داعش والأخوان ... دكتور عمر القراي

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 08:47 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
02-28-2015, 09:02 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48775

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
داعش والأخوان ... دكتور عمر القراي

    08:02 AM Feb, 28 2015
    سودانيز أون لاين
    Yasir Elsharif - Germany
    مكتبتي في سودانيزاونلاين



    ( داعش) .. و (الاخوان ) !! (1-3)

    نشرت يوم 27 فبراير 2015

    (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ*اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) صدق الله العظيم

    قام تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام " داعش"، في الآونة الأخيرة، بعدة جرائم هزت الضمير الانساني، في جميع أنحاء العالم. إبتداء بتفجير مكاتب صحيفة " شارلي إبيدو" الفرنسية، وقتل 12 شخصاً من العاملين فيها منهم إثنان من المسلمين، واصابة 11 آخرين بجراح .. ثم قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاً، ووضع صورته، أثناء هذه العملية البشعة، وهو يحرق، على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى يطلع أهله على موته، بهذه الصورة الوحشية. ثم قتل 21 من الاقباط المصريين المدنيين ذبحاً، وتصوير هذه العملية الفظيعة، ووضعها ليراها العالم، امعاناً في الوحشية والقسوة، ومحاولة لبث الذعر، والإرهاب في نفوس الناس. ولقد قامت الحكومة المصرية بالرد على اغتيال مواطنيها بضربة عسكرية على مواقع "داعش" في ليبيا وهو عمل استحسنه الشعب المصري والحكومة الليبية كما اشادت به عدة دول عربية وأجنبية. ولقد سبق ان تكون تحالف دولي قام بمواجهات عسكرية مع " داعش" في العراق كما ان قوات عراقية وكردية تصدت ل"داعش" واستردت منها بعض القرى التي سيطرت عليها من قبل. وفي مخاطبته لمؤتمر مكافحة الإرهاب، المنعقد بواشنطون، قال الرئيس الامريكي باراك أوباما (إن المتطرفين لا يتحدثون باسم مليار مسلم، وأن بلاده ليست في حرب ضد الاسلام بل من شوهوه) وأضاف أوباما أن ( العمليات العسكرية مثل الضربات الجوية التي يشنها التحالف الدولي منذ شهور على مواقع تنظيم " داعش" في العراق وسوريا لايمكن ان تكون الرد الوحيد على العنف المتطرف بل لا بد من التصدي لأيدولوجيات المتطرفين وبناهم التحتية والدعاة الذين يجندون ويمولون وينشرون الفكر المتطرف)(البيان الاماراتية 20/2/2015م).

    " داعش" كغيرها من الحركات الاسلامية، لم تنزل من السماء، و إنما جاءت من فكر الأخوان المسلمين!!
    إن " داعش" حركة مهووسة، وعنيفة، وقد مارست من الفظاظة، والوحشية، مالم تمارسه حتى حركة القاعدة، رغم ما قتلت، وفجرت من المدنيين. و "داعش" تظن أنها يمكن ان تستأنف، اليوم، عهد الخلافة الراشدة، من حيث ما توقفت الغزوات، والحروب مع المشركين، واهل الكتاب. وأنها يمكن ان تطبق أحكام الشريعة الإسلامية، والحدود، والقصاص، فيما يقع تحت سيطرتها من الأرض. وأن الأرض هي دار حرب، على كل من لا يبايع خليفة المسلمين أبوبكر البغدادي، زعيم الجماعة .. ودار سلم على كل من يخضع لإمرته. وهي لا تفرق بين المسلم العاصي، الذي عجز عن تطبيق أوامر الدين، والحكام الذين لم يستطيعوا تطبيق الشريعة، وبين الكفار الذين أهدرت الشريعة دماءهم، وجعلت نساءهم واموالهم غنيمة للمسلمين. ولهذا هم يكفرون كل من ليس معهم، ويقتلونه، لو استطاعوا ذلك بأبشع الصور، حتى يثيروا الرعب، وهم يعتقدون أنهم سينصرون بهذا الرعب، كما كان ينصر به النبي صلى الله عليه وسلم. والفرق بين " القاعدة" و "داعش"، هو ان " القاعدة" على تطرفها، لديها بعض الوعي السياسي، بما يجري في العالم، وهي لا تجاهر بكل ما تؤمن به، لاعتبارات، بها قدر كبير، من الحيلة والتكتيك بخلاف "داعش" التي تنشر على صفحات جريدتها الرسمية " دابق" دعوتها الى اعادة الرق، وبيع " اليزيديات" كجواري !! فقد كتب أحدهم في عدد سبتمبر 2014م ( النساء والأطفال اليزيديين يجب ان يقسموا حسب الشريعة على مقاتلي الدولة الاسلامية الذين شاركوا في عملية " سنجار" .. إن استرقاق الكفار وأخذ نساءهم كجواري أمر من ثوابت الشريعة فإذا رفضه شخص أو سخر منه فإنه يكون ساخراً أو رافضاً لآيات القرآن وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وبذلك فهو مرتد عن الإسلام). والصحيفة الرسمية لداعش سميت " دابق"، وهو اسم مدينة سورية تقع شمال حلب، ورد ذكرها في حديث رواه الامام مسلم في صحيحه، يتحدث عن المسلمين يقاتلون فيها جيوش الروم، وامم أخرى، يقودها الدجّال ويهزمونهم، ويفتحون القسطنطينية "استانبول"، وبعد ذلك ينزل المسيح عليه السلام، ويقتل الدجّال. وحركة " داعش" الآن تظن ان التحالف الدولي ضدها، هو تجمع فصائل الروم، وأنها ستهزمهم جميعاً في سوريا. وهذا فرق آخر بين" "داعش" و "القاعدة"، إذ أن "داعش" تقوم على هوس ديني كبير، يعتمد على نصوص عجزوا عن تأويلها، واعتمدوا على ظاهرها، ويحاولون ان يزكوا بها عقائد التابعين، ليزيدوا من حماسهم، ويغيبوا عقولهم. هذا بالاضافة الى أنهم يدعون اسقاط أي فرق بينهم وبين عهد الصحابة، ويظنون انهم يتبعون النموذج المحمدي بدقة.

    أما من حيث الفكرة الاساسية، فإن" داعش" كغيرها من الحركات الاسلامية، لم تنزل من السماء، و إنما جاءت من فكر الأخوان المسلمين!! ولقد صرح د. القرضاوي بأن ابوبكر البغدادي، كان معهم في تنظيم الاخوان المسلمين .. كما صرح أيمن الظواهري، بأن أسامة بن لادن، أخبره بأنه من الاخوان المسلمين. والقاعدة الفكرية، التي تجمع كل هؤلاء، هي آراء الإمام حسن البنا رحمه الله، والتي تقوم على اعادة فكرة الخلافة الإسلامية. ولقد كان شعار حركة الاخوان المسلمين، تحت قيادة الإمام حسن البنا، السيفين الذين وضع بينهما صورة مصحف، وكتب تحتهما كلمة "وأعدوا"، التي قصد بها قوله تبارك وتعالى " واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم". وحركة الأخوان المسلمين ظهرت في عام 1928م، وحين عقدت مؤتمرها الخامس، بعد مرور عشرة سنوات على تأسيسها، في يناير 1939م، أعلنت فيه إن من أهم أهدافها اقامة الخلافة الإسلامية. ولكن بعد سنوات أعلن البنا في مؤتمر عام 1945م، طرحهم الذي يقوم على (اقامة حكومة اسلامية في كل قطر اسلامي، والتي عليها أن تحترم فرائض الاسلام وشعائره وأن تلزم كل موظفيها بأدائها وأن تحرم الموبقات كالخمر والزنا والقمار والكسب الحرام، وأن تؤسس التعليم على التربية الاسلامية والوطنية واللغة العربية وأن تغدو الشريعة الاسلامية المصدر الأول للقانون)( عبد الرحيم علي "2010".الأخوان المسلمون من حسن البنا الى مهدي عاكف. القاهرة :مطبعة دار الرفاعي).

    وحين لم تستجب الحكومة المصرية بإقامة حكومة إسلامية، أو خلافة إسلامية، بدأت الجماعة في ممارسة العنف. ولما كانت جماعة الأخوان المسلمين في مصر، لا تملك جيشاً، ولا تملك منطقة مستقلة لتحارب منها الحكومة، فقد كانت تقوم بالاغتيالات، ثم خشية من تبعاتها، كانت تنكرها، وتتبرأ منها، وتدينها !! فحين ارادوا اغتيال محمود فهمي النقراشي، رئيس الوزراء، تقدم نحوه شاب يلبس زي الشرطة، وضربه بالرصاص في 28 أكتوبر 1948م. وحين قبض على الشاب، قال ان النقراشي خائن للوطن، لأنه متهادن في قضية فلسطين، ويحارب الاسلام، لأنه حل جماعة الأخوان المسلمين. هذا مع ان الشاب أنكر اي صلة له بجماعة الأخوان، وتحمل المسؤولية الفردية عن الجريمة. ولكن حين اصدر حسن البنا بياناً، أدان فيه اغتيال النقراشي، واعتبره جريمة فظيعة، يجب يدان مرتكبيها ووصف النقراشي في ذلك البيان، بأنه (مثل طيب للنزاهة والوطنية والعفة)، لهذا إنهار الشاب وسجل اعترافاً بأن الاغتيال مسؤولية جماعة الأخوان المسلمين وهي التي كلفته بالقيام به (راجع المصدر السابق). ولقد زاد تنظيم الاخوان المسلمين تطرفاً، حين برزت في نهاية الخمسينات وبداية الستينات، افكار سيد قطب رحمه الله، فقد وجد كتابه " معالم في الطريق" رواجاً كبيراً وسط الشباب... فهو أول من حكم على كل المسلمين بأنهم في جاهلية، ما لم يحكموا الشريعة، ويخضعوا لنظام الخلافة .. وأن على المسلم قتال الحاكم المسلم، إذا لم يطبق الشريعة، ومعاملته معاملة الكافر أو المرتد ومعاقبته بالقتل. ونسبة لخلاف الاخوان مع الملك، واتهام نظامه باغتيال البنا، أيد الاخوان ثورة يوليو 1952م. ولكنهم انقلبوا عليها، حين لم تطبق الشعارات الإسلامية، التي كانوا يرفعونها، واعترضوا على سياساتها، خاصة اتفاقية الجلاء، التي وقعت في يوليو 1954م. وفي اثناء الاحتفال بالاتفاقية في 26 أكتوبر 1954م، في ميدان المنشية بالإسكندرية، أطلقوا النار على الرئيس جمال عبد الناصر، في محاولة فاشلة لاغتياله. فشكلت لهم محكمة خاصة، حكمت على بعض قياداتهم بالإعدام، وعلى المرشد العام حسن الهضيبي بالسجن المؤبد. في عهد الرئيس السادات، رفع الاخوان المسلمون مذكرة تصالح للحكومة، وأبدوا تساهلاً كبيراً. فقد جاء (إن عمر التلمساني أراد ان يسد فجوة عدم الثقة بيننا وبين المسؤولين في الدولة، وأن يفتح طريقاً للتفاهم لطي هذه الصفحة السوداء فرفع الى المسؤولين عن طريق إدارة السجن مذكرة كبيرة حول أهمية اللقاء المباشر مع من يهمهم الامر كبديل لهذه الأساليب البربرية فعل ذلك اعذاراً الى الله وتحمل بعض العنت من قلة من الاخوان ابوا هذه الخطوة عليه). وبناء على هذه الصفقة، خرج الاخوان من السجون. ولقد خدع الاخوان السادات، فقد كان المرشد العام الهضيبي، زعيماً علنياً، ولكن الحركة كان بها جناحان : أولهما الجناح الذي يدعي الاعتدال ويقوده عمر التلمساني، والآخر الجناح الذي يمارس التشدد ويقوده مصطفى مشهور، وبينما كان الأول يتعاهد مع السادات، كان الآخر يدبر لاغتياله. ففي 6 أكتوبر 1981م قام خالد الاسلامبولي، وهو قد كان من جماعة الاخوان، باغتيال السادات، ثم نسب فيما بعد الى تنظيم "الجهاد"، الذي زعم انه انشق عن الاخوان، لتساهلهم مع الحكومة. ويشير أيمن الظواهري، الذي انشق فيما بعد، ولحق بتنظيم القاعدة، الى ان الحوار مع السلطة، يؤدي الى مفاوضات، والمفاوضات، تؤدي الى تنازلات عن المبادئ. ويقول (لقد اسبغ الاخوان ومن والاهم الشرعية على الحكومة الكافرة، عندما قال مرشدهم محمد حامد أبو النصر " نحن لا نضع أيدينا أبداً في أيدي القائلين بتكفير الحاكم" وعندما أصدر الشعراوي والغزالي بيانهم المشؤوم في 1/1/1989م والذي قالوا فيه إنهم يعتقدون " في ايمان المسؤولين بمصر وإنهم لا يردون على الله حكماً ولا ينكرون للاسلام مبدأ" وأيد الاخوان البيان الذي يعترف بايمان الحكام بعد ان بايعوه عام 1987م. واسبغ الاخوان الشرعية على الوسائل الكفرية، التي تدين بها الحكومة، فاعترفوا بشرعية الديمقراطية التي تسلب حق التشريع من الله وتمنحه للشعب، ودخلوا مجلس الكفر المسمى بمجلس الشعب، مجلس الارباب الذين يشرعون للناس) ويشير الظواهري الى ان شباب الاخوان المخدوع، يعتبر اقوالهم وافعالهم هذه من "التقية"، ولا يدري ان هذا تبديل لأحكام الدين المستقرة، كما بدل اليهود والنصارى دينهم. ويؤكد رفضه لمثل هذه الحوارات مع أجهزة الحكم مشدداً على ان الطريق واحد وواضح " قتال هذه الحكومة وخلعها وتنصيب خليفة مسلم" (المصدر السابق).

    وهذا الخلاف الظاهر، بين الظواهري وقادته في تنظيم الاخوان المسلمين، ليس خلافاً حقيقياً، بقدر ما هو تبادل للأدوار، وخداع للآخرين. ولهذا حين حكم الاخوان المسلمون مصر تحت قيادة الرئيس محمد مرسي،فتحوا أبواب مصر الى لكل الحركات المتطرفة، بما فيها تنظيم "القاعدة" الذي يقوده الظواهري، وجماعة حماس وغيرها، وبمجرد اعتراض الشعب المصري على حكم الاخوان المسلمين بدأت هذه الجماعات تثير الفوضى وتعتدي على الشرطة والجيش في سينا وفي مدن الصعيد حتى تخلق اضطراباً يعيدها مرة أخرى للحكومة التي اسقتطها الشرعية الجماهيرية العريضة. ولعل فتح مصر لتدخل أجنبي، بحجة مساندة الجماعات الإسلامية للإخوان المسلمين، مهما تظاهروا بالخلافات فيما بينهم، كان من الأسباب الرئيسية، التي وحدت الشعب المصري ضدهم، واطاحت بحكمهم في فترة قصيرة. ولقد انتشرت فكرة الاخوان المسلمين من مصر الى جميع الدول العربية، ثم عبرت من الاقليم الى تكوين التنظيم العالمي للاخوان المسلمين، الذي اصبح مؤخراً، مجموعة سياسية، واقتصادية، تقدم مصلحتها على جميع الاعتبارات الدينية والأخلاقية، وتربط نشاطها بمساومات مع دول، وتتدخل في أمن وسياسة الشعوب، بغرض توجيهها الى مصلحة الاخوان المسلمين.

    د. عمر القراي
                  

03-05-2015, 08:52 AM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48775

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: داعش والأخوان ... دكتور عمر القراي (Re: Yasir Elsharif)



    (داعش) و ( الاخوان) !! (2-4)
    هذا التقرير أزعج الخرطوم وجعلها تحاول الانتقام من إريك ريفز!

    عناصر 'داعش' تعلن عن نفسها في قلب الخرطوم!

    سُئِلَ البشير عن الاخوان المسلمين فقفز الى التنظيم الدولي!



    mailto:[email protected]@gmail.com



    د. عمر القراي

    (وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُون)

    صدق الله العظيم

    والحركات الاسلامية المتطرفة، مثل " داعش" و " القاعدة"، والتي تقوم بعمليات كبيرة، وتستخدم سلاحاً كثيراً، وحديثاً، لا يمكن ان يكون تمويلها، من تبرعات عضويتها !! وإنما لا بد ان تكون هنالك دولاً، تسخر موارد شعوبها، لتمويل هذه الحركات المتطرفة .. ولما كان القاسم المشترك بين كل هذه الحركات، هو فهم الاخوان المسلمين للإسلام، كان من الضروري أن يصل الاخوان المسلمين الى السلطة السياسية، في بعض الدول، حتى يقوموا بتمويل هذه الحركات، من ميزانيات تلك الدول.. وعن ذلك جاء (قال الرائد محمد حجازي المتحدث باسم الجيش الليبي، ان حكومة الخرطوم تعتبر داعماً رئيسياً لتنظيم "داعش" الإرهابي في ليبيا. وأضاف خلال مداخلة له في برنامج "الحياة اليوم" على قناة "الحياة" المصرية، أمس، ان حكومة الخرطوم تقدم هذا الدعم بالتعاون والإشتراك مع حكومتي قطر وتركيا)(حريات 19/2/2015م). وجاء في التقرير السري، المسرب، لاجتماع الرئيس مع القيادات العسكرية، والأمنية في الحكومة السودانية، والذي نشره مؤخراً الباحث الأمريكي في الشأن السوداني أريك ريفز: (أما ليبيا فتنسيقنا مع الشرعية التي يمثلها الاخوان المسلمين ونقدم لهم التدريب والمعلومات وتوصيل السلاح. لدينا اتصال دائم مع صلاح بادي وعلي بلحاج ولا يمكن التفريط في ليبيا لأن السودان كان أول من قدم مساعدة لإنهاء حكم القذافي. التفريط في ليبيا حيكون خطأ استراتيجي كما حصل في مصر وأضعف الحركات الإسلامية والسلفية الجهادية في العديد من البلدان واصبحوا السلاح يصلهم بمشقة وأما الآن توصيل السلاح لليبيا يحتاج الى ترتيبات عالمية والأخوة في قطر معتمدين علينا في كل شيء وتنسيقنا مع أيران ماشي على مايرام)(حريات 23/2م2015م). ولقد هز هذا التقرير الطويل، حكومة الخرطوم وأزعجها، وجعلها تحاول بشتى السبل، الانتقام من إريك ريفز، وتمنعه من نشر اخباره، وتعليقاته، عما يجري في السودان في صفحاته الالكترونية. ولقد حكى إريك نفسه كيف ان هجوماً الكترونياً، عالي التقنية، قد حدث لكل مواقعه، بفيروسات متقدمة، حطمت المعلومات، وعوقت الاتصال بينه وبين قرائه، كما نشرت في صفحاته، صوراً فاضحة، وأدخلت صورته وسط الصور الفاضحة، وارسلتها الى زوجته وبناته !! ولكن ذلك لم يمنعه من القضاء على الفيروسات، واستعادة مواقعه، ولم يعطله عن نشر المعلومات التي تفضح حكومة الخرطوم. وحكومة الاخوان المسلمين حين تعلن في اجتماعها السري أنها تتعاون مع الاخوان المسلمين في ليبيا وتمد الحركات المتطرفة بالسلاح لتحارب به الحكومة الليبية الشرعية تصرح في نفس الوقت علناً أنها تؤيد الحكومة الليبية الشرعية في طبرق وأنها ستدعم وحدة ليبيا وأنها ضد " داعش" !! فإن لم تصدق المستوى الذي وصل اليه الاخوان المسلمون من النفاق فأقرأ (قال الرئيس السوداني عمر البشير أمس إن بلاده تعترف بالحكومة الليبية الموجودة في مدينة طبرق، وأنه مع الحل السياسي في سورية، معتبرا أن تنظيم "داعش" جماعة مخترقة وهذا الاختراق واحدة من أهدافه الرئيسية الإساءة للإسلام. وأضاف البشير في مقابلة خاصة بثتها فضائية "اسكاي نيوز" العربية "إن شبابا صادقين جدا تأثروا بهذا الفكر وآمنوا به"، في إشارة إلى فكر تنظيم "داعش"، ومضي "قناعتنا أن هناك اختراقاً (لهذه الجماعات) والاختراق واحدة من أهدافه الإساءة للإسلام. واستنكر بشدة "حرق الأسرى" من قبل داعش قائلا: "ما يقومون به ويصورونه ويبثونه يتنافى مع أبسط قواعد الإسلام". وكرر التأكيد قائلا: "ما عندنا شك أن هذه التنظيمات مخترقة، مخترقة من جهات معادية للإسلام، وهي حملة لتشويه صورة الإسلام متمثلة في بعض الرسومات الكارتونية في المواقع الغربية، وما يحدث من داعش ليس بعيداً عن هذه الحملة". وقال البشير إن بلاده تعترف بالحكومة الوطنية الليبية في طبرق وتسعى من خلال علاقتها بالجماعات في طرابلس، إلى إيجاد وفاق ليبي ليبي بهدف إيقاف الحرب. وأضاف: "جهدنا منصب مع دول الجوار الليبي وأن نستغل علاقاتنا لحل المشكلة الليبية ونحن لسنا مع طرف ضد طرف لاستمرار القتال في ليبيا، وإنما ضد القتال، ومع وحدة ليبيا". وقال إن ليبيا دولة كبيرة، وبها كمية كبيرة من السلاح، وأي انفراط للأمن في ليبيا أو تفكيك لها "نحن سندفع الثمن"، مشيراً إلى أن "الأخوة في ليبيا يعيشون أوضاعاً استثنائية وهناك قتال في ليبيا وجهدنا هو إيقاف القتال" (صحيفة الرياض السعودية 25/2/2015م). والرئيس يستنكر حرق الأسرى، ويعتبره لا يمت للإسلام بصلة، مع ان قواته الرسمية، تحاصر مواطنيه، العزل، المدنيين، البسطاء، داخل الجبال في جبال النوبة، وفي النيل الأزرق، وتأسرهم فيها ثم تقصفهم بالطائرات، ببراميل مشتعلة، تحرق بها النساء والأطفال. بل ان قوات الجنجويد أو الدعم السريع بدارفور، قامت بحرق شاب، وهو حي، في أحد القرى التي بطشت بها!!

    وحكومة الاخوان المسلمين في السودان، لا تتعاون مع الاخوان المسلمين، والحركات الإسلامية المتطرفة، في ليبيا ومصر فحسب، وانما تتعاون مع "داعش" نفسها أو مؤيديها في السودان. فما يعرف ب (جماعة الكتاب والسنة)، انشق زعيمها سليمان عثمان أبونارو، من تنظيم الاخوان المسلمين في عام 1991م. وفي 26/7/2014م وزعت الجماعة بياناً في الخرطوم، تعلن فيه مبايعتها لأبي بكر البغدادي زعيم " داعش". كما أعلنت الجماعة تأييدها للعملية الإرهابية التي استهدفت مقر صحيفة "شارل ايبدو" الفرنسية في 7/1/2015 وأسفرت عن مقتل 12 شخصاً وإصابة 11 آخرين. وقالت جماعة 'الاعتصام بالكتاب والسنة' في بيان لها: (.. جاءت النصوص الصحيحة بوجوب قتل أمثال هؤلاء وهذه مهمة الحكومة الإسلامية وفي غيابها واجب المسلمين. والتجارب أثبتت أنه لا يمكن إيقاف مثل هذه الجرائم بالمظاهرات والاستنكارات) وعقب قيام تنظيم 'داعش' الإرهابي، بإحراق الطيار الأردني معاذ الكساسبة، أصدر دواعش السودان، أومن يسمون أنفسهم بجماعة 'الاعتصام بالكتاب والسنة'، بياناً في 12 /2/2015م، أجازوا فيه قتل الطيار الأردني حرقاً. ورغم هذه البيانات، والإعلان الصريحة، عن الانضمام إلي كيان 'داعش' تمارس جماعة الاعتصام نشاطها، ودعوتها، عن طريق الدروس، واللقاءات العلمية، والمحاضرات، وتعقد اجتماعاتها العلنية، في مركز عام بالخرطوم بحري، وتسعي إلي استقطاب الشباب مستعينة ببعض خطباء المساجد، والعلماء في المعاهد الدينية، مثل معهد الإمام البخاري للعلوم الشرعية.. وذلك بهدف تأهيل الشباب للدعوة، والجهاد، أو بمعني أصح، تخريج أجيال جديدة من "داعش". واستمرت الجماعة السودانية، التابعة لتنظيم 'داعش' في إعلان مواقفها الداعمة للتنظيم الإرهابي، بل وجهر قادتها وبعض أعضائها بذلك في مساجد السودان، وأصدرت العديد من البيانات، التي تم نشرها على الموقع الرسمي للجماعة، والصفحة الرسمية على الفيس بوك، تحت سمع وبصر الحكومة السودانية. ولو كانت حكومة الاخوان المسلمين جادة في رفضها ل "داعش"، والحركات المتطرفة، لأوقفت كل هذا النشاط، وزجت بأصحابه في السجن. ولكنها لم تفعل لأنها جزء من هذا التوجه، وإن تظاهرت لمقتضيات المصالح السياسية، بغير ذلك. ولم يكن الانتماء إلى 'داعش' والدعوة إلي دعمها مقصورًا على جماعة الاعتصام فقط. بل كانت هناك عناصر أخري تمثل 'داعش'، وتعلن عن نفسها في قلب الخرطوم، التي شهدت مظاهرة داعمة للإرهاب يوم الجمعة 20/6/2014م، وجاءت المظاهرة بعد خطبة الجمعة التي ألقاها محمد علي الجزولي، بمجمع المعراج الإسلامي بالطائف شرقي الخرطوم، وأعلن فيها تأييده لتنظيم 'داعش' ومناصرته للخليفة أبوبكر البغدادي، وبعد الصلاة قاد الجزولي جماعة من المصلين، في وقفة، ومظاهرة داعمة لمشروع الخلافة!! ولقد ظهر هذا الشاب قبل سنوات، كمدير لمركز دراسات، يدعي الاعتدال، ويثير عدد من الحوارات، في برامج تلفزيونية .. ثم غاب فترة قصيرة، وظهر مؤيداً لداعش. ولقد قام جهاز الأمن باستدعائه، بعد تلك المظاهرة، بدلاً من أن يضرب المظاهرة، كما يفعل مع المظاهرات التي تخرج بسبب الغلاء، أو بسبب نهب الحكومة لأراضي المواطنين، كما حدث في الشجرة، حيث قتلت قوات الأمن الشهيدة سمية محمد بشرى. وحتى يؤكد محمد الجزولي العلاقة بينهم وبين الحكومة، كتب في حسابه على 'تويتر': " لقد انتشر على صفحات التواصل الاجتماعي خبر اعتقالي من قبل جهاز الأمن والمخابرات ... ليس لاستدعائي أي علاقة بحادثة عثمان ميرغني أو ما يعرف بجماعة حمزة وبيانها الركيك لغة ومحتوى، موضوع الاستدعاء بسبب مناصرتي للدولة الاسلامية –أعزها الله باقية وتتمدد بإذن الله تعالى-وهذا موقف فكري وسياسي معلن صرحت به لعدة صحف وخطبت فيه عدة خطب وكتبت فيه عدة مقالات).

    أما حكومة الاخوان المسلمين السودانية، فهي لم تتنصل من دعمها ل “داعش"، والجماعات الإرهابية في ليبيا، ومصر، وغض البصر عنهم لينتشروا في السودان فحسب، وإنما تنصلت حتى عن الاخوان المسلمين أنفسهم !! ففي زيارته لدولة الامارات في 21/2/2015م، نفى الرئيس عمر البشير علاقتهم بالتنظيم الدولي للإخوان المسلين!! فقد جاء (وأكد في حوار صحفي مع «الاتحاد» أن علاقات السودان مع جمهورية مصر ثابتة وقوية، وقال: تجمعنا بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي علاقات أخوية مميزة وصادقة، مشيراً إلى سعي البلدين لتعزيز مجالات التعاون على الصعيد الأمني سعياً للخروج بحلول تحفظ أمن واستقرار البلدين مع تفاقم الأعمال الإرهابية في ليبيا. وأشار إلى رفض بلاده القاطع لظهور الطابع الدولي لجماعة الإخوان المسلمين عبر ما يعرف بـ «التنظيم الدولي للإخوان المسلمين»، منوها بحق الدول في اتخاذ ما تراه مناسباً لخدمة أمنها واستقرارها بعد تنامي تأثير التنظيم الدولي للإخوان وتدخله في شؤون عدد من الدول العربية. وأكد الرئيس السوداني أن تنظيم داعش بمختلف فصائله يشكل تهديداً «مقلقاً» للمنطقة العربية وتحدياً حقيقياً يتطلب مواجهة جادة تشمل تجفيف مصادر تمويل التنظيم المالية واللوجستية)( الاتحاد 24/2/2015م). وليأكد السيد الرئيس هذا الاتجاه الجديد، المتبرئ من كافة تاريخه، أضاف في حوار مع قناة العربية، حين ذكرت له المذيعة أن فتور العلاقات بينه وبين دول الخليج، سببها مساندته لتنظيم الاخوان المسلمين، قال: (طبعاً في التنظيم الدولي للاخوان المسلمين ونحن لسنا أعضاء حتى تنظيم الأخوان المسلمين في السودان ليس أعضاء في هذا التنظيم ...) !! ويلاحظ أن المذيعة سألته عن الاخوان المسلمين فقفز الرئيس البشير الى التنظيم الدولي، وحين فعل ذلك سارع بنفي عضويتهم في التنظيم الدولي ولكنه استدرك ونفى عضوية تنظيم الاخوان في السودان في التنظيم الدولي .. ومادام الرئيس البشير لا علاقة له بالإخوان المسلمين لماذا نفى عضويتهم في التنظيم الدولي ؟! ومن أين له ان يعرف حقيقتها ما دام هو ليس عضواً في التنظيم الدولي أو في تنظيم الاخوان المسلمين السودانيين ؟!

    وحين سألته المذيعة بصورة أكثر تحديداً، عن موقف حكومته الحالي من الاخوان المسلمين، قال (موقفنا ما زي أي جماعة أخرى نحن ما عندنا علاقة تنظيمة مع هذه الجماعة ما عندنا تأثير عليها ولا عندها تأثير علينا) !! وكيف يمكن ان توجد جماعة منظمة، ذات رؤى سياسية وفكرية معينة، ثم لا يكون لها تأثير على الحكومة، ولا للحكومة تأثير عليها ؟! فجماعة الاخوان المسلمين أما ان تكون مؤيدة للحكومة، أو معارضة لها، وفي كلا الحالين تؤثر على الحكومة وتتأثر بها .. أليس هذا كذب صراح يندى له جبين الرجل الكريم ؟! وبطبيعة الحال، لم يصدق شيوخ الامارات، ولا بقية دول الخليج، ما قاله السيد الرئيس عمر البشير. فهم بلا شك يذكرون استقبالات حكومته، لمحمد بديع مرشد جماعة الاخوان المسلمين، في احتفال ضخم بزيارته للسودان، جرت مراسمه بقاعة الصداقة، إبان فترة حكم محمد مرسي لمصر.. كما أنهم يذكرون المظاهرة الضخمة، التي قادتها الحركات الإسلامية، وعلى رأسها حزب المؤتمر الشعبي، الذي يتزعمه الترابي الزعيم لجماعة الاخوان المسلمين بالسودان، احتجاجاً على فض اعتصام عناصر الاخوان بميدان رابعة. تلك المظاهرة التي سارت الى السفارة المصرية، وكانت الشرطة تحرسها، رغم أنها اعتادت في السودان على ضرب المظاهرات!!

    إن السيد الرئيس بهذا التصريح، قد أظهر من التخاذل، والمهانة، ما يجلب التحقير، ويسئ الى الشعب السوداني بصفة عامة. ورغم ما قاله السيد الرئيس عمر البشير، عن حسن علاقته بالرئيس عبد الفتاح السيسي، في زيارته لدولة الامارات، إلا أنه أدان رسمياً الغارات الجوية المصرية، على مواقع "داعش" بليبيا، بدلاً من أن يدين ذبح "داعش" للأقباط المصريين!! فقد جاء (الخرطوم -وجه الرئيس السوداني عمر حسن البشير، انتقادات لاذعة، للضربات الجوية، التي قامت بها مصر ضد معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا، واصفا ذلك بـ“الخطأ”، في أول تعقيب له على الأمر. وقال عمر البشير في مقابلة نشرتها صحيفة “لوموند" الفرنسية، إن “المصريين اختاروا مؤخرا التدخل العسكري، الذي أدينه في ليبيا"، مضيفاً “أعتقد أنه كان خطأ من قبل الرئيس عبدالفتاح السيسي لأنه سيفاقم الوضع".... وقد اعتبرت الجامعة العربية، ومعظم بلدان المنطقة، باستثناء دولة قطر، أن من حق مصر الدفاع عن نفسها، وأن ردها بمهاجمة معاقل التنظيم شرعي ولا غبار عليه. ويرى مراقبون أن تصريحات البشير ليست بالمستغربة، خاصة وأن هناك تأكيدات، على أن الأخير، متورط في دعم الجماعات الإسلامية المتطرفة في ليبيا، رغم نفيه المتكرر لذلك، وآخره في حديثه الأخير مع “لوموند". وقد اتهم رئيس الوزراء الليبي المعترف به دوليا عبد الله الثني، السودان وتركيا، بأنهما يسلحان الفصائل الإسلامية، الممثلة في فجر ليبيا، وغيرها من الجماعات المتطرفة، في هذا البلد الذي يشهد فوضى، منذ سقوط العقيد معمر القذافي، والذي كان للخرطوم دور بارز فيه. كما وجه اللواء خليفة حفتر، الاتهام مرارا للخرطوم، بدعم جماعة أنصار الشريعة الموالية لداعش، وغيرها من الجماعات الإسلامية، التي تقاتل القوات الموالية للحكومة، في مدينة بنغازي شرقي البلاد. وللإشارة فإن البشير كان قد اعترف، مؤخرا، في تصريحات صحفية بتدريب قوات ليبية في كلية الضباط بالعاصمة السودانية، في تأكيد جديد على صحة ما نشرته “العرب"، عن قيام النظام السوداني بتدريب مجموعات من الإسلاميين الليبيين، لمواجهة قوات خليفة حفتر في الكلية المذكورة)(العرب 28/2/2015م).

    في لقائه الأخير، في القضارف، إبان تدشين الحملة الانتخابية، قال السيد الرئيس (نحن دايرين نسوق الناس للجنة) !!




                  

03-16-2015, 01:14 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48775

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: داعش والأخوان ... دكتور عمر القراي (Re: Yasir Elsharif)

    ( داعش) .. و (الاخوان) !! (3-4)
    March 8, 2015
    د. عمر القراي
    ركزت “داعش” على القتال، لأن الصورة التي عكستها الشريعة للنبي، هي صورة المحارب
    التسري جائز في الاسلام بالكتاب والسنة والاجماع..
    معارضة “داعش” لا تتم بالاعتماد على الشريعة، وإنما بتجاوز الشريعة، الى أصل الدين
    (بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ)
    صدق الله العظيم
    إن حركة الدولة الاسلامية في العراق والشام ” داعش”، ليست مجموعة من المرضى النفسيين، المتعطشين للدماء، ولا هم مجموعة من المعتوهين، الذين لا يعرفون معنى ما يفعلون، وإن بدت أعمالهم في غاية البشاعة. ولقد أشرنا في الحلقة الأولى من هذا المقال، الى كلمة الرئيس أوباما لمؤتمر مكافحة الارهاب، التي ذكر فيها أن مقاومة ” داعش” يجب ألا تقتصر على الناحية العسكرية فقط، وإنما لا بد من نقد منطلقاتها الفكرية.. وفي الحق ان الضربة العسكرية، وان كانت مهمة لتوقف جرائم ” داعش”، لن تستطيع القضاء عليها، ما دامت ” داعش” تعتمد في الاساس، على إقناع أتباعها، بأنها تريد إعادة العهد السابق بإقامة الشريعة، كما طبقها النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه من بعده. ولهذا نرى كثير من الشبان يتجندون للالتحاق ب” داعش” من الدول الأوربية، ومن أمريكا، ومن مختلف أنحاء العالم. وهؤلاء لم ينجذبوا الى ” داعش” إلا لأنها تقرأ عليهم نصوصاً من القرآن، ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومن اقوال وأفعال أصحابه، تدعم ما يقوله متحدثو ” داعش”، وما يفعله أعضاؤها في الميدان.
    من أجل ذلك، فإن مقاومة ” داعش” لا يمكن ان تنجح، لو قامت على ما درج عليه الفقهاء وعلماء الدين التقليديين الحاضريين، من أن ” داعش” لا علاقة لها بالإسلام !! وأن ما تفعله جرائم، لا يمت للإسلام بصلة، وأن الإسلام هو دين الرحمة و السلام، وليس فيه مثل هذا العنف. ولا قيمة لمحاولتهم تصوير أفعال “داعش”، وكأنها قد جاء بها جماعة ” داعش” الآن، ولم يعرفها تاريخ الإسلام !! لأن هذه المحاولات غير الصادقة، إنما تدل على ضعف أخلاقي، ومفارقة جوهرية للدين، جعلت المؤسسات الدينية التقليدية، تخسر في ميزان القيمة أمام ” داعش” ومن ثم تعجز عن مناهضتها بحق. ويمكن لهؤلاء الشباب ان يرجعوا الى المصادر الإسلامية السلفية، فيجدوا ان ما قامت عليه الشريعة، يشبه ” داعش” أكثر مما يشبه الصورة الوردية، التي رسمها هؤلاء العلماء، مما يزيد نفورهم من المؤسسات الدينية الرسمية، في كل بلد اسلامي، ويزيد تعلقهم ب”داعش”.
    لقد ركزت ” داعش” على الحرب والقتال، لأن الصورة التي عكستها الشريعة للنبي صلى الله عليه وسلم، هي صورة المحارب، فقد جاء (قال أبوجعفر وكانت غزواته بنفسه ستاً وعشرين غزوة . حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن محمد بن اسحق عن عبد الله بن ابي بكر قال: كان جميع ما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه ستاً وعشرين غزوة … اختلف في عدد سراياه حدثنا ابن حميد ” بنفس السند” قال: كانت سرايا رسول الله صلى الله عله وسلم وبعوثه فيما بين ان قدم المدينة وبين ان قبضه الله خمساً وثلاثين بعثة وسرية)(تاريخ الطبري –الجزء الثالث ص 154-156 . بيروت : دار روائع التراث). وقد اعتمدت ” داعش” في قتال غير المسلمين، على ما جاءت به الشريعة، من الأمر بقتال المشركين، وقتال أهل الكتاب .. قال تعالى في ذلك “فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ” وجاء في تفسير هذه الآية الكريمة ( ” فإذا انسلخ الأشهر الحرم ” أي إذا انقضت الأشهر الأربعة التي حرمنا عليكم فيها قتالهم وأجلناهم فيها فحيثما وجدتموهم فاقتلوهم … قوله ” فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ” أي من الأرض وهذا عام والمشهور تخصيصه بتحريم القتال في الحرم .. قوله ” وخذوهم ” أي وأسروهم إن شئتم قتلاً وان شئتم أسراً قوله ” واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد ” أي لا تكتفوا بمجرد وجدانكم لهم . بل اقصدوهم بالحصار في معاقلهم وحصونهم والرصد في طرقهم ومسالكهم حتى تضيقوا عليهم الواسع وتضطروهم إلى القتل أو الإسلام ولهذا قال ” فان تابوا وأقاموا الصلاة واتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم ” ولهذا اعتمد الصدّيق رضي الله عنه في قتال مانعي الزكاة، على هذه الآية الكريمة وأمثالها حيث حرمت قتالهم بشرط هذه الأفعال وهي الدخول في الإسلام والقيام بأداء واجباته … وقد جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ” الحديث … وهذه الآية الكريمة هي آية السيف التي قال فيها الضحاك بن مزاحم إنها نسخت كل عهد بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أحد من المشركين وكل عقد وكل مدة وقال العوفي عن ابن عباس في هذه الآية لم يبق لأحد المشركين عهد ولا ذمة منذ نزلت براءة وانسلاخ الأشهر الحرم …)(تفسير ابن كثير – الجزء الثاني القاهرة: دار الحديث317 -318 ). وأما أهل الكتاب، من اليهود والنصاري، فإنهم يقاتلوا حتى يعطوا الجزية .. قال تعالى في ذلك “قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ” جاء في التفسير ( قوله تعالى ” قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين آتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ” … وهذه الآية الكريمة أول الأمر بقتال أهل الكتاب، فبعد ما تمهدت أمور المشركين، ودخل الناس في دين الله أفواجا، واستقامت جزيرة العرب، أمر الله رسوله بقتال أهل الكتابين اليهود والنصارى وكان ذلك في سنة تسع … قوله ” حتى يعطوا الجزية ” أي إن لم يسلموا ” عن يد ” أي عن قهر وغلبة ” وهم صاغرون ” أي ذليلون حقيرون مهانون. فلهذا لا يجوز إعزاز أهل الذمة ولا رفعهم على المسلمين، بل هم أذلاء صغرة أشقياء. كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام واذا لقيتم احدهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقه…)(المصدر السابق ص 332 ). ولقد كان هذا القتال يتم بالسيف، وتقطع فيه الأعناق، وإذا تم أسر مجموعة من المشركين، أو من أهل الكتاب، يجوز أن يفدوا أنفسهم بالمال، أو يعتقوا، ولكن يمكن في الشريعة أيضاً أن يقتل الأسرى. ومعلوم أنه في أسرى بدر، شاور النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه، فاشار عليه ابوبكر، رضي الله عنه، بقبول الفداء منهم، واطلاق سراحهم. واشار عليه عمر رضي الله عنه بضرب أعناقهم جميعاً. فمال النبي صلى الله عليه وسلم الى رأي ابي بكر، واطلق اسرى بدر. ولكن القرآن نزل مؤيداً رأي عمر، ومعاتباً للنبي صلى الله عليه وسلم، في قوله تعالى “مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ” جاء في تفسير هذه الآية (يقول الله تعالى ما كان لنبي أن يحبس كافراً قدر عليه وصار في يده من عبدة الاوثان للفداء أو المن … وإنما قال الله لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم يعرّفه أن قتل المشركين الذين اسرهم صلى الله عليه وسلم يوم بدر ثم فادى بهم كان أولى بالصواب من أخذ الفدية ومن اطلاقهم)(تفسير الطبري- الجزء الثاني سورة الانفال الآية 67).
    أما قتل الاسرى من اليهود، فمنه ما حدث لبني قريظة، فقد خانوا عهدهم مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتحالفوا مع أحزاب المشركين ضده، وحين هزم الله الأحزاب بالريح، دون قتال، أمر النبي بالسير الى بني قريظة .. قال تعالى في ذلك “وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا * وَأَنْزَلَ الَّذِينَ ظَاهَرُوهُمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ صَيَاصِيهِمْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ فَرِيقًا تَقْتُلُونَ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقًا * وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا”. وقد هزم المسلمون يهود بني قريظة، وأسروا منهم كثيرين، فحكّم النبي صلى الله عليه وسلم، فيهم سعد بن معاذ، وقد كان من قبل كبيرهم وسيدهم .. فقد جاء (فقاموا اليه فقالوا: يا ابا عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ولاك أمر مواليك لتحكم فيهم. فقال سعد: عليكم بذلك عهد الله وميثاقه أن الحكم فيهم ما حكمت ؟ قالوا : نعم … قال سعد: فإني أحكم فيهم ان يقتل الرجال وتقسم الاموال وتسبى الذراري والنساء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد: لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبعة أرقعة … فقتلوا جميعاً وكانوا اربعمائة)( البداية والنهاية –لابن كثير-الجزء الرابع. القاهرة: دار ابي حيان. ص 145-146 ).
    ولقد قتل الاسرى من النصارى، أيضاً، بواسطة الاصحاب رضوان الله عليهم، ومن ذلك ما حدث من خالد بن الوليد، في عهد ابي بكر الصدّيق رضي الله عنهما، في موقعة نهر الدم، التي ذبح فيها الاسرى على النهر، حتى جرى النهر أحمراً بدمائهم !! فقد جاء (ثم كانت وقعة “أليس” في صفر أيضاً، وذلك أن خالداً كان قد قتل يوم “الولجة” طائفة من بكر بن وائل من نصارى العرب ممن كان مع الفرس … فكاتبوا الأعاجم فأرسل إليهم أردشير جيشاً فاجتمعوا بمكان يقال له: “أليس”… وقال خالد: “اللهم لك علي إن منحتنا أكتافهم أن لا أستبقي منهم أحدا أقدر عليه حتى أجري نهرهم بدمائهم”، ثم إن الله عز وجل منح المسلمين أكتافهم، فنادى منادي خالد: “الأسر الأسر! لا تقتلوا إلا من امتنع من الأسر” فأقبلت الخيول بهم أفواجا يساقون سوقاً، وقد وكل بهم رجالاً يضربون أعناقهم في النهر، ففعل ذلك بهم يوماً وليلة ويطلبهم في الغد ومن بعد الغد، وكلما حضر منهم أحد ضربت عنقه في النهر، وقد صرف ماء النهر إلى موضع آخر، فقال له بعض الأمراء: “إن النهر لا يجري بدمائهم حتى ترسل الماء على الدم فيجري معه فتبر بيمينك”، فأرسله فسال النهر دماً عبيطاً فلذلك سمي “نهر الدم” إلى اليوم .. وبلغ عدد هؤلاء القتلى سبعين ألفاً … وكان كل من قتل بهذه الوقعة يوم أليس من بلدة يقال لها: أمغيشيا، فعدل إليها خالد وأمر بخرابها، واستولى على ما بها، فوجدوا بها مغنماً عظيماً، فقسم بين الغانمين فأصاب الفارس بعد النفل ألفا وخمسمائة، غير ما تهيأ له مما قبله، وبعث خالد إلى الصدّيق بالبشارة والفتح والخمس من الأموال، والسبي … وقال الصدّيق: يا معشر قريش إن أسدكم قد عدا على الأسد فغلبه على خراذيله، عجزت النساء أن يلدن مثل خالد بن الوليد)(المصدر السابق. ص 223-224).
    ولقد قامت “داعش” بقتل محرري الصحيفة الفرنسية، التي رسمت رسومات ساخرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. وكان في ذلك صدمة كبيرة، للضمير الإنساني، الذي استنكر ان يكون الرد على مقال ساخر، أو رسم ساخر، إزهاق أرواح .. ولكن الشريعة الاسلامية، تقتل من يسب النبي أو يستهزأ به. فقد روي أن كعب بن الأشرف، كان من أشد اليهود حنقاً على الإسلام والمسلمين، وإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم…(وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لي بابن الاشرف فقد آذاني ؟ فقال محمد بن مسلمة أنا له يا رسول الله وأنا أقتله. ثم اجتمع محمد بن مسلمة ونفر من الأوس منهم عباد بن بشر وابونائلة … فمضوا حتى اتوا ابن الاشرف فلما انتهوا الى حصنه هتف به أبو نائلة وكان ابن الاشرف حديث عهد بعرس فوثب فأخذت إمرأته ملحفته وقالت: أين تذهب ؟ إنك رجل محارب ولا ينزل مثلك في هذه الساعة. فقال: ميعاد ! إنما هو أخي أبو نائلة والله لو وجدني نائماً ما ايقظني ثم نزل إليهم … فلما فرغوا احتزوا رأسه وحملوه معهم … ولما بلغوا بقيع الغرقد كبروا وقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الليلة يصلي فلما سمع رسول الله تكبيرهم بالبقيع كبر وعرف أن قد قتلوه ثم انتهوا يعدون حتى وجدوا رسول الله واقفاً على باب المسجد فقال: أفلحت الوجوه. فقالوا: ووجهك يا رسول الله ورموا برأسه بين يديه فحمد الله على قتله)(كتاب المغازي : محمد بن عمر الواقدي-المجلد الاول. بيروت: دار الكتب العلمية ص 175-177)
    ولقد درجت ” داعش”، على سبي النساء، واتخاذهم جواري، يوزعون على رؤوس المحاربين، فيستعبدوهن، ويمارسون معهن الجنس بغير زواج، ويبيعوهن !! ولقد استنكر الناس، هذا الأمر الفظيع، أيما استنكار، وأدانه علماء المسلمين، وعوامهم .. ولكنه مقتضى الشريعة، ولا يستطيع المسلمون انكاره، وكل محاولات تبريره، لا تزيد غير توكيده، فقد جاء الصفحات التي تعبر عن فكر الاخوان المسلمين (… التسري في اللغة اتخاذ السرية يقال: تسرى الرجل جاريته وتسرى بها واستسرها: اذا اتخذها سرية، وهي الأمة المملوكة يتخذها سيدها للجماع، وهي من السرور، لأنها موضع سرور الرجل ولأنه يجعلها في حالة تسرها من دون سائر جواريه… والتسري جائز في الاسلام بالكتاب والسنة والاجماع إذا تمت شروطه يقول عز وجل ” والذين هم لفروجهم حافظون *إلا على ازواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين” . وقد تسرى النبي صلى الله عليه وسلم بمارية القبطية وولدت له ابنه ابراهيم وكذلك الصحابة رضي الله عنهم اتخذوا السراري … ومن الشروط والقيود التي وضعها الاسلام لنظام التسري والتي تكفل للإماء الكرامة وكثيراً من الحقوق التي لم ينلنها في أي تشريع آخر غير الاسلام أنه :
    -لا يجوز استرقاق الجواري إلا في الحروب الا اذا كانت الحروب مشروعة أي يجيزها الاسلام.
    -لا يجوز للمسلم ان يقضي وطره مع أية أسيرة من اسرى الحرب الا بعد أن يقضي الحاكم باسترقاقهن.
    -لا يجوز للمسلم ان يقضي وطره الا بعد ان تصبح ملك يمين له ولا يجوز ان يمسها الا بعد ان يستبرأها بحيضة على الأقل للتأكد من عدم حملها… وللاسلام وراء اباحته التسري بالجواري كثير من الحكم والمنافع التي تعود على المجتمع كله وعلى افراده وعلى الجواري أنفسهن بالخير والنفع نسردها فيما يلي:
    1-حماية الاسيرات من الوقوع في الفاحشة : حين اباح الاسلام نظام التسري انما قصد من ذلك تخليصهن من التشرد والبغاء ….
    2-حماية المجتمع من الانحلال الجنسي: ففي نظام التسري في الاسلام حماية للمجتمع من الفوضى الجنسية والاباحية فهؤلاء الاسيرات لو اطلق سراحهن بعد الحرب وبعد فقد من يعولهن فلابد ان يبحثن عن شئ يتكسبن منه وأيسر شئ هو امتهان الرذيلة
    3-حل مشكلة الزواج لغير القادر : فمن لم يستطع الزواج من حرة مثلاً لغلاء مهرها تزوج أمة أو ملك يمين اشتراها ليشبع غريزته من حلال ويعصم نفسه بملك اليمين قال تعالى ” ومن لم يستطع منكم طولاً ان ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت ايمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بايمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن باذن اهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف”)(المركز العالمي للقرآن الكريم-بيان الاسلام )bayanelislam.net للرد على شبهات حول الاسلام
    وهكذا لم يستطع هذا المركز، التابع للاخوان المسلمين، والذي يورد آراء سيد قطب ومحمد قطب، نفي موضوع الجواري، كما أن ما ظنه تبريرات لا يمكن ان يبرر فعلاً كهذا.
    ومما استنكر المسلمون على ” داعش”، قتلها بعض الناس حرقاً، على اساس ان عقوبات الاسلام، كانت تنفذ بالسيف وبالسوط، وليس بالحرق .. ولكن القتل بالحرق، قد ورد في عمل الاصحاب، فقد جاء ( عن عبد الله بن شريك عن أبيه قال: قيل لعلي ان هنا قوماً على باب المسجد يدعون أنك ربهم ! فدعاهم فقال لهم : ويلكم ما تقولون؟! قالوا: أنت ربنا وخالقنا ورازقنا فأمهلهم ثلاثة أيام لا يغيرون حديثهم فقال: لئن قلتم ذلك لأقتلنكم أخبث قتلة فأبوا الا ذلك فخد لهم أخدوداً بين باب المسجد والقصر وقال احفروا فأبعدوا في الأرض وجاء بالحطب فطرحه بالنار في الأخدود وقال: إني طارحكم فيه أو ترجعوا فأبوا أن يرجعوا فقذفهم فيه حتى احترقوا )( فتح الباري في شرح صحيح البخاري –الجزء 12 ص 270) وجماعة ” داعش” ياخذون بأفعال الصحابة مراجع ثابتة لقول النبي صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي).
    إن معارضة ” داعش” بصدق، ومقاومتها من داخل الدين الإسلامي، وتصفيتها فكرياً، لا تتم بالاعتماد على الشريعة الإسلامية !! وإنما تتم بتجاوز الشريعة نفسها، الى أصل الدين الإسلامي. ومن حسن التوفيق الإلهي، أن البشارة بعودة الإسلام، لم ترتبط بالشريعة، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء !! قالوا من الغرباء يا رسول الله ؟ قال: الذين يحيون سنتي بعد اندثارها) ولم يقل يحيون شريعتي. وهذا ما سوف أفصله في الحلقة القادمة إن شاء الله.
                  

03-16-2015, 01:17 PM

Yasir Elsharif
<aYasir Elsharif
تاريخ التسجيل: 12-09-2002
مجموع المشاركات: 48775

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: داعش والأخوان ... دكتور عمر القراي (Re: Yasir Elsharif)

    (داعش) .. و (الاخوان) !! (4-4)

    نشرت يوم 14 مارس 2015

    عمر القراي (photo: )
    عمر القراي
    د.عمر القراي

    ،،وبسبب حكم الوقت، فإن قتل" داعش"لا يعد جهاداً، وإنما إعتداء على الآمنين، وإزهاق للأنفس بغير حق، وأخذ "داعش" للنساء، لا يعد "ما ملكت أيمانكم" وإنما يعد اختطاف، واغتصاب، وسعي في الأرض بالفساد.،،

    (وَإِذَا بَدَّلْنَا آَيَةً مَكَانَ آَيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ *

    قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) صدق الله العظيم



    عندما عم النور الإلهي بطاح مكة، في القرن السابع الميلادي، بشروق شمس الإسلام، نزل القرآن أول ما نزل، في مستوى

    مدنية، جديدة، تصاقب قامة الإنسانية في أعلى مستوياتها. فقامت الدعوة الجديدة، في جوهرها، على أصل الدين، الذي يدعو الى السلام .. قال تعالى (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)، وقال أيضاً (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ). وفي إشارة الى أن السلام هو جوهر الإسلام، قال النبي صلى الله عليه وسلم (إن لكل شئ قلب وقلب القرآن يس، ويس لها قلب)، ولقد عرف العارفون، أن قلب يس هو قوله تعالى (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) .. والسلام هو ما يسبغه الله على المصطفين من عباده، قال تعالى (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى)، وهو تحيتهم يوم يلقون ربهم (تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا). والمسلم من يعيش السلام، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وقال (الإسلام قيد الفتك)،

    وقال (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، والمسلمون، هنا، تعني جميع الخلائق في السموات والأرض، قال تعالى (أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ) !!

    فإذا وضح هذا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم، وفاء لهذه القيمة، التي تمثل أصل الدين، لم يشهر سيفاً في مكة، بل دعا الى سبيل ربه بالحسنى، متبعاً الأمر الإلهي: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ). وكما أعطاه الله تبارك وتعالى الحق في الدعوة، أعطى القرشيين الحق في أن يكفروا بها، فقال جل من قائل (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) !! ورغم أنهم كانوا يعبدون الحجر الاصم، إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يعترف لهم بأن ما هم عليه دين !! قال تعالى (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ). بل أمر أن يذكرهم فقط، ولا يسيطر عليهم، قال تعالى (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ). وكانت

    كل مهمته، عليه السلام، أن يبلغهم دينه، دون ان يكون عليهم حفيظأً، أو وكيلاً، فيحد من حريتهم .. قال تعالى (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ )، وقال أيضاً (اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ )، وقال (وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَهُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ). فهو ليس موكل بالناس، وليس عليه هدايتهم الى الحق، قال تعالى (لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ)!! وإنما مهمته أن يبلغهم الدعوة، وينذرهم إذا أبوا ، ويبشرهم إذا قبلوا، قال تعالى (إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) وقال (إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).

    ولكن القرشيين قابلوا هذا المستوى من الاسماح والسماحة، بالجحود، والتكذيب، والنكران، والطغيان، وأغروا بالنبي الكريم واصحابه سفاءهم، وغلمانهم، فأوسعوهم شتماً، واعتداء، ومهانة. ولكن الدعوة استمرت في تقدم، أزعج جبابرة قريش، لأنها جاءت بقيم العدالة، والمساواة بين جميع البشر، من حيث أن أصلهم واحد، قال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) فالناس جميعاً لا يتفاوتون، فليس فيهم سادة وعبيد، ولا أشراف ووضيعين.. والكرامة لا تأتي بكثرة بالمال، ولا برفاعة بالحسب والنسب، وإنما بالعمل في تقوى الله، وثمرة هذه التقوى، من حسن معاملة الخلق. لقد رأى القرشيون نظامهم الإجتماعي يهتز، ومكانتهم تتزعزع، ومصالحهم المادية تتهدد، فأشتطوا في معاداة ، وإيذاء المجموعة التي آمنت، من العبيد، والضعفاء، والفقراء. ومع ذلك أمر النبي صلى الله عليهم وسلم بالصبر، على هذا البلاء، قال تعالى (وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ). وحين هم أصحابه بأن يدافعوا عن أنفسهم، امروا بأن يكفوا عن ذلك، ويركزوا على العبادة، وإليهم الإشارة في قوله تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ). لقد نهوا عن العنف، حتى ولو كان دفاعاً عن النفس، ورداً للعدوان. وكان النبي يمر بآل ياسر، وهم يعذبون حتى الموت، فلا يدفع عنهم، بل يقول: ( صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة). ولقد تآمر القرشيون على النبي واصحابه بمكة، وحصروهم في شعب أبي طالب، ومنعوا عنهم الأكل والشرب، ولكن بالرغم من ذلك استمر التوجيه الإلهي (وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ). ولقد وصف القرشيون النبي الكريم، بأنه ساحر، وبأنه مجنون، وبأنه كذاب، وكان صدره يضيق من اقوالهم هذه، ويتألم منها أشد الألم، فينزل عليه التوجيه الإلهي (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ). وحين اشتد الأذى وشكا منه أصحابه، أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالهجرة، وتآمر القرشيون عليه ليقتلوه في بيته، فدلوا بذلك، أنهم كانوا دون المستوى الذي مكث يدعوهم اليه ثلاثة عشر عاماً. ولقد كان سبحانه وتعالى، يعلم ذلك، ولكن قدم إليهم أرفع مستوى من الإسلام، وصبر عليهم، حتى يقطع حجتهم. قال تعالى (رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا). فالبدء يكون بالبشارة والنذارة، حتى تقوم الحجة، وبعد ذلك، يفرض على الناس ما يستحقوا مما هو دون البشارة والنذارة، ببعيد.

    ولم تكن الهجرة مجرد انتقال من مكان الى مكان، وإنما كانت تحول تام في مستوى الخطاب القرآني، من مستوى الرشد والمسؤولية، الى مستوى الوصاية. ولقد تدرج هذه الأمر بالخطاب، فنزل عدة منازل، قبل ان يصل الى الإذن بممارسة العنف، وفرض الإسلام على الناس بحد السيف. ولعل أول ما بدأ به التشريع، في هذا الصدد، عدم موالاة الكافرين، إذ قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ). ولم يقصد المشرع بهذه المعاملة، كل الذين كفروا، وإنما قصد الذين اخرجوا الرسول والمؤمنين من ديارهم، ولذلك قال في نفس السورة (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ* إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ). ويلاحظ ان هذه الآية لم تأمر بقتال الكافرين، رغم اخراجهم للمؤمنين من ديارهم، وإنما تأخر الإذن بالقتال، حتى جاء قوله تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ)، وكأنه إذن فقط برد العدوان، وليس المبادرة بالقتال. بل نهى عن قتال من لم يقاتلهم، قال تعالى في ذلك (وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ). ولكنه بعد فترة أمرهم بقتال كل المشركين فقال تعالى من قائل (وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ)، وبلغ الامر قمته، حين نزلت آية السيف، وهي قوله تبارك وتعالى (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)، فحددت ان يقاتل المشركين، وحددت مكان قتالهم بأنه حيث وجدوا، وحددت زمان قتالهم بأنه مجرد ألا يكون في الأشهر الحرم، وحددت سبب القتال بأنه شركهم بالله، واشترطت للسلام معهم، أن يدخلوا في الإسلام، ويقيموا شعائره . فالخيار إذن هو الإسلام أو القتل. ومن هنا، قلنا أنه فرض للإسلام بحد السيف، وأنه وصاية وإجبار لغير المسلمين، ليدخلوا في الإسلام، ولو دون رضاهم. وعندما تمت ممارسة الجهاد، خرجت جيوش المسلمين، من الجزيرة العربية، ووصلت الهند والصين شرقاً، وأوروبا غرباً. وقادت تلك الحروب والغزوات الخلافة الإسلامية. وكان من يأسر من الرجال، يعتبر عبداً للمسلمين، ومن تأسر من النساء، تعتبر مما ملكت أيمانهم، فتنكح، أو تباع، أو تسترق، أو تعتق.

    هذا هو المستوى الذي قامت عليه الدولة الإسلامية، في القرن السابع الميلادي، واستمرت في القرون التي تلته مما هي مثله.

    وهو مستوى يعتمد على آخر القرآن نزولاً، من القرآن المدني، والذي نسخ في سائره القرآن المكي، الذي شرحنا كيف أنه قام على السلام، والحرية، وإعطاء الناس حتى حق الكفر.

    إن ما جاء به القرآن المكي من حرية الإعتقاد، والمساواة بين الناس، ومنع العنف تماماً، والدعوة الى سبيل الله بالتي هي أحسن، هو أصل الإسلام، وأرفع الإسلام، وهو أحسن ما أنزل الينا من ربنا، ومن هنا نحن مطالبون باتباعه .. قال تعالى (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ). ولكن اتباع القرآن المكي يقتضي بعث القرآن الذي كان منسوخاً، في الماضي، لعجز المجتمع عن ان يطيقه وهذا البعث يقتضي، أيضاً ، وفي نفس الوقت، نسخ القرآن المدني، الذي كان ناسخاً، وقامت عليه الخلافة الإسلامية، وممارساتها في الجهاد، وما يترتب عليه من تبعات. وهذا الأمر – أمر نسخ القرآن الناسخ وإحكام القرآن المنسوخ- هو ما اسماه الأستاذ محمود محمد طه تطوير التشريع الإسلامي، وهو ما دعا اليه المسلمين، باعتباره المخرج الاساسي، من الوقوع في براثن الهوس الديني، الذي يمثله كل من يدعو الى إعادة دولة الخلافة الإسلامية، التي تقوم على الحرب لفرض الإسلام على الناس اليوم. و " داعش" اليوم، لا يمكن تواجه من حيث الفكر، إلا بما طرحه الأستاذ محمومحمد طه، في دعوته لتطوير التشريعة الإسلامية، بالإنتقال من فروع القرآن الى أصوله. ولقد فصل الأستاذ محمود والجمهوريون، كثيراً، في التفريق بين أصول القرآن وفروع القرآن، وبين السنة والشريعة، فليراجع ذلك في مظانه.

    إن ما تقوم به " داعش" اليوم، يعتمد على المستوى الناسخ من القرآن- وهو فروع القرآن- والذي عبرت عنه حكومة الخلافة الإسلامية في الماضي، وهو مستوى الشريعة، في امر الدعوة والحكم والسياسة. ولا يمكن ان يقاوم، أو يدحض، إلا إذا وضح أن في الإسلام مستوى أرفع منه، وقع في القرآن المنسوخ- أصول القرآن-وعبرت عنه سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في مكة، وهو مستوى السنة. وأن هذا المستوى، نحن مطالبون به، وهو الذي يمكن ان يمثل عصرنا، لأنه يقوم على الحرية، والمساواة، وكافة حقوق الإنسان بخلاف مستوى الشريعة، الذي يقوم على قتل غير المسلمين، فإنه لم يشرع لعصرنا، وممارسته اليوم، في غير وقته، خطيئة لا تقل عن الخروج عن الدين. وبسبب حكم الوقت، فإن قتل " داعش" لا يعد جهاداً ، وإنما إعتداء على الآمنين، وإزهاق للأنفس بغير حق، وأخذ "داعش" للنساء، لا يعد "ما ملكت أيمانكم" وإنما يعد اختطاف، واغتصاب، وسعي في الأرض بالفساد. ولأن الإلتزام التام بالشريعة لا يمكن اليوم، يخالط الباطل دعاتها، حتى يستحيل كل أمرهم، باطلاً ظاهراً . ف" داعش" تدعي أنها تتبع نهج النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها تتلقى مساعداتها من دول، لا تتطبق في شعوبها شرع الله، وهي بحسب منهج " داعش" دولاً كافرة ، والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال (إننا لا نستعين على أمرنا هذا بكافر) !! وهكذا تبدأ مفارقة " داعش" لأتباعها صغيرة، ولكنها ستزيد، حتى ينكشف أن أمرها كله باطل، كما إنكشف أمر الاخوان المسلمين، لكل الناس بما فيهم " داعش" نفسها.

    هذا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de