|
وا أسفاه على إنسانية طال عليها الأمد ،، وبشرية شائهة تائهة حائرة !
|
06:11 PM Nov, 07 2015 سودانيز اون لاين مامون أحمد إبراهيم- مكتبتى
يا لها من مأساة ! ..
ملايين السنين ، و مشروع هذا الإنسان يراوح مكانه ، وينحدر في جل أحواله وسياغه العام إلى أسفل سافلين ! .... كما لا يزال هذا الكائن الحائر الهائم المتخلف عن الزمان والمكان ، في صراع دائم و اقتتال ! ... وحول ماذا ؟!! لاشىء ،، سوى حفنة من التطلعات التي لا تخلو من تلك الرغبات الحياتية الذاتية الوضيعة ، كما لا تخلو من حيوانية ، ومن دونية بغيضة ! ،، حتى ولو كان نضالاً من أجل الحرية والكرامة الإنسانية ، أو رداَ لمظلمة ! ،، ومهما كان نُبل القضية ، إلا أنها مادامت تندرج تحت وطأة الإقتتال الدامي والصراع المميت ، فلن تعدو إلا أن تكون في إطار تلك المعركة الخاسرة الوضيعة لكائنات بشرية تحت خط فقر الحس الإنساني السلاموي النبيل ! وذلك الصراع الأبدي البدائي الردىء ! لتظل في إطار ذلك المقام السُفلي القمىء ! ، كظواهر حياتية ممعنة في التردي وفي الإنحطاط !
لا شىء في هذا الوجود يوازي قيمة تلك ( الواحة الصغيرة الآمنة ) ، أو ( تلك القطعة الآمنة ) ، من أرض خصبة تزخر بالمياه الصافية ، وببضع أطيارٍ مسالمة حالمة ، وعصافير مغردة تصدح بالغناء الجميل ، وعنزات صغيرات يمرحن على حقل زاهي ، مثمر ، ومخضر ،، وفتية وفتيات صغيرات أصحاء ، يرتعون آمنين في كنف أهلهم وذويهم وجيرانهم وأهل حيهم ، على ضاحية صغيرة آمنة هادئة مؤتلفة من ضواحي هذا الكون ، تزخر بالوئام ، وبالمحبة والعدل والسلام !
ولطالما اختلط الحابل بالنابل هذه الأيام ، وعلى هذا الزمن الأغبر ! وأضحينا على شفا هذا الزمان الغامض الردىء ! فلا مدنية اكتملت ، ولا رخاء عمَّ ، ولا قرى نهضت ، ولا مُدن ارتاحت أو نامت في سلام ! ولازالت هذه البشرية الشائهة الشائخة تتوجس خيفةً في الظلام ! على الرغم من زخم هذه الأضواء الباهرة والتكنلوجيا والأقمار الصناعية التي تسبح في الفضاء ، والشاشات البلورية ، والأضواء الكاشفة التي أحالت ليالي المُدن إلى نهارات دائمة ، مضاءة في ظاهرها البراق ، ولكنها حالكة الظلمة والأجواء والأحوال والأهوال ! ... وبلدان كاملة ، بل قارات بأكملها لازالت تحبو جاثية على ركبتيها الداميتين ! وكأنها على تلك الأزمنة السحيقة من وراء تلك القرون البدائية السفلى ، أو تلك القرون الوسطى ! فهاهي افريقيا المريضة العجوز ، لازالت تقبع في المؤخرة ، وهي ترزح في هرمها وظلامها الدامس ، وفي تخلفها المزمن المريع ، الذي طال عليه الأمد منذ بلايين السنين ! ولم يزل سكانها يهرعون للهروب من لظا جحيمها وغاباتها المخيفة المجهولة ، ومن صحراواتها المميتة القاحلة ، ويموتون في عرض البحر في محاولاتهم اليائسة للهروب والإلتحاق بركاب المدنية الزائفة ، التي يمكنها على الأقل ، أن تكفل لهم القوت و العيش ، أو الحد الأدنى من الحياة ، وعدم الموت جوعاً ، أو مرضاً ، أو غرقاً ! ..... فيا لها من حلكة قاتمة مطبقة أضحى الإنسان فيها لا يعلم العدو من الصليح ، ولا الصالح من الطالح ، ولا الغث من النفيس ! ،،، وتلك هي آسيا القديمة المكتظة المنهكة ، وأغلب شعوبها وأسرها المساكين يفترشون الطرقات ، وأطفالها ونساءها يلتحفون العراء ، ويتكففون الناس ، وينامون في بيوت الصفيح ، و يبيتون ( القوى ) وهم معدمون ! ماكثون تحت التحت ، من خط ذاك الفقر والعدم والعوز اللعين ! هذا هو للأسف ، السائد الآن ! ،، وهو الذي يغلب ويُهيمن على صراعات الدول والمصالح ، والتسابق للثراء الفاحش ، والربح اللا معقول ، والإحتكار ، والهيمنة ، والتنافس الجشع ، والمطامع التي ليست لها حدود ! ،، و بعض النفوس المريضة الجشعة المتهافتة على المال والتملك والإدخار وكنز الأموال والأملاك والمقتنيات بداعي وبدون داعي ، دون مراعاة للفقراء والضعفاء والبسطاء والمساكين والشعوب المغلوب على أمرها من سائر الأمم والبلدان ! ولكن ثمة أمل كبير على الجانب الآخر ، وبصيص من أنوار شتى ، لعامة الناس والشباب والمفكرين والعلماء والفنانين ... فعلى الرغم من الغموض والصور القاتمة التي تكتنف العالم الآن ، وما يجري في الخفاء ، وخلف الجدران و ( تحت الطاولات ) ! ،، إلا أن ثمة وعي يتشكل ، في كل الأوساط الإنسانية والعالمية ،، وعلى نطاق بعض الساسة والسياسيين ، والمنظمات الدولية والإنسانية ، و الدول ، والمفكرين والعلماء والأدباء والفنانين ، ورجال الأعمال ، ومراكز النفوذ والمال ، ولدى عامة الناس ،، من أن لا مناص من السير قدماً نحو مزيد من الوضوح والإنفتاح و التوجه بصدق وأمانة نحو القيم الإنسانية العليا : الحرية والعدل والسلام والديمقراطية والمساواة والرخاء ( لكل كائن حي ) ، ولكل دول العالم بلا استثناء ! فإلى أي مدى يُمكِن أن تندرج دولنا تحت منظومة ذلك الوعي الإنساني التقدمي المتنامي ، والإلتزام بالحدود المطلوبة لتفعيل وتطبيق مواثيق حقوق الإنسان المدنية ، بأمانة وصدق وتجرد وانفتاح على الآخرين بمحبة ، وبايمان راسخ ومتين ، بقيم الإنسانية والديمقراطية وحرية الحركة وحرية التعبير وحقوق الآخرين ،، وحق الإختلاف ، واحترام الناس على اختلاف مشارِبِهم ، بتجرد وصدق ، وحسن نوايا ، وحسن ظن ! ولكم كنت أتمنى ولا زلت أحلم بظهور ذاك الوقت الذي تتحلي فيه هذه البشرية الحاضرة بالسلم والسلام والأمان والعدل ، والرخاء والطمأنينة ! ... ( فلنتحلى على الأقل بتلك الشجاعة وذاك النُبل ، حتى نُبعد صراعاتنا ودمويتنا وبشاعتنا وأنانيتنا المقيتة ، عن أطفال هذا العالم وعجائزه وصبيانه ونسائه القوارير ! )
لأجل قطعة الأرض ،، تلك الآمنة المسالمة ! التي ترتع فيها الغزلان والحملان ، فرِحةً آمِنة مطمئنة ! وتغرد فيها العصافير والحمائم صباح مساء ، بلا نواح ، وبلا انقطاع ! ... ويرحم فيها الكبار الصغار ، ويعف فيها المقتدرون عن أكل أموال اليتامى والأرامل وعامة الناس المعدمون ! بحيث لا يك فيها محتاج ولا مسكين ،، ولا فقير ولا أسير ! ،، بِحُكم العُرف الإنساني الرفيع ، والحس المدني الراقي النبيل ! .. وبحكم القانون !
تحياتي
|
|
|
|
|
|
|
|
|