ما السرّ في تهافت "بعضهم" لتهنئة Deng بعيد الكُفر كل عام ؟

Quote: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد : بادئ بدءٍ أود الإشارة إلى أن النصارى ليسوا على درجة واحدة في معاملاتهم – على اختلاف أنواعها - مع المسلمين and#161; على رغم تطوحهم جميعاً في أودية التيه والضلال and#161; وغرقهم في مستنقعات الحمق والفساد والانحلال . والذي نروم تبيانه هناand#161; أن النصارى ينقسمون إلى ثلاثة أقسام : القسم الأول : المقاتلون : وهم الذين يتربصون بنا ويكيدون لناand#161; ولا يرقبون فينا إلاًّ ولا ذمةand#161; بعدما حرّكهم كيد الشيطان الناسوتي بحملاته الخبيثة النكراءand#161; واستفزهم ليكونوا الخصوم اللُّد للإسلام ونبيه – صلى الله عليه وسلم – وكتابه. فاستفحل شرهم وعظم جمعهم and#161; وباتوا يعلنون الحرب على الإسلام مجاهرة وبكل ت###### and#161; مستخدمين التشويه والازدراء والتجريح والافتراء and#161; ليرسِّخوا في أذهان بني البشر أن الإسلام إرهاب ودين لسفك الدماء and#161; لا يعرف الرحمة والإنسانية والحضارة والارتقاء . فتمالؤوا على الإسلام من كل حدب وصوب وشرق وغرب and#161; وبمباركة الرهابنة and#161; اغتصبوا أرضناand#161; وسفكوا دماءناand#161; وقصفوا مساجدنا ومقدساتناand#161; فلم يرحموا صغيرنا وضعف نسائناand#161; ولم يوقروا كبيرنا . ومع نزول كرائه الأمور وحوازب الخطوب على الأمة الإسلاميةand#161; إلا أنها ما زالت من غير إنثناءٍ أو نكوص أو ترددand#161; تعلن عدم جمودها في الحق ولا ذوبانها في الباطل and#161; وهي تتلو قول الله عز وجل - بعدما ألجأت أمرها إلى الله - : { يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون and#161; هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون } . [سورة التوبة: 32- 33] . القسم الثاني: المسالمون: وهم الذين تاهت أعينهم عن رؤية الحقand#161; ومع هذا لم يقرّوا صنيع ما يقوم به النصارى المقاتلون تجاه العالم الإسلامي and#161; فهؤلاء لم تسود الجفوة بينهم وبين المسلمين and#161; بل تعاونوا على ما فيه الخير لكليهما وجمعتهم أمور مشتركة منها : أ - أمور دينية : ويقصد بها الأوقاف والمقدسات المهددة بالخطرand#161; أو التي غيّبت عن الوجود من حيث منع إقامة العبادة فيها . ب.مواقف سياسية وهموم وطنية : ويراد بذلك عدة مسائل منها : الهوية وإثبات الوجود وحق الحرية في التعبيرand#161; وكل ما يحتاج إليه الإنسان أثناء وجوده على أرضهand#161; وهو يسعى إليه مع أبناء وطنه . ت. قضايا اجتماعية : ومفهوم ذلك التصدي لأوباء باتت تغزو المجتمع واستشرت في كل زاوية من زواياه : كالمخدرات والسموم ونحوها. كما أن هناك أمراً مشتركاً ألا وهو التعليم ومشاكله and#161; إلى غير ذلك من القضايا التي لا تكاد تنقضي لكثرتها وطولها . ث. معاملات يومية : وهي التي تدور في فلك مناحي الحياة اليوميةand#161; من بيع وشراءand#161; ومخالطة في الأماكن العامة والمؤسسات المشتركة التي تحتم ذلكand#161; وناهيك عن المجاورة في السكنى and#161; وما يصحبها من حقوق . القسم الثالث: المحايدون : وهم الذين لم ينجذبوا أو ينحازوا إلى القسم الأول لا مادياً ولا معنوياًand#161; ولم تظهر حتى ميولهم التي تستوجبها الحاجة المبيئة and#161;ومع ذلك لا تربطهم من جهة أخرى أية علاقة بالمسلمين كالقسم الثاني. أما ما يتعلق بالمسألة المطروحة فاختلفت كلمة العلماء فيها على رأيين : 1- الرأي الأول : وهم المانعون الذين شددوا القول في هذه المسألة قديماً وحديثاًand#161; وضيَّقوا دائرة التعامل مع النصارى إلى أن أدرجوها تحت أصول ومسائل العقيدة الإسلامية . ولولا خشية الإطالة لاستعرضت أدلتهم التي يدور فيها التأويل على عدة وجوه and#161; ويورد فيها الاحتمال الذي ينخرم معه الاستدلالand#161; وقد تولى تفنيد وإبطال أدلتهم الشيخ نصر فريد محمد واصل في كتابه ( الفتاوى الإسلامية ص488- 489 ) . 2- الرأي الثاني: وهم المجيزون الذين اعتبروا هذه المسألة من قبيل المباحand#161; وتندرج تحت باب المجاملة والمحاسنة في معاشرة النصارىand#161; ومن الذين أيدوا هذا الرأي وأكدوا عليه : أ. علامة العصر بلا منازعة وفقيه الشام بلا مدافعة الشيخ مصطفى الزرقا – رحمه الله تعالى – حيث يقول : " إن تهنئة الشخص المسلم لمعارفه النصارى بعيد ميلاد السيد المسيح عليه الصلاة والسلام هي في نظري من قبيل المجاملة لهم والمحاسنة في معاشرتهمand#161; وأن الإسلام لم ينهانا عن مثل هذه المجاملة أو المحاسنة لهم ..." (فتاوى مصطفى الزرقا: ص355- 357 and#161; اعتنى بها : مجد أحمد مكي : قدّم لها : د. .يوسف القرضاوي ) . ب. العلامة الشيخ نصر فريد محمد واصل – مفتي الديار المصرية سابقاً- حيث يقول: "... وعلى ذلك فإن دار الإفتاء المصرية ترى أنه لا مانع شرعاً في مجاملة غير المسلمين وتهنئتهم أو مواساتهم في أي مناسبة تحل بهم. وأن هذا هو التطبيق الأمثل للإسلام وليس في ذلك خروجاً عن الدين أو فيه نوع من الحرمة كما يرى بعض المتشددين فالدين يسر لا عسر ولما ورد "لو شاد الدين أحدكم لغلبه". ( انظر نص الفتوى كاملاً في كتابه: الفتاوى الإسلامية: ص482- 489 ). أقول : بناءً على ما تقدم فإن الرأي الثاني – الذي نرجحه وتميل إليه النفس ويطمئن له القلب – هو الذي يلتقي مع مبادئ الإسلام وسماحتهand#161; وأقرب في مدّ جسور العلاقات مع غير المسلمينand#161; وإظهار روح التعامل الإسلامية. فها أنا ذا أستعرض نموذجين اثنين يدللان على هذا المعنى : - القرآن الكريم : قال الله تعالى : { لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين } . [سورة الممتحنة 8 ] . - السنة النبوية : روى الإمام البخاري - رحمه الله تعالى – في كتاب الجنائز: باب إذا اسلم الصبي فمات هل يصلى عليه وهل يعرض على الصبي الإسلام؟ عن أنس رضي الله عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فمرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعودهand#161; فقعد عند رأسه فقال له: "أسلم" فنظر إلى أبيه وهو عندهand#161; فقال له: أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلمand#161; فأسلم. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: "الحمد لله الذي أنقذه من النار". - قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - : وفي الحديث جواز استخدام المشركand#161; وعيادته إذا مرض وفيه حسن العهد... ( فتح الباري بشرح صحيح البخاري: ج3 ص586 ) . - قال الإمام العيني – رحمه الله تعالى - : وفيه: جواز عيادة أهل الذمةand#161; ولا سيما إذا كان الذمي جاراً لهand#161; لأن فيه إظهار محاسن الإسلام وزيادة التآلف بهم ليرغبوا في الإسلام ... . (عمدة القاري شرح صحيح البخاري: ج6 ص242) . وبهذا يتبين لنا من خلال الأدلة القطعية ونصوص السنة النبوية الصحيحةand#161; صحة القول بجواز تهنئة النصارى في أعيادهمand#161; ولكن هذا ينطبق على القسم الثاني والثالث (المسالمون والمحايدون) الذي تقدم ذكرهم آنفاً. والجدير ذكره هنا أن القسم الثالث (المحايدون) يتطلب أثناء التعامل معهand#161; الفهم العميق لموازين فقه الدعوة إلى الله. وعلى هذا فإذا قلنا بجواز التهنئة لبعض النصارى إلا أننا نضبطها بالشروط التالية: - النية : بحيث لا يقصد بالتهنئة إلا إظهار محاسن الإسلامand#161; وروعة وجمال المعاملة الإسلامية. - ألا تخالف صيغتها قواعد وأصول الشريعة الإسلامية : وعلى هذا يجب الحذر من الانزلاق في العبارات أثناء التلفظ أو الكتابة التي تتصادم ونصوص شريعتناand#161; كمثل من يقول: أعزكم الله أو ما يجري في معناها. ومولانا الأجل وهو الله عز وجل يقول: { ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ...} . [ سورة المنافقون : 8 ] . - ألا تحمل المبالغة ولا الإطراء : لأنهما غالباً ما يورثان أو ينبع عنهما الحب والمودة والموالاةand#161; فلسلامة قلوبنا – من أن يتسرب إليها شيء من ذلك فيهتك حجبها ولو للحظة – أثبتنا هذا الضابطand#161; ولكيلا نكسر التوحيد – الذي نحمله ونرفعه – بأحد نواقضهand#161; والله جلَّ في علاه يحذر المؤمنين من الوقوع في هذا الذنب الجسيم في كتابه الكريم حيث يقول : { يا أيها الذين ءامنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة ... } . [ سورة الممتحنة : 1 ] . - ألا يرافقها مشاركة فعلية : فكما هو معروف من أن أعيادهم تفور بالمنكرات وتستحل بها المحرمات and#161; والله جلَّ وعلا يصف عباده المؤمنين في كتابه المبين فيقول: { والذين لا يشهدون الزور } . [ سورة الفرقان : 72 ] . - ألا تكون للمحاربين : ينبغي ألا يفهم من هذا القيد أن المقاتل هو فقط من بذل واستنفذ طاقته في رفع السلاح and#161; بل كل من قدّم ولو أدنى ذرة من جهدٍ فكريand#161; أو سخّر نقطة من مداد قلمهand#161; أو صرّح بكلمة تدعم مواقف تعادي الإسلام وتمكر بهand#161; أو أبدى تضامنه الفعلي الذي يثبِّت دعائم الكفرand#161; أو أنفق من ماله في سبيل توطيد وترسيخ أركان المخططات التي ترمي إلى سحق الإسلام وأهله . وصفوة القول : أنه من شدد نفّر ومن لان ضمن حومة الإسلام تألّف and#161; وعلى هذا نقول : أنه لا بأس على المسلمين من رفع التهاني للنصارى المسالمين والمحايدين and#161; إذا ما تحققت شروط التهنئة المذكورة سابقاً and#161; وإلا فلا يصح تقديمها بسبب اختلال الشروط أو انعدامها . والله تعالى أعلى وأعلم