سقوط الحرائر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 12:47 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
12-28-2013, 10:34 AM

عبدالرحمن أحمد السعادة

تاريخ التسجيل: 01-16-2013
مجموع المشاركات: 662

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
سقوط الحرائر

    التفت السائق نحو مقاعد عربته فرآها مأهولة عدا مقعدين فزهد وانطلق بها بغياب مساعده الأمين صوب الخرطوم ولم يتحصل قيمة تذكرة السفر إلا عند الوصول مع نزول المسافرين الذين أتوا إليه يدفعون تباعاً وحين أتت هدى قال لها :
    « رجعي قروشك في واحد دفع ليك ». فغضبت وثارت وقالت : لماذا قبلت منه دون إذني وكيف عرفت أنني أرضى بذلك ، ومن هذا الكريم الذي مد يده إلي . فقال السائق : عفواً يا بنتي لست وحدك فكل النساء في هذه العربة لن يدفعن فقد أغناهن الطيب وَد حاج المبارك سابقاً وربما من أجل عين تُكرم ألف عين، وكما تعلمين أنه ليس بيننا.
    فهدأت وقالت : أرجو أن تبلغه شكري وتقديري.
    غضبت هدى في أنف أصيل لأنها حسبت أن من دفع لها مالَ إلى أنها ابنة ذلك العفيف مَن عبر أولاده إلى الجامعات الكبرى بنجاح عال رغم العسر الذي يحيط بهم ، وهدأت بشعور اختلط فيه الامتنان بنَفَس كربة شقَّ تنفيسها . وهي تعلم أن النقود التي تجلس بشنطتها الصغيرة إذا انتقص منها نصيب الذهاب فسيتبقى لها نصيب الإياب زائداً ما لا يطمئن.
    ومن محطة الوصول غادرت إلى سكن الطالبات ومرت على رقية فحيتها وانزوت إلى غرفتها.
    ورقية عاشت حياة أكاديمية مستقرة في جامعة الخرطوم سكناً وغذاء وبيئة مثالية. وهي موظفة ناجحة ، أمانة ودِقة والتزام ، بُعِثت لنيل درجة الماجستير وعُيِّنت مشرفة لسكن الطالبات حتى تنسجم مع بيئة الدراسة التي فارقتها منذ زمن بعيد.
    تذهب إلى دراستها نهاراً وتمسي على إدارة شؤون الطالبات تتفقد أحوالهن وتنفق من قليل لديها على كثير عليها.
    وغرف الطالبات زحام في زحام ، أسِرَّة بعضها فوق بعض ولكن يُخفف هذا بطرائفهن إذا سخرن من أنفسهن وحالهن .
    وهُنَّ يجزمنَ أن هذا المجمع تسكنه بجانبهن شياطين الجن فما هذه الأصوات التي تُسمع ليلاً وتشبه أصوات أبواب تغلق بقوة!. وهذه الطرائف والهزل فيها إذا رفع الليل رايته السوداء أحالها إلى جِدٍّ فتحفزن في مشيهن أسارى قشعريرة عند الانتقال من موضع إلى موضع تحت نور مصابيح تكاد لا تضيء.
    وفي غرفة هدى وبدعابة لبست ثوب اليقين قالت صفاء : مبروك الخطوبة يا أمل.
    فبادلتها أمل اليقين قائلة : عقبالك ، من أخبرك؟.
    فقالت صفاء عن ثقة : مثل هذه الأحداث لا تغيب عن عيني ولا سمعي.
    فعدَلت أمل جلستها وقالت : أعرفت قبل صاحبة الشَّأن يالكِ من شيطان ولو كنت على حقٍّ لما رغِمتُ فنِمتُ على سقف سريرك! الزواج خير لي ولا تقلن لي أنَّ العلم سلاح ، فقد نُزِعَت قوته ، نزعها المال والحياة وقعة والجنيهات ذخيرة فمن يملك أكثر هو الأقوى فلا تنفد منه على عجل . وما الذي يجبرني على البقاء هنا أنظرن نحن مكدسات كبضاعة في مخزن قديم ، وأهلنا كغالب شعبنا فلن نبلغ سكناً أفضل ولا حياة أكرم . ثم إلي بالفارس العروس لأُمسك بتلابيب قلبه ولبِّه حيث لا فكاك.
    فتبسمت هدى وقالت : العلم قوة والمال قوة ولكن إذا سطا عليهما السيف اختل ميزان الحياة واختلت سنتها ذلك أن السيف بيد الحاكم الذي حينئذٍ يكون حكَمَاً وخصما.
    فتداخلت صفاء قائلة : عرفنا أنَّ الحاكم يستطيع أن يضع يده على المال فكيف يضعها على العلم ؟.
    فتصدت هدى وقالت : إذا وضَعَ الحاكم يده على الدولة وضَعَ يده على عجلتها فأصبحت تدور في فلكه فوَضَعَ التعليم في القالب الذي يهوى ، والإعلام وآلاته يسلب أفهاماً ويفرض أفهاما، وهل تؤود المحتال حيلة؟.
    واستأذنت هدى لحاجة فلمحتها رقية وتأملتها وتذكَّرت أن هدى تخرج إلى درسها ثم تعود ولا تترك غرفتها خارجة عن المجمع إلا لشيء ذي بال ، تغدو على استحياء وتروح على استحياء فظنتها تحب الانطواء حتى أتت صفاء يوماً في خطى مضطربة وقالت لرقية :
    - ألم تسمعي بما جرى لهدى؟.
    فقالت رقية فزعة : لا ماذا جرى لها؟.
    - لقد سقطت على الأرض كالمغمى عليها لكنها تماسكت وذهبت إلى الغرفة.
    فوجمت رقية واطلقت العنان للوساوس وحدثت نفسها وقالت : ليست هذه الحالة الأولى ، فقبلها طالبتان ! ، من جانبي كل الأمور تمشي على النظام ، أما هدى فإنها البنت الساكنة الحراك أجل تتكلم بما قلَّ و دلَّ وتبدو على الدوام نظيفة وأنيقة بوجه جميل وأفكار بعيدة تستعصي على التنبوء.
    قطعت رقية أفكارها وجهرت في هزة وقالت : إذاً سأكون لها في نهاية الأسبوع .
    وفي العطلة الأسبوعية أغلب الطالبات يذهبن إلى أهلهن إلا اللاتي حالت بينهن وبين أهلهن مشقة السفر وتكاليفه الباهظة وحتَّى هؤلاء يزرن أقاربهن داخل الخرطوم ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ، ومن تربصن فقد حبسهن حابس نافذ البأس.
    وبعضهن من سكان الخرطوم وفضلن الإقامة في السكن حرصاً على الدراسة وكسباً للوقت في هذه العاصمة التي انفلقت إلى ثلاث مدن مترامية متنائية.
    دأب هدى أن تقرأ وتستذكر دروسها استلقاءً على سريرها وحين أتتها رقية لتسأل عمَّا بها وجدتها نائمة قد سقطت على كتابها فتركتها وقالت:
    - حتماً سأعود بعد أن تستيقظي .
    تشاغلت رقية ليمضي الزَّمن والفضول يقتلها قتلا، وبعد أن تناولت فتة العَشاء انتفضت رقية مسرعة إلى غرفة هدى وفُجِئت أنَّها لم تكن بالغرفة وهنا انتاب رقية شيء من القلق بتلفت لعلها أن تكون في ركن من أركان الغرفة ولا أحد بها سوى هذه السُّرر؛ هذا مرقد مقلوب رأساً على عقب كأن صاحبته لا تريد أن تعود إليه ، وآخر تُرِك مهذباً ، وتلك ملاءة جديدة ، وتلك ملاءة قديمة اختفت ألوانها وأشكالها.
    فغمغمت: أين ذهبت أيَّتها الشقية ، ويئست حتى ألفَت هدى لدى الباب وصاحت : كنت أبحث عنك.
    - لماذا ؟ ، قالت هدى في دهش وكمن يترقب خبراً أليماً.
    - عفواً أختي لقد رأيناك لا تخالطين غيرك.
    - عذراً هل يحقُّ لكُن الدخول فيما لا يعنيكن ؟.
    - كلّا بل نسأل عن حالك.
    - إن كان الأمر كذلك فأنا والحمد لله بخير.
    - علمت أنك قد أصابك دوار فما السبب؟.
    - لا لا شيء، أجابت بتكسر في الصوت .
    - رجاء حصحصي لي وما تقولين في بئر لا قرار له.
    - لا شيء غير التعب.
    وبعد شهر وفي قاعة حرى جعلت أجسام الحضور لمحاضرة الدكتور تتصبب عرقاً بأسماع حاضرة وأخرى غائبة ، وجوه هي قوس قزح من بنين وبنات ، أكمل الدكتور محاضرته وانصرف وفي مسيرة الخروج سقطت هدى مرة أخرى وبينما صويحباتها في سكرة الأسى والحيرة ينسل خالد ابن بلدتها ذلك الفتى الرزين من بين الطلاب كالريح يبتغي دواء عند موسى السمح قائلاً :
    - أكتب يا عمي ما نأخذه منك.
    - يا ابني أنا لن أكتب دين أحدكم في دفاتري ، أكتبوا أنتم وما لم تكتبوه سأكتبه بعفوي ولن تظلموني كما عهدتكم.
    فَنَظَرَ خالد إلى قِدْر الفول العظيم وقد انتكس لما أُفرِغ جوفه في جوف من كان له الدَّواء، وأخذ كيكة وعصيراً وطار بهما إلى أخت درسه المتكئة على أريكة متهالكة وقدَّم دواءه طبقاً صغيراً في حياء وحرج مبتعداً بعينيه عنها أميناً هارباً من سهام الشكر .
    فلما استقرَّ ذلك الكيك وذلك العصير في جوف هدى تنفست وقالت : أمضيت يوماً وليلة وها هو اليوم الثاني قد انتصف ولم ابتلع لقيمة تؤويني وهكذا حال مثيلاتي من سقطن على الثرى.


    عبدالرحمن السعادة

    (عدل بواسطة عبدالرحمن أحمد السعادة on 12-31-2013, 11:43 AM)

                  

العنوان الكاتب Date
سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة12-28-13, 10:34 AM
  Re: سقوط الحرائر سليمان القرشي12-28-13, 11:57 PM
    Re: سقوط الحرائر سليمان القرشي12-29-13, 00:03 AM
      Re: سقوط الحرائر بابكر قدور12-29-13, 11:29 AM
        Re: سقوط الحرائر طلحة عبدالله12-29-13, 11:43 AM
          Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة12-29-13, 02:49 PM
            Re: سقوط الحرائر خالد عبد الله محمود12-29-13, 02:55 PM
              Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة12-30-13, 11:37 AM
                Re: سقوط الحرائر إسحاق بله الأمين12-30-13, 07:19 PM
                  Re: سقوط الحرائر Hani Arabi Mohamed12-30-13, 08:34 PM
                    Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة12-31-13, 08:48 AM
                      Re: سقوط الحرائر بله محمد الفاضل12-31-13, 09:24 AM
                        Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-01-14, 08:06 AM
                          Re: سقوط الحرائر بدر الدين مهدي01-01-14, 12:21 PM
                            Re: سقوط الحرائر malik_aljack01-01-14, 01:49 PM
                              Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-02-14, 08:18 AM
                                Re: سقوط الحرائر د.نجاة محمود01-02-14, 11:17 AM
                                  Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-03-14, 11:58 AM
                                    Re: سقوط الحرائر الشفيع وراق عبد الرحمن01-03-14, 12:48 PM
                                      Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-04-14, 08:09 AM
                                        Re: سقوط الحرائر أيمن محمود01-04-14, 08:45 AM
                                          Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-04-14, 01:42 PM
                                            Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-05-14, 08:12 AM
                                              Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-05-14, 02:17 PM
                                                Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-06-14, 08:12 AM
                                                  Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-06-14, 02:27 PM
                                                    Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-07-14, 12:41 PM
                                                      Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-08-14, 03:16 PM
                                                        Re: سقوط الحرائر Osman Dongos01-08-14, 09:38 PM
                                                          Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-09-14, 03:17 PM
                                                            Re: سقوط الحرائر عبدالرحمن أحمد السعادة01-15-14, 03:33 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de