|
من صنع داعش ولماذا؟
|
منذ نحو عقد ونصف كل إمكانيات العالم الإسلامي مركزة نحو هدف واحد هو مكافحة الإرهاب، وأجهزته الأمنية لايمكن أن يفلت عن رقابتها وتحكمها من لديه ميول إرهابية ناهيك عمن هو إرهابي كامل، فإذا بنا نشهد فجأة ظهور أكبر وأقوى تنظيم إرهابي في التاريخ مولودا عبر مخاض الحرب الأهلية السورية، مع سيل متدفق من إمدادات الأسلحة السرية والمتطوعين القادمين من العالم الإسلامي وكذلك من قلب الدول الصناعية الديمقراطية، كما كان هناك مددا متدفقا من الرهائن الغربيين وفيديوهات متلاحقة لقطع الرؤوس. وإذا بنا نشهد فجأة تمدد المساحة التي يسيطر عليها النبت الشيطاني حتى وصلت حدود نركيا فيما وقفت أجهزة المخابرات العربية فاغرة فمها!
إذا كانت كلمة المخابرات في اللغة العربية تعني نقل الأخبار وإذا كانت هذه الكلمة في التراث العربي قدر ارتبطت بالغباء الشديد والقوة العمياء الباطشة وارتبطت بها أسماء ذات رصيد من الحماقة وانعدام العقل، وإذا كانت العقلية العربية تفكر في رزق اليوم باليوم ولا تعنى بالتخطيط للمستقبل ففي الغرب فإن الكلمة اننتلجنس تعني الذكاء، وارتبطت المهنة ببعض أذكى العقول في التاريخ، والتخطيط للمستقبل هو مركز تفكير شعوب الشمال البارد، ففي البلاد الباردة من لايخطط للمستقبل يهلك بردا وجوعا!
تحفل الانترنت بعدد هائل من نظريات المؤامرة التي لا أمل من قراءتها على سبيل الترفيه والتسلية كأفلامم هوليوود،والتمعن في شطحات الخيال البشري، لكن حتى الآن لم تظهر نظرية تفسر هذا الظهور الداعشي الخارق وربما حان الوقت لصنع نظرية!
الكل في العالم العربي يعرف العلاقة بين نشأة الحركة الوهابية والمخابرات الأجنبية التي استعملت تلك الحركة عند نشأتها ضد تركيا العثمانية ونجحت في ذلك نجاحا باهرا، وفي مجال نظريات المؤامرة أثمر ذلك كتاب مذكرات الجاسوس المزعوم المستر همفر المؤسس الحقيقي للحركة الوهابية حسب تلك النظرية! وتم استعمال تلك الحركة بنجاح في أفغانستان في سلسلة أحداث أدت في النهاية لانهيار الاتحاد السوفيتي، غير أن الأثر الجانبي لذلك كان ظهور أشهر تنظيم إرهابي أدى لأن يسخر العالم كل إمكانياته لمكاحة الإرهاب بحيث ظننا أن لم يعد للإرهاب من أثر إلى أن ظهرت داعش الوهابية ونسفت قبر النبي يونس!
حقيقة في البداية كان ظني أن من صنعوا داعش وسمحوا للإرهابيين من كل مكان بالتسلل لتلك البلاد التي لايكاد يمكن أن تتحرك فيها نملة دون أن تكون حركتها معروفة للسلطات كان هدفهم جمع كل المتطرفين الإسلاميين في العالم في مكان واحد وإعطائهم هدفا خياليا تعجيزيا لايمكن تحقيقه وحربا مهلكة مستمرة تمتص كل أنتاج العالم الإسلامي من الإرهابيين، وتبعدهم عن المطارات والسفارات والقطارات، وتجعل العالم ينام هانئا مطئمنا في سلام لايعكره سوى صوت المعركة بين الإرهابيين. لكن النمو السريع لمساحة داعش وقوتها العسكرية يبين بوضوح أن لداعش هدفا أكبر من من مجرد امتصاص الإرهابيين الذين تنتجهم مختلف أنحاء العالم الإسلامي فما هو ذلك الهدف؟
اشتهرت داعش في البلاد الناطقة بالإنجليزية بالكلمة التي هي اختصار لأوائل حروف اسمها باللغة الإنجليزية :آيزيس والتي تصادف أن لها نفس هجاء اسم الربة الفرعونية الشهيرة مما دعا أصحاب محل مجوهرات كندي لتغيير اسمه الذي كان يفترض أن يعني الربة الفرعونية فأصبح يعني منظمة إرهابية! غير أن هذا الهجاء مضلل فقد تمت ترجمة كلمة الشام التي هي حرف الشين من كلمة داعش إلى كلمتي عراق وسوريا باللغة الإنجليزية، في حين أن كلمة الشام باللغة العربية لاتعني العراق وسوريا فحسب بل وفلسطين و الأردن أيضا!
وهكذا فات على أصحاب نظريات المؤامرة في الغرب جانب مهم لصياغة نظرية المؤامرة الخاصة بداعش، فماذا يجب أن تكون تلك النظرية؟ لايمكن أن تكون تلك النظرية إلا أن النازيين الجدد هم من سلحوا داعش و ربوها لأجل مهمتها النهائية وهي التوجه لفلسطين لتكمل مافشل أسلافهم في إكماله في محارق الغاز الألمانية! برع النازيون الجدد في التضليل حتى حذفوا كلمة فلسطين من ترجمة اسم داعش وتركوه في نظر الإعلام الغربي مقتصرا على سوريا والعراق!
|
|
|
|
|
|
|
|
|