أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة.

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 10:03 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
09-15-2015, 05:52 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة.

    05:52 AM Sep, 15 2015
    سودانيز اون لاين
    عليش الريدة-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    أوجاع القارورة
    أو
    البحث عن بداية جديدة

    تري كم هي الساعة الآن ؟ هل تجاوزت الواحدة صباحا؟ أو ربما تكون قاربت الثالثة، لم يكن صبحي متـأكدا، لكن علي أي حال يبدو أن الزمن قد تأخر،نعم ..هو دون ريب قد تأخر..لقد ظل يتسكع رغم عرجه لأكثر من خمس،أوربما ست ساعات..هو أيضا غير متأكد..
    غمغم :لم أكن متأكدا من شئ طيلة التسعة أشهر الفائتة..فماذا تفرق هذه السويعات القليلة..لكن الدقة مهمة بطبيعة الحال،بدون الدقة تصبح حياتنا عبارة عن متاهة من الاحتمالات الانسلاخية.. وفي هذا الصدد أعتقد أن طيلة الليل تعبيرٌ أدق..نعم لقد ظللت أتسكع لطيلة الليل..وهذا شئ أفعله لعاشرأوعشرين مرة في حياتي، وتحريا للدقة مرة أخري أضيف :علي الأقل منذ أن تزوجت ليلي.
    لكن مهما تسكع صبحي لابد أن يعود في النهاية إلي المنزل، فهناك ثمة مسئوليات يجب أن تباشر، وفروض يجب أن تؤدي،هناك زوجته التي هي دون ريب مازالت مستيقظة تنتظره والفزع يمضغ عينيها الجميلتين،وهناك أطفاله الأربعة الذين سيكون النوم قد غلبهم بينما هم يترقبون عودته.
    آآآه..التسعة أشهر الأخيرة،وما أدراك ما التسعة أشهر الأخيرة،عمري الآن خمسة وأربعون عاما،لكن التسعة أشهر الأخيرة كانت هي عمري الفعلي وماسبقها كان مجرد لهو وعبث.. لكن عجيبٌ جدا أن يحدث لك أمر دون تدبير منك أو رغبة أو حتى تقصيرما،ثم يقذف بك في متاهة من الاحتمالات الانسلاخية.
    لكن مهما تسكع صبحي لابد أن يعود في النهاية إلي المنزل،فهناك ثمة مسئوليات يجب أن تباشر، وفروض يجب أن تؤدي،هناك صاحب المنزل الذي يريد قيمة الايجار لهذا الشهر والشهر الذي قبله ،والذي قبله.. وهناك صاحب البقالة الذي يريد أن يسترد دين هذا الشهر والشهر الذي قبله،والذي قبله.
    ها أنا ذا أعود لنفس السؤال للمرة المليون، لماذا لم انتبه لحركة السيارات قبل أن أعبرذلك الشارع اللعين؟ لم انتبه لأني كما جاوبت للمرة الأكثر من المليون،كنت أفكر في أمور عويصة، وأنا الآن للطرافة لاأذكر ماهي تلك الأمور العويصة و التي هي من شدة عواصتها تسببت في دهسي بسيارة ما..ربما لأنه ظهرت فيما بعد أمور أعوص منها،والأعوص كما يقولون يغطي علي العويص.. قال المارة أنهم شاهدوا من دهسني وهرب..كان غلاما أمردا من النوع الذي يرتدي سلسلة ذهبية في عنقه،ويحلق رأسه مثل مساطب حقل الطماطم،ويقود سيارة فارهة..لقد خانني الحظ مرتين،الأولي عندما دهست،والثانية أنه لم يدهسني رجل،نعم.. لقد دهسني نصف أو ربما سبع رجل.. لكن لابد من تحري الدقة أيضا في هذا الصدد، فالاحتمالات التى ظلت تنسلخ بعد الحادث ليست مبنية قطعا علي هروب من دهسني ،لكنها مبنية قطعا علي طبيعة الحادث من حيث هو حادث مجرد فقط لاغير..لأن ذلك الغلام الأمرد لو لم يهرب، أولو حاول الهرب مثلا ثم قبض عليه،لكنت سأتعرض أنا لنفس التبعات التي عشتها بعد الحادث طيلة التسعة أشهر الفائتة، وسأصبح في النهاية كما أنا عليه الآن،رجلا أعرجا بسبب الأخطاء الطبية الجراحية الفادحة،فاقدا لوظيفته التي ظل يقتات منها لخمسة عشرة أعوام خلت،معدما تماما وعلي وشك الانهيار ..لا..لا..علي وشك الانهيار عبارة ليست دقيقة،وانما السديد هو:معدمٌ تماما ومنهار.
    لكن يبقي هناك أيضا احتمال قائم،هو احتمال ضئيل طبعا ،لكنه قائم،ماذا لو لم يهرب ذاك الغلام واتضح فيما بعد أنه مثلا ابنٌ لوزير أو لص أعمال شهيرــ فمن علي أي حال غير أبناء الوزراء ولصوص الأعمال يركب فاره السيارات ويرتدي السلاسل الذهبية في عنقه ويحلق رأسه كمساطب حقل الطماطم ــ نعم لابد أن الغلام ابنٌ لرجل ذي شأن من رجال الشأن في هذا الزمن الذي لايبسط إلاّ سيفا..
                  

09-15-2015, 06:39 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة. (Re: عليش الريدة)

    طبعا من هذا المنطلق كانت التداعيات ستختلف بصورة واضحة عن هذه التي حدثت،كنت مثلا سأحصل علي فرصة للعلاج أفضل من تلك التي حصلت عليها،وسأتجنب بالتالي تلك الأخطاء الطبية الفادحة التي تسببت في إصابتي بالعرج المستديم،وربما حصلت أيضا علي تعويض مجزي جدا ــــ وهذا الأمر تحديدا كان سيسبب لي حرجا بالغا،إذ كيف أرضي لكرامتي أن أتلقى تعويضا ماديا عن ضرر أصابني جراء حادث غير متعمد، وممن؟ من غلام صغير لا يعرف بعد ،كيف تُطارح الهموم على الفرشات ليلا ..لا..لا هذا لايجوز أبدا،كنت غالبا سأرفض ذلك التعويض المادي، فلتذهب المادة للجحيم،ولتدم لنا الكرامة أبلغ العزاءات ــــ ولم تكن الشركة ستنفرد بي وتنهي عملي بسبب طول فترة العلاج،لأني كنت سأكون مسنودا، وربما يعرض عليّ عمل أفضل من عملي في تلك الشركة الجبانة،وربما فتحت لي فيه أبواب علاقات واسعة بالبشر الذين هم لايعيشون حياة البشر، وتتغير تبعا لذلك حياتي للأبد، تغيرٌ لأفضل مما كانت عليه بأشواط بعيدة ،وليس تغيرا كما هي عليه الآن..مما يترتب عليه أن تكون النتيجة خلاف التي أعيشها في هذه الأوقات السوداء ، لم أكن مثلا لأضطر للتسكع طيلة الليل تاركا خلفي ليلي بعينيها الفزعتين اللتين فقدتا قدرتهما علي المواساة وتقديم العزاء..لطالما كانت مراكب همومي وآلامي في خالي الأيام تُغرق في محيط تينك العينين الجميلتين ،لكن مشاكل التسعة أشهر الأخيرة كانت مثل البارجة العاتية المزودة بأحدث التكنولوجيا ضد الغرق..لقد صرت كالمدمن الذي فقدت معه الخمر قدرتها علي احتواء عقله..أخيرا عجزت الخمر عن مجاراتي.. مهما شربت،فلا أزال يقظا..حتي تعففت عنها في النهاية،وبدأت أتسكع طيلة الليل..أصبح مجرد النظر إليها يصيبني بالاكتئاب، أوربما أكون أصلا مصابا بالاكتئاب ولادخل لليلي بمايتصور أنها هي سبب الإكتئاب، لابد من تحري الدقة حتي لانتهم الناس جزافا.
                  

09-15-2015, 07:17 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة. (Re: عليش الريدة)

    كنت في بداية الأزمة ألوم نفسي كثيرا عندما أري سوء الحال علي زوجتي وابنائي، كنت أحمّل نفسي مسئولية ماحدث،فالمنطق واضح هنا ولايقبل المراء،لقد تقدمت في البداية من تلقاء نفسي لتأسيس أسرة ولم يجبرني أحد علي ذلك،وهذا يترتب عليه أن أكون دوماعلي استعداد لبذل كل الوسائل الممكنة التي تساعد علي توفير الاستقرار والسعادة لهذه الأسرة،أي أن العامل الأهم في هناء هذه الأسرة هو أنا وماسأسلكه..ورغم أن حادثي هذا يمكن أن يدخل في نطاق ذلك النوع من الحوادث التي لايتحمل من أصيب بها مسئوليتها،باعتبار أني لم أُصب في حانة أو ملهي ليلي مثلا،أو لم أكن متأبطا لذراع بائعة هوي عندما دهسني ذلك الغلام،بل علي العكس من ذلك تماما، فالتقصير الذي أتحمله بعدم مراعاتي لحركة السير في الشارع إنما حدث بسبب هذه الأسرة، لأن تلك الأمور العويصة التي لا أذكرها الآن،والتي هي حجبتني عن مراقبة الشارع مرتبطة دون ريب بهذه الأسرة، أي بتعبير أدق أني كنت رب أسرة مثاليا تماما عندما أصبت، وكانت إصابتي أثناء خدمتي الأسرية الشريفة وبسببها ..لكن رغم ذلك كنت ألوم نفسي كثيرا في بداية الأزمة،وذلك لأني عجزت طوال عشر سنوات هي عمر زواجي ،عن تأسيس وضع متين لأسرتي لمجابهة مثل هذه الظروف، لقد كان اقتصادنا هشا للغاية،فكيف يعقل أن أزمة تسعة أشهر توشك أن تعصف باستقرارعشرة أعوام،لم يكن هناك منذ البداية تصور لإمور مثل هذه، وبالتالي لم يكن هناك تخطيط مقابل لتلك الإمور،وها أنا ذا أجبر أسرتي علي دفع ثمن عدم حنكتي وضيق تفكيري ..
                  

09-15-2015, 08:04 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة. (Re: عليش الريدة)

    لكن بعد أن أناخت الأزمة وأبت أن تنهض،وتوالت أيام الضغط المبرح علي الجسد والفؤاد، بدأت أفكر في اتجاهات معاكسة، ماذا لو حدثت هذه الأزمة مثلا وأنا أعزب لم أتزوج ليلي وأنجب هؤلاء الكتاكيت،بالتأكيد كانت الضغوط ستكون أخف من هذه كثيرا،بل ليس هناك مجال للمقارنة إطلاقا،كنت سأكون مسترخيا لمدي بعيد، وكان سيكون هناك فرق كبير في طريقة تفكيري،لأني إن كنت أعزبا فسينحصر تفكيري في كيفية تأسيسي لحياة جديدة،بينما أنا الآن أفكر في كيف أحافظ علي حياتي الحالية، كيف أحافظ علي هذه التركة الثقيلة،وماهي حياتي الحالية؟ هي أسرتي، زوجتي وابنائي،وأنا من شدة الضغوط صرت أكره حياتي الحالية،فهل هذا يعني أني صرت أكره زوجتي وكتاكيتي ..لا..لا..هذا انسلاخ غير دقيق.. الدقيق هو أني أتشوق وأصبو وأتلهف لبداية جديدة،ومسئوليتي تجاه أسرتي وواقعي الذي أعيشه الآن،وشُح التوقعات المرجوة، كل هذه المعطيات تحول بيني وبين تلك البداية.. لذلك أنا أشقى في المقام الأول بسبب أسرتي،وليس بسبب الحادث..لقد قال الرب عز وجل منذ البداية :لايخرجنكما فتشقى..لم يقل فتشقيا،وإنما قال فتشقى.. رغم أن التحذير من الخروج شمل الأثنين، وأن الرفقة في الخروج اقتضت الرفقة في ما بعد الخروج،لكن التخويف بالشقاء منصب علي واحد فقط ..وأنا الآن أشقى،وذات العينين الجميلتين لاتستطيع أن تقدم شيئا لما أعانيه.
    لكن يجب الاعتراف بكل شجاعة بأن انقطاع الحياة الحميمية بيني وبينها أعطي الأزمة بعدا مأساويا جديدا، في البداية كنت أظن أن عدم رغبتي مسألة زمن ليس إلاّ،لكن عندما تطاول ذلك الزمن اضطررت لمقابلة الطبيب والذي بعد أن أجري الفحوصات اللازمة،قال أن الأمور عال العال،لكن يجب مقابلة أخصائي النفسية،فضحكت في نفسي: العرج ورضينا به،هل جاء الدور علي الجنون أيضا..حقا شر البلية مايضحك..لكن الذي منعني فعلا من مقابلة النفساني هو عدم الاستطاعة،فلم يعد لدي مال لأدفعه لتلك الجلسات الوهمية والتي ستكون متكررة بطبيعة الحال.. والنتيجة هي أنني منذ ما يقارب الشهرين أنام في كل ليلة مستدبرا ليلي..وهذا الشئ بالذات أشد إيلاما من أي شئ مؤلم غيره،إن أي بناية في هذا الكون لكي تقوم تحتاج لأكثر من عمود،عدا بناية الزواج فإنها تقوم علي عمود واحد فقط..فمهما كان نوع المآسي التي تحدث،إذا استطاع الزوجان أن يحافظا علي علاقة دافئة ومتواصلة فإن الإمور قطعا ستمضي للأمام.
                  

09-15-2015, 08:28 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة. (Re: عليش الريدة)

    لكني والحق يقال قاتلت كثيرا،لم استسلم أبدا،لقد شكوت شركتي لدي القضاء،ومازالت الجلسات مستمرة،كما أني لم أتوقف عن البحث عن عمل جديد..لم استكن،رغم عرجي مشيت كثيرا، وطرقت أبوابا كثيرة، لكن دون جدوي..وغدا،أوربما بعد قليل، في تمام الساعة العاشرة صباحا ستعلن نتيجة معاينة آخر شركة تقدمت للعمل لديها،سبع شركات تقدمت إليها ولم أوفق،وهذه هي الثامنة..يريدون ثلاثة موظفين فقط،ومع ذلك تقدم للمعاينة أكثر من ألف شخص عاطل عن العمل،إنها منافسة صعبة،لكن الطاقم الذي أدي المعاينة كان متعاطفا معي،لقد قالوا إن كفاءتي وخبرتي وظروفي الاستثنائية،كلها دواعي تؤيد من فرص حصولي علي تلك الوظيفة ،وفي الساعة العاشرة تحديدا سأعرف مدي جدية تعاطفهم هذا.
    عندما دخل صبحي إلي المنزل،كانت ليلي مستيقظة،تدعو ــ كما تفعل في كل ليلة ــ أن تقدم هذه الليلة الحلقة الأخيرة من مسلسل الضياع المكسيكي..أصبحت الحياة جحيم لايطاق،إن بدت منها أقل كلمة تُفسّر بمعني هدام،وإن أبدت نصيحة صغيرة قوبلت بالتشكيك والإمتعاض، حتي محاولات الابتسام وتلطيف الأجواء صارت من الجرائم الكبري في هذا المنزل، لقد أصبح صبحي بامتياز، كادرا أمنيا في نظام من أنظمة العالم الثالث،يتوهم أن كل الكون يسعي لاقتلاع نظامه المحبوب..نعم لقد أصبح في منتهي الشراسة و الخطورة..ثم تعلمت الصمت والسكون،لاشئ في مثل هذه المواقف الاستهدافية أنجع من حيلة الصمت والسكون، تماما مثل الأرنب الأغبرفي الصحراء، إن أفلح في الاّ يكون مرئيا، قطع نصف الطريق إلي السلامة..والحركة دون ريب تجعله مرئيا.. لكن في هذه الليلة لابد من الكلام، لأنها إن سكتت أكثر من ذلك فستكون العواقب وخيمة، وقد تُحاكم بجريمة الخيانة العظمي فيما بعد..لذا انتظرته حتي غير ملابسه واستلقي علي الفراش ،ثم أخرجت من مكان ما ورقة حكومية، ومدتها له قائلة
    :أُحضرت لك هذه قبل يومين ولم أجد فرصة ل..
    وقبل أن تتم جملتها خطف الورقة وقرأها..كانت هي عبارة عن اعلان لحضور محكمة .. لقد اشتكاه صاحب المنزل وانتهي الأمر،أوبدأ الأمر تحريا للدقة..ها قد فُتح للتو مسلكٌ جديد للاحتمالات الانسلاخية.
                  

09-15-2015, 09:00 AM

أحمد محمد عمر

تاريخ التسجيل: 03-03-2010
مجموع المشاركات: 6272

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة. (Re: عليش الريدة)

    سرد ممتع
    متابعة
                  

09-15-2015, 09:00 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة. (Re: عليش الريدة)

    بعد ساعات قلائل ركب صبحي الباص متجها لمقرالشركة لمعرفة نتيجة المعاينة، كانت في جيبه أربعة جنيهات فقط،هي آخر ماتبقي لديه من مال..تمتم :هي بالضبط قيمة تذكرة البص ذهابا وإيابا،وإن قُبلت في العمل سأطلب مرتب شهر مقدما أوسلفية إسعافية ، وإن لم اُقبل لن يكون هناك حل إلاّ أن أبيع جزءا من أثاث المنزل..كان يتمني من أعماق قلبه أن يقبل في هذه الوظيفة، لينتهي هذا الكابوس المريع..تمتم:أشتاق جدا أن أبدأ من جديد.
    وعندما وصل لمقر الشركة،هاله منظر الوجوه الكالحة العابسة،يبدو أن النتيجة قد أعلنت، ولاحظ أن أناسا يتزاحمون على سبورة ما،فتوجه إليها مسرعا وهويغمغم:لابد أن أسماء المختارين كتبت فيها.
    ولم يستغرق معه الأمر أكثر من دقيقتين ليعرف أن اسمه لايوجد من ضمن الثلاثة المختارين.
    أخذ يتمتم في ذهول:لا..لايمكن ،أنا وضعي خاص،أنا لست مثل بقية المتقدمين، ظرفي لايحتمل، لايحتمل.
    عجيب هو أمر الألم،لايمكن اطلاقا أن نصنع تجاهه مناعة ما،إن أي مخلوق سواه ،عندما يغشانا لأول مرة ويصبغنا بطابعه ، تتعرف عليه خلايانا تلقائيا وتخبره ،وعندما يأتينا مرة أخري لايجد فينا أبدا دهشة الاستقبال الأول،لكن رفيقنا الألم مهما زارنا فكأنما يزورنا لأول مرة.
    أخذت الدنيا تدور،فشرع يبحث عن أي شئ صالح للجلوس،فلمح مقهى قريب فتوجه إليه وجلس مباشرة علي أول مقعد صادفه،وقبل أن يبدأ في استرداد أنفاسه حضر إليه الصبي وسأله :ماذا تشرب يا أستاذ؟
    كان صبحي يتذكر جيدا أن بجيبه جنيهين فقط،هي آخر ماتبقي لديه من مال في هذا العالم، لكنه رد بشجاعة فائقة:
    شاي،أريد كوبا من الشاي الثقيل.
    وبدأ يقلب جمر التفكير مرة اخري:بعد أن ادفع ثمن الشاي سأكون خالي الوفاض تماما من أي فلس،الآن أصبح الهم ليس في تسديد الديون أو إيجاد عمل،بل في المعيشة المجردة،كيف سنأكل في هذا اليوم ومابعده،وكيف سأستطيع الوصول للمحكمة،وماذا سأقول للقاضي دون أن يكون معي محامي.
                  

09-15-2015, 09:15 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة. (Re: عليش الريدة)

    رغم أن صبحي ظل يصدعنا كثيرا عن الدقة وماشابهها من ترهات،إلاّ أنه لن يجد في نفسه الشجاعة الكافية ليجيب لنا بالدقة المرجوة علي هذا السؤال المحوري :هل كان يفكر في الانتحار منذ وقت فائت،أم دهمه هذا الشعور الآن فقط في جلسته البديعة هذه، وهوينتظر كوب الشاي الشجاع ذاك،الذي لم يكن مقدرا له أبدا أن يشربه ؟
    يبدو أننا أيضا ليس مقدرٌ لنا أن نشرب كوبا من الإجابة الدقيقة علي هذا السؤال،لكن مانحن واثقون منه تماما،هو أن صبحي ركبه شعور ملح بوجوب إنهاء الحياة فورا ودون أي تقاطعات التباسية،لقد كان بالضبط مثل الحصان تحت مهماز الجوكي الذي ليس له إلا هم واحد:الوصول للخط المستعرض بأسرع وقت ممكن.
    أخذ يغمغم:هناك جسر قريب،لايبعد مني سوى خمس دقائق،سأصل إلي منتصفه ثم أقفز في النهر.. وهكذا ستنتهي المسألة تماما، ولتبحث الهموم عن بردعة لها غيري،لن يكون هناك بعد الآن عرج ولافقر ولامحكمة ولامسئولية ولا أي شئ بتاتا.
    قفز من مقعده برشاقة لاتتناسب مع عرجه واندفع مباشرة في اتجاه مانوى..لكن لكي يصل للجسر لابد أن يعبر أولا ذلك الشارع العريض،إنه شارع مزدحم دوما بالسيارات المسرعة..وقف علي الحافة مغمغما:لوكنت أضمن الموت الفوري لرميت بنفسي تحت إحدي هذه السيارات،لكن هذا أمر غير مضمون النتائج.
                  

09-15-2015, 09:26 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة. (Re: عليش الريدة)
                  

09-15-2015, 09:28 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: أوجاع القارورة..أو البحث عن بداية جديدة. (Re: عليش الريدة)

    مرحب أستاذ أحمد،ومعليش لم أتبين تعليقك في زمنه
    تحياتي
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de