طاحونة العجب

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 03:51 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-19-2016, 04:26 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
طاحونة العجب

    03:26 PM February, 19 2016

    سودانيز اون لاين
    درديري كباشي-
    مكتبتى
    رابط مختصر

    في طرف الحلة البعيد كانت تقبع طاحونة العجب ..أشهر معلم في حارتنا .. دكان من الطوب الأحمر بلا بياض .. محفر في فراغاته ( العراميس ). التي تسكنها الخفافيش . معروشة بألواح الزنك .. ملحق بها حوش صغير .. به بابور اللستر الذي يدير الطاحونة عبر سير طويل .. له نافذة في الدكان يمر خلالها ..لا نذكر متى صمت هذا المحرك .. فهو رغم ضخامة صوته أصبح جزء من البيئة .. بل أصبح الشذوذ والاستغراب أذا صمت يوما لسبب ما .
    الدكان به أحواض من الأسمنت مليئة بأنواع الزرة الرفيعة .. فتريته ومريق ودخن وقمح ..
    أما عم العجب فحدث بلا عجب .. رجل يغمره الدقيق طيلة اليوم بل قل طيلة العام .. بحيث لا تعرف أن تكيف ملامحه .هل هو أشيب الرأس أم ذاك بياض الدقيق .
    الشئ الوحيد الذي لا يكسوه البياض فهو أسنانه .. قد كانت صفراء تميل للون البني .. أسنانه متفرقة عن بعض نحس كأنها أنابيب أغاز مرصوصة أمام محل ينتظر أهلها تعبئتها .. يلبس عراقي واسع فتحة الصدر .. صدره ملئ بالشعر .. تتعلق به حبيبات الدقيق فيصبح كشرك العصافير ..
    قليل الكلام معظم ردوده بامائة من رأسه مصحوبة بابتسامته المريحة رغم بشاعتها .. تعكس طيبة ما .. لكنها مشوبة بحذر أهل الحارة .. الذين لم يستطع أحد أن يفك سره حتى الآن .. من هو متى وصل الحارة .
    نواصل
                  

02-19-2016, 04:30 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب 2
    العجب متوسط الطول يميل للبدانة .. ساقيه شبه مقوسات ..يبدو تأثرت بعمله القاسي .. فهو من طبيعة عمله يفك حجارة الرحى من الطاحونة ويبدلها بأخرى ..بعد ان تسحق نتوءاتها .
    أكثر عمل يجد فيه متعه ويؤديه وهو يغني عندما يجلس على الأرض أمام الطاحونة ويبدأ يعيد نحت النتوءات في حجر الرحى .
    العجب اكتسب هيبته أو قل ارهابه من صمته ..فهو يتحاشى الحوار مع أهل الحارة صغارهم وكبارهم ..
    كل الكلمات التي يتداولها تتعلق بعمله هو فقط.
    عايزنو ناعم ولا خشن يا حاجة
    القمح اخلط ليكم معاه مريق .
    فتريته
    قدم حمام
    عيش ريقان
    ما في جاز
    نسن الحجارة
    والجمل الأخيرة لتبرير الحالات النادرة التي يصمت فيها المحرك .
    عندما يكون العجب في لحظة استرخاء . أي اللحظة التي يحتاجها لسن الحجر ..هذا يعني أن الطاحونة في حالة توقف ..لا يوجد مبرر للذهاب ناحيتها من أهل الحارة .
    لكن من بعيد يأتينا ترنمه
    صوت غليظ لكنه مطرب به شي من شجن ..
    صادف يوم وانا أمر بدراجتي في مرسال ما بقربه سمعته يترنم باحد الاغاني القديمة .. لحظك الجراح ..
    هذا أضاف لغزه غموضا ..
    لأننا لغرابة شكله واختلاف ملامحة عن سحنة السودانيين كان نعتقده من أصول أجنبية ..شعره رغم غبار الدقيق كان اسودا ناعما نسبيا اي اشعث وكث وملفلف ..
    في ذات اليوم قررت انا أسأل والدي عنه.
    قلت يا ابوي انت العجب بتاع الطاحونة دا حكايته شنو .
    أجابني بنهرة اطارت صوابي
    انت مالك وماله الوداك عنده شنو.
    قلت مرتبكا
    جيت ماشي بالعجلة جمبه لقيته يغني لحظك الجراح وانا كنت قايله خواجة يوناني .
    هدا ابوي ..وقال والله نحن ذاتنا من قمنا لقيناه في الحلة لكن أسأل جدك أو عم خليل غفير المدرسة ديل ناس حاضرنه من أربعين سنة .
    طيب انتو ما فكرتوا تسألون عنه .
    نحن لامن كنا اطفال هو كان شاب حتى مرات يلعب كورة ويتمرن مع الشباب وكان حريف جدا .. قدر ما فكر ناس النادي ضمه للفريق إلا أنه كان رافض يسيب الطاحونة ..
    طيب يا ابوي الطاحونة دي ذاتها ببشغلها كيف.
    تقصد شنو ببشغلها كيف.
    أقصد بجيب الجاز كيف ومن وين والذرة ..انا يوم واحد ما شفت الأحواض فاضية.
    ابوي ألقى نظرة علي بتركيز وصغر عينيه كأنه تذكر شيء.
    زادت خوفي وشكي.
    لكن لم يرد .
    قلت صحي عنده عفاريت جن شغالين معه .
    يا ولد بلا خرآفات بلا كلام فارغ يلا قوم شوف مذاكرتك.
    قمت فذعا من النهره وهذا الحوار بدلا من أن يبرد جوفي زادني حيرة وفضولا
    ونواصل
                  

02-19-2016, 04:45 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    3
    لماذا نهرني ابي عندما سألته عن العجب.
    ولماذا تهيج عندما حاولت اربط غموضه ولغزه بالجن .
    هذا يعني أن في الأمر انة لا يريد الكبار الخوض فيها .
    وأنا من المفترض كشخص في سني على أعتاب المراهقة أن أخاف من الموضوع وانساه.
    لكن كنت فضولي مع شي من الجرأة.
    لن اترك حيرة تستوطن قلبي إلى الأبد .
    من هو العجب وما هو سره
    جدي كان أصعب من والدي ربما لو سألته سيصفعني ردا على سؤالي .
    إذا ليس أمامي سوى عم خليل الخفير.
    وعم خليل ظرفه لا يختلف كثيرا .
    فهو أتى الى حارتنا وافدا في شبابه يبحث عن عمل ومصدر رزق.
    وافق أهل الحارة أن يعمل خفيرا لمدرسة البنات الثانوية حديثة الانشاء
    بنوا له غرفة في ركن السور.
    وعندما آمنوا جانبه ولمسوا سلامه .. زوجوه بنت يتيمة تربت في حوش جدي الكبير .. ولأنه تزوج في سن كبيرة ..لم يكن أطفاله يتناسبون مع سنة بل كان اكبرهم من نفس عمري وزميلي وصديقي محمود في المرحلة المتوسطة.
    كثيرا ما أقضي النهار معهم في بيتهم الصغير الذي يحتل أحد أركان المدرسة.
    كانت مدرسة البنات الثانوية هي جنتنا الصغيرة التي نقضي بها طيلة فترة العصر .
    وهي جنة فعلا إذ اهتم عم خليل بتشجيرها وزراعتها .
    كثيرا ما ساعدناه انا وصديقي محمود في عمله .
    بل مرات يرسل ابنه محمود ليناديني اذا كان هناك جهد يحتاج لأكثر من شخص .
    كان يعجبني اكلهم الفقير أكثر من أكل بيتنا.
    كثيرا ما تجمعنا حول قدح السخينة .. وهي كسرة الزر الخميرة معجون في مرق من الطماطم والبصل والزيت مع البهارات بدون لحم.
    قدر ما حاولت امي أن تصنع مثلها حتى تجنبي التطفل على مائدة محمود وأهله لكن لم تفلح .
    يبدو أن السر ليس في المكونات فقط .
    إنما الطعم عندهم هو مزيج من الروح والطيبة والاريحية ..تركيبة لن تجدها إلا في بيوت الفقراء ..بهارات خفية .
    ذاب عم خليل في مجتمع الحارة وأصبح جزءا منه يخالط الناس في مناسباتهم ويخالطونه .. وأصبحت تربطهم به علاقة توجت بالمصاهرة بزواجه من عمتنا أي اليتيمة التي رباها جدي.
    وهنا في الريف عادة بعد أن يامنوا جانب الشخص وياتمنوه يصبحوا غير معنيين بماضيه ومن أين اتى .
    أما العجب لم يذب في المجتمع تماما لذلك أصبح دوره هو أن يعد لهم خبزهم في مرحلة من مراحله ..أما باقي وقته ماذا يفعل به فهذا لا يهم .
    لكن انا الأمور عندي لم تكن تقفل بهذه السهولة .. أي لازم أجيب قرارها .
    خارجا العصر بحجة رايح العب مع محمود .. سمعت ابي يتحدث مع امي.
    انا عارف ولدك الفقر دا حا يحكها لامن تجيب الزيت .
    وأمي تغالط فيه تقول له هو خاف منك تاني ما راح يفتح موضوع العجب معاك وحا يرجع للعبه .
    وقال لها حتشوفي براك .
    بيني وبينك
    انا فعلا ناوي احكها لأمن تجيب الزيت.
    نواصل
                  

02-19-2016, 06:05 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب 4
    ذهبت بعجلتي ناحية مدرسة البنات الثانوية وهي تقع في الجانب الجنوبي من الحارة أي عكس موقع الطاحونة . بل يوجد تقريبا كل مجمع المدارس الابتدائية والمتوسطة للبنين والبنات .. عدا مدرسة الثانوي للبنين فهي شمال الحارة قرب الطاحونة .
    وجدت باب سور المدرسة فاتحا ..كان عم خليل يقوم بقص أشجار الفايكس التي أتقن التفنن في تشكيلها في شكل بيضاوي وكروي.
    أكثر عمل كنا نستمتع بمصاحبته فيه ..بعض مرات يعطينا فرصة للقص ويشرح لنا ويدربنا على الطريقة .. لا أدري إن كان قد درس هذا الأمر أم أنه أتقنه بالممارسة والمشاهده .
    كل إدارة المدارس كانت تحسد مدرسة البنات على عم خليل .. فهو من يجعلها مخضرة وجميلة طيلة العام .. فضلا عن خبرته وبراعته في تنسيق الحدائق.
    النظافة
    التشجير
    قرع الجرس
    طلبيات المدرسات
    هي تقريبا كانت تشكل وظيفة عم خليل في مدرسة البنات .
    عمتنا نفيسة زوجته كانت تبيع سندوتشات الطعمية والفول والسلطة للطالبات.
    لولا منعتها مديرة المدرسة بعد أن شكت إحدى الطالبات من أعراض تسمم .
    لبست التهمة عمتي نفيسة ومنعت من بيع الطعام.
    مع أنه لم تشكو من التسمم غير طالبة واحدة وربما من مصدر آخر.
    لكن مبدأ الحيطة القصيرة على رأي عمتي نفيسة.
    لم يداقع عنها أحد.
    واكتفت بإلبقاء في البيت فاقدة باب من أبواب الرزق .
    حاولت المديرة أن تعوضها بالعمل كفراشة .
    لكنها رفضت وكذلك عم خليل .
    كأنه لا يريدها أن تتعرض للإهانة والذل من بعض الطالبات أو حتى المدرسات.
    أو لا يريدها ان تراه في ذات الموقف.
    وهو أمر معهود لطبيعة العمل .
    المهم انا فرحت عندما وجدت أن عمل عم خليل اليوم هو قص ونظافة الشجر.
    مما يعني الاقتراب منه لأطول فترة ممكنة .
    ممكن أسأله عن عجب الطاحونة.
    هو أحد القلايل الذين يعرفون سره .
    دخلت المدرسة وقابلني صديقي محمود بابتسامتة المشرقة وقال إن أبوه ينتظرنا في طرف المدرسة الشرقي.
    سندت عجلتيي إلى أحدى الأشجار الكبيرة وذهبت
    السلام عليكم يا عم خليل
    أهلا يا أحمد ولدي .كويس انك جيت تعالوا انت ومحمود شيلوا الوسخ دا بره المدرسة .
    انا حا امشي البيت ننتظركم بالغدا.
    وفعلا بدينا جر الأغصان المقطوعة.
    وأنا اتحين الفرصة لاسال عم خليل.
    بعد خلصنا رحنا ناحية بيت محمود .
    وجدنا عمتي نفيسة وضعت الأكل قدح كبير من الكسرة مع ملاح الويكة الخفيف أي أم رقيقة مع صحن صغير بالشطة والليمون .. سأل لعابي. . رغم أني تغديت في بيتنا.
    يا جماعة انا اتغديت.
    لا لا اتغديت شنو لازم تاكل.
    وبدأ الترجي المعهود .
    وخاصة عمتي نفيسة هي كانت تحس بالفخر من إعجابي بطبخها رغم بساطة وفقر مكوناته ..
    أكل يا أحمد مالك الليل ماك مشتهي أم رقيقة بتاعة عمتك .
    فعلا جرتني واكلت بنهم كالمعتاد وأثناء الأكل رميت سؤال.
    انت يا عم خليل العجب بتاع الطاحونة دا هو منو وجايي من وين.
    رفع عم خليل رأسه بحركة سريعة افذعتني نظر ناحيتي مقطب الجبين .ثم نظر ناحية عمتي كأنه يقول لها ولد اخوك دا ماله .
    وبختني عمتي استجابة لزوجها.
    يا أحمد انت مالك ومال الحاجات دي الوداك عنده شنو .
    لا بس شايفه ما مخالط الناس وشكله غريب ما يطلع من الطاحونة.
    عم خليل قال ... اوعى يا أولاد تشموا جمب الراجل دا تاني.
    قلت يعني ما ندقق عنده العيش.
    قال.. تدققوا عيشكم وتجوا راجعين ما تتكلموا معاه.
    قلت معقول عم خليل آخر أمل لي يقفل باب الفضول بهذه السهولة.
    وبعد الغدا اقترب مني محمود وقال لي يا أحمد انت جنيت مالك ومال العجب.
    قلت له بذمتك يا محمود انت ما عندك رغبة تعرف حكايته .
    قال مرة واحدة سالت منه ابوي ضربني كف وقال لي اوعى اشوفك حايم جمب الطاحونة دي.
    يعني عم خليل جاملني كونه قطب جبينه فقط دون أن يضربني .
    لكن هل استسلم واكتفي بهذا الردع.
    يستحيل
    ونواصل
                  

02-19-2016, 06:58 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    5
    المظاهرة
    صراحة غضبة عمي خليل جعلتني احجم عن مواصلة سؤاله عن العجب ..لكني لم استسلم فقط أجلت السؤال لوقت أنسب ..لاني ليس لي مصدر غيره ..جدي بعصبيته يعتبر منطقة محظورة أشبه بالمناطق العسكرية . لا تستطيع أن تسأله أكثر من صحته وكيف أصبح وكيف أمسى وكفى .. عم خليل الطيب هو صندوق عجب الأسود .
    لماذا لم يسأل والدي ومن هم في جيله عم خليل طالما انهم يجهلون السر ..اكيد خوفا من جدي ... أو كما يقال بعض المعلومات تصبح خطرا على من يمتلكها . الجهل بها ارحم وأكثر أمنا. ربما ... لكن معي الوضع يختلف الفضول هو ما يعذبني أكثر وكشف الأسرار والمغامرة يعتبر متعة في حد ذاته بغض النظر عن المخاطر .
    المهم عد ذاك اليوم عم خليل لم يفصح وانا لم أعد السؤال بعدما خلصنا من مساعدته انا ومحمود خرجنا لممارسة كرة القدم وقبيل المغرب عدنا للصلاة بعدها تفرقنا للمذاكره .
    وفي الصباح التقينا في المدرسة انا ومحمود كنا متجاورين في الفصل الصف الثاني المتوسط.
    كنا متوترين في حصة تسميع المحفوظات مع أستاذ عبد الغفور المرعب بدأ التسميع من أول الصف انا وصديقي كنا معتمدين على ترديد القصيدة مما يردده الزملاء محاولة يائسة للحفظ مع الخوف والرجفان .لأننا لم نحفظ منذ الامس
    لكن فجأة يجينا الفرج بصورة غريبة. حجارة سقطت على ألواح الزنك مصحوبة بهتافات ..من نوع يسقط يسقط حكم العسكر ...لن يحكمنا طيش حنتوب.
    عم الصراخ الفصل والفصول المجاورة.
    مظاهرة.
    تمشوا بيوتكم يا اولاد.
    نمشي بيوتنا ؟؟؟؟؟؟؟
    حفظنا كتبنا في الدرج وخرجنا .
    محمود قال لي احسن نمشي البيت يا أحمد .
    قلت له يا ولد انت اهبل المظاهرات دي أمتع حاجة في حياة المدارس.
    طيب نمشي وين .
    راح ننام لأول الثانوية.
    محمود مسكين وغلا دائما أجره معي في مغامراتي الطايشة.
    معظم إملاء المدرسة اجتهدوا ناحية الحارة أي ناحية بيوتهم .
    أما أنا جريت محمود من يده متجه ناحية طلاب الثانوي.
    لن يحكمنا طيش حنتوب.
    طيش حنتوب دا منه.
    انا مالك بس قول زيهم كدا .
    المظاهرات فعلا لحظات جميلة
    لم ننسى ونحن نمر بقرب المدرسة الابتدائية أن نلقي حجري على سطحها.
    استمعنا ونحن نسمع الصغار يتصرفون وبعد قليل يتفقون نحو باب الخروج .
    شعرنا بالزهو ونحن نتسبب في خروج مدرسة كاملة .
    لكن للأسف جرى الصغار نحو بيوتهم لم يتبعونا.
    وصلنا تجمع الثانوي ونحن نهتف
    لن يحكمنا طيش حنتوب
    بسقط يسقط حكم العسكر.
    بعد قليل تبدل الوضع حضرت سيارات شرطة مكافحة الشغب مدججين بالهراوات والقنابل الغازية جرينا وفرينا.
    نزل العساكر من سياراتهم وبدأوا في مطاردتنا.
    لأننا كنا تقريبا أصغر الحضور .بعض العساكر ركزوا علينا ..
    انا ومحمود كنا نجري برعب ممتع.
    محمود كاد يموت من الخوف.
    كره اليوم الذي عرفني فيه.
    جرينا والعسكر يقتربون منا.
    لاح لنا سور طاحونة العجب.
    بما أن جدارها غير مغطى بالاسمنت سهل تسلقها.
    تعلقت انا بالجدار وقفذت بالداخل.
    محمود تبعني ..
    وجدنا شجرة حناء كثيفة اختبانا خلفها ..
    نحن نسمع في اصوات خطوات العساكر في الخارج واحذيتهم المرعبة وحوارهم.
    دخلوا وين الشياطين ديل.
    يكونوا دخلوا في حوش الطاحونة.
    يا زول طاحونة شنو دي رجال ما بيدخلوها .
    محمود نظر لي برعب
    وانا كذلك لم أستطع أن اخفي رعبي.
    معقولة وقعنا في شر أعمالنا.
    أصبحنا خائفين من المكان الذي يحوينا أكثر من خوفا مما ينتظرنا في الخارج.
    نسينا مما بخارج السور وأصبح تركيزنا على الداخل.
    ماذا يوجد هنا يجعل الرجال يخافون من المكان
    نواصل
                  

02-19-2016, 08:35 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    6

    ظلينا انا ومحمود متخببين خلف شجرة الحناء حتى انصرف عساكر الشغب وسمعنا صوت خطواتهم تبتعد .. من المفترض أن هواجسنا قد زالت ونفرح بالنجاة .. لكن بالعكس شعرنا وبعد كلام العساكر أننا نواجه ورطة أكبر ربما تمنينا بعدها لو قبض علينا عساكر الشغب .
    عدنا ننتمعن في داخل حوش الطاحونة لنتبين ما هو الشي الذي يخيف الناس .
    محمود بصوت مرتجف قال لي أحمد ياخ أرح نطلع من المكان دا .
    أنا أقتنعت خاصة أن حجم خوفنا كان أكبر من روح المغامرة .
    لكن قبل ما نتحرك سمعنا صوت خطوات داخلة ..
    ولسوء حظنا هي كانت من اللحظات النادرة التي يوقف فيها عجب محرك الطاحونة .
    أضيف لخوفنا صمتا مريبا نكاد نسمع فيه أنفاسنا .
    يبدو أنه عجب فرغ من تركيب حجر الرحى وعاد للداخل .
    لازال يترنم ويغني ..
    حقيقة المحل كان مرعبا أشبه بالمقبرة
    غير أن هنالك أحواض صغيرة بها شجر أخضر أشبه بالبرسيم أو الجرجير .
    قطع غيار منثورة هنا وهناك تتعلق بالطاحونة ومحركها اللستر
    براميل جاز .
    دخل العجب وخلع القميص (العراقي )
    بدأ ينفض فيه .. عم غبار الدقيق المكان وزاد المشهد رعبا.
    وهو لا زال يغني.
    أما نحن نكاد نكتم انفاسنا وضربات قلوبنا نحس كأنها ستفضحنا .
    خاصة بعد ما شاهدنا جسد عجب النحيل ملئ بندوب وجروح غائرة وقديمة .
    بعدما نفض القميس علقه على حبل
    وملأ ماعون من البرميل بالجاز
    وفرغه في فتحة خاصة بالبابور وبدأ في تشغيله .
    أنطلق الصوت متدرجا ومتضخما زائدا الرعب
    أكتمل صوت المحرك وانتظم .
    عاد العجب ولبس قميصه ثم تحرك داخلا الى دكان الطاحونة .
    يلا يا أحمد عليك الله خلينا نطلع .
    قلت أنتظر شوية يا محمود خلاص هو تاني ما بيرجع .
    أنت عاوز تعمل شنو ؟
    قلت له دي فرصة ما تتوفر تاني خلينا نستكشف نشوف العجب دا عنده شنو ومخوف الناس كدا ..
    لا لا لا لا يا أحمد أنا ماشي كفاية اليوم أنا عايز أموت بالخوف .
    قلت له أنتظر شوية انا متأكد تاني ما يرجع .
    مسكت محمود من يده وكانت يده مثل الثلج وهو يرتجف .
    حقيقة كانت هناك غرفة صغيرة في طرف الحوش يخيل لي بها كل أسرار العجب .. وكان عندي فضول لدخولها .
    جريت محمود متجها لكنه اتلصق بالآرض ( حرن).. رفض أن يتحرك معي .
    أخيرا استسلمت وأكتفيت بالنظر من بعيد ناحية الغرفة .
    من بعيد كان ظاهر بها عدد من الجوالات بعضها معبأ وأخرى فارغة .
    وكذلك كراتين ..
    نعلم أن الجوالات لها علاقة بالطاحونة فهي أما ذرة أو طحين .. لكن ما علاقة الكراتين بالمكان .
    أعتقد أنه هنا يكمن السر .
    يا أحمد خلاص ارح نطلع ياخ .
    رضخت أخيرا وقفذنا خارجين ..
    تفادينا المرور من أمام الطاحونة حتى لا يلاحظ وجودنا العجب .
    ومن خلف الطاحونة جرينا نحو بيوتنا لا نلوي على شئ .
    والله ياأحمد تاني انا أنا ما أباريك لأي محل .
    قلت له عليك الله هسع قابلك يوم امتع من يوم الليلة دا .
    حاولت أغريه ربما أحتاجه لزيارة أخرى .
    أمتع شنو عليك الله .. أنا أكثر يوم تعذبت فيه في حياتي كلها .
    ونحن نجري شارفنا بيوتنا .
    وجدنا لمة من الأهل في أنتظارنا .
    عم خليل وأبوي وجدي وأمهاتنا ولفيف من أهل الحي ..
    كنتوا ويت يا أولاد ..؟
    أطلق السؤال جدي .
    مع نظرة تتقد شررا .
    نواصل
                  

02-19-2016, 09:38 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طا حونة العجب
    7
    أنا من شاهدت اللمة عرفت أن العقاب واقع لذلك أصريت على محمود وقلت له لو قتلوك لا تجيب سيرة طا حونة العجب .أصلا مافي حد شافنا دخلنا أو خرجنا خلينا ننجلد في موضوع المظاهرات فقط.
    فعلا موضوع طاحونة العجب مع الغموض الذي يحيط بها وخوف أهل الحارة منها ومن العجب أصبح مجرد الحديث عنها يعد من الموبقات بل الكبائر في عرفهم فما بالك لو عرفوا بزيارتنا ربما وصل الأمر للأعدام .
    ما سامعين الكلام كنتوا وين ؟؟
    جدي كرر سؤاله .
    قلت أنا بتلعثم .
    مشينا زرنا أصحابنا بشرق الحلة .
    تفاجأت بكف صاموتي على خدي من والدي .
    وبعدها أكمل : كمان تكذب يا كلب ؟
    جدي زجره : ما تضربو أنت يا عبد الله خلينا نحقق معاه وخليهم يقولوا كلامهم كله .
    وواصل جدي : صحي أنتو أشتركتوا في المظاهرة مع اولاد الثانوي ؟
    أنا شعرت بالارتياح من هذا السؤال .. كل خوفي أل يتطرق الأمر الى الطاحونة .
    مشيتوا ولا ما مشيتو ؟
    أجبت بإماءه من رأسي .
    طيب طلعتوا مظاهره ليه ؟ الحكومة ما عاجباكم ؟
    نسيت أمرا أن جدي من أعضاء الحزب الأتحاد الاشتراكي الحاكم بل هو نائب الدائرة في برلمانهم الكرتوني .. وهذا كل ما يغيظه في الأمر .
    لكن نحن خرجنا ووقتها لا نعرف حكومة ولا نعرف أصلا سبب المظاهرة .. كل ما في الأمر مغامرة جديدة خضناها واستمتعنا بدخان البمبان ان كان فيه متعة .. طاردنا العساكر واستخبينا في الطاحونة .. ويا ويلنا من الطاحونة . هذا هو قمة الخطر في الموضوع وحتى الآن لم يظهر .
    تدخل أبي :ما ترد على جدك يا ولد الحكومة ما عجباكم؟
    قلت : نحن المظاهرة جاتنا في المدرسة وطلعنا ونحن جزء من الحركة الطلابية .
    يا سلام على الفلسفة والكلام الكبار .. كمان قال جزء من الحركة الطلابية .
    يا عبد الله ما تخليني اتحقق معاه بعد ما أخلص أنت حقق زي ما عايز بالله ما تقاطعني مرة ثانية .. نهرة من جدي لأبي .. جعلتني أحس أن الأمر يبدو كبيرا جدا وفي أشياء أخرى الله يستر من موضوع الطاحونة ..
    جدي مكملا .. تكلم يا ولد ليه الحكومة ما عاجباك .؟.
    قلت : والله يا جدي نحن حتى ما عارفين سبب المظاهرة .. ناس الثانوي جونا ونحن طلعنا معهم .
    - طيب ناس الثانوي ديل لو وقعوا في النيل كنتوا حا تقعوا معاهم ؟
    - هزيت رأسي نافيا ..
    أحد الجيران الطيبين تدخل : يا عم عمر دي شقاوة أولاد ساي أكيد حتى ما فاهمين سياسة ..
    - معليش يا أستاذ طاهر أنا لسع ما جيت للسؤال المهم .
    قلت الله يستر من هذا السؤال المهم .
    - أنت يا ولد طعلتوا مظاهرات دون اولاد مدرستكم المتوسطة وفهمناها مطلعين معاكم اولاد الابتدائي ليه وخوفتوا الصغار .؟
    متين طلعناهم يا جدي ؟
    أسكت ياكلب تنكر انكم رميتوا حجار في زنك المدرسة أنت ومحمود ؟
    حقيقة سكتنا ويبدو أن هنالك من وشى بنا ..
    ورغم نحن الآن في موقف أخطر.
    لكن أيضا أخف من حكاية الطاحونة .
    أعترفنا بالذنب ..
    وقدام دكان جدي كانت توجد كنبة طويلة
    ومثل نظام المحاكم وفي حضور الجميع حكم علينا كل واحد خمسة عشر جلدة بسياط النيم .
    صرخنا وأعلنا توبتنا وأستعنا بأمهاتنا وكله لم يجدي .
    بصراحة أنا كان ألمي مضاعف ..
    لآني شعرت بالذنب تجاه محمود ..
    كما يقول المثل ورطته معي (لاأيده لا كراعه )
    بعد الجلدة ونحن نمسح في دموعنا متجهين نحو بيوتنا ..
    سمعت عمتي نفيسة تقول لولدها ..
    تستاهل ما قلت لك أحمد الشقي دا تاني ما تباريه .
    أمي أتغاظت منها ولكي ترد وتأخذ حقها بأعلى صوت قالت.
    أنت يا أحمد أنا ما قلت ليم تاني ما تباري ود الغفير دا ؟.
    بعد العشاء برد الجلد وجفت الدموع .
    أرسل لي جدي يناديني .
    يبدو أنه شعر بقسوة العقاب
    وعادت له عاطفته .
    وحتما أنا أستغليت هذه الفرصة تماما
    لآسأله
    عن العجب
    والطاحونة
    ونواصل
                  

02-20-2016, 06:10 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    Quote: أبو الدر
    أنت أقدر من يحكي في هذا المكان.
    سلمت أناملك واصل الحكي الجميل وستجدنا متابعين.
    ah;v

    شاكر جدا أخونا علي
    هذا من فرط ذوقك ورقتك

    لكن هنا الأجمل أكثر ما في شك
                  

02-20-2016, 10:16 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    8
    مناداة جدي أصابتني بمشاعر متباينة
    بين الخوف والرجاء
    خوف من أن أمر زيارة الطاحونة والاختباء فيها يكون وصله بصورة ما .. وفي هذه الحالة أنا مقتول لا محالة .. ورجاء من أنه تكون جاءته نوبة عاطفة ويعتذر لي أو يسامحني أو يبدي أي نوع من اللين والطيبة كفاية .. وبعدها ممكن أستغل فرصة الطيبة هذه وأرمي قنبلة السؤال عن عجب وطاحونته .
    المهم ذهبنت أجر رجلي وظهري لازال يشح وينتح من أثر السياط .
    بطريقة لا أرادية بديت أعتب (أعرج) تحوطا أن كان في الأمر جلدة جديدة .. حتى أستدر عطفه .. كان منظري مضحكا.. تخيلوا شخص مجلود في ظهره ويعرج برجله .. فعلا بعد ما شاهد منظري بدأ يضحك .. وقال : تعال يا أبو حميد .. نادني وأجلسني قربه في السرير ..
    أبتسامته مريحة ,, رغم ندرتها ..
    وأول مرة أكتشف أنها غالية كذلك ..
    وغالية هذه ليس بمعناها الشعري أو الرومانسي .
    غالية ماديا فعلا لأن له نائبين ( فواطر ) من الذهب الخالص أول مرة الحظ وجودهما ..
    جلست قربه في السرير الخشبي ( العنقريب الضخم ) ..
    جدي بخلاف جدتي رحمها الله كان له زوجتين أخرتين .. في السن يكاد يكن أصغر من أمي ووالدي .. كذلك كان لدي أعمام يقاربونني في السن .
    هم من أنبروا لتثبيتي لحظة الجلد والعقاب .. وأحدهم كان هو من ينفذ .
    أمي من زمان تكرههم وتكره أمهاتهم .. أي هي تحمل ضر جدتي بالانابة بعد رحيلها .وأكيد اليوم تضاعف هذا الكره .وأنا حتى لحظة فارقتها كانت تدعي لهم وهي تدلك ظهري بزيت السمسم . رغم أني أعتقد أن جدي تزوج بهن بعد رحيلها أي جدتي.
    بدأ جدي يدلك شعر رأسي وينظر في وجهي ويبتسم قائلا : دي عملة تعملها يا أحمد يا ولدي ؟ . تعرف أبوك وأعمامك ديل كلهم كانوا أشقياء لكن ما فيهم واحد وصل مرحلتك دي .
    جدي محاولا أن يهول فعلتي ليبرر قسوة العقاب حتى يريح ضميره الذي يبدو أنه أنبه .. بدليل أني أعتقد أول مرة ينادي شخص عاقبه ويقابله بهذا اللين واللطف .
    قلت : معليش يا جدي أنا غلطان وتوبة .
    قال : لا يا ولدي منو القال ليك أنا عايزك تتوب ؟
    رفعت رأسي بأندهاش وقلت له نعم ؟؟
    قال : بالعكس أنا مبسوط منك ومن شجاعتك وشقاوتك .. لكن الكلام دا بيني وبينك .
    لا زلت أنظر له باندهاش حتى لم أستطع التعبير .
    وقال مواصلا :أنا جني وجن الراجل البيردعوا العقاب .. حاجة أنت مقتنع بها ومؤمن بها أعملها حتى لو يعدموك .. بس شرط لا تكون مؤذية للناس وتسبب ضرر ما يتعالج .
    انا قلت جدي شكله ناوي يجرني لفخ جديد .. دي مصيبة شنو الوقعت فيها .
    قلت : لكن يا جدي أنتو تعاقبوني وتجلدوني بالصورة دي أنا لو عملت عمليتين زي كدا يمكن أموت وأمي راح تموت قبلي .
    قال : بصراحة أنا بعترف أنه عقابنا ليك كان قاسي شديد . ونحن كان قصدنا نرضي مدير المدرسة الابتدائية أستاذ عبد السلام ..لأنه كونك تخرج الصغار في المظاهره كان ممكن واحد منهم ينط الحيطة ويكسر يده أو حتى رقبته .. يعني ما تفتكر أنه عملتك كانت هينة .
    قلت : أنا اعترفت أنه أنا غلطان وتاني ما أكررها .
    قال : لكن هذا ما يعني أنه كل شئ عملته كان غلط في شئ صاح من عملك .
    قلت شنو العملتوا صاح .
    قال : كون يكون عندك رأي في سياسة النظام الحاكم .. وفي مشاكل الناس ..معناها أنت ماشي في مشروع رجل عظيم .
    كدت أقول له ياجدي رأي شنو ونظام شنو نحن ماشين للعبة ( السكسك ) مع الشرطة سمعت أعمامي يحكوا فيها زمان وحبيت أعيشها ,, لكن ما شئت أشوه الصورة التي رسمها عني وحتى فكرت أجاريه .
    وقلت : فعلا يا جدي الحكومة مفروض تراعي للمساكين .ناس دخلهم ثابت وتعبان ما يقدروا يغطوا فرق زيادة الأسعار .. يعني في النهاية حينقصوا أكلهم وشرابهم ويبيعوا هدومهم عشان يعيشوا ولكن حيموتوا من الجوع والمرض.
    نظر لي بأبتسامة مشجعا وربت على ظهري وقال : شايف أنت أهو بطل كيف ..؟
    شعرت بالزهو والفخر وأنا لا أدري من أين أتاني هذا الكلام .. كل ما عرفته من هتافات المظاهره أنها كانت ضد زيادة أسعار السكر ..وهذه المعلومة هي التي أسعفتني الآن ..
    قال : الليلة يا أحمد أنا عازمك تتعشا معاي .
    ما هذا الهناء .. جدي عنده ديوان كبير يقضي فيه معظم نهاره ومسائه وتأتيه سفر الوجبات من بيوت زوجاته وبعض بناته وابنائه ودائما ما يكون مضيوف والنسوة يتبارين في أرضائه بالتفنن في الأطباق .
    نحن ما كنا نتعشم في الراجع من وجباته ..
    ها أنذا الآن أحد ضيوفه .
    بل في ذاك اليوم لم يكن هناك ضيف غيري..
    شعرت أن الفرح والسعادة طغت على أوجاعي ..
    وأنا أشاهد أعمامي الشباب يتوافدون بسفر الطعام .. في حضرة جنابي.
    سنة يا أنا ..
    قلتها في سري وأنا أبتسم بفخر
    ونواصل
                  

02-20-2016, 11:36 AM

الجنيد حمد
<aالجنيد حمد
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 626

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)


    تحية طيبة

    استاذنا الفاضل درديري كباشي

    طبت وطابت ايامك

    خشيت اقول ياسلام ياخ من امس محوربس في باب البوست
    وبعاين لكل عامود خاش ووقفت في صحن شطة حاجة نفيسة اتمطق واعاين برضوا

    ربنا يحفظك وواصل من غير فواصل

    عليك النبي مداخلتي دي ما ترد عليها الا بعد تنتهي عشان ما اقطع نضمك السمح
                  

02-20-2016, 04:13 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: الجنيد حمد)

    Quote: تحية طيبة

    استاذنا الفاضل درديري كباشي

    طبت وطابت ايامك

    خشيت اقول ياسلام ياخ من امس محوربس في باب البوست
    وبعاين لكل عامود خاش ووقفت في صحن شطة حاجة نفيسة اتمطق واعاين برضوا

    ربنا يحفظك وواصل من غير فواصل

    عليك النبي مداخلتي دي ما ترد عليها الا بعد تنتهي عشان ما اقطع نضمك السمح


    هلا يا جنيد والله شرف عظيم بطلتك

    بالعكس نحن يزعجنا الصمت أكثر
                  

02-20-2016, 05:12 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    9
    جمعت السفر في طاولة كبيرة أمامي أنا وجدي وبدأ اعمامي الشباب ( العزاب ) يجمعون الكراسي ليشاركونا الوجبة .
    - يلا يا أحمد غسل يدك وتعال للعشا .
    جدي طبعا أحضر له طشت صغير مع الأبريق لغسل يده في مكانه .. أنا قدرت له أنه لم يطلب من عمي الشاب أن يغسل لي يدي حفظا للمقامات .. أعتقد أنه لو طلب منهم ذلك لأكلوني أكل قبل العشاء ..أحس بنظرات الغيرة في عيونهم .أو هكذا خيل لي .
    غسلت يدي وعدت لأجلس على أحد الكراسي .
    - لا أنت تعال جمبي هنا يا أحمد .. تصوروا دعاني لمجاورته أثناء الوجبة .مكانة لم يسبقني لها أحد .شعرت بنفسي شئ كبير بل توهمت أني شتلة وزير صغيرة يريد جدي أن يعدها للمستقبل .. وهم كبير كاد يقتلني .. وكذلك كاد يقتل الحاسدين .
    شرعنا في الأكل .وأي أكل ..ما شاء الله يا جدي عايش وسطنا وعايش ملك ..أيه العز دا كله .. شي حمام وشئ سمك .أما الفول تغابيت فيه العرفة تماما ..
    للتذكير أن والدي وأعمامي المتزوجين كان بيوتهم منفصلة يتناولون وجباتهم مع أسرهم .. لذلك أبي لم يكن معنا في هذه الوليمة .
    وحبيت أواصل الحوار حتى أبين لأعمامي الشباب أنه هناك حوار كبير بيني وبين جدي .. المسألة ليست مجرد تدليل حفيد تلقى جلدة قبيل ساعات قليلة يستحقها .. وها هو الآن يعيش في لحظات تكريم وترضية تدليل .. لا يا شباب الحكاية أكبر من كدا بكتير .
    قلت : يا جدي كيف يكون الواحد مؤيد للحكومة ومعارض لها في نفس الوقت ؟
    سؤال أعددته بعناية .. لم أقل له كيف تكون أنت مؤيد للحكومة وجزء منها وتشجعني على التظاهر أنما عممت القضية .
    أبتسم جدي بل تحس أنه طرب لسؤالي كأنه يستمع للكاشف الذي يعشقه .
    وقال : يا ولدي الانسان الوطني الغيور لا يؤيد وحكومة ولا يعارضها كدا من الهوا عمال على بطال على قول المصريين ..أنت لازم تكون مع الحق تعارض من يخالف الحق وتؤيد من يقف مع الحق ويقدمه للناس بغض النظر اذا كان هو حكومة ولا معارضة ..
    أجابة جميلة طبعا وذكية لكن أنا لا أريد أن يكون سؤال وغطاءه أريده حوارا مستمرا حتى أزهو وبه وأغيظ به أعمامي الذين بدأوا يمتعضون على جرأتي وسؤال والدهم المرعب بهذه السهولة والأريحية كأنه زميل دراسة أو ضيف عابر .
    حتى أحدهم وهو أكبرهم عمي بابكر الذي تولي عملية جلدي .. بدأ ( يحمر ) لي عيونه ويعض شفته السفلى ولسان حاله يكاد يقول ( قفل بوزك دا يا حيوان ) لم أشتغل به ورميت سؤالي الثاني .
    - قلت لكن يا جدي الحكومة بتشوف أنه قرارتها على حق وللمصلحة العامة والمعارضة بتشوف العكس . يعني مثلا زيادة سعر السكر ممكن الحكومة تقول عشان تقدر توفر حاجات أهم من السكر زي الدواء والبنزين .. وكدا .
    رفع جدي رأسه نظر الي مبتسما من جديد مشجعا على المواصلة .,أعمامي بدأوا يصدرون همهمات التذمر ..لولا أخرستهم ابتسامة جدي المحفزة لي .
    قال جدي : كلامك صاح يا ولدي ممكن الحكومة تكون على حق وكذلك في نفس الموقف ممكن تكون المعارضة على حق في اعتراضها على قرار الحكومة .
    قلت : كيف كمان دي ؟
    قال : يعني مثلا في قرار زيادة السكر الحكومة تكون عندها عجز في الميزانية .. تغطيه بزيادة سعر السكر وهو يسموه سلعة استراتيجية ..لأنه التغيير فيه يؤثر في الحاجات التانية لزمن طويل .. لكن الحكومة ترى أنه أفضل المواطن يدفع كذا قرش زيادة في ثمن السكر بدلا ما يحتاج مريض لدواء منقذ للحياة ولا يجده .. يعني الحكومة لو ما قدرت توفر أدوية لناس القلب والسكر والضغط في ناس راح يموتوا .. تفتكر أفضل ندفع زيادة في رطل السكر ولا يموتوا ناس أحسن ؟.
    قلت ندفع زيادة أحسن
    - طيب الحكومة كدا على حق ولا ما على حق .
    قلت له على حق .. طيب كيف المعارضة تكون على حق في معارضة نفس القرار .
    قال : المعارضة يا ولدي بترى أن الحكومة بتعتبر المواطن هو حيطتها القصيرة لذلك أي خلل في ميزانيتها تدفعه للمواطن الغلبان . كان الأولى أن تغطي عجزها بتقليل نفقاتها هي .. يعني مثلا بلاش مؤتمرات لا لزوم لها .. مفرض تقلل عدد الوزارات وتدمجها في بعض .. تقلل سيارات المسؤولين .. تعمل عمليات نقل جماعي للموظفين بدل ما كل موظف عنده عربية حكومية خاصة .. كدا بتكون وفرت جزء من الميزانية ممكن يغطي العجز .أها كدا المعارضة على حق ولا ما على حق .
    قلت طبعا على حق . لكن أنت حيرتني يا جدي مش مفروض الحق واحد .. هسع في حقين هنا يا جدي بس في زيادة السكر سيب الحاجات التانية..
    قال :أنت شايف الأصح ياتو فيهم .؟
    قلت :أنا شايف رأي المعارضة أصح .
    قال : خلاص أنت تقف مع الجانب الشايفه أصح في رأيك . عشان كدا أنا قبيل قلت لك أنت لازم يكون عندك رأي وموقف تدافع عنه وتموت بسببه .. مش تكون مخموم مع الناس وجاري في الزفة والمظاهرة وما فاهم حاجة وما عارف السبب .
    قلت مزهوا يعني ممكن يا جدي المرة الجاية أطلع مظاهرة عادي . قلت وأنا اتلفت ناحية أعمامي بفخر .
    قال : طبعا ممكن .. ولكن نحن برضه حانجيبك هنا ونجلدك زي أول ..
    أنفجر أعمامي ضاحكين شاعرين بنسمة نصر أراحتهم قليلا .
    قلت : طيب الفايدة شنو يا جدي .؟
    قال : ما هو دا الكلام الأنا قلته لك من قبيل أنت عايز تدافع عن مواقفك ومبادئك خليك راجل وأركز واتحمل النتائج .
    هزيت رأسي مؤمنا . وقلت له فهمت يا جدي وانشاء الله حا تلاقيني مثل ما تريد .. قلتها بقوة ردا على غيظي من أعمامي على ضحكهم علي و الذين لم يفهموا مقصدي .. وكان ذلك واضحا من دهشتهم الهبلة .
    يتبع
                  

02-20-2016, 10:13 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    10
    عم صمت قصير بعد هذا سرحت فيه قلت في نفسي ماذا يريد مني جدي ..ترك كل أبناءه بمن فيهم ابي وقرر أن يصنع مني بطلا .. وايه كمان يريد مني أن اواصل في شقاوتي واتحمل النتائج ..والتي كانت أولها علقة اليوم ..خمسة عشر جلدة بسوط النيم ..وحتى هذه لم أركز فيها على قول أهلنا الجعليين بل ثكلت واستغثت بامي .
    لكن صراحة سيعذرني من جرب الجلد بسوط النيم .. فرع النيم به نتوءات أشبه بالمسامير المدببة ..الجلدة الواحدة منه تعادل طعنة بمائة مسمار مدبب غير حاد .. ويريدني أن اكررها حتى يكرر العقاب .. يا سلام يا جدي سايب أولادك العشرة وجايي على الحفيد تعمل منه بطل تحكم عليه بالجلد وتمدحه على شجاعته تلقاها عند الغافل .
    صراحة هو انا لا ادعي اني شجاع بل يمكن جبان أخاف من السوط خوف الموت ..لكن ما أنكر اني جريء ..لا استحي عن السؤال وعندي فضول اعرف كل شيء لا أحب الأسئلة تدور في داخلي بدون أجوبة وهذه هي ممكن أتحمل نتائجها للنهاية مش ربنا قال لو عايزين تعلموا اسألوا أهل العلم .. وقيل اثنان لا يتعلمون مغرور ومستحي انا اصلا ما عندي تميز يخليني مغرور لكن كمان لا استحي..اعمامي كانوا يكرهون في هذه الجراه وخاصة مع اصحابهم لكن اليوم شاهدوها مع محرمهم الاكبر ..لم يكن يتجرأ أي واحد منهم سوى السؤال عن صحته وكيف اصبحت يا با .
    وبالذات أمهاتهم كم مرة وصلتني غيبتهن من نوع ...الشافع دا شليق شلاقة ..
    سرحت وين يا أحمد غيرت رأيك ولا شنو ..
    ضحكة جديدة من الاعمام على هذه السخرية أو هم اعتبروها كذلك وانا قررت أن اخرسهم للأبد فكرت في رد مفحم .
    قلت لا بالعكس يا جدي انا خايف عليك أنت ..
    جدي بضحك .. خايف علي انا ؟من شنو كمان .؟
    خايف تجيك صدمة لو جا حد شكا مني ؟
    ضحك جدي بصوت كبير هذه المرة .قال لا تخاف بس زي ما اتفقنا انت ما تعمل شيء ياذى أحد وحتلاقيني معاك .
    يعني ما حا تعاقبني ؟ .
    لا انت كمان زي ما اتفقنا انه العقاب لا بد منه دا حق من حقوق أطراف ثانية متضررة لابد منه عشان تتحقق العدالة .
    قلت ..ماشي ياجدي وانا كمان حا احرص انه ما يتضرر أحد .
    قطع الحوار عمي بابكر الذي كان يتولى جلدي بل لم يخفي غله جلدني بقسوة أمام امي وابي .قال. انت ناوي تعمل شنو كمان يا فقري .
    رغم صوته العالي لم أخف منه بل نظرت له بتركيز داخل عينيه .. وأتت نهرة من جدي بردت قلبي قليلا .
    وانت دخلك شنو يا بابكر انا وهو من قبيل عندنا حوار مع بعض يلا شيلو الصواني دي امشوا جيبوا الشاي.
    جدي لم ينتصر لي فقط بل طردهم أمامي .. فينك يا أمي كان تجي وتبردي قلبك شوية .. بابكر حمل الصينية ولم ينسى أن يلتفت الي ويرمقني بنظرة نارية لم اكسر عيني عنه وبادلته مثلها .بصراحة لم أشعر بالخوف منه بل غيظ وغل تملكني وانا أذكر اللحظات التي كان يجلدني فيها لم يبقى شي عنده يمكن ان يخيفني به .
    أكثر ما أعجبني انصرافهم حتى اعود لموضوعي الرئيسي أي عن العجب وطاحونته
    يتبع
                  

02-21-2016, 08:13 AM

Saifaldin Fadlala
<aSaifaldin Fadlala
تاريخ التسجيل: 12-20-2015
مجموع المشاركات: 832

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    الاخ درديري
    سرد رائع وممتع اخرجني من جو كل ما هو سياسي
    واصل
                  

02-21-2016, 09:14 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: Saifaldin Fadlala)

    Quote: الاخ درديري
    سرد رائع وممتع اخرجني من جو كل ما هو سياسي
    واصل


    تشكر يا سيف الدين على الطلة والاطراء

    بس حكاية السياسة دي مش أوي أوي

    نحن في السودان السياسة لو ختيناها ما تختانا
                  

02-21-2016, 10:31 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    11
    أنصرف أعمامي حاملين أواني الأكل على مضض .. دون شك .. فهم لا زالوا يرون والدهم أي جدي متمسكا بي ربما معجبا ومواصلا في الحوار ولسان حالهم يقول ( مين المفعوص التافه دا حتى يسهر ويتحاور مع شيخ وأستاذ وزعيم مثل والدهم عمر ) وكان الجو مهيئا لأرمي سؤالي .. لولا قاطعني جدي مناديا .
    - يا هاشم يا ولد ... أمشوا جيبوا عمر من بيغادي .
    على فكرة عمر هذا أخي الصغير طفل عمره ثلاث سنوات .. جدي يحبه جدا بل يفضله على من جميع بكل هذه الحيشان التي تحيط بديوانه وكذلك بدمه .. أي كلها أما بيوت زوجاته أو ابنائه أو بناته .. كعادة أهل الريف عندنا أذ أن الأسرة الواحدة تسكن في مجمع واحد ربما تكون مساحته بحجم مربوع كامل .. وكل البيوت تفتح في بعض .. مركزها غالبا ديوان كبير يخصص لكبير العائلة أي الجد ..
    كان جدي لا ينام قبل أن يأتوا له بعمر الصغير سميه .. يهازره ويلاعبه ويضحكان مع بعض .. والصغير كان شقي يتعلق بلحية جدي ويمعطها .. وجدي يضحك ويستمتع بهذه الشقاوة . وجدي أما يزقزقه أو يرميه لأعلى قبل ما يتلقيه من جديد .. طريقه مميزة أعتاد جدي أن يختم بها ليلته قبل أن ينام .. منذ مولد صغيرنا عمر ..أصبح عمر هو الشخص الوحيد في مجمعنا له قدرة وتصريح أن يمعط شنب الأسد جدي وقت ما يشاء .
    مثل ما كان جدي متعلقا بعمر كذلك الصغير كان متعلقا به لم يمكن ينام الا في حضن جدي بعد لعب وصراخ وضحك معه .. يتملكه التعب ثم يغط في النوم . يأتي أحد أعمامي أو ينادوني أنا لحمله الى بيتنا أي الى حضن أمه . ثم يهرع جدي للنوم هو الآخر .
    أصبحت عبارة جيبوا عمر .. تعني أن جدي قد تهيأ للنوم ..
    وكذلك تعني أن على الجميع الأنصراف فورا .
    ما صدق عمي هاشم سمعها الا وجرى نحو بيتنا وأتى بعمر الصغير ..
    الصغير منذ وصوله كاد يلقي بجسده على حضن جدي قبل أن يصل بل كاد أن يسقط من يدي عمي .. الذي كان مركزا معي ويكاد يقول لي ( يلا قوم أنكشح أنت مش خلاص اتعشيت )
    صراحة خفت جية عمر تشغل جدي عني ولا استطيع طرح أسئلة الطاحونة .
    وفعلا بدأ جدي يزقزقه ويرميه لأعلى والصغير يضحك .. متغابيا في المعرفه كأننا لسنا أبناء ذات الوالدين .
    قبل أن تضيع الفرصة ودون تنميق رميت سؤالي .
    أنت يا جدي حكاية العجب والطاحونة ديل شنو ؟
    فجأة تبدل وجه جدي تماما .. بدأت التجاعيد تتجمع وتتفرق مثل أمواج النيل . والحاجبين يرتفعان نحو الجبهة ويقتربان من بعضهما البعض ..ترك الصغير من اللعب والزقزقة ..
    نادى عمي من جديد : يا ولد يا هاشم .
    - أيوا يابا .
    - تعال شيل الولد دا وديه لأمه .
    قدم الصغير لعمي لم يبالي بصراخه وهو يرفض الذهاب ونظر ناحيتي بوجه مختلف تماما .. تغير مائة وثمانون درجة .. لدرجة أني هممت بالجري .. وأصبحت متوترا أجلس على طرف السرير .
    لكن ظليت مركزا نظري عليه لم أكسر عيني ولم أسمح للخوف يبين على ملامحي .. أذ أن مفعول جرعة وصمي بالشجاعة لازال يسري في .
    بحركة سريعة أنفعالية تناول العكاز كأنه يهم بضربي .. كدت أن أجري فعلا . لكن بكل قوة قاومت الخوف وقلت أنا وعدت الا أخزله .. موت موت حياة حياة حتى لو كان هو قاتلي .
    بعد أن رأى كل هذه الحركات .. هدأ ورمى العكاز على جمب وعاد للضحك والابتسام .
    وقال والله غلبتني يا ولد ..لكن برافوا عليك . ما في واحد من أعمامك سألني هذا السؤال وركز أنتظر الأجابة بما فيهم أبوك نفسه .
    قلت والله أنا ما أكذب عليك لامن أنت رفعت العكاز هميت بالجري لكن كان الفضول أقوى ..عندي رغبة شديدة أعرف حكاية العجب .
    قال تعرف يا ولدي أصلا بين الخوف والشجاعة شعرة دقيقة وصبر ثواني فقط .
    قلت حتى لو كان سبب الصبر دا هو مجرد فضول غلب صاحبه .
    قال : ما هو دا جزء من الكلام الأنا قلته لك أنت عندك شئ مؤمن به تكون مستعد أن تموت لأجله .
    قلت : طيب يا جدي قبل ما تحكي لي أصل قصة العجب ليه أنت مصر تحيط الموضوع بهذه السرية والخطورة ..
    قال : لأنه يا ولدي الموضوع أصلا خطير أنت ما عايز تسمع الحكاية كلها عشان تعرف السر وتحكم على خطورته بنفسك ؟
    قلت أكيد يا جدي وبكل التفاصيل ..
    قال : طيب بس أصمت وأسمع . لكن قبل ما أبدأ .. عاوزك تسمع الحكاية كلها وما تتصرف أو تحكيه لأحد قبل ما تعرض علي الموضوع سامع ؟
    قلت : طيب سؤال تاني يا جدي عرضي . عم خليل عارف الحكاية ؟
    قال : ما كلها فقط جزء منها ..
    الطريف أن أعمامي أتوا يتلصصون بعد هوجة جدي وتوقعوه الآن واقع فيني ضرب لكن خاب ظنهم و الحمد لله .. ما قلنا لكم نحن أكبر من ذلك .
    نواصل
                  

02-21-2016, 04:18 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    12
    بعد ما تهيأ الجو للحكي أقترب مني جدي وقرب رأسه .. كأنه يريد أن يؤكد سرية الموضوع .. وأنا أنتقلت لأحد الكراسي بدلا ما كنت محازيا له على نفس السرير .. وأصبح رأسينا متقاربين كأننا نخوض في أحد أسرار الاستخبارات الخطيرة .. ربما كان الأمر كذلك فعلا .. لكن الحق يقال أن منظرنا كان يثير القلق والشك .. وأعتقد حتى لو جاء والدي لم يكن سيتركني حتى أحكي له عما جرى .
    الأعمام لازالوا يترواحون بين الديوان وأبواب الوسط .. مرة أحدهم يحمل مرتبة وآخر بطانية كأنهم يقولون حان وقت النوم يا غياظ .. ولا ينسوا أن يحدثوا كركبة في باب الوسط حتى التفت ويومؤون لي بالذهاب لكن هيهات هذه اللحظة كنت مستعد أدفع عمري لأجلها .
    أنتهت مرحلة الأعمام وحان دور أمهاتهم .
    - يا حاج أجي أمسح ليك ضهرك بالقرض وزيت السمسم ؟.
    - لا لا لا لا شكرا يا ستنا أنا كويس الحمد لله .
    - يا حاج أنت مساهر مالك صلاة الفجر بتفوتك .
    - متين حصل فاتتني صلاة انتي كمان يا مريم .
    كل هذه الأصوات كنت أسمعها وأنا مركز على شفتي جدي لأسمع كل التفاصيل .. بل درجة الغيظ التي لحقت بزوجات جدي وابنائهم أظنها كانت تؤلمهم أكثر من السياط التي جلدوني لها . مما برد قلبي قليلا بل قل كثيرا .أي سعادة هذه .
    - تفضل يا جدي أحكي أنا سامعك .
    قال جدي : في زمن الاستعمار الانجليزي كان في موظف أقريقي مع الانجليز أسمه خريستو وعنده زوجة أسمها ماريكا .. هو الوحيد من الخواجات السكن معنا هنا في الحارة وساب سرايات الحكومة .. كان رجل طيب جدا عاشرناه وعاشرنا . وما كان عندهم ذرية .. بعد ما نزل المعاش قرر يستوطن معنا هنا في الحارة أشترى قطعة أرض بنى فيها بيته وبنى حوش فيه الدكان .. ولامن لاحظ أنه نحن بندقق العيش في مطاحن بدائية تديرها الجمال سافر الخرطوم وجاب الطاحونة ومعها بابور اللستر .. وعمل لنا طاحونة حديثة ..كانت معلما للحارة وخاصة لناس الحلات البعيده كلهم يجوا يدققوا الزرة عندنا . وحلتنا ذاتها بقت مشهورة بسببب الطاحونة . وكان في ناس مسمنها حلة الطاحونة .
    والمرأة كانت أكثر طيبة جدا وتحب الناس ومعاشرتهم .. وكانت مصاحبة المرحومة حبوبتك ( جدتك) عرفتها بالناس وما بيروحوا مناسبة الا مع بعض .. وهي كانت مولعة بالأطفال ومستعدة تدفع أي شي لتحصل على طفل واحد .. وجدتك ما قصرت معاها لفوا عند الفقرا ( الدجالين ) وشيوخ الزار .. وحتى في القرى البعيدة كل ما يسمعوا بشيخ سره باتع زي ما بيقولوا ... جدتك أخذت الخواجية وراحوا مع بعض وعادوا محملين بالأعشاب والغزعبلات المعهودة.
    سنة من السنوات قال الخواجة ومرته أنهم مسافرين لبلدهم يتعالجوا من عدم الانجاب ويزورا أهلهم لكن مسكوا الطاحونة ... لمنو تفتكر؟
    قلت : عم خليل ؟
    قال جدي : برافو عليك ..
    عمك خليل دا كان شاب جا في الحلة يبحث عن عمل .. وجاني في الدكان كان عمره يمكن عشرين عاما أو أقل .. قلت له أنا ما عندي لك شغل وأخذته عند الخواجة خريستو .. والخواجة ما كان يرد لي طلب أبدا ..كان صاحبي إضافة الى أنهم كانوا يقدرون جدتك جدا ويعتبرونها صاحبة فضل عليهم لإجتهادها وحبها للخواجية ماريكا . أشتغل معه في الطاحونة ودربه تماما على طريقة تشغيلها وطريقة تركيب الحجارة ونحتها .. أها بعد سنتين من تدريب خليل وكانوا شاكرنه جدا لهدوئه وأخلاقه العالية وذكائه وسرعة تعلمه . خطرت لهم حكاية السفر الى بلدهم .. سافروا فعلا وأختفوا عاما كاملا حتى نحن ظنيناهم لن يعودوا .. وأصبح الناس معتداين على خليل في الطاحونة .. وخليل كان يجيب الدخل عندي أنا أحفظه في الدكان وأسجله في دفتر خاص بالطاحونة.. بعد ما أدفع له راتبه الشهري .. خليل رجل أمين وطيب .رغم أن الناس قنعوا من عودة الخواجة وزوجته الا أن خليل كان عنه إيمان غريب بعودتهم لذك كان مصرا على حفظ الأمانة .
    ونواصل
                  

02-21-2016, 05:22 PM

Salah Zubeir
<aSalah Zubeir
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 5239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    الدرديري الكباشي ,,,,,

    ياخي سلامات

    متابعة مان تو مان من طاحونة العجب - 1 ,,,, بس من سكات ,,,,

    ياخي ما قادر أنسي مداخلتك في بوستيني (المشهور هنا) ,,,, كانت الأولي ,,,,, دردقتني بي قصتك بتاعت كسلا و خليتني أفك أخري ,,,,

    ياخي تقوم تكب الزوغة و تاني ما أشوفك ,,,, ياخي أحكي ,,,,

    تحياتي و إحترامي
                  

02-22-2016, 05:56 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: Salah Zubeir)

    Quote: الدرديري الكباشي ,,,,,

    ياخي سلامات

    متابعة مان تو مان من طاحونة العجب - 1 ,,,, بس من سكات ,,,,

    ياخي ما قادر أنسي مداخلتك في بوستيني (المشهور هنا) ,,,, كانت الأولي ,,,,, دردقتني بي قصتك بتاعت كسلا و خليتني أفك أخري ,,,,

    ياخي تقوم تكب الزوغة و تاني ما أشوفك ,,,, ياخي أحكي ,,,,

    تحياتي و إحترامي


    هههههههههههههههههههههههههههه ما أزوق كيف يا صلاح

    ياخ أنا جبت ليك مثل عشان أبين أنه دا تعبير بالجسد سوداني بحت حتى الصينين البيعرفوا عربي ما فهموه .. الا قيك تجي تمسك يد بيد وتغمت كفك ما أجري ههههههههه

    منور يا باشمهندس
    وفرصة سعيدة
                  

02-22-2016, 06:27 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    13
    أنا كلي تركيز وشوق لسماع باقي القصة . طرق الباب بقوة ومصاحبة نداء .. يا حاج عمر كيف أمسيت ... سلام عليكم .
    - أهلا أهلا يا حاج عبد الرحمن .
    وجه جدي الحديث لي : خلاص يا أحمد بكمل لك الحكاية بكرة .. روح أفتح الباب لجدك عبد الرحمن .
    من طرق الباب هو جدي الآخر أي والد أمي الحاج عبد الرحمن .. هو أيضا زعيم آخر للحارة لكنه هو يمثل الجانب السلمي الطيبان وأنا متأكد تكون أمي استغاثت به لينقذني من براثن جدي الشرس.
    فتحت الباب وفعلا دخل جدي ..أزيك يا أحمد الحكاية شنو مالك مع جدك ؟
    تدخل جدي الآخر : لا مافي حاجة يا حاج نحن قعد نديه دروس في الرجولة .
    - حقيقة أنا أمه جاتني تبكي وقالت بعد ما جلدتوه العصر خمستاشر سوط أنت ناديته تاني بعد المغرب .. وأكمل ضاحكا قالت لي ألحقوه ما يكون بيسلخ فيه هاهاهاهاها .
    النسوان هوالات يا حاج عمر . سيبك منهم أتفضل أشرب معاي الشاي .أنت يا أحمد يلا خلاص روح لأمك .
    والله ما كنت ناوي أخرج من عند جدي الا ورأسي معبأ بحكاية العجب والطاحونة بكل أسرارها وتفاصيلها .. تركت الجدين مع بعض ولم ننتبه أن الساعة قاربت العاشرة مساءا .. وهو أقصى حد للسهر في المناطق الريفية ..
    دخلت البيت ووجدت والدي في انتظاري .. بادرت أمي .
    - أها كان عايز منك شنو الراجل المجنون دا ؟ أوعى يكون ضربك تاني ؟.
    قاطعها والدي : يا مرة هوي أحترمي نفسك تقولي على أبوي مجنون ؟.
    - أيوا مجنون وستين مجنون وكلكم مجانين .. عاوز تعرف السبب أفتح ضهر الولد دا وشوف بنفسك .. الولد مقطعين لحمه بسبب مظاهرة ؟ الناس دي كلها مما الله خلق المدارس والحكومات قعد يطلعوا مظاهرات أشمعنى ولدي أنا وتجلدوه بالصورة دي .
    - هم ما جلدوه بسبب المظاهرة ؟ ( مبرئا نفسه بضمير هم)
    - أها جلوده ماله ؟ لقيتوه سكران ؟.
    - أعوذ بالله من لسانك الفلقة دا .. ما تخليني أشرح ليك .
    - يلا أشرح .
    - جلدوه لأنهم هو ومحمود رموا الحجارة في زنك المدرسة الابتدائية وهيجوا الصغار وخوفوهم ..
    - طيب ما هي برضها المظاهرة .. المظاهرات بتفرز صغير من كبير .
    - يا ولية أفهميني .. ديل صغار كان ممكن يتدافعوا في الأبواب يتعوقوا أو ينطوا الحيطة واحد يكسر رجله ولا رقبته .. هي دي الخطورة هنا .
    - طيب حتى لو ما جاتهم من أولادنا ما كان ممكن تجيهم من أولاد تانين .
    - المهم البتجي منهم يستحقوا العقاب وخلينا في الأهم .أنت يا ولد جدك كان عايزك لشنو ؟.
    حبيت أختصر المضوع قلت : جدي كان عاوز يعتذر لي من الجلد .
    - يعتذر ليك ؟ هو المتوحش دا بيعرف يعتذر .؟
    - ليه ما يعرف الأعتذار هو ما بني آدم ؟ يا وليه هوي والله أنت كترتيها ..
    قلت : يا جماعة هوي عليكم الله ما تتشاكلوا بسببي ..أنا الحمد لله ما زعلان وبعترف بغلطي واستحق العقاب . لكن ما تساهروا بي تاني كمان اتجلد بكرة في المدرسة والله مافي حتة في جسمي تتحمل سوط واحد زيادة .
    كلام كان مؤثر جدا فعلا صمتا ونظرا ناحيتي بشفقة .. وأنا تخلصت من حكاية التحقيق معي وجري في السر الذي بدأ يفشيه جدي .
    فرحت لأني أفلحت
    نواصل
                  

02-22-2016, 05:10 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    14
    عدت الى سريري محاولا النوم وأمي لازالت تحوم حولي تحملها الشفقة .. أعمل ليك حاجة يا حمودي .؟ أمسحك بالفازلين ؟.. عندك حمة ؟
    حركات الأمهات ورقتهن .. خاصة عندما تحس بأن ابنها تعرض لظلم .. صحيح هي لا تستطيع أن تنتصر على أعداءك لكن تعوض ذلك بمحاولة الانتصار على أوجاعك ..
    قلت : يا أمي أنا كويس الحمد لله أمشي نومي خليني أنا كمان أنوم .
    والله بصراحة ما قدرت أنوم .. أرقد على الظهر احسي كأني نايم على أمشاط من المسامير .. أنام على الجمب أحس بالتعب . وهكذا فضلا عن ذهني الذي لازال مشغولا بقصة العجب والطاحونة .. كل الذي عرفته منها الآن قصة عادية ولا تعتبر سر في حد ذاتها ..أجانب متغربين من دولة متقدمة لا ينجبون رجعوا الى بلدهم لزيارة الأهل والبحث عن علاج للعقم .. هل عادوا وما الذي جعل العجب بطلا للحكاية .. الجزء الأهم قطعه جدي لأمي الله يهديه ويعطيه العافية .. لا أدري متى نمت .. المهم تغلب الأرهاق على الألم فنمت ..
    صحيت على ألم شديد في كتفي قمت فذعا .
    - بسم الله في شنو يا ولدي ؟.. هذه أمي توقظني للمدرسة لمست جرحا على كتفي .
    - يا أمي لمستي جرحي بس ما في حاجة .
    وأنطلقت في نوبة دعاء وشتيمة .. الله يازاهم الأزوك الملقطين الما بشبهوا الناس . أنشاء الله يلاقوا الينجضهم زي ما نجضوك يا ود حشاي .
    قلت معليش يا أمي هم أعمامي برضو .
    - قالت : عمى كباسة انشاء الله .. هم ديل بيعرفوا يكونوا أعمام بدل ما يكونوا ليك سند وحماية هم يكونوا سبب الأزية الله لا يبارك فيهم .
    - في شنو يا مرة مشغلة اسطوانة الدعاء والردحي من الصباح .
    - ليك حق تقول كدا ما أنت ما حاسي بالعملتوه في الولد أنت وأخوانك وأبوكم المخرف .
    - يا مره أستغفري الله .. ما هو ولدنا زي ما هو ولدك .
    - هو انتو لو شاعرين به ولدكم تعملوا فيه كدا ؟.
    - انا عايز اعرف الفتح الموضوع تاني منو .قالها وهو ينظر ناحيتي ,
    - ما في زول فتحوا الولد نايم يشخر جيت اصحيه لمسته في كتفوا نط زي كأني طعنته بسكين .. بعدين هو الموضوع بالنسبة ليك خلاص أنتهى عشان تقول الفتحه منو ؟
    قلت : يا جماعة خلاص خلونا نمشي نحصل مدرستنا ,
    أبوي كذلك دخل الغرفة ليغير ملابسه للشغل وهو يهز رأسه يسرة ويمنى .
    بعد قليل كنت بدراجتي على باب المدرسة التقيت بمحمود .. وجلسنا في الفصل متجاورين .. محمود رجل طيب جدا و بن ناس طيبين .. كان منكسر النفس قابلني بحياء وأعتذر لوالدته قال : يا أحمد ما تزعل من كلام أمي أنت عارف هي بتريدك كيف ..
    قلت له بالعكس يا محمود أنا مدين لك بأعتذار تلاقيك ما قدرت تنوم من جلدة أمس وحاجات كلها أنا جريتك لها جر ما كان عندك فيها رغبة .
    - لا جريتني ولا حاجة أنت أقنعتني وأنا اتحمل تصرفاتي كاملة.
    - قلت والله أنت راجل يا محمود أنا عارفك لكن برضه ما تحاول تدخل أهلك في مشاكل هم ناس في حالهم .
    - ضحك قائلا : يعني أنت المفروض تدخل أهلك في مشاكل ؟
    - قلت له ..لا لكن انا عندي رغبات فضول ما أقدر أقاومها .. وأنت بتجاريني فيها . عشان كدا أحسن حاجة تسمع كلامك أمك وما تباريني .. قلتها وأنا أضحك .
    - كيف يعني تقصد نتقاطع .
    قلت : لا ما كدا .. أنا أجيك في البيت وأنت تجيني في البيت نذاكر مع بعض وكل شئ ..لكن مشاويري الخاصة لا تلزمك ولا تسألني منها عشان ما تعق والديك .
    بصراحة أنا قررت أهئ نفسي للمرحلة القادمة مرحلة السر الخطير . وحتى أكون أهلا لهذا السر لا بد أن اكون وحدي ... ربما أضطر أن ازور الطاحونة مرة أخرى لأطابق معلومة ما من سرد جدي .
    نحن في حوارنا في الفصل قبل أن تبدأ الحصص يقف الساعي في باب الفصل .
    أحمد عبد الله ومحمود خليل الناظر عايزكم ( مدير المدرسة )
    أصبح رأسي ضخما وكذلك محمود كأنه سكب على رأسه جردل من الماء البارد ..
    نظر لي قائلا : في شنو تاني يا أحمد ؟ .. قلت الله أعلم .
    لكن لو عايزين يفتحوا موضوع المظاهرة مرة ثانية ويجلدونا يمين أجدع ليهم الكتب وأقول لهم ما عايز مدرسة تاني .
    الغضب واليأس أكسبوني شجاعة غسلت الخوف من نفسي تماما ..
    وكنت ماشي بخطوات سريعة وثقة وكذلك أثرت خطواتي في محمود طرد منه الخوف وجارني في المشي والغضب .
    أول ما دخلت باب مكتب المدير وجدت معه الأستاذ عبد السلام مدير المدرسة الابتدائية .أذا الأمر واضح هو موضوع المظاهرة بلا شك .
    بدون سلام تملكني الغضب وقلت : يا أستاذ لو موضوع مظاهرة الأمس ؟؟ خلعت قميصي وكشفت ظهري لهم .. لازالت به أسر الجروح والدماء الناشفة .. عندكم محل تاني عايزين تجلدونا فيه ؟
    مديرنا تعوذ وقال : دا شنو دا منو الجلدك كدا يا ابني ؟
    أستاذ عبد السلام : قال أنت تسرعت يا أحمد أنا لسع ما فتحت الموضوع مع أستاذ السر وهو ما عنده أي فكرة عن حكاية المظاهرة .. لكن طلبت منه أن ينادي الطالبين أحمد ومحمود حتى الكلام يكون قدامكم من أوله ..وأنا أصلا جايي معترضا على فظاعة العقاب .. وخفت الخبر يجي لمديركم من جهة ثانية ويعاقبكم من جديد .. والله ما تفتكروا أنا فرحت لجلدكم .وأنا لو كنت عارف أنه جدكم ممكن يعاقبكم بالفظاعة دي ما كان شكيتكم له .
    مديرنا : ما تفهمونا الحاصل شنو بالظبط .
    وبدأ استاذ عبد السلام مدير المدرسة يشرح ويحكي لمديرنا .
    مديرنا ابتسم وقال : لا كان كدا كفاكم أصلا عقاب زي دا يكفيكم لأي حاجة تعملوها تاني لغاية ما تتخرجوا يلا أمشوا على فصلكم .
    لم ننسى أن نشكر الأستاذ المحترم أستاذ عبد السلام وعدنا للفصل.
    محمود : والله يا أحمد أنت فظيغ لكن .
    قلت : في حاجات ما بتتحسم الا كدا .
    خلص دوام اليوم وجات سليمة الحمد لله عدنا الى بيوتنا .
    أمي : يا أحمد بعد العصر قبل ما تمشي الكورة عايزاك تشيل العيش تدققه في الطاحونة .
    أذا مشوار للطاحونة أياها .
    مشاهدة للعجب من زاوية مختلفة
    جات مدتحرجة لوحدها
    رغم أني لم أدخل في باب السر حتى الآن .
    لكن تنفع للتمهيد
    نشوف
    ونواصل
                  

02-23-2016, 06:14 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    .
                  

02-23-2016, 10:26 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    15
    أول مرة أكون متشوقا للذهاب الى الطاحونة
    كانت في السابق عملية مملة .
    تروح وتنتظر دورك مع ضجة الصغار من دورك .
    يفوتك نص زمن تمرين كرة القدم ..
    تتنفس وتنفث ضجرا ومللا .. تدخل الطاحونة تتفقد الوضع وتخرج تطالع الأصدقاء بحسرة من بعيد يتجارون في التمارين لعبا ولهوا.
    ( يا ولد يا زفت أوعك تاني ترمي العيش في الطاحونة وتمشي تلعب كورة .أنت عارف الراجل المهبوش دا ممكن يكب فيه شنو ؟) مقطع من زجرة سابقة .
    لماذا هو دائما متهم بأنه ممكن أن يخلط العيش بمصيبة ما ؟
    أسئلة في السابق لم أكن أتوقف فيها كثيرا .. كلها الآن طفحت في سطح الذاكرة كجثث الغرقى .
    لماذا يعزل أهل الحارة العجب ويشكون فيه رغما عن أعتمادهم عليه في نصف ما يأكلونه .
    لماذا لم يتوفر له بديل حتى الآن طالما الأمر كذلك على مدى أربعين عاما أو أكثر .
    هل فكر أحدهم قبل ذلك أن يستثمر في نفس المجال أي يفتح طاحونة منافسة أو بديلة ..أكيد لو فعل أحدهم لتحول الناس من طاحونة العجب وأراحوا بالهم .
    كل هذه الهواجس دارت في خاطري وأنا أحمل شوال الزرة في سرج العجلة الخلفي .
    في الطريق مريت بمحمود أمام باب المدرسة حيث يسكنون .
    - على وين يا أبو حميد ؟.
    - الطاحونة طبعا .
    - أجي معاك ؟
    يا زول أنت ما بتتوب ؟ قلتها ضاحكا وأنا مواصلا في طريقي حتى لا أعطيه فرصة يتحجج بها ويتبعني .
    وصلت الطاحونة والضجة المعتاده أمامها .
    الدواب بجميع أنواعها الحيوانية والمعدنية .
    حمير وبقال وكارو مع حصان ودراجات ..
    والبشر بمختلف فئاتهم العمرية والنوعية .
    رجال نساء أطفال .
    سندت دراجتي وحملت كيس الزرة للداخل .
    العجب منظم الصفوف وله قلم عبارة عن عود ملفوف في أخرة قطعة قماش يغمره في علبة لبن مجفف بها سائل عبارة عن صبغة خضراء يكتب على الشوال رقما وينسخ نفس الرقم على ورقة يعطيك لها ..
    رجل مرتب جدا رقم بدائية طريقه ..
    بل هو مخصص اللون الأحمر للقمح وألاخضر للزرة ..
    وعامل صفين منفصلين تماما .. واحد للقمح والآخر للزرة بجميع أنواعه ..
    ولأن طلبات القمح قليلة عادة .. فهو يجر الطاحونة فترة طويلة يطحن فيها طلبيات الزرة .. ثم يوقفها وينظفها .. أي يصب عليها دقيق قمح حتى تنظف تماما من بواقي دقيق الزرة .. ثم يدقق لناس القمح .. وبعد ذلك يعود مرة أخرى لصف الزرة .
    عملية التنظيم هذه جنبته المشاكل والصدام مع الزبائن .. كل زبون عارف نفسه متى جاء ومتى يحين دوره . كذلك هذه جنبته الحوار فهو أصلا لا يميل لكثر الكلام .. أبتكر هذه الطريقة التنظيمية ليختصره .
    أنا وضعت جوالي حيث الصف واستلمت الرقم ..وجلست على أحد جوالات الزرة أراقب الموقف من بعيد .
    صوت الطاحونة العالي أصلا لا يتيح فرصة للحوار قربه .. أعتاد الناس في الأماكن المشابهة أن يتونسوا مع بعض مثل الجزارة ومحل الخضار والمخبز أما هنا فالعملية مرهقة لهم .. عليك أن ترفع صوتك فوق صوت الماكينة حتى تسمع محدثك ..
    حتى من يصر أن يتحاور تلاحظ للجهد . في تكرار السؤال أكثر من مرة ..
    - يا بت أمك بقت كيف .؟
    - نعم ؟
    -قلت ليك أمك أمك أمك بقت كيف ؟
    - مالها ؟
    وهكذا
    جلست على أحد الجولات أراقب في المكان وفي العجب نفسه ..أي سر يحمله هذا الرجل الغريب ..
    فهو كما ذكرت من قبل نحيل متوسط الطول .. كنت أراه قصيرا ربما مقارنة بأهلي والدي وأعمامي .. لكنه ليس كذلك . وكذلك كنت أراه نحيلا أيضا ربما بمقارنة بأخوالي . لكنه متوسط يكاد يكون جسمه خاليا من الشحم تماما ..أنا يخيل لي لو تم صهره في النار لن يملأ كأس شاي بالدهن .. جسمه كله عصب .. فهو يحمل حجر الطاحونة كأنه يحمل رغيف من الخبز .. أياديه معروقة .. وجهه ملئ بالتجاعيد .. له لحية ليست معفاه وكذلك ليست حليقه .. مما يعني أنه يحلقها متى ما كان له مزاج في ذلك . يختلط قليل شيبها ببياض الدقيق .. فلا تدري أهيهما أغلب .
    أما الطاحونة نفسها فهي عبارة عن دكان أشبه بالصالون عندنا في البيت أي مستطيلا . لها باب دكان في الوسط يطل على الشارع .. كما له باب صغير يفتح على الحوش الداخلي .. كان هذا الباب فاتحا .. حاولت أن أتلصص لما وراءه لأشاهد مع بالداخل .. لكن العجب كان حريصا على الأ يرى ما بالداخل .. بنى جدارا متعارضا خلف الباب .. لا يسمح لك النظر حتى اذا كان الباب مفتوحا .
    بالجنب الأيسر بنيت أحواض الأسمنت التي تفرغ بها جوالات الزرة للبيع .. والجانب الآخر به جوالات زرة مرصوصة والتي كنت أجلس على أحدها .
    كنت أراقبه من بعيد وهو كل مرة يقرب العبوات نحو الطاحونة .
    حتى حان دور عبوتنا تحركت ووقفت قربه .
    كان يتكئ بمرفقه على قمع الطاحونة الذي هو في شكل هرم مقلوب .. تخيلوا وسط هذا الضجيح كله كان يغني ويطرب نفسه .
    أيضا من أغاني الحقيبة القديمة .
    يا قائد الأسطول
    تخضع لك الفرسان
    وأنا قلبي بيك مشغول .
    أول ما لاحظ أقترابي ألتفت ناحيتي وابتسم .. قائلا .. كيفك يا أحمد .
    شعرت برعب .ما كنت أتخيله يعرف أسمي .. هذا الرجل في عزلته يبدو أنه يعرف أهل الحارة فردا فردا صغيرا وكبيرا .
    حقيقة ربما يكون ناداني بأسمي في السابق أكثر من مرة .لكن لماذا هذه المرة شعرت بخطورة الأمر .. ربما بما بإيحاء الحوار مع جدي .. الموضوع فعلا خطر يا أحمد .
    لكن ما هو نوع الخطورة ودرجتها التي يمكن يكتنزها هذا الانسان شكله وديع وطيبان وحتى أبله .. ربما كل هذا سأعرفه اليوم .. ولا بد من أن اعرفه . والا مضطرا أن أعرفه بطريقتي الخاصة .
    حاولت أن أتلصص للداخل من خلال الشباك أي فتحة السير الذي ينقل الحركة من البابور للطاحونة. لكن حتى هذه كان حريصا على سترها ..أذ عمل لها ستارة بشرائح من ألانبوب الداخلى لآطارات السيارات .. يعني الفتحة تسمح للسير فقط بالمرور والباقي يظل محجوبا .
    حاولت أن أرد تحيته بصوت قوي متصنعا الشجاعة .
    - كيفك يا عم العجب .
    - الحمد لله ؟؟ جدك عبدالرحمن كيف .. صحته تمام طول ما زارنا . قول له عم العجب يسلم عليك .
    - لاحظوا لم يسأل عن جدي عمر أنما سأل من الرجل المسالم . لماذا ؟
    كل هذا لا بد ان أعرفه اليوم ..
    نواصل

    .
                  

02-23-2016, 05:04 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    16
    عدت من الطاحونة قرابة العصر .. ذهبت بنية ورغبة الحصول على معلومة أضافية عدت أكثر ربكة وغموضا .
    هذا العجب يبدو عليه الطيبة وحسن النية والبلاهة لماذا يوصمه جدي بالخطورة ويجزم بذلك .. ثم أنا نفسي لم أستطع أن اربط بين شخصيته والغموض الذي يوجد بمسكنه وحرصه على أخفائه بهذه الدقة .
    ثم سؤال آخر وكبير .. هل هنالك أنسان يحتمل حياة كهذه . حتى لو كان مسجون كان فكر في الهرب . عمله كأنه أشغال شاقة مؤبدة .. معقولة أكل وشرب ونوم وطاحونة .. وقت الفراق (يضري العيش) أي ينقي الزرة من الشوائب ..أو ينحت حجارة الرحى .. أو ينظف الوابور ويعبية بالجاز ..أو أشياء أخرى لانعلمها . الانسان مهما كان تعلقه بعمله فهو يحتاج الى الترفيه بل الى التغيير .. حتى الذين يمتهنون هواياتهم مثل الرسامين والموسيقيين والمغتيين .. يملون عملهم ويبحثون عن التغيير .. أذا هنالك حلقة مفقودة في حياة هذا العجب لا يعرفها أحد .. لو قلنا أن اليوم به أربعة وعشرين ساعة خصمنا منها أربعةوعشر ساعة للطاحونة وأشغالها . ماذا يفعل العجب في الساعات العشر الباقية .. ليس له زوجة أو أسرة وكذلك ليس له دابة ما يخرج بها من الحارة يرفه عن نفسه ثم يعود ..
    اليوم أنا أكتشفت شئا جديدا ربما لم يلحظه أحد من قبل وهو أن للعجب غليون ( كدوس ) لكن كان حريصا الا يدخن داخل الطاحونة بل يخرج في حوشه الخلفي .. لاحظت له في أحد طلعاته قبل ما يغادر أخرج القليون من جيبه وعلبة الكبيرت وخرج قبل أن يشعلهما . ربما هذه تفسر سبب اصفرار أسنانه .. لكن تصنع لغزا جديدا .. من أين له بالتبغ ( التباكو ) الخاص بالغليون .. ونحن في منطقة ريفية لا توجد بدكاكينها أصناف من هذا النوع .. ممكن السجاير العادي أو حتى التمباك الشعبي .. لكن توباكو القليون .. لا أظن .. ومن أين له به .. بما أنه لا يخرج من الحارة اذا هذا يؤكد أن له صلة بآخرين خارج الحارة يمدونه به .. هل هذه المعلومة الجديدة ستفيد جدي في شئ ؟ ..
    ليس قبل ما أسمع الذي عنده .. أنا لا زالت في محطة .. من هو هذا الرجل ؟؟
    وصلت البيت سلمت أمي كيس الدقيق قبل ما أخرج قالت : تعال يا ولد ماشي وين ؟
    قلت : ما شي أحصل باقي تمرين الكورة .
    قالت : جدك دا رسل يسأل منك .
    قلت : في شنو كمان تاني ؟..( متصنعا جهل السبب حتى لا تستدرجني )
    قالت : أنا عارفه ؟ هو الراجل دا ماله أتلحك اليومين ديل .
    قلت لها خلاص أغشاه قبل ما أمشي الميدان.
    قالت : شوف هنا يا ولد لو حاولوا يجلدوك مرة تانية أو يتهموك أي اتهام ما تقعد معاهم تعال جاري أدخل البيت أنا بمشي أوريهم الوش التاني أنا أصلي بعد كدا وصلت الحد واليحصل يحصل .
    قلت : يا أمي أهدي وجدي دا ما سئ للدرجة دي .. رجل فيه خير كتير لينا ولكل الناس .
    قالت : ما هو باين في ضهرك .
    ضحكت على سخريتها وخرجت مودعا لها .
    حوش ديوان جدي .. فيه أيضا متجره .. دكان كبير .. به عاملين . وعادة جدي له سرير قصير أمام الدكان مفروش أمامه فرشات من سعف النخيل ( بروش ) عادة يتجمع فيها كبار الحارة يصلون المغرب والعشاء في جماعة كما توجد به كنبة خشب , تلك التي جلدنا بها ليلة أمس .,.. ايضا مخصصة للجلوس والموانسة لمن يصعب عليهم الجلوس أرضا .
    على غير العادة وجدته يجلس وحده
    بادرني : شنو يا أبو حميد ما عايز تسمع باقي حكاية العجب ؟.
    قلت : كيف يا جدي . لكن أرسلوني للطاحونة .
    قال :أها عندك جديد من هناك ؟.
    قلت : كل الحاجات العندي ما عندها اهمية حاليا قبل ما أسمع منك باقي الحكاية .
    قال : طيب ذكرني نحن كنا واقفين وين ؟ . أكيد هو متذكر كل شئ قاله لكنه يريد أن يجس نبضي ويتأكد من تركيزي .
    قلت آخر حاجة سافر الخواجة وزوجته لبلدهم اليونان وتركوا الطاحونة لعم خليل وهو كان يحتفظ بالدخل عندك .
    قال : أيوا برافوا عليك مذاكر كويس .
    بعد سنة تقريبا أو أكثر عاد الخواجة وزوجته ومعهم طفل عمره شهور ربما شهرين أو ثلاثة تقريبا ..قالت الزوجة أنه محاولة علاج العقم في بلدهم نجحت وها هي الآن لها طفل ذكر أسمه ( كوستا ).
    فرح أهل الحارة بعودتهم وبطفلهم و أقمنا لهم وليمة كبيرة .
    كما قلت لك الخواجة رجل طيب جدا ..عندما علم أن خليل كان محتفظا له بدخل الطاحونة لمدة عام كامل أندهش .وقال أصلا لم يكن يتصور أن هنالك بني آدم بهذه الأمانة والصدق .. وحلف أن يترك المبلغ لخليل .. لكن خليل كذلك أصر في أنه كان يستلم حقه كاملا كل شهر ويترك الباقي لأصحابه .
    الخواجة خريستو زاد أعجابه بعمك خليل وتمسك به زيادة .
    مرت الأيام وكبر الطفل كوستا .. وكانت أمه مدللاه شديد وتخاف عليه من الهواء .. لكن بعد بلغ الخمس سنوات أصبح شقيا جدا ومعذب أمه طيلة اليوم تجدها لافة في الشوارع تبحث عنه بعد بلغ سنة المدرسة .. كثرت مشاكله في المدرسة وكل يوم يرتكب حادثة جديدة أمه تذهب المدرسة وتترجى المدرسين أن يعفوه .
    أصبح الطفل مكروها من جميع أهل الحارة صغارا وكبارا .. ورغما عن ذلك كانت أمه تحبه وتعشقه وتحكي ببطولات وفضائل لم يفعلها .. لذلك أطلق عليه الأطفال عجب أمه .. ثم أختصرت لتصبح العجب .
    قلت بالله : العجب دا هو كوستا .. وهو خواجة واقريقي كمان ؟
    قال : جدي أصبر أنا جاييك .
    ونواصل
                  

02-24-2016, 06:33 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    0
                  

02-24-2016, 06:49 AM

Shueib Medani
<aShueib Medani
تاريخ التسجيل: 02-06-2013
مجموع المشاركات: 168

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)


    متابعة حرف بحرف لقصة محبوكة النصوص .. تخرجك بعيدا عن عوالم الحروف المتنافرة .. لأفاق الخيال والفكر
                  

02-24-2016, 10:00 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: Shueib Medani)

    Quote: متابعة حرف بحرف لقصة محبوكة النصوص .. تخرجك بعيدا عن عوالم الحروف المتنافرة .. لأفاق الخيال والفكر


    شكرا يا صهيب وشرفتنا والله
                  

02-24-2016, 10:01 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    17
    واصل جدي وقال بعد ما وصل العجب أو كوستا عمر المراهقة وصل المرحلة المتسوطة بالمباصرة .أصبح غير محتمل لكل أهل الحارة .. لكن كانوا محتملنه إكراما لوالديه الطيبين .. فصل من مدرسة لأنه ضرب أحد المدرسين وكاد أن يقتله ..
    قلت : لكن يا جدي الخواجة وزوجته ما كانوا يعاقبوه ؟ .. كيف تركوه وصل المرحلة دي من الشقاوة.
    قال : بالعكس الخواجة كان يجلده بقسوة شديدة .. وكثيرا ما جات أمه تترجاني حتى أفكه من براسن والده ..أروح ألاقيه رابطة بالحبال والدم يجري من كل جسده .. حقيقة قسوة فظيعة جدا ..أفكه منه وأشاكله أقول له حرام عليك كيف تعمل كدا في جناك لحمك ودمك .
    قلت : يا جدي تعرف يكون هو دا المجننه .
    قال : بالظبط كداهو كان عايش بين نقيضين أم تفرط في تدليله لحد التغاضي عن كل بلاويه وتحويل مصايبه لمدح ومفخرة وأب يقسي في عقابه لأتفه سبب .. عشان كدا بقى انسان غير مبالي .. مستعد يعمل أي شئ ترغب فيه نفسه .. لأنه يعاقب بقسوة في أشياء لا تستحق العقاب ..أصبح ما عنده رادع من نفسه ..
    قلت : كدي أدينا أمثلة للمصائب الكان بيعملها العجب .
    قال : أول شئ كان يشكل رعب وأرهاب للشباب في سنه وحتى الأكبر منه .لأنه يمكن لو واحد ضحك منه أو سخر .. بكل بساطة يحمل حجر ويضربه في وجهه .. ويسبب له وسم دائم .. لانه يعرف لو بسق في وجه شخص أو ضربه و شج رأسه العقاب واحد بالنسبة له يكفي أن الشكوة تصل الخواجة . الخواجة يربطه ويجلده بطوق العجلة أو سلك الفرامل .. يخلي جسمه يجري دم .
    قلت : ما فكر يهرب يسيب البلد أنا يتخيل لي حياته كانت بصورة يصعب معها الاستمرار . لكن في تناقد في الحكي يا جدي ..أنت قلت الخواجة رجل حقاني وطيب وكل الناس تحبه كيف يكون قاسي مع ولده وطيب مع الناس .
    قال : ما كان يرغب في الهروب لأنه كان متعلقت بأمه جدا مثل ما هي متعلقه به أما الخواجة مشكلته أصلا هي الصورة الجميلة الزرعها في نفوس الناس وهي مربط الفرس . فهو يعتقد أنه هذا الولد العاق جاء ليهدمها .. فهو يعتقد أنه بهذه الطريقه سيحافظ عليها ويرد للناس اعتبارهم . ويحتفظ بصورته أمامهم باعتباره انتصر لهم ضد ولده .. لكن للأسف الأمر جاب نتائج عكسية .
    قلت : كيف ؟
    قال :لأن العجب أصبح لا يبالي بالعقاب ويمكن يكون وصل حالة نفسية جعلته يدمن ويستلذ بالعقاب أكثر من أن يخاف منه وهذا ما زاد خطورته .
    قلت : كيف ومتى أنفصل عم خليل منهم وتحول لحراسة المدرسة ؟.
    قال : ايواا بعد كدا جينا للمنعطف الأخطر ودور حكاية عمك خليل في القصة .العجب بعد ما ترك الدراسة والده وظفه معه في الطاحونة .أي مع عم خليل ليتعلم منه تشغيل الطاحونة . وهنالك بدأت معاداته لعم خليل .. بل تقدر تقول كل شره ومصائبة أنحصرت في إيذاء عم خليل بعد ما منع من الحركة خارج الطاحونة .. بدأ يفتنه مع الناس .. مثل يخلط الزرة مع التراب .. وتنصب مشاكل الزبائن مع عمك خليل .. وتصل مرحلة المضاربة .. وهو تجده يضحك ساخرا ,... أو يسرق دخل الطاحونة ويتهم خليل بالسرقة .. خليل سئم من هذه المصائب وجاني في الدكان يبحث عن عمل جديد ..أي استقال من الطاحونة ..
    جاني الخواجة يترجاني أقنعه بالعودة .. ولكن خليل رفض بشدة وقال حتى لو يترك الحارة ويذهب لمكان آخر .. فهو لن يتلم مع هذا الولد الشقي في مكان واحد أبدا .
    لحسن الحظ في نفس العام تم افتتاح المدرسة الثانوية للبنات واحتاجوا لحارس. عرضت الأمر لخليل وافق فورا .. بنينا له غرفة وحمام ومطبخ مع حوش صغير داخل حوش المدرسة .. ومن يومها أصبح خليل غفير في المدرسة حتى الآن .
    قلت : طيب خليل خدم الخواجة قرابة العشرين سنة .. بس بكل بساطة يمشي كدا .. ما عنده حقوق معاش نهاية خدمات حاجات زي كدا . يعني الخواجة ما أداه حقه ؟.
    قال : أنت ياداب جيت في محل السر الأخطر .
    لم أقل شيئا وفعلا شعرت أن الحكي وصل لمنطقة السر الذي يحتفظ به جدي طيلة هذه الفترة وقال خليل يعرف جزء منه فقط يا ترى ما هو هذا السر العجيب ؟.
    قبل ما يقول جدي شيئا يقطع حديثنا أحد الجيران أصحاب جدي والعمال فرشوا البروش أستعدادا لصلاة المغرب .. ومن ضمن الحضور وصل الوالد أول ما لاحظ جلوسي بتركيز قرب جدي .
    - يا ولد أنت قعد تعمل شنو هنا ؟. ما عندك مذاكرة يلا قوم أمشي البيت .
    جدي : يعني عاوز تحرمه يتونس مع جده كمان .
    قال والدي : لا يا أبوي بس أحمد ممتحن السنة دي .. لو قضاها كلها لعب وونسة ما حا يجيب شهادة .
    جدي : هي ساعة واحدة قبل المغرب أحكي له فيها عن تاريخ الحارة وأهلها .. كلام ينفعه في حياته . أنا حاسي أنه ولدنا أحمد دا حيكون له شأن عظيم ويمكن يقود البلد دي كلها. ( محاولة زكية لتشتيت تركيز والدي عن السر الذي بدأ يفشيه لي )
    والدي : يا أبوي ما تنفخ الولد ساي أنت تكون متأثر له من جلدة أمس لكن هو غلط ويستاهل العقاب وتاني ما حا يكررها .موجها الكلام لي : يلا يا ولد أمشي حصل مذاكرتك .
    جدي : طيب خليه يصلي معنا المغرب بعدين يمشي .
    لم يستطع والدي أن يعترض هذه المرة . وفعلا بعد الصلاة عدت الى البيت ووجدت أمي تنتظرني على أحر من الجمر .. لكن ليس أحر من نار الفضول التي جعلت رأسي يغلي .. تقريبا حاليا أنا وعم خليل متساوين في معرفة سر العجب ,, باقي خطوة واحدة واتفوق حتى على عم خليل نفسه .
    أمي: أها جدك كان عايزك لشنو ؟ .
    قلت : يا أمي بس ونسة يحكي لي عن تاريخ عائلتنا وأصلها ..
    قالت : هو جدك دا قايل نفسه القيصر بتاع روسيا ؟ . عائلة شنو وتاريخ شنو سايب مذاكرتك وقاعد اليوم كله مصاقر جدك . كمان قال تاريخ العايلة يلا شوف كتبك وين وامشي أتقفل في الصالون ما عايزة أسمع لك صوت .
    أخذت كتبي واتجهت ناحية الصالون وكان رأسي يغلي ويفور بالاسئلة والتحليل .. ما هو السر الأخطر في حياة العجب ؟.
    ونواصل
                  

02-24-2016, 02:44 PM

AL-Qassim
<aAL-Qassim
تاريخ التسجيل: 02-18-2015
مجموع المشاركات: 361

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    الله لا يريحك يا درديري ...

    حابسني في المكتب من صباح الرجمن لا شغل لا مشغله .. و لا مشيت البيت ؟؟؟

    اهة اوعك تجي تقول لينا (احمد) ده بعد كبر ياهو احمد الميرغني كمان !!!
                  

02-24-2016, 03:38 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: AL-Qassim)

    Quote: الله لا يريحك يا درديري ...

    حابسني في المكتب من صباح الرجمن لا شغل لا مشغله .. و لا مشيت البيت ؟؟؟

    اهة اوعك تجي تقول لينا (احمد) ده بعد كبر ياهو احمد الميرغني كمان !!!



    ههههههههههههههههههه

    هو ذاتو بس قبل روضة الحنان

    كيفك يا صاحب

    مشتاقين

    بس ما تكون صرفت لنفسك اوفر تايم كمان
                  

02-24-2016, 04:04 PM

Salah Zubeir
<aSalah Zubeir
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 5239

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    واللهي يا الدرديري صلبنا عدييييل كدا من القعدة الطويله راجنك ,,,,,

    زمان في الحلة عندنا واحد نوع مرتب ترتيب دقيق (ما دقيق العجب) , الزول بضرب نواشف ,,,,,,
    الصباح تلقاهو ينكرش لغاية ما يسلموهو كباية الشاي باللبن و جري علي الأدبخانة (ما تقولي حمام ولا توليت)
    يدخل يولع سيجارتو و يجقم في الشاي و هاك يا Smooth flushing ,,,,,,, العصر نفس الشي ,,,,,,,,,,,
    بعد الغدا كباية الشاي الحمرا , و ديك لسع خدرا , و هاك يا هارد فلشنق ,,,,,,,
    دحين ياخي أرحم الفلشنق بتاعنا و ما طول ,,,,,,,
                  

02-24-2016, 04:59 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: Salah Zubeir)

    Quote: واللهي يا الدرديري صلبنا عدييييل كدا من القعدة الطويله راجنك ,,,,,

    زمان في الحلة عندنا واحد نوع مرتب ترتيب دقيق (ما دقيق العجب) , الزول بضرب نواشف ,,,,,,
    الصباح تلقاهو ينكرش لغاية ما يسلموهو كباية الشاي باللبن و جري علي الأدبخانة (ما تقولي حمام ولا توليت)
    يدخل يولع سيجارتو و يجقم في الشاي و هاك يا Smooth flushing ,,,,,,, العصر نفس الشي ,,,,,,,,,,,
    بعد الغدا كباية الشاي الحمرا , و ديك لسع خدرا , و هاك يا هارد فلشنق ,,,,,,,
    دحين ياخي أرحم الفلشنق بتاعنا و ما طول ,,,,,,,



    هههههههههههههههههههههه يا زول الظاهر عليك أنت بتاع كركبة

    ونحن ناس بنكتب جمب الحيطة

    ما في الحيطة ذاتها
                  

02-24-2016, 05:00 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    18
    جلست للمذاكرة قدر ما حاولت أركز لكن كل الأوراق أمامي أصبحت مليئة بحكاية العجب العجيبة والهواجس تتراقص أمامي .. إذا أعتبرت أن كل ما عرفته الآن يعتبر سرا حسب فهم جدي وحرصه عليه . لكن أين الحوجة لجعل كل هذا الحكي يعتبر سرا الا أذا أرتبط بأمر أخطر يجعل كل ما يحيط بالقصة يدرج في ملف السرية .. أنا في سرحتي جاء شقيقي الأصغر عماد وقال لي محمود منتظرك جمب الباب .
    قلت له : ليه ما دخل .
    قال الصغير :أبا يدخل .
    خرجت لأعرف ما لمحمود ..
    وأنا خارج قابلتني أمي : أها متين قريت جريت تحوم تاني .
    قلت لها : محمود منتظرني في الشارع .
    قالت : ومحمود عايز مننا شنو تاني مش أمته وصته ما يباريك .
    وضعت سبابتي على فمي .. خفت أن يصل صوتها لمحمود وأنا أعلم أنه شخص حساس جدا كلمة بسيطة ممكن تؤذيه وتجرحه .
    تأففت أمي وعادت الى مطبخها .
    في الباب سلمت على محمود وحاولت أن أجره للداخل رفض .. وقال لي أمي واقفة بعيد وعايزاك .
    فعلا لاحظت شبح امرأة في الظلام واقفة بعيد من بيتنا رحت ناحيتها ووجدتها عمتي نفيسة والدة محمود .
    أول ما وصلت مسكت حضنتني وبكت .. وهي تقول معقولة يا أحمد أنت زعلت من كلامي وقاطعتنا ؟.
    قلت : أبدا يا عمتي والله بس أنشغلت بعدين الموضوع ياداب تم يومين .. يعني لسع ما وصل لدرجة المقاطعة وأنا أصلا ما أقدر أقاطعكم حتى لو طردتوني أنتو حاليا أهم جزء في حياتي .
    عادت وعانقتني من جديد .. قالت انا قلت كدا لمحمود وقلت ليه أحمد يستحيل يقاطع عمته من هو صغير يحبو يتعلق بي عندما أزروهم في البيت . لكن هو ما صدق قال أنت بقيت تجي جمب باب المدرسة وما بتدخل عندنا .
    قلت : أبدا يا عمتي أمس كنت رائح الطاحونة وبعد جيت انشغلت مع جدي .. كان عنده مراجعة حساب وكدا بس لكن ما خليتكم والله .
    قالت موجهة الكلام لولدها : شايف يا محمود قلت ليك أحمد يستحيل يقاطع عمته .. عادت الابتسامة لمحمود .
    قالت : يلا أرح أتعشى معانا ما أشتقت للكسرة بالسخينة بتاعة عمتك ؟
    قلت : معليش يا عمتي والله عندي مذاكرة كثيرة لكن بكرة أكيد الغدا معاكم .. الا اذا في طارئ جديد .
    قالت : خلاص يا محمود يلا مش سمعت بأضانك أحمد مستحيل يقاطع عمته .. وقالت موجهه لي الحديث .. تعرف يا أحمد محمود من أمس لا بيذاكر ولا بياكل قال زعلان مني لأني زعلتك .
    قلت : لا يا حودة معقولة أنا ما في حد في الدنيا دي يزعلني منك أنت الا أنت براك تكرهني .
    قالت : شكرا يا أحمد الله لا يجيب زعل بيناتكم .
    وذهبا الى دارهم وعدت لنوبة تحقيق جديدة مع أمي .
    - أها محمود ماله كمان ؟.
    - محمود جات معه عمتي أعتذرت لي عن كلام أول أمس بعد جلدة المظاهرة .
    - أعتذار شنو كمان البينفع كان تكلمني عشان أطلع أوريها الشمس بالليل كمان .
    - يا أمي أنت كمان ما تكوني شريرة للدرجة دي . ديل ناس مساكين وعايزين يمشوا جمب الحيطة ويربوا عيالهم بدون مشاكل.. ما نحملهم فوق طاقتهم عليك الله .
    سكتت أمي و أخذت تنهيدة طويلة هزت رأسها مؤمنة على كلامي ثم استغفرت وعادت الى مطبخها من جديد .
    عدت الى المذاكرة أحاول أن أوجه تركيزي على الكتب .. حتى غلبني النعاس في العاشرة مساءا عدت الى النوم .
    لصباح يوم جديد
    مدرسة ودروس
    تسميع ورياضيات
    واجبات وحلول
    تجمدت ساعات يومي في الروتين أصبحت ساعات المدرسة والوجبات والواجبات كأنها مواد مالئة تعبئ الفراغ فقط لتعطي حياتي سماكتها وتماسكها .. جل تركيزي محصورا بين شفتي جدي .. ماذا سيقول اليوم ... قبل ذلك هل سأجد فرصة .. هل سيناديني .. أم أذهب له من نفسي .. كيف سأقنع والدي .أنا يمكن حاليا لا أحتاج أكثر من ثلاثة ساعات على ما أعتقد ستكون كافية لسبر غور العجب وفك طلاسمه ..
    قرع جرس نهاية اليوم الدراسي الحمد لله وعدنا الى بيوتنا ..
    أول ما وصلت البيت شغلت مخي فكرت في حيلة تتيح لي الذهاب الى جدي ..
    دخلت المطبخ كشفت الحلة ( الطنجرة الضخمة ) وجدت أمي طابخة بامية مفروكة .. وخرجت متسللا من جديد . .رسمت الخطة يا ريت تنجح .
    وجدت أمي في الصالة تمشط في شعر أخواتي الصغار .
    قلت : يا أمي أنا جوعان غدانا شنو اليوم .
    قالت : غدانا الليلة بامية مفروكة بالكسرة .
    قلت : يا سلام أكثر طبيخ أحبه وأحلى شي بالكسرة كمان.. الظاهر أنا طالع شبه جدي .
    قالت : كيف يعني شبه جدك ؟.
    قلت : جدي يقول أكثر أكلة يفضلها هي البامية المفروكة مع الكسرة .. وكمان قال ما في مرة في الحيشان دي كلها تقدر تظبطها زي شادية مرة عبد الله ولدي .
    ابتسمت أمي بفرح وقالت صحي قال كدا ؟.. كان كدا أنا أملح ليك صحن كبير شيله وأمشي أتغدا معاه .. خلينا نحن ننتظر أبوك .
    ياه كدت أنطط من الفرح .
    يلا نتلاقى في الغدا
    نواصل
                  

02-25-2016, 10:01 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    19
    نجحت حيلتي على أمي نرجو أن تسامحنا . أو على الأقل تكون من ميزان الكذب لاصلاح ذات البين .. أخذت صينية الغداء .. وجبة بسيطة قدح كبير معبأ بالكسرة والبامية المفروكة . صحن شطة وصحن سلطة خضراء فقط .. الحق يقال أمي لم تكن من نوع النساء اللاتي يفضلن تنويع الاطباق وزحمتها.. هو صحن واحد لكن تظبطه (صاح).. واثقة في نفسها أنه سيكون مقنعا وكافيا .. لكن كيف مع جدي الذي أعتاد على موائد المناسبات في وجباته الثلاث .. المهم دخلته له بصينيتنا التي تشبه ايقاع ( البنقز).. ثلاثة طبلات متلاصقات ومتدرجات في الحجم . وجدته عاد الى ديوانه استعدادا لوجبة الغداء .
    - السلام عليكم يا جدي .
    - هلا يا أبو حميد الليلة جيت براك ؟( دون أن اناديك )
    - أمي قالت جدك يحب البامية المفروكة خذها وروح تغدى معه .
    رفع رأسه ضاحكا وعرف (الفبركة ) هو ذكي يعرف أن مثل هذه الحيل لا تنطبق عليه وكما يعرف ما تكنه له أمي .. هو ليس لدرجة الكره لكن دعونا نسميه عدم الهضم .
    قال : خلاص ختها هنا لغاية ما اعمامك يجيبوا غداهم .
    قلت : لكن أكلنا بيبرد .. حقيقة كنت أريد أن نتغدى وتعدي وجبة الغداء سريعا لنواصل الحوار دون حضور أي من أعمامي الذين كما ذكرت لا نطيقهم ويبادلوننا ذات الشعور أنا وأمي .. وليت جدي أكتفى بهذا الطبق فقط في هذا اليوم . لكنه عايش بعقلية الأقطاعيين المصريين ( الباشوات ) .. يعرض له كل شئ أمامه وتتاح له حرية الأختيار حتى لو بالنظر فقط .. حجة الأكل يبرد هذه لم يستوعبها .
    قال : طالما هو مغطى بالطبق لن يبرد (أناء ملون وجميل يصنع من سعف النخيل المصبوغ وتغطى به أواني الطعام ) ..أو روح عند جداتك (زوجاته ) أستعجلهن بالغداء .
    قلت : لا أنا ما مستعجل ( كل شئ عدا الدخول على هؤلاء النسوة سأثير عفاريتهن وكما سيثرن عفاريتي ) وقلت له خلينا نواصل باقي قصة العجب على بال ما يصل الغداء .
    قال :أنا من أول عارف هو دا الموضوع الجابك .. لكن برافو عليك وظفت ذاكاءك صاح .
    لا أدري ماذا يقصد ؟ أكيد هو بين أنه كشف حيلي كلها المهم عندي كيف يحكي .
    قال : نحن كنا واقفين وين ؟
    قلت : خليل ترك العمل في الطاحونة وأشتغل حارس لمدرسة البنات .. بدون ما يأخذ حقوق من الخواجة .
    قال : لا ابدا منو القال كدا ؟ ..أنا قلت ما أخذ حقوق ؟
    قلت : لا عفوا يا جدي المهم وقفنا عند ترك خليل للطاحونة وأنا سألت كيف بدون حقوق وأنت قلت أنا جاييك أصبر .
    قال : تمام .
    يوم أنا قاعد في الدكان جاني الخواجة يحمل أوراق في يده .. وقال لي يا حاج عمر أنا عايزك تكون شاهد توقيع على عقد بيع بيتي الذي اسكن فيه .قلت له خير أنشاء الله ما تكون في ضائقة مالية أنا ممكن أقرضك .. قال لا هو بيع صوري بدون مبالغ .. قلت له من المشتري ؟ قال خليل ..قلت خليل كيف ؟ . وقال خليل أنا لم أكافئه مقابل خدمته لي قرابة العشرين عاما ولا حتى على أمانته .. أغلى حاجة عندي هي بيتي سأسجله له بعقد بيع وشراء .. حاولت أن أجعله يتراجع قبل ما يدخل خليل في الصورة ويفتكرني أحسده . رفض وقلت له أنت عندك ولد وريث كيف تتركه عالة .. قال بالنسبة لكوستا أنا تركت له الطاحونة بحوشها وكفاه .. وقال لي على فكرة أنا عندي سر عايز أئتمنك عليه لكن أرجوك لا تفشيه لأحد مراعاة لمشاعر الحاجة أم كوستا ( أصبحت هذه هي الكنية التي تفضلها) .. على فكرة هذا هو السر الخطير في الموضوع والذي حتى خليل لا يعرفه .سكت جدي برهة ليتأكد من تركيزي .. لاننا دخلنا مرحلة الخطوة التي ستخصني وحدي أي السر الذي لن لم يعرفه غيري .. بعد جدي .
    نظرت بتركيز شديد منتظرا التصريح بهذا السر الخطير واصل جدي قائلا .
    قال الخواجة أنه كوستا ليس ابنه من صلبه ..لكن هناك في بلدهم بعد أن أكد الأطباء استحالة أنجابهم .. ذهبوا الى ملجأ الأيتام واختاروا كوستا من بين الأطفال .. الذي رأوه أقرب الأيتام شبها بهما .وأتفقا على أن ينسباه لهما بعد عودتهما للسودان .. ولأن أم كوستا كانت متعلقة بممارسة الأمومة . وافقها هو على كتمان ذاك السر ..
    لذلك هو يرى أنه أوفى كوستا حقه بتوريثه الطاحونة مقابل ما منحهم من أحساس بالابوة رغم شقاوته وتعذيبه لهما .. وطلب مني أن حكاية أنه غير ابنهما تظل سر لكن ظل مصر عن التنازل من البيت لخليل .قلت للخواجة لكن كوستا شرير لو عرف بحكاية تسجيلك البيت لخليل ممكن يعمل فيه مصيبة أو حتى يقتله .. قال أنا عارف ومتوقع لذلك سأقنعهم بأنك أنت من أشترى البيت وانا أحتجت للاموال لأغطي ديون في بلدي .. كما قال نحن سنظل ساكنين في البيت وندفع ايجار شهري لخليل بأعتباره صاحب الملك ..الا أذا كان هو محتاج للبيت حاليا ومستعدين نرحل ونسكن في الطاحونة مع كوستا .
    أرسلنا لخليل وشرحت له طلب وموقف الخواجة .. تمنع خليل ورفض الهبة بشدة كما كان متوقع .ز هو رجل عفيف ونزيه جدا .. الا أنا بعد أصرار والحاح أستطعت أن أقنعه .
    قلت طبعا خليل باع البيت فورا وتصرف في المال .
    قال جدي :أبدا خليل لازال محتفظا بالبيت ولازال البيت مؤجرا بمبلغ شهري كبير يعادل راتب خليل عشرين ضعفا .
    قلت بأندهاش : هو البيت دا وين يا جدي ؟
    قال جدي : معقولة ما تعرف سراية الخواجة التي يسكن بها مدير مدرسة الثانوية بنين .
    قلت بأندهاش ويكاد رأسي ينفجر : سراية الخواجة ؟ .أفخم وأجمل بيت في الحارة .. حق عم خليل ؟ لا حول ولا قوة الا بالله .
    قال جدي : مالك ؟.
    قلت : معقولة عم خليل أبو محمود صاحبي وزوج نفيسة عمتي هو يمتلك أفخم وأجمل بيت في الحارة ومأجر بأعلى مبلغ ايجار يكاد يكون في بلدنا كلها .
    قال : أنت ليه مستغرب كدا يا ولدي ؟
    قلت : يا جدي أنت ما عارف أو حاسي بحجم الحرمان العايشين فيه ناس محمود وأخوانه .. ياخ أكلهم كسرة بموية ملح .. ومحمود أسعد يوم عنده يوم يستلف عجلتي ويروح بها مشوار .. كل هذا ووالده عنده قدرة يشتري له كل شهر عشرة عجلات جدد .. ليه كدا بس .؟ السبب شنو حد يعذب نفسه وأسرته للدرجة دي .
    قال جدي لأن خليل خواف جدا وللآن يعتقد أن لو كوستا ( العجب) عرف أن بيت أهله راح لخليل كدا بدون ثمن ممكن يقتله .
    قلت : حتى ولو كان هذا حقيقة أفضل الانسان يموت مرة واحدة بدل ما يموت هو وعايلته في اليوم الواحد أكثر من مرة .. يا جدي غير الفقر والجوع .. شوف الاهانات والذلة التي يقابلها عم خليل كل يوم في المدرسة .. نهره من الطالبات وزجر من المدرسات . وكثير ما سمعنا جمل من نوع أنت يا راجل ما بتفهم ؟ ..حياة زي كدا مش أفضل منها الموت ؟
    قال جدي : طيب يا ولدي أنت لو كنت في محله وجبان مثله ممكن تتصرف كيف ؟
    قلت : ابيع البيت أسوق أسرتي وأهرب من الحارة لمكان بعيد لا يعرفه أحد وأعيش حياة كريمة أوفرها لأسرتي .. معقول أكون قادر على اسعادهم وأحرمهم وأحرم نفسي بحجة الخوف ؟
    سكت جدي برهة طويلة واضعا كفه على خده سارحا ببصره.. وبدأت شفاهه تتحرك دون أن ينطق .. وقال تعرف يا ولدي ربنا خلق البشر متباينين في كل شئ في مشاعرهم وتفكيرهم وحتى الشجاعة والجبن وحسن التصرف هذه قسمت بقدر بين الناس لو كان الناس متساويين فيها جميعا لصعبت الحياة بل أصبحت مستحيلة .. هذا التباين هو الذي يضمن أستمراية الحياة ..
    قلت : تعرف يا جدي تذكرت مشهد كاد يبكيني اليوم .
    قال : اتفضل أحكيه .
    قلت : كنا أنا ومحمود يوم راجعين من التمرين ومرينا بالقرب من سراية الخواجة .. وكان الباب الكبير فاتح .. جاتنا فرصة نظرنا للداخل .أنبهرنا بالمبنى من الداخل والحديقة المنسقة والزهور والجمال وبلاط الرخام .. تعرف محمود قل شنو يا جدي؟ : قال لي يا أحمد نحن بيت زي دا ما بنلقاه في الدنيا دي الا كان في الجنة .. وهو المسكين لا يعرف أن هذا البيت أصلا ملكه هو وأخوانه .. تفتكر في شئ أمر من كدا يا جدي ؟ وفعلا في هذه اللحظة أتعبرت بل كدت أن أبكي ..
    لكن في هذه اللحظة وصلت موائد الغداء وقال جدي نكمل حوارنا مرة ثانية يا أحمد .
    يتبع


                  

02-25-2016, 10:24 AM

AL-Qassim
<aAL-Qassim
تاريخ التسجيل: 02-18-2015
مجموع المشاركات: 361

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    Quote: هو ذاتو بس قبل روضة الحنان


    الحنان المفقود ؟؟؟
    - على وزن الفردوس ..........

    التحية ليك الله يديني الليلة ةكت عشان اقدراتابع موضوع الطاحونه ده
    و إذا فشلت ياني الحارسك الليله في مسطبة البقالة تحت .. عشان تتموا لي شفاهةً
                  

02-25-2016, 10:36 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: AL-Qassim)

    Quote: الحنان المفقود ؟؟؟
    - على وزن الفردوس ..........

    التحية ليك الله يديني الليلة ةكت عشان اقدراتابع موضوع الطاحونه ده
    و إذا فشلت ياني الحارسك الليله في مسطبة البقالة تحت .. عشان تتموا لي شفاهةً


    هههههههههههههههههه يا ريت تجي
    .
    كنا جاينكم الجمعة الفاتت قالوا في رحلة بالدرعية

    خلنا نخمس مع بعض بعدين
                  

02-25-2016, 10:48 AM

AL-Qassim
<aAL-Qassim
تاريخ التسجيل: 02-18-2015
مجموع المشاركات: 361

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    كدي واصل و تم القصه للناس المتابعه دي .. و لقاؤنا قاييم باذن الله
                  

02-25-2016, 11:04 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: AL-Qassim)

    Quote: كدي واصل و تم القصه للناس المتابعه دي .. و لقاؤنا قاييم باذن الله


    شويو ونسة على هامش السرد لا تضر

    بعدين هم حلقة صباح والثانية مساءا
                  

02-25-2016, 05:09 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    20
    خلصت وجبة الغداء .. الحمد لله . جدي رغم حبه وأصراره على التنوع لكن لم يخزلني ..أي لم يأكل شئ خلاف مائدتنا .. لا أدري هل صدق حدثي في أنه يحب البامية فعلا أم هو جاملني يريد أن يصدقني أمام أمي .. على كل حال كله خير .
    أعمامي لم يخفوا امتعاضهم وغيظهم وهم يشاهدوني أشاركهم المائدة لليوم التالي على التوالي .
    وسمعتهم يغتابوني في الخارج حتما متعمدين يصلون صوتهم لي ( أنت صاحبك دا أتعود ولا شنو ؟ .... يكون عاوز يطالب بتعويض على الجلدة وتنطلق الضحات الساخرة تلسع ظهري أحر من سياطهم التي بدأ نقحها يخف ... لكن أن همي أصبح أكبر . لو تعارفون أيها الأغبياء الثقة والمكانة التي وضعني فيها والدكم .. لأختلفتم علي بسيوفكم كما تقول العرب أيها الوهم .)
    - عيييك أحمد وين سرحت ؟
    - لا يا جدي أنا منتظر باقي الحكايات ..
    - حكايات كمان؟ ما حكاية واحدة ؟
    - أكيد حكايات لأنه في شخصيات أخرى عاوز أسألك منها ؟ لكن عندها علاقة لصيقة بحكاية العجب .وأكيد علاقة بخليل كمان بطل القصة الخفي .
    أكمل جدي ضاحكا .. والجبان كمان مش هو فهمك كدا ؟ .
    - لا معليش والله أنا آسف في حكاية وصفه بالجبن لكن جد غاظني .
    - لا أنت ما غلطان يا ولدي .. هو فعلا وصفه كدا .. من البداية ساب شغله ومهنته بسبب صبي صغير عمره لا بتجاوز الخمسة عشر بسبب الخوف منه .. وبعد كبر عاوز يسيب حقوقه أيضا بسبب الخوف . خلاص أنت أسأل لكن بعد ما نشرب الشاي أنا راح أتحول للدكان تمشي تودي أواني الأكل وتجيني هناك . وإلا حتلاقيك مشكلة مع والديك ؟
    قلت : يا جدي كدي أحكي أول بعدين لكل حدث حديث أنا لو وديت الأواني ما راح أقدر أجي راجع تاني خليها لغاية ما أخذ منك جرعة كبيرة اليوم وأروح مرة واحدة .
    قال : هو كذلك يلا أنت عاوز تسأل من من ؟
    قلت :أولا عمتي نفيسة من هي ؟.
    قال : نفيسة هي بنتي .
    قلت : كيف تكون بنتك والناس مسمنها بت محمود .. وهي سمت ولدها محمود .
    قال : لا صدقت حقيقة نفيسة أتولدت في حضني .نفيسه والدها محمود كان زميلا لنا في الجيش وقاتلنا في حرب تمانية وأربعين في فلسطين .. وكنا أصحاب لا نفترق .. تزوجنا في نفس العام في أحدى إجازاتنا للسودان ..أنا تزوجت جدتك أم عبد الله . وهو تزوج فاطمة أم نفيسة .. وكانت فاطمة حامل بينما مرض مرضا شديدا .. وهو في فراش الموت وصاني على زوجته ومولوده القادم .. وتوفى رحمه الله ..أنا عدت للبلد مع أم عبد الله وما تركت فاطمة بل أحضرتها معنا . وفاطمة كانت يتيمة وعندها عم واحد سكير ومهمل لم أتركها له .أحضرتها معنا وسكنا في بيت واحد .. في نفس هذه الحارة تقريبا نحن أسسناها وكان معنا جدك عبد الرحمن .. بعد ما ولدت جدتك والدك عبد الله بعدة أشهر ولدت فاطمة بنتها نفيسة . . وبعد النفاس أصرت أم عبد الله أنه انا أعقد على فاطمة ( أتزوجها ) حتى يكون وجودها معنا شرعيا وهي ليس لها مانع من أن تكون ضرتها .. يا سلام كانت مرة فاضلة تعرف الأصول ..
    قاطعته وقلت وفاطمة كانت مرة قاطعة .
    قال تقصد شنو ؟
    قال : أقصد جميلة ؟
    قال : وعرفك شنو ؟
    قلت ظاهر من عمتي نفيسة هي تقريبا أجمل أمرأة في الحلة كلها .. وتانيا أنت الموضوع ما أتلككت فيه قالوا لك عرسها طوالي ما صدقت ؟
    قال بنهره : يا ولد أنت بتهزر معاي .. قالها بصورة جادة وبشكل نهره أخافتني .. لكن بعدها أنفجر بالضحك .. الله يجازيك أنت فعلا ولد شقي ..
    قلت : طيب يا جدي أم نفيسة ما ولدت لك جنى .
    قال : كيف ؟ ومال الفاتح عمك دا أمه منو ؟
    أندهشت ورديت باستغراب : معقولة الفاتح عمي هو ما شقيق أبوي ؟
    قال جدي : هو فعلا بعد ولادته بشهور توفت أمه الله يرحمها وجدتك تولت رضاعته وتربيته مع عمك الطاهر ومعظم الناس فاكرنه ولدها هي .
    قلت :أخ يا جدي أنا رأسي سخن فعلا كم هائل من المعلومات ناس كثير لا تعرفها . طيب كيف تزوجت بنتك نفيسة من عم خليل .
    قال : عمك خليل بعد ما أشتغل في الطاحونة .كان يتردد عندي كثيرا لتوريد دخل الطاحونة .وأصبح مألوفا لناس البيت . كثيرا ما يتناول معنا الواجبات وكثير ما يدخل البيت لتناول الطعام .. بمعنى أصبح بمقام ابني .. ونفيسة كانت تدرس في المدرسة خلصت الوسطى .. خليل تقدم لخطبتها .. أنا عرضت عليها الأمر هي وافقت فورا و زوجناهما لبعض .وهذا كان بعد ما ترك خليل الطاحونة واشتغل في حراسة المدرسة بسنتين تقريبا .. لكن هم تأخروا في الانجاب يمكن محمود جا بعد زواجهم بعشرة سنوات عشان كدا عمره صغيرة مقارنة بعمريهما .. يعني نفيسة في عمر والدك تقريبا لكن ولدها البكر في عمرك أنت .. والدك تزوج بعد ما خلص الجامعة وأشتغل .
    قلت : شكرا فهمت يا جدي وانت اختصرت لي أسئلة كثير ,, لكن عندي سؤال واحد أخير قبل ما آخذ صينية الغداء وأروح بيتنا .
    - قال تفضل يا بني .
    قلت : هل عمتي نفيسة عندها فكرة أنه خليل هو من يمتلك سراية الخواجة ؟
    سكت جدي برهة طويلة ووضع كفه على فكه .. وقال تعرف يا أحمد عمري ما خطر على بالي هذا السؤال .ولا خطر في بالي أنه يوم أنادي نفيسة وأسألها .. لكن أشك أنها عارفة لأن خليل زي ما أنت قلت أجبن من أن يفش سر يعتقد أنه ممكن يهدد حياته حتى ولو لزوجته .. وثانيا هي ما كانت ستحتمل هذا الفقر لو عرفت .
    يستحيل إمرأة تعرف أن زوجها غني ويعيشها في فقر وترضى أن تكمل معه الحياة مهما كانت المبررات .
    قلت طيب يا جدي .أنت نفيسة دي مش في مقام بنتك ؟
    قال : لا هي بنتي فعلا ولا تعرف لنفسها أب غيري .
    قلت : طيب كيف تخفي عنها سر ممكن يعمل نقله كبيرة في حياتها .
    قال : يا ولدي المشكلة أنه السر نفسه جزء كبير منه يتعلق بالامانة الأنا أئتمنت عليها من الخواجة .. وهي سر تبنيه للعجب ..لو تلاحظ السرين مرتبطين ببعض .. ثم أنا لو أفيشت أي واحد منهما .. ممكن يعرض حياة خليل للخطر فعلا .. لذلك أنا تركت أمره بينها وبين خليل .هي زوجته وهو فقط من يقدر متى يفشيه لها ويعلن امتلاكه للبيت .. وفعلا زي ما أنت قلت قبيل لو كان خطر في باله أنه يبيع البيت ويأخذ نفيسه ويهاجروا بعيدا ليعيشوا حياة كريمة أنا ما كان عندي مانع .في النهاية انا أديت رسالتي معها على أكمل وجه زي أي أب وهي لها حرية تختار الشخص والمكان المناسبين لحياتها زيها وزي أي زوجة صالحة .
    قلت : الله يريحك يا جدي باقي السؤال الأخير وأعتقد أنه الأخطر.
    قال ما هو ؟
    قلت : كيف مات الخواجة وزوجته وكيف أعتبرت أنت أن العجب شخص أخطر مما يتصور الناس ؟
    قال : ايوا أنت جيت فعلا في المحك . روح شيل صينيتك وروح لأهلك وللمذاكرة وتعال بكرة براك ( لوحدك ) برواقة عشان نحن وصلنا المنطقة الحساسة فعلا .
    قلت : خلاص اتفقنا يا جدي وكثر خيرك بكرة نتقابل .
    نواصل
                  

02-26-2016, 09:51 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    21
    عدت الى البيت أحمل أواني الطعام في يدي ومعظم حكاية العجب في رأسي .. أحدث صوتا وأنا أدخل من الباب .
    - أحمد أنت جايي من وين ؟
    - كنت أتغدى مع جدي .
    - شنو الحكاية أنت في شنو بينك وبين جدك اليومين ديل ؟.
    قاطعت أمي التحقيق الذي بدأه والدي معي قائلة ..أنا قلت له يأخذ كسرة وملاح يروح يتغدى مع جده أنا عارفة عم عمر يحب البامية المفروكة .
    تبسم والدي بهذه الروح الجديدة من أمي تجاه والده .. وهو لا يدري أني أنا من طبخت هذا الموقف ..
    - صحي أنت يا أحمد اتأخرتوا كدا ليه كل الوقت راح في الغداء ؟
    - يا أمي كنا منتظرين أعمامي يجيبوا غداهم . جدي قال لو اكتفينا بغداكم ممكن يزعلوا وتكون في حساسيات ما في ليها داعي .
    - صدق جدك راجل حكيم أصلا عقاربه ديل ( زوجاته )واقفات لينا بالمرصاد .يلا شيل كتبك وروح على مذاكرتك .
    - يا أمي أنا ماشي أذاكر مع محمود .
    - تاني محمود دا ؟ أمه مش قالت له ما يباريك ؟.
    - يا أمي عمتي نفيسة مش جات وأعتذرت قالت هي كانت زعلانة بسبب الجلد وترجتني ما أقاطعهم .
    - كلامه صاح خليه يمشي أختي نفيسة وخليل ديل ناس غلابا ما تحمليهم أكثر من استطاعتهم .
    قلت في سري لو تعرف يا أبوي أنه الناس الغلابا ديل أغنى منك ومن أخوانك (متفرقين طبعا ..)
    - أصلا في نظرك أنه الناس ديل كلهم صاح أنا بس أتصرف غلط .
    - يا ولية استغفري الله أنا قلت كدا؟ .
    المهم والدي عادا للمناقرة من جديد إما أنا أخذت كتبي وتركتهم في حالهم وركبت عجلتي متجها ناحية مدرسة البنات حيث يسكن محمود وأهله ..
    وجدت الباب الكبير شبه مفتوح ودخلت .استقبلني عم خليل مبتسما كعادته .
    أهلا أهلا يا أبو حميد ليك وحشة والله .
    كنت أفرح كثيرا برؤيته وبابتسامته المريحة .أما معلوماتي الجديدة غيرت هذه النظرة .. ما هو الا شخص جبان ورعديد الخوف يمنعه أن يعيش حياة الرفاهية التي يمتلك مقوماتها ..رديت له بابتسامة مع تعبير متردد ومبتور من رد التحية (أهلا عم خليل كيف حالكم ) وين محمود .؟.
    - محمود جوة اتفضل ليهم حصل الغدا ..لا أنا اتغديت .. كنت معزوم مع جدي .
    العبارة الأخيرة ضغطت على حروفها لتكون واضحة هل ممكن أن توحي له بشئ ؟.
    - خير خير جدك لعله ما عيان ولا شئ ؟ .
    - يعني أنا ما أتغدى مع جدي الا يكون عيان .؟
    - لا يا ابني العفو الله يديه العافية ويخليه ليكم .
    - الله يخليه لينا كلنا ..
    سكت وسرح على هذه العبارة وقال بصوت منخفض قليلا ومتقطع ( صدقت يا ولدي الله يخليه لينا كلنا )
    ودخلت نحو بيت محمود داخل المدرسة .. بدأت أوبخ في نفسي .. ما هذه الحماقة كدت أن أفضح السر في أول اختبار قابلني .. لكن بصراحة لا زالت تغيظني برودة وبلادة عم خليل .. لو شاهدتم الملابس المتسخة والممزقة التي يرتديها وهو ينظف في الأعشاب ويقص الشجر ويكنس ويحرق النفايات .. يحرم نفسه وأهله ليحمي نفسه من القتل .. أعتقد أن الشخص الذي يجمع بين الجبن والبلادة لا يستحق حياة فضلا عن أن يبذل أقصى جهده ليحميها .أعتقد نادرا ما تجتمعان في شخص واحد ..دائما الجبناء أذكياء وعندهم حسن التصرف لأنهم أنانيون يحاولوا أن يستفيدوا من أي حدث حتى لو ادى لموت خصومهم أو حتى أحبائهم .
    - أهلا يا أحمد .. يا أمي أحمد وصل .
    - أهلا يا حمودي .. عادت عمتي واحتضنتني كما تفعل في كل مرة .. هي لم تنتبه الى أني بدأت أكبر ويتغير صوتي .. بل لازالت تعامنلي مثل ما كانت تفعل مع أحمد الذي يتعلم المشي ..بل أكاد أذكر كيف كانت تأخذني في جولة داخل فناء المدرسة ..كأنها تستعرض لي في حديقتها الخاصة .. أيضا هذه المرأة الطيبة الجميلة يحرمها الجبان خليل عن الحياة التي تمتلكها وتستحقها .. ياترى هل حكى لها محمود عما شاهدناه داخل سراية الخواجة .. اليوم يا محمود أنا أحمل لك بشرى كالحلم .أنه سراية الخواجة أصبحت ملككم . بل هي كذلك منذ عشرون عاما .. يعني يا محمود أنت ولدت في هذا العش والقصر الذي كنت تراه كالحلم هو ملككم .. يا للبؤس ويا للتعاسة ... بل يا للأسف إذ أنا لا استطيع أن أبوح بهذا السر الذي اؤتمنت عليه .وأمنح محمود لحظات سعيدة نادرة في حياته .
    - محمود كان ذكي وشاطر بل لا يتعدى في الترتيب الخمسة الأوائل .وأعتقد لولا متابعته لي لتربع على قمة الفصل دون منازع ..أنا كذلك كان ترتيبي يعد جيدا بل جيدا جدا .. ربما تقاسمت مع محمد تفوقه ..أي لا انا صرت في مؤخرة الفصل ولا محمود أصبح في أوله .
    جلسنا أنا ومحمود على طاولة وكرسيين أمام غرفتهم الوحيدة داخل حوشهم المقتطع من حوش المدرسة . محاولين استذكار دروسنا من جديد .
    قليل ويصل عم خليل لوجبة الغداء .. هم عادة يتناولونه متأخرا بعد العصر وقريبا من وقت المغرب .
    - محمود سوق عجلة أحمد أمشي جيب رغيف من الفرن .
    - شنو يا عمتي اليوم ما في كسرة بسخينة ؟.
    - اليوم قلت لمحمود لازم نكرم أحمد لرجوعه وذبحنا لك دجاجة وجوز حمام .
    ياه شوفوا روعة هؤلاء الناس .أغضبتهم انا واعتذروا هم . قاطعتهم وترجوني بالرجوع .. رجعت وها هم يحتفلون برجوعي .
    الله يجازيك يا عم خليل يا جبان .
    أستغفر الله العظيم ..
    ها أنذا اتناول غدائي مرة أخرى من جديد دون اعتراض
    وأكيد دون اعتراض .
    نواصل

    (عدل بواسطة درديري كباشي on 02-26-2016, 11:10 AM)

                  

02-26-2016, 12:59 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب
    22
    ما أشهى طبخك يا عمتي
    هؤلاء الطيبون يحتفلون بي بجزء من رأسمالهم .
    عمتي كان لها قفصين لتربية الحمام والدجاج تبيع منتجاتها لتحسن من دخلهم قليلا .
    لكن اليوم لا يتورعون أن يذبحوا جزءا من رأسمالهم أكراما لي .
    أثناء الأكل أقسمت بيني وبين نفسي أن أرجع لهم حقهم وحياتهم حتى لو كلفني ذلك روحي .
    - أكل يا أحمد ولدي أكلنا مع عجبك الليلة ولا شنو .
    - يكون داير السخينة .(أعقبها بضحكة سمجة تليق بجبنه ) مما دفعني للتفلت من جديد .
    - قلت الشخص عندما يكون قادر يأكل أفضل من السخينة ومقرطها على نفسه مفروض يكون طعمها في فمه مثل السم الا أذا كان هو لا يحس وما عنده شعور .
    - عمتي رفعت رأسها باندهاش : دا كلام شنو ما فهمنا حاجة يا أحمد ما له كلامك بقى كبار كبار كدا ذكرتني كلام أبوي عمر .
    أما عم خليل صمت و طأطأ رأسه أرتبك حتى طريقته النهمة في الأكل خفت حدتها .
    أما صاحبي محمود فهل كان يضحك ببله ظاهر هو فرحان بعودتي فقط لا يهمه ماذا يقول وماذا أعني .
    بعد طال صمتي لم تلح عمتي لتفسير كلامي بل واصلت في أكلها .وانشغلت بإطعام أخوة محمود الصغار .(. أكلي يا ريم ..يلا حمودي .أمي أديني لحمة .. يا بت ما تاكلي الشطة كدا .).
    عم صمت قصير إلا من أصوات مضغ وتقطيع الطعام الشهي .
    عمر خليل بعد الصمت : جدك أخباره شنو طولت ما قابلته .. هو يريد أن يتأكد أو يسأل بطريقة غير مباشرة هل أنا عندي معلومات جديدة منه جعلت طريقتي معه تتغير بهذه الطريقة .
    - قلت الظاهر أنت تقابله من آخر الشهر لآخر الشهر ..
    أخ مرة ثانية يفلت لساني ويكاد يفضحني .أنا يتخيل لي أن أثقل حمل على الإنسان هو السر .أو الأمانة ..لا أدري جدي كيف استطاع يتحمل كتمانه أكثر من ثلاثين عاما وربما أكثر .. لو قلنا إن خليل كتمه خوفا فهو له مبرر ليحمي نفسه .. لكن كيف استطاع جدي الصبر عليه .أنا في خلال يومين بدأ السر ينضح وينز ويفضحني ..لا أعتقد أستطيع كتمه شهرا متواصلا .. خاصة أن هذا السر يتضرر منه أعز أصدقائي .حتى دون أن يدري .أقول لنفسي هذا ليس مبررا كافيا عندك جدك وهو يعلم أن هذا السر تتضرر منه أحدى بناته العزيزات ورغما عن ذلك ظل يكتمه .
    - يلا الحمد لله اللهم أدمها نعمة وأحفظها من الزوال .
    - تقصد شنو يا راجل يعني عايز كل يوم نذبح لك دجاجة .وتعقبها بضحكة ساخرة .
    ضحكنا بعدها .. قلت يا عمتي دي عبارة محفوظة يقولها الناس بعد الشبع .. يعني السخينة ذاتها نعمة وفي ناس ما لاقينها ما شرط النعمة تكون دجاج .
    - انا فاهمة يا أحمد بس قاصدة أشاغل عمك دا شوية ..ملاحظة من قبيل وجهه متغير ما عارفة ماله ..
    لم أقل لها أنا السبب لكن الظاهر حركت برك ساكنة كثيرة في رأسه .
    بعد الأكل والشاي عدنا للمذاكرة من جديد ..
    وبعد العشاء تحركت عائدا للبيت .. وعلى غير العادة تبعنا عم خليل .كان عادة يقدمني محمود وحده حتى باب المدرسة الخارجي .
    وبعد ما تحركت وودعتهما سمعت عم خليل يناديني ,
    - يا أحمد يا أحمد وقف دقيقة .
    وقفت فعلا ولحقني من غير محمود طبعا .
    قال :أنت قعدت مع جدك فترة طويلة .
    قلت : عادي أجلس مع جدي فترات طويلة واستمتع بالونسة معاه .
    قال : قال لك حاجة ؟
    قلت : بخصوص شنو ؟
    قال : يعني حاجات عن ايام زمان وشغلي أنا وجيتي للحارة .
    قلت : محاولا استبعاد الشك ومحاولة طمر السر من جديد .. في موضوع واحد أي حد سألته منه ما جاوب حتى أنت عندما سألتك منه تهربت وغضبت .
    قال : ياتو موضوع .
    قلت : حكاية العجب وطاحونته .
    قال :أنا مش عارف أنت شاغل نفسك بالموضوع دا مالك؟ .. هو راجل في حاله ونحن في حالنا خليك في قرايتك وسيبو الرجل في حاله .. يدقق للناس عيشهم وما في حد متضرر منه ؟
    قلت :أنت متأكد ما في حد متضرر منه ؟
    قال : تقصد شنو من ممكن يكون متضرر منه ؟
    قلت :أنا عارف؟ ما هو دا السؤال الما لاقي له إجابة حتى الآن .
    قال : يا ولدي ما تشغل نفسك كتير خليك في قرايتك ومستقبلك .
    قلت : الحمد لله أنا أهو مجتهد في قرايتي ومستقبلي . لكن الله يطول عمر جدي .. لو قدر الله وتم أجله في ناس كتار راح يضيعوا وما عندهم ذنب .
    سكت هذه المرة ونظر لي بنظرة جاحظة ركبت عجلتي وتركته ينظر الي واقفا في مكانه بل شعرت أن نظراته تكاد تخرق ظهري .
    وصلت بيتنا وعلى غير المتوقع أمي قالت جدي أرسل يسأل منك . أنا ما عارفة في شنو بينك وبين جدك اليومين ديل .
    فرحت طبعا .أنا أصلا لم أكن استطيع الصبر حتى غدا لأعرف كيف مات الخواجة وزوجته وما سر عزل أهل الحارة للعجب .
    قلت : أمشي أشوفه ليه ناداني .. يكون عندهم فرق في الحساب ما عرفنه جايي من وين ( محاولة تمويه )
    وصلت لجدي ووجدته يجلس في كرسي أمام الدكان والجماعة أنفضوا من حوله .. يعني الجو ملائم .
    قال : أهلا يا أبو حميد وين ما رجعت ما ناوي تعرف باقي الحكاية .؟
    قلت : ما لازم شوية مذاكرة حتى لا نغضب الوالدين .
    قال : معك حق أهم شئ لا تغضب الوالدين .
    قلت يلا يا جدي نحن وصلنا مرحلة موت الخواجة وزوجته ..
    قال : الله يرحمهما كانا مثال للطيبة والأخلاق .
    قبل موتهما بيوم . جاني ولد من أولاد الحلة وقال لي ألحق الخواجة عايز يقتل ولده .. لبست جلابيتي وعمتي وجريت . نحو الطاحونة .. وجدت الخواجة داخل الطاحونة مربط الولد ( كوستا ) في عمود داخل الحوش وواقع فيه ضرب بالخرطوش ويلعن فيه : يا فاسق يا تافه يا حقير ... والفاظ بذيئة غير معهودة منه .. ووجهه محمر يكاد ينفجر من الغضب .. أما الولد كان يجسمه يسيل منه الدم وعيونه محمرة يبكي لكن تحس بالغل في عينيه عرفت أن أم كوستا هي من أرسلت لمناداتي حتى انقذ ابنها من براسن أبوه .. وفعلا لاقتني خارج الباب قبل الخروج .
    وفي الغرفة قلت للخواجة حرام يا خريستو البتعملوا في ولدك دا .
    قال : دا ما ولدي دا ود حرام أنا معقولة أجيب ولد زي دا ؟
    قلت أهدأ اهدأ وريني الحاصل شنو ؟
    قال : تعرف يا حاج عمر من زمن طويل كوستا رفض يعيش معنا في البيت وقال عايز يعيش في الطاحونة عشان يحرسها ويكون قريب من عمله .. أمه طبعا مدللاه تلبي له أي طلب وافقت وضغطت علي لأوافق وقالت ما دام هو بقى يشتغل ويهتم بشغله خليه .
    أنا وافقت زي ما شايف بنينا له الغرفة ومعاها مطبخ وفرشناها له أحسن فرش ..أتاريه ولد الحرام كان عنده فكر تاني خالص .
    قلت : حصل شنو يا خواجة .
    نواصل



                  

02-26-2016, 04:03 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    23
    قال جدي مواصلا :
    أكمل الخواجة حديثه قائلا
    نحن على نياتنا تركنا كوستا براحته رحل وأستقر في الطاحونة .. وكانت أمه تحمل له أكل رغم أنه عنده مطبخ على طلبه كما تذهب تنظف له سكنه وتغير الفرش .. ونحن على نياتنا قلنا شاب مراهق سيمل من الوحدة ويرجع يسكن معنا من جديد .. لكنه كولد مدلل تلبى له كل طلباته ظل كما تعرف ساكنا في الطاحونة طيلة هذه الفترة كما تعلم .. لم يمل من السكن ولم نشك نحن حسب نياتنا .
    لكن اليوم انا من دون الأيام صحوت فجرا وأصابني أرق قلت فرصة أروح أشوف الطاحونة وبالمرة أتفقد الولد .. كيف نائم .. هل مرتاح .. تحملني شفقة أب صادقة .
    فتحت باب الطاحونة .. ودخلت الى أن وصلت غرفته .
    يا للهول تخيل ولد الحرام هذا كان عامل الغرفة الداخلية وكرا للدعارة .. وجدت معه بنت أستغفر الله شبه عارية ونائمين مع بعض .. تهيجت .. وقام هو والبنت مفزوعين .. وحملت قطعة الخرطوم ووقعت ضربا فيه دون وعي وأنا اصرخ .. البنت استغلت انشغالي بضرب كوستا لبست ملابسها وهربت .
    قلت للخواجة : هل البنت من حارتنا ؟.. قال لا أعتقد شكلها غريب الظاهر جاية من مكان بعيد .. قلت له : يمكن حالة عابرة أو هي أغرته كوستا لازال شابا صغيرا في السن عمره لم يتجاوز السبعة عشر عاما .. قال لا تعال بنفسك شوف .. وفتح الدولاب ووجدناه ملئ بملابس نسائية وعطور وحبوب وأدوية لا ندري ما كنهها ..
    كل هذ الحوار وكوستا لازال في الخارج مربطا بالحبال على العمود يئن ويتوجع .. وصلت أمه تمسح له في الجروح وتبكي معه ..
    حاولت أن أهدئ الخواجة . وقلت له هذه مرحلة يمر بها كل الشباب تفتكر أولادنا ما عندهم تصرفات شبيهة .. كنت أحاول أن أعمم الحدث حتى يهدأ ولكن في قرارة نفسي كنت متأكدا لو وجدت أحد أبنائي في موقفا مشابها لقتلته .
    فعلا بدأ الخواجة يهدأ وترجيته بأن يطلق صراح الولد وسيكون درس له لن ينساه طول عمره .. قال الخواجة نحن سمعتنا هي رأس مالنا عايشين معكم فوق الثلاثين عاما أو أكثر هل شفتوا منا عيب أو سمعة سيئة .. يجي ولد الحرام هذا ليهدم كل شئ بنيناه .. خرجناه من المدراس لنكف الناس عن شره .. ومفتكرين أنه أصبح مشغولا بالطاحونة ولا يتضرر منه أحد .
    قلت له أهدأ لازال الولد صغير وكل يوم يتعلم منك درسا جديدا .. لكن أنا متأكد بعد اليوم لن يكررها ..
    وفعلا وافق على إطلاق صراحه رحت أنا بنفسي أطلقت الحبال من كوستا .وأمه لازالت تبكي .. كوستا بعد فك الحبال منه .. ألقى نظرة نارية على الخواجه كأنه يتوعده .. لم ينتبه لها الخواجة وحتى زوجته بل فرحت بإطلاق صراح ابنها ..أخذته معها مستندا على كتفها لازال يبكي وينتحب ويهمس بكلام لم أتبينه .
    في ذلك اليوم لم تشغل الطاحونة ظلت مقفولة طيلة النهار والمساء .. وفي اليوم التالي أنا في دكاني .. سمعت صوت صراخ و ولولة .
    أخرجت لأستبين السبب قالوا .أن الخواجة وزوجته وولده تسمموا بالأكل .. جاءت عربية الإسعاف وأخذتهم الثلاثة للمستشفى .
    الخواجة كان في حالة غيبوبة تامة عندما أخذوهم للمستشفى ..وزوجته كانت تستفرغ باستمرار وحتى كوستا نفسه كان يستفرغ معهما .
    أنا كان عندي سيارة لاندورفر قديمة ركبتها ومعي الحاجة أم عبد الله وأبوك عبد الله نفسه كان في سنك تقريبا .. رحنا ناحية المستشفى ..
    لحقنا الخواجة في الرمق الأخير . .والخواجة فتح عينيه يهزئ بعد ما شاهدني عرفني وبصوت ضعيف بعدما اقتربت منه قال لي : عملها ود الحرام يا عمر . عملها الكلب خسارة تربيتنا له .. قلت له هو نفسه تسمم معكم .قال لي ما هو ود حرام ومال يخارج نفسه كيف من التهمه لو لم يتسمم هو نفسه معنا. المهم ما أوصيكم على حاجة أنتو أهلها وما لها أهل غيركم .. أحموها وما تسيبوها لبلاوي هذا الشيطان.. المسكينة أصبحت مثل النعجة التي ترضع جرو الذئب أول ما يكبر تكون هي أول من ينهشها بأسنانه .
    أنا في هذه اللحظة المؤثرة أسلم الخواجه المسكين روحه الطاهرة . بكينا عليه وحزنا .. وأصبح الأمل محصورا في نجاة الحاجة وابنها .. ولكن هي في مساء نفس اليوم لحقت بزوجها ..
    أما كوستا نجا في اليوم التالي .
    قلت : طيب يا جدي ما الذي جعلك تتهم كوستا بقتلهما ؟
    قال : يا أحمد يا ولدي دقائق في تفاصيل أنا أذكرها وبعد ذلك أترك لك تقييم الموقف .
    قلت : تفضل يا جدي وآسف للمقاطعة .
    قال : كوستا عندما سمع بموت والده الخواجة لم يتأثر رغم أنه كان واعي وكان مركب له المغذي ( الدرب ) كأنه سمع خبر وفات شخص غريب .. بل حتى لم يتأثر بتأثر أهل الحارة وبكائهم . ولكن في المساء بعد ما توفت والدته أنهار وبدأ يبكي بشدة .. ويقول لا ما أنت يا أمي .. لا لا لا تخليني لمين بعدك .. عبارة ما أنت يا أمي ضع تحتها عدة خطوط .
    أنا شكيت ورحت فتحت بلاغ واتهمت كوستا بتسميم الخواجة وزوجته وطالبت بتشريح الجثث .
    أتضح من التشريح أن التسمم عضوي لم يكن تسمم كيميائي .
    قلت : والفرق شنو بين الاثنين .
    قال :التسمم الكيمائي يعني يكون باضافة مادة سامة للاكل زرنيخ زئبق صبغة شعر أما التسمم العضوي فيكون بتسمم جراثيم يعني أكل فاسد .
    - قلت طيب كدا معناه أن كوستا برئ بدليل انه هو نفسه تسمم معهما .
    قال جدي لا يا بني كوستا حبك الخدعة ببراعة .أنا في نفس اليوم رحت قابلت طبيب تشريح وسألته هل ممكن القتل يتم بسم عضوي وممكن القاتل نفسه يتناوله دون أن يتضرر . قال الطبيب التسمم العضوي يكون مثلا بتعرض كمية قليلة من الحليب لمدة يوم كامل ثم خلطها مع كمية أكبر بعد ذلك في جرعات لمن يريد تسميمهم .. يعني ممكن القاتل يتناول نفس السم بجرعة أقل .
    قلت : طيب يا جدي أم كوستا نفسها توفت وهو حسب كلامك لم يكن يقصد قتلها ..
    قال جدي : الحاجة لأنه صحتها ضعيفة بمعنى حتى الجرعة الصغيرة التي قصد بها كوستا التمويه كانت كافية لقتلها وبدليل أنها صمدت فترة أطول من الخواجة . هو مات في الصباح وهي توفت ليلا .
    قلت : يا جدي معناها اتهامك بطل وخرج كوستا براءة من قتلهما . لكن كان في ورقة في يدك لماذا لم تستخدمها ربما كانت ثبتت التهمة على كوستا .
    قال جدي : ما هي ؟.
    قلت :وهي أن كوستا ليس ابنا شرعيا للخواجة وزوجته .
    قال جدي : هذه أصلا لن يصدقني فيها أحد .كانت لا بد تتم بإعلان الخواجة نفسه من أول لحظة إحضارهما للطفل .. وهو أحتفظ بالسر لأنه لا يريد أن يجرح مشاعر زوجته بل يريدها أن تعيش دور أمومة طبيعية مثل ما تريد .
    قلتت يا جدي أنت لم تستطع أن تثبت أتهامك لكوستا بقتل والديه لمحققي الشرطة لكن كيف أستطعت أن تقنع أهل الحارة بعزله عن حياتهم ؟.
    قال :أنا لم استطع أن اقنع أهل الحارة لكن هددتهم .. في الأول طلبت منهم الاتفاق على طرد كوستا من الحارة وقفل الطاحونة أو شراؤها منه . لكنهم رفضوا . وكان يتزعمهم جدك عبد الرحمن . هو كان متعاطف مع كوستا بل أصبح متبنيا له وواقفا في صفه .
    قلت :اها فهمت ..
    قال : فهمت شنو ؟
    قلت آخر مرة رحت الطاحونة سألني العجب عن جدي عبد الرحمن بالاسم عن صحته ولماذا طول ما زاره .
    قال جدي : حصل خلافات كثيره بيني وبين جدك في هذا الأمر بل كاد الأمر يصل مرحلة الى المقاطعة .. لكن في النهاية هددت أهل الحارة كلهم وهو أن يحصروا كوستا أي العجب في طاحونته لا يخالطوه ولا يزوروه .وأي شخص يرغب في ذلك عليه أن يختار بيني وبين كوستا .. يعني من يعمل علاقة مع كوستا خارج إطار الطاحونة يعلم أنه انا وهو متقاطعين الى يوم الدين . حتى جدك التزم بالقرار أصبح لا يقابل كوستا الا في الطاحونة .. صحيح يرسلون له أكل وخاصة أيام المناسبات .
    وهكذا أصبح دور كوستا محصورا في طاحونته فقط وتعامل الناس معه في أطار نفس الموضوع وداخل الطاحونة نفسها .
    قلت لكن يا جدي مع احترامي لقرارك وقوته وإجبار الناس على تنفيذه .. عمرك ما شعرت أنه قرار خاطئ وممكن تترتب عليه مصائب أكبر .
    قال : مصائب أكبر مثل شنو ؟
    قال :أنتو سيبتو العجب في حاله يدقق الذرة للناس وبعد ذلك يفعل في حياته ما يريد لا تدخلون ولا تهمكم سلوكياته.. هذه أعطته فرصة أكبر ممكن داخل الطاحونة التي ضبطه فيها أبوه يرتكب الفواحش ممكن يعمل مصائب أكبر مما فعل وهو يؤمن جانبكم تماما .
    تغير وجه جدي في هذه اللحظة وأصبح ينظر لي بتركيز وغضب يحاول أن يخفيه وسألني بنفس حالته هذه سؤالا بانفعال كاد أن يوقف قلبي من الخوف .
    قال :أنت يا أحمد زرت الطاحونة من الداخل قبل كدا ؟؟؟؟


                  

02-26-2016, 05:56 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    24
    ظل جدي ينظر الي منتظرا ردي .. هل زرت طاحونة العجب من الداخل من قبل .لم يكرر سؤاله لكن أكتفى بصداه يلف ويدور في رأسي .. أصبحت مشتت الذهن ...لو اعترفت له باني زرت الطاحونة رغم المحاذير الكثيرة والحظر المبرم منه حتى من قبل مولدنا .. ربما تغير وانقلب علي السحر .. فقدت كل شئ بعد ما كسبت ثقته .. أصبح قلبي يضرب بشدة .. وعقلي كذلك .هل أقول له لم أزرها قط وأكذب لكن هو حتما سيكشف كذبي .. وأصلا طرح سؤاله هذا بناءا على سؤالي أنا .. كما ذكرت هو كان زكيا ولماحا وله فراسة .. أذا الكذب لن يجدي . كنت منتظر منه جملة تشجيعية .. مثلا يقول أنا أعطيتك الأمان أو يقول ثق في مثل ما أنا وثقت فيك .. أي عبارة أخرى تدعم أحساس الصداقة التي منحني لها في اليومين الماضيين .. لكنه اكتفى بسؤاله هذا وظل ينظر إلي بنظرته المرعبة ..
    أخيرا استسلمت وأومأت له برأسي مؤكدا زيارتي للطاحونة .
    وقال : مواصلا متى زرتها وشفت هناك شنو ؟.
    حاولت أن أتحلى بشجاعة وقوة بدلا عن حالة الانكسار هذه التي انتابتني .. عدلت من جلستي رفعت صدري لأبين له أني لست خائفا من شئ .
    قلت : يا جدي أنا أصلا مطاردتي لهذا الموضوع من بدايته لغاية هذه اللحظة لأني زرت وكر العجب فعلا و شفت مصائب فعلا في الطاحونة لا يمكن السكوت عليها .. و راح أثبت لك أنه عزلكم للعجب كان خطئا كبيرا ويمكن الحارة ستدفع ثمنه مضاعفا .
    قلت هذه الفقرة بقوة وثبات بل لم اكتفي بالاعتراف فقط وضعت جدي نفسه في موقع المتهم الذي أستن هذا القانون وظن أن الناس أصبحوا في مأمن من شره حتى الآن .
    قال طيب يا أحمد خلينا نأخذ الموضوع خطوة خطوة وتريني أنت متى زرت الطاحونة وماذا شاهدت . وما تخاف أنت حاليا الرجل الوحيد في الحارة كلها الذي وثقت فيه وأمنته على سري وأظنك رجل قوي وجدير بالأمانة .
    قلت : يا جدي أنا ما خائف .أصلا لو كنت خائف أنت ما كان وصلتني للمرحلة دي من الأسرار .. كان جريت منك من أول يوم وأنت تتظاهر بأنك ناوي تضربني بالعكاز بعد ما سألتك من حكاية العجب .
    قال : برافو عليك بالضبط كدا .
    واصلت : قائلا .. ما تفتكر أني كنت ناوي أكتفي بسؤالك أنت فقط عن حكاية العجب .. لو لم تحكيها أنا كنت ناوي فعلا أقتحم وكر العجب وحتى لو أتصل بالشرطة بنفسي .. العجب أخطر من أي شئ ممكن تتصوره يا جدي.
    بدأ التوتر والتشوق على جدي وقال مترجيا : يا احمد انا عارف ومتفهم كلامك دا كله .. بس أحكي لي أنت متى زرت الطاحونة وشفت شنو هناك .
    قلت :ما تفتكرني زرت الطاحونة قبل فترة طويلة . هو قبل يومين .. نفس يوم المظاهرة الذي جلدتمونا فيه أنا ومحمود ..
    أصلا نحن كنا نهتف واقفين قدام المدرسة الثانوية قبل ما تأتي شرطة مكافحة الشغب وتفرق الجمع .. بدأ أفراد الشرطة في مطاردتنا .الظاهر استهانوا بأحجامنا أنا ومحمود . ونحن كنا جارين وقارب أفراد الشرطة من القبض علينا . مع اللفة وجدنا أنفسنا قرب سور الطاحونة وأصلا هو مبني بالطوب وبه فتحات تسهل التسلق .. ثواني وكنا داخل سور الطاحونة ..
    أنا ومحمود وجدنا بالداخل شجرة حناء كثيفة تخفينا خلفها .. وسمعنا أفراد الشرطة يتحاورون من الخارج واحد يقول تفتكر ممكن يدخلوا الطاحونة؟ .. والثاني يرد أنت مجنون أحسن لهم مليون مرة نقبضهم نحن بدلا ما يدخلوا الطاحونة دي .. يعني يا جدي أصبح خطر الطاحونة شئ متوارث لكن لا أحد يعرف لماذا هي خطرة .. حتى أفراد الشرطة الذين هم دورهم إزالة الخطر من حياة الناس أحجموا عن الدخول وتراجعوا .
    أخذ جدي نفسا طويلا كأنه يريد أن يستنشق حديثي من أوله . وقال .. طيب يا أحمد أنت شفت شنو خلاك تأكد هذا الخطر أرجوك بالتفاصيل قبل ما نتخذ أي خطوة إجرائية .
    قلت بعد ما أنفض العساكر شعرنا نحن بخطر المكان الذي نحن فيه .أنا بدأت اتفقد في المكان .. لاحظت لأحواض فيها زراعة أشبه بالبرسيم أو النعناع . بما أنه العجب أصلا لا يربي حيوانات في الداخل أذا لا يوجد مبرر للبرسيم .. كذلك يستحيل تكون هذه الكمية كلها شجيرات نعناع .. لذلك خمنت أنه تكون هذه الزراعة عبارة عن مخدرات .. وقلت ضاحكا خفت أقول لك تحديدا بنقو . تمسك في وتقول أنت أصلا شفت البنقو وين ؟
    قال : لا لا واضح يا ولدي أها كمل تاني شفت شنو ..
    قلت : شفت من بعيد غرفته الداخلية فيها شوالات مليانة . بما أنه هي طاحونة نفترض أنها جوالات ذرة .. لكن مع الجوالات توجد كراتين أيضا مرصوصة .
    قال : طيب ما جاتك جرأة تتقدم أكثر وتكشف ما بالداخل .
    قلت : والله جاتني رغبة فعلا وقررت التوغل لكن محمود خاف بشدة وقال لابد نخرج من هذا المكان ..لأنه بعد هذا الاكتشاف لو دخل العجب ووجدنا حتما سيقتلنا ويدفننا نحن الاثنين .. وما بعيد أنه يكون زاره ناس واختفلوا معه قتلهم ودفنهم طالما أنه لا يوجد أحد يدخل معه هذا المكان ويتفقد ما فيه .لذلك أنا قلت وأصر أن عملية عزله كانت خطأ كبير جدا .
    أصبحت أكثر جرأة في مواجهة جدي .. والغريبة هو أصبح مستسلما لي كأنه أقر بخطئه الفادح .
    وقال : قدرتوا تطلعوا قبل ما يدخل العجب كيف ؟
    قلت : لسوء حظنا . قبل ما نتخارج دخل العجب للحوش أطفا المحرك وعم المكان صمتا مرعبا .. خلع ملابسه وبقى عاري الصد نفض قميصه من غبار الدقيق وأكتسب المشهد رعبا أضافيا ..إضافة لأنه بعد ما خلع قميصه أصبح عاريا كان جسده مخيفا أكثر مليئا بالجروح والندوب الغائرة القديمة . تحس بأنه خاض معاركا كثيرة في حياته .
    في هذه اللحظة أخذ جدي تنهيدة طويلة .
    وقال يا أحمد نحن فعلا وصلنا مرحلة خطرة ..وأنا أقر أنه أنا ارتكبت خطأ كبير بقرار عزل العجب وسلوكياته عن أهل الحي .. هسع أطلب منك شئ واحد روح بيتكم حتى لا ينزعج أهلك .. وبكرة بعد تجي من المدرسة وتغير ملابسك تعال عندي في الدكان بأي عذر لازم تجي عشان أوريك الخطوة الجاية شنو .حتى نصحح بها هذا الخطأ الكبير .. لكن اياك أن تأتي بسيرة لأحد .. سامع ؟.
    قلت له حاضر يا جدي .. ودعته عائدا للبيت .. لم أحس بالوقت والساعة قاربت من العاشرة .أمي وأبي كانا في انتظاري .
    قالت أمي : يا ولد كنت وين لغاية هسع ؟.
    رديت ردا مقتضبا :أنت مش قبيل قلتي لي جدك يسأل عليك ,,
    قالت : لا حول ولا قوة الا بالهد ومن قبيل أنت معاه تعملوا في شنو .
    أبي : يا ولد أنت مش عاوز تقول لينا في شنو بينك وبين جدك .
    الم أتمالك أعصابي ورديت ردا ندمت عليه لاحقا أذ حسيت أن فيه عقوق قلت له : يا أبوي جدي دا هو أبوك وأتمني على أسرار حلفني لا أقولها لأحد لو انت عاوز تعرفها أطلبها منه مباشرة لكن أنا لا أفشيها حتى لو أموت .
    تركت والدي ينظرون لي باندهاش كما سمعتهم يغتابوني .
    أبي : ما قلت لك الولد الفقري دا ما بيستسلم .. أكيد سك موضوع العجب ووصله حده ..
    كما سمعت أمي بدأت تولول وقالت الليلة ولدي راح يموت الولد الشقي دا .
    أنا لم يعد يهمني شئ الموضوع بالنسبة لي أصبح اتجاها واحدا ,.أما أن أموت دونه أو أجتثه من جذوره .
                  

02-26-2016, 08:18 PM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    طاحونة العجب 25
    قبل النهاية
    عدت الى سريري تركت والدي في نقتهما وحجتهما .. لم يأتي أحد منهم يلحقني ويوبخني رغم أني شعرت بعقوقي لهم ..أو تحديثهم بلغة لا تليق ولم يعتادوها مني .. لكني عذرت نفسي لأن الوضع أصبح جد خطير .. هم سكتوا على هذه الأسرار حتى من قبل مولدي يريدون الآن أن يأتوا ليعرفوها مني وهم أرادوا البطش بي لمجرد سؤال برئ وعابر عنها.. هل هم ذاقوا مرارتها مثلي .. هل والدي أو أمي أكلا السخينة طيلة أسبوع كامل فضلا أن تكون وجبتك الأساسية طيلة العمر .. هل سكنوا في بيت من غرفة واحدة يتكدس فيها الوالدين مع أطفالهم .. في وقت المطر والبرد .. هنالك أناس دفعوا هذا الثمن من عمرهم عمتي اليتيمة نفيسة وأطفالها .. لو استثنينا عم خليل ..أصلا لم أقتنع أن جبنه يمكن أن يكون عذرا .. ولا أعتقد أن الجبن يصلح أن يكون عذرا لأي شخص لدرجة يسجن نفسه في جدران من البؤس واليأس طيلة عمره .. ويسميه تمسكا بالحياة .. يا ترى كيف يفكر جدي الآن وما هي خطته لتصحيح خطأه بعد أن أقر به أمامي .
    بت متشوقا لصباح الغد .. لكن قبلها علي النوم الآن .. لكن كيف . كيف مع هذا الرأس الذي بدأ يغلي حاولت أن اتخيل ما سيحدث غد .. هل سيستعين جدي بالشرطة ؟ لكن بأي حجة .. أفرض أنه طلع بلاغ كاذب وكل ما شكينا فيه طلع وهم .. أكيد العجب لن يصمت ويسامح بل سيفتح بلاغ إشانة سمعة ضد جدي .. ورد شرف ويمكن يسجن جدي .. و وقتها أنا سأكون المتهم الأول وسأدفع الثمن وحدي خاصة بعد أعمامي الذين وصل معدل كرههم لي قمته في هذين اليومين ..
    لا أدري متى نمت حتى شعرت بيد أمي تهزني مع اشراقة الصباح .
    - يا ولد قوم وقت المدرسة جا .أوعى كمان تكون ناوي تغيب .. شايفاك اليومين ديل بقيت ما عندك هم بالقراية خالص..أوعى تكون فكرت تشتغل مع جدك في الدكان وتسيب المدرسة ..
    رصة من الاسئلة والتهكم رجمتني بها أمي تنم عن غيظها من ردي ليلة أمس ..
    قمت مستويا على قدمي لم أرد عليها تحضرت للمدرسة لبست وشربت الشاي ركبت عجلتي وتوجهت ناحية المدرسة ..
    مر اليوم كله سرحان .. لم أذكر شئ من الدروس . مرت الحصص كإعلانات التلفزيون لا تذكر منها شئ رغم تكرارها .
    تعودنا أنا ومحمود أن نقضي وقت الإفطار مع بعض ومع بعض الزملاء . زاليوم أخذت السندوتش من المقصف وابتعدت عن الجميع .. انزويت في ركن أكمل سرحتي .. أعتقد أن هذا اليوم أكثر يوم في حياتي استهلكت فيه هرمون الأدرنالين .. توتر وعرق يتصبب مني لمجرد تخيل السيناريو الذي سيحدث .. وكيف سيكون الحال عندما أعيش الموقف بعينه .
    خلص دوام الحصص .
    ركبت عجلتي متوجها إلى البيت .
    لحق بي محمود محاولا يسأل عن سبب تكتمي اليوم .
    ظانا بأني زعلت منهم من جديد في أمر ما .
    حاولت أقنعه أنه لا يوجد شئ يزعلني منهم ..
    تركته دون أن أقنعه أو أجد مبررا لعزلة اليوم
    وصلت البيت غيرت ملابسي ولبست جلابية سودانية مع سروال طويل . وأنا خارج لحقتني أمي في الباب ..
    - ماشي وين يا ولد .
    - ماشي لجدي .
    - والله اليوم ما بتطلع من البيت لو ما وريتني جدك عايزك لشنو ؟
    - أقسمت لها بالله وأنا صادق لا أعرف فيما يريدني جدي .
    ويبدو أن جدي كان يتوقع هذه الخطوة لذلك أصر أن يخفي خطته الأخيرة ..
    وصلته في الدكان وجدته جاهزا لا بس لبسته السودانية كاملة أي جلابية وعمة وشال وحذاء الجلد الشعبي ( المركوب ) ويحمل عصا الابنوس ..كأنه رائح يحضر مناسبة عقد زواج ..
    أول ما وصلت بدون ابتسامته المعهوده هذه المرة وبنظرة جادة جدا قال لي تأخرت مالك .
    فعلا شعرت ان الأمر جد خطير هذه المره أكثر من أي مرة سابقة
    قلت : يا جدي ما أتأخرت الظاهر أنت جهزت من بدري شوية لكن انا غيرت لبس المدرسة وجيت مباشرة .
    قال :أهلك ما سألوك ماشي وين .؟
    - سألوني وقلت لهم رايح عند جدي . وقالوا لي جدك عايزك لشنو أقسمت لهم .,انا صادق أنه ما عارف أنت عايزني ليه ..لأنك قلت لي تعال فقط دون تفاصيل .
    - أنا مخصوص كتمت الخطة عنك لأني توقعتك تتعرض لضغط زي كدا ما حا تقدر تصمد وتصمت .. يلا أرح بينا .
    - حا نمشي وين ؟.
    - الطاحونة .. هو في غيرها .
    تبعت جدي وهو يمشي بخطوات عسكرية جادة وأنا بالكاد الحق به وأصبح موازيا له قبل ما يتقدمني بخطوات من جديد .
    كان الناس يلقون التحايا على جدي وهو يرد بنفس جديته دون أن يتلفت أو يتوقف .
    بعضهم كانوا يقفون قليلا يتابعونه بنظرهم ..لأنه من اللحظات النادره التي يرونه يقادر فيها الدكان بالنهار و بهذه الجدية .. تعمد أن يمشي بالشارع المكتظ بالناس بنفس جديته هذه كأنه يقول للناس من يريد أن يعرف وجهتي فليتبعني ..
    تقريبا كل أهل الحارة شعروا أو عرفوا بأن هنالك أمر جدي وخطير يخص جدي .. لم يقل لأحد اتبعني .. من تملكه الفضول تبعه بنظره ليعرف وجهته .. ومن كان أكثر فضولا تبعه مشيا من بعيد .
    وأنا لازالت ألاحقه بخطواتي القصيرة المتسارعة لأوازيه .. حتى لاحت لنا الطاحونة من بعيد .. عرف معظم من تبعنا أن جدي ينشد الطاحونة .. منذ ربع قرن لم يشاهده أحد يقترب منها ..أصبح الجميع مهيأ لحدث ما ..
    دخلنا من باب الطاحونة الكبير ..
    العجب واقف وقفته المعهودة يسند كوعه على قمع الطاحونة و يغني ويشاغل في الصغار أحيانا .
    أول ما شاهد جدي قطب جبينه .
    جدي لم يتحدث معه أو يلقي عليه التحية بل توجه ناحية باب الوسط مباشرة فتحه ودخل وأنا دخلت معه ..
    ظل الباب مفتوحا ..
    دخل جدي أولا ناحية أحواض الزراعة .. برك عند أولها وبدأ يقطع من الشجيرات يشمها تارة وتارة أخرى يتذوقها بلسانه أنا أعصابي تلفت تماما .اندهشت من جرأة وشجاعة جدي .. هذا المكان الذي يخاف منه أفراد الشرطة .. ومن يومين كدنا أن نموت فيه أنا وصاحبي رعبا .إذ بالعجب يدخل ويقفل الباب خلفه بتكتم و يحمل أحد حجارة الطاحونة الضخمة ويتجه به ناحية جدي ..
    عرفت نيته فكرت أصرخ وأنبه جدي لكن خفت أن يسبقني . أفضل شئ حدث أن العجب لم يلحظ دخولي مع جدي وأفتكره دخل وحده .صرفت . جريت بأقصى سرعتي .. وفي اللحظة الحاسمة دفرت العجب من ظهره بكل ما أملك من قوة .. سقط هو وسقط الحجر على صدره ..لا أدري أغمى عليه ام مات . أهم شئ عندي أنقذت حياة جدي بدلا ما كدت أكون سببا في قتله ..
    رفع جدي رأسه وشاهد المشهد .احتضنني .. فتح باب الوسط .. ودخل الرجال الذين نتبعونا فضولا قبل كل شئ .وأصبح كل شئ واضح ..فهمت كل ئ من تصرفات جدي لماذا لبس لبسا رسميا . هو لم يقل لناس الحي اتبعوني لأمر يهمكم لكنه استخدم لغة الجسد ببراعة فائقة بأعتبار أن ألأمر أذا فشل لا يستطيع أحد أن يلومه .
    حضرت الشرطة وفعالا أتضح أن العجب لا تكاد توجد كارثة أو مصيبة لم يرتكبها .. خمور مخدرات أسلحة . ربما جثث مطمورة في التراب .
    أندهش أهل الحي من البلاوي المكتشفة .أخيرا .العجب الحمد لله أتضح أنه لم يمت . بل أغمى عليه والا كان أصبحت أنا متهما بالقتل ..
    حضرت سيارات الشرطة والإسعاف ..
    حاول الرجل يشكرون جدي على شجاعته لكن قال لهم أشكروا ولدي دا هو بطلكم .
    شعرت بالفخر .. لكن ما افرحني أكثر هو عودة الحياة لمحمود صاحبي .
    جاء من ضمن الناس يبارك لي أنتصاري .
    قلت له بل مبروك عليك أنت
    قال : أنا يباركو لي شنو .
    قلت له : سراية الخواجة .
    قال : تقصد شنو .؟
    قلت له خليها بوقتها .
    عدنا الى داخل الحي وبعض الشباب حملوني فوق أكتافهم مثل لاعبي كرة القدم .. جدي وسط الرجال كان كل تركيزه علي ينظر الى بأعجاب ..أسعدتني نظراته أكثر من أي شئ آخر .. شعرت بأنه ثقته في كانت في محلها ..و شعرت بالرضا .
    دخلت بيتنا أحس بأني في حاجة لنومة طويلة .. ومحتاج اراجع كل الدروس التي فاتني وأذاكرها من جديد .
    أمي وابي أجلسوني في الكرسي ينظرون الي خرست السنتهم تماما .. تحس أن مشاعرهم تضاربت .. هل يوبخوني أم يفرحون بي يعاتبوني أم ياكفؤني .. ومن العجائب أصبحت أستحق كل هذه الاشياء مجتمعة .
    جدي غشانا في البيت وقال مخاطبا لنا أحمد وعبد اهحد بعد العشاء تجوا عندي في الدكان في اجتماع مع رجال الحي عشان في حاجات كتيرة عايزين نحسمها .
    أمي أعترضت :وأحمد الدخلو شنو في أجتماع الرجال .
    قال جدي :هو أحمد في أرجل منه في الحلة دي .
    ونتلاقى في النهاية
    -
                  

02-27-2016, 10:58 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    النهاية
    أجتمعنا في المساء أمام دكان جدي
    وكنت أنا بطل الحفل بلا منازع
    كنت أقف قرب جدي وهو يضع يده على كتفي بكل فخر .. ويحكي للناس عن القصة من أولها . وعن دوري .. ويعتذر لي أمامهم عن الجلدة العنيفة .. التي كانت بمثابة النار التي نفضت التراب عن كنز الذهب .
    وحكى لهم عن ملكية خليل لسراية الخواجة .
    ( أصيب أعمامي بأحباط يليق بهم بعد أن كانوا يظنونها ضمن ميراثهم الموعود )
    عم خليل الجبان اتضح أنه كان يدخر دخل السراية من الايجار في شراء قطع الأراضي و يخفي أوراقها عند جدي ..أي أتضح أنه من أثرى أثرياء الحارة .
    مسك الطاحونة .. بعدها باع الأراضي وبنى مجمعا للمخابز الحديثة ومطحنة غلال متطورة .. لكن ظل مبنى الطاحونة القديم كما هو .
    العز يليق بعمتي نفيسة الجميلة الصابرة .. لم تتغير حتى وهي ترحل للسراية .
    . ها أنذا بعد مرور أكثر من عشرة سنوات على الحادثة وعلى رحيل جدي رحمه الله ..أتكي على أحد جوالات الذرة داخل الطاحونة ذاتها .. ومر علي شريط هذه الذكريات وطفرت مني دمعات حزنا على ذكرى جدي.
    تخرجت مهندسا .. وتزوجت أحدى أخوات محمود جميلة مثل أمها وطيبة مثل أخوها .. ومحمود تخرج طبيبا وأغترب .
    أنا في الطاحونة في زيارة صهري ( الجبان ) عم خليل ..
    لا زال كل ساعة يخرج من الطاحونة يتلفت في الشوارع
    ربما يظن
    أن العجب هرب من السجن بعد ان حكم عليه أربعون عاما .
    غايتو الله معاك
    يا عم خليل
    مع
    العجب
    أنتهت

    (عدل بواسطة درديري كباشي on 02-28-2016, 06:37 AM)

                  

04-09-2016, 09:07 AM

درديري كباشي

تاريخ التسجيل: 01-08-2013
مجموع المشاركات: 3211

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: طاحونة العجب (Re: درديري كباشي)

    *
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de