كُنتُ من المارّة اتطلّعُ إلى وجهي في الشَّارِعِ أسوي هيئتَهُ على عينيهِ يقهقهُ من بُثُورِ الحُبِّ والاِرتباكِ يناولني ابتسامةً إسمنتيةً… أهرولُ إلى الحبيبةِ أنغام قِيثارٍ ولون.
كُنتُ من المارّة أنصبُّ في مِقعدٍ قُبالة الشّارِع أهشُّ بالشُجونِ تمزُقَ الوقتِ على يدِّ المسافةِ نطمرُ هوةَ الأوجاعِ بالثرثرة نشيّدُ بِلاداً من الأمنياتِ ثم ندعُها أخر المطافِ لصبيّ المقهى ليغسلَها في كؤوسِ الشّاي ... بِلادي محضُ تبغٍ للأنس قهوةٌ للحنينِ والأخيلة
كُنتُ من المارّة أطوي بقدمينِ من قلقٍ الشّارِعَ وتعرُّجاتَهُ حتى يلحقني حصاهُ بالرّمل يُسوي بدني بغبارِهِ الكالح خرائطَ مُدنٍ وأنهارٍ مقدسة
كُنتُ من المارّة أقدسُ الأطلالَ أرنمُ قُبالتها رقصَ الدرويشِ وروحَهُ الظامئةَ لحورٍ في الخدورِ أمزقُ الحُجبَ بالتراتيلِ والنحيب حتى التحقتُ بالمُفترق
كُنتُ من المارّة أضربُ بفُرشاةِ النّسيانِ على قُماشةِ الذّاكِرةِ عسى أن أبدّدَ الحليبُ والأزقةَ والبلد
كُنتُ من المارّة أحترقُ وأحترقُ وما من مصبٍّ لرماديّ خلا الأرق.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة