00:53 AM Mar, 28 2015 سودانيز اون لاين حسين أحمد حسين-UK مكتبتى فى سودانيزاونلاين
توطــــئة:
يحتاج المرء بالضرورة لمعرفة كيفية إدارة العالم من حوله (Global Governance)، ليتكيَّف مع المآلات، لا سيما إذا كان عاجزاً عن صناعتها. ولا شك أنَّ العالم يتغيَّر بوتيرة أسرع من ذى قبل نتيجةً للتطور الهائل فى التقانة ووسائط الإتصالات، والمجتمعات التى لا تستطيع أن تواكب سوف تتخلف عن الركب لا مُحالة.
فالعالم يتعولم كما يقول عالم الإجتماع كارل ماركس (أول من قال بالعولمة) وفق تطور قواه المنتجة. وينتقل من نمط إنتاج إلى آخر، وفق مؤشر الربح؛ فإذا مال هذا الربحُ للتناقص، تزيد عدائية رأس المال. وسوف نرى ذلك واضحاً من النموذج/المتلازمة الدائرية التالية: تناقص الأرباح/الكساد - الحرب - التسوية الإقتصادية الجبرية - تناقص الأرباح/الكساد من ثان - ثم الحرب من جديد، وهكذا دواليك الديالكتيك الرأسمالى المشؤوم. وهذا النموذج سارى المفعول، على فكرة، منذ ما قبل حروب نابليون بل والحروب الدينية لِأُوروبا.
فالرأسمالى الشره (ماغنى غنىٌ إلاَّ على حساب فقير) من الممكن أن يشعلَ حرباً الآن، لمجرد أنَّ أرباحه قد تميل للتناقص بعد حين، وسوف لن تتوقف تلك الحرب إلاَّ إذا أوجد تسوية إقتصادية تُغنيه عن الحرب ( Bretton - Woods مثالاً). وسوف نرى فيما يأتى كيف أن الحروب والتسويات الإقتصادية الجبرية قد إستخدمت لِإعادة صياغة الشعوب وفق الهوى الرأسمالى.
والحروب كأدوات للتغيير وإعادة صياغة الشعوب، هى نفسها قد تطورت: من تلاحم جيوش الدول (الحربان العالميتان الأولى والثانية)، إلى الحروب بالوكالة (الحرب العراقية الإيرانية، الحرب الكورية، حرب فياتنام)، إلى الحروب بين الناس/الحروب الذكية (وما أكثرها هذه الأيام فى السودان والصومال وأفغانستان والوطن العربى، على سبيل النذر لا الحصر). وما يتبقى من النُّدُب والنتوءآت يتم تسويته وتسطيحه بالتسويات الإقتصادية المجحفة (الخصخصة/ذوبان قطاع الدولة). وأعظم إفعال لإعادة صياغة العالم فى التاريخ المعاصر هو رسملة المعسكر الإشتراكى/الشيوعى؛ فما عاد العالم الآن منقسماً بين دولة رأسمالية وأُخرى شيوعية فيما بعد الحرب الباردة، ولكنه يتمايز الآن بحيثيات الدولة الفاشلة (Failed State) الغير مندمجة، والدولة البراقماتية المندمجة؛ دولة الأعمال (Business State).
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة