا يسارع الحاكم ويتسعجل الخلاص من هؤلاء المفكرين؟ وثمة مفارقة في هذا الصدد وهي أن العنف والإرهاب لا يطال سوى رجال الدين والفقهاء من الوطنيين، وأوضح مثال هذا المعاملة التي تلقاها اثنين من الأوربيين المسيحيين وهما سلاطين باشا والأب أهرولد، فقد جاء سلاطين باشا النمساوي الأصل إلى السودان وعمل مع غردون منذ 1879م، حيث كان حاكماً على دارفور في 1879م وبعد نجاح ثورة المهدية قبض عليه وأودع السجن وأدعى دخوله الإسلام وتمكن من الفرار من السجن، وحضر فيما بعد في معية حملة كتشنر التي هزمت المهدية في كرري 1898م، وقد ألف كتابه المعروف (السيف والنار) وهو من أشهر الكتب والمصادر التي كتبها الأوربيون عن تاريخ المهدية، وقد علق شقير على الكتاب قائلاً أنه نشر في أوائل 1896م ثم ترجم إلى أهم اللغات الأوروبية، وكان له أعظم شأن في أوروبا (شقير: 846) نفس الشيء الذي فعله الأب أهروالدر الذي حضر إلى السودان ضمن إحدى البعثات التبشيرية، ثم قبض عليه بعد قيام الثورة المهدية وأودع السجن، ولكنه تمكن من الهرب وأعد كتابه المشهور (عشر سنوات في سجن المهدي) (فانتيني، 1978م، 245) وكما هو واضح فإن الثورة لم تلجأ لإعدام أياً من الرجلين أو غيرهما، بل حرصت على بقاءهما في السجن، وقد عومل سلاطين معاملة خاصة وقرَّبه الخليفة له، خاصة عندما أوهمه سلاطين بإسلامه، لكن كل هذا لم يشفع للخليفة فيما بعد، وعندما كتب سلاطين كتابه كرس معظم الحديث عن شخصية الخليفة التي صورها أبشع تصوير.
    على كل، من الصعب تبرير السلوك الاستبدادي للحاكم المطلق، خاصة ضد مخالفيه في الرأي من المفكرين والفقهاء وربما يمكن تفسير الأمر بفهم شخصية الحاكم نفسه، فمفتاح هذه الشخصية هو القبيلة التي نشأت وتطورت وإزدهرت في مجتمع رعوي زراعي وتكرست فيه قيم السلطة الأبوية، فالبداوة هي مفتاح هذه الشخصية وهذه البداوة كما يعتقد عبد السلام نور الدين "تؤدي بالجماعة إلى أمرين، أولهما إنعدام الولاء للجماعة الكبيرة إذ أن الولاء مقصور للعشيرة أو القبيلة، والثاني أنها تمحو الحرية الفردية، لذلك فإن الفرد أنما هو قائم وموجود وعائش ومعترف به لأن الوحدة لكل القبيلة أو كل العشيرة) (نور الدين 115) وهذه البداوة تجعل المرء شديد الارتباط ببئته لدرجة يختزن معها كل العالم في هذه البيئة، لهذه يصبح من المستحيل عليه الاعتراف بالآخر، وقد يترتب على هذا الإقصاء أشكال من الاستبداد، الأمر الذي لاحظه نور الدين وذلك في قوله "إن طرد الآخرين من دائرة وعي البدوي يجعله لا يفرق بين القوة والحق." (نور الدين 120).
    مهما يكن من أمر، فمن الصعب النظر في سيرة هؤلاء المفكرين وإعدامهم دون إدانة الأمر أو على الأقل رفضه، فأي قراءة هذه التي تحاول تبرير مثل هذ السلوك، خاصة عندما يصدر من حاكم وطني يرفع شعار الإسلام ويدعي أنه يأتمر بأمر الله سبحانه وتعالى، ومع هذا فقد سعى نفر من المؤرخين السودانيين لتفسير العنف الذي انتهجته الدولة المهدية، خاصة في عهد الخليفة عبد الله، فنجد شبيكة يحرص بكل جهد لإيجاد بعض العذر في هذا العنف، وذلك في قوله: "وعهد الخليفة مثلاً ككل عهود الثورات على أنظمة المجتمع يرافقه العنف ولا يقبل إلا الخضوع والإذعان ولا مكان للمخالفين فيه." (شبيكة: 774) بل أن شبيكة يذهب إلى أن الخليفة برغم كل شيء مثله مثل المهدي صاحب مُثُل عليا، فشبيكة يقول: "ومهما قيل عن قسوة الخليفة وما عزي إليه من حكم بالحديد والنار فإنه كان يطبق مُثلاً عُليا دينية اجتماعية وفقاً لتعاليم المهدية بتنقية النفوس" (نفسه: 774) إننا لا نريد إسقاط مفاهيم عصرية مثل فكرة حقوق الإنسان والحريات العامة واستخدام هذه المفاهيم معياراً لمحاكمة المهدي ومن بعده الخليفة ونميري. وإذا كان من الممكن النظر لسلوك المهدي وخليفته في سياق عصرهم وفي ظل الظروف الدولية التي فرضت على المهدية دولة وثورة والبحث عن مبررات للسلوك الاستبدادي للحاكم، يكون من الصعب، إن لم يكن من المستحيل؛ النظر لسلوك نميري تجاه محمود بذات المنظور، فقد تم إعدام محمود بالأسلوب الذي أشرنا إليه والقرن العشرين يلفظ أنفاسه، وفي وقت أصبحت الحريات الأساسية وعلى رأسها الحرية الفكرية من البدهيات ومن المعايير التي ينظر بها المجتمع الدولي للحكم على مصداقية أي سلطة، عسكرية كانت أو مدنية قضت بإعدامه ومصادرة داره وحرق كتبه، وكان هذا الحكم واحداً من أسوأ جرائم نظام مايو، وهكذا انتهت علاقة المفكر الجمهوري الذي حاول مصالحة نظام تسلطي استبدادي.


    صلاح أحمد إبراهيم:

    بدأ صلاح أحمد إبراهيم حياته السياسية عضواً بالحزب الشيوعي السوداني ولكنه خرج عنه وصار من أكبر معارضيه، خاصة سكرتيره العام الشهيد عبد الخالق محجوب والذي دبج القصائد في ذمه، بادر صلاح بتأييد الانقلاب العسكري في مايو وعمل دبلوماسياً حتى ترقى إلى درجة سفير، واستمر في منصبه حتى بعد المجازر الدموية التي أقرها النظام في يوليو 1971م، لكنه سرعان ما اختلف مع نظام مايو واستقال من منصبه كسفير في الجزائر واستقر بباريس وظل يناصبه العداء موظفاً موهبته الشعرية ضد الطاغية جعفر نميري، وكتب العديد من القصائد اللاذعة التي جمعت فيما بعد في ديوانه محاكمة الشاعر للسلطان الجائر (إبراهيم: 1986) وظل يصدر صحيفة يحررها بمفرده كرسها لنقد الحكم، وفي هذا الصدد نشير لخطأ وقع فيه الطيب صالح في مقدمته لديوان صلاح (صلاح:1984م)، يقول الطيب صالح: "وقد عمل الشاعر لفترة طويلة في وزارة الخارجية وتقلد مناصب عدة كان آخرها منصب السفير في الجزائر، وقد استقال من ذلك المنصب حين أعدم النميري الشفيع أحمد الشيخ وعبد الخالق محجوب وآخرين بعد المحاولة الانقلابية التي قادها هاشم العطا." (نفسه: 19).
    وفي واقع الأمر فإن صلاح ظل يعمل مع الحكم المايوي لسنوات بعد إعدام الشهيد الشفيع أحمد الشيخ، وقد تحدث صلاح عن علاقته بمايو في حوار صحافي (جمال الدين: 1986م) يقول صلاح في هذا الحوار: "الحقيقة ظللت حتى قراري _أي الاستقالة_ سفيراً للحكم المايوي (1976م) كان بإمكاني الاستمرار مدة أطول وكان النميري يضع حساباً لي ويعفو عن كثير طالما لم أمسه." (نفسه) ويستمر صلاح سارداً الأسباب المباشرة التي دعته للخروج على النظام ومعارضته في أنه [النميري] كان يلاحق شعبي ويلاحق رجال أمنه بعض أهلي لا سيما شقيقته. حين استقلت من النظام كان النظام في أوج قوته، وكان كثيرون لم يفقدوا الثقة فيه ولم يكتشفوا سوءه الحقيقي الكامل وإنه لا رجاء فيه." (نفسه) ثم يستطرد صلاح متحدثاً عن الدور الذي حدده لنفسه ويقول: "حين استقلت كان الخوف مسيطراً على الجميع. وكان لابد من صوت جهير وكنت أعرف أن الصوت صوتي." (نفسه) وكما هو واضح فإن صلاح قد ظل على تأييده لمايو لأكثر من خمس سنوات. بل نجده يدين الحركة التصحيحية في يوليو 1971م، ونجده يتحدث عن هذه الحركة قائلاً: "بعد مذبحة دار الضيافة في يوليو، عقب فشل الانقلاب العسكري الأخرق الذي غامر به المرحوم هاشم العطا وضباطه اليساريون (أو يزعمون) تلك المذبحة التي قتل فيها أسري مقيدون على الأرجح بتخطيط مدروس ومكر محسوب تمهيداً للفظائع التي بررت بها وترتب عليها." (نفسه:85) وفي خضم حزنه على بعض شهداء المعركة لا يستطيع تجاوز كراهيته لعبد الخالق محجوب الذي كان واحداً من شهداء الحركة، يقول صلاح إن الحركة "عصفت ببعض أفضل أبناء شعبنا وقادته الأوفياء ولا سيما الشفيع أحمد الشيخ وجوزيف قرنق واستثني الموعز بتلك المغامرة التي لا يزال شعبنا يدفع ثمنها الفادح وسيظل لأمد طويل." (نفسه).
    وكما هو واضح فقد أخذ الصراع السياسي الكثير من وقت صلاح وطاقته الإبداعية، وستجد جزءاً ليس باليسير من انتاج صلاح الإبداعي يوظف مباشرة لهذا للصراع، وخير مثال هنا الكراسة الشعرية التي كرسها صلاح للهجوم على الحكم المايوي، وهي مجموعة "محاكمة الشاعر للسطان الجائر" ونلاحظ إن صلاح خرج على النظام المايوي بعد أن ظل مؤيداً له لأكثر من خمس سنوات وتحول صلاح من التأييد والقبول إلى المعارضة الشرسة. ولا شك أن العلاقة بين صلاح ونظام مايو لم تكن أصلاً على ما يرام، نلمس هذا في حدة الرفض التي قابل بها حكام مايو عندما بادر جمال محمد أحمد بنشر القصيدة في جريدة الصحافة التي كان يرأس تحريرها ويحكي صلاح في ديوانه (غابة الأبنوس) الطبعة الجديدة، الواقعة بمرارة ويقول: "إن جمال محمد أحمد لم يتردد نشرها (القصيدة) ومع توسله لذلك بتصدير تلطف فيه كثيراً ولطَّف من وقعها، استدعاه الضباط الصبية المذعورون قادة النظام النميري [هكذا] يعنفونه بإحساس بالإثم وهلع شديد، تعنيفاً وقمعاً على نشرها مهددين منذرين." (نفسه).
    أما عن علاقة صلاح بالإنقاذ فهي تتأرجح بين التأييد والرفض. وعلى الرغم من تأييد صلاح لنظام الإنقاذ لكنه ظل محافظاً على موقفه المستقل وظل مطالباً بالديمقراطية، وكان عشمه أن يقوم نظام الإنقلاب بإصلاحات ديمقراطية. وظل صلاح يؤيد بشدة الحرب التي يشنها النظام في الجنوب، وهذا ربما يرجع لإختلافه بل وكراهيته للعقيد جون قرنق، نلمس هذا في الرسالة المهمة التي أرسلها صلاح لقادة الإنقاذ (إبراهيم: 1999م)، فيها يقول صلاح: "إن طريق المصالحة الوطنية الكبرى يمر بلا جدال أو شك عبر مصالحة صغري تتم في الشمال (...) لقد انتهزت فرصة وجودي بالعاصمة لتحسس آراء المواطنين وقد وجدت تمسكاً شديداً بالديمقراطية." (نفسه) وعن جون قرنق يقول صلاح "وجون قرنق على عكس ما يتظاهر به من ثورية وتقدميه واشتراكية(....) عدو مبين لشعب السودان، عدو ذو نوايا انتقامية عنصرية."(نفسه) ويطالب صلاح النظام بإصلاحات ديمقراطية بقوله: "أرى أن تطلق السلطة اليوم القادة النقابين من السجون، وأن تجرى انتخابات حرة وديمقراطية وبإشراف جهات محايدة ترضاها قيادات النقابات القائمة الآن وجمهور النقابيين."(نفسه).


    عبد الله علي إبراهيم:

    أما عبد الله علي إبراهيم فقد انتمي لليسار في سن مبكرة وذلك بحكم نشأته في مدينة عمالية هي مدينة عطبرة التي كانت واحدة من قلاع النضال الوطني، وفي جامعة الخرطوم تفتحت مواهب عبد الله ككاتب وقاص وكرَّس هذه المواهب للدفاع عن الفكر الماركسي وأطروحاته، وصار من قيادات الحركة الطلابية في جامعة الخرطوم، وكان واحداً من ضحايا القمع والتشريد اللذين كانا ديدن النظام المايوي خاصة بعد فشل حركة 19 يوليو الانقلابية، وبرغم القمع والإرهاب إلا أن عبد الله ظل واحداً من قيادات الحزب الشيوعي النشطة وظل يواصل مهامه في مخبئة السري لأكثر من خمس سنوات، لكن عبد الله خرج من المخبأ بعد المصالحة الوطنية في 1979م وأعلن استقالته عن عضوية الحزب الشيوعي، واصل نشاطه الإبداعي والفكر المستقل كمثقف ديمقراطي يساري، ورجع لوظيفته كأستاذ بجامعة الخرطوم وأنجز رسالة دكتوراه في الفوكلور في الولايات المتحدة، وفي عام 1988م أعلن إنشائه لمركز الدفاع عن الديمقراطية وظل يساهم بحماس بكتاباته العلمية والصحفية. وبقيام انقلاب الإنقاذ في يونيو 1989م كان عبد الله من أول المؤيدين للانقلاب منذ ساعاته الأولى، وظل يشارك في مؤتمرات الإنقاذ بنشاط وفاعلية. وخلال هذه الفترة أصدر عبد الله بعضاً من مؤلفاته المهمة التي تدل على هويته كمثقف ديمقراطي، وعلى رأس هذه المؤلفات مؤلفه المهم الذي يدرس فيه الثقافة السودانية من منظور ديمقراطي (إبراهيم: 1996م) وظل يواصل كتاباته مركزاً على نقد غياب الديمقراطية في الحزب الشيوعي السوداني؛ الأمر الذي تأكد في تقريره بضلوع الحزب في انقلاب 19 يوليو 1971م، يقول عبد الله "ألقى انقلاب يوليو بظلال كثيفة على دفاع الحزب الشيوعي عن الديمقراطية الليبرالية والتغيير الاجتماعي (...) وألمت بالحزب مصائب الانقلابات التي حرمته من التصالح المشكوك فيه مع الديمقراطية الليبرالية." (إبراهيم: 1999م) وبرغم نقده المستمر للكثير من ممارسات الحزب الشيوعي نلاحظ أن عبد الله يسعى لتجميل صورة الشهيد عبد الخالق محجوب ونفي تهمة مسئوليته في الأخطاء التي ارتكبها الحزب، وعبد الله يشبِّه عبد الخالق بالتشيللو المنفرد كناية عن تفرده وعبقريته (إبراهيم: 1999م) وفي دفاعه عن عبد الخالق يرفض عبد الله آراء بعض خصوم عبد الخالق، خاصة صلاح أحمد إبراهيم الذي يشبِّه عبد الخالق بـ(نانسي) أو العنكبوت المخادع، يقول عبد الله "أما صلاح فشهادته مطعون فيها وتحامله وارد على عبد الخالق الذي يظن صلاح أنه السبب في طرده من الحزب دون وجه حق." (نفسه) وفي جانب آخر نجد عبد الله يقرظ أفكار عبد الخالق محجوب حول الدين (إبراهيم: 2001م) وربما هنا تكمن إشارة عبد الله لعبد الخالق بالتشيللو المنفرد، يقول عبد الله "من المؤسف أن نظرات عبد الخالق حول غربة الماركسية والدين لم تجد من الحزب الشيوعي لا تجديداً ولا تطويراً." (نفسه) ويضيف عبد الله "لم يتسنَّ للشيوعيين وهم بهذا الانشغال بـ(تهويس) الدين أن ينموا فكرة عبد الخالق عن يوتويبا الإسلام التي تعبئ المسلمين حول المثال الباكر لمجتمع النبي (صلي الله عليه وسلم) والصحابة الذي اتسم ببساطة الحكم وكرامة الرعية." (نفسه) ولا شك أن عبد الله كان يتمني لو كرس الحزب الشيوعي مبادئ الديمقراطية ولم ينحرف عنها، وعبد الله هنا يعيد أفكاره حول التعددية، وهي الأفكار التي ظل ينادي بها إبان الديمقراطية الثالثة، فنجده مثلاً يكتب في عموده (ومع ذلك) "لقد أقنعتنا سنوات عجاف من الديكتاتورية في ظل الفريق عبود بأن الديمقراطية الليبرالية ليست كلمة جوفاء، وتعلمنا في ظل نظام نميري الطويل أن الديمقراطية الجديدة أو الثورية في تعبير فريد لعبد الخالق محجوب، "ليست صراخاً من أعلى البيوت (...) واستقر عندنا لذلك أن المساواة الاجتماعية، الكفاية والعدل، لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا من فوق ممارسة نشطة وتمثل عميق للحقوق الأساسية المكفولة في الديمقراطية الليبرالية." (إبراهيم: 2001م) ونجد عبد الله يتحدث عن ضرورة التمسك بالديمقراطية، فعلى سبيل المثال نجده بعد إستيلاء حركة التمرد على الكرمك، يقول"علينا ألا نمل القول أن الذي ندافع عنه من حول الكرمك هو النظام البرلماني التعددي الذي حصل عليه شعبنا بعد جهاد [هكذا] طويل، من أجل هذا النظام لأنه هو وحده الذي يعطينا حق الخلاف وبناء وحدة بلدنا من واقع التنوع." (إبراهيم: 2001م) ونجده كذلك يعبر عن هواجسه وشكوكه حول قدرة العساكر على حماية الديمقراطية الأمر الذي يعني تخوفه من حدوث إنقلاب يقضي على الديمقراطية، يقول في هذا الصدد "أجد في نفسي شخصياً صعوبة جمة في تعليق الأمل على العسكر في الدفاع عن الوطني ككيان ديمقراطي ولا أخيراً، وهذه الصعوبة ناجمة عن أن مثل قلمي قد نشأ وتربى في لعن العساكر." (نفسه)، ومع إيمان عبد الله بالديمقراطية وتمسكه بها ظل معادياً لحركة تحرير السودان وقائدها جون قرنق، وهو لا يرى في الحركة سوى دمية في يد النظام الاثيوبي برعاية زعيمه السابق الديكتاتور منقستو هيلا مريام، نلمس هذا في قول عبد الله "هذا النظام هو الذي تستعلي عليه تكتيكات العقيد جونق قرنق المغامرة التي ترعى بقيد النظام الإثيوبي المفارق للديمقراطية في نشأته وتقاليده وتوجيهاته، ففي الكرمك إذا تصطدم قوى الديمقراطية وقوى الحروب والعنهجية."(نفسه) وبرغم دفاع عبد الله عن الديمقراطية إلا أنه لم يتردد في تأييد نظام الإنقاذ الذي قضى على الديمقراطية الثالثة، بل يدافع عن النظام ويبرر قيامه، وهو يرى أن قيام الإنقلاب بقيادة الجبهة الإسلامية القومية أمر طبيعي وهو ينطوي على رد من قبل الجبهة الإسلامية ضد القمع الذي مارسته الأحزاب والجماعات السياسية في حقها، وعبد الله يجيب على تساؤل الطيب صالح الذي أطلقه في مقالته الشهيرة من أين أتى هؤلاء؟ إضافة لكل هذا فإن عبد الله ظل على عداء مع التجمع الوطني المعارض لنظام الإنقاذ.
    وفي عموده (الذي يصلحك) الذي كان يحرره في صحيفة الصحافي الدولي، ظل عبد الله يعلن موقفه المتعاطف مع سلطة الإنقاذ والرافض لأطروحات المعارضة، خاصة التجمع الوطني، وفي آخر كتاباته في تعليق له على مذكرة د.فاروق محمد إبراهيم التي بعث بها إلى عمر البشير حول واقعة تعذيب تعرض لها (إبراهيم: 2001م) وطالب عبد الله أن يبادر كل من أذى فاروق بالاعتذار له وطلب الصفح قبل أن تجعل الإنقاذ ذلك سياسة مقررة (نفسه) ويعلق عبد الله على هؤلاء بقوله "وأنا حسن الظن بهم لأنهم رجال دين هم أكثر من فاروق حاجة إلى طلب العفو لأنه يطهرهم ويزكيهم." (نفسه).
    ولعله من الغريب جداً تأييد عبد الله لنظام ظل يعلن أن الحرب الأهلية ضد الأخوة في جنوب السودان حرب مقدسة، فعبد الله معروف بمناداته بالحوار بين الثقافات، ففي لقاء معه حول هذا الحوار في أوائل الثمانينيات يؤكد ضرورة التعايش بين الثقافات السودانية ويخلص إلى أن هذا الحوار يحتاج إلى خيال خلاق وشروط ديمقراطية متسامحة للتساكن الثقافي في السودان، ويقع عبء هذه الشروط أول ما يقع على الثقافة العربية الإسلامية وهو خيال وشروط هي مناط إعلان 9 يونيو 1969م (ابراهيم: 1981م).
    نخلص للقول أن عبد الله علي إبراهيم مثله مثل أغلب المثقفين السودانيين يدافعون عن الديمقراطية نظرياً فحسب لكن على مستوي التطبيق يختلف الأمر كثيراً.
    وهكذا تباينت مصائر ومآلات المثقف مع السلطة في السودان منذ ظهور الدولة بشكلها الحديث، فالسلطة المركزية التي يسيطر عليها الديكتاتور تتربص بالمثقف وتغازله، فإذا أذعن لها وتغنى بفضائل وعبقرية الدكتاتور فهو الفائز برضا ومحبة الديكتاتور، ويكون له مبيت ومقيل في السلطة على حد قول منصور خالد. إما إذا تمسك بأفكاره وقال (لا) ساعتها لن يتردد الديكتاتور في إهدار حياة هذا المثقف، وهذا ما حدث مع الزهراء ومحمود.
    نخلص للقول إن الاحترام والتوقير للمثقف لا يتم إلا بإرساء قواعد الديمقراطية والشفافية وبانهاء ثقافة العنف والإقصاء في حياتنا السياسية.

    محمد المهدي بشري
    أكتوبر/2007م
    عبد الكريم ميرغني


    المراجـع:

    إبراهيم عبد الله علي 1968م الصراع بين المهدي والعلماء
    الخرطوم: جامعة الخرطوم، أبحاث السودان كراس رقم (3)
    إبراهيم، محمد المكي 1989م الفكر السوداني: اصوله وتطوره
    الخرطوم: مطبعة ارو التجارية
    إبراهيم، صلاح أحمد 1968م المثقف السوداني في المصطرع الثقافي
    الخرطوم- العدد الأول أكتوبر ص(68-81)
    أمين، بشري 1970م القاضي حسين إبراهيم الزهراء مثل رائع للنزاهة والعدل
    الخرطوم: عدد سبتمبر (1970): 84-91
    بادي، (ال) صديق 1994م معالم وإعلام
    الخرطوم: وزارة التخطيط الاجتماعي
    جموريون (ال) الأخوان 1982م السادات رجل السلام
    الخرطوم
    نور الدين عبد السلام 1986م في نقد العقل البدوي
    الرباط- دار التنوير
    فانتيني، ج1978م تاريخ المسيحية في الممالك القديمة والسودان الحديث
    الخرطوم. (د.ن)
    شبيكة، مكي 1968 تاريخ السودان
    بيروت دار الآداب
    شقير، نعوم 1964م جغرافية وتاريخ السودان
    بيروت دار الآداب
    عابدين، عبد المجيد 1967م تاريخ الثقافة العربية في السودان
    بيروت دار الآداب
    طه، محمود محمد 1967م رئيس الحزب الجمهوري يقدم مشكلة الشرق الأوسط
    امدرمان- الحزب الجمهوري
    أخوان (ال) الجمهوريون 1977م تماسك الجبهة الداخلية، لإحباط تآمر الشيوعية
    الدولية ولتأمين دين الشعب ومستقبله ط/2
    أخوان (ال) الجمهوريون 1977م الصلح خير
    الخرطوم- الخرطوم
    أخوان (ال) الجمهوريون 1979م مخطط الصادق والترابي والهندي لاحتواء نظام مايو
    أخوان (ال) الجمهوريون 1979م ساووا السودانيين في الفقر إلى أن يتساووا في الغني
    الخرطوم
    باشري، محجوب عمر 1986م رواد الفكر السوداني
    الخرطوم: ودار الفكر، بيروت: دار العالم الإسلامي
    بخيت، كمال حسن إعداد 2000م "الدكتور منصور خالد في حوار الصراحة مع الصحافة"
    الصحافة 8 فبراير 2000م
    حجازي، أحمد مجدي 1986م المثقف العربي والإلتزام الأيدولوجي دراسة في أزمة
    المجتمع العربي في مي عزت حجازي وآخرين نحو
    علم اجتماع عربي: علم الاجتماع والمشكلات
    العربية الراهنة
    بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية
    خالد، منصور 197م حوار مع الصفوة
    الخرطوم: دار جامعة الخرطوم للنشر
    "المغامرات النخبوية: في حكاياتنا مايو"
    خالد، منصور 200م الصحافة 10 أكتوبر
    عبد الله، إسماعيل حسين- 2000م " العوائق الهيكلية للتجارب الديمقراطية في السودان"
    علي، حيدر إبراهيم – 2001م ، المثقفون: التكوين في السودان
    سلبية الثقافة السياسة
    القاهرة: مركز الدراسات السودانية
    عثمان فتحي- 1994م حوار مع الصلحي
    كتابات سودانية
    سيد أحمد، عبد السلام الفقهاء والسلطة في سنار:1991م قراءة في تاريخ الإسلام والسياسة في السودان
    1500-1821
    براغ: نايل للإعلام والدعاية والنشر
    قلندر، محمود سنوات النميري 2005م الخرطوم: مركز عبد الكريم ميرغني
                  

العنوان الكاتب Date
الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائقية 9م الجمعة (صور من البرنامج) عبدالله عثمان06-20-16, 06:28 AM
  Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق adil amin06-20-16, 09:05 AM
    Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-21-16, 06:38 AM
      Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق ANWAR SAYED IBRAHIM06-21-16, 08:03 AM
        Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-21-16, 08:22 AM
          Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق MOHAMMED ELSHEIKH06-21-16, 09:27 AM
            Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-21-16, 10:33 AM
              Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالغني كرم الله06-21-16, 03:38 PM
                Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-23-16, 06:58 AM
                  Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-23-16, 09:20 AM
                    Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-23-16, 09:21 AM
                      Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-23-16, 09:23 AM
                        Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-24-16, 06:20 AM
                          Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-24-16, 10:33 PM
                            Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق Yasir Elsharif06-25-16, 00:34 AM
                              Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق MOHAMMED ELSHEIKH06-25-16, 09:21 AM
                                Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق Yasir Elsharif06-25-16, 11:39 AM
                                  Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله الشقليني06-25-16, 04:13 PM
                                    Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق Yasir Elsharif06-26-16, 02:45 PM
                                      Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق محمد الزبير محمود06-27-16, 09:07 AM
                                        Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله الشقليني06-27-16, 06:23 PM
                                          Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق محمد الزبير محمود06-28-16, 09:42 AM
                                            Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق محمد الزبير محمود06-28-16, 01:28 PM
                                              Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 06:47 AM
                                                Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 06:49 AM
                                                  Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 06:50 AM
                                                    Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 06:56 AM
                                                      Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 07:11 AM
                                                        Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 07:12 AM
                                                          Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 07:13 AM
                                                            Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 07:16 AM
                                                              Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 07:24 AM
                                                                Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 07:25 AM
                                                                  Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 07:26 AM
                                                                    Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان06-29-16, 07:27 AM
                                                                      Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق Yasir Elsharif06-29-16, 09:15 AM
                                                                        Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق adil amin06-29-16, 11:26 AM
                                                                          Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق adil amin06-29-16, 11:31 AM
                                                                            Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق Yasir Elsharif07-02-16, 06:15 PM
                                                                              Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق محمد الزبير محمود07-03-16, 09:07 AM
                                                                                Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق Yasir Elsharif07-03-16, 09:44 AM
                                                                                  Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق Yasir Elsharif07-03-16, 10:15 AM
                                                                                    Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق محمد الزبير محمود07-03-16, 02:08 PM
                                                                                      Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله عثمان07-04-16, 09:41 AM
                                                                                        Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق مامون أحمد إبراهيم07-04-16, 07:01 PM
                                              Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله الشقليني07-04-16, 08:24 PM
                                                Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق Yasir Elsharif07-05-16, 09:42 AM
                                                  Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق محمد الزبير محمود07-05-16, 11:05 AM
                                                    Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق عبدالله الشقليني07-05-16, 09:30 PM
                                                      Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق محمد الزبير محمود07-05-16, 10:52 PM
                                                        Re: الأستاذ محمود محمد طه على الجزيرة الوثائق Yasir Elsharif07-11-16, 09:48 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de