فى ندوة مركز الجزيرة حول مسارات الحركات السلفية بالعالم العربى باحثة اسبانية تلجم من احتجوعلى لبسها

Quote: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد. 1. تحرير المصطلح لا بد بداية من تحديد ماهية السلفة؟ هل يراد بها جماعة مسماة بهذا الاسم أو اتجاه معين؟ أم المراد التيار العام الذي يرمي إلى العودة بالأمة إلى النبعين الأصيلين كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسـلم؟ وليس بدعاً من القول أن نقرر حقيقة أن السلفية هي عماد الصحوة الإسلامية المعاصرة على اختلاف الشعارات والأسماء التي تنضوي تحت هذا العنوان العريض والتيار الجارف؛ وبنظرة سريعة في سائر أقطار المسلمين تتقرر هذه الحقيقة؛ فليست الغلبة للصوفية التي تعنى بإصلاح الفرد والإقبال على النفس، وليست للتيارات العقلانية التي تقدم العقل على النص، فضلاً عن أن تكون الغلبة للتيارات التي تتبنى العلمنة أو التغريب. وليس من نافلة القول أن نقرر أنه ليس في فرق المسلمين - المنتسبين إلى السلفية أو غيرهم - من يحمل معنى السلفية بما عرف في البلاد الغربية بظاهرة (الأصولية) وهي التي تعني: ديانة نصرانية كهنوتية ترفض كل مظهر من مظاهر الحياة وتراه خروجاً على الدين. يقول الأستاذ عبد الوارث سعيد: مصطلح ((الأصولية))؛ إذ يعني في بيئته الأصلية: فرقة من البروتستنت، تؤمن بالعصمة الحرفية لكل كلمة في: ((الكتاب المقدس)) ويدّعي أفرادها التلقي المباشر عن الله، ويعادون العقل، والتفكير العلمي، ويميلون إلى استخدام القوة، والعنف؛ لِفرْضِ هذه المعتقدات الفاسدة)) انتهى. فهم الذين يحرمون التعامل مع أدوات الحضارة المعاصرة (السيارات والطيارات والكهرباء) ولا نعرف في فرق المسلمين من يقول بهذا القول؛ بل عموم المسلمين يرون هذه المخترعات الحديثة داخلة في عموم التسخير الذي ذكره ربنا في القرآن {######ر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعاً منه} {هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا} والتيارات جميعها تستخدم تلك الوسائط في الدعوة أو في شئون الدنيا من غير نكير. 2. نبذة تاريخية بقراءة سريعة لتاريخ دولة الخلافة العثمانية نجد أن الحركات الصوفية كانت هي الغالبة والموجهة للخلفاء والحكام، فضلاً عن جمهور الناس وعامتهم؛ ومن قرأ سيرة محمد بن مراد الثاني رحمه الله تعالى يكتشف ذلك بأدنى تأمل، أضف إلى ذلك الجمود الفقهي والعصبية المذهبية، مما أدى إلى ظهور دعوات تجديدية تتبنى الدعوة إلى العودة إلى الكتاب والسنة 3. الدعوات التجديدية دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب في نجد وما حواليها، ثم دعوة الإمام محمد أحمد المهدي في السودان، ودعوة السنوسي في ليبيا ثم جاء من بعد هؤلاء محمد عبده وتلميذه محمد رشيد رضا في مصر، ثم دعوة الإمام بديع الزمان النورسي في تركيا، كل هذه الدعوات صبت في مجرى النأي عن العصبية المذهبية والمناداة بالتجديد والتماس حلول لمشاكل العصر من خلال الوحيين الشريفين، وكذلك دعوة عبد الحميد بن باديس والبشير الإبراهيمي، ثم جاءت دعوة الإمام حسن البنا في مصر لترمي للغرض نفسه؛ ومن اطلع على رسالة التعاليم يلحظ ذلك بوضوح 4- التيارات السلفية العلمية لا بد من تقرير حقيقة أن هذه التيارات ليست على نمط واحد، ولا تصدر كذلك عن فكر واحد، بل هي متباينة متنوعة، وقد أحسن الإخوة في اختيار العنوان الذي يوحي بالتعدد والتنوع، وإذا أراد الباحث أن يحصي هذه التيارات فإنه يعد من بينها: • تيار يركز على الأفكار التجريدية والتصاقه بالماضي يغلب على تفاعله مع الواقع (التركيز على التراجم والسيرة والتاريخ) • تيار يعاني من خلل فكري يدعوه إلى تبني قضايا عفا عليها الزمن فيدير معارك في ميدان لا عدو فيه (قضية خلق القرآن كمثال) • تيار يتناول قضايا علمية لكنها ليست ذات إلحاح حاضر، وبالمقابل يهرب من التعرض لقضايا تمثل للناس مشكلة تتطلب حلاً (كالإغراق في قضايا السمت والهدي الظاهر مع تجنب الحديث عن القضايا السياسية مثلا) فلا يحير جواباً إذا سئل عن الديمقراطية والتعددية الحزبية والإشكالات الاقتصادية للدولة المعاصرة، وكذلك حلول القضايا الاجتماعية • تيار يتماهى - باسم السلفية - في التكيف مع من له الغلبة ويلتمس له من النصوص ما يؤيده ويعضده، ويغلب على هؤلاء الاستطالة باللسان فيمن يخالفهم؛ فهم يحاربون عن الطغاة والمستبدين حرباً بالوكالة، وقد باعوا دينهم بثمن بخس 5- مستقبل التيارات السلفية يبدو - والله أعلم - أن هذه التيارات لن تحيد عن خيارت ثلاثة تنقسم على أساسها التيارات الفاعلة على الساحة: and#61692; سلفية تقبل التدجين، وهي عون للطغاة من كل لون، تحتال في الاستدلال له والتخديم عليه، وتنوب عنه - باسم الدين - في تسفيه المخالفين ونزع عباءة الدين عنهم and#61692; سلفية تنتهج العنف والغلو والتكفير؛ حين ترى إخواناً لهم قد سلكوا السبل الشرعية واعتمدوا الديمقراطية خياراً وحيداً؛ لكنها كانت سبباً في تغييبهم في السجون وتصنيفهم كإرهابيين، ولن يعدم هؤلاء في النصوص الشرعية وتاريخ السلف ما يؤيد مسلكهم and#61692; سلفية معتدلة تواصل المسير، لا تنقطع عن الأصل وفي الوقت نفسه تأخذ الدين بقوة، وتتناول القضايا العقدية والأخلاقية والسياسية والاقتصادية، وهي التي ستسود - بإذن الله - وفق المعطيات الماثلة؛ حيث بدأ البحث حثيثاً في تيارات سلفية معتبرة عن حكم التحالفات السياسية، وحكم التعددية السياسية، وحكم إنشاء الأحزاب السياسية داخل الدولة الإسلامية، وكذلك البحث في حلول للأزمات الاقتصادية والاجتماعية (كقضايا السياحة مثلا)