نهاية تاريخ السودان!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 05:44 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين

مكتبة الفساد

ابحث

مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات

News and Press Releases

اتصل بنا

Articles and Views

English Forum

ناس الزقازيق

مدخل أرشيف للعام 2016-2017م

نسخة قابلة للطباعة من الموضوع ارسل الموضوع لصديق اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة

« | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »

04-12-2016, 04:47 PM

محمد عثمان الحاج

تاريخ التسجيل: 02-01-2005
مجموع المشاركات: 3514

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين

نهاية تاريخ السودان!
03:47 PM April, 12 2016 سودانيز اون لاين محمد عثمان الحاج- Toronto مكتبتى رابط مختصر بصدفة من غرائب الصدف شاء القدر أن أعود للسودان في نفس اليوم والتوقيت الذي غادرته فيه قبل 28 عاما لتكتمل بذلك دائرة محيطها ثمانية وعشرين عاما بعدد منازل القمر والحروف العربيةـ يحار في تفسيرها أهل الحكمة الباطنية والعلوم الخفية! عدت للوطن كما عاد أوليسس في ملحمة هومر شاعر الإغريق بعد رحلة أهوالها تذهل العقول لأجد أن الوطن نفسه قد سار في رحلة أعجب من رحلتي ووصل لموضع تقاصر عنه خيالي، عدت إلى أم درمان فلم أجدها مدينة احتضرت كما قال محمد الواثق وبادت، أو مدينة متعة السفر إليها تفوق متعة الحلول فيها كما هي أيثاكا كازانتزاكيس! كان من حسن حظي أن أجد مقعدا قرب النافذة وما أن عبرت الطائرة البحر الأحمر إلا وتعلق نظري بالأرض التي عاش فيها أسلافي مـتأملا في قسوة تضاريسها وطبيعتها، وسرعان ما انتابتني الدهشة وأنا أشهد من الجو توسعا زراعيا في منطقة كانت جرداء من قبل، ولفتت نظري دوائر خضراء عملاقة متكررة علمت فيما بعد أنها زراعة بالري المحوري، وازدادت دهشتي وأنا أرى ذلك التوسع الزراعي يستمر حتى اطراف العاصمة، قلت في نفسي: لن يجوع الشعب السوداني مرة أخرى مادام الأمر هكذا! أذهلني التطور العمراني والشوارع الجديدة، ولكن ما أذهلني أكثر هو تغير جوهري في سلوكيات الإنسان السوداني نفسه، اختفت حدة الطبع والميل للتشاجر وأصبح الناس متسامحون تجاه بعضهم لدرجة مذهلة، كنت قد أعددت نفسي لرؤية مشاهد مؤلمة: أناس جوعى ومرضى وشحاذون في كل مكان، وكنت أظن أنني سأحتاج لعلاج نفسي مما سيصيبني من اكتئاب بعد العودة من اجازتي القصيرة، ولكنني فوجئت بالناس في كامل الصحة وزيادة وزن ملحوظة بالمقارنة بأشكال الناس قبل ثمانية وعشرين عاما وعدد المتسولون طبيعي جدا،ولاحظت عناية الناس الشديدة بمظهرهم وارتفاع مستوى النظافة الشخصية بدرجة هائلة عما تركته قبل ثمانية وعشرين عاما، ولاحظت أن ملامح الناس تعكس هدوءا وسعادة، و المطاعم الحديثة النظيفة المنتشرة في كل مكان. وسعدت جدا وأنا أرى مدى التطور الذي حدث في الصناعات الغذائية السودانية عبر منتجاتها المعروضة في المتاجر. اكتشفت حين وصلت أنني نسيت أن أفك تشفير هاتفي النقال ليمكنني استخدامه خارج كندا، وهكذا كانت أولى مهماتي فك تشفير هاتفي وأذهلني شاب سوداني تمكن من ذلك خلال ثلاثة ساعات وأعاد تشغيل هاتفي مما يعكس ارتفاع قدرات الجيل الجديد، لم يخطف أحد هاتفي مثلما حذروني قبل السفر، ولم أتعرض لمحاولة نشل في الأماكن شديدة الزحام التي تجولت فيها، بل كان الشعور بالأمان التام هو السائد في كل مكان! أدهشني أن أجد الناس قد تركوا عادة النوم في فناء المنزل في حين كنت أحلم أن أنام مرة أخرى تحت النجوم فرفضت النوم في الداخل ونمت طيلة اجازتي في الفناء فلم يتسور الحائط لص ليسرق ممتلكاتي مثلما حذرني البعض! زرت أقاربي ومعارفي فوجدت الغالبية الساحقة منهم في حال أفضل بدرجة هائلة مما تركته سابقا، ولفت نظري جمال البيوت والأثاث، وفوجئت بالتغير الهائل في الأكل السوداني، اختفى “ملاح أم تكشو” في حين ظهرت الوجبات السريعة ظهورا طاغيا وانزعجت حين وجدت في هاتف أمي أرقام مطاعم طلب البيتزا و الدجاج المحمر وهي مريضة بالقلب والضغط و الروماتزم! غادرت السودان قبل أن يقدم لي أحد طبق ملوخية ظللت أحلم به طيلة غيابي! بفضل انتشار وسائل المواصلات العديدة ترك الناس عادة المشي، ووجدتني أحذرهم من كمية السكر والدهون التي يأكلونها ثم لايتحركون وبعد ذلك يشكون من انتشار السكري وأمراض المدنية! من الناحية السياسية لم أشهد وجودا ظاهرا إلا للمؤتمر الوطني والشعبي، لم أر وجودا لحزبي الأمة أو الاتحادي أو أي معارضة أخرى، وانتابني الخجل الشديد عن الصورة الخاطئة التي تكونت في ذهني عن حال البلد التي غادرتها عام 1988 والتي رسمتها من أقوال من يأتون من السودان، واعترف أنني شعرت بأنني لا أفهم الشعب السوداني وإلا لما كان مارأيته مختلفا بهذه الكيفية عما كنت أسمعه! من الواضح أن التحول بين ما تركته وما عدت ووجدته مر عبر طريق طويل من الآلام التي عاناها أهل بلدي والتي تركت بصماتها عليهم، والتي ربما طبعتهم بطابع يجعل الغالبية العظمى منهم غير راضين عن حالهم، ولكن يقيني أنهم في حاجة للتحول من حالة عدم الرضا إلى حالة أن يحمدوا الله على ماهم فيه من نعم حتى لو انت قليلة ليزيدهم من فضله! أحدهم برر لي أن سبب شكوى الناس من سوء الحال هو مبادرة وقاية لكي لايطلب أحد منهم قرضا! الاقتصاد رأسمالي من الواضح أنه يشهد حراكا مندفعا، ويتطلب من الإنسان أن يكون مبدعا خلاقا ومنتجا، ولذلك انقسم الناس لفئتين: فئة استطاعت أن تتعلم بسرعة وتكتسب عقلية ذات مرونة عالية فأصبحوا من الأثرياء، وفئة عجزت تماما عن التواكب مع هذا التحول الرأسمالي ومايصحبه من ممارسات وتغيرات فأصبحوا يكافحون للبقاء على قيد الحياة. الشئ الوحيد الذي أثار مخاوفي في هذه الزيارة التي استغرقت أسبوعين، كان هو حركة المرور التي جعلتني أستبعد فورا فكرة قيادة سيارة في العاصمة، وأتمنى أن تسارع السلطات لتصحيح حالها وإكساب السائقين عادات قيادة صحيحة إن كان ذلك ممكنا! عموما كان شعوري أنني أزور دولة أخرى، فالسودان الذي تركته انمحى تماما أو كاد، المعالم الرئيسية التي تركتها ضاعت وسط القفزة العمرانية الهائلة، وجدتني عاجزا تماما عن تمييز خريطة العاصمة التي عشت فيها عمرا من قبل، ولم أستطع القيام بأي تحرك إلا بمساعدة من يدلني على الطريق، ووجدت الناس يشكون من أن حركة العمران السريعة تجعلهم يتوهون في المكان ان غابوا عنه شهورا قليلة! كنت قد رفضت التطعيم ضد العدوى المعوية قبل السفر وهو خطأ جعلني أقضي ما يقارب نصف الاجازة على سرير المرض، شرح لي الطبيب الإخصائي أن لكل منطقة في العالم بكتيريا تأقلم عليها السكان لكنها تؤذي من يأتي من مكان آخر من كوكب الأرض،بحمد الله عوفيت منها ولكنني وجدت نفسي في رحلة العودة مترددا على دورة مياه الطائرة باستمرار، وهي حالة مزعجة لشخص ينتمي لثقافة تقدس السماء! إذا كان فوكوياما بشر بنهاية التاريخ وسيادة نموذج الدولة العظمى، فإن رحلتي هذه جعلتني أرى بوضوح أن تاريخ السودان قد انتهى، وأن النموذج الحالي سيستمر إلى أن ترث حكم الأرض الآلات الذكية “الروبوتات” العاقلة، التي حذر منها عالم الفيزياء ستفن هوكينغ!

[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1: << 1 >>

احدث عناوين سودانيز اون لاين الان

اراء حرة و مقالات	Latest Posts in English Forum
Articles and Views	اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases	اخبار و بيانات

الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة

About Us
Contact Us
About Sudanese Online

اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين

News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums

If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]