الدبلوماسي ال عب ؛؛؛؛؛

Quote: أحمد عمرابي.. دولة جنوب السودان (1 - 2) على مدى 22 عاما (ابتداء من عام 1925) كانت الإدارة الإنجليزية الاستعمارية في السودان تنتهج تجاه الجنوب السوداني سياسة تهدف إلى فصله عن بقية البلاد تمهيدا لتحويله إلى دولة مستقلة. ولكن بحلول عام 1947 توصلت الإدارة إلى قناعة نهائية أن الجنوب لا يمتلك أدنى المقومات الأساسية اللازمة للتحول إلى دولة قومية. كان الجنوب ولا يزال يتكون اجتماعيا وسياسيا من عشرات القبائل التي لا يجمع بينها لسان قومي للتخاطب مع بعضها البعض. وكان ولا يزال شغله الشاغل الاقتتال في حروب لا تنتهي. ولم يكن للمنطقة ما يمكن أن يعتبر «اقتصادا وطنيا» بأي حد أدنى سوى الرعي. الإدارة البريطانية كانت آنذاك- قرب نهاية عقد الأربعينيات- تتأهب لتصفية وجودها في السودان استعدادا للمغادرة. وكان ضمن الاستعدادات تحديد مصير الجنوب بعد الاستغناء عن مشروع «الدولة الجنوبية المستقلة». في ذلك الحين كانت هناك دولتان إفريقيتان- كينيا وأوغندا- ملاصقتين جغرافيا لجنوب السودان فرأت الإدارة الإنجليزية تقسيم الجنوب السوداني إلى قسمين وضم أحدهما إلى كينيا والآخر إلى أوغندا مع مراعاة الانتماء القبلي المشترك عبر الحدود.. وذلك كحل نهائي لمشكلة المصير الجنوبي. لكن الإدارة الإنجليزية الاستعمارية في تلك الدولتين الإفريقيتين رفضت التجاوب مع الاقتراح. وهكذا وصلت المشكلة الجنوبية إلى طريق مسدود.. وبالتالي لم يعد هناك خيار أمام بريطانيا سوى إبقاء جنوب السودان مندمجا مع الشمال وجزءا لا يتجزأ منه اضطرارا. ولكن ما أن خرجت الإدارة الإنجليزية حتى اندلعت سلسلة من حركات التمرد الجنوبي المسلح ضد الشمال مطالبة جميعها بالانفصال لإنشاء دولة جنوبية كاملة السيادة. أخيرا تحقق الحلم المسلح. ولكن ما أن انتهى احتفال «الاستقلال» حتى تحولت «الدولة» إلى حرب ميليشيات قبلية شاملة تتقاتل فيما بينها حتى يومنا هذا.