المكتبة السودانية : رواية "صحن الجن"......عادل الامين

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-28-2024, 07:13 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-09-2016, 08:31 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36938

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo (Re: adil amin)

    7udaidah_qa9f_meena2.jpg Hosting at Sudaneseonline.com



    الفصل العاشر
    نـــــون

    عاد مرة اخرى , إلى الساحل الاليف في منطقة الخوخة بعد غيبة طويلة في ربوع السعيدة من عدن إلى حضرموت إلى محافظة الجوف الصحراوية , عاد إلى اشجار النجيل ,السكينة ,حذاء الصيادين , صياح النوارس , امواج البحر , صفير الرياح , كنت تلك معزوفة الطبيعية التي طالما اشجته , عندما كان يجلس على الرصيف البحري الحجري البدائي الذي يمتد إلى داخل البحر , كما يجلس الان بعد ثلاثة ايام فقط من مأساة قتل الصيادين بقصف الطائرات المغيرة ليلا ,كان القمر الشاحب يطل من خلف نتف السحب الهاربة والجو مكهرب وقد يكون غير ذلك , لان معنويات زين في الحضيض ,لذلك غادر صنعاء إلى محافظة الحديدة والساحل للقاء صديقه المرح القديم (نون).
    ظل يحدق في مراه البحر الساكنة وينظر إلى ساعته بين الفنية والاخرى ويحرك ساقيه في ملل , ظهر خطم الحوت ,عن كثب ونفخ رزاز من الماء إلى عنان السماء ,ممزقاً السكينة , ثم اقترب رويدا رويدا , برز الراس الضخم للحوت وعينيه الصغيرتين الطيبتان وردد بصوته الناعم والمترع بالحنان...
    - ما أعجلك إلى يا ابن العنقاء ؟
    - افتقدتك وافتقدت المحاورين الاذكياء من امثالك .
    - كيف هي الاحوال عندك في صنعاء ؟
    - قصف مستمر ومعاناة مستمرة .
    - نعم لقد قتلوا أصدقائي الصيادين قبل ثلاث ايام , وافتقدتهم الآن وحدائهم الجميل"هوي الله ...هوي الله...يا خير ..يا خير دايم...في عموم البلاد والتهايم..هوي الله ...هوي الله " , طفت جثثهم في كل مكان وصبغت دمائهم البحر حتى عدى بحر احمر حقيقي .
    - أمر مؤسف ؟!
    - كنت اجلب لهم الاسماك بموجاتي فوق الصوتية ويصطادون الوفير ويحمدون الله .
    - بلدة طيبة ورب غفور .
    - هل تريدني ان احملك إلى السواحل البعيدة؟!! .
    - لا مطلقاً , جئت افضفض , لقد بدى لي كل العالم تغطية القذارة والرأسمالية الاحتكارية واضحى بلدي السودان والنظام المثبور الذي يخيم عليه مصدر الم وعار مستمر .
    - اهل الحكم في بلدك فقدوا البوصلة والافق والاتجاه وجاءوا بما تمليه عليهم الشياطين .
    - انهم اوغاد وادوات رخيصة ليس الا !!..
    - نخشى ان يفسدوا لكم الدارين ايضاً , السودان الذي كان يصدر القضاة والاطباء والمهندسين والمدرسين لدول الخليج واليمن ,اضحى في زمنهم البائس يصدر المشعوذين والدجاليين إلى دول الخليج والجنجويد إلى اليمن .
    - أضحينا نعيش بي فيزة قرد في الخليج!!..
    - ماذا ..ماذا ..فيزة قرد؟؟ !!
    - قيل ان النظام في أول أيام انقلابه المشؤم اغلق حديقة الحيوان التي تقبع منذ زمن الانجليز جوار القصر الجمهوري وقام بفصل جميع القرود لصالح العام بسبب مؤخراتها الحمراء.. عدوها من الخلايا النائمة للحزب الشيوعي و قد تقوم بانقلاب و القصر قريب ..تم تسريح الأسد العجوز الوحيد فيها وإحالته للتقاعد !!..
    - في الأمر طرفة اليس كذلك أيها الخبيث ؟؟
    - دعني أتداعى أيها البدين.. ولا تقاطعني ..الحديث ذو شجون
    - حصل الأسد المسن على فيزة عمل من الشوارع الخلفية للخرطوم وسافر السعودية
    - ماذا بعد..؟
    - عندما وصل الرياض وضعوه في قفص في حديقة الحيوان وهوي يمنَي نفسه باللحوم من استراليا ونيوزيلندا.. جاءوه بي طبق موز في الإفطار ..أكله على مضض..ثم جاءوه بطبق موز في الغداء ..استشاط غضبا ونادى الحارس : لماذا هذا الموز أين اللحم.. ألا ترى إني أسد؟؟!!..رد الحارس الباكستاني في برود: نعم أرى انك أسد ولكنك دخلت المملكة بفيزة قرد ..وذهبت مثلا!!..
    انفجر الحوت البدين ضاحكا وانقلب في المياه وكرشه الضخم يهتز ,ولد ذلك موجات كادت تجنح بناقلة نفط فنزولية كانت تمخر عباب البحر الأحمر في المياه الدولية..
    - اضحك الله سنك يا خبيث..كدت تزهق روحي !!
    - إذا من الأجدى لي البقاء هنا كمدرس أليس كذلك؟؟
    - اعتقد انه كذلك..حتى يقتنع "الحمار الأحمق" الذي يقبع خلف بحر الظلمات بأنه داس بحافره قفير جيش نمل النار الاحمر واشعل واحدة من أقذر حروب العالم في القرن الحادي والعشرين ..ان اليمن ليست أمريكا وان اليمنيين ليس هنود حمر.. وسننتظر ما يجود به "الفيل المتغطرس" والانتخابات الأمريكية على الأبواب وهم يعيشون الآن مرحلة الركود والبطة العرجاء ...
    - انه كذلك ايها الحوت الحكيم ..أهل هذه البلاد يتفكرون ويتدبرون..حتى بائع "البلس" الأنيق و "الحبحب " وعجلات الايسكريم عند نواصي الشوارع وأيضا بائعي الورود في شوارع صنعاء يفكرون ويتدبرون و يتعلمون من آيات الافاق وآيات النفوس من جامعة الكون .. اني افضل ان اعيش حياة الفكر والشعور في اليمن مع اليمنيين ولا حياة الغرائز في الخليج..بفيزة قرد...
    فجأة صمت الصديقان ,استدار نون برشاقة وضرب البحر بذيله العريض فتكونت دوامة مائية ,اصطفت بها اسماك الكهربائية وأضحت كيبل يجري من عشره ألف كيلو واط وانسابت كالثعبان جنوباً.
    - ماذا فعلت ؟
    - انا اقوم بعملي ولكل نبا مستقر .
    دوى من جهة الجنوب انفجار مكتوم عند ميناء المخا وارتفعت سحب النيران إلى عنان السماء ,حدق زين من الافق الجنوبي في دهشة , رد نون .
    - أغرقت لهم بارجتين , اقتربتا خلسة من ميناء المخا .
    - حسنا فعلت .
    - قلت لك انا اقوم بعملي .
    - ماذا قلت ردد ما قلته ثانياً
    - انا اقوم بعملي
    - يا الله كم انت حكيم يا نون هذا ما جئت ابحث عنه (انا اقوم بعملي!! ).
    - سأعود إلى صنعاء ثم امضى حقبا .
    - إلى اين ؟
    - إلى محافظة صعدة ,إلى صديقي (علي قرنق) الذي يعمل في وحدة صحية مع منظمة أوكسفام وسأقوم بالتدريس مرة اخرى في المدرسة في الجوار وأعود إلى ايام العزلة المجيدة مع حاسوبي الشخصي والراديو واستمع الى برنامج يمن الصمود من اذاعة صنعاء الى مسلسل جارة السوء و الركن اليماني والشعراء معاذ الجنيد وسبا الجهراني والسكينة وبارك الله في الصين وفي الخلايا الشمسية التي تصدرها الى اليمن وتوفر الطاقة الكهرو شمسية للملاين العالقين في هذا الحصار المخزي.
    - اذا على بركة الله .
    - ودعاً صديقي العزيز .
    ردد الحوت بصوته الاخن الناعم...
    - اقترب مني , دعني اقبلك قبلة الوداع , ايها البائس..!!
    استدار زين نحو الساحل واطلق ساقيه للريح , انه يعرف مقالب صديقه المزعجة , قفز الحوت البدين برشاقة في الهواء وانقلب بعد دورة كاملة واغترف بذيله كتلة تسونامي من الماء ,دفعها في اتجاه الرصيف فأخذت تطارد زين الذي ظل يعدو بسرعة العداء الكيني في اولمبياد لندن الاخير ثم غاص في الماء بجسده الضخم وتلاشت ضحكاته المجلجلة وعادت السكينة إلى بحر القلزم مرة اخرى الا من نواح نوارس عابرة جنوباً في موعد مع وليمة بحرية دسمة ,بعد ان اغرقت البوارج وفاضت الجثث.
    *****
    وصل زين بملابسه الغارقة في البلل إلى مدينة الحديدة عصراً ومضى إلى موقف السيارات (البيجو) التي تقل المسافرين إلى صنعاء كان السائق المرح "فيصل الرداعي" ينادي على الركاب ,عندما اقترب منه زين ,جلس زين في المظلة جوار اسرة نازحة تود السفر معه ايضاً إلى صنعاء عائلة مكونة من رجل مسن يبدو انه اصم و امرأه في مقتبل العمر ومتشحة بالسواد وطفلتين , وكان هناك طفل معاق يجلس في كرسي متحرك "ستيفن هيوكنز "* ..يمني يحدق في عوالمه اللامتناهية ,ابتسم لزين وصافحه بحرارة وجلس زين جوار المرأة المسنة وعن كثب كان يجلس ثلاث رجال يتسامرون وهم ايضا من ركاب الرحلة ,ظل السائق المرح ينادي على ركاب اخرين ,وقد تكور (القات) في خده المنتفخ حتى صار في حجم كرة اليد ,حتى كاد ان يطفى عينه اليسرى ,يبدوا انه سيقود السيارة بعين واحدة إلى صنعاء عبر جبال كثيرة ومزالق ملتوية كلفت الكثر من الصينين الذين مدو طريق الحديدة إلى صنعاء و لا زالت مقابرهم شاهدة عند اطراف صنعاء ,طال الانتظار , وبدا حوار يمني يمني بين السائق والركاب الثلاث ,تركهم زين وشأنهم وبدا يتناول اطراف الحديث مع عائلة "ستيفن هوكينز" الذي يلوح له بيديه مع ابتسامته الغامضة ,كان الحديث ذو شجون, نظرت إليه المرأة العجوز وبشكله المشوش ولحيته الكثة وملابسه المجعدة
    - من اي بلاد انت ؟!
    نظر اليها مبتسما
    - انا نازح منذ خمس وعشرين عاما من بلاد كوش..
    - جني ام انسي؟
    ضحك ونظر الى وجه الجدة الممتلئ بالبشر والحبور
    - لا هذا ولا ذاك انا مدرس.. وانتم ؟؟!
    - نحن نازحين من محافظة حجة يا بني ..قصفونا طوال الليل بالطائرات , قتلوا الناس والبهائم واتلفوا المزارع وانتظرنا الفجر ,دفنا موتانا وخرجنا من القرية فراراً من هذا الجحيم , جاءت طوافة (اباتشي) عند الفجر , استمرت تطلق علينا النار ونحن نهرول في بطن الوادي نحو الطريق الاسفلتي البعيد , اصيب ابني خالد بنيرانهم ,كان يسير في المؤخرة ويردد عنا ببندقية الالية .
    صمتت ام خالد وتنهدت في حزن وزين يصغي لها في أسى ويتمتم " امر مشين فعلا ,انه العيب الاسود
    كانوا يتسلون يا ابني بقتل الناس وعندما شارفنا على التلة العالية والشعب الذي تحتها الذي يفصلنا عن طريق الاسفلت البعيد , امرنا خالد بالسير قدماً لاستدراج الطائرة التي كانت تدور في خلاعة فوقنا ,ثم نتسلق التلة بخفة الفهد ,وكمن لهم هناك ,اتمت الطائرة مشوارها فوق رؤوسنا ثم عادت مرة اخرى تطاردنا وتمطرنا بصليات من الرصاص , مرت على علوا منخفض جوار التلة , وكانت في مرمى نيران ابني الشجاع ,أمطرهم بوابل من الرصاص ,سمعنا حشرجة مروحة الطائرة واشتعال النار فيها ثم هوت الى الارض تستعر ,ثم انفجرت بمن فيها وعم الصمت المكان.
    تنهد زين في دهشة بشوبها الارتياح وغمغم "الى جهنم وبئس المصير" .
    - عدنا يا ابني مرة اخرى ودفنا قتلانا وجمعنا اشلائهم من الوادي ودفنا ايضاً ابني خالد وجدناه متوفياً في اعلى التلة وعيناه مفتوحتان .
    حدق فيها زين في فخر واعتزاز
    - مات ابنك كما تموت النسور فعلا ,على قمم الجبال .
    نعميا ابني وهذه هي بندقيته التي اسقط بها الطائرة اللعينة ,
    كانت تضعها في حجرها , ملفوفة بعناية ببطانية وسجادة نظيفة كأنها طفل رضيع ,اخرجتها من أقماطها وناولتها لزين الغارق في الدهشة ,حمل البندقية واخذ يقلبها أمام عينية في إجلال , لمح ملصق على جانبها , يعرفه جيداً " الصرخة "* قول كان يردده المفكر اليمني الراحل حسين بدرالدين الحوثي* مع ثلة من تلاميذه الاوفياء في صعدة وتردده جبال مران , واليوم تؤوب معه كل الجبال في اليمن من جبال هيلان الى فج عطان الى جبل ردفان " الله اكبر ... الموت لأمريكا... الموت لإسرائيل ... اللعنة على اليهود ...النصر للإسلام " أعاد لها بندقية أبنها حملتها بعناية وردتها الى حجرها بعد ان دثرتها بالأقماط , كالطفل الرضيع.
    استغرقته القصة تماماً ,جال في خاطره المكلوم طيف من الماضي أمر قد قرأه في مجلة "المختار" عن مذكرات جندي سوفيتي شارك في الحرب في افغانستان ,"كنت ارى قذائفنا الثقيلة تدك بيوتهم الطينية الهشة وتقتل حيواناتهم العجفاء وتتلف مزارعهم الشحيحة وتمزق اجسادهم الهزيلة المغرورة بالفقر والملغومة بالأمراض فأيقنت أن أمر جلاً سيحدث ستحل الهزيمة النكراء بأمتنا السوفيتية العظيمة والعار ايضاً" .
    - خذ يا ابني قطعة الخبز والشاي أمامك سفر طويل .
    كان يحدق قس الطفلتين الصغيرتين جوار امهما تلعبان بدمى مهترئة قديمة ثم انتبه الى فنجان الشاي الذي مدته له ارملة خالد وقطعة الخبز التي مدتها له امه وتناولهما "نفس قطعة الخبز..!! " بدأ يغشان النعاس مجدداً ,أخذ الخاتم المقدس في اصبعه يصدر طنين وتضئ اجنحته الخضراء ويمور بالالون , يبدو ان هناك روح سامية حلت بالمكان, ارتفعت روحه فوق عارية الجسد وراه ,كان يجلس بين ارملته المتشحة بالسواد وامه المكلومة ,يضع راسه في حجر امه ,ظل ينظر الى زين بعينيه النافذتين وعلى فمه ابتسامة ودودة , فيه كثير من الشبه والملامح من ابنه المعاق الذي يجلس على كرسي ذو العجلات .
    - أخبر أمي "حليمة" يا زين اني لازلت معهم وارعاهم .
    رشف زين من الشاي ونظر الى ام خالد في حبور .
    - ابنك شهيد يا ام خالد والشهداء احياء فقط نحن لا نشعر بهم
    نظرت اليه حليمة ممتنة .
    - ابني خالد مسئول وشجاع وانا فخورة به .
    نظر خالد الى زين في احترام وردد
    - دع زوجتي سعاد تعطيك عليه الدواء الذي يخص ابني مجاهد وساعدهم في الحصول على العلاج و رعاية ابني في صنعاء ,يكاد الهم يقتلها الآن .
    الفت زين الى الارملة الحزينة
    - اعطيني روشته الدواء الني تخص مجاهد ورقم تلفونك ,عندما نصل الى صنعاء ,سأحضر لكم دواء من منظمة أوكسفام من صديقي علي قرنق وسنضع مجاهد في المستشفى العسكري في رعاية الدكتور السوداني عبدالكريم شمس .
    لم تندهش سعاد للأمر , لم يعد هناك ما يبعث على الدهشة في اليمن ,اخرجت المطلوب من حقيبة يدها وناولته له ,بدا طيف خالد يتلاشى تدريجيا وهو يحدق في وجه زين في امتنان.
    - اهل تعرف "الركن اليماني"؟!!
    - نعم انه صديقي.. دكتور عبد الهادي هل تسمعوه أيضا في محافظة حجة ؟!!
    - كل اليمن تسمعه يا أستاذ..نحن قبائل ونعرف أقدار الرجال لقد صمد معنا في زمن الخذلان المبين ..
    - انه يقوم بنفس عمل "المحجوب" زمان عندما أزاح مصر والسعودية من رؤوس اليمنيين في مؤتمر اركويت في السودان وصالح بين الملك فيصل والرئيس عبدالناصر و اوقف الحرب الاهلية في اليمن1967في مدينة عمران عبر الحوار اليمني اليمني.. كلاهما من مدينة واحدة في السودان "الدويم" نسميها مدينة العلم والعلماء ’"الركن اليماني" يحمل "رسالة سلام" ويريد من اليمنيين ان يكونوا صف واحد فقط في وجه العدوان.. اليمن لم تكن بحاجة إلى عروبة مستعارة من مصر أو دين مزيف من السعودية عبر العصور...هي اعرق وأقدم من تملى عليها المشاريع من الخارج..
    - هذا عهدنا بكم ايها السودانيين أوفياء ولن تتغيروا أبدا..
    - هذا واجبنا يا خالد حتى ترقد أرواحكم في سلام .
    مضى زين يرتشف الشاي ويمضغ الخبز العتيق في مرارة , في انتظار السائق المرح , الذي يبدوا انتهى من الحوار اليمني اليمني وتمكن من اقناع الركاب الثلاث بأن يدفعوا فرق المقعد الرابع حتى يرحلوا قبل مغيب الشمس ,وعاد الى زين يسير بخطاه الواثقة ,وجسده المربوع وابتسامته العريضة وكرة القات المنتفخة التي تشوه وجهه الطيب..جلس القرفصاء أمامه ,كان زين يعد له مفاجئة من العيار الثقيل ,اخرج من جيبه ورقتين نقديتين خضراوين لرؤساء متوفين .
    - هذه مئتا دولار امريكي ,اعتقد انها كافية لتوطني ومعي عائلة جدي عبدالحليم المحبشي هذا الى سور الصين العظيم .
    أطلق فيصل الرداعي ضحكة مجلجلة واختطف الورقتين وفركهما جيداً ورفعهما نحو الشمس الغاربة ثم استوى قائماً ورفع ثوبه الابيض وطواه على مقبض الجنبية ,ادخل يديه في سرواله الفضفاض ودس الورقتين في جيب سري أمامي, داخل السروال الواسع الذي يرتدي, أمام قبله وأعاد الثوب إلى مكانه ثم استدار الى الطفل المعاق وحمله برفق ووضعه في حجر جده وحمل كرسيه المتحرك الى السيارة ونادى بصوته الجهوري على الرجال الثلاثة المسافرين , ليستعدوا للسفر الطويل .
    تبسم زين عندما رأى فيصل يشيع هؤلاء الرؤساء الامريكيين المتوفين إلى مثواهم الأخير, على مرمى نيران مدفعه التركي في ذلك السروال العجيب ,عادت به الذكريات الى تلك الايام الطيبة ,زمن العمل في وزارة التربية , عندما كان يتقاطر جل المدرسين العرب من كل انحاء السعيدة الى صنعاء , لصرف مرتبات شهور العطلة الصيفية , بالعملة الامريكية الخضراء ويتكدسون امام البنك المركزي ويأتي الباعة الظرفاء اليمنين ,يبيعون هذا النوع من السراويل المزودة بجيب سري داخلي ,واضحت لهذه السراويل البديعة قصص وطرائف تروى ,حتى ان احد المدرسين الخبثاء اطلق عليها اسم تجاري (دليل المدرس المعار في حفظ الدولار ) , تلك أيام خلت ..ولا تسال عن ما كانوا يفعلون...
    اليوم لم يعد زين في حاجة لهذه العملة الخضراء اللعينة أو تلك السراويل العجيبة , لقد حدد خيارته الاستراتيجية مع صديقه "نون" ,سيترك صنعاء ويمضي حقياً الى صعدة , الى صديقيه علي قرنق ومحمد عايش والمدرسة النائية ,حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً .....
    تراخى الجميع وبدأت الرحلة عند الغروب وبدا زين يستسلم للدوار الناجم عن دوران السيارة في هذه الافعوانية الضخمة المتمددة بين صنعاء والحديدة ..هذه التضاريس الوعرة لن تقهرها إلا السكة الحديد واسترخى في المقعد والمذياع يطلق عين الصمود و زوامل (انصار الله) الحماسية, بعد ساعة ولجت السيارة جبال براع الوعرة اغمض عينيه واسترخي في مقعده جوار السائق , اغمض عينيه وترك اذنه الرادارية تلتقط الاحاديث المرحة للركاب الثلاث في مؤخرة السيارة عن(عاصفة الحزم) قال احدهم انه يحب مريم الامارتية التي تقصفهم بالطائرة كل ليلة , قال انه سوف ينتظرها على قمة جبل نقم ,عاريا كالحقيقة ومنتصباً لتقصفه بصواريخها الخبيثة وتمزقه إرباً إرباً وتنثره في الفضاء ,قال على طريقه هاملت " اكون او لا اكون " سيكون سعيد بهذه النهاية الهاملتية ,قال اوسطهم " سوف اكتب لها تلفوني على قذيفة مدفعي المضاد وانتظرها على التواصل في الواتس اب" , أما الثالث فقد كان اكثرهم خبثاً قال "انه سوف يعطيها احداثيات بيت حماته النكدية حتى تقضي عليها ولا تأتي كل شهر تفتعل الشجار وتأخذ ابنتها عنوه منه " ,كان كل يعبر عن نفسه بطلاقه وانشراح ,يقول الساعة السليمانية للقات بينما كان يخيم الحزن النبيل على المقعد الاوسط والعائلة النازحة "سبحان من اضحك وابكى " , واستمر الحديث سجال بين ثلاثي المرح وزين بين غفوة وغفوة يجمع اطياف حياته والزمان الذي عبر , لم يدري كم مضي عليه.. ايقظه سؤال السائق "لماذا لم تسافر يا استاذ؟؟!"رأى نفسه في قمة جبل مران يحدق بيعني زرقاء اليمامة الى الدمار الشامل الذى حاق بالمكان, الضريح المحطم...الأشلاء البشرية ..البيوت المهدمة... الحيوانات النافقة...المدارس.. المستشفيات ...الطرق... محطات البترول... ابار المياه...جثث ...جثث... جثث ...نساء واطفال و رجال مسنين... ما يسمى "عاصفة الحزم " والحصار الشامل على اليمن ليس عمل سياسي وليس أيضا عمل أخلاقي بل مشروع نموذجي للإبادة الجماعية برعاية الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية المخذولة" ... انطلقت القصيدة البالستية من عقالها:-

    .. صاحَ بي سيدُ الفُلكِ - قبل حُلولِ
    السكينة:
    "انجِ من بلدٍ.. لمْ تعدْ فيهِ روحْ!"
    قلتُ:
    طوبى لمن طعِموا خُبزه..
    في الزمانِ الحسنْ
    وأداروا له الظَّهرَ
    يوم المِحَن!
    ولنا المجدُ - نحنُ الذينَ وقَفْنا
    (وقد طَمسَ اللهُ أسماءنا!)
    نتحدى الدَّمارَ..
    ونأوي الى جبلٍِ لا يموت
    (يسمونَه الشَّعب!)
    نأبى الفرارَ.. و
    ونأبى النُزوحْ!
    كان قلبي الذي نَسجتْه الجروحْ
    كان قَلبي الذي لَعنتْه الشُروحْ
    يرقدُ - الآن - فوقَ بقايا المدينة
    وردةً من عَطنْ
    هادئا..ً
    بعد أن قالَ "لا" للسفينة
    .. !!وأحب الوطن

    مع تباشير الفجر وصلت السيارة صنعاء إلى باب اليمن ,يبدو ان الثلاثي المرح نزلوا عند مدخل المدينة , استفاق زين على صوت مألوف ومحبب لديه جواره ".
    - مرحبا بك مرة اخرى في صنعاء .
    هب كالملسوع
    - تبا لك يا آصف !!..
    أصبح السائق المرح آصف ونظر إلى صديقه الدود وابتسم :
    - كل منا يؤدي عمله , اليس هذا ما قاله البدين نون ؟!! .
    - إذا ودعاً ,قد لا نلتقي ثانية أني مزمع على الرحيل إلى صعدة او أمضي حقبا في مقبل الايام إلى التدريس والمدارس إلى اصدقائي علي قرنق ومحمد عايش في ناحية "باقم" .
    - إذا في امان الله...
    - في امان الله ...
    تحرك آصف بالسيارة إلى حيث اتفقا ,يوصل العائلة النازحة إلى بيت صهرهم في سعوان....

    *****












    (عدل بواسطة adil amin on 02-09-2016, 10:24 AM)
    (عدل بواسطة adil amin on 02-17-2016, 01:23 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
المكتبة السودانية : رواية "صحن الجن"......عادل الامين adil amin01-30-16, 11:35 AM
  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquot;.. adil amin01-30-16, 11:38 AM
    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-30-16, 11:39 AM
      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-30-16, 11:40 AM
        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-30-16, 11:56 AM
          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo Frankly01-30-16, 12:11 PM
            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-30-16, 12:35 PM
              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-31-16, 10:14 AM
                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-31-16, 10:22 AM
                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-01-16, 11:27 AM
                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-02-16, 10:52 AM
                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-03-16, 12:21 PM
                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-04-16, 08:48 AM
                          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-06-16, 11:26 AM
                            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-07-16, 11:16 AM
                              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-08-16, 11:12 AM
                                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-09-16, 08:31 AM
                                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-10-16, 12:30 PM
                                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-11-16, 09:13 AM
                                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-11-16, 09:15 AM
                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-13-16, 10:59 AM
                                          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-17-16, 01:06 PM
                                            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-18-16, 08:32 AM
                                              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-18-16, 08:37 AM
                                                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-18-16, 09:52 AM
                                                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-18-16, 09:58 AM
                                                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-20-16, 01:51 PM
                                                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-23-16, 01:12 PM
                                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo othman mohmmadien02-23-16, 07:20 PM
                                                          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-24-16, 10:06 AM
                                                            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-27-16, 12:11 PM
                                                              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-29-16, 11:09 AM
                                                                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo othman mohmmadien03-02-16, 06:50 AM
                                                                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-02-16, 12:30 PM
                                                                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo othman mohmmadien03-02-16, 03:47 PM
                                                                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-03-16, 08:41 AM
                                                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-03-16, 09:46 AM
                                                                          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-05-16, 11:47 AM
                                                                            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-05-16, 11:49 AM
                                                                              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-05-16, 11:53 AM
                                                                                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin05-20-16, 04:14 AM
                                                                                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin05-20-16, 04:33 AM
                                                                                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo بريمة محمد05-20-16, 06:22 AM
                                                                                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo Kabar05-20-16, 07:41 AM
                                                                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin05-21-16, 12:40 PM
                                                                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin05-21-16, 12:47 PM
  المكتبة السودانية:رواية صحن الجن sadig mirghani05-21-16, 12:58 PM
    Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin05-21-16, 02:13 PM
      Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin06-20-16, 10:03 AM
        Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin10-30-16, 04:45 AM
          Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin12-06-16, 03:35 AM
            Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin12-06-16, 03:47 AM
              Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin01-17-17, 04:39 AM
                Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin01-28-17, 07:32 AM
                  Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن mustafa bashar01-28-17, 02:26 PM
                    Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin01-28-17, 02:49 PM
                      Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin02-25-17, 08:49 AM
                        Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-02-17, 03:58 AM
                          Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-02-17, 04:12 AM
                            Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-02-17, 04:28 AM
                              Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-03-17, 06:11 AM
                                Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-25-17, 04:09 AM
                                  Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-25-17, 04:25 AM
                                    Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin04-27-17, 03:52 AM
                                      Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin04-27-17, 03:57 AM
                                        Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin08-29-17, 10:08 AM
                                          Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin08-29-17, 10:11 AM
                                            Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin09-05-17, 02:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de