08:27 PM Nov, 21 2015 سودانيز اون لاين
زهير عثمان حمد-ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ -ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½ï؟½
مكتبتى
رابط مختصر
قدم «حزب الله» خدمة إعلامية لا تقدر بثمن إلى الإعلامية اللبنانية الشابة ديما صادق حين أقام الدعوى عليها، والسبب كما نقلوا عن محامي الادعــــاء نـــــزيه منصـــور، وجود «منشور فيسبوكي» تناولت فيه بعض الأســـماء لمسؤولين ونواب ووزراء في «حزب الله» معناه أن «حزب الله» يرعى الفاسدين. وهكذا تصدرت ديما صادق عناوين الصحف ونشرات الأخبار.
وكمقيمة في باريس منذ أكثر من ربع قرن لا أشاهد التلفزيون اللبناني، وبالتالي لم أسمع من قبل بالإعلامية ديما صادق، وصرت اليوم، في زيارتي هذه لبيروت، أبحث عن برنامجها للاطلاع عليه وللتعارف فضائياً مع التي استطاعت استفزاز «حزب الله» حتى إقامة الدعوى عليها. وبغض النظر عن مشاعري نحو «حزب الله» بالاستياء ككاتبة لأن الدعوى أقيمت في «محكمة الجنايات» وليس في «محكمة المطبوعات». وحسناً فعل نقيب محرري الصحافة اللبنانية الأستاذ الياس عون حين قال في بيانه إن الدعاوى التي تطال الإعلاميين والصحافيين في القضايا المتصلة بممارسة مهنتهم هي من صلاحية «محكمة المطبوعات» وليس أي مرجعية أخرى. كما أصدرت نقابة الصحافة (النقيب عوني كعكي) بياناً بالمعنى ذاته طالب القيادات الوطنية في مواقع المسؤولية الحكومية أو السياسية التحلي بسعة الصدر تجاه النقد، وهي مناشدة في محلها.
رُدوا عليها بسلاح الكلمة لا المحكمة
ثم أنه لدى حزب الله من المنابر والأصوات الإعلامية الذكية ما يكفي ويزيد للرد ولتبيان الحقيقة باللغة ذاتها، كما فعل الوزير جبران باسيل حين اتهموه بالفساد وجمع الأموال، ولم يقم الدعوى في محكمة المطبوعات ولا الجنايات، بل رد باللغة ذاتها بالكلمة، ودافع عن نفسه ضد تهمة «من أين لك هذا».
وحظيت ديما صادق بتعاطفي وبتعاطف إعلامي واسع، بغض النظر عن مشاعر الإعلاميين نحو «حزب الله». ولكنه ضد محاولات التضييق على الحريات الإعلامية بهز الإصبع أو السلاح أو مطرقة القاضي. فالحرية بترول لبنان. وأنا كسورية شامية عتيقة عشقت بيروت قبل أن أصير لبنانية واحتفى قلبي وعقلي بها كعاصمة للحرية العربية، وكان ذلك منذ بداياتي الكتابية. أحببت لبنان حيث تتجادل الآراء وتتحاور وربما تُرفع القضايا أمام «محكمة المطبوعات» بالذات، ولكن لا يُقمع الرأي المغاير، بل يتم الرد عليه بالسلاح ذاته: الكلمة قبل المحكمة. هذا قبل ان يصير الرد بإطلاق رصاصة في الرأس!
ألأنها امرأة؟
لطالما قرأت كلاماً أكثر قسوة في حق حزب الله من المنسوب إلى ديما صادق، كتبه الكثيرون وأصدروا البيانات.. وكمثال أذكر أنني قرأت بياناً من «المستشار العام لحزب الانتماء اللبناني أحمد الأسعد» تصادف ان نشر في إحدى الصحف، إلى جانب ما له صلة بمحاكمة ديما صادق، وجدته أكثر قسوة اتهامية لـ»حزب الله» بمراحل مما نسب إلى الإعلامية المتهمة، واقرأ باستمرار في باريس في الصحف اللبنانية اتهامات مماثلة، وأقول لنفسي إن لدى «حزب الله» من الأصوات الإعلامية ما هو كفيل بالرد على التهم وتفنيدها. فلماذا جر ديما إلى المحكمة من دون العشرات سواها؟ ألأنها انثى؟ هل كلمة المرأة (ثقيلة) على السمع وممارستها لحقها كمواطنة مساوية للرجل، هل في ذلك عمل استفزازي؟ ثمة كلمة قاسية جداً لا تُنسى كتبها في «النهار» (11/6/2013) علي حمادة، ولا أجرؤ حتى على الاستشهاد بسطور منها، ولم أسمع ان أحداً أقام الدعوى على علي حمادة، فلماذا ديما صادق؟ أحد الإعلاميين كتب قائلاً إنها «مكسر عصا» والسؤال يظل قائماً: لماذا مكسر العصا «أنثى»؟
وككاتبة نسوية غير معادية للرجل سرني دعم الإعلاميين لها، وافتقدت حضور بعض الإعلاميات، كما أعجبني حضور الأستاذ الضاهر رئيس مجلس «المؤسسة اللبنانية للإرسال» الذي لم يتخل عن العاملة في مؤسسته، ولم يتنصل منها وهو أمر لطالما عانى منه الإعلامي الشجاع الصادق مع مؤسسات تشجعه ثم تتخلى عنه.
ويظل السؤال: لماذا ديما صادق لا العشرات من المهاجمين؟ ألأنها إعلامية تصادف أنها امرأة؟ وهل التعامل مع الإعلاميين فيه إعلامية «بزيت» وإعلامي «بسمنة» وهل للذكر الإعلامي الحق في الحرية ضعف حق الإعلامية منها؟
«حكي نسوان» ونصب الميزان!
في الأسبوع ذاته الذي مثلت فيه ديما صادق أمام محكمة الجنايات قرأت في الصحف كلاماً في حق «حزب الله» لا يخلو من القسوة، ولم يحركوا ساكناً.
أذكر على سبيل المثال ما جاء في افتتاحية إحدى الصحف (المستقبل): «ليست المرة الأولى التي يضع فيها أحد مسؤولي «حزب الله» مقاومته فوق لبنان وأهم من لبنان، وصولاً إلى الادعاء بأنه لولاها لما بقي لبنان، علماً أن المنطق الطبيعي في الحالات المماثلة يفترض أن يوصل إلى شيء آخر وهو التأكيد بأن المقاومة، تفدي بلدها ولا تمننه ولا تمننّ أهله، مثلما هو حاصل عندنا، بل أكثر من ذلك، فإن الواقع يقول إن البلد كله مأزوم ومأسور ومصلوب على ألف أزمة بسبب هذه المقاومة وخياراتها وارتباطاتها وسياساتها».
وكتب الشاعر بول شاؤول ضد كل محاولة لقمع حرية الكلمة في لبنان قائلاً: أي حرية؟ وهل هناك ما يسمى حرية سوى ما ينتجه الولي الفقيه فهو يُعيّن الشعب وليس الشعب الذي يعينه… هو يحكم بأمر الله وليس القضاء… حامل بعينيه ميزان الحق وكل ميزان آخر خروج على الذات الإلهية.. الموت للصحافة!. وتذكروا الشهيدين جبران تويني وسمير قصير والشهيدين الحيين مروان حمادة ومي الشدياق. اقتلوهم.
في المقابل ثمة شيء إيجابي في محاكمة ديما صادق.. فهو يعلن نهاية العصر الذي يوصف فيه الكلام التافه بأنه «حكي نسوان». صار «حكي النسوان» يهز الأبدان ويستدعي نصب الميزان!.