|
Re: قصص من واقعنا الأليم (Re: رانية عمر عبدالله)
|
"2" قصة جديدة و ألم جديد: ******************
شيخ بين الستين و السبعين من العمر ، أشعث، أغبر ، حافي القدمين ، ثيابه رثّة و شديدة الاتساخ، يسير متكئاً على عصاه و يبدو أنه يعاني من ضعف في النظر و صعوبة في النطق و السمع. كان يمشي بين الناس في موقف جاكسون بالخرطوم، يحاول التحدث معهم و في يده جنيه سوداني، لم يكن حديثه واضحاً و لكن المؤسف في الأمر أنه لم يجد آذاناً صاغية حتى يتمكن من توضيح كلامه. كان الناس يفرون منه و ينظرون إليه بتقزز و اشمئزاز و كلما فر منه مجموعة من الناس في احدى مواقف الحافلات تراه يتحرك بكل عفوية نحو مجموعة أخرى في موقف آخر أملاً في يجد من يستمع إليه. بعضهم كان يغطي وجهه منه كتعبير عن الاشمئزاز و القرف و البعض كان يدّعي عدم رؤيته و منهم من كان يرد عليه ببعض الجمل المشهور استخدامها في الرد على المتسولين " الله كريم، الله يدينا و يديك " !! كان من بين الواقفين فتاة في عجلة من أمرها و يبدو عليها القلق و التوتر نظراً لتأخّرها الشديد على مواعيد عملها، وقف ذلك الشيخ أمامها و كان يتحدث اليها مبتسماً بكلمات غير واضحة ، نظرت إليه و قالت: عاوز شنو يا عم؟ عاوز قروش؟ رد عليها بالنفي و لكنها لم تفهم ما يقول لصعوبة نطقه، فأخرجت جنيهاً واحداً بخجل و قالت و الله معليش يا عم أنا مفلسة شديد، هاك الجنيه ده. رفض أن يأخذ الجنيه لكنها أصرّت عليه و وضعت الجنيه في يده و ابتعدت كي لا يعيده إليها. عاد الشيخ لوضعه الأول يهيم بين الناس مردداً نفس العبارات الغير مفهومة و ازداد نفور الناس و هروبهم منه، فعاد ليقف إلى جانب الفتاة التي أعطته الجنيه محاولاً للمرة الثانية توضيح كلامه لها و لكن دون جدوى. استمرت محاولاته لشرح كلامه للفتاة و محاولاتها لفهمه، فطلبت منه أن يحاورها بالاشارة على أمل أن يتمكن من ايصال فكرته. فقام باخراج كيس يحوي الكثير من الجنيهات و العملات النقدية التي لم تكن الفتاة لتمتلك ربعها ، و وضع يديه على فمه إشارة على أنه يعاني من الجوع و العطش الشديد و أشار بيده نحو مجموعة من المحلات التي تبيع الساندوتشات و العصائر بالقرب من مواقف المواصلات. نظرت إليه بذهول و أدركت أن كل ما يحتاج إليه ذلك الشيخ الكبير هو بعض الطعام و الشراب الذي أراد شرائه ب"حُرّ" ماله و يبدو أن أصحاب الكافتيرات كانوا يرفضون مجرد وقوف رجل مثله بجانب محلاتهم، فهو في نظرهم مجرّد رجل متشرّد قذر ، قد "يطفّش" لهم زبائنهم كما "طفّش" الناس من مواقف المواصلات! مدّ يده بالمال لتلك الفتاة لتهرع إلى أقرب كافتيريا و تشتري له ما يزيح عنه قسوة الجوع و العطش، جلس يتناول طعامه بهدوء و ظلت هي تنظر إليه و إلى من كانوا يفرٌون منه بحسرة و حرقة روح،، تسائلت في نفسها.. ترى هل كانوا يفرّون من ذلك الشيخ هرباً من قبحٍ يرون فيه؟ أم من قبحهم المقيت الذي كان ذلك الرجل مجرد مرآة تعكسه أمام أعينهم بكل ما يحمله من بشاعة لا تمت للإنسانية بِصلة؟؟!!
|
|
|
|
|
|
|
العنوان |
الكاتب |
Date |
قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-22-14, 07:53 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | ياسر بيناوي | 04-23-14, 03:34 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | عبدالكريم عبدالله | 04-23-14, 06:35 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-25-14, 12:32 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-25-14, 12:23 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | مجاهد محمد الهادي | 04-23-14, 07:49 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | ismeil abbas | 04-23-14, 09:00 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-25-14, 12:56 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-25-14, 12:41 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | احمد النور عبد الله | 04-23-14, 11:09 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-25-14, 01:09 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | بدر الدين عوض الكريم | 04-23-14, 06:18 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | عبدالحفيظ ابوسن | 04-23-14, 06:32 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-25-14, 01:17 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-25-14, 01:13 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-25-14, 12:20 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-25-14, 03:19 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-26-14, 04:39 PM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | Hani Arabi Mohamed | 04-27-14, 04:19 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-29-14, 11:02 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | تبارك شيخ الدين جبريل | 04-29-14, 11:19 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-29-14, 11:24 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-29-14, 11:25 AM |
Re: قصص من واقعنا الأليم | رانية عمر عبدالله | 04-29-14, 11:16 AM |
|
|
|