|
عمر البشير هو من يستحق المحاكمة بتهمة الردة!
|
كلمة “ الحكومة” كلمة ارتبطت عبر القرون لدى المواطن السوداني بكل ما هو مؤلم: سلاطين يبعثون جندهم القساة لجباية الضرائب بحد السيف من أناس يعيشون في مناطق ذات طبيعة قاسية لاتكاد تجود عليهم إلا بما يبقيهم على قيد الحياة، وازداد الأمر سوءا حين دخل الأتراك البلاد بحثا عن الذهب فلم يجدوه فانتهى بهم الأمر لإدخال القطط في سراويل الرجال الذين عحزوا عن دفع الضرائب، وحين فرح الشعب السوداني بالاستقلال والحكم الديمقراطي الذي تلاه بدأت الكلمة تفقد تدريجيا بعضا من دلالتها السيئة، لكن سرعان ما انقلبت الأمور وعاد للكلمة صفتها العدوانية الشريرة التي تجعل المواطن يقابلها بكل ما أوتي من مراوغة وتحفز، وقد بشرنا من خدعونا باسم الإسلام بنهاية ذلك مدعين أنهم سيقيمون المدينة الفاضلة المبنية على الشريعة الإلهية والتي يأتمر فيها الجميع بالأمر الرباني المقدس فينتهي بذلك الفساد ويتوب اللصوص والفجار وتفتح السماء بركاتها وتخضر الأرض، فإذا بهم يؤسسون واحدة من أفسد وأظلم الحكومات التي عرفتها البشرية!
من عجائب الزمان أن نعاصر هذه الأيام محاكمة شابة سودانية بتهمة الإرتداد عن الإسلام في زمن أصبحت فيه المعجزة الكبرى هي بقاء مسلمي السودان على دينهم الذي نفذت الإنقاذ مخطط الشيطان لتشويهه فارتكبت باسمه أفظع المظالم وسفكت بحارا من الدماء وبنت جبالا من الكراهية العرقية والتعصب القبلي فيما كنز أهلها الأموال وبنوا القصور وعددوا الزوجات! إن الذي يستحق المحاكمة بتهمة تسبيب الردة هو من دفع عددا لايعلمه إلا الله من السودانيين للارتداد عن الإسلام، ذلك الذي نصب نفسه أميرا للمؤمنين ليحكمنا بشريعة الشيطان، ذلك الذي يعتقد اعتقادا جازما أن الله آتاه الملك فيظل يكرر على مسامعنا آية يؤتي الملك من يشاء متناسيا التقرير الطبي المزور الذي بموجبه أعفي من القتال ليقود الإنقلاب على الشرعية التي أتت باختيار أهل السودان! إذا كان الإسلام قد ارتبط بكل ما هو سئ بدءا من عمر البشير وانتهاء ببوكو حرام فليس من المستغرب أن ينجرف الكثيرون للإعتقاد بأن الخطأ هو في الدين ذاته وهم يرون الجرائم التي ترتكب باسم الدين!
والمدهش أن تتزامن محاكمة الردة هذه مع حكاية التحلل العجيبة التي كانت آخر فنون الإنقاذ في الفساد والإفساد، ليتضح جليا أي شريعة تحكمنا بها الإنقاذ والتي هي بكل تأكيد ليست الشريعة التي كان البسطاء يظنون أنها ستوفر لهم الأمان بردع اللصوص والمجرمين، وقد سمعت قاضيا سودانيا يقول أن تطبيق حد كحد السرقة مثلا شبه مستحيل بسبب وجود الكثير مما يدرأ ذلك في القانون، في حين أن قاضي محكمة الردة التي جعلتنا مضحكة العالم ولم تثببت فقط فرية أن الإسلام انتشر بحد السيف بل أضافت لها فرية أن السيف هو من يمنع المسلمين عن الارتداد عن دينهم، أطلق حكمه دون أن يجد شبهه واحدة لدرئه!
نحن إذا أمام دولة هي أبعد ما تكون من المدينة الدينينة الفاضلة التي كان يحلم بها البسطاء بل أمام دولة شيطانية إجرامية شريرة، تذهب أغلب ميزانيتها لأجهزة البطش والتنكيل التي جعلت حكمها يشتمر ربع قرن، إذن فغالب ما يتم دفعه من ضرائب وجمارك يذهب لتمويل البطش والقتل والتنكيل وتكميم الأفواه وتشجيع الفساد، في حين يذهب جانب آخر لجيوب الفاسدين، وإذن فإن المواطن بدفعه لضرائب الإنقاذ وجماركها يصبح شريكا في كل كل نقطة دم تسفكها الإنقاذ وفي كل جريمة قتل ترتكبها وفي كل فساد تنشره، فهل يحل دفع ضرائب وجمارك حكومة كهذه؟!
|
|
|
|
|
|
|
|
|