الدولة الإسلامية والوهابيةتاريخياً، يعتبر تعبير "الوهابية" ازدرائيا، ولذلك، لايتماهى أتباعها بالإجمال معه. لكن، ثمة كلمات وتعابير محددة تشي بهذا الانتساب. وهكذا، فإن الدولة الإسلامية يخاطب أنصاره في السعودية، وهي المعقل التاريخي للوهابية، على أنهم "أهل التوحيد" و "أهل الولاء والبراء"، ويعمل على اجتذابهم عبر طرح أهم المفاهيم الفقهية للوهابية. وبذلك يُشدد التنظيم على الموقع التاريخي للشعب السعودي بوصفه سدنة العقيدة الوهابية. العائلة المالكة آل سعود، وفق مقاربة الدولة الإسلامية، فشلت في تحقيق التطلعات، وخانت العقيدة، وهي في تصوُّر هذا التنظيم أصبحت "آل سلول"، وهو نعت يشير إلى عبد الله بن أبي بن سلول المُسمّى "كبير المنافقين" في صدر الإسلام، والذي أدانه القرآن مرارا.
نموذجان متنافسان
أرست السعودية، تاريخياً، دعائم شرعيتها على الدعم الذي توفّره للوهابية، التي هي شكل إقصائي من الإسلام السنّي برز في أواسط شبه الجزيرة العربية خلال منتصف القرن الثامن عشر. وقد وفّرت الحكومة للمؤسسة الدينية الوهابية مزية تنظيم النظام الاجتماعي، ومنحت علماء الدين درجة كبيرة من السيطرة على النظامين القضائي والتربوي، وسمحت لهم بإدارة الشرطة الدينية (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكَر). وفي المقابل، حظي الحكام بالمقبولية لدى المحافظين الوهابين.
عبر هذه الوسائل، أسبغ حكام المملكة منذ أمد طويل على دولتهم تعبير دولة اسلامية، ولم يشذ عن هذه القاعدة الملك سلمان بن عبد العزيز الذي ارتقى العرش في كانون الثاني/يناير 2015. إذ هو وصف السعودية بأنها النموذج الأنقى للدولة الإسلامية، قائلاً أنها صيغت على مثال دولة النبي محمد في شبه الجزيرة العربية في القرن السابع. قال في محاضرة في آذار/مارس العام 2011: " بدأت نهضة الدولة الإسلامية الأولى على الكتاب والسنّة النبوية [وهي الممارسة المعيارية التي يتبعها النبي]، والمبادئ الإسلامية من العدل والأمن والمساواة. تأسست الدولة السعودية على المبادئ ذاتها، متأسية بتلك الدولة الإسلامية الأولى." إضافةً إلى أن الدولة السعودية مخلصة لدعوة محمد ابن عبد الوهاب [أي الوهابيّة]، وأسسها العظيمة التي تقوم على "راية التوحيد، وتدعو إلى الدين الخالص من أي ابتداع أو ممارسات ليست في الكتاب أو السنّة، وأقوال السلف الصالح".7
تنظيم الدولة الإسلامية يقوم على هذه الادعاءات نفسها. فهو أيضاً يصيغ نفسه وفق طراز الدولة الإسلامية الأولى، كما أعلن قادته الأوائل خلال إعلان التأسيس في تشرين الأول/أكتوبر 2006: "ونحن إذ نُعلن قيام هذه الدولة مستندين إلى سنّة النبي صلى الله عليه وسلم عندما خرج من مكة إلى المدينة فأقام دولة الإسلام فيها رغم تحالف المشركين وأهل الكتاب ضده".8 واستلهم بيان قبل ذلك الدعوة الوهابية مدّعياً أن من شأن الدولة الاسلامية "إعادة جناب التوحيد إلى الأرض وتطهيرها من الشرك".9
تنظيم الدولة الاسلامية مثله مثل باقي المجموعات الجهادية قبله، أعلن أن حكام المملكة مرتدون، وغير مؤمنين، ونبذوا الدين، ويتعيّن قتلهم.
تنظيم الدولة الاسلامية مثله مثل باقي المجموعات الجهادية قبله، أعلن أن حكام المملكة مرتدون، وغير مؤمنين، ونبذوا الدين، ويتعيّن قتلهم. وهذا الحكم سببه فشلهم المفترض في ممارسة الحكم وفق شريعة الله، ولتحالفهم مع الغرب، وتسامحهم مع الاقلية الشيعية في السعودية، وهذا من ضمن أشياء أخرى. والواقع أن هذا التنظيم لايطرح نفسه وحسب على أنه الكيان السياسي الإسلامي الحقيقي الوحيد على سطح الأرض، بل أيضاً بأنه الوفي الوحيد للدعوة الوهابية. وهكذا، وفي وقت مبكر (2007)، زعم التنظيم أنه تسنّم دور"[الـ]سلطة [التي] تحمي التوحيد وتنشره"،10 وأنه، بالمقارنة مع السعودية الحديثة، يسعى إلى تحقيق ذلك عبر التوسُّع العسكري لأن "الإسلام لايعرف حدودا".11
ويمكن التساؤل هنا: أي دولة لديها الحجة الأفضل لامتلاك مثل هذا الإرث؟ إن استعراضنا للتاريخ المتعلق بذلك يسفر عن إجابة متباينة.
Read more at: http://carnegieendowment.org/2016/02/18/ar-62893/iuonhttp://carnegieendowment.org/2016/02/18/ar-62893/iuon