المكتبة السودانية : رواية "صحن الجن"......عادل الامين

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 09:45 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-07-2016, 11:16 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36927

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo (Re: adil amin)

    .. الفصل الثامن
    آصف

    اقتربت السيارة العسكرية المحملة بأفراد الجيش واللجان الشعبية من المقهى في شارع مأرب جوار سوق القات الذي يجلس فيه زين مع صديقه العجيب "آصف", قفز من سيارة الجنود رجل موفور الصحة , حليق الوجه طلق المحيا, يحمل بندقية آلية واقترب منهما ,نظر آصف إلى القادم في إشفاق
    - هذا صديقك د. حمود من غير لحية وكحل , ما كنت ستعرفه وقد عرفك
    نظر أستاذ زين إلى القادم في ابتهاج مرتبك وقد لاحظ غلالة من الحزن العميق تحيط بالرجل , أردف آصف .
    - دعه لي إنه محطم الدواخل , سأتقمصك سريعاً , امسك بيدي وردد ما أقول (طسم).
    مد زين يده ووضعه على يد آصف المبسوطة أمامه وأغمض عينيه مردداً.
    - طاء , سين , ميم ..
    اختفى آصف وحدث تحول طفيف في شكل وهيئة زين والتفت إلى د.حمود الذي تسمر في مكانه وبدأ عليه الارتباك الشديد .
    كان يرى زين ومعه رجل , وألان يراه وحده , قطع آصف المتقمص فضوله.
    - أهلا يا دكتور حمود (الدب) أنا زين .
    انفرجت أساريره , نهض زين واحتضنه واجلسه أمامه وضع بندقيته الآلية في المنضدة وقال في حسرة.
    - قتلوا أمي صنعاء يا زين , وزوجتي وبنتاي ولم يبقى لي سوى محمد .
    - عظم الله أجرك والدوام لله .
    - الأوغاد .. اختلفت معهم في الاجتماع الأخير وقلت أن الحرب الشعواء ضد كل اليمن وليس ضد الحوثيين , شتموني وهددوني وكان ما كان, أعطوهم الإحداثيات وقصفوا بيتي في منطقة الجراف , ماتت أمي يا زين!! .
    - لا صنعاء لم تمت , بل ولدت في مكان آخر , أنجبتها مريم أخرى في مستشفى السبعين عند أخوك لطف .
    - نعم ذهبنا أنا وأمي والعائلة ورأيناها الأسبوع المنصرم
    - أنت ايضاً ولدت من جديد مع "أنصار الله"...
    - نعم ..بحثت عنك كثيراً , بعد أن جاءني الإبصار وراجعت كل الماضي المشين مع الجماعة وأحاديثك الحكيمة في صالون أبي في البلدة.
    - أنا ايضاً كنت أراك في فضائيتكم "سهيل" وعرفت عنك الكثير , انك أكملت شهادة الدكتوراه في جامعة عين شمس في مصر , وأصبحت عميد كلية الآداب في "جامعة الإيمان " في العوام الثلاثة الأخيرة العجاف.
    - نعم كانت عجاف وفجر كاذب لم نحصد منه سوى الفرقة والشتات .
    - هل تذكر القصص التي كنت ارويها لأخيك الصغير لطف وأنت تسترق السمع هادئاً ولا تبالي , أي من هذه القصص يناسب ما نحن عليه الآن؟! , الضبع والثورين أم الفأر الحكيم
    جاهد حمود الابتسام بصعوبة ومن غلاله حزنه العميق تنهد .
    - و الله , لم اعد اذكر , لقد اتلفوا دماغي تماماً هؤلاء الأوغاد .
    - إذا دعني أعيد لك احدهما " كان هناك فأر وديك وكبش وثور يعيشون في مزرعة رجل شرير , في ذات يوم صنع هذا الرجل شرك لقتل الفأر , مضى الفأر إلى أصدقائه الثلاثة وقال لهم : صاحب المزرعة يريد قتلي وقد اعد لي شرك في مطبخ بيته , قال له الديك , وماذا يعنيني ؟وقال له للكبش : هذا شانك معه!! , وقال له الثور" تصرف أنت , عاد الفأر حزينا ليس بسبب مكيدة صاحب المزرعة بل بسبب خذلان أصدقاءه له , جلس في جحره يتأمل , في اليوم التالي لسوء حظ زوجة صاحب المزرعة , امسك الشرك حية سامة رقطاء وجاءت تتخافت ظناً منها انه امسك بالفار المسكين فلسعتها الحية السامة , سرى السم في جسد المرأة ومرضت ونصح الأطباء والمشعوذين زوجها بذبح ديك حتى تشفى , فذبح الديك ثم توافد الأهل والأقارب لعيادتها فذبح الرجل الكبش إكراماً لهم ثم توفت الزوجة بعد المرض العضال وتوافد المعزيين من كل عزلة وبلده فذبح المزارع الثور لإطعام ضيوفه".. مارايك الآن يا عزيزي ؟
    - نعم فهمت الآن لم يكن الأمر إيران أو مجوس أو حوثيين* أو عفافيش* , كان الأمر تدمير كل اليمن , حصار كل اليمن وإذلال كل اليمنيين .
    - وأكلتم يوم أكل الثور الأبيض كما هي القصة الأخرى , تكون تذكرتها الآن .
    - نعم هو كذلك , كنت فعلا حكيم , سامحني يا أستاذ زين تحملتني كابي تماما .
    - أنت إنسان نقي وفيك خير كثير لذلك كان يحبك أبيك وكنت احبك ايضاً , وأهلنا الصوفية يقولون " من لم يأتي بلطائف الإحسان , جرجره الله بسلاسل الامتحان " والله يحبك ايضاً وجعلك تكون الآن في المكان الصحيح .
    - نعم نحن ذاهبون إلى عمق ارض العدو , لن أقاتل من هم أدنى وعيا مني في الداخل , نحن ذاهبون إلى نجران .
    مد آصف يده وامسك بيد حمود مردداً في نفسه " قليل من هرمون السعادة "السيرتونين" لن تضير مع شيء من الطب الصيني , نقل الخاتم المقدس تيارات وشلالات عصبية كهربائية عبر قنوات الطاقة في يد حمود إلى مراكز الدماغ وبدا الفرح والسرور يزحف نحو وجهه المتجهم , وغمرته السعادة فجاءة وتبددت أحزانه ولم تمض لحظات حتى ناده رفاقه الجنود بعد ما اشتروا ما يكفيهم من قات للرحلة الطويلة وودع صديقه بحرارة وكأنما تذكر شيئاً .
    - تركت ابني محمد مع عمه لطف , حتى يدرس لم تعد هناك مدارس في نواحي كثيرة وقد أصبحت المدارس مأوى للنازحين.
    - حسنا فعلت ..
    ادخل اصف يده في جيبه واخرج كتيب اخضر ناوله لدكتور حمود مرددا
    -هذا كتاب أدعية من القران كان المهدي يقرءاها مع مريديه الدراويش المحاربين الأشداء الحفاة و يسمونه في السودان "الراتب"*..استخدمه الأنصار في القرون الماضية في هزيمة الأتراك وتمريغ انف "الباش بذوق" الغزاة في التراب...
    حمل حمود الراتب ودسه في سترته العسكرية بعناية ونهض مودعا زين بابتسامة عريضة..
    - مع السلامة
    - في أمان الله
    وابتعد تشيعه نظرات زين العطوفة , تسلل آصف خلسة من جسد زين وجلس قبالته تنهد زين و رمقه شذراً:
    - تبا لك يا آصف ؟
    - ماذا بك ؟
    - كيف تعرفت على كل هذه القصص والحكاوي والذكريات وحياتي السابقة مع عائلة العم صالح في تلك القرية البعيدة في سهول تهامة ,هل كنت دائماً معي ؟! أذا علي أن استحم من الآن فصاعد بكل ملابسي .
    انفجر آصف ضاحكاً وردد بصوته المعدني الساحر .
    - يا لك من غبي , لقد تقمصت جسدك فقط واستعرت اجزاء من ذاكرتك ما يخص حمود وقلت له كلام يسعده وذودته بجرعات من هرمون السيرتونين "اكسير سعادة" مع شي من الطب الصيني , كان عليك أن تشكرني على ذلك .
    - إذا الأمر هكذا , وأنت غير مطلع على حياتي الشخصية !!.
    - لا ذاك في علم الله , الله وحده المطلع على عباده .
    - أود أن اعرف كيف حصلت على راتب المهدي* ؟!
    - يا لك من غبي ..أنا آصف هل يعجزني ذلك؟!!
    - انعم وأكرم ..حديثك له كان رائعاً , أعدت له فطرته الطبية وسجيته التي شوهها له هؤلاء الأوغاد والتعليم المزيف المخيم على اليمن والمنطقة .
    - نعم أضحى الآن يحمل (شريحة واحدة)* أصلية كامتداد لإرثه الحضاري .
    وذاكرته الجينية الجبارة , المليئة بالتجارب البطولات .













    *****
    خرج من مقهى الانترنت عند جولة سبا مع تعالي آذان الظهر من مسجد في الجوار , سار مشواره
    المعتاد إلى مطعم (أبناء حضرموت) عند نهاية الجسر الذي يعلو الطريق أمام مطعم الشلال العتيق وجدها تجلس مسحوقة على الأرض في أسمالها البالية السوداء, امرأة نازحة , أمام المطعم الشعبي , تقطع قلبه عليها وهو المتمرس منذ أمد بعيد على مرارة النزوح وما يفعله في كرامة الإنسان والحروب الهمجية في بلده السودان , عندما يفقد الإنسان حياته الطبيعية , البيت , المزرعة , حيواناته الأليفة , الزوج , الأبناء , الأقارب , دفء العائلة , ويضحى الإنسان "عزيز قوم ذل " , وعيب العيوب الأسود أن تنفق دولة مترفة وفاحشة الثراء المليارات من العملة الأمريكية القذرة في شراء السلاح الباهظ التكاليف وتستخدمه في سحق هؤلاء الفقراء والمساكين في اليمن , في كل اليمن وفي محافظة صعدة تحديداً حيث لا يزيد دخل الفرد على نصف دولار...
    كان في جيبه ورقة مالية وحيدة من فئة خمسمائة ريال يمني بالكاد ستوفر له غذاء متواضع ,قوامه نص رز و ربع دجاج فرن , ولكن طيف المرأة أمامه , أطلق ذكريات مريرة عن حروب خليفة الأخوان المسلمين "عمر البشير" العبثية التي جاءت بكل أبناء الهامش في السودان إلى مركز البلاد الخرطوم , يقيمون في خيام من الخيش او الكرتون المحض تحت الشمس المحرقة ويمارسون الأعمال الهامشية وكل ما يحط من قدر وكرامة الإنسان وامتهان للنساء النازحات , حتى عندما يعملن بائعات للشاي من الطرق والأسواق لا تنجو تجارتهن من الشرطة الشريرة و "الكشة" .
    ادخل يده في جيبه بحثاً عن الورقة الأخيرة , أخرجها ومدها للمرأة التي رفعت وجهها المتجهم وعيناها المشربتان بالدموع وأمسكت بيده تم صعقه صوت صديقه (آصف) المعدني الساحر .
    - أنا آصف يا ابن العنقاء , شكر الله سعيك!! .
    اختفت المرأة المسكينة وحل محلها موظف مربوع القامة يرتدي بدلة حديثة ونظارة طبية , ويحمل حقيبة سوداء وصحيفة "اليمن اليوم"...
    - أنا الآن "عابد الجندي" , موظف في الوزارة في الجوار "الإدارة المحلية ", عضو لجنة دائمة في حزب المؤتمر الشعبي , ماذا ترى الست رائع الجمال ؟
    - انعم وأكرم , لماذا فعلت بي ذلك يا آصف مزقت قلبي ؟
    - قلت اختبرك , هل لازلت مستيقظاً أم من هؤلاء السائرون نياماً.
    - حمد الله انك في دور عضو المؤتمر الشعبي العام وليس دور المرجفين في المدينة.
    - هل تعني أصحاب "بضاعة خان خليلي" والنسخة المنتهية الصلاحية؟
    - نعم ومن غيرهم يجعلك تشعر بالسوء في هذه المرحلة !!.
    - ولماذا أتقمصهم أو ارتدي هذا القناع وتعج بهم مقايل ومجالس المدينة , يمضغون القات والكلام , والثقافة المعلبة والوعي المتخشب الذي عفا عليه الزمن , وأنت كنت تنفق معهم الساعات الطوال .
    - لقد تركت هذه العادة السيئة منذ أمد بعيد وأصبحت من رواد نادي القصة (المقة)* ,تجد مثقفين حقيقيين ومثقفات حقيقيات وشباب من كل أطياف اليمن الثرى والتنوع .
    - وماذا عن الآخرين ؟
    - أن "عاصفة الحزم" هذه صنفت وأصبحت عملية فرز حقيقية في كل الأوساط اليمنية فرز فكري وثقافي وسياسي وأخلاقي ايضاً .
    - فعلا لا يمكن أن نطلق على شخص يؤمن بنصف الشعب ويكفر بنصفه الآخر مثقف.
    - هذه البضاعة كانت معششة عندنا في السودان منذ الاستقلال وفارقنا مسار الديمقراطية الذي تركنا عليه الانجليز ودخلنا في غيبوبة الناصرية ثم الاخوانية وانتهينا إلى حيث حطت رحلها أم قشعم .
    - فعلا هم يستنسخون تجارب الآخرين ويصدرونها إلى اليمن وان ما أدخلنا في هذا الوضع تحت يافطة (ارحل) .
    - يا أخي الجندي ,الثورة لا تستنسخ وترحل من مكان إلى مكان ,ولكنهم يكررون في فضائية الجزيرة نفس ما كان يرددونه في إذاعة صوت العرب.
    - رغم ان رئيس وزراء السودان الراحل محمد احمد المحجوب استطاع إيقاف الحرب الأهلية في اليمن 1967 وماكينة الموت الرخيص والمقابر الجماعية بأبعاد مصر والسعودية عن جعل اليمن كيس ملاكمة والزج بصراعاتهم الايدولجية فيها وتمكن من إقامة مصالحة بين كل اليمنيين في مدينة عمران , ولا احد يحتفي بهذا الدور السوداني المشرف أبدا من هؤلاء المثقفين في أعياد الثورة.
    - نعم شيء مؤسف أن لا يثمن أهل السياسة في اليمن والخليج الدور السوداني في تلك العصور الذهبية للسودان .
    - إنهم يرحلون الأزمات والوعي المأزوم عبر الأجيال كما تفعل هذه القرود" مجموعة من العلماء و ضعوا 5 قرود في قفص واحد و في وسط القفص يوجد سلم و في أعلى السلم هناك بعض الموز في كل مرة يطلع أحد القرود لأخذ الموز يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد
    بعد فترة بسيطة أصبح كل قرد يطلع لأخذ الموز, يقوم الباقين بمنعه و ضربه حتى لا يرشون بالماء البارد
    بعد مدة من الوقت لم يجرؤ أي قرد على صعود السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات خوفا من الضرب بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة و يضعوا مكانه قرد جديد فأول شيء يقوم به القرد الجديد أنه يصعد السلم ليأخذ الموز ولكن فورا الأربعة الباقين يضربونه و يجبرونه على النزول..
    بعد عدة مرات من الضرب يفهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يصعد السلم مع أنه لا يدري ما السبب قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد و حل به ما حل بالقرد البديل الأول حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب و هو لا يدري لماذا يضرب و هكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد بدئوا مع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه صعود السلم بدون أن يعرفوا ما السبب لو فرضنا .. و سألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يصعد السلم؟ أكيد سيكون الجواب : لا ندري ولكن وجدنا آباءنا وأجدادنا هكذا عملياً هذا ما نطبقه نحن في أعمالنا وحياتنا اليومية نبقى في الروتين خوفاً من التغيير !!!رغم أن إيقاع الزمن الدوار ابتلع الزامر والمزمار وكسدت كل البضاعة التي صدرتها لنا مصر وعجزت الانتلجنسيا اليمنية عن توطينها في اليمن عبر العصور . الآن كسدت في بلد المنشا نفسها" مصر "وأضحى اليتفرج ما يشتريش"...فماذا بعد؟؟!!
    - الحلقة المفقودة في الداروينية السياسية في اليمن الآن و منذ الوحدة هي المحكمة و الدستورية العليا , الركن الأساسي في بناء الدولة المدنية والحكم الرشيد ونقل النزاع السياسي المسلح بين الفرقاء إلى منصات القضاء الدستوري .
    هكذا أدار عابد الجندي الحوار مع زين في مطعم يعج بالزوار من كل نوع , طلاب من حضرموت يراودهم الحنين لمأكولاتهم الشعبية ,موظفي شركات وبنوك والوزارات في الجوار , كذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد, هكذا أيضا يتم نشر الوعي المضاد للمرجفين في المدينة كواحدة من عبقريات (آصف) المتجلية .
    تناولا الطعام وخرجا أمام المطعم, فجأة التفت آصف في غضب , راوده الإحساس بأمر ما قد يحدث,شاهد رجل على الجانب الآخر من الطريق الإسفلتي ينزل من سيارة مريبة بلا أرقام, يسير مترنحا بإعاقة زائفة , يريد عبور الطريق إلى حيث يجلس ثلة من الجنود أمام بوابة "وزارة الإدارة المحلية " .
    - اللعنة هذا "إرهابي " , دعني أحسم أمره , وداعاً صديقي زين .
    اختفى آصف فجأة ولمح زين الرجل المترنح يستدير فجأة وقفل عائداً إلى السيارة المريبة التي أنزلته عند السائلة القديمة, جوار بيوت المهمشين في حي الحصبة "يبدوا أن آصف قد تقمصه" , انفجر الرجل وتناثرت أشلاءه في الفضاء وارتج المكان واحترقت السيارة بمن فيها وعم الرعب المكان للحظات ثم انطلق عويل سيارات الشرطة والإسعاف وتقاطرت إلى المكان , لم تكن هناك خسائر في الجوار سوى الخلية الإرهابية و فر أبناء المهمشين , الأطفال الذين كانوا يلعبون أمام بيوتهم المتواضعة التي تشبه خلايا النحل واخذوا ينظرون من النوافذ الضيقة إلى السيارة المتفجرة والأشلاء التي غطت المكان .
    انساب صوته المعدني الآسر من المجهول إلى أذني زين الغارق في الرعب والدهشة .
    - الجزاء من جنس العمل وعلى الباغي تدور الدوائر , وداعاً قد لا تراني ثانياً.
    كان زين يعرف انه يمزح حتما سيعود كالمعتاد ,هذا أمر اعتاده زين منذ عشرات السنين ,عندما التقاه أول مرة في مسجد القبة أثناء تلاوة سورة يس الجماعية بعد صلاة المغرب , أخذت الأحزان زين عندما سمع نبا وفاة والده قبل سبع سنوات إلى ذلك المسجد العتيق في ميدان التحرير ,عندما تعالى آذان المغرب جلس بعد الصلاة وهو غارق في الأسى , جلس جواره رجل في مقتبل العمر , موفور الصحة جميل التقاطيع مبتسماً همس في أذنه " عظم الله أجرك " نظر اليه زين في دهشة , كان يضيء كأنه مزود بتيار كهربائي وفي ختام الدعاء الذي أدهش زين انه ردد الترحم على والده باسمه كاملا وردد من في المسجد الاسم أيضا كأنه يتحكم فيهم بطريقة غامضة وعندما توفيت والدته ايضاً في العام المنصرم تكرر نفس المشهد وأضحيا صديقين حميمين , تمتد علاقتهما بين مسجد القبة مروراً بالمتحف الوطني ويفترقا , زين يتجه نحو موقف السيارات والعودة إلى البيت في الضاحية البعيدة , آصف يستدير راجعاً , وشاهده مرة زين , يغوص عبر باب المتحف الوطني الأثري الكبير المغلق وفي اليوم التالي تساءل منه :
    - أنت تقييم في المتحف الوطني ؟
    - لا أنا أقيم في صنعاء القديمة كما أخبرتك مراراً
    - أنت تضئ ,. أنت لست بشراً ؟
    ضحك آصف ساخرا و ردد بصوته المعدني الساحر
    - إنا لا اضىء انظر إلي ملياً هل أنا اضىء ؟!!.
    - انت تختفي أحيانا وتظهر وتتركني كأني مجنون أحادث نفسي في الطريق وأثير رثاء المارة واسمع تعليقاتهم الاسيفة "السوداني المسكين صار يحاكي نفسه"....
    - أنا لا اختفي ,دعك من هذه الأوهام .
    - من أنت ؟
    - أنا آصف .
    - تباً لك يا آصف !!..
    استشاط من أسائلة زين المزعجة والتفت إليه وأوقفه وأداره نحوه وامسك بكلتا يديه
    - هي تحسس راسي ووجهي...هل أنا غير مرئي؟؟!!
    - ليس الأمر كذلك يا عزيزي..
    وغمزه مازحا...
    - هيا تحسس في الأسفل...لتعرف إني بشر أيضا !!
    بهت زين من بجاحة صديقه اللدود..وانفجر ضاحكاً
    - توقف إلى هنا!!...لن أزعجك مرة أخرى بإسالتي الغبية..
    قهقه آصف ..حتى ضحكه أخاذ وساحر...
    - دعنا نكون صديقين حميمين..كل منا يقبل الأخر على علاته..
    - وهو كذلك..
    - لا تزعجني مرة أخرى ..أنا أقوم بعملي.
    وينتهي الحوار من حيث بدا في بحور الطلاسم وأسرار اليمن التي لا تنتهي , والعالم الخفي الكبير الذي لا يعقله الكثيرين.. ومع كل ذلك شاهده زين في زجاج سيارة عابرة يغوص ويتلاشى في بوابة المتحف التاريخية والأثرية الضخمة هذه المرة ايضا...





    (عدل بواسطة adil amin on 02-17-2016, 01:21 PM)

                  

العنوان الكاتب Date
المكتبة السودانية : رواية "صحن الجن"......عادل الامين adil amin01-30-16, 11:35 AM
  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquot;.. adil amin01-30-16, 11:38 AM
    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-30-16, 11:39 AM
      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-30-16, 11:40 AM
        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-30-16, 11:56 AM
          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo Frankly01-30-16, 12:11 PM
            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-30-16, 12:35 PM
              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-31-16, 10:14 AM
                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin01-31-16, 10:22 AM
                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-01-16, 11:27 AM
                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-02-16, 10:52 AM
                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-03-16, 12:21 PM
                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-04-16, 08:48 AM
                          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-06-16, 11:26 AM
                            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-07-16, 11:16 AM
                              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-08-16, 11:12 AM
                                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-09-16, 08:31 AM
                                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-10-16, 12:30 PM
                                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-11-16, 09:13 AM
                                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-11-16, 09:15 AM
                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-13-16, 10:59 AM
                                          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-17-16, 01:06 PM
                                            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-18-16, 08:32 AM
                                              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-18-16, 08:37 AM
                                                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-18-16, 09:52 AM
                                                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-18-16, 09:58 AM
                                                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-20-16, 01:51 PM
                                                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-23-16, 01:12 PM
                                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo othman mohmmadien02-23-16, 07:20 PM
                                                          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-24-16, 10:06 AM
                                                            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-27-16, 12:11 PM
                                                              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin02-29-16, 11:09 AM
                                                                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo othman mohmmadien03-02-16, 06:50 AM
                                                                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-02-16, 12:30 PM
                                                                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo othman mohmmadien03-02-16, 03:47 PM
                                                                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-03-16, 08:41 AM
                                                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-03-16, 09:46 AM
                                                                          Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-05-16, 11:47 AM
                                                                            Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-05-16, 11:49 AM
                                                                              Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin03-05-16, 11:53 AM
                                                                                Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin05-20-16, 04:14 AM
                                                                                  Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin05-20-16, 04:33 AM
                                                                                    Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo بريمة محمد05-20-16, 06:22 AM
                                                                                      Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo Kabar05-20-16, 07:41 AM
                                                                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin05-21-16, 12:40 PM
                                                                                        Re: المكتبة السودانية : رواية andquot;صحن الجنandquo adil amin05-21-16, 12:47 PM
  المكتبة السودانية:رواية صحن الجن sadig mirghani05-21-16, 12:58 PM
    Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin05-21-16, 02:13 PM
      Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin06-20-16, 10:03 AM
        Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin10-30-16, 04:45 AM
          Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin12-06-16, 03:35 AM
            Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin12-06-16, 03:47 AM
              Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin01-17-17, 04:39 AM
                Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin01-28-17, 07:32 AM
                  Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن mustafa bashar01-28-17, 02:26 PM
                    Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin01-28-17, 02:49 PM
                      Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin02-25-17, 08:49 AM
                        Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-02-17, 03:58 AM
                          Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-02-17, 04:12 AM
                            Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-02-17, 04:28 AM
                              Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-03-17, 06:11 AM
                                Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-25-17, 04:09 AM
                                  Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin03-25-17, 04:25 AM
                                    Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin04-27-17, 03:52 AM
                                      Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin04-27-17, 03:57 AM
                                        Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin08-29-17, 10:08 AM
                                          Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin08-29-17, 10:11 AM
                                            Re: المكتبة السودانية:رواية صحن الجن adil amin09-05-17, 02:29 AM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de