الهروب الصغير - نوستالجيا

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 08:52 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-07-2015, 06:21 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الهروب الصغير - نوستالجيا

    06:21 AM May, 07 2015
    سودانيز اون لاين
    محمد عبد الله الحسين-الدوحة
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    جلس الثلاثة صامتين. المركبة عربة لوري ماركة بد فورد في متينة النيانوافرة الصحة فخر الصناعة البريطانية في فترة الستينات و السبعينات. تحرك اللوري بعد المغرب في مهمة تعرفها الجدة وحدها بالكامل و يعرف السائق الوجهة أما الصبي فلا يعرف المهمة و لا الوجهة. الصبي الصغير ينقّل بصره في إعجاب بين السائق طويل القامة و بين اللوري الذي يهتز في تناغم رتيب و هو يشق الطريق الترابي الممهد. جدة الصبي تجلس على يمينه . الزمان ؟ هو زمان ذلك الصبي الصغير الذي لم يتعدى العاشرة من عمره و الذي كان يجلس وسط الجدة و السائق في ذلك المقعد الأمامي في اللوري الذي كان يشق تلك السهول.
    كان السائق الشاب يدندن في نشوة و ترجيع حنون اهزوجة مديح للرسول الكريم:
    شوقنا ليك يا العربي الفصيح ........ شوقنا ليك يا الحاق( تستحق) المديح
    شوقنا ليك يا فارس تبوك ............. شوقنا ليك يا العبدالله ابوك
    ثم يكرر المقطع مرات و مرات في نشوة صوفية و ترجيح حنون.
    كانت الجدة صامتة طوال الطريق...هي مشغولة فقط بالهدف النهائي من هذه الرحلة ( المقدّسة). و كانت تلقي بين الفينة و الأخرى على السائق مجموعة و التي كان يجيب عليها باقتضاب:
    كم تبقى من الزمن؟ متى سنصل؟ هل سيكون الشيخ موجوداً؟ لو كنا محظوظين سنجده في بيته هذا إذا لم يستدعوه في قرية أو مكان آخر.
                  

05-07-2015, 06:22 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الهروب الصغير - نوستالجيا (Re: محمد عبد الله الحسين)

    كان الصبي يبدّل نظرات سرية صامتة متسائلة مترددة بين ملامح جدته الصارمة الصامتة القلقة و بين ملامح السائق جاد الملامح و هو يركز نظرات جادة نحو الطريق الذي يتلوى أحيانا و أحيانا يستقيم في تبادل متكرر. كان الصبي يدرك بأنه المقصود بهذه الرحلة و أنه المتسبب في كل هذه المشقّات للجدة البدينة متوسطة العمر. ترك الصبي والدته و والده و أسرته الصغيرة في الخرطوم و جاء هارباً إلى تلك البقعة. ركب القطار خفية و لم يحدث أحدا. أحدث اختفاؤه المفاجيء الذعر لدى والديه. المسألة يمكن تفسيرها بأنه تسيّب من تلميذ لا يود أن ينصاح لأسلوب الحيا المدرسية.
    كان يعشق الإنطلاق. نوستالجيا محببة تجذبه نحو الحرية و حياة الطفولة التي لا تنصاع لقيود المجتمع. كان قد زار مع والديه قبل عامين مسقط راسه في إحدى قرى و ضواحي الدامر، فنما في داخله شوق للعب مع أنداد و من الأقارب كانوا مزارعين بحكم النشأة و يمتهنون مهنة واحدة يركبون الحمير ذاهبين للمزارع في الصباح و يقضون نهارهم في الحقول الخضراء ...يسبحون في النهر يداعبون الأبقار ذات العيون الواسعة و الجلد البني المحمر الأملس الناعم. كان الصبية يعودون في رحلة مسائية يحملون في حميرهم العلف و اللبن ليبيعونه في السوق ثم يعودون لمنازلهم بعد العشاء بعد أن باعوا بضاعتهم . رآها (هو) حياة لذيذة ...ممتعة ممعنة في الحرية أو رغبة في التسكع أو جري وراء اللعب. فقرر بينه و بين نفسه أن تلك الحياة التي يستحقها و التي يود أن يحياها.
                  

05-07-2015, 06:25 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الهروب الصغير - نوستالجيا (Re: محمد عبد الله الحسين)

    و بعد شهر واحد غادر قاعة الدرس و المدرسة و دون أن يخبر أحدا توجّه إلى محطة القطار و ركب داخله في سرور غامر. و حين جاءت الظهيرة و لم يعد الصبي إلى أمه، جنّ جنونها فبدأ البحث عنه في كل مكان و ذهل الوالد و الأهل و الجيران.و جاءهم الخبر ليلا في اتصال هاتفي(....) وصل الدامر. ارتاحت الضمائر قليلاً و حقق الصبي هدفه. قضى اسبوعين في فردوسه الذي اختاره و تمت إعادته لوالديه في الخرطوم. و لكن الصبي كرر فعلته التي فعلها من قبل مرة و أخرى و ثالثة.
    في الأخير قررت جدته أن الصبي قد اصابته عين حاسد أو حاقد. فاستقر رأيها أن تذهب به للشيخ.
    كانت مجموعة من الأسئلة الحائرة تدور في مخيلة الطفل الغضة و هو يجلس بين جدته و السائق، و قال لنفسه في زهو:
    كل هذه الرحلة بسبب أنا ...هل أنا مهم لهذه الدرجة؟؟؟. يا ترى ماذا سنفعل عند الشيخ؟ كيف يا ترى هو؟ هل هو إنسان عادي؟ هل يشبه الشيخ الذي كان يدرسنا في الخلوة قبل سنوات؟. أتمنى أن لا يكون مثله....فقد كان يخيفنا كثيرا بكرباجه الطويل و ملامحه الجادة التي تنكسر عند قسوتها شقاوتنا الرخوة .
                  

05-07-2015, 06:25 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الهروب الصغير - نوستالجيا (Re: محمد عبد الله الحسين)

    كانت أنوار اللوري تضيء الطريق المظلم و الارانب البرية الصغيلة تتقافز يمنة و يسرة أمام اللوري. لم ير الطفل مثل هذه المنظر من قبل. أشجار الدوم تملأ كل مكان و تصدر ذوائبها الطويلة وشوشات بفعل الهواء الصيفي المزعج. كانت أشجار الدوم السامقة تسد الأفق و الرؤية الجانبية. الصبي يشعر بخوف صامت. كان يخيل إليه أن اشجار الدوم هي أشجار النخيل كالتي رآها كثيرا قرب النيل في العاصة. لذلك كان يخيل إليه أن اللوري سيسقط في النهر. هذه أول مرة يركب لوري يطوي به الفيافي.
    الوقت تجاوز العاشرة ليلاً. الصبي يداعب الوسن عيونه الصغيرة المتعبة و الصبي يقاوم الوسن فهو يخشى المجهول و لا يطمئن لما هو آت( رغم وجود الجدة). استيقظ الصبي إذ توقفت العربة فجأة . مجموعة الأضواء المنبعثة من الرتاين و الفوانيس شحيحة الأضواء. مجموعة من الرواكيب و الترابيز. عدد من اللواري السفرية متوقف بدون نظام أمام تلك الرواكيب. أشخاص يحملون أوعية طعام و بعضهم يقف اما تلك الترابيز اواني طعام و قدرة فول و رائحة شواء و مواقد متوقدة بالجمر الأحمر و أشخاص يحملون أوعية طعام.نزل السائق و بعد قليل أتى بطبيين من الطعام ....طعم اللحم لذيذ اما طبق الفول يكفي منه لقمتين. تناول الصبي عشاءة و اكتفت الجدة ببضع لقيمات.
    نام الطفل.و حينما استيقظ كان اللوري قد توقف للتو المكان يلفه الظلام و اصوات كلاب نابحة تثير مخاوف غامضة للطفل....فهو يكره الظلام بل يخافه و يخاف الكلاب و المكان كذلك غريب عليه...فهو لا يفهم شيئاً. دخلت انا و جدتي إلى قطية بها سريرين أما السائق فلا أدري أين هو. المكان يبدو خلاء ليس فيه سواء قطية أخرى تبعد قليلاً من هذه القطية. لا يكاد الصبي يرى شيئاً. رقد على السرير ....لا شيء يطمئنه إلا وجود الجدة. في الصباح جاءت إمرأة باواني الشاي شربوا جميعهم.
    - الشيخ غير موجود قالت المرأة التي أحضرت الشاي
    - لكنه سيحضر في الظهر واصلت المرأة
    خرج الصبي إلى خارج القطية... الهواء المترب يسد الأفق مجموعة من الجمال بعضها تقف منتصبة و بعضها بارك و فصيل صغير يلهو بجانب المجموعة منظر لم يشاهده من قبل و هو العاصمي القح.
    حمار متوقف في الناحية.... هو يعشق ركوب الحمير... كلما يجيء إلى الدامر في العطلة القصيرة يهرب على ظهر حمار أما الجحوش فهو يخافها بعد أن أوقعه أحدهما... حتى الحمير الكبير تقتضي الحذر لكنه لا يخافها.
    كانت الجدة تدرك شقاوته التي تنظر الفرصة لتكشّر عن أنيابها. كانت تدرك أن المكان لا يزال عليه غريبا لذلك فهي مطمئنة بأنه سيظل مستكينا لساعا.
    جاءات الظهيرة... و جلس هو و جدته أمام الشيخ الذي وصل للتو. حكت الجدة: هذا الولد يا شيخنا اصابته عين ...ترك المدرسة و ترك والديه ليجري وراء الحمير ..و .. و حكت الجدة و شخّصت حالة ابن بنتها مدمن الهروب.
                  

05-07-2015, 06:27 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الهروب الصغير - نوستالجيا (Re: محمد عبد الله الحسين)

    نظر الطفل خفية للشيخ ... كان ذو شارب طويل نظراته حادة.. نظر إلى الطفل نظرات صارمة تكاد تخترق داخله فنكس الصبي رأسه في خشية نصف متصنّعة و إنصياح متكلف. فتح الشيخ كتاب أمامه و الجدة و الصبي صامتان. نادى الشيخ على صبية صغيرة و أمرها بإحضار بعض الأشياء و انتظر الجميع. وريقات كتب فيها الشيخ ثم طواها و وضعها جانباً. ثم أحضرت الصبية زجاجة بها سائل معتكر المنظر( عرف الصبي مؤخرا أنها محاية). ضاق صبر الصبي و ودّ لو تصل هذه الزيارة إلى نهايتها باسرع ما يكون( هو لا يحب الأجواء الرسمية و لا فترات الصمت المريب).
    انتهت الزيارة بعد أن أعطى الشيخ(حجاباً) ليلبسه الصبي و كرر بأن لا يخلعه إلا عند الاستحمام. و أخذته الجدة التي رأته فيه خلاصاً و علاجاً ناجعا للعين التي اصابت حفيدها. و بعد يومين تم إرجاع الحفيد إلى أسرته في الخرطوم و كان الجميع على يقين بأن تلك (العين) قد تم دحرها. و هكذا تنفّس الجميع الصعداء فالشيخ معروف و مشهور و علاجه ناجح.
    و لكن ....بعد عشرة أيام ذهلت الجدة و هي ترى حفيدها يقف أمامها .....في رحلة هروب جديد.
                  

05-07-2015, 07:17 AM

عبدالعزيز عثمان
<aعبدالعزيز عثمان
تاريخ التسجيل: 05-26-2013
مجموع المشاركات: 4037

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الهروب الصغير - نوستالجيا (Re: محمد عبد الله الحسين)

    عزيزي محمد،،تحياتي...
    ولكاني كنت ذلك الصبي،، نفس الهروب،، والتوق لبراحات بلا طوابير صباحية،، اجراس ومقاعد وسياط....
    ثم هي نفس العربة السفنجة البدفورد والشيخ والمسيد والحيران...
    شئ واحد،،فلقد كان شيخ ابي ذا دربة ومكر،،فهو قد خيرني بين
    المدرسة ام سيطان
    او خلوته ام الواح وفلقة...
    ثم امر احد الحيران ان يذهب بي حيث العيال في الخلوة
    واروني راي العين دق الفلقة والكرباج لصبي لم يحفظ الكفرون...
    مرعوبا عدت،،في صباح اليوم التاني بلا امر حملت شنطة قماشي
    متوجها صوب المدرسة ام جرس وسيطان...
    احييك بمحبة،،وما اجمل حنينك...
                  

05-07-2015, 09:55 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10911

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الهروب الصغير - نوستالجيا (Re: عبدالعزيز عثمان)

    الأخ عبدالعزيز عثمان
    تحياتي
    ليس غريبا أن أجد من يشاركني تلك الذكريات ذكريات الطفولة بخيرها و شرها.‏
    ‏ و يا لها من ذكريات مرعبة تفنّن فيها المعلمون و المدرسة في تخويفنا و بث الرعب في نفوسنا البريئة.‏
    كما أحي فيك أخي عبدالعزيز ذلك التوق المبكر للحرية و لرفض التضييق.‏
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de