ظهرت سينما (الترسو) قبل حقبة التطور التقني الهائل في صناعة السينما المصرية ، وهو اسم أطلقه النقاد إبان عصر الأفلام ( الأبيض وأسود) على دور السينما المصرية القديمة التي كانت تعرض أفلام إثارة رديئة المضمون ، وكان جُل مُرتاديها من أبناء الطبقات الفقيرة بالأحياء الشعبية ، حيث كانوا يجلسون بمقاعد الدرجة الثالثة رخيصة السعر لطبيعة ظروفهم الاقتصادية ، وكانوا يعشقون نوعية معينة من الأفلام كأفلام (الآكشن) ، والسوبرمان ، وسلسلة أفلام زورو (الذي لا يموت) . ولكن كان عشقهم الأول والأخير أفلام الممثل الراحل (فريد شوقي) ، الذي كان دائماً ما يؤدي دور البطل نصير المحرومين والغلابا ، والمُنتقم من الأشرار ، حتى أطلق عليه لقب (ملك الترسو). وهذه الأيام ، يستعيد طيف من المجتمع السوداني حقبة (الترسو) القديمة كما هي ، حيث يجلسون كل مساء على مقاعد الدرجة الثالثة في انتظار موعد الفيلم اليومي الممل ، الذي لا ينقصه كي ينافس أعظم أفلام الترسو سوى غياب بطله فريد شوقي ، حيثُ حل مكانه (البطل) حسين خوجلي . ملك (الترسو) الجديد حسين خوجلي ، يبدو في إتقانه لأفلامه هذه وكأنه حائز من مدرسة التمثيل (الإسلاموي) على شهادة عُليا في العُري والخِنى والتفسخ ، إذ يضطلع هذه الأيام بدور البطولة في أفلام خيالية ساذجة ، أفلام ########ة الحبكة وفقيرة المؤثرات ، أُعدّت سيناريوهاتها بخفةٍ وغباءْ ، لتضليل الجمهور الصابر والصامت. ويبدو أنه تم إسناد دور البطولة المطلقة لـ (خوجلي) ، لعدة أسباب منها أنه لا يوجد بين كل (جثث) إعلام الإسلامويين من يجيد دور التدليس والتنفيس بجدارة مثله ، كما أنه يحظى بسابقة (خطيرة) ، وهي تحويله مهنة الصحافة إلى (أقدم مهنة في التاريخ) ، فهو يبيع كل شيئ : الشتيمة بدينار ، والبهتان بدرهم ، والزور والتزوير (ببلاش) ، فتارة تجده يكيل الشتائم لقادة الأمة السابقين ، وأخرى يحقر ويحط من أقدار اللاحقين ، لا تحده حدود أخلاقية ولا وازع ديني ، ولا يتورع في إشانة (ومضغ) سمعة الآخرين كل مساء بتلذذ ، يشبه ذاك الذي شعرت به هند بنت عتبة عندما (لاكت) كبد سيد شهداء المسلمين حمزة بن عبد المطلب . حسين ، يُسيئ للصادق المهدي ، لمالك عقار ، لعرمان، ولغالبية قادة المعارضة ، ولكنه في قمة (ثورته) هذه لا يستطيع حتى أن يطعن ظل (الفيل) الظالم ، فلا يشير إليه من بعيد أو قريب ، وكأن كل الدمار الذي حدث لبلادنا ، كان سببه بركان أو زلزال ، ولم يحدث بسبب عمر البشير !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة