انحرافات عن الوهابيةمامن شكّ في أن الطابع الديني للدولة الإسلامية وهابي بشكل كبير، بيد أن الجماعة تنحرف عن التراث الوهابي في أربع جوانب هامة: تحالف الأسر الحاكمة، والخلافة، والعنف، والحماس الكارثي.
لم تتبع الدولة الإسلامية النمط الذي اتبعته الدول السعودية-الوهابية الثلاث الأولى في عقد تحالف بين الدعوة الوهابية وبين أسرة آل سعود. وهي تعتبر الرابعة في تعاقب الدول في مكوّنها الوهابي ليس إلا، حيث تعتبر التحالف مع الأفراد الحاليين من آل سعود مستحيلاً بسبب كفرهم. وقد لخّصت الشاعرة الرسمية لتنظيم الدولة الإسلامية، أحلام النصر، موقف الجماعة بشأن هذه المسألة في مقال نشرته في كانون الثاني/يناير 2016 جاء فيه: "يتمسّح آل سلول اليوم بدعوة الشيخ المجدد [محمد بن عبد الوهاب]"، لكن في الواقع "الشيخ المجدد ودعوته بريئان من هؤلاء المرتدّين [أي آل سعود]".36
يمثّل الطموح إلى الخلافة انحرافاً آخر عن الوهابية. فالخلافة، التي تفسَّر في الشريعة الإسلامية باعتبارها نظام الحكم الإسلامي المثالي الذي يوحّد كل أرض المسلمين، لاتبرز كثيراً في المؤلفات الوهابية التقليدية. فقد كان في وسع الوهابيين الدفاع عن دولتهم باعتبارها خلافة مضادّة للخلافة العثمانية، التي أعلنوا أنها دولة كفر حتى سقوطها في العام 1924. غير أن هذا لم يحدث. والواقع أن من المثير للسخرية، إلى حدّ ما، أن تصبح الوهابية التي بدأت كحركة مناهضة للخلافة أداة لحركة مؤيّدة للخلافة.
لم يكن العنف غائباً بحال من الأحوال عن أول دولة سعودية-وهابية، كما لوحظ. غير أن الاستعراضات التي قام بها تنظيم الدولة الإسلامية لعمليات قطع الرؤوس والذبح المؤلمة والأشكال الأخرى من العنف الشديد التي تهدف إلى إشاعة الخوف والفزع، ليست ردّة إلى الممارسات الوهابية. فقد ابتدعها أبو مصعب الزرقاوي، الزعيم السابق المتوفى لتنظيم القاعدة في العراق، والتي عرّفه عليها عالم مصري في أفغانستان يدعى أبو عبد الله المهاجر. ويعتبر دليل المهاجر للعنف، والمعروف شعبياً باسم فقه الدماء، المرجعية القياسية لتنظيم الدولة الإسلامية لتبرير أعمال العنف الاستثنائية التي يرتكبها.37
يفتقر البعد الكارثي للدولة الإسلامية أيضاً إلى وجود سابقة في الاتجاه الوهابي العام.38 وكما بيّن وليام مكانتس، وهو باحث في الإيديولوجيا الجهادية في معهد بروكنغز، بالتفصيل في كتاب عن هذا الموضوع، ترى الجماعة نفسها على أنها تحقق نبوءة تتم فيها استعادة الخلافة قبل وقت قصير من نهاية العالم.39 وبينما يشترك الوهابيون السعوديون ووهابيو تنظيم الدولة الإسلامية في فهم نهاية العالم، يرى الأخيرون أنهم يعيشون فيها.
وبالتالي، فإن تنظيم الدولة الإسلامية ليس في أي حال من الأحوال التعبير الحتمي عن الوهابية التاريخية. فهو يحمل قدراً من الشبه بالدولة السعودية-الوهابية الأولى في حرصه على الجهاد ضدّ من يتصور أنهم من أهل البدع، وخاصة الشيعة، أكثر من المملكة السعودية الحديثة. والواقع أن تنظيم الدولة الإسلامية قتل الشيعة بصورة عشوائية في الأماكن نفسها في المملكة العربية السعودية حيث قتل أسلاف الوهابية الشيعة بصورة عشوائية. لكن التنظيم تبنّى، برفضه التحالف التقليدي مع آل سعود، أفكاراً معيّنة حول السياسة والعنف ونهاية العالم لم تتبنّها الدول السعودية-الوهابية الثلاث. ومع ذلك، فإن من يحنّون إلى الوهابية القديمة الأكثر شراسة يمكن أن يُعذروا لأنهم يرون من هذه الشراسة في تنظيم الدولة الإسلامية أكثر مما يرون في المملكة العربية السعودية الحديثة.
Read more at: http://carnegieendowment.org/2016/02/18/ar-62893/iuonhttp://carnegieendowment.org/2016/02/18/ar-62893/iuon