|
سِرتُ فيه وهذا الغناء
|
10:30 AM Feb, 18 2015 سودانيز أون لاين محمد حسن الشيخ - الرياض - المملكة العربية السعودية مكتبتي في سودانيزاونلاين
سِرْتُ فيه وهذا الغناء
لم يَعُدْ ذاك الذي أبْدَتْ به يَعْنِي بشيءٍ مُطلَقاً، لكنني خوْفاً عليها استعدتُ توازُنِي، فكتبْتُ في هَدأةِ الليلِ الهزيعِ قصيدتي، وقَّعْتُ اسم مدينتي، قارنته بالشوقِ قالَ شقيقهُ، قاومته بالبُعدِ زادَ حريقهُ، وأنا بدربٍ لم يُفارقه قريني مثلما غابتْ شموسُ الأمسِ عنه فأقلَقَتْهُ وأغلَقَتْهُ سُلْطةُ القلبِ الصميمِ – تَحَسُّباً ذَكَرَتْ - بمزلاجٍ أصمْ .. سِرْتُ فيه، صِرْتُ فيه وما التفتُ إلى نداءٍ جاءَ من تلكَ الجهاتِ بلا مواعيدٍ سِوَى أنَّ الحصادَ تكدَّستْ أسواقُهُ، أشواقُهُ انتفضتْ فإغتَرَبَتْ إلى غَرْبٍ غَرِيب، كنتُ أعْرِفُ أنَّ في هذا الخيارِ مواتُ عشقي، كنتُ أعْرِفُ أنَّ من كتبَتْ يداهُ على وريدي ذاتَ يومٍ بعض مأثورِ الكلامِ بلا مدادٍ ظلَّ يصدحُ في دمي وأنا أجهِّزُ للقوافلِ حِمْلَها، وهيَ تضرِبُ في صحارَى التِيهِ خَيْماتٍ أُخَرْ، فلا شتاءُ العمرِ أوقفها ولا صيفنا منها ابتردْ .. فيا أيها الغاوُون لا تحتفوا يوْماً بشِعْري، فالخائفون من الحقيقةِ يعمهون والسارقون النصَّ من تفسيره والآخرون، ماذا أقولُ إذا تبجَّحَ بعضهم، فإني إلى ما تدعُونَني هذي البصيرةُ نحوَهُ أبداً فقيرْ .. سِرْتُ فيه ومن الجدارِ تناولتْ تلك الشبابيكُ الحكاياتِ وصارت تستغيثُ بلونِها والشمسُ تغرُبُ والنجومُ عزيزةٌ والخمرُ تعلنُ توبةً وتتوبُ عنها، أسرعْتُ أهربُ من نُواحِ البابِ والشجرِ الموَزَّعِ في رصيفِ الروحِ يا أختي، أخي، جاري، صديقي، جدَّتي ، ابن خالي، ابن عمي، خالتي، خالي، قريبي، عمَّتي، بنت عمي، بنت خالي، جارتي، كامل الحيِّ الأنيقِ، أين عمِّي، بل أبي، أين أنت يا أبي .... يا لدمعٍ لا يذكِّرُني بظلٍ كنتُ أحمِلَهُ وأجلِسَهُ دفيئاً فوقَ حُضْني وموصولاً بحزنٍ من وفاءْ، كانتِ القهوةُ تسعَى والأباريقُ وأصنافُ الطعامِ وبعضُ من سَفَهٍ بريء طازجٍ لا ينتمي الا إلى ذاتِ المساء، كانت الضحكاتُ تفرشُ من حريرِ الأرضِ آلافَ المواسمِ تنسِجُ شالها وثيابها، ولربما فقأت بها عيْنَ العراءْ، فما قدَّتِ الأيامُ من دُبُرٍ قميصَ تآلفي، ولا دابةُ الأرضِ الجريئةِ تستلذُ بطعمِ مِنْسأتي وتتركني أخورُ ورافعاً كفِّي إلى رجلٍ ضريرٍ جاثياً وسطَ الظلامْ، وأنا أنادي الناسَ من قلبِ الضجيجِ باحتفاءٍ كل عامْ، فمن يستعينُ بحلمِ طابيةٍ تؤكدُ للإذاعةِ عن تمسُّكِها بأهدابِ الجلوسِ على الحُطامْ، من يستهينُ بدَفْقِ نهرٍ لن يموتَ ولن يَمِتُّ إلى يَبَاسٍ للضفافِ وطَمْيِها لمَّا تهافتَتِ المياهُ بلا انتظامْ .. لم يكن ذاك الذي قالته يغسلُ للزمانِ عيوبه وعيونه ويغطُّ في وسَنِ الظهيرةِ ظافراً، لا آيباً، منذا يؤوبُ بذاتِ دربي أو يُغيِّرُ عشقه عند اللقاءِ ببدءِ عامكَ فانتبهْ، لا تنتهي بالحلمِ في سوقِ الرجاءْ، لا تشتري فرحـاً بِبَخْسٍ، فالحَـَمامُ يطيرُ في غُرَفٍ تنامُ على وضـوءٍ وتشدُّ مئزرَها على خِصـْرِ الدعاءْ .. قادتني بعيداً ثم قالت لا تُعاندني وتجلسُ للشبابيكِ القديمةِ مُطلِقاً شَجْواً من الصنفِ المقيمِ كحالِ شَأنٍ هيأتْهُ حكومةُ العهدِ العتيقةِ للسلامِ وساهمتْ بالظنِ واحتمَلَتْ على علَّاتِهِ قوْلَ المُرِيب، فالبيْتُ بيتُكَ والحنينُ وما تراكمَ من رمالٍ قُرْبِنا، وها تُناديكَ بأن تُعيدَ إلى المنازلِ صوْتَها، للماءِ حين يعِزُّ في صيفٍ جديد، للضيْفِ حين يمُرُّ من جهةِ السماءِ برزقِهِ، للنائحاتِ من النساءِ حين تخرجُ من هناك جنازةٌ، لله حين تقودنا النفسُ الزكيةُ للترفعِ بالفضيلةِ عن سقوط، للحبيبةِ حين ينسى القلبُ يوماً نبضه ويزفَّه أملاً بعيداً دونَ ضوءْ، لك يا هذه الأنثى التي عَرِفَتْ بأني بعضُها وأنا عَرِفْتُ بأنَّ بسمتَها تُعادلُ كلَّ إنسانٍ أكون، فيا من تكونُ وَجَنَّتِي، تعاليْ أو ذَرِينِي كي تعذِّبُني الحياةُ برمْيِها هذا الكلامِ كحَصْوَةٍ تحتَ اللسانِ ثم تطلبُني أُغَنِّي، أنا لا أُغَنِّي.. أنا لا أُغَنِّي إلا إذا وقَفَتْ ملايينُ الحناجرِ في فمي ثم قالتْ لي تَغَنَّى، تَغَنَّى، أو فحَرِّرْ تلكمُ الأشواقَ من رَبَقِ الوَهَنْ، فطفقتُ أجمَعُها حروفي لأطلِقُها غماماً من شَجَنْ، فإذا قلبي نشيجي وإذا نشيدي يتُوهُ بحثاً عن وطنْ .. س................. سِرْتُ فيهِ.
محمد حســن الشــيخ الرياض 15 يناير 15
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: سِرتُ فيه وهذا الغناء (Re: محمد حسن الشيخ)
|
تحياتي أخي محمد حسن الشيخ
نص بديع وذاخر بمعانٍ باذخة وقفت عندها مطولا وخاصة هنا :
***
فالبيْتُ بيتُكَ والحنينُ وما تراكمَ من رمالٍ قُرْبِنا، وها تُناديكَ بأن تُعيدَ إلى المنازلِ صوْتَها، للماءِ حين يعِزُّ في صيفٍ جديد، للضيْفِ حين يمُرُّ من جهةِ السماءِ برزقِهِ، للنائحاتِ من النساءِ حين تخرجُ من هناك جنازةٌ، لله حين تقودنا النفسُ الزكيةُ للترفعِ بالفضيلةِ عن سقوط، للحبيبةِ حين ينسى القلبُ يوماً نبضه ويزفَّه أملاً بعيداً دونَ ضوءْ، لك يا هذه الأنثى التي عَرِفَتْ بأني بعضُها وأنا عَرِفْتُ بأنَّ بسمتَها تُعادلُ كلَّ إنسانٍ أكون،
***
لله درك ، وسلمتْ قريحتك
مع خالص الود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سِرتُ فيه وهذا الغناء (Re: ابو جهينة)
|
يا لهذه الصوفية والكتابة التى تدخل الروح بلا استئذان شكرا ما مللت قراءة النص البديع ما انحرفت ببصرى لسواه شكرا لك ان كل هذا الجمال الصوفى الفريد يسكنك شكرا لك فلقد امتعتنى
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سِرتُ فيه وهذا الغناء (Re: سلمى الشيخ سلامة)
|
السرد متعة والحياة تجلياتها بائنة فى النص هل هو شعر ؟ هل هو نثر؟ بل هو نشيد لميلاد وحياة انسانية صاعقة صادمة تبحث عن انسان ما وانسانية ما انها لغة بسيطة ومعقدة لغة يومية وزاهدة لغة عالية وسامقة جمعت التضاد فانبرت تمشى بين الناس لغة ما صاحبها يودناان ننشج معه حكايته وان نبكى معه احزانه لكنها حكاية تعبر كل واحد فينا قصة يكتبها فى خياله كل واحد منا تشحنك هذه الكتابة غاية الشحن شجنا محبة انسانية وانتماء شكرا لك
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سِرتُ فيه وهذا الغناء (Re: ابو جهينة)
|
كبيرنا ابو جهينة
سعدت جدا وأنت تجعل ذلك ممكنا، والآن تغمرني بسعادة وتفيض .. شكرا وأنت تنتقي من حروفي بعضها هذا ( البعض ) يعادل ما يعادل ..
شكرا يليق بكم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: سِرتُ فيه وهذا الغناء (Re: محمد حسن الشيخ)
|
شكرا لك أخى محمد حسن وانت تطربنا وترسم لنا صورة من الامس زادتنا الغربة شوقا إليه والى صفائه وتسامحه
يا لدمعٍ لا يذكِّرُني بظلٍ كنتُ أحمِلَهُ وأجلِسَهُ دفيئاً فوقَ حُضْني وموصولاً بحزنٍ من وفاءْ، كانتِ القهوةُ تسعَى والأباريقُ وأصنافُ الطعامِ وبعضُ من سَفَهٍ بريء طازجٍ لا ينتمي الا إلى ذاتِ المساء، كانت الضحكاتُ تفرشُ من حريرِ الأرضِ آلافَ المواسمِ تنسِجُ شالها وثيابها، ولربما فقأت بها عيْنَ العراءْ، فما قدَّتِ الأيامُ من دُبُرٍ قميصَ تآلفي، ولا دابةُ الأرضِ الجريئةِ تستلذُ بطعمِ مِنْسأتي وتتركني أخورُ ورافعاً كفِّي إلى رجلٍ ضريرٍ جاثياً وسطَ الظلامْ،
| |
|
|
|
|
|
|
|