حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جمال الدين) تحذير: توجد صور أدبية!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-01-2024, 08:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-27-2015, 10:58 PM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جمال الدين) تحذير: توجد صور أدبية!

    09:58 PM Mar, 27 2015
    سودانيز اون لاين
    الشيخ أبوجديري-Geneva
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    نبدأ من جديد ما انقطع من حكايات من "أم أرضة وجزيرة أم أرضة": رؤى أدبية، توثيق، تاريخ والمزيد عن المجتمع والسياسة ومعاش وحياة الناس في أوقات وأزمان مختلفة. نبدأ من جديد ما انقطع من حكايات من "أم أرضة وجزيرة أم أرضة": رؤى أدبية، توثيق، تاريخ والمزيد عن المجتمع والسياسة ومعاش وحياة الناس في أوقات وأزمان مختلفة.
    سلسة القصص يكتبها إبن أهلي ورفيقي وصديقي محمد جمال الدين من منفاه في هولندا. كانت في البداية حكايات مع حبوبة آمنة بت حماد ثم توسعت الفكرة لتصبح: حكايات من "أم أرضة وجزيرة أم أرضة" حسب كاتبها .

    أدناه على التوالي الحلقة رقم 19 ورقم 18 ورابط القصص السابقة في المداخلات المقبلة. مباشر من مكتبة محمد جمال على الفيسبوك وبإذنه والمشاورة المباشرة معه.

    تحياتي لكل اعضاء منبر سودانيزأونلاين وللقراء أجمعين واتمنى لكم قراءة ممتعة ونسمع منكم كلما أمكن.

    الشيخ أبو جديري
                  

03-27-2015, 11:04 PM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    حكايات مع حبوبة آمنة بت حماد.. حلقة "19" (حكايات من أم أرضة وجزيرتها)

    مؤجز أحداث وأقدار الرحلة من المتمة إلى جبل أولياء "أم أرضة" 1822 إلى تاريخ اليوم

    هذه الحلقة ستكون تاريخية لا أستعين فيها بالذاكرة وحدها وإنما تسجيل صوتي مدته في الأساس 17 ساعة أملك منه الآن مادة تسجيلية مدتها 6 ساعات وبقية المادة في قيد البحث. التسجيل المعني قام به الطاهر جمال الدين بين الأعوام 1977 و1981. جدتي تروي هذه المرة عن جدتها في إيهاب الإرث الشفاهي ناصع الوضوح وشديد الترابط. ويبدو جلياً أن مبتدأ القصة كان العام 1822 أي أحداث المتمة وشندي (حملة الدفتردار الإنتقامية).

    كان المك نمر في البداية يتوقع الهجوم من جهة الجنوب الشرقي والشرق. لكن حدثت المفاجاة أن جاء الهجوم من ناحية الجنوب الغربي وهو أمر لم يكن متوقع في الحال. تجمع الفرسان للحرابة جنوب شرق شندي وظلت النساء والعيال في المتمة محروسين بسبعين فارساً بقيادة الفارس أبو شكير. لكن جاء الأمر من أعيان البلد بإخلاء المتمة وشندي إلى أجل مسمى بعد أن تأكد أن الدفتردار قادم من الجنوب الغربي بقوة كبيرة ولم يكن هناك وقت لتجهيز قوة موازية فكان المنطقي إخلاء شندي والمتمة وهذا ما حدث بالفعل وفي آخر لحظة تم إخلاء تام لسكان شندي والمتمة الأصليين ولما لم يكن هناك كثير من الوقت ذهب المك نمر وأهل شندي ناحية الشرق وأضطر حراس المتمة مع أزواجهم وأبنائهم وبناتهم وإتنين من بنات المك نمر (ست البنات وبنونة) للإختفاء في الصحراء الغربية عشرين كيلومتر لمدة يومين ثم نزحوا ناحية الجنوب حتى وصلو قرى الجموعية في سرية وتكتم تام وعسكروا في "حتة ما" عدة كيلومترات جنوب الفتيحاب الحالية. فجاءهم جماعة من الغماراب أكرموهم وتحالفوا معهم في حادثة ست البنات بت المك نمر التي أدت بالغماراب والجعليين إلى أن ينزحوا إلى الجنوب ثم خاضوا البحر وأستولوا على المنطقة الشرقية من مقرن الخرطوم لغاية قوز الشيخ حامد في الجبل وسكن الغماراب قريتهم الحالية (غمار) شمال ود أبو دروس خمس كيلومترات شمال جبل أولياء على شط النيل. وتقاسموا أرض أم أرضة بينهم وحلفائهم الغماراب كما جزيرة أم أرضة وجزيرة رفيدة وعدة كيلومترات من الأراضي ناحية الشرق لغاية أراك صالح وناحية الجنوب الشرقي لغاية أب قوتة ومتحالفين مع بعض بطون المسلمية أولاد حسن دياب (جد الفكي فضل الله) وأهل شكر الله جد حسب الرسول عبد العزيز صاحب مشروع أم أرضة الزراعي في منتصف القرن العشرين. مقسمون الأرض فيما بينهم في سلام وحتى تاريخ اليوم.

    كانت الأرض شمال جبل أولياء تكاد تكون خالية من البشر وحتى مقرن النيلين على بحر أبيض وسوبا في الشرق على بحر أأزرق ما عدا اللاماب (فرع من الجموعية) والبساطاب جوار حجر الجبل وكانت كل تلك المساحة من سوبا شرقاً مروراً بالجريف وبري المحس وقلب الخرطوم الحالية والمقرن وحتى منطقة خزان جبل أولياء تسمى "أم أرضة". (هل وقعت حرب بين الوافدين الجدد وسكان أصليين محتملين فنزحو إلى مكان آخر أم أن الأرض كانت خالية تماماً من البشر؟. الرؤية ليست واضحة!). غير أن الرواية تقول أن المركز الذي أتخذه الوافدين الجدد يقع في مثلث ودأبو دروس/مسرة/قبل جاي وفي وسط المثلث توجد أم قراقير التي نشأت لاحقاً وهي منطقة عالية محمية من الفيضانات كما أنها تقع في قلب الأراضي الخصيبة في منطقة أم أرضة. ومقابلة مباشرة لقلب جزيرة أم أرضة التي أستولى عليها بالكامل الوافدين الجدد مع بعض حلفائهم الوافدين بدورهم. ثم تمددت السكنى الأصلية لتشمل ( الضفة الشرقية للنيل مباشرة) المسافة الواقعة بين السليكاب ناحية الجنوب والعسال ناحية الشمال وتشملهما. فأختلط الناس ببعضهم البعض وتطور التاريخ الديمغرافي في صورته الحالية شديدة التعقيد. وكانت شبه جزيرة أم أرضة قبل إنشاء خزان جبل أولياء جزيرة دائمة وكانت جزيرة رفيدة المقابلة أكبر من حجمها الحالي ولو أنها مغمورة معظم شهور السنة، صغر حجمها نسبة للجرف المتواصل وحجز الخزان للطمي ناحية جنوب الخزان الذي كان يزيدها عدة سنتمرات كل عام قبل الخزان الذي نشأ عام 1937 لتعويض مصر المياه المستقطعة لري مشروع الجزيرة.

    Flashback
    تم إخلاء المتمة بالكامل كما شندي من السكان الأصليين (لا أحد) غير أن الآلاف الذين قتلوا ببشاعة في المتمة وشندي على يد الدفتردار وحلفائه كانوا من القرى القريبة أو البعيدة الذين نزحوا في وجه الدفتردار محتمين بشندي والمتمة لسببين مختلفين: الأول أن معظم الجماعات التي تقيم جنوب المتمة وشندي (جعليين وغيرهم) كانوا يدينون للمك نمر بالولاء وكانوا يعلمون مسبقاً أن الدفتردار لن يكون رحيماً بهم.. والثاني: كانت تنقصم المعلومة بالخطة التي توصل لها أهل المتمة وشندي فألفاهم الدفتردار وقتل منهم كل من وجده كبيراً أو صغيراً رجل أو إمرأة. وجاء ذلك على أثر حرق المك نمر لإسماعيل باشا المستعمر الغازي بعد أن حاول إسماعيل بمعونة جنده يسوقه شعوره بالعظمة بمحاولة الإعتداء على بنونة بت المك لحسنها وجمالها كما كسر عزيمة قومها (رواية جدة عن جدة) وذاك هو الأمر وليس كما أشيع وكتب في المكاتيب الرسمية التركية "التي تسعى للتبرير" أن القصة من خلف مقتل إسماعيل باشا وجنده خلاف على مسائل مادية وعينية.

    قافلة الصحراء تصل مناطق الجموعية:

    عسكرت القافلة في تكتم وسرية في منطقة نائية جنوب الفتيحاب أميل إلى الصحراء في منطقة الجموعية وذات كثبان رملية صغيرة تتخللها مجاري لمياه موسمية أشبه بالخيران وتنبت بها أشجار العشر والسيال والكتر. السرية كانت ضرورية كون القافلة تشمل بعض أهل وأقرباء المك نمر من الدرجة الأولى ومن ضمنهم بناته (بنونة وست البنات) وآخرين عددهم حوالي 380.

    فتنة دار جموعية والهروب إلى الضفة الشرقية للنيل "جبل أولياء":

    بعد عدة أيام أخذ الخبر ينتشر أن هناك قافلة من الجعليين مختبئة بالمكان فجاءهم أعيان البلد وفرسانهم واسوهم وأكرموهم وعزوهم ومن ضمنهم المك ناصر الكبير وأولاده لكن دون أن يعلم أحد بوجود أسرة المك نمر ضمن القافلة. كتم السر كان ضرورياً لكي لا يجد الأتراك في تعقب الجماعة. ذاك الأمر كان من أعظم الأسرار!. غير أن أحد أبناء عمد الجموعية (قال بدور ست البنات) أعجب بست البنات بت المك نمر وهام بها وحاول إستغلال الحالة الصعبة بالزواج منها بالقوة في نفس اليوم. فرده قائد القافلة (أبو شكير) بأن الأحوال لا تطيب للزواج دون أن يكشف له السر.
    فالح إبن العمدة وجاء بالمأذون لغاية معسكر الجعليين فقتله أبو شكير وخمسة من مرافقيه ونزح في الحال ناحية الجنوب فالفاه فرسان من جماعة العمدة الجموعي ناحية الغماراب فتعاطف الغماراب مع الجعليين وحموهم فقتل اهل العمدة 27 نفر من الجعليين و15 من الغماراب وأمر العمدة جنده بإحضار البنت التي كان ينوي إبنه القتيل زواجها ليزوجها لآخر من أبنائه غير أن أبو شكير أمر ثلاثة من معاونيه بالفرار بست البنات بت المك نمر للضفة الشرقية من النيل فأقامت في منطقة اللاماب في تكتم لمدة من الزمن ثم عادت إلى شندي بعد ذلك دون أن تلحق بالقافلة مرة ثانية وظلت بنونة وبقية الاسرة والجميع يكتمون السر طوال الوقت.
    وقيل أن أحد عمد الجموعية الحكماء وإسمه: أحمد الطريفي ود الطريفي الكبير هو من نصح الجعليين وفرع من فروع الغماراب المتحالفين مع الجعليين بالخروج من دار الجموعية للبر الشرقي تلافياً للفتنة وأخبرهم بمصيبة العقرب الطيارة في تلك البلاد الغنية الموحشة فعملوا بنصيحته وخاضوا البحر ناحية المكان الذي أقيم فيه خزان جبل ولياء لاحقاً. وسمى حفيد أبوشكير (مردس) أحد أبنائه بإسم عمدة الجموعية الحكيم فكان أحمد الطريفي عم آمنة بت حماد (صاحبة الرواية) شقيق والدها حماد ود مردس ود على ود أبو شكير.

    وعندما جاءت المهدية وأنهزم الأتراك أنكشف أمر الجعليين فطالتهم أيادي الجهادية بعد مجزرة المتمة. وأحتفط الناس بعاداتهم وتقاليدهم بلا تغيير يذكر وعاشوا في أمن وسلام كل الوقت لم تتخله أي حروب أو أحداث كبيرة غير بعض المناوشات مع الجهادية التعايشة بسبب الضرائب وسوء التفاهم المشترك وكانوا ليسو على خلاف يذكر مع الإنجليز.

    جل حكاوي جدتي تدين الأتراك وتتحدث عن مساوئهم وشرورهم وتدين بذات القدر التعايشة "المهدية" وتوصمهم بكل قبيح كما تمجد المناضلين والشهداء الذين سقطوا في مواجهة المهدية أو سعوا للإنتقام لضحايا العسف المهدوي ومنهم "مصطفى وسند" أبناء عمومتها الذين قتلوا الجهادية في السجن فأعدمهم الإنجليز. في هذا السياق تقول أن أمها "البتول" صدرها مشروط من فوق نهدها الأيمن وحتى سرتها بسوط الجهادية التعايشة بعد أن قطعوا أيادي أبوها وأخوانها بالسيف وقالت أن أمها البتول لا تتحدث عن ذكرياتها المريرة أيام الدولة المهدية وإلا خنقتها العبرة وسبقت كلماتها الدموع.

    غير أن آمنة بت حماد لم تكون أي ذاكرة سياسية حديثة. لم تكن تعرف المرحلة الوطنية التي أعقبت خروج الإنجليز من السودان. لا توجد لديها أي حكاية مميزة عن تلك المرحلة. توقفت ذاكرتها عند المهدية، تلك في الحقيقة الذاكرة الجمعية أي مخيلة الناس من جيل حبوبتي نقلاً وإتساقاً مع الأجيال السابقة إذ ان ليس لحبوبة أي موقف مستقل عن موقف الجماعة. ولهذا فوجب أن تؤخذ روايات حبوبتي عن المهدية ببعض الحذر أي لا يجب قبولها على علاتها كما لا يجب رفضها "كدا بس" وفي كل الأحوال وجب النظر إليها في سياقها الزماني والمكاني.

    وبرغم الصفاء المقيم الذي جبل عليه الناس (أصحاب السر العجيب) كانت هناك مشاجرات كثيرة صغيرة بين أولاد العم بعضها ينتهي بقتيل وفي الغالب طعناً بالسكين في أمور قد يراها الناظر المحايد ليست ذات بال لكن سرعان ما ينتهى الأمر دون ثارات أو ضغائن بين الأهل.

    تاريخ الإغتيالات بين أولاد العم:
    أبو شكير قتل من حاول الوشاية بوجود ست البنات وبنونة بين أفراد القافلة والقتيل إسمه (أحمد الحمراني) في العام 1822 بأرض الجموعية لم يكن في ذاك الزمان قانون محدد ولا دولة. مقتل ثلاثة من أولاد العم على يد بعضهم البعض أثناء جولة بطان يوم عرس أحمد الطريفي في العام 1873 بقرية ود أبو دروس وقيل أن الحفل تواصل حتى الصباح دون توقف وتم دفن الجثث في نهار اليوم التالي دون دموع. وفي المئة عام الماضية عدد من الأحداث أهما قتل الأخوين أحمد وسند أحفاد أبوشكير ل 35 من أنصار التعايشة وجنودها السابقين في أحد سجون الإنجليز وقد حكم على أحمد وسند بالإعدام شنقاً بواسطة الإنجليز في حوالي العام 1927. مقتل جدي الزبير ود مصطفى من ود أبو دروس على يد إبن عمه جدي صديق القرشي من قبل جاي في الخمسينات. مقتل خالي شمس الدين من ود أبو دروس على يد إبن عمه عبد القادر ود ضمرة في الستينات. مقتل النذير البشرى على يد إبن عمه سليمان الماحي في العسال في بداية الستينات. مقتل صديق الدود الماحي على يد إبن عمه عبد العزيز الماحي وقبلها قتل أحدهم من السليمانية شرق في نهاية الستينات. وتم سجن مؤبد او اعدام القاتل في كل المرات وانتهت القضية بين الاهل في تصافي وود ومحبة وفي بعض الحالات كان عفو لا غير ولا أثر ولا تأثر حسب مقتضى الأحوال.
    وحديثا تواصلت الأحداث بذات النسق: فذهب عنا أخواننا الآتية أسماءهم: عوض يعقوب من العسال 1996 والشيخ حسن على من ود مختار
    سنة 1995 وبشير رحمة الله من ود مختار 1992
    و الماحي من ود بلول وأستاذ صديق الامام من ود بلول في الألفينات. بعض هذه الأحداث شابها الغموض ولو أنها تمت في ذات ظروف ونسق وأدوات الماضي!. ولكن في كل الأحوال ظل الأهل حريصون على الحلول السلمية والقانونية بعيداً عن التصعيد والثأر. الرحمة والمغفرة للراحلين من أهلنا وللجميع. وتلك المآسي على بشاعتها لم تؤثر على السلم الإجتماعي ولا تلاحم الجماعة التاريخي منذ اول قتيل في العام 1822 وحتى أخرهم في 2002 . وظلت المسيرة الخيرة تمضى إلى الأمام.

    هنا تنتهي الحلقة ال "19" ونواصل.. بعد قراءة الملاحظات التالية:

    ملاحظات:
    - هذا الحكي ليس للفخر العشائري (جلنا ضد النزعات العشائرية والقبلية والمناطقية) وإنما فقط لتثبيت رواية جدتي للأحداث بالصورة التي وردت لها من أمها وجدتها. جدة حبوبة كان عمرها 13 عاماً حينما كانت جزءاً من القافلة الهاربة إلى الأرض الجديدة
    - ليس بالضرورة أن هذا توثيق تاريخي كونها ذاكرة من طرف واحد وفيها ما هو مناقض لوقائع يحسبها الناس هي التاريخ الحقيقي!.
    - هذه الأحداث التاريخية غير محققة بعد علمياً لكن جزءاً من الأرث الشفاهي وذاكرة جدة من جداتنا محايدة تجاه ذاكرتها.
    - كما أن الحكي لا ينطوي على أغراض عملية من قبيل إدعاء حيازة الأرض أو المجد الرمزي فالوطن للجميع والناس سواسية وكل نفس بما كسبت رهينة. ولا شيء لتهييج الحميات التاريخية فالتاريخ أنقضى بخيره و شره ولم يتبقى منه شيء غير العبر.

    يتواصل.. حكايات من أم أرضة وجزيرتها.
    محمد جمال
                  

03-27-2015, 11:27 PM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    حكايات مع حبوبة آمنة بت حماد .. حلقة 18

    البرتقالة المسمومة

    موقع الأحداث:
    بعد إنهيار مشروع حسب الرسول بفترة وجيزة (عدة سنوات كانت لازمة لتصفة المشروع) آلت البيوت السبعة للقرية الصغيرة النموذجية لعدد من الأسر (ملاك الأراضي أو/و مدراء المشروع السابقين). كانت البيوت مشيدة من الحجارة والقرميد على النسق الإنجليزي التقليدي كون المشروع بدأ تنفيذه في العهد الإنجليزي في حدود العام 1940 وانهار في بداية السبعينات. وعلى صغر مساحته بالمقارنة كان الأضخم من نوعه في كل المنطقة الواقعة جنوب الخرطوم. يقع المشروع داخل جزيرة أم أرضة وكانت الوابور والقرية النموذجية في الركن الجنوبي للجزيرة حوالي ثلاثة كيلومترات شمال خزان جبل أولياء. الإستراحة الكبيرة (قصر حسب الرسول) كانت من نصيب أحد أهم موظفي المشروع وهو ود اللغا وأسرته من ود النقيدة. والبيت المحازي للإستراحة من ناحية الشمال آل إلى عبد الله ود مصطفى (أيضاً من موظفي المشروع) من ود أبو دروس. وتوزعت بقية البيوت على بعض الملاك الأساسيين للأراضي بالوراثة وهم: الحاج محمد الطريفي مردس ومحمد موسى وجمال الدين حامد (الوالد) جميعهم من ود أبو دروس والسر أن والدة حسب الرسول من ود أبو دروس وهي جدتي عمة أمي المباشرة (دار السلام بت الطريفي). بالإضافة إلى ذلك كان هناك بيتان لم يعمرا طويلاً وهما: بيت المهندس الفني للمشروع وإسمه سعيد (حلفاوي) كان معظم الوقت يقيم مع أسرته في ديم البساطاب (وكان عنده ولد إسمه الطاهر رافق الوفد السعيد من باب الشمشرة إلى مستشفى الجبل يوم طهوري وقد سبق أن إستفتيته في أمر الطهورة بوصفه زول خبرة فما طمني كلو كلو، لوى خشمه وقال لي: ( والله حاااااره، بس أنا ولا بكيت) وانا كنت محنن ولابس هلال. ويملك سعيد أبو الطاهر حديقة قريبة من وابور المشروع كنا نسميها "جنينة سعيد" كان يزرع بها عدد من الفواكه وكنا نسرق منها المنقة. كما كان هناك بيت على ود اب دية وزوجته كاكا من قرية أم رباح. أقمنا ثلاثة سنوات في ذاك المنزل ثم رحلنا إلى أرض جدنا الفكي فضل الله حوالي كيلومتر ونصف ناحية الشمال من وابور حسب الرسول. في خلال تلك الثلاثة سنوات تعرضت عبر المصادفة لحادثي تسمم غذائي (الأول سمك والثاني برتقالة طافحة في النيل) مازالت تلك البرتقالة تمنعي شراب موية النيل حتى تاريخ اليوم (تسببت في حساسية دائمة).

    كان بيتنا ملاصق لبيت خالي الحاج من ناحية الجنوب وخالي محمد موسى من ناحية الشمال متزوج من خالتي مهدية بت البشير. وكانت هناك إشتراكية تامة في الطعام والشراب والأمن كون الناس أهل من الدرجة الأولى. عندما يصبح الصبح انت لا تعلم أين ستشرب الشاي ولا أين تكون وجبة الإفطار حتى تحدث الأمور بشكل تلقائي وتجد نفسك في المكان الذي يتقرر بتشاور تلقائي بين الكبار وكأنه الهمس وأنت تشرب وتأكل وتمشي تلعب في تلك الأجواء البديعة على شاطي البحر في أمان لا تشوبه شائبة.

    خالي الحاج متزوج للمرة الثانية من بخيتة بت الدكر "ما من البلد" وهي إمرأة ذات خواص نادرة: لطيفة وحنينة وكريمة كرم شديد "جوده جود أروش". وقيل في الروايات تحت تحت أن خالي الحاج أرتبط بها لسببين الأول شهرة أسرتها بالنبل والكرم والثاني "مهرب" إذ أن أهل بخيتة بيلدو البنين وقد إختص الله أهلي الطريفاب بالبنات دون البنين وهو أمر كان مقلقاً جداً لحبوبتي آمنة بت حماد. بخيتة تخصص سمك وخالتي مهدية تخصص تقلية وأمي عندها مرتبة الشرف في ملاح النعيمية. تصادف في يوم من الأيام النادرة أن كان سمك بخيتة بايت. فتسممنا أنا وعبد الرافع والصديق أولاد محمد موسى وعبد القادر ود بخيتة ذاتها وعدد آخر لا أذكره من الأولاد الصغار. فأخذونا عابرين النهر عبر الفيلوكة إلى النقطة الصحية بقرية ود مختار المجاورة فأدونا حبوب بيضاء أظنها سلفا وشربونا موية وبعد عدة ساعات بقينا كويسين وأنا مشيت مع أمي بتنا عند ناس كادوم زوج بت خالتي مهدية (زينب) وكانت والدة طفلة جديدة جميلة إسمها "منال" هي الثانية بعد السيدة.

    تسمم السمك مر بسلام. لكن بعد عدة أشهر لاحقة وجدت برتقالة على شاطي البحر جاء بها تيار الماء من ناحية خزان جبل أولياء إلى حيث أقداري.

    البرتقالة المسمومة:

    في العام 1937 أكتمل إنشاء خزان جبل أولياء بهدف تعويض مصر المياه المستخدمة في ري مشروع الجزيرة الذي تأسس في العام 1925. وظل الخزان تحت الإشراف المباشر للحكومة المصرية وحتى العام 1977. وهناك قرية في جبل أولياء إسمها "المستعمرة" كانت مقر الوفد المصري المشرف على الخزان.
    هذا الخزان لم يغير البيئة الطبيعية فحسب بل أيضاً الديمغرافية "التركيبة السكانية" والمزيد "الخيال" خيال الناس وثقافتهم فأصبح كل شيء مصري الذوق والزوق فجميع المدارس كانت مصرية وأهمها مدرسة جمال عبد الناصر الثانوية فعلى سبيل المثال كانت دفعتي أول دفعة تدرس بالمنهج السوداني في الثانوية العليا وذاك هو السر البسيط أنني درست بجامعة الخرطوم دون الكثيرين إذ كان في السابق كل الناس الناجحين يقبلون بجامعة القاهرة الفرع لا الخرطوم لإختلاف المنهج الدراسي.

    وقامت صناعة السمك وأهمها "التركين" بغرض التصدير إلى مصر
    وحدث المزيد قبل ذلك: غمرت المياه عشرات الألاف من الأفدنة الخصيبة ناحية الجنوب وحتى مدينة الدويم. وكما أسلفنا تغيرت التركيبة الديمغرافية بجبل أولياء بشكل حاسم ونهائي. تأسست المستعمرة ثم الحلة الجديدة فحلة التجار من أناس جاءوا من شمال السودان وأرجاء أخرى من البلاد وتأسس مجمع التدريب العسكري وكان هناك عدد كبير من الخبراء والمخابرات والعسكريين المصريين منهم جمال عبد الناصر وحسني مبارك والسادات وكمال الشناوي من المشاهير.

    فأصبحت المنطقة الجبلية الصغيرة تعج بالناس والأحداث وتنوء بالكارثة وما تزال. وأمر آخر: التلوث البيئي. كان زيت القوارب الحديثة والسفن ينجر خيوطاً فوق سطح الماء وفضلات البشر والمزيد. كان بعض المصريين وأجانب آخرين يأتون ولو خلسة وفي خجل لأصطياد الوز والأرانب البرية التي كانت تعج بها جزيرة أم أرضة مستخدمين بنادق الصيد الرشاشة. تلك البرتقالة كانت ملوثة، مسمومة. جاءت مع المد الجديد تحمل في أحشائها ذاكرة التحولات العظيمة في جبل أولياء بعد اربعة عقود من بناء السد مصري الهوى.

    نحن في منطقة أم أرضة لم نتأثر في الحال بتلك التحولات الكبيرة كون أهلي يعتمدون على أنشطة إقتصادية قديمة وراسخة (الرعي والزراعة) غير خاضعة للنظام الحديث الوافد مما جعلهم في مأمن إلى قدر كبير من الزمان في الحفاظ على نمط عيشهم وعلى منظمومة قيمهم القبلية الراسخة. غير أن البرتقال لم يتركننا وشأننا. ظل البرتقال المسموم يزحف إلينا خلسة حتى قضى على كل شيء!.

    كنت ألعب على شاطي النهر كعادتي، فرأيت من عدة أمتار من الشط بقعة صغيرة صفراء نصف غارقة في الماء. كانت برتقالة، أخذتها تأملتها للحظة ثم أكلتها بلا أي تفكير، لم يكن في الإمكان. بعد نصف ساعة، أصبت بدوار شديد وطمام وشرعت أستفرغ كلما بي أحشائي. كانت في حلقي طعم زيت السفن.. ذاكرة ملوثة.. "ذاكرة زيت السفن".. هكذا أسميها!. . هذا الذاكرة تلازمني حتى هذا اللحظة. أصبحت في المستقبل كلما أشرب من النيل أستفرغ في الحال، ثانية واحدة. وليس الشراب فحسب بل أحياناً عندما أشتم الرائحة "المماثلة" مخزونة في ذاكرة الجسد والعقل الباطن أشعر بالضيق. وحتى هذه اللحظة أشعر بذات الشعور غير المحبب عندما آكل سمك غير مطهي جيداً وفي بعض المرات "هذه الأيام" عندما أقف على شاطي بحر الشمال في أوروبا الغربية "البعيدة" فتتخلق روائح البحر أذكر نكهة تلك البرتقالة المسمومة بشكل لا إرادي.

    تلك البرتقالة ظلت تمثل عندي رمز الحداثة المستجلبة "المشوهة" في خاطري على الأقل فيما يتعلق بأم أرضة وجزيرتها.

    يتواصل..

    محمد جمال
    mailto:[email protected]@yahoo.com
                  

03-27-2015, 11:32 PM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)
                  

03-28-2015, 04:28 PM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8793

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    سلام يا محمد

    المناطق دى قريبة لينا
    ام ارضا-قبل جاى - ام رباح

    طوالى كان تحصل شكلة فى البص لمن واحد يصر على البص ينزل بى تحت ويفارق الظلط عشان ينزل قدام بيتو

    مدرسة الجبل والتى درسنا بها اسمها ناصر الثانوية جمال عبد الناصر دى المجاورة للفرع فى الخرطوم

    التركين كان بيباع داخل السودان وخاصة الى بور سودان
    البصدر الى مصر هو الفسيخ

    (عدل بواسطة mohmmed said ahmed on 03-28-2015, 04:29 PM)

                  

03-28-2015, 09:29 PM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: mohmmed said ahmed)

    http://www.qqq4.com/
    حسب الرسول عبد العزيز ولد في 1901 ورحل عام 1964

    Md Gamaleldin added a new photo.
    23 February·
    مفاجأة: حسب الرسول عبد العزيز ولد في 1901 ورحل عام 1964.. صاحب مشروع أم أرضة الزراعي 1940-1964.. منذ البارحة حدث أمر شكل لي مفاجأة في غاية السعادة بالنسبة لي إذ كلمتني لأول مرة إبنتا الرجل العظيم (عوضية ونعمة "حلاوة") عبر التلفون وكان حديث ثر وشهي ومثمر.. آخر مرة رأيت نعمة (حلاوة) أو تحدثت معها كنت في المرحلة الإبتدائية في الثمانينيات ولم أسمع منها أو عنها أو من غيرها بعد ذاك التاريخ.. فوجدتها بخير وأهلها بخير ودا شي عظيم. وهم مازالوا يعيشون كل الوقت بأمدرمان الثورة وأما عضوية وزوجها (إبراهيم) وأعضاء الأسرة الصغار فهم في إنجلترا منذ عدة سنوات.. هذا اللقاء الجديد سيكون فاتحة لوعي جديد حول الرجل العظيم (حسب الرسول) صاحب الوابور وهو أول من عمل مشروع زراعي هو الأكبر من نوعه في تاريخ منطقة جنوب الخرطوم وهو أول من أسس مدرسة بمنطقة أم أرضة (جبل أولياء) في العام 1944 وأول من أنشأ مركز صحي في ذات الزمان وهو أول من أدخل الوعي المدني في منطقتنا وفعل المزيد. وهو جدنا حسب الرسول عبد العزيز ود دار السلام بت الطريفي.. في الأيام المقبلة ستكون المزيد من القصص عن حياة وتاريخ هذا الرجل الفذ الذي ولد في قرية صغيرة منسية على الضفة الشرقية من النيل في العام 1901 هي قرية ود أبودروس "حلتنا" ورحل في العام 1964 مخلفاً من ورائه إرثاً عظيماً من المجد والفخار. سأحدثكم لاحقاً عن كل شيء بالتفصيل.. ولمن أراد التعرف مقدماً على بعض الشذرات (الروائية وليست التوثيقية) عليه أن يطلع على الرابط التالي:
    http://www.sudaneseonline.com/cgi-bin/sdb/2bb.cgi?seq=msgandboard=470andmsg=1399573589andfunc=flatview

    كما هذا الرابط (قصة واحدة من الذاكرة):

    http://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-56546.htmhttp://www.alrakoba.net/articles-action-show-id-56546.htm

    تحياتي
    محمد جمال
    ---
    من الفيسبوك

    (عدل بواسطة الشيخ أبوجديري on 03-28-2015, 09:38 PM)
    (عدل بواسطة الشيخ أبوجديري on 03-29-2015, 00:05 AM)

                  

03-29-2015, 00:03 AM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    هلا بمحمد ود سيد أحمد
    شوف الصدف يا ود سيد احمد في خلال عدة ساعات من الان ح اقابل محمد جمال في برشلونة الاسبانية.
    وهسا معاه على الخط. قلت ليه في زول اسمه محمد سيد احمد صلحك في البوست. قال لي دا علم من اعلام الجبل الكبار ومفكر ولطيف الطباع وأي كلام بقولو مهم.

    وبالنسبة للفرق بين الفسيخ والتركين (قول لمحمد سيد احمد نحن مزارعين ورعاة وأهل سعية، السمك ما تخصص أهلنا، ولغاية عهد قريب بنبدل اللبن بالسمك مع الحواتة في الجبل واما مدرسة ناصر العربية في جبل أولياء كنت أظن مرجعيتها في إسم
    جمال عبد الناصر الذي وصل جبل أولياء أول مرة عام 1939 "؟".
    ومرة ثانية لدي معلومة من مصادر عديدة أن ما كان يصدر إلى مصر يسمى الملوحة "التركين" في المقام الأول وليس الفسيخ على الأقل بين الأعوام 1945 و1977 والتركين وجبة نوبية مصرية فرعونية قديمة يهتم أكثر ما يهتم بها نوبيو مصر وشمال السودان كما الجالية السودانية المقيمة بمصر، وكانت أهم وجبات بناة الأهرامات اللفرعونية ذاك الزمان) دا كلام محمد جمال
                  

03-29-2015, 00:28 AM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    مقطع من رواية حرب الأنهار (النيل والراين) قصة الرجل الغريب الميت (قصة حقيقية وواقعية) من قصص جزيرة أم أرضة
    ---
    حكاية "الرجل الغريب الميت"
    09-22-2013 08:18 PM

    وجد أبي مرة جثة رجل غريب طافية على شاطئ النيل قبالة منزلنا من ناحية اليسار. كانت الجثة واهنة ومتحللة وهناك ثقوب في البطن وفي الظهر والأفدح من ذلك أن الأنف والشفتين كانتا مفقودتين كلية بفعل ما يبدو وكأنه اعتداء أسماك أو كائنات نيلية صغيرة على جسد الغريق، مما جعل الناس الذين تدافعوا من القرى المجاورة إلى حيث الجنازة يتفحصون جسد الغريق بأعينهم المذعورة كثيرا خشية أن يكون أحدا منهم أو شخصا ما يعرفونه فلا يستطيعون الوثوق من شيء. تحلق الرجال بجلابيبهم البيضاء حول الجثة من كل ناحية وصوب ومن خلفهم النسوة يبكين الميت في ذعر بين دون أن يتأكدن من هويته وكان الأطفال يتسللون في تلقائية من بين المناكب المتدافعة إلى حيث مكان جثة الرجل الغريب الميت. كان مشهدا مهولا من الفوضى والرعب.

    لقد وصل الخبر في لمح البصر إلى كل مكان في البلدة وإلى البلدات المجاورة وربما أبعد من ذلك بكثير. كان الخبر يزحف ناحية الصعيد "الجنوب"، ناحية تيار الماء الذي جاء بالجثة إلى هنا. إلى حيث منزلنا بجزيرة أم أرضة. ظن كل الناس وجزموا أن الغريق قادم من الصعيد، إنه الاحتمال الذي يشبه وقائع الطبيعة ليس إلا! فليس من المستبعد أن يكون الغريق ذهب إلى الصعيد بمركب شراعية وعاد محمولا على تيار الماء ناحية أهله في السافل "الشمال" بعد أن تسببت كارثة ما في غرقه. ربما انتحر، قتل نفسه عمدا، لا أحد يستطيع أن يجزم بشيء ما أي كان!.

    قفل الناس راجعون من حيث أتوا في سرعة البرق يتفقدون ذويهم ويعلنون خبر الجثة التي جاء بها أبي إلى منزلنا ووضعها على طاولة خشبية كبيرة في صحن الدار بعد أن غطاها بعمامته البيضاء في انتظار ما تسفر عنه الأنباء.

    بعد يوم كامل من البحث في كل أرجاء القرى المجاورة تبين جليا أن الغريق ليس من هنا. ليس من البلدة ولا البلدات المجاورة. إنه رجل غريب. في حوالي الأربعين من عمره. الأمر الوحيد الذي استطاعه أبي هو تقدير عمر الغريق من تمام أسنانه وتناسقها وبياضها. كان من المستحيل تحديد أي هوية محتملة للرجل الغريب الميت. لا أحد يستطيع تخمين قبيلته أو عرقه كون أهم محددات الهوية العرقية مفقودة وهما الأنف والشفتين. كما أن لا أحدا يستطيع أن يتعرف على دين الرجل أو أخلاقه كون ذاك أمرا غير مستطاع.

    والأدهى من ذلك كله قيل أن أحد الرجال الموتورين شك في أن الرجل الميت ربما كان من رهط الأعداء القبليين، فقالها علانية في وقاحة تضاد أي وقار محتمل لمثل تلك اللحظات العصيبة " هذه السحنة من سحنات قاتلي أبناء عمومتنا في الصعيد". فانقسم القوم تجاه شكه يعلنون موافقتهم أو رفضهم بغير كلمات، فقط صدرت همهمات كثيرة متشابكة يصعب تحديد مصدرها أو معناها على وجه الدقة.

    ليس ذاك فحسب، لقد جالت برؤوس القوم الكثير من الخواطر "ربما كان كافرا أو نصرانياً، هناك شعائر مختلفة تجب في حقه"، "ربما كان مجرماً، لصاً أو قاتلاً محترفا" أو "ربما اتهمنا أهله بقتله وطلبوا الثأر". كانت الظنون والشكوك والهواجس تزحم المكان. ولكن بين الفينة والأخرى تتجلى مسافة زمنية صغيرة شاغرة تشع عندها حالة من الصمت الظاهري في لباس الخشوع، حالة هدوء يكذبها صخب الدواخل ولجاجة الضمائر. إنه هدوء مفروض قسراً بواسطة سلطان الموت الجبار.

    على أي حال كل تلك الظنون والتخمينات ليست عبطاً أو بلا معنى! فعلى أساسها سيتحدد عمليا "أين سيقبر الرجل الغريب الميت وكيف ومتى". المقابر مقسمة على أساس قبلي (عرقي) صارم وديني غير قابلين للجدل. لا توجد مقابر خاصة بالأغراب أو البشر الميتين غير محددي الهوية. تلك كانت أول حالة تواجه الناس في البلدة. دار جدال ساخن بين رجال البلد حول سؤال " مكان دفن جثة الرجل الغريب!".. كان جله جدلا عقيما وبلا جدوى:
    "أن يدفن جسد الرجل الغريب الميت مثله وأهل البلد فيغسل ويكفن وفق النظام المتبع في العادة، غير ممكن، أن ترجع الجثة إلى مكانها الذي أتت منه خلسة فيحملها تيار الماء إلى شأنها، غير متفق عليه، أن يتم إبلاغ السلطات الرسمية "الحكومية" ويترك لها حق التصرف في الجثة، غير محتمل، كون الحكومة لا تكترث بالأحياء فما بالك بالموتى".

    لقد عطب خيال القوم!.

    أخيرا حسم أبي الأمر. كان رجلا حكيماً ويتمتع بخواص نادرة. أمر الجميع بالذهاب وترك الجثة له وحده "تلك هي لقيتي التي لقيت، أنا أتبنى هذا الرجل الغريب وأعتبره جزءاً لا يتجزأ من أهلي وأسرتي وليس له علاقة بكم ولا بمقابركم". فانفض القوم بعد بعض لأي جديد. وعند منتصف تلك الليلة وعلى ضوء القمر الخافت الحزين كفن أبي الجثة وصلى عليها وحده سراً، فقط كانت هناك امرأة واحدة تبكي بغير دموع ولا صوت تقف بجانبه تعاونه في مهمته الحتمية، تلك المرأة هي أمي، ثم دفن أبي جثة الرجل الغريب في العراء بالقرب من بيتنا حوالي مائتي متر شرقي الدار وصنع فوق القبر كتلة من الجالوص وغرز يمين القبر ويساره عصا صغيرة من أعواد السنط. وظل أبي لسنوات عديدة لاحقة ومن حين إلى آخر يذهب إلى قبر الرجل الغريب الميت يقف أمامه يرفع يديه إلى السماء راجيا له الرحمة ومتمنيا لروحه السلام. كان يفعل ذلك بصورة دؤوبة حتى رحل بدوره إلى العالم الآخر.

    وظللنا أنا وأمي بدورنا نفعل مثله كلما تحين الفرص وربما حتى نرحل مثلما رحلا "الرجل الغريب الميت وأبي". كما شرع كثير من الناس الآخرين يجيئون إلى القبر بغرض التحية على روح الرجل الغريب الميت. يبدو أن الرجل الغريب الميت ظل يفرض نفسه على الواقع كلما مر الوقت. لقد قبله الآن كل الناس الذين رفضوه في البدء كأحدهم، ولو أسكنوه في قبره وحيداً في وحشته الأبدية، وكأنهم الآن يكفرون عن خطيئة ما! ثم رويداً رويداً أصبح "الرجل الغريب الميت" جزءاً لا يتجزأ من وقائع الطبيعة العادية واليومية كما جزءاً أصيلاً من ألغازها العديدة.

    محمد جمال
    ---
    رواية حرب الأنهار (واقعية) صادرة عن دار أوراق المصرية العام الماضي
                  

03-29-2015, 00:36 AM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    قصة الرجل الغريب الميت حدثت في الخمسينات وقبره ما يزال موجود حتى هذه اللحظة في قلب جزيرة أم أرضة في مكانه الموصوف في القصة أعلاه
                  

03-29-2015, 04:31 AM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8793

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    شكرا الشيخ

    شكرتنى كتير
    غايتو لطيف الطبع ما بطالة

    بس مفكر وعلم من اعلام الجبل
    الله عليمو


    المصريين ما بيعرفو التركين
    بياكلو الفسيخ ونىء كمان

    والمدرسة ناصر انا درست فيها من اولى ابتدائى حتى ثالثة ثانوى
                  

03-29-2015, 09:53 PM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: mohmmed said ahmed)

    هلا بيك تاني استاذ م. سيد احمد والف مرحب بيك

    والسؤال وانت اعلم عن مدرسة ناصر العربية بالجبل كونك درست بها. السؤال: ماهي مرجعية كلمة (ناصر)؟. اليست في: جمال عبد الناصر؟. دا لو عندك معلومة وبعد اذنك طبعا.

    ماذا كان اسمها قبل ناصر هل كانت اسمها مدرسة الملك فؤاد كما كان اسم مدرسة جمال عبد الناصر بالخرطوم؟.
                  

03-30-2015, 03:41 PM

mohmmed said ahmed
<amohmmed said ahmed
تاريخ التسجيل: 10-25-2002
مجموع المشاركات: 8793

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    سلام الشيخ

    المدرسة اسمها جبل اولياء فى ايام دراستنا وكان عندها اسم قديم ما عارفو

    التسمية بعد وفاة جمال عبد الناصر
    ومن الجدير بالذكر ان عبد الناصر قبل ثورة 23 يوليو كان موجود مع الجيش المصرى فى السودان
    وفى طرف المدرسة منزل كان يسكنه عبد الناصر وحول الى متحف

    بالمناسبة التسمية اقترحها والدى سيد احمد مصطفى
    بعد ان سميت المدرسة الفى الخرطوم جمال عبد الناصر
    اختصر الاسم فى الجبل ناصر فقط
                  

03-30-2015, 11:54 PM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: mohmmed said ahmed)

    تسلم استاذ م. سيد أحمد
    وتشكرات على الحضور البهي وعلى المعلومة القيمة
                  

04-04-2015, 04:36 PM

الشيخ أبوجديري
<aالشيخ أبوجديري
تاريخ التسجيل: 08-21-2012
مجموع المشاركات: 525

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: حكايات من أم أرضة وجزيرة أم أرضة (محمد جما� (Re: الشيخ أبوجديري)

    ويتواصل الحكي ...
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de