القَلَقُ بين الأقران والتمرد الدائم على السلطان والتمسك الدائم بكل جديد ، ثمرة طبيعية لشخصية الترابي التي ورثها من أجداده ونشأته ؛
فجده الأكبر تمرد على سلطان (سنار ) ، وذهب للحج فتمرد على أهل الحرم حتى سجنوه ، وأبوه كان كثير الاحتجاج والتمرد على
( المفتش البريطاني ) في القضاء فأكثروا من نقله بين الولايات السودانية ، وعائلته جميعها ما كانت تستقر على مذهب حتى تتمرد عليه ،
تتبع دائماً الجديد ، وكأن لا هم لها سوى التزين بالجديد وإن كان غريباً ، فقد جاءت طرق صوفية للسودان على أيديهم ـ على حد قوله هو ـ ،
وانقلبوا هم على ما جلبوه مراراً . والترابي ابنهم لذا صار على دربهم . فقد بدأ التمرد منذ درج ، تمرد على الصوفية وقرأ لغيرهم ، وتمرد على
المذهب الفقهي السائد وقرأ في غيره ، وتمرد على جماعة الإخوان المسلمين المصرية وادعى الانفراد والانعزالية[ ، وتربى في مدارس الإنجليز
ورحل إلى بلادهم للدراسة التكميلية ( ماجستير ) فأثار لغطاً في المحاضرات يتمرد بقوة على أساتذة الجامعة ، ثم تمرد على بريطانيا ورحل إلى
فرنسا عدوتها التقليدية في أوروبا يوما يأخذ منها الدكتوراه في القانون ، ثم تمرد على الفرنسيين حين عاد وحاول أن يترجم القوانين بالعربية
على غير ما هو معهود عليه عندهم .
وتمرد على الثورين من الوطنيين ، وعلى الفقهاء والمحدثين .
إن الترابي دائماً يتعاطى الغريب والجديد ودائماً متمرد على من حوله . حالة من التنقل السريع والتقافز السريع .
أعود وأسأل بعد هذا العرض : ما الترابي . ما هو مفتاح هذه الشخصية ؟!