|
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� (Re: Kabar)
|
احمد..حبابك يا صديق وحباب ضيوفك هنا.. والتحية لأستاذنا دكتور عبد العزيز حسين الصاوي..واستاذنا محمد على جادين ، وهم فتية قرانا كراساتهم ومقالاتهم المتفرقة ، التي تصب في نهر التنوير في امسودان ..! بالطبع لا استطيع ان اكتب باللغة الرزينة الصبورة كما يفعل اولئك الأساتذة ، ولكني ساكتب بلغة التواصل اليومية العادية ، وعزائي ان تصل الفكرة..! دعنا نبدا من عبارة صديقنا ول ابا ايمن نواي (نفس هذه المشاكل ستواجه دولة ما بعد الإنقاذ)..! في الأسبوع الماضي ، تهيأت لي فرصة بعض الأيام (نظام اجازة وكده) وانقفت جزء منها في مراجعة اشياء غريبة قد لا تخطر على بال احد (بالطبع كتر خير تكنولوجيا التواصل ) فلقد انفقت بعض وقتي في الإستماع للبيان الأول لعبود ، جعفر نميري ، هاشم العطا ، حسن حسين عثمان ، محمد نور سعد، سوار الدهب ، وعمر البشير..كل هذه البيانات تشترك في مفهوم واحد (الفساد) وهو مفهوم تبريري يستغلونه لتوضيح لماذا امتطوا صهوة الحكم في السودان..او لماذا فكروا في امتطاء صهوة الحكم..!! اذن يا صديقي ، الفساد خصلة وممارسة متجذرة في ذات الكائن السوداني ، وعلى مر السنين..ولكن لماذا الفساد؟..لماذا يفسد الكائن السوداني ؟ بصورة ادق لماذا يميل الكائن السوداني لإرتكاب الفساد؟ هل لأننا نعاني ازمة اخلاق؟ هل لأننا نعاني ازمة شفافية؟ هل لأننا نعاني ازمة احترام القانون؟..هل لأننا (شرفانين) ويتملكنا الخوف الدائم مما يدفعنا لإستغلال الفرص؟.. فالجانب المكمل لفكرتك هنا ، ليس فقط في سؤال: كيف نسترد المال العام المنهوب ، وانما كيف يمكننا ان نمنع او نوقف ظاهرة النهب تلك..! في زيارتين للسودان (2012 ، 2015) تعرضت لتجارب صغيرة وهي توضح كيف يتم الفساد.. ففي مطار الخرطوم تلتقي بعض الناس (وهم نظاميون : نساءا ورجالا) يلحفون عليك ان تدفع بعض المال لـــ(تسهيل اجراءاتك) ، ياخي واحد قريبنا ورجل شرطة ، كان يلحف علي ان ادفع له مليون جنيه سوداني حتى يخرج لي ارقام وطنية لإسرتي (زوجتي ، بناتي الإثنين وشخصي) ، وحينما قلت له ان الرقم الوطني في السودان مجاني ولا يحتاج مثل هذا المبلغ ، طلعت انا الكعب البخيل الجلدة.. نفس الأمر ، في المطار ، حينما قلت لمواطنة لابسة زي رسمي بان ختم الدخول لا يحتاج المبلغ الذي طلبته ، تعرقلت اجراءات خروجي من المطار (ياخي ديل شالوا الحقائب وضعوها في سير عفش غير السير الطبيعي بمظنة ان تضيع ولا اجدها ، وان يتم تأديبي على صراحتي ورفضي للفساد..!!).. في مدينة الدلنج ، زارني احد اعمامي (وهو رجل يساري ، وقدوة بالنسبة لتجربتي في الحياة) وكان ينصحني بنصيحة غريبة وعجيبة لا تشبه تاريخه الشخصي وتجربته الناصعة التي نقتدي بها ، فقال لي بكل بساطة: شوف ليك زول كبير في الحكومة وادفع ليهو عشان تعمل مشاريع استثمارية في السودان..!!..طبعا ضحكت وقلت له: صدقني لو فكرت في استثمار ، لن يكون في السودان ، فاعتبرني الرجل رأس مال جــــبان وهارب..!! هذه النماذج المبسطة توضح لنا فكرة الفساد الذي صار اخلاق سودانية عادية ، لدرجة ان المزاج العام يحترم البلطجي/الفهلوي/التفتيحة الذي يعرف كيف يسلك اموره ، فيستفيد ويفيد غيره..!! تقرير نشرته منظمة الشفافية الدولية ، واراجعه باستمرار ، عن الفساد في السودان. التقرير يرسم صورة مبسطة وواضحة عن الفساد في السودان: كيف يتم ، صوره ، سواءا كان فساد مالي ، سياسي ، اداري ، محسوبية ، غياب الشفافية ، ضعف القوانين ، اساءة استخدام السلطة...الخ..! ولتحديد صور الفساد ، تعرض التقرير لمؤسسات سودانية مثل ( الشرطة ، التعليم ، الصحة ، القضائية ، مصلحة الأراضي ، الضرائب ، الجمارك ، مصلحة التسجيلات..وغيرها).. وعمل التقرير استبيان مباشر ، حيث افادت العينات بانها تدفع الرشوة وذلك لتسهيل وتفعيل وتسريع الإجراءات..وحتى المستثمر الأجنبي قد شكا من هذه الممارسات المتلوية..! ولقد تعرضت انت لإحد الأرانيك المالية وضعفها والثغرات فيها والتي يستغلها البعض ليفسد ويحقق مصلحة عابرة ومؤقتة ، ضاربا بعرض الحائط بما يسمى بالمصلحة العامة..!! ولمصلحة رحلة (التنوير/ الإستنارة) الشاقة ، فاقول لك بكل صراحة ، وهو قول سيضعني في مشاكل كثيرة ، ان الكائن/الفرد السوداني ، بلا اخلاق ويميل لإرتكاب الفساد..!! فمن يصنع القوانين في السودان؟.. القوانين تصنعها طبقة تتكون من تحالف بعضه الحكومة وبعضه الأفراد ، وكل القوانين في السودان (على الأقل القوانين الإقتصادية والإستثمارية) هي قوانين تخدم مصلحة فئات بعينها ، ولا علاقة لها بالمصلحة العامة في السودان..!! ولكن كيف يمكننا ان نعالج هذه المشكلة؟ انت تحدثت عن التصورات العامة (من وجهة نظر اقتصادية) وانا اتحدث بصورة عامة من وجهة نظر قانونية..فليس الأمر فقط في مجرد وقف الحرب وغيرها من اجراءات اسعافية مرحلية ، فالمسألة عندي اعادة تربية (وليس صياغة) الفرد السوداني ليحترم القانون والشفافية والمؤسسات والديموقراطية وحقوق الإنسان..! مثل هذا المشروع ، هو مشروع تنويري كبير ويحتاج صبر..مشروع يبدأ من تنشأة الفرد السوداني ويتصاعد الى غاية الدولة..! في مجتمعات الغرب التي نعيش فيها لسنوات طويلة ، تجد منهم الفرد يسب الحكومة بكل مستوياتها (محلية ، اقليمية ، فيدرالية) ولكنه لا يرتكب الفساد ..لماذا؟
ببساطة ان مثل هذا الفرد قام على تربية صارمة تحترم المصلحة العامة والعمل على حمايتها من أي موقع كان (عامل ، موظف ، اداري ، وزير..الخ)..! نحتاج ان نخلق مشاريع تربوية وتعلمية واخلاقية ، تركز على فكرة الشفافية وقيم الديموقراطية وحقوق الإنسان ، وذلك من الروضة لغاية الجامعة ، حتى نخلق فرد منضبط يحترم القانون والمال العام..! اذن يا صديقي ، معركة التنوير كما اراها ، تقم على محورين: المحور الأول استرداد المال العام المنهوب (لو استطعنا اليه سبيلا) والمحور الثاني: كيف نمنع حدوث مثل هذه الممارسات السالبة التي تضر بالمصحلة العامة..!! ودمت.. كبر
مرحب من ثان بالأستاذ الجليل كبر،
حيَّاك الله يا عزيزى وحيَّ اللهُ أستاذنا د. عبد العزيز الصاوى، ورحم الله أستاذنا محمد على جادين بالرحمة الواسعة. كما أنَّه لا تثريب من التواصل بدارجتنا السودانية فهى موَصِّل جيد للأفكار.
وعوداً على المشاكل التى ذكرها صديقنا نواى؛ فهى عندى فى الأصل موروثة من الأنظمة الشمولية السابقة. وذلك ببساطة لانعدام المؤسسات الديموقراطية والرقابية ولانعدام الشفافية، وبالأساس لتغييب الفئات المنتفعة من هذه المؤسسات عن المشهد السياسى السودانى. وبالتالى دعنى أتحفظ على عبارتك الموسومة: "الفساد خصلة وممارسة متجذرة فى ذات الكائن السودانى، وعلى مر السنين. ... وأن الكائن الفرد السودانى بلا أخلاق ويميل لارتكاب الفساد".
وفى الرد على سؤالك: "كيف نمنع أو نوقف ظاهرة النهب تلك" أقول: أنَّ الرد يرقد فى ثنايا إفادتِك بعاليه حيث تقول: "فمن يصنع القوانين فى السودان؟ ... القوانين تصنعها طبقة تتكون من تحالف بعضه الحكومة وبعضه الأفراد، وكل القوانين فى السودان (على الأقل القوانين الإقتصادية والإستثمارية) هى قوانين تخدم مصلحة فئات بعينها، ولا علاقة لها بالمصلحة العامة". وهنا قد أصبت كبد الحقيقة؛ ودعنى أدعوك لقراءة متمهلة وشاقة لبوست "حيثيات التشكل الإقتصادى - الإجتماعى فى السودان وآفاق التغيير السياسى"، واقرأ معه "معادلة التغيير" و"حزب العمال والقوى الحديثة السودانى"؛ فلربما وجدت الكثير من توارد الخواطر هناك.
غير أنَّ أختلف معك فى أنَّ المسألة لا تحتاج إعادة تربية، ولا إعادة صياغة كما يتوهم الأخوانويون؛ فالشعب السودانى فى كامل تربيته ولياقته الأخلاقية، ولكن تعوزه مؤسسات الشفافية والحرية والديموقراطية ومؤسسات الفئات المنتفعة من كل ذلك، لتضبط بها سلوك شرائح رأس المال ومؤسساتها الحزبية ذات الإنتفاع الأكبر من الديكتاتوريات.
ودعنى أقول لك من مشاهداتى فيما يتعلق بالغرب، فليست التربية والأخلاق هى من تمنع الأفراد من الفساد، بل المؤسسات الرقابية من ديموقراطية وحرية صحافة وشفافية هى التى تخلق ذلك فيهم. وتأكد إذا غابت تلك المؤسسات لرأيت من الفساد العجب. وهذه المؤسسات إذا ما وُجدت فى السودان، مع خصال الشعب السودانى السودانى الرفيعة المعروفة، يستطيع أن يرفد السودان العالم بنموذج ديموقراطى لم يشهده هذا الكوكب من قبل. ومارأيك فى منحوتة جدنا خاليوت بن بعانخى قبل 7000 سنة القائلة:
(إنَّنى لا أكذب، ولا أعتدى على ملكية غيرى، ولا أرتكب الخطيئة، وقلبى ينفطر لمعاناة الفقراء، إنَّنى لا أقتل شخصاً دون جرمٍ يستحق القتل، ولا أقبل رشوة لأداء عمل غير شرعى، ولا أدفع بخادم استجارنى إلى صاحبه، ولا أُعاشر إمرأة متزوجة، ولا أنطقُ بحكم دون سند، ولا أنصب الشراك للطيور المقدسة "أو أقتلُ حيواناُ" مقدساً، إننى لا أعتدى على ممتلكات المعبد - الدولة، أُقدمُ العطايا للمعبد، إنَّنى أُقدم الخبز للجياع، والماء للعطشى، والملبس للعُرى. أفعلُ هذا فى الحياة الدنيا وأسير فى طريق الخالق، مبتعداً عن كلِّ ما يغضب المعبود، لكى أرسم الطريق للأحفاد الذين يأتون من بعدى فى هذه الدنيا وإلى الذين يخلُفُونهم وإلى الأبد). .
مع خالص شكرى.
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعادة الأموال المهاجرة وتوطينها بالداخل؟ | حسين أحمد حسين | 12-18-15, 01:59 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | الفاضل يسن عثمان | 12-18-15, 10:48 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | محمد حيدر المشرف | 12-18-15, 12:26 PM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | حسين أحمد حسين | 12-20-15, 02:02 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | حسين أحمد حسين | 12-19-15, 11:34 PM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | حسين أحمد حسين | 12-22-16, 02:14 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | أيمن نواى على | 12-22-16, 04:17 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | Kabar | 12-22-16, 09:38 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | Kabar | 12-22-16, 09:40 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | doma | 12-22-16, 06:07 PM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | حسين أحمد حسين | 12-23-16, 06:59 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | حسين أحمد حسين | 12-23-16, 10:00 PM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | حسين أحمد حسين | 12-23-16, 10:16 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | حسين أحمد حسين | 12-23-16, 08:39 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | اميرة السيد | 12-24-16, 06:45 AM |
Re: كيف سُرقنا، وكم المسروق، وما هى كيفية إعا� | حسين أحمد حسين | 12-25-16, 04:37 AM |
|
|
|