محمد بن ميلود يكتب بمناسبة موت محمد علي كلاي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-13-2024, 12:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-05-2016, 07:30 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
محمد بن ميلود يكتب بمناسبة موت محمد علي كلاي

    06:30 AM June, 05 2016

    سودانيز اون لاين
    بله محمد الفاضل-جدة
    مكتبتى
    رابط مختصر

    بمناسبة موت علي كلاي، التي لا أجد كثيرا أنها مناسبة حزينة باعتبار أن علي كان ملاكما، والملاكم يظل ملاكما حتى اللحظة الأخيرة، بل وحتى بعد موته. كما يصعب حتى على المتفرجين الشفقة على ملاكم قضى حياته كاملة في لكم الناس ولكم دمى التدريب ذات الوجوه الجامدة والقاسية. أتخيل كم لكمة سددها محمد علي في الهواء، في التدريب، في الشارع لخصوم جهلوا أنه ملاكم، ثم على الحلبات، كما داخل أحلامه أيضا وهو نائم يحلم بمباريات نهائية أو بأشباح يسدد لها ضربات محكمة دون أن تسقط بل تضحك مقهقهة داخل روحه، ثم حين يستيقظ هلعا يتصبب عرقا، يتجه إلى الدوش، يطلق ماء ساخنا على رأسه ويجلس منهارا لدقائق مسترجعا في خياله ملاكمة الأشباح. إنها ملايين من اللكمات على طول سنين من الهوس بالأذرع المفتولة والقفازات والعد حتى عشرة لخصوم ساقطين على الحلبات قبل إعلان نهايات النزالات. ملايين من اللكمات، تحول حياة الملاكم في النهاية إلى قبضة مطبقة على التحدي تصير الشفقة إزاءها ضربا من الإهانة. المواساة الوحيدة التي يمكنك تقديمها لملاكم خسر مباراة هي أن تقول له: حظا سعيدا أتمناه لك في المباراة القادمة، والآن أيضا بعد أن أسقط الموت محمد علي كلاي بالضربة القاضية، أو فاز عليه على الأقل بالنقاط، حري بعشاقه أن يواسوه هكذا فقط بتربيتة رجولية خفيفة على كتفه: حظا سعيدا نتمناه لك يا علي في النزال القادم، حظا سعيدا يا علي.
    رفض علي كلاي القتال في فيتنام، مواجها مصير تجريده من اللقب وسجنه. لم يكن جبانا حين رفض، فقد كان ملاكما، وأول شيء يكون الملاكم قد قضى عليه في أول نزال له على حلبة فارغة هو الجبن. لم يكن جبانا، بل كان فقط يفكر كما يلاكم، ويتكلم كما يلاكم، ولم يكن فن الملاكمة ولن يكون فنا نبيلا كما يلقبونه لتبرير دمويته وعنفه بهذا اللقب أو بتمرير فتيات رقيقات عاريات بين جولة وجولة، بل الملاكمة هي الملاكمة، وعلى الملاكم اعتبار خصمه عدوا حتى لا تأخذه الشفقة به، ثم أكثر من ذلك عليه الإيمان بأن خصمه عدو حقيقي يقف حائلا بينه وبين المجد عليه تصفيته. لا يشفق الملاكم على خصمه أبدا إلا حين يتأكد أنه انتهى، وأنه لن يقف من جديد، وأنه لم يعد محتاجا إلى لكمه لكمة إضافية مجانية قد تنهي حياته وليس كرامته فقط. علي كلاي كان يفكر خارج الملاكمة كما يلاكم بالضبط، سواء خاطب خصما أو خاطب دولة كأمريكا، يشبه ذلك المواجهات الكلامية بين الملاكمين أثناء أخذ أوزانهم قبل المباراة. تسديد اللكمات بالفم هو أيضا جزء من حياة الملاكم وروحه ونبضات قلبه، إذ يصعب علينا تخيل ملاكم يواجه بكلمات لطيفة، سيبدو ذلك نشازا، لكنه سيبدو في غاية الكمال فقط خارج كل المواجهات أن يجلس الملاكم بعضلاته البلاتينية المفتولة ليتحدث برقة عن الإنسانية والعواطف ويبكي.
    رفض محمد علي القتال في فيتنام لأن القتال في فيتنام في حقيقة الأمر لم يكن باللكمات، بل بالرصاص والسكاكين والقنابل والطائرات. يمكن لأي مقاتل فيتنامي قصير ونحيف يجيد التخفي وسط الأشجار الإطاحة بعلي كلاي برصاصة واحدة رخيصة لا يتجاوز ثمنها درهما، وفي الحرب تكون بالمجان ولا تفرق بين صدر ملاكم وصدر فيلسوف وصدر نذل. ثم إن الفيتناميين الأقرب في السمرة والدونية إلى محمد علي لم يكونوا أعداءه، بل عدوه الحقيقي كان هو أمريكا نفسها، الإنسان الأبيض، طفولته، تاريخ أجداده الزنجي الطويل المجرجر كذيل الوحش في وحل الذل والاستعباد. لذلك كانت لكمات محمد علي على الحلبة أكثر قوة وفتكا وإطاحة بالخصوم، فتلك اللكمات لم تكن بالذراع فقط، بل بالأعماق أيضا، بالحقد والحنق الدفين والرغبة الجارفة في الانتقام وتحقيق العدالة. بالتالي حتى تاريخه لم يقتصر أبدا على تبادل اللكمات مع الخصوم، بل تجاوز ذلك إلى أفكار وطموحات وأحلام تلاكم السلطة والعبودية والعنصرية، وحتى عشاق علي كلاي كانوا يعتقدون كل مرة يسقط فيها علي كلاي خصومه البيض على الحلبة أنه أسقط كل الغطرسة والعنصرية والذل بلكمة واحدة، لقد أسقط علي كلاي أمريكا المتغطرسة بلكمة قاضية! فيحتفلون شاعرين بنصر وهمي عملاق.
    حتى حين ينازل علي كلاي زنجيا آخر يكون للنصر نفس الطعم والمعنى، لأن الزنجي الخصم لا يمثل الزنوج كما كان يفعل كلاي معطيا لنفسه تلك الشرعية، بل لا يمثل ذلك الزنجي سوى نفسه، وأكثر من ذلك يبدو متواطئا مع البيض مدافعا عنهم خائنا للأجداد يجب الإطاحة به دون شفقة قبل التفرغ لمنازلة البيض. لكن علي كلاي لم يكن فيلسوفا بل ملاكما، لذلك كانت حتى فلسفته تلك فلسفة ملاكمي الشوارع، ليس على وجهها قناع، وليست مسلحة بالضرورة بالمنطق والحجاج الحق والحكمة، بل فلسفة شوارع خلفية وأحقاد دفينة ومواجهات رعناء ومتحمسة بالشتائم والأيدي والاتهامات قبل البدء في شجار.
    علي كلاي الذي لاكم اسمه القديم كاسيوس كلاي أكثر مما لاكم خصومه، اسمه القديم: اسم العبد، اسم المهانة، أسقطه بالضربة القاضية بتغييره إلى محمد علي كلاي، بما لهذا التغيير في الاسم والانتماء من إيحاءات تشفي الغليل بمصادقة البعيد العدو والتماهي معه ضد القريب العدو. لقد كان الإسلام فعلا اختيارا موفقا لاستفزاز كامل للعدو الأبيض المسيحي يليق فعلا بالملاكمين.
    لكن رغم ذلك، فقد كانت ملامح علي كلاي مناقضة حقا لمهمته هذه، وجهه وجسده لا يوحيان كثيرا أنه ملاكم، كما أن الطاقة التي عاشت بداخله تجاوزت طاقة الملاكمين العاديين إلى درجة أرستقراطية أعلى، فحتى أفكاره وإيمانه بكل ما تحمله من شعبوية وتحد وفوضى كانت نابعة من نبل يُحَس دون كلمات ومن معرفة مباشرة وفطرية وعبر التجربة بالإنسان وبالسلطة والحيف وبالعدالة. على عكس ملاكمين آخرين، كان بإمكان علي مثلا قتل جورج فورمان في زائيير حين كان يصرخ الجمهور الزنجي المتحمس في علي: اقتله يا علي.. اقتله يا علي.. لكن علي لم يفعلها، لم يضف مزيدا من اللكمات، لقد اكتفى بالنصر على القتل، الأمر الذي لا أعتقد أبدا أن تايسون كان سيفعله، تايسون الذي لا يلاكم لينتصر، بل ليقتل. تايسون النموذج الأكثر تجسيدا للملاكمة حتى من علي كلاي. علي كلاي الأكثر تجسيدا للمقاومة حتى ما بعد الموت منه للملاكمة.
    حظا سعيدا نتمناه لك في نزالاتك القادمة يا علي.

                  

06-05-2016, 10:13 AM

الطيب مصطفى

تاريخ التسجيل: 09-01-2009
مجموع المشاركات: 966

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: محمد بن ميلود يكتب بمناسبة موت محمد علي كل (Re: بله محمد الفاضل)


    ليتك يا صديقي تناولت الجانب الإنساني والإيماني من هذا الرجل الأسطورة ....
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de