الدولة الوهابية الرابعةالواقع أن تنظيم الدولة الإسلامية هو نوع من الدولة الوهابية الرابعة، خاصة حين نضع في الاعتبار تبنيها وترويجها العقائد الوهابية. ففي مقالة في أوائل 2014، سلّط البنعلي الضوء على التشابه بين الدولة السعودية الأولى وبين الدولة الإسلامية.26 قال: "بعد أن حكمت [الدولة السعودية–الوهّابية الأولى] بالشريعة الإسلامية" في الدرعية، "تمدّدت على مدن وقرى عديدة... قاتلت أناسا ينتسبون إلى الإسلام... فعصفها كيل من الاتهامات وواجهها سيل من الافتراءات". وأكمل بقوله أن مع تنظيم الدولة الإسلامية، "التاريخ يعيد نفسه بنصه وفصه".
والحال أن العديد من المنشورات الرسمية للدولة الاسلامية هي كناية عن الأعمال الكلاسيكية للتعاليم الوهابية، بما في ذلك بعض أعمال ابن عبد الوهاب نفسه. إحدى هذه الاعمال مقالة مطوّلة حول متطلبات تكفير أولئك المسلمين الذين يُعتبرون نوعاً ما ضالين. في التمهيد للمقالة، يمتدح المحرّر ابن بعد الوهاب: "وقد حارب الشيخ محمد الشرك والوثنية والبدع والخرافات بجميع أشكالها، في داخل الجزيرة العربية وخارجها، وجاهد كل من وقف في وجه دعوة التوحيد". ويفاخر بأن الدولة الإسلامية تروّج لهذه العقيدة نفسها "التي تبناها ودعا لها وقاتل لأجلها الشيخ ابن عبد الوهاب".27
وهناك نصّان وهابيان رسميان آخران هما "القواعد الأربع" و"نواقض الإسلام" كلاهما لابن عبد الوهاب. النص الأول يقول إن "مشركي زماننا (وهم أعداء الوهابيين) أغلظ شركا" من المشركين الذين قاتلهم النبي محمّد في القرن السابع.28 أما النص الثاني فهو كناية عن لائحة من عشرة نواقض قد تُبطل إسلام المرء وتجعله عملياً كافرا.29 من أبرز هذه النواقض الناقض الثامن، "مظاهرة المشركين على المؤمنين". وفي أواسط 2015، أظهر شريط فيديو من محافظة دير الزور شرق سورية صفاً دراسياً يفترض أن فيها سوريين تائبين يتدارسون مواد النواقض على يد معلّم سعودي ويعترفون بالذنب وفق بند الناقض الثامن، لأنهم دعموا نظام الرئيس السوري بشار الأسد.30 إضافةً إلى هذه النصوص الأصلية،31 تروّج الدولة الإسلامية للوهابية في العديد من منشوراته. على سبيل المثال، أهم نص في معسكرات الدولة الإسلامية هو شرح مطوّل للعقيدة الوهابية، كتبه على الأرجح البنعلي.32
وبالمثل، عمد أنصار الدولة الإسلامية على الإنترنت، الذين يعتنقون بشكل شامل العقيدة الوهابية، إلى تشبيه هذا الأخير بالدولة السعودية-الوهابية الأولى. أهم نص معبّر في هذا المجال، بدءاً من أواسط 2014 جاء بعنوان: "الشيخ البغدادي على خطى الإمام محمد بن عبد الوهاب: التشابه بين الدولتين الوهابية والبغدادية". هذه المقارنة المفصّلة للغاية بين مشروعي بناء الدولتين، والتي بُثَّت على الإنترنت، تصل إلى خلاصةٍ بأن "الدولة الإسلامية هي امتداد لدعوة ودولة الإمام محمد بن عبد الوهاب—الدولة السعودية الأولى". حجر الزاوية في هذا التشابه، وفق الكاتب باسم مستعار، يكمن في تصميم كلا الدولتين على "محاربة الشرك بجميع صوره" وتطبيقهم "الشرع مباشرة بمجرد سيطرتهم".33
وثمة مقالة ثانية وزعتها مؤسسة البتار الإعلامية، التي تعتبر مؤسسة شبه رسمية للدولة الإسلامية، وتصف دعوة الدولة الإسلامية بأنها "امتداد لدعوة الشيخ [محمد بن عبد الوهاب]". ويلفت الكاتب، الذي يوقّع باسم أبي حامد البرقاوي، الانتباه إلى الاتهامات المتشابهة التي يطلقها أعداء الدولتين عليهما، خاصة اتهامات المغالاة في التكفير وقتل مواطنيهم المسلمين. وهو لاحظ أنه يُندَّد بكلا الدولتين على أنهما من الخوارج.34
يجد أنصار الدولة الإسلامية على الإنترنت أيضاً في الدولة السعودية-الوهابية الأولى نموذجاً لحملة العنف الراهنة في السعودية، خاصة فظائعها ضدّ الشيعة. وقد أورد أحد أبرز الكتّاب الجهاديين على الانترنت، (يُطلق على نفسه اسم غريب السرورية)، وقائع الحملات التي شنتها الدولة السعودية-الوهابية الأولى على المنطقة الشرقية وكربلاء للدلالة على الاستمرارية بين هذه الهجمات وبين الحملة الراهنة. واستنتج الكاتب، بعد أن أورد بكثافة بيانات مؤرخي البلاط الذين أشرنا إليهما أعلاه، أن ممارسات الدولة الإسلامية هي امتداد لممارسات الدولة الأولى وكتب: "كان رجال التوحيد يهاجمون ويهدمون معابد الرافضة المشركين لاتمنعهم حدود، وفي هذا الوقت قامت دولة الإسلام نصرها الله بكسر الحدود والهجوم على معابد الرافضة في الخليج وغيرها". وأكمل في اقتباس أقوال تُدين الشيعة أخذها من عددٍ من العلماء الوهّابيين.35
Read more at: http://carnegieendowment.org/2016/02/18/ar-62893/iuonhttp://carnegieendowment.org/2016/02/18/ar-62893/iuon