|
Re: إليكم اللقاء الصحفي الذي أعاد لي أيام الشباب (Re: حامد بدوي بشير)
|
الصديق العتيق تراوري،
اشكرك على استضافتي على صفحات ملحقكم الثقافي بجريدة "الوطن" السعودية. فأنت تتيح لي فرصة محببة للحديث عن فترة محببة من فترات حياتي. تطلب أن أحدثك عن تلك الايام وأنت لا تدري أن الاستجابة لطلبك ظلت أمنية النفس لعشرات السنين. تحدثت كثيراً عن تلك الفترة للعديد من المثقفين السودانيين، ولا زلت أتوق لأن أتحدث عن ذلك الزمن الجميل. لعل الحنين إليه هو جزء من حنيننا لزمن ولى كنا فيه شباباً، لعله الحنين للشباب نفسه لنخبره بما فعل المشيب. يعطيني سؤالك عن بداية تعرفي بالوسط الثقافي السعودي مدخلاً منطقياً للحديث.
كنت قد بدأت أعرف في السودان كناقد، إذ بدأ أستاذنا الكبير القاص والروائي والصحفي، عيسى الحلو ينشر لي منذ العام الأول من تخرجي من الجامعة في عام 1977 على صفحات الملحق الثقافي بجريدة "الصحافة". تلك الفترة كانت فترة نهوض ثقافي مشهود له في السودان، وجئت إلى السعودية وعلي بعض من ذلك الحراك. عملت بالسودان لفترة عامين فقط بعد التخرج، ثم واتتني الفرصة للعمل كمترجم في وزارة العدل بالمملكة العربية السعودية، فشددت الرحال، وفي الذهن إنني أفارق الوطن وأفارق بفراقه علاقي بالكتابة، حتى ولو لحين. فقد كان هناك اعتقاد، يغذيه جهل فاضح مفضوح، بأن ليس في السعودية سوى البترول والريال والناقة – نحن نتحدث هنا عما صار تاريخاً –
كان هذا الجهل من القوة بحيث إنني ظللت ردحا اعتقد بان ذلك الشعر المدهش وتلك القصص القصيرة الرائعة التي أعثر عليها في الملاحق الثقافية بالصحف السعودية، لا بد أن تكون باقلام مغتربين، ربما فلسطينيين أو عراقيين أو شوام.
الطريف في هذا الأمر هو إنني وبعد أن اكتشفت مدى جهلي وتواصلت مع الساحة الثقافية السعودية متعلماً أكثر مني مشاركاً، وصل من السودان صديق لي يحمل نفس الفكرة الخاطئة عن الأدب في السعودية. فرأيت أن الحديث والشرح لن يجدي معه ولا بد من أن افاجئه. كنت أعرف أن التشكيلية السعودية، شادية عالم، شقيقة الروائية الكبيرة، رجاء عالم، تقيم معرضاً في صالة تقع قرب نهاية شارع فلسطين من ناحية البحر بمدينة جدة. فأخذته إلى هناك. نزلنا من السيارة وسرت وسار خلفي إلا ان دخلنا إلى الصالة. ولحسن الحظ كانت رجاء عالم هناك ولفيف من الشباب المثقفين. ومباشرة دخل الجميع في النقاش حول اللوحات المعروضة. ومن طرف عيني كنت أرصد الدهشة والعجز عن الفهم على وجه صديقي. ولما لم يعد يحتمل المفاجأة، اقترب مني وسألني: أين نحن؟ نظرت إليه بتساؤل، فأوضح : في أي بلد نحن؟ بالطبع لم أجب على سؤال إجابته فيه.
بالدقة، كان حالي خلال الأعوام الأربعة الأولى لي في السعودية هو نفس حال هذا الصديق. العالم العربي كان جزراً متباعدة لا يدري أهل إحداها ماذا يدور في الأخرى. وربما حتى الآن. هل تتصور إنني لم أقرأ للروائي الليبي، إبراهيم الكوني، إلا بعد الثورة الليبية؟ وكم دهشت حين عرفت أنه قد نشر ما يزيد عن الستين رواية ونحن لنا حدود مشتركة مع ليبيا!! فإذا كان هذا يحدث الآن، فما بلك بالثمانينات؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إليكم اللقاء الصحفي الذي أعاد لي أيام الشباب (Re: حامد بدوي بشير)
|
سأواصل هنا نشر إجاباتي على محاور الصديق الصحفي السعودي، محمود تراوري، والتي نشرت في صحيفة الوطن السعودية على الرابط: http://www.alwatan.com.sa/Culture/News_Detail.aspx?ArticleID=178091andCategoryID=7http://www.alwatan.com.sa/Culture/News_Detail.aspx?ArticleID=178091andCategoryID=7
سيجد القارئ أن هناك القليل من الاختصار وربما بعض الحزف في إجاباتي، الأمر الذي أظن أن ضرورات النشر الصحفي وقيود المساحة كانت السبب وراءه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إليكم اللقاء الصحفي الذي أعاد لي أيام الشباب (Re: حامد بدوي بشير)
|
مدخلي إلى الوسط الثقافي السعودي كان عبر مواطني المرحوم الاستاذ محمد الطيب، وكلكم تعرفونه، فهو الذي عرفني بالمرحوم محمد الثبيتي والأستاذ فايز ابا والشاب المشتعل حينها، مصطفى إدريس. بعدها وجدت نفسي وسط المعمعة، وحاولت ان أسهم في الحراك الثقافي وأن اتعلم في نفس الوقت. كيف لا وقد عاصرت عقولاً نقدية جبارة مثل الدكتور عبدالله الغذامي والدكتور سعيد السريحي الذي قال عنه المرحوم الطيب صالح انه لم يصادف في حياته ناقداً بذكاء سعيد السريحي.
تسألني عن شكل صداقتي بمحمد الثبيتي الذي أبى إلا أن يكون الماُ وحزناُ مقيمين معي حتى ألحق به. آخر مرة قابلته، قبل وفاته بأقل من شهرين. جاء إلى مسقط، حيث أقيم واعمل، وذلك بدعوة من النادي الثقافي بمسقط. قرأ شعره الذي أذهل الجميع، كالعادة. أنزلوه بفندق فخيم، وفي الليلة الاولى التي التقينا فيها أخذ شطنته وترك الفندق ليقيم معي ليلتين في شقتي المتواضعة. بعد عودته إلى بلاده بأسبوع اتصل بي واثناء الحديث قال لي أن شخصاً يريد ان يسلم عليك وأريدك ان تعرف من هو. ومن أول كلمة نطقها ذلك الشخص، قلت له أنت فهد الخليوي. كيف حدث ذلك، حتى الآن أنا لا ادري. فانا لم التق فهد الخليوي في حياتي اكثر من مرتين أو ثلاث في جدة، رغم إنني قد تناولت بعض قصصه بالقراءة. بعد ذلك مباشرة أتتنا الأخبار المفجعة.
الثبيتي نعى نفسه في قصيدته، موقف الرمال موقف الجناس:
"أَفْتَضُّ أَبْكَارَ النُّجُومِ وأَسْتَزِيدُ مِنَ الهُمُومِ وأَنْتَشِي بِالخَوفِ حِينَ يَمُرُّ مِنْ خَدَرِ الورِيدِ إلَى العِظَامِ
وأَجُوبُ بَيدَاءَ الدُّجَى حَتَّى تُبَاكِرُنِي صَبَاحَاتُ الحِجَا أَرِقاً وظَامِي • إنِّي رَأَيتُ.. أَلَمْ تَرَ !؟ • عَينَايَ خَانَهُمَا الكَرَى وسُهَيلُ أَلْقَى فِي يَمِينِ الشَّمْسِ مُهْجَتَهُ وولَّى، والثُّريّا حَلَّ في أَفْلاَكِهَا بَدْرٌ شَآمِي"
إنه هو هذا البدر الشآمي الذي ارتحل عنا وحل في أفلاك الثريا. ألا رحمه بقدر ما عطى لوطنه ولأمته.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إليكم اللقاء الصحفي الذي أعاد لي أيام الشباب (Re: حامد بدوي بشير)
|
انتماؤك للحداثة الم يؤثر عليك سلبا في عملك؟
نعم كنت أعمل بفرع وزارة العدل بمكة، وقد انتدبت للعمل بالمحكمة لعدة سنوات. ونعم كان البعض يلصق بمن عرفوا حينها بالحداثيين، تمييزاً لهم عن التقليديين، كان البعض يلصق بهم أفظع التهم التي تصل أحياناً إلى التكفير. لكن (ربعي) في وزارة العدل والمحكمة، لم يكونوا يقراؤن (الخرابيط) التي تنشر في الملاحق الثقافية، حتى أنه لم يكن فيهم من يعرف إنني كنت اكتب في الصحف.
جار لي في الحي الذي كنت اسكن فيه، وكان مديراً لمدرسة، وكان مهتماً بالثقافة. هو الآخر لم يكن يعرف إنني أكتب بالصحف وإنني حداثي، فراح يذم لي الحداثيين ويقول فيهم ما لم يقله مالك في الخمر. وذكر لي اسماء إثنين من اعز أصدقائي، المرحوم عبدالله باهيثم والمرحوم محمد الثبيتي. بل قال لي انه سمع ان للثبيتي هذا صديق سوداني، يترجم له شعر الإنجليز، فيدخل عليه الثبيتي بعض التعديلات وينشره باسمه. لم اهتم كثيراً فقد صادفت في السودان من هم أكثر بعداً عن حراك عصرهم من ذلك الجار. أمثاله موجودون في كل مجتمع. فكما هناك صفوة متطلعة للثقافة وجديد الثقافة، هناك دائماً صفوة معادية للثقافة. عادي.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إليكم اللقاء الصحفي الذي أعاد لي أيام الشباب (Re: حامد بدوي بشير)
|
تسألني، ماذا تبقى لي من تلك الايام؟
(يا رجال)، قل ماذا لم يتبق أو ماذا ذهب منها. لاشيئ هي باقية حية اتذكر كل لحظة فيها بصفاء غريب. فيها قرأت كتباً كثيرة شكلت جزءً كبيراً من وعيي. أتيت إلى السعودية شاباُ غراً متلهفاً للمعرفة، وعدت منها كهلاً يحتقب تجربة لا باس بها. وأقول لك أهم ما تعلمت في السعودية: تعلمت أدب الحوار والنقاش. وتعلمت التواضع. كنا ندير ورشة عمل أسبوعية بصحيفة عكاظ، وهذه من ابتكارات الدكتور عبدالله الغذامي. كنا نتناول في كل اسبوع نصاُ جديداٌ (قصيدة أو قصة قصيرة). وأصر الدكتور الغذامي على أن تكون إدارة الندوة بالتناوب. ما كان الامر سيثير أي قضاضة لو انفرد هو بإدارة النقاش. فقد كان بمثابة الاستاذ بالنسبة لنا جميعاً وجلنا خريجين جدد وهو الاستاذ الجامعي. لكنه أصر على مداولة إدارة النقاش. الآن لا أظن إنني في حاجة لاجيب على سؤالك حول ما إذا كنت مؤمناً بصدق وعمق الإبداع في تلك المرحلة.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إليكم اللقاء الصحفي الذي أعاد لي أيام الشباب (Re: حامد بدوي بشير)
|
السؤال حول ما إذا كانت الثقافة السودانية قد اسهمت في حراك الحداثة السعودية. أقول بشأنه، إن محمد الطيب وعكاشة وأنا كنا (متفاعلين) لكن ضمن ذلك التفاعل، أعتقد أننا كنا مستفيدين أكثر منا مفيدين. ومقولة الثقافة السودانية نفسها لي عليها تحفظ. هل تعلم بينما كنا ندافع عن وندفع بحركة الحداثة في الثمانينيات، كان هناك مثقفون سودانيون، يحمل بعضهم الدرجات العلمية العليا، يكتبون في بعض الصحف السعودية مدينين للحداثة والحداثيين. تداخل الساحات الثقافية أمر معقد جدا. ويحضرني الآن ما كان يلاقيه الدكتور لطفي عبدالبديع كحداثي، على ايدي بني جلدته من الاساتذة المصريين المعادين للحداثة .... هل تذكرونه؟ كان يشرف على رسالة سعيد السريحي لنيل الماجستير. نعم يا صديقي، ليس هناك ساحة ثقافية موحدة ونقية. هو هو نفس الصراع السرمدي إلى يوم الدين بين المقيمين على ما وجدوا عليه آباءهم وبين المتطلعين إلى الجديد عبر كل الحدود والحواجز. والفريقان موجودان في كل المجتمعات. وسيظلان.
صديقي العتيق محمود تراوري، لا فكرة لدي ولا تعليق لي عن أولئك الأنبياء الكذبة الذين تسألني عنهم.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إليكم اللقاء الصحفي الذي أعاد لي أيام الشباب (Re: حامد بدوي بشير)
|
دعني أقفز إلى سؤالك الذي يجد هوى في نفسي: الأسماء التي راهنت عليها كناقد. أنا راهنت على عبدو خال وعلى انه هو الذي سيكتب الراوية السعودية الحديثة. قلت هذا وكان هناك من سبقه، فقد كتبت رجاء عالم أكثر من رواية حينها، وكان المشري، رحمه الله، قد اصدر روايته "الوسمية". ومع ذلك كنت أراهن على عبدو خال الذي كان لا يزال طالباً بالجامعة ولم يكتب سوى بضعة قصص قصيرة. ما حدث مني لم يكن كلمة خرجت بالصدفة. فقد كانت لي تجربة مع كتابات عبدو خال أقنعتني بأن روائياً ضخما يختبئ داخل هذا الجسد النحيل والسلوك الطفولي جداً.
أقص عليك القصة (دون أن "أقص" عليك). فلن يتضح سبب رهاني على عبدو خال إلا من خلال هذه القصة. أول عمل تناولته نقدياً في السعودية كان قصة قصيرة لعبدو خال بعنوان "أحني حنجرة الاغنية". ولأنه أول ظهور لي في الساحة، فقد حاولت أن اجتهد في قراءة ذلك النص القصصي. بحثت عن مدخل للقراءة، فهالني أن القصة تتيح عدة مداخل وهذا دليل على اكتنازها. الآن أقرأ مما كتبت عن المدخل لقراءة تلك القصة (أنا احتفظ بقصاصات من الصحف لكل ما ينشر لي). كتبت في البداية:
"منذ البداية تراءت لي عدة قراءات أو لنقل منطلقات لقراءات ممكنة لهذه القصة. وأنا زعيم لكل من يستوحي في هذا القول تقريظاً لعبدو خال. فلقد فكرت أولاً في الاصوات وما يمكن استقراءة من خلالها باتخاذها محوراً للقراءة، فكان هناك: 1. صوت عجوز الروابي 2. صوت الراوي 3. صوت المرأة 4. صوت الأم 5. صوت غزوان 6. أصوات جانبية اخرى ....... الخ.
وفكرت ثانياً في بحث العلاقة بين عدة عناصر أساسية بالقصة، بخلاف الأصوات. فوجدت: 1. الوادي 2. غزوان 3. الوجود الإنساني الآخر بخلاف غزوان .......الخ. وثالثاً فكرت في الأفعال الواردة في القصة واتخاذها محوراً للقراءة عن طريق تصنيفها إلى سالب وموجب، فوجدت لدي قائمة طويلة من الأفعال الموجبة تقابلها قائمة أصغر تضم الأفعال السالبة، ثم اكتشفت أن كل فعل سالب واحد في القصة، يهدم تاريخاً كاملاً من الأفعال الإيجابية.
ورابعاً فكرت في دراسة متناقضات أخرى غير الأفعال تحيط دراستها بكل أبعاد القصة، وأعني بذلك متناقضات: 1. الحلم – الجنون 2. الفعل – الموت 3. الصوت – الصمت .............. الخ.
ولكني قررت أخيراً أن احتفي بتكنيك القصة نفسه وأن اهتدي به مؤشراً لفهمها. وذلك عن قناعة بأن التكنيك وحده هو الذي يعطي لكل قصة تفردها واختلافها وهو وحده مناط ابتكار الكاتب. فمعرفة التكنينك هي معرفة كتابة القصة.........الخ.
يتضح لك مما تقدم القدرات الهائلة في الكتابة السردية التي تستوطن عبدو خال منذ صغره. تصور فقط إنني لو (ركبت رأسي) وقرأت تلك القصة من جميع هذه المداخل. كنت سألف كتيباً نقدياً متوسط الحجم حول قصة قصيرة واحدة. بعدها صرت أتابع كتابات عبدو خال بشغف. وفي كل مرة يثبت لي أنه أحد ملوك التكنينك. وما كنت أريد أكثر من هذا لأراهن على عبدو خال. فالعمود الفقري في فن كتابة الرواية هو ابتكار التكنيك.
حول تساؤلك ما إذا كنت لا أزال أتواصل مع مبدعين سعوديين وأتابع الساحة السعودية، لن أكذب عليك، تواصلي ضعيف جداً ومتابعتي معيبة. لماذا؟ مشاغل الحياة .. الأولاد كبروا وصاروا بالجامعات والضغط تضاعف. لكن الحنين لا يزال مقيماً.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: إليكم اللقاء الصحفي الذي أعاد لي أيام الشباب (Re: حامد بدوي بشير)
|
حدثنا عن تجربتك الروائية؟ وفوزك بحائزة اقديرية في السودان؟ ماذا عن أطروحة الدكتوراه؟ اين تعيش الان؟ وماذا تعمل؟ كيف تنظر لواقع المشهد الثقافي في السودان؟ مواطنك امير تاج السر ترشح مرتين لجائزة البوكر اخرها هذا العام، وهو مدعو كضيف لمعرض الرياض للكتاب هذه السنة ، ماذا تقول، عنه وعن نتاجه؟
تجربتي الروائية، حتى الآن لم تبلغ الحجم الذي أطمح إليه. كتبت رواية بعنوان "مدينة النهر الميتة" وقدمتها لجائزة الطيب صالح للإبداع الروائي في دورتها الأولى عام 2003، والتي ينظمها مركز ثقافي أهلي لا علاقة له بالحكومة، هو مركز عبدالكريم ميرغني الثقافي. جاءت روايتي بالمركز الثاني ومنحت جائزة تقديرية، وأعتقد أن الجائزة الاولى من نصيب الروائي الكبير أمير تاج السر. والثالثة أعطيت للروائي الذي أبهر الساحة فيما بعد، عبدالعزيز بركة ساكن. هذه الرواية طبعت العام الماضي في طبعتها الأولى بعنوان "جويكرة حزن النهر" وهي تباع كما علمت في جناح السودان بجميع معارض الكتاب العربي. ثم كتبت روايتي الثانية وهي بعنوان طويل: "مشروع ابراهيم الاسمر الروائي"، وايضاً قدمتها لجائزة الطيب صالح في دورتها الخامسة عام 2007 ونالت الجائزة الاولى وطبعت على حساب المركز المنظم للمسابقة، ثم قمت بطباعتها في طبعتها الثانية لدى نفس الطابع والناشر عام 2013. كتبت مسريحة بعنوان "طلب هجرة إلى جمهورية أم كردوس"، تقوم الآن فرقة من شباب مدينة الأبيض بالعمل عليها لتقديمها قريباً. أنجزت بحثاً سياسياً حول الحركة السياسية السودانية، لا يزال حبيس الهاردسك وإن كنت قد نشرت بعضاً من فصوله في الصحف الورقية والإليكترونية.. أعمل منذ أكثر من عام على الرواية الثالثة ولا إدري متى تكتمل فارتاح منها، ويبدا التعب مع التالية لها. فالكتابة لمن يصاب بها، مثل السباحة لمن وجد نفسه ملقى به في اليم، أمر إجباري لا خيارك لك فيه.
عن المشهد الثقافي السوداني أقول أنه ينشحذ بالتضييق والكبت الذي تمارسه أجهزة الدولة، لكن جذوره تمتد بين شقوق الصخر إصراراً على الحياة. أسماء كثيرة تظهر كل يوم. شباب يتفجرون جراءة. كتابات مذهلة. لكن النشر عقبة كبرى. النشر داخل البلاد مضيق عليه، وبالخارج الناشرون. والناشرون الآن هم من عينة الناشران الذين ذكرهما سعد الدوسري في قصته "الناشران". الناشرون ينشرونك وهؤلاء الشباب المبدعين الجدد في السودان لا طاقة لهم بهذا النشر. وبارك الله في المواقع الإسفيرية، فهي منفذ مجاني للنشر. أمير تاج السر روائي كبير، يمتاز بالصبر والمثابرة الذين يفتقر لهما الكثيرون وأنا أولهم. ويمتلك أمير أمرين لا بد للروائي الجيد منهما، الخيال الرحب والإبداع اللغوي، أعني نحت تراكيب جديدة والابتعاد عن السرد العادي والمكرر. لكن ثمة روائي سوداني آخر خطير .. حتى اخطر من الطيب صالح حسب ظني، اسمه عبدالعزيز بركة ساكن، نشر عددا جيداً من الروايات التي ترجم بعضها إلى لغات أخرى، أرجو ان تقرأوا له.
وكل عام والجميع بخير
| |
|
|
|
|
|
|
|