|
Re: الهروب الصغير - نوستالجيا (Re: محمد عبد الله الحسين)
|
كانت أنوار اللوري تضيء الطريق المظلم و الارانب البرية الصغيلة تتقافز يمنة و يسرة أمام اللوري. لم ير الطفل مثل هذه المنظر من قبل. أشجار الدوم تملأ كل مكان و تصدر ذوائبها الطويلة وشوشات بفعل الهواء الصيفي المزعج. كانت أشجار الدوم السامقة تسد الأفق و الرؤية الجانبية. الصبي يشعر بخوف صامت. كان يخيل إليه أن اشجار الدوم هي أشجار النخيل كالتي رآها كثيرا قرب النيل في العاصة. لذلك كان يخيل إليه أن اللوري سيسقط في النهر. هذه أول مرة يركب لوري يطوي به الفيافي. الوقت تجاوز العاشرة ليلاً. الصبي يداعب الوسن عيونه الصغيرة المتعبة و الصبي يقاوم الوسن فهو يخشى المجهول و لا يطمئن لما هو آت( رغم وجود الجدة). استيقظ الصبي إذ توقفت العربة فجأة . مجموعة الأضواء المنبعثة من الرتاين و الفوانيس شحيحة الأضواء. مجموعة من الرواكيب و الترابيز. عدد من اللواري السفرية متوقف بدون نظام أمام تلك الرواكيب. أشخاص يحملون أوعية طعام و بعضهم يقف اما تلك الترابيز اواني طعام و قدرة فول و رائحة شواء و مواقد متوقدة بالجمر الأحمر و أشخاص يحملون أوعية طعام.نزل السائق و بعد قليل أتى بطبيين من الطعام ....طعم اللحم لذيذ اما طبق الفول يكفي منه لقمتين. تناول الصبي عشاءة و اكتفت الجدة ببضع لقيمات. نام الطفل.و حينما استيقظ كان اللوري قد توقف للتو المكان يلفه الظلام و اصوات كلاب نابحة تثير مخاوف غامضة للطفل....فهو يكره الظلام بل يخافه و يخاف الكلاب و المكان كذلك غريب عليه...فهو لا يفهم شيئاً. دخلت انا و جدتي إلى قطية بها سريرين أما السائق فلا أدري أين هو. المكان يبدو خلاء ليس فيه سواء قطية أخرى تبعد قليلاً من هذه القطية. لا يكاد الصبي يرى شيئاً. رقد على السرير ....لا شيء يطمئنه إلا وجود الجدة. في الصباح جاءت إمرأة باواني الشاي شربوا جميعهم. - الشيخ غير موجود قالت المرأة التي أحضرت الشاي - لكنه سيحضر في الظهر واصلت المرأة خرج الصبي إلى خارج القطية... الهواء المترب يسد الأفق مجموعة من الجمال بعضها تقف منتصبة و بعضها بارك و فصيل صغير يلهو بجانب المجموعة منظر لم يشاهده من قبل و هو العاصمي القح. حمار متوقف في الناحية.... هو يعشق ركوب الحمير... كلما يجيء إلى الدامر في العطلة القصيرة يهرب على ظهر حمار أما الجحوش فهو يخافها بعد أن أوقعه أحدهما... حتى الحمير الكبير تقتضي الحذر لكنه لا يخافها. كانت الجدة تدرك شقاوته التي تنظر الفرصة لتكشّر عن أنيابها. كانت تدرك أن المكان لا يزال عليه غريبا لذلك فهي مطمئنة بأنه سيظل مستكينا لساعا. جاءات الظهيرة... و جلس هو و جدته أمام الشيخ الذي وصل للتو. حكت الجدة: هذا الولد يا شيخنا اصابته عين ...ترك المدرسة و ترك والديه ليجري وراء الحمير ..و .. و حكت الجدة و شخّصت حالة ابن بنتها مدمن الهروب.
|
|
|
|
|
|
|
|
|