(ازمنة الريح والقلق والحريه) السيرة الذاتيه للدكتور حيدر ابراهيم على..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-07-2024, 12:19 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-12-2015, 07:04 PM

د.محمد بابكر
<aد.محمد بابكر
تاريخ التسجيل: 07-16-2009
مجموع المشاركات: 6614

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
(ازمنة الريح والقلق والحريه) السيرة الذاتيه للدكتور حيدر ابراهيم على..

    06:04 PM Dec, 12 2015 سودانيز اون لاين
    د.محمد بابكر-بحرى الشعبيه
    مكتبتى
    رابط مختصر
    Hyderbook1.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
    من اجرأ كتب السيرة الذاتيه هذا مما يميزها بيد ان التميُز الحقيقى لهذه السيرة يأتى من كون ان كاتبها هو الدكتور حيدر ابراهيم عالم الأجتماع القدير وهو لم يقدم فى كتابه هذا(سيرة ) من شاكلة السير التى ترصد شخصية كاتبها كبطل لم يخطئ منذ الميلاد عوضاً عن ذلك فقد قدم حيدر تجربته كتجربة انسان بكل ما للأنسان من ضعف وقوة .ما يميز هذه السيره انها احاطت بكل الظروف الاجتماعيه والسياسية والاقتصادية والتى احاطت بالكاتب عبرمسيرته.يحدثك حيدر عن مكامن الخلل فى الشخصية السودانية فتكاد ان تتحسس ذلك فى نفسك..ويحدثك عن النخبة وامراضها وعن انتشار الشذوذ الجنسى فى جرأة تدعو الى الأعجاب..يسبح بك عبرسيرة اتسمت بكثير من الرياح واتسم صاحبها بقلق العلماء ولكنه فى نهاية كان حراً..الكتاب عدا عن كونه ممتعاً فهو من الكتب التى تحتاجها مكتبتنا لملء فراغات لا تخطئها العين..كتاب جدير بالقراءة.الناشر الحضارة للنشرhttp://http://www.alhadara,comwww.alhadara,comhttp://http://www.alhadara,comwww.alhadara,com

    (عدل بواسطة د.محمد بابكر on 12-12-2015, 07:52 PM)

                  

12-12-2015, 11:11 PM

د.محمد بابكر
<aد.محمد بابكر
تاريخ التسجيل: 07-16-2009
مجموع المشاركات: 6614

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ازمنة الريح والقلق والحريه) السيرة الذات� (Re: د.محمد بابكر)

    Quote:
    سيرة حيدر إبراهيم سجال مع التابو الاجتماعي
    سيرة حيدر إبراهيم سجال مع التابو الاجتماعي


    صلاح شعيب

    أدب السيرة الذاتية شحيح في السودان. ذلك بالرغم من أن عددا هائلا من الرموز القومية مروا دون أن نعثر على تناول لسيرهم، أو مذكراتهم الموثقة التي يضع فيها الحاضر رؤيته على الماضي استشرافا للمستقبل. لقد شغل أولئك الرموز مواقع حساسة، وقاموا بأدوار مفصلية في تاريخ البلاد، ووضعوا بصماتهم في الأجيال اللاحقة. ومع ذلك فضلوا الكف عن تدوين تجاربهم المختزلة لأسباب شتى. وهكذا رحلوا وما تركوا خبرا عن سبب مفارقة التدوين لتجاربهم. ربما كانت أزمة النشر التي كنا منذ حين نعاني منها تمثل محور الأسباب. أو قد يقول قائل إن المرجع هو ثقافتنا المحافظة التي لا تحتمل هذا النوع من الأدب الذي يخالف مستوى صراحته سمات المجتمع. وقد يعزى ناقد ضمور هذا النوع الأدبي إلى أن كتابته تتطلب صدقا مع الذات لم تصل هذه الرموز بعد إلى مرحلة تحقيقه. ولذلك تفضل أن تحيا صامتة ثم تموت بأسرارها، ومحاسنها، وخطاياها. ولكن، على كل حال، كنا نتمنى أن نقف على مذكرات الذين لهم رميات في ضروب السياسة، والثقافة، والاقتصاد، والرياضة، والفن، والصحافة، والعمل الأكاديمي، والمجال الديني حتى نستعين بخبراتهم الثرة لتجويد خطى الإصلاح، ومعرفة هفواتهم التي ارتكبوها حتى تتفادى الأجيال وقوعها.

    فالمؤمل في أدب السيرة الذاتية أن نعثر على فوائد معرفية لما بعد خدمة هذه الرموز التي ضمتها حقول العمل العام التي دخلت إليها بأجندتها العامة والخاصة معا. ومن شأن الكتابة في هذا المضمار النثري أن تتحقق متعة القراءة أيضا، خصوصا أن هناك وصلا ما بين أدب السيرة الذاتية وبين الأدب الروائي. إذ إن الجنسين الأدبيين يتضمنان التشويق، والإثارة، والكشف عن المخبوء، ولذة الحكي الموحي كثيرا، والصادم أحيانا، فضلا عن التوفر على تلك الفصول من مغامرات الفرد، وخفايا المجتمع كذلك.
    الثابت أن هناك تداخلا بين السيرة الذاتية التي هي فسيفساء من التدوين للتجارب المتنوعة الخاصة التي خاضها راويها، وبين المذكرات أيضا، والتي هي تدوين محدود لتجربة عملية لشخص غير مفترض عليه إبراز الشخصي. والملمحان الإبداعيان يشتركان في تعميق السرد للوقائع التي صاحبت مسيرة الرمز المعني الذي توافرت له سنوات طويلة من الخبرة، ربما قاربت نصف قرن، أو تجاوزته. من سوء الحظ أن هناك رموزا حية وأخرى رحلت بلا سيرة ذاتية. منهم، مثالا، التيجاني الطيب بابكر، ومنصور خالد، ومحمد وردي، ونفيسة المليك، وبرعي محمد دفع الله، وأحمد إبراهيم دريج، وكمال الجزولي، والطيب عبدالله، وصادق عبدالله عبد الماجد، وحاجة كاشف، وعبد الفتاح الله جابو، والفيتوري، وأحمد عبد الرحمن الشيخ، والطاهر حسيب، وعبدالله الطيب، ومحمد أحمد شبرين، وفيليب غبوش، وهاشم صديق، ومكي سنادة، وبشير محمد سعيد، وعبدالله بولا، وأبيل ألير، ومحمد إبراهيم نقد، وأبو آمنة حامد، وحامد بريمة، ومحجوب محمد صالح، والفريق فتحي أحمد علي، وسلمان محمد أحمد سلمان، ومحمد المكي إبراهيم، وإبراهيم منعم منصور، واللواء (م) عثمان عبدالله، وفاطمة أحمد إبراهيم، وفتح الرحمن البشير، وعبد الحليم محمد، وغيرهم/ن كثير. وصحيح أننا نعرف الكثير عن سيرة هؤلاء الرموز. ونقدر كثيرا ما أنجزه بعضهم. ولكن أن تأتي سيرتهم بإقلامهم فذاك ما يساعد في كشف العديد عن أسرار تجاربهم التي خاضوها على مستوى العمل العام والخاص. والمؤسف جدا أنه رغم قدم تاريخ التعليم في البلاد، وحيازتها على عدد ضخم من النخب في مجالات الحياة كافة ـ ندر أن يوازى على المستوى العربي والإفريقي ـ إلا أن المكتبة السودانية ضمت عددا قليلا من هذا الأدب المقروء. بل إن هذا المنشور ذاته عبر عن ابتسار لمعنى كتابة السيرة الذاتية، وبدت كأنها محاولة لتفخيم أدوار كتابها الذين لم يشأوا إظهار تلك الصراحة أو الاعترافات التي تتطلبها. وبالتالي بدت هذه السيرة الذاتية إما محاولة لتحقيق بطولات زائفة، أو تغطية وتبرير للأخطاء جراء المشاركة في العمل العام.

    - 2 -
    في سفر د. حيدر إبراهيم الذي نشره مؤخرا بعنوان "أزمنة الريح والقلق والحرية، سيرة ذاتية" أراد الكاتب أن يكون طرح سيرته مميزا بما يجلب الجدل المقصود لذاته. لقد كشف لنا اليوم غطاء سيرته فأبصرناه أكثر. حروفه تقول إنه قد هد ذهنه الشكاك طول التنقل بين بلاد العالم. إذ عاش كاتب السيرة أكثر من نصف عمره خارج وطنه، طالبا، ومغتربا، وناشرا. تطرق إلى مرحلة طفولته التي بدأت في "إشلاق" البوليس، وقال ما قال عن والده الذي رغب في الاقتران بزيجة ثانية، ولكن الابن حرس والدته من التثنية الزوجية. الأكثر من ذلك وضع احتياطات جهنمية لإفشال حلم ضابط البوليس الذي هام عشقا بفتاة من البندر. عن طفولته يقول المؤلف إن مولده يصادف "نفس اليوم من عام 564 ق.م، والذي يعتقد البوذيون أنه يوم ميلاد بوذا واسمه الحقيقي: جاوناما، وتعني كلمة بوذا الإنسان العاقل أو المستنير. كما ولد الفنان سلفادور دالي في نفس اليوم 1904، وهي مصادفات مع ميلاد شخصيات جمعت بين كامل الحكمة والعبث. فيا ترى ماذا يحمل هذا من بشارة للمولود الجديد"، وهكذا يوجد المؤلف مرجعية لمولده، ويربطها بأزمان قديمة من الاستنارة. ويضيف د. حيدر أنه "جاء إلى الدنيا مولود فرحت به الأم الصغيرة التي تكبره فقط بنحو خمسة عشر عاما، وملأت الفرحة المنزل الطيني المتواضع، وحتى الجد الوقور لم يستطع إخفاء سعادته. فالتبكير بمولود ذكر في الأسرة بشارة خير، وفأل حسن، ومصدر فخر لأنه سيزيد عدد الرجال في هذه الأسرة الذكورية وهي جزء من المجتمع الذكوري الكبير. فالمولود سيخلد اسمها ولذلك تدعو أو تتمنى الأم الشايقية لابنها في سيرة العرس الولد البكر، وتترنم قائلة: تبكر بوليد وأنا اشيلو أشمو". وهنا يسترد المؤلف بيئته القديمة بشئ من التوظيف لسرد الرواية، والحقيقة أنذلك يتمظهر في أجزاء كبيرة من الكتاب، إذ يمتلك المؤلف ذاكرة فوتغرافية قوية التفاصيل، وقد جعلت فصول سيرته أقرب إلى فصول الرواية. ولا بد أن القارئ سيستشف القدرة الحكائية العالية التي أبانها الكاتب حتى يبدو أحيانا كأنما كتب سيرته بأفق تعميق الصورة الروائية المشوقة.

    لقد سرد د. حيدر مشاغباته مع أساتذته، وزملائه المدرسين في معهد المعلمين العالي. لم يترك تجاربه الجنسية ما قبل الزواج نهبا للقيل والقال. طرحها على الورق بغير وجل. تطرق إلى وجوديته الصاخبة، وعلاقته بدين مجتمعه دون أن يخشى في حق البوح عن تدينه لومة لائم. لم ينس أن يسجل للتاريخ موقفه الحاد من أقربائه الممالئين للنظام وغمز من قناتهم بلا هوادة. لم يدس حقيقة علاقته بالمهن التي يسميها بعضهم "وضيعة" والتي عبرها اقتتات أثناء غربته الدراسية في المانيا السبعينات. حكى عن تجارب تنظيمه السياسي اليساري قبل أن يصل إلى سن الخامسة والعشرين. بل أعاد الفضل للمفكر سلامة موسى الذي قاد ذهنه إلى مشاعل التنوير، فيحدثنا: "كنت محظوظا وشقيا في نفس الوقت فقد تعرفت مبكرا، أو في سن مناسبة، على سلامة موسى عام 1958 مع زميلي محمد عبدالله الشهير بـ"العقلي". ولا أتذكر جيدا هل عثرنا على الكتاب الأول في مكتبة المدرسة أم خارجها؟ وقد نبهنا للشخصية الاهتمام الكبير به حين توفى في أغسطس، أي بعد شهور قليلة من التحاقنا بالتعليم الثانوي "هو من مواليد 1887". وهذا يعني أن المكتبة المدرسية كانت غنية، ومتنوعة، ولا رقابة صارمة عليها. وقد كانت هذه فترة التكوين، لذلك توقفت عند كتابين "تربية سلامة موسى" و"هؤلاء علموني" وقررت أن يكون الأساس الذي تقوم عليه تربيتي وتنشئتي وصار سلامة موسى أبي الروحي". ما أنبل هذا الفضل، والوفاء الذي يقل وسط المفكرين والمبدعين الذين شكلتهم قراءات فكرية لشخص ما، ولكنهم بعد أن صاروا رموزا تعالوا دون الوفاء.

    - 3 -
    عبر كل ذلك السرد كانت صراحة المؤلف باذخة، وصادقة، ودافئة، وبين ثنايا سطور الكتاب تناول أخطاءه كذلك. ربما لم تدان صراحة مذكرات حيدر إلا مذكرات الشيخ بابكر بدري في سفره "حياتي". إذن ربما هناك صلة بين حيدر المثقف الذي أخذ على عاتقه نشر المعرفة في بلاده وبين الشيخ الذي تولى أمر تعليم البنات وسط بيئة كارهة حينذاك لتعليم الأبناء حتى. وقد يأتي زمان تجد فيه الأجيال القادمة قواسم مشتركة بين الرمزين اللذين حاربا الشفاهة، والجهل، والخرافة. وربما قريب من موقف الشيخ بابكر بدري من المرأة كان موقف د. حيدر إبراهيم الذي أشار إلى أن المرأة لازمته "في كل مراحل حياتي، وتشكلاتها، واحتياجاتها، وضروراتها. فقد كانت الأم، والزوجة، والعشيقة، والحبيبة، والابنة، والصديقة، والقضية. وكنت منذ مولدي ذا صلة بامرأة ما ولم تكن حياتي خالية من وجودها. وهذا ما جعل حياتي تستحق أن تعاش بمتعة، ومزاج، رغم تقلبات الدهر". وربما في تكريم مركز الدراسات السودانية للأستاذ عثمان حسين عام 2000 ضمن الاحتفاء بالطيب صالح بالقاهرة تكمن العلاقة المتينة التي ربطت بين أذن د. حيدر وصاحب "ربيع الدنيا، وبحسب أن سطوته كانت كبيرة على جيله فقد أسلم د. حيدر نفسه "لعثمان حسين بلا شروط وبدون منافسة، بأصولية فنية تصل درجة التعصب الأعمي".

    ويصف المؤلف عثمان حسين بقوله إن "رومانسية عثمان حسين تختلف عن الرومانسية الصفراء المحبة للموت، والمعاناة، والحزن. فهي رومانسية تتعامل مع المرأة كند ونصفه الأجمل، وشقائق الرجال، والمرأة عنده كان علوي يطوف "الفراش الحائر" على زهراته مشتاقا". على أن ذلك التكريم الذي ابتدره مركز الدراسات السودانية للموسيقار، ود. عبد الحليم محمد، ود. بشير البكري، في ذلك اليوم المشهود بالقاهرة قد منح المركز دفعة كبيرة في الاعتناء بأمر المبدعين، والمبرزين، في مجالات الرواية، والغناء، والدبلوماسية والرياضة. وهنا يحدثنا راوي السيرة أن تخلق فكرة مركز الدراسات السودانية الذي أنشأه، وتجاوزت مؤلفاته المئتين، تم في حي أكدال بالمغرب حيث كان يسكن. إذ في مقهى نكتار كان "مهد فكرة المركز ومواصلة كتابة "أزمة الإسلام السياسي والتخطيط لمجلة كتابات سودانية". ويضيف "في صيف عام 1992 حملت الكتاب، والمجلة، للقاهرة للطباعة، وقام الفنانون حسين شريف، وحسان على أحمد، والباقر موسى، بتقديم الدعم اللازم وصار للمركز (Logo) عبارة عن شمعة، وقلم، كمركز للاستنارة والمعرفة. وكان رأسمال البداية ألف دولار فقط. دفعنا لحلمي منها تكلفة كتاب "أزمة الإسلام السياسي" وطبعنا المجلة في مطبعة الأمل مع جريدة الأهالي. وحتى ذلك الحين كنا نتجول بالمركز، صلاح الزين وأنا".

    - 4 -
    لقد أراد الدكتور حيدر إبراهيم علي أن يوظف كتابة سيرته للبناء فوق مجهوداته التنويرية الكبيرة السابقة، والتي مثلت مجالا للبحث المتعمق، والجاد، والدؤوب، حول مختلف قضايا السودان العالقة. وكذلك هي سيرة جريئة كشفت عن تأكيد ذاته كمثقف منماز في ما خص معالجته المعرفية للأوضاع المجتمعية لبلاده. وكذلك نحا في سرده إلى إبراز ثورته العارمة على مظاهر الفشل السياسي الذي سم تجارب السودان الحكومية ما بعد الاستقلال. باختصار تأتي كتابة د. حيدر الجديدة برغم ما حملت من نغمة غاضبة لتضيف نوعا من الحيوية للطرح الفكري السائد. وربما أراد كاتب السيرة الذاتية استثارة ذهن القارئ المثقف للجدل حول إمكانيات لمعالجة خلل المواقف الذي تمظهر في كفاح غالب المثقفين السودانيين. فالمؤلف يقول إن السودان ظل "بلد الفرص الضائعة، وضاقت إمكانيات خروجه من النفق المظلم الذي ولجه بسبق الإصرار. وتعددت مرات الرسوب في اختبارات التاريخ حتى صار اسمها الابتلاءات في زمن آخر مدقع. ويواصل السودانيون لامبالاتهم على كل المستويات. وللمفارقة كان عقلاؤهم، وصفوتهم، هم الأكثر استهتارا، وعدم جدية فأضاعوا البوصلة تماما. وتركوا منطق الريح والطير هو الذي يسير سفينتهم ولكن نحو المجهول. وصحيح أن السمكة تفسد من رأسها، فقد باتت الناس لا سراة لهم في كل الحقب، والنظم، الحاكمة ، المدنية والعسكرية. وصار السودان يساري النجم في الظُلم". إن هذه الصورة القلمية التي جسدت الوطن بهذا البلاء تطرح سؤالا حول كل المجهودات التي بذلها المثقفون ولكنها لم تسهم في المحافظة على وحدة القطر، أو تحقيق دولة المواطنة.
    أيا كانت الاسئلة والإجابات حول أوضاع البلاد االتي أشار إليها د. حيدر، فإن دور المثقف المثابر الشاحذ للهمم يتصاعد في ظروف أرادها الظلاميون كذلك حتى تتثبط الهمم الوطنية، وبالتالي يواصل السلطويون في استئسارهم الطفيلي بخيرات البلاد.

    فجزء من مهمام أيدلوجيا الخراب، والبؤس، هو تحطيم الأمل في نفوس القادة، والمثقفين، والناشطين، في مقابل توطيد قبضتهم القمعية على الواقع. ولا شك أن وظيفة المثقف تتعاظم أكثر في الأوقات العصيبة التي يكاد ينعدم فيها الأمل. فهو الذي يشحن الطاقات الذهنية في ساعات الشدة، وإذ إن الجوعى والمقهورين هناك يتوقعون حملهم دوما على البقاء متأملين، عوضا عن إبداء المثقف إحباطاته التي تنعكس على العامة. إذ إن دور المثقف الملتزم هو أن يعيد صياغة الأفكار، وأن ينفخ بمثابرة في جمرة الأمل حتى تبقى حية. ومن شواهد التاريخ أن انتصار التنوير الأوربي قام في بيئة سيطر فيها تماما الكهنوت الديني، حيث كان العلماء يواجهون وضعا مشابها لما يحدث الآن في البلاد، فيما تُحارب آنذاك ابتكارات مثل تمديد فرص النشر، وتجبى الأموال من المساكين لصالح استمرار الجثم فوق صدورهم، بينما تمنح صكوك الغفران، وذلك ما يوازي منح رخص العمل للموالين للاستبداد اليوم. إن سيرة د. حيدر إبراهيم التي تضمنت 326 صفحة عبر عدة فصول من القطع المتوسطة مثيرة للجدل، وممتعة بقراءتها، ومحرضة للحوار حول رمزيته كمثقف لا يني من الاصطدام مع بؤر السياسة والاجتماع القاتمة. ولا بد أن قارئ السيرة سيجد الكثير من الرؤى المحرضة للاتفاق والاختلاف. ولكن الأهم من كل هذا هو الاعتراف الذي سجله المؤلف حول بعض تجاربه في العمل السياسي الباكر، وقدرته على كشف كل جوانب شخصيته كمثقف هو في الأساس إنسان له نزواته العاطفية المتساوقة مع آماله العقلانية. فالحيوية التي تفيض في جنبات سرده الاجتماعي، والعاطفي، والسياسي، والروحي، هي من ما يعزز من قيمة الكتاب الذي يقدم للأجيال رؤية في الكشف عن خبايا الذات، بعد كل هذه السنين المتصلة بالخيبات والبشارات. إنها سيرة ذاتية ترينا نوعا من الكدح الثقافي الطموح في بيئة غير متسامحة، وما تزال فاقدة لاحترام الآخر.

                  

12-13-2015, 01:27 PM

د.محمد بابكر
<aد.محمد بابكر
تاريخ التسجيل: 07-16-2009
مجموع المشاركات: 6614

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ازمنة الريح والقلق والحريه) السيرة الذات� (Re: د.محمد بابكر)

    up
                  

04-01-2016, 08:05 AM

د.محمد بابكر
<aد.محمد بابكر
تاريخ التسجيل: 07-16-2009
مجموع المشاركات: 6614

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: (ازمنة الريح والقلق والحريه) السيرة الذات� (Re: د.محمد بابكر)

    Quote:
    إشكالية الهوية في السيرة الذاتية "أزمنة الريح والقلق والحرية" لحيدر إبراهيم علي .. بقلم: محمد محمود شاويش - برلين


    تقدم السيرة الذاتية للأكاديمي والسياسي السوداني حيدر إبراهيم علي مناسبة جيدة للمهتمين بالبحث في تكوين الهوية في بلادنا من أمثال كاتب هذه السطور. في هذا المقال القصير يمكنني فقط أن أذكر بعض النقاط لبحث مقترح مستند إلى أدوات نظرية أدق يكون أطول وأكثر تفصيلاً.

    صدر كتاب "أزمنة الريح والقلق والحرية – سيرة ذاتية" عن دار "الحضارة للنشر" – القاهرة –2015، والكتاب تمكن قراءته من منظورات مختلفة يحددها نوع اهتمام القارئ، والأغلب في زمان أصيب فيه العرب بما أسميه "فرط التسيّس" أن يقرأ الكتاب من منظور سياسي، لأن الكاتب كانت له مشاركة في السياسة منذ أن كان طالباً في السودان، والكتاب بالفعل حافل بالمواقف السياسية لمن يريدها، وكان المؤلف قد أصدر قبل هذا كتباً ذات طابع سياسي قرأت بعضها مثل "الأمنوقراطية" و "مراجعات الإسلاميين السودانيين" وكتبت عن واحد منها وهو كتابه "الديمقراطية في السودان". أما هنا فأهتم في هذا المقال بالكتاب كما عرّفت القارئ في البداية لأنه يصف (عن غير تخطيط واع من المؤلف) حالة من حالات تكوين الهوية (ما هو مدى "نموذجية" هذه الحالة وتمثيليتها لمثقف سوداني من الشمال؟ سؤال لن أناقشه هنا). مصطلح "تكوين الهوية" العربي (إن اعتمدناه مصطلحاً) يدل دلالة أدق على المقصود من مصطلح أجنبي مثل "مورفولوجيا الهوية" لأنه بخلاف الأخير يدل على أننا نريد وصف العملية ونتيجتها معاً (وليس النتيجة فقط) التي على أساسها تكونت ما نسميها "الهوية".

    من المحتمل أن القارئ لكتاب الأستاذ حيدر إبراهيم علي سيعترض عليّ قائلاً إن المؤلف آخر من يمكنني أن أتكلم عن "هوية" له، لأن أخانا حيدر يحدّثنا أنه كان دوماً يحرص على الاختلاف عن الآخرين. مثلاً في الصفحة 89: "وظللت حتى اليوم أحافظ على مبدأ اختلافي (وليس امتيازي) عن الآخرين"، ولعل لنا أن نضيف إلى ذلك تصريحه المتكرر بأنه يكره كلمة "الاستقرار": "الاستقرار –الكلمة التي أبغضها شديداً" (ص 198)، والانطباع الذي يريد هو تقديمه عن نفسه أنه رجل يكاد ينطبق عليه وصف "الكوزموبوليتي": "ولأنني الشخص الأممي الذي أصبح العالم بالنسبة له قرية أصغر من "القرير"" (ص186). ومن يبغض الاستقرار والتماثل مع الآخرين ويعلن عن نفسه أممياً لا يرى في العالم إلا قرية صغيرة (متبنياً أكثر صيغة من صيغ أيديولوجيا العولمة حدة وجذرية) يجب بالفعل أن يصدنا عن محاولة الحديث عن "تكوين هوية" عنده، ولعل الأحرى بنا أن نرى في سيرته الذاتية وصفاً للانخلاع عن الهوية!

    ولكننا على كل حال نبقى متفقين –إن شئتم- مع علوم الإنسانيات الحديثة، ونسير على أول مبدأ من مبادئها، وهو يشكل أول وصية من وصاياها، وهو المبدأ الذي يقول إن علينا أن لا نرى ما يراه الشخص في نفسه (ومثله ما تراه الجماعة في نفسها)، ونأخذ تصور الإنسان عن ذاته بعين الاعتبار لا لكي نصادق على صحته ودقته (ونرتكب عندها خطأ كبيراً) بل لنعده مجرد واحد من العوامل العديدة التي ندرسها إن أردنا أن نصل إلى مقاربة أدق لفهم جملة العوامل التي شكّلت الشخص وعلاقاته بالسياقات الاجتماعية العديدة التي وجد ضمنها.

    ثمة هوية كامنة هي حقيقة موضوعية لا يختارها الفرد ولا يستطيع أن يحيط بها كلها بصورة واعية لو أراد وصفها أو تحليلها، وهي طبعاً مختلفة عن تصور الفرد الواعي لهويته (من الممكن أن ينكر الفرد وجود هوية عنده أصلاً)!

    بهذا المعنى يقدم لنا الكتاب عناصر عن "الهوية" التي شكّلت المؤلف هي أعقد وأغنى من الخلاصات التي يقدمها هو عن نفسه ورأينا فوق بعض الأمثلة منها.

    تعد حالة السودان حالة معقّدة من حالات الهوية كما هو معلوم لتكوّنه من جماعات جزئية كثيرة لغوية ودينية، لكن المؤلف في الكتاب لا يبدي لنا صياغة محددة لتشخيصه لطبيعة الهوية السودانية (في حال وجودها).

    في هذا المقال سأستخدم مصطلحين من مصطلحات فرضيتي عن ظاهرة "الاستلاب" هما "الذات الحقيقية" و "الذات المثالية"، والتمييز بينهما هي "فرضية العمل" الأساسية لي. وبالأول أعني "ما هو عليه الفرد بالفعل، أي وضعه الفعلي في النظام الاجتماعي" وبالثاني "ما يجب أن يكون عليه الفرد إن أراد أن يشغل الموقع الأعلى في النظام التراتبي" و"الذات الحقيقية" هي الموقع الموضوعي للفرد، أما "الذات المثالية" فهي التصور الذي يقدمه "المرجع الاستلابي" للفرد لكي يتماهى به. ومن أهم خواص النظام الاجتماعي التراتبي (المجتمع الطبقي – العنصري) أن يدفع الأفراد للتملص من "الذات الحقيقية" ونبذها ومحاولة الوصول إلى حالة "الذات المثالية" فعلياً أو استيهامياً (إن شئنا استعارة مصطلحات مدرسة "التحليل النفسي").

    وفي أماكن أخرى ذكرت أن "الاستلاب" بما هو عملية لا ينجح بصورة تامة أبداً إذ أن الذات الحقيقية لها قوتها الخاصة ودفاعاتها التي تزيد أو تنقص مما يعطينا تركيبات مختلفة من "الشخصيات المستَلَبة" عند المقهورين (محلياً أو عالمياً، وفي حالتنا نتحدث عن مجتمعات مستعمَرة وما بعد مستعمَرة). والمثقفون حالة من هذه الحالات التي من المهم دراستها. وتقدّم السيرة الذاتية للأستاذ حيدر إبراهيم علي فرصة جيدة من فرص الدراسة العيانية للموضوع.

    وتكوين الهوية له علاقة بهذه الأوالية النفسية – الاجتماعية (الميكانيزم) إذ الهوية هي "الذات الحقيقية" للجماعة، فهي موقعها الخاص بين الجماعات التي تكوّن العالم، وهي لا تتميز إلا بالمقارنة مع غيرها ولا تظهر مقولة الهوية كما هو واضح لو كان العالم يتألف من جماعة واحدة. يتولى المثقفون خصوصاً في بلادنا محاولة قمع الذات الحقيقية لأنها "غير لائقة"، ومثل هذا التملص من الذات الحقيقية نجده في أشكاله الأبسط عند المتعلمين الذين يحاولون إنكار أصولهم الطبقية وإخفاء أهلهم من الصورة، وهذا ما لا يفعله حيدر إبراهيم علي، فهو يقدم صوراً قلمية قيّمة للغاية عن أمه وجدته وأبيه والنساء الكثيرات اللواتي تولين تربيته في السكن الجماعي الذي سكنته العائلة بحكم عمل الوالد في سلك البوليس. وهو يحمل تقديراً كبيراً لوالدته "بت أحمد" التي كانت امرأة قوية الشخصية ذكية بالفطرة رغم أنها لم تكن على قسط من التعليم الرسمي، وهو لا يتكلم عنها بإعجاب فقط بل بحنان وحنين: "ألا يحق لي أن أردد مع درويش: أحن إلى قهوة أمي مع تحويرها إلى: أحن إلى كسرة أمي" (ص 40، والكسرة هي الخبز)، ومع أنه يبدو وكأنه يتكلم عن شخصية والده بروح نقدية لكنه في الحقيقة معجب بجوانب جوهرية فيه أهمها أنه صاحب مروءة يحب الناس "كان الوالد في الأصل محباً للناس بلا حدود، وقادته هذه الخصلة الطيبة للقيام بالوساطات والأجاويد، والتدخل الحميد لحل المشكلات" (ص 38) ويقول عنه: "كان لسلطته الأبوية الممتدة هذه جوانبها الإنسانية الواضحة فقد اهتم بمصائر الكثيرين ومستقبلهم" (الصفحة نفسها).

    تكونت هوية المؤلف الثقافية العربية عبر الاحتكاك بالثقافة المصرية ولكننا نرى في الكتاب أيضاً أمثلة على علاقته بالتراث العربي القديم، ولا سيما الشعري منه. وهذا المكوّن العربي للهوية (البديهي والذي لا مهرب منه) لا يبدو لي محبّذاً عند "الذات المثالية" للمؤلف (التي تنطق في كثير من فقرات الكتاب لا كلها) فهو يبدي استياء ضمنياً من كون من كتبوا عن الهوية السودانية كانوا من العرب "يظهر تقصير الإنتلجنسيا السودانية الفكري والأكاديمي في تغطية الأساتذة الجامعيين العرب للثقافة السودانية مما أثر على نقاشات الهوية" (ص 120)، وفي نكتة يرويها عن عمله حين كان طالباً في فرنكفورت وكان الألمان قد اشترطوا للعمال أن لا يكونوا من جنسيات عربية سجل المؤلف نفسه "جنوب سوداني" وحين سألوه إن لم يكن عربياً قال: "شفت قبل كده عربي لونو زي ده؟" (ولم نعرف بأي لغة دار الحديث وما السبب الذي جعل المؤلف ينقلب إلى الحديث بالعامية في هذه الجملة فقط!). على أن المؤلف يومها كان له أصدقاء "عرب" (إن شاء!) ومنهم فلسطينيون كانت علاقته بهم في غاية القوة والتماهي المتبادل. وبالمناسبة تفهّم أصدقاءه العرب هذه "الخيانة" لضرورات "أكل العيش"! (ص 144).

    تملأ الكتاب من أوله لآخره استشهادات بالشعر العامي السوداني، وعلاقته بالغناء السوداني وطيدة جداً: "كان السماع هو رافد التذوق والجمال المبكر الثاني بعد الحكي. ويقول الصوفيون: "أن السماع لقوم فرض ولقوم سنة ولقوم بدعة". فقد احببت الشعر لاحقاً، وقد يكون بسبب الغنا البيتي والمديح، كانا يملآن المنزل والأجواء من حولي" (ص259)

    كان اختياره لكتابة رسالته الجامعية في فرنكفورت عن "إثنوغرافيا قرية القرير" لا يعبر عن "خيار كوزموبوليتي" (بتعبيره المنسجم مع ماضيه الاشتراكي "الأممي") بل هو يعبر عن التزام بالمجتمع السوداني لا تعبر عنه تعميماته النزقة التي تقارب حدود العنصرية – الذاتية في بعض المواضع.

    من سوء الحظ أن المؤلف وجد نفسه في بيئة مسيّسة (أو كما يمكن القول "مفرطة في التسيّس") مما أفسد رأيه في الهوية لأنه أخذ أهل هذه البيئة على أنهم المعبر عن الوطن فيكاد ينطبق على السودان القول "كما تكونوا يولى عليكم" (ص 190)، إذ أنه لا يذكر بخير لا الشيوعيين ولا حزب الأمة ولا الاتحاديين ولا "الحركة الشعبية" أما "الإسلاميون" فيصف استلامهم للسلطة بالكلمات "هجوم التتار على الوطن" (ص 183)، ورأيه في الإنتلجنتسيا السودانية سيء، وهو ما نقرؤه في الكتاب (وفي بعض المقابلات رأيته يكاد يحمّلها مناصفة مع السلطة المسؤولية عن إخفاق مشروع انتقال مركز الدراسات السودانية الذي أسّسه إلى الوطن). وقد يرى المرء أن اهتمام المؤلف بإنشاء مركز للدراسات السودانية وتحمله مشاكله كان قميناً أن يعدل من هذا النظر السوداوي فهو نموذج على كل حال لمثقف يتحمل المسؤولية الجماعية عن مشروع بعيد عن "الأممية" (أي الكوزموبوليتية) وكره الاستقرار!

    لم تكن تجربة المؤلف السياسية مشجعة وهو لا يكاد يحمل رأياً إيجابياً في سياسي سوداني (انظر انطباعاته مثلاً عن الصادق المهدي ومحمد عثمان ميرغني في الكتاب، ص194- 195)، ولا ينظر المؤلف بتفاؤل إلى إمكانيات التطور السياسي للسودان بسبب بنية المجتمع السوداني التي تتسم في رأيه "بقدر كبير من عوامل الانقسام والتشرذم والخلافات وهذه أوضاع سالبة لا تساعد في قيام دولة وطنية ديمقراطية" (ص 190)، وقد رصد في هذا الكتاب كما في أماكن أخرى من كتاباته (مثل كتابه "الديمقراطية في السودان") تحوّل النخبة المتعلمة إلى المواقع الطائفية و "الدخول في قفاطين السادة" (ص 191). وتبدو كتاباته ونشاطاته على أرضية تشاؤمه الكبير وكأنها تدعو إلى المستحيل (شعار مجلته: "كن واقعياً واطلب المستحيل"!).

    تنبني السياسة كما هو معلوم على خيارات تختارها الأحزاب أو النخب للمجتمع، ومن أهم هذه الخيارات في مجتمعات الهوية المركبة مثل السودان خيار الهوية الذي تريد النخبة صياغة مجتمعها على صورته. ومن المآسي الكبرى في بلادنا أن رؤية الهوية كانت تتم بصورة تعسفية وضيقة الأفق، ومن المشكوك فيه بحق أن إسلامانيي السودان كانوا مؤهلين فعلاً لتقديم تصور سياسي مركّب يكافئ الهوية المركّبة! لكن الأطراف الأخرى لم تكن (على ما يبدو، وهو ما نراه في كتب المؤلف نفسه) أحسن حالاً، بل رأينا فاجعة الحرب الأهلية في الجنوب "المستقل" التي تشكك في صحة التلخيصات المختزلة التي كانت تقدمها أطراف دولية ومحلية عن جنوب ذي هوية واحدة مضطهد من الشمال!

    ينظر المؤلف بمرارة وعداء شديد إلى تجربة "الإسلاميين" التي كرّس لها كتباً كاملة، وهو يرتكب في اعتقادي في نظرته العدائية هذه خطأ عدم محاولة وضع الذات في مكان الآخر (وهو خطأ عام عندنا. ألم تستمر حرب الجنوب على مدى حكومات ديمقراطية ودكتاتورية؟). السؤال الذي قلما تطرحه النخب المعارضة على نفسها هو التالي: إلى أي حد (أو بأي نسبة) يمكن أن نقول إن مشاكل بلد محدد من بلادنا مسببة عن سياسة حكامه؟ وبعد تجربة ثورات 2011 صار هذا السؤال أوجه ولم يعد العذر القديم الذي هو فقدان التجربة قائماً، إذ بعد ثورات "الشعب يريد إسقاط النظام" صرنا نرى الآن أوضح مما مضى بكثير أن مفهوم "النظام" مفهوم شديد التعقيد والتركيب، وهو لا يتضمن مكوّنات محلية فقط بل يتضمن تداخلاً مؤثراً مع العلاقات الدولية لا تجعل حكومة أياً كانت نواياها حرة التصرف حقاً في سياستها الخارجية والداخلية أيضاً! ولا نحتاج إلى أن ننبه القارئ اللبيب إلى أننا في هذا بعيدون كل البعد عن تبرير أخطاء هذه الأنظمة المليئة بالفساد والطغيان!

    كتاب "أزمنة الريح والقلق والحرية" كتاب شائق جداً وهو كتاب عن فرد وبلد وهوية معقدة التركيب، وهو يقدم وصفاً لهذه الهوية من خلال مثقف انغمس (رغم إرادته الواعية) حتى أخمص رأسه في هذه الهوية وإشكالياتها!

    [email protected]
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de