رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-03-2024, 01:43 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الرابع للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-22-2013, 06:41 AM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم

    رحلة مع تاريخ المدارس الفكرية العربية والإسلامية:

    (مدرسة الاعتزال ومدرسة أخوان الصفا نموذجا)

    نص محاضرة في أمسية خاصة أقيمت يوم 23-10-2013 في "مكتبة الحكمة"



    ضياء السعداوي



    نناقش في هذه الأمسية موضوعاً خاصاً، لذلك كانت الدعوة خاصة. فإذا لم يكن المدعو من ذوي الاهتمام بالموضوع في التاريخ وفي الفلسفة، فإنّه يعتبره مملاً وجافّاً أيضاً. أمّا بالنسبة للمهتمّين به، فيعتبرونه محطةً للتأمّل وإعادة الحسابات مع رحلة مهمة في تاريخنا والبعد الفكري والفلسفي الذي تمرّ به أمّتنا. وأني، في الوقت الذي لا أدّعي فيه بأني متخصّص في التاريخ أو الشريعة أو الفلسفة أو اللغة، أستميحكم عذراً فيما إذا أخطأت، حيث أنّ تخصّصي الجامعي هو في الفيزياء، لكن كقارئ في مكتبة غنية بمصادر المعرفة، استطعت من خلال قراءاتي أن أدوّن بعض الصفحات من التاريخ، وأحب أن تشاركوني في الإطلاع عليها لما لها من أهمّية، ليس في اجترار الماضي، بل في التبصّر فيما لدينا عبر نظرة نقدية موضوعية، فيما كنّا عليه وما نحن الآن فيه. كما لا أخفيكم سراً أني مؤمن بمدرسة العقل والتفكر والمنهج العلمي في قراءة التاريخ والأفكار والحكم عليها من خلال ذلك... نعم أنا مؤمن بمدرسة العقل لا النقل، لأني مؤمنٌ أن بها وحدها نستطيع أن نخرج من واقعنا المزري ومن النفق الذي نحن فيه منذ العديد من القرون، والذي وجدنا أنفسنا فيه أسرى دون إرادتنا في الولادة، ولكننا مسؤولون بما وهبنا الله من عقل في إيجاد مخرج منه نحو جادّة الصواب والحياة مع باقي الأمم، كأقران متساوين كبشر بما وهبنا الله من عقل وإنسانية، كما أنها كانت محاولة مني في استفزاز المحب للعديد من الأخوة والأصدقاء الذين أعتبرهم أكثر خبرة مني في هذا الموضوع حيث طلبت من معظهم الكتابة والتحدث فيه لأهميته، ولكن ربما لأسباب عديدة جعلتهم يتريثون الخوض فيه حتّى الآن، وبالتالي كان هذا الموضوع، متمنياً بكل صدق تحفيزاً إيجابياً للأخوة للخوض في مثل هذا الموضوع، والتوقّع منهم البدء في الكتابة والطرح فيه، لتنويرنا نحو الهدف الصحيح في البحث عن الحقيقة.



    رحلة مع تاريخ المدارس الفكرية العربية والإسلامية (مدرسة الاعتزال و مدرسة أخوان الصفا نموذجا) ... و أين نحن منها اليوم

    في نهج البلاغة، سئل الامام علي، رضي الله عنه، في المسير إلى الشام، هل هو بقضاء الله وقدره.؟ فأجاب بلا. لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب، حيث ورد في القرآن الكريم "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره". (أذن فهو مخير وليس مسيراً) أما بشأن الصفات والذات الآلهية حيث الصفات الحسية مثل اليد والعين، ومعنوية كالعلم والقدرة كما في قول الله تعالى "يد الله فوق أيديهم" أو "وعين الله ترعاكم" و "على العرش استوى"، حيث أصبح موضوع جدل ونقاش، فانقسم المفكّرون إلى جماعة مؤمنة بالحَرفية؛ عُرفوا بالمُشبِهَة والمُجَسِمَة، وإلى مؤولين يحملونها على المَجاز المطلق، فيعتبرون اليد رمز القوة والعين رمز العناية والإرشاد، والاستواء رمز السيطرة والسلطان. كما عُرف المعتدلون بين المدرستين بالصفائية والمُتنَزِهة.



    فرق الكلام:

    مدرسة القَدَرية (من القُدرة): ونادى بها (معبد الجهني وأتباعه)، وتقوم تعاليمها على أن الانسان مُخيّر، قادر على عمل الخير والشر، مسؤول عمّا يفعله يوم الحساب، وأن الايمان يقوم على المعرفة. ولكنهم ينظرون إلى صاحب الكبيرة مذهب الجبرية بإرجاء الحكم عليه لله. وإن الصفات الذاتية الحسية بالتأويل كاليد والعين، ولكن الصفات المعنوية كالعلم والقدرة بنفي الصفات عن الذات الالهية باعتبارها واحدة مع الذات الآلهية حيث أن الله عالم بذاته لا بعلم وقادر بذاته لا بقدرة "وليس كمثله شيء وهو السميع البصير".



    مدرسة الجبرية: نادي بها (جهم بن صفوان) لذا سمّوا بالجهمية، حيث يقول إن العبد مسير بالارادة تسييراً مطلقاً، و كما نرى إن مصطلح الجبر هو الإستبداد و أطلقوه أسلاف العرب و المسلمين بالحكم على الإنسان (بإنه بمنزلة الجماد) لا إرادة له و لا إختيار..حيث كانوا يسمون الحكم الجائر المستبد بالجبرية أو الجبارية و الحاكم فيه بالجبار و يشهد على ذلك قول رسول الله (ص) للرجل الذي أرتعد في حضرته (هون عليك فما أنا بملك ولا جبار؟!) حيث يظهر ذلك كنهج و فكر و مدرسة من خلال معاوية الذي أؤرخت بإسمه وانه أول من قال فيها، حيث كل ما يفعله إنما هو بقضاء الله و من خلقه ليجعله عذراً له فيما يفعل و ليوهم العامة بإنه مصيب فيه وان الله جعله إماماً وولياً للأمر و بذلك أنشأ نهجه و من جاء بعده من ملوك بني أمية فيما عدى الخليفة الزاهد العادل عمر بن عبد العزيز الذي عُرف عنه زهده و عدله وبتصحيحه مسار الفساد و عدم العدل الذي عم الدولة الأموية ولبعض الأخطاء التاريخية التي لُصقت بالإسلام و السُنّة لمن سبقه في الحكم و لكن مع الأسف ان هذه الصحوة لم تستمر بعد وفاته المشكوك في اسبابها تاريخياً و تحميل الفاسدين بذلك. ومما يعزز ذلك عدم إستمرار نهجه بعد وفاته. وأهم تعاليمها:

    القول بأن العبد مجبر ومسيَّر بفعل الارادة الآلهية ولا اختيار له في شيء ولا قدرة له على اختيار. واتفقوا مع الأمويين في منهج الجبر ولكنهم أختلفوا معهم عندما نادوا بالارجاء لذا سموا بالمرجئة بعد أن رفض الأمويون الإعتراف بإسلام الموالي من أهل البلدان التي فتحها المسلمون...بإعتبار إن إسلامهم ناقص وغير خالص لله ليبرروا ولأسباب إقتصادية أخذهم الجزية من هؤلاء المسلمين حاكمين على نواياهم وليس الإقرار والشهادة كما كان يفعل رسول الله (ص). في حين كان الأمويون يطالبون بإرجاء الدولة الأموية ولمصلحة الطبقة الحاكمة بعدم حكم العامة على أعمالهم وافعالهم وترك ذلك لله في حين لا يطبقون ذلك على الأقوام الذين أسلموا ولذا أوجبوا عليهم الجزية. وهذا ما لم يرتأيه المرجئة في الحكم عليهم في النوايا. وعلى العموم سميت هذه المنهجية بالفرقة الجبرية الخالصة تمييزاً لها عن الجبرية المتوسطة والتي نشأت على يد الأشعري.

    مدرسة الصفائية: وأول من أهتم بها (عبد الله بن سعيد الكلابي)، وأهم تعاليمها إثبات الصفات ومدلولها الظاهر لله عز وجل والإمساك عن البحث في ماهيتها، ومنعوا التشبه وأوجبوا التنزيه؛ فقالوا يد الله ... إن الله له يد لكنها ليست كيد الانسان، وإن الله يعلم ولكن ليس كعلم الانسان. وفي موضوع القضاء والقدر، جروا مَجرى الجبرية في نفي القُدرة والارادة عند العبد، واعتبروه مسيراً بقضاء وقَدر في كل ما يفعله وما يَترُك، حيث نرى الاختلاف يظهر في اعتماد القَدرية على العقل والتأويل في حين حافظت الصفائية على النص والجبرية بنفي الاختيار عند العبد. ونرى مما تقدم أن معظم المدارس اشتركت بآراء واختلفت في أخرى، وأن هذه البدايات كانت منطلقا إلى مدارس أخرى كما سنرى ذلك لاحقاً. حيث أن مدرسة القَدرية ترى أن "العبد له المَقدِرة"، وتطورت بعض أفكارها إلى مدرسة جديدة هي مدرسة الاعتزال، بينما تطورت مدرسة الجبرية إلى العديد من المدارس منها السلفية وبعدها مدارس متطرفة أخرى.

    ومدارس أخرى من يعتقد بالاعتدال، وأخذ من المدرستين، ومنها المدرسة الأشعرية. من خلال ذلك كله نلاحظ أن هذه الحركة الفكرية ونهضتها من جمود إلى انطلاق، خلق منهجاً جديداً في الحياة في ذلك الوقت، وآلية التعاطي معها في ذلك الزمان، وأن صراعاً فكرياً تمّ بآلية الدليل والحوار في فترة ازدهار الأمّة، وإلى الكبت والقهر والانغلاق وباطنية في فترة ضعف الأمّة كما آل إليه حال مفكرّي الأمّة وفلاسفتها، كمدرسة الاعتزال وانتهاء بالانكفاء والباطنية كما هو حال مدرسة أخوان الصفا والتي تمثل النخبة.



    علم الكلام والحركة الكلامية والنهضة الفكرية



    الفلسفة عند العرب والمسلمين هي معرفة الأسباب الحقيقة للأشياء عن طريق العقل وأطلق مؤرخو العرب لفظ الفلاسفة أو الحكماء على أرباب الفلسفة الذين لم تتقيد آرائهم بقيود الدين و قصروا لفظة (متكلمين) أو أهل الكلام على أولئك الذين أخضعوا تفكيرهم لنظم الدين ويقابل أهل الكلام في الإسلام (الكتّاب المدرسين) في أوروبا المسيحية. وعلم الكلام إلى علم اللاهوت ... والمتكلم بالعالم اللاهوتي ...فالغزالي متكلم واقطاب الفلسفة العربية مثل الكندي والفارابي وأبن سينا وغيرهم وهم الذين وفقوا بين فلسفة الأغريق والإسلام حيث بدأها الكندي وتابعها الفارابي وأكملها أبن سينا كما هنالك بعض أعلام الأمة العربية والإسلامية من أمثال الجاحظ وأبو حامد الغزالي وأبن رشد وأبن عربي الذين لابد من الإشارة لهم ودورهم في هذه الرحلة التاريخية وسنحاول الإشارة لهم بشكل موجز لاحقاً.



    مدرسة المعتزلة: وهي لغة التنحي والانفراد، نشأت على يد واصل ابن عطاء وعمرو ابن عبيد، أإثَر الخلاف بينهما وبين الحسن البصري حول مرتكب الكبيرة.

    والمعتزلة هي من أهم الفرق الكلامية حيث جمعت وناقشت الآراء التي دار حولها الجدل بين الجبرية والقدرية والمرجئة والصفائية. والمبدأ الأساسي الذي اعتمده المعتزلة هو النظرة العقلية في المسائل الدينية واعتماد العقل إطلاقاً في فهم المشاكل وحلّها. و تعد من أنصع الصفحات في تاريخنا العربي والإسلامي إشراقاً بعد فجر النبوة و مرحلة الخلفاء الراشدين، حيث أن العقل و المنهج العقلاني و العلمي في الحكم على الأمور من خلال الإختيار و الحرية لا من خلال الجبر والإستبداد و التي تعد واحدة من اخطر القضايا الفكرية و الدينية و الأخلاقية و السياسية التي لا تزال تواجهنا إلى يومنا هذا و لما كان خلو مكتباتنا العربية و الإسلامية و ندرة المصادر إلى وقت قريب في التعرف على هذا المنهج في تاريخنا الا ما ندر من خلال ما كتبه المستشرقون و الذي ربما لا يخلو من تحيز و إجحاف ضذ الإبداع والأصالة في تراثنا هذا كله جعل من هذه المدرسة مغيبة عن طبقات كثيرة من مجتمعنا حتى مرحلة الخمسينات حيث أُكتشفت بعض المخطوطات التي تعد كنوزاً والتي تكشف لنا أفكارهم من خلال أعلامهم و مفكريهم و الذي حفظ أئمة الزيدية بعض آثارهم الفكرية و المخطوطات في اليمن حيث أن مشكلة الحرية كانت واضحة في آيات عديدة من كتاب الله العزيز القرآن الكريم و كذلك في نهج الخلفاء الراشدين و منهم الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب (رضي الله عنه) (متى أستعبدتم الناس و قد ولدتهم أمهاتهم أحرارا) و كذلك عبر المنهج الفقهي للخليفة الراشد الأمام علي (رضى الله عنه) أو من خلال فترة حكمه.



    وأهم المبادئ التي عالجتها:

    أولا: التوحيد، حيث أنهم نفوا الصفات عن الذات الآلهية لأنها تؤدي إلى الشرك، وكذلك التشبيه، وبحثوا في مسألة خلق القرآن، ورأوا أن القرآن "جسم وعرض" وبالتالي هو مخلوق ومحدث، ولما كان القرآن كلام الله والكلام محدث، لذا فالقرآن محدث، إذن فالله متكلم بكلام محدث وبالتالي خلق القرآن حتى لا يكون هنالك قديم الأزل غير الله عز وجل.

    ثانيا: العدل ونفيهم الظلم عن الله، حيث قسّموا الأفعال إلى إرادية وغير إرادية، وأن الحرية هي هبة من الله ومَثلَها الإرادة، ولما كان الانسان حراً فيما يريد، صح حسابه.

    ثالثاً: الوعد والوعيد. صدق الله في وعده لأهل الطاعة بالجنة ووعيده لأهل المعاصي بالنار.

    رابعاً: المنزلة بين منزلتين. وفيها الحكم على مرتكبي الذنوب الكبائر كالقتل بجهنم عقاباً وتسميتهم بالفسقة وجعلوهم بمرتبة بين المؤمنين والكفار.



    خامساً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وما تعني المشاركة الإيجابية لتقويم الخطأ وإصلاح المجتمع.



    لقد مرت مدرسة الاعتزال بأزهى عصرها في فترة الخليفة العباسي المأمون. حيث فتح المأمون باب العقل على مصراعيه في كل مطلب وشأن. وقد كان للنهضة الفكرية، سواء كانت عربية المنشأ أو مترجمة من لغات أخرى، أكبر الأثر في شخصية المأمون عبر مراحل عمره كتلميذ وولي للعهد ثم كخليفة حاكم وأديب وعالم وسياسي وباحث ديني وفيلسوف ومؤلف.

    وكان المأمون يعطي لكل صاحب كتاب أصيل أو مترجم الى العربية وزنه ذهباً، وكان يبذل كل جهد في الاتصال بكل الأمم وملوكها للتعرف على ما لديهم من علم وتطويره لاحقاً، كان يحث الناس على طلب العلم والقراءة، وكان يختلي بالحكماء ويناظرهم، كان حبه للفلسفة وتأثره بأرسطو واتساع دائرة المعارف العامة لديه، ورغبته بالقياس العقلي في الحكم على أي شأن، هذا كله جعله يتأثر بمذهب الاعتزال، ويتبناه كمذهب رسمي للدولة التي يقوم مبدأها بالاعتماد على العقل في فهم أي شيء والحكم عليه. إن التزاوج الفكري بين فلسفة الاعتزال والمأمون، وما يمتَّع به من شخصية العالم الفيلسوف مع نفوذ الحاكم وتأثيره، خير مكسب في تصالح مع الزمن لرفد الحضارة الإنسانية والعرب والمسلمين في بغداد والعالم في ذلك الزمان بأهم شعلة حضارية حرمنا منها القدر بوفاة المأمون وانحسار منهج مدرسة الاعتزال لاحقاً، وبالتالي خسارة المسلمين والعرب وبغداد أهم فرصة في التاريخ للتواصل مع المستقبل، حيث نرى أن الأمم الأخرى استفادت من هذا التلاقح الحضاري والذي أدّى إلى الحضارة العلمانية الغربية في يومنا هذا.

    ونكاد أن نزعم أن فترة المأمون، وخلفه مدرسة الاعتزال، هي أول من أنتهج التفكير العلمي، وهو الآن في مضامين المنهج العقلاني في المدارس العلمانية. ففي تلك الفترة "المأمونية" كانوا يؤمنون بالاحتكام للعقل والعلم والمنطق في الحكم على الأمور، حيث لم تكن لدى المأمون عقدة من طلب العلم والمعرفة من أي أمّة، ونشر العلم الذي لديه إلى الجميع، لأنه كان يؤمن بأن العلم والمعرفة من حق جميع الناس، وبأن النظرة إلى الدين يجب أن تكون من خلال العقل والتفكر، وبأن الإنسان مسؤول ومخيَّر في أعماله وليس مسيّراً في تصرفاته وأعماله. و لكننا كنا نتمنى أن المأمون و مدرسة الإعتزال بالرغم من قناعاتهم بصواب منهجهم وعظم المسؤولية التاريخية في بناء منهج العقل و العلم أن لا يقعوا في شبهة إستخدام أسلوب فرض أفكارهم على الأخرين و إعطاء الزمن فرصته لتقبل هذا المنهج من قبل العامة من الناس من خلال الصبر و المزيد من الحوار و خصوصاً ما حدث مع الأمام أحمد و مدرسة الجبرية و الذي كان ذلك من أحد الأسباب التي لم تستمر هذه المدرسة بعد وفاة المأمون في حين لا ندعي أننا أمام حالة المأمون و مدرسته الإعتزال بالمثالية لأنها حالة إنسانية لها حسناتها و عيوبها و لكن المقارنة بين المدرستين و ما أفرزته هو المحصلة النهائية للحكم عليهما و ذلك في الوقت الذي أكتفى المأمون بعزل الأمام أحمد عن العامة و إحتجازه لكونه يتمتع بالكثير من الصفات التي يستطيع بها أن يؤثر على العامة بسهولة مما يعيق مشروعه و منهج مدرسة الإعتزال..نرى بعد ذلك والى يومنا هذا من خرج من عباءة المدرسة الجبرية من تكفير و قتل للمخالف لها و عمليات ارهابية في يومنا هذا كشاهد على ذلك. وتكرر ذلك في الأمس القريب مع جمال عبد الناصر وموقفه من سيد قطب حيث كنا نتمنى كذلك أن يكون أكثر صبراً في التعامل مع حالته... ولكن النتيجة واحدة بالنسبة إلى اتباع مدرسة البنا الذين هم إمتداد لمدرسة الجبرية ومنهجها. لذلك نلاحظ أن ملامح الفكر الجبري كانت له السيادة والغلبة في كثير من عصور تاريخنا وأدوار حضارتنا حيث أن فكرة الإعتزال ومدرستها لم تحظى بذلك من إزدهار وإستمرار إلى عدة أسباب منها ما ذُكر سابقاً ومنها الزواج الغير مقدس ما بين السلطة الجبرية الإستبدادية وفقهاء الظلام ووعاظ السلاطين إضافة إلى الغاء مبدأ الإجتهاد وحصر الفقه بمدارس محددة لإسباب سياسية من دون وجود سند شرعي في الأصول أو تطبيقاً لنص قرآني أو منهج السنة النبوية و سيرة الخلفاء الراشدين بشيء و بذلك تحويل الفكر الإسلامي و العقيدة و الفقه الى مذاهب و تمذهب و تعصب في حين كانت المدارس فقهية و فكرية واجتهادية للرأي والأثر والفكر وبالتالي كانت هذه الخطوة هي بداية النفق المظلم الذي دخلت فيه الأمة في حالة السبات العميق و الذي لا زلنا فيه منذ العديد من القرون مقترناً بالمرض المزمن عند الحاكم و العامة في عدم إستطاعتهم تجاوز حالة البداوة و عاطفة القبيلة السلبية بدلاً من استخدام العقل و الحضارة المدنية منهجاً و طريقة. وبالرغم من ذلك كله نرى إنّ النهضة الفكرية التي بدأها المأمون ومدرسة الاعتزال أعطت ثمارها في القرن العاشر الميلادي، حيث تحوّلت المدن العربية الكبرى إلى مراكز علمية، وأصبحت هنالك بيوت للحكمة في معظم المدن، كما كان هنالك بيوت للحكمة لمعظم الأمراء والوزراء والعلماء.

    وكما أسلفنا عن الخسارة الكبيرة للعلم والإسلام والحضارة الإنسانية في انحسار هذه المدرسة "المأمونية" التي لو استمرّت حتى يومنا هذا، لما رأينا اليوم تيار الانغلاق الفكري المتحجر، ليس في فهم الدين فقط، بل بالوقوف ضد كل علم وحضارة وتقدم، وما ولّده لنا هذا التيار من فرق تكفيرية وموجات همجية إرهابية بحق المخالف لمنهجه.

    إنّ من المحزن الآن ليس فقط التراجع عمّا كنا عليه في زمن المأمون وعاصمته بغداد، من سبقٍ لباقي الأمم بقرون، بل أيضاً توقفت لدينا عجلة الزمن، حيث يريد الانغلاقيون أن تعود إلى الوراء بشكل سلبي، في حين نرى باقي الأمم قد استفادت من المنهج العلمي الذي انتهجته بغداد ومدرسة المعتزلة والمأمون، ووصلت إلى ما وصلت اليه في يومنا هذا من عطاء أثرى الحضارة الإنسانية.

    طبعاً يجب أن نحترم انتقال شعلة العلم من العرب والمسلمين إلى أوروبا التي حققت نهضتها، وبعدها انتقال هذه الشعلة إلى اميركا حيث نرى أن هذه الأمّة الأمريكية قدمت خلال المائة عام الماضية ما لم تقدمه الإنسانية عبر ألف عام من تقدم علمي وحضاري في كافة مجالات العلوم العلمية والطبية والإنسانية عبر عشرات الألوف من الاختراعات العلمية التي استفادت منها الإنسانية في الطب والهندسة والفضاء والصناعة والكمبيوتر والاتصالات والآداب والعلوم الإنسانية والنظم الديمقراطية، والدستور الأمريكي كشاهد أو نموذج لها. حيث أن ما ميّز نجاح التجربة الأمريكية في يومنا هذا حيث ينظر الدستور الأمريكي إلى الدين بإحترام ويدعم وجوده في المجتمع، لكنه يفصل الدين عن الحكم والسياسة، في حين نرى أن المنهج الأوروبي اختار الابتعاد عن الدين تماماً.



    المدرسة الأشعرية: وهي فرقة حاولت أن تسلك الوسطية بين المدرستين، الجبرية ومبالغتها في النص ومدرسة الاعتزال التي أعتمدت الفلسفة وأساليبها في الفهم. وأخذوا بالإدراك العقلي لكنهم لم يستسلموا للعقل، فقدموا النص الديني على التعليم الفلسفي حيث يتعارضان وكان رائدها أبو الحسن الأشعري وهو تلميذ علي الحياني رأس المعتزلة في البصرة. وقد عارضت الأشعرية مدرسة الاعتزال في الصفات والذات ومنها بأن رؤية الله في اليوم الآخر ليست مستحيلة، وكذلك مسألة خلق القرآن، وحاولوا أن يكونوا وسط المدرستين وكذلك في مسألة الجَبر والاختيار، وهنا نرى أن هنالك الكثير من الآراء والحقائق والتي لا يمكن أن يكون الرأي فيها بالوسط والاعتدال وخصوصاً في موضوع الحق والباطل.





    نماذج من بعض أعلام الأمة العربية والأسلامية – متكلمين أو فلاسفة:



    وكما أشرنا سابقاً ان لبعض اعلام الأمة من دور كبير في هذه النهضة سواء من خلال أفكارهم أو اجتهاداتهم أو كتبهم في كافة مجالات العلوم والمعارف العلمية والفقهية والفلسفية والأدبية حيث سوف نذكر البعض كمثال لذلك لما كان لإسهاماتهم من دور في تشكيل هذه المرحلة آملين أن تتاح فرصة اخرى للتحدث عن الأخرين منهم الكندي والفارابي وابن سينا وابن باجه وابن طفيل وابن رشد وابن خلدون وأبو العلاء المعري والجاحظ وأبو حامد الغزالي وغيرهم بالعشرات وبشكل مختصر بما له علاقة بالموضوع ويسمح به هذا البحث، وسوف نذكر البعض كمثال لذلك:

    1. الجاحظ. الجاحظ المتكلم والباحث في الفلسفة والحكيم الموسوعي. ويعد متكلماً جدلاً ومن شيوخ المعتزلة وهو أول من أستخدم مصطلح علم الكلام والكلام إصطلاح لعلم يبحث في الدين والفلسفة ويتناولهما من كل معالم الحياة (جماد، حيوان وإنسان) ومنهج المتكلمين هو الجدل والمناظرة (الحوار) حيث أتفق الجاحظ مع ارسطو إن علم الكلام والفلسفة هي معرفة الأسباب والعلل. وأثرى الجاحظ أبحاثه حول القرآن تفسيراً وتأويلاً ومقارنة وتنزيلاً ومعجزة حيث ليس كل عالم في اللغة بالضرورة عالم بالكلام ويرى الجاحظ الأعتزال هو التوسط والاعتدال بين التقصير والافراط والذي وقعت فيه جميع الفرق وآمن الجاحظ بمبادئ المعتزلة الخمس حيث ان العدل (هو قدرة العبد على الفعل والتوحيد بنفي الصفات عن الله و الوعد الوعيد هو صدق الله بوعده في الثواب و العقاب والمنزلة بين منزلتين لمرتكب الكبيرة بإعتباره فاسق و ليس بمؤمن و لاكافر والأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالفعل الإيجابي للعبد في المساهمة في تقويم المجتمع). وان الله مثال الكمال في العدل والجود والصدق والحلم وان الله شيء لا ينقسم وهو ليس جسم ذو ابعاد كسائر الاجسام (ليس كمثله شيء)، أما صفات الله كالسمع والبصر والعلم...هي عين الذات الآلهية لا تتجزأ حي لا بحياة وعالم بلا علم وان الانسان يستطيع ان يعقل الله عقل إقرار لا إحاطة. وأمتاز الجاحظ بغزارة وكثرة الكتب والمؤلفات له والتي تجاوز عددها 200 كتاب ورسالة شملت مواضيع في الفلسفة والآداب والتاريخ واللغة والطبيعة والجغرافية والاجتماع بالرغم من ضياع قسم كبير من مؤلفاته والباقي منها حوالي الثلث بعضها ناقص والآخر منحول والبعض تام وصحيح بحدود 30 كتاب وقد وردت اسماؤها في كتب التراجم القديمة من إشارات. أهم الكتب التي عثر عليها كتاب الحيوان بسبع أجزاء وهو ليس فقط يتحدث عن الحيوان وطباعه وانما يحتوي على الكثير من الأفكار الفلسفية والديانات وآراء في التطور وأقسام العالم وتأثير البيئة و المعرفة والاجتماع وغيرها..اما كتاب البخلاء وهو اظرف كتبه ولكنه يحتوي على فلسفة اجتماعية و أخلاقية عميقة و تحليل نفسي واقتصادي أما كتابه البيان و التبيين و الذي يعد الثاني من حيث الأهمية في أربعة أجزاء يشمل أساس نظريته الجمالية و البيانية وفيه آراءه في الزهد و التصوف. أما الرسائل التي تناهز الثلاثين موزعة الى طابع سياسي واجتماعي واخلاقي وطابع كلامي وحكمي وأدبي.

    2. ابن رشد. ولد ابن رشد عام 520 هجرية في مدينة قرطبة بالاندلس وتوفي عام 595 هجرية. وهو من أسرة توارثت الفقه و القضاء و كان جده و أبوه من أئمة المذهب المالكي، درس الشريعة الإسلامية على الطريقة الأشعرية و تخرج في الفقه على مذهب الامام مالك و درس الفلسفة والطب و رعاه الوزير الفيلسوف ابن طفيل و قدمه الى البلاط والسلطان يعقوب ابن يوسف ليشرح له الفلسفة و كتب أرسطو وهكذا تقلد مناصب مهمة و حظي بكل اكرام و تقدير وأصبح له تأثير كبير على العقول والأفكار والرأي والقول و لكن هذا النجاح سبب له الحسد و الغيرة من المنافسين الذين أتهموه بالكفر والزندقة و لتهدأة العامة و الغوغاء تم التضحية به وأبعد و كانت كتبه الضحية حيث تم احراقها و كانت في الفلسفة و الطب والرياضيات و الكثير من العلوم الأخرى والتي تعد كنوزاً بحق و ما توفر لنا الآن فقط ما كان قد تسرب الى أوربا أو أماكن أخرى و هي قليلة نسبياً. حيث شاع أسمه في الغرب بالشارح الكبير كما أسماه دانتي في الكوميديا الآلهية وألف أبن رشد كتب في الطب منها الكليات في الشرع ومنها بداية المجتهد و نهاية المقتصد و فصل المقال فيما بين الحكمة و الشريعة من الأتصال و هو يبحث في الدين و الفلسفة وأبرز ما ترك لنا في الفلسفة كتاب تهافت التهافت حيث بلغ به العقل العربي الفلسفي قمته و كما أسلفنا سابقاً الذي رد فيه على كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي و دحض آرائه بحق الفلسفة ورجالها حيث نرى من أهم المشاكل التي شغلت الفكر البشري هو الوفاق ما بين الدين والفلسفة وبين النقل و العقل و كانت هذه المعضلة قبل الإسلام في مكتبة الأسكندرية حيث حاول (فيلون التوفيق بين شريعة موسى و الفلسفة). وتصدى لها مفكروا الإسلام ومدارسها ... حيث من كان منهم من يخضع الدين الى الفلسفة او العكس. وظل هذا الخلاف حتى قام أبن رشد لحل هذه المشكلة في كتابه فصل المقال فيما بين الشريعة والحكمة من إتصال وكان ذو قيمة كبيرة فيما دار من خلاف وتكفير بين الفقهاء والفلاسفة. وكما نلاحظ آراءه في تأييد النظر الفلسفي واباحته في الشرع داعماً ذلك بالاستناد الى آيات قرآنية.. وكلما أبحرنا في فكر هذا الصرح نلمس عمقه الفكري في كافة المجالات و التي ربما لاتتسع هذه الورقة بها الآن بل نتمنى ان يأخذ شكل محاضرة خاصة مستقبلاً. وخصوصاً الآراء القريبة من منهج العقل عند المعتزلة في الظاهر والباطن والتأويل ووحدة الحقيقة وسببية المحسوسات وروحانية النفس و الادراك بدون آلة جسدية واستمرار النفس وتبدل البدن والجمهورية الفاضلة والمساواة ما بين الرجل والمرأة.

    3. أبن عربي. ولد سنة 559 هجرية بالأندلس و كان والده من أئمة الفقه و الحديث مما أثر ذلك فيه حيث درس الحديث و الفقه على يد أبرز اعلامها و لكن مالت نفسه الى التصوف. تنقل في جميع البلاد من المغرب الى مصر و مكة و حلب و الموصل و بلاد الروم حتى أستقر في دمشق و توفي سنة 638 هجرية. أهم مؤلفاته: كتاب الفتوحات المكية الذي موسوعة صوفية وكتاب فصوص الحكم ويبحث في قلب الأنسان وكتاب ترجمان الأشواق وهو مجموعة من الشعر أزدحمت فيها معاني الغزل. خلاصة فلسفته الله واحد وهو مصدر الوجود والكون أزلي ومخلوق معاً ويمتاز الله عما خلق وانفصال الانسان عن الله خاضع للإرادة الآلهية ويعي المتصوفة الله ولديهم طرق للتواصل والحقيقة المحمدية هي المبدأ الخلاق ولكل نبي كلمة من كلمات الله. أما عناصر الفلسفة لديه متعددة منها الحب ثلاث درجات هي حب الطبيعة وحب الروح والحب الآلهي والانسان الكامل يرى الحقيقة تارة هي الروح الأعظم وتلك الحياة والعرش والعقل الأول و المظاهر والأسماء تتنوع و تبقى الحقيقة واحدة و هي كاملة و تكتمل في صورة الانسان الكامل وعلاقة الأنبياء بالحقيقة كعلاقة الجزء بالكل و الحلول وحدة الوجود بتفاوت نعمة العقل في الكائنات بتفاوت استعدادها للقبول و كان الانسان الأكثر قبولاً لنعمة العقل ولذا كان خليفة الله و المرآة والصورة. ويرى ابن عربي الكون خمس طبقات و هي انعكاس لبعض و هي الحضرات و الحس والأرواح و الذات و قلب المتصوف يرى الفناء مقامات منها الفناء عن المعاصي و العالم المحسوس والذات الجسمانية و العالم و التأمل كما يرى ابن عربي حقيقة الدين ان الأديان متفرعة كل منها يحوي قسم من الحقيقة و لذا على المتصوف جمع أجزاء الحقيقة لا بالتنازع ما بين الأديان وابتعادها لذا كان عمله في التآلف بين المسيحية والإسلام واتخذ لذلك أساساً منها مثل الثالوث المسيحي يقابلها في القرآن الله و الرحمن و الرب وان المسيحية قائمة على مبدأ المحبة والتي هي أساس الايمان في الإسلام. أما في التخيير والتسيير يرى ان الانسان مسؤول عن اعماله لانها صادرة عنه ولكنه يناقض موقفه بعدم الإقرار بحرية العبد مما وضعه في خانة الغموض.

    4. أبو حامد الغزالي. نشأ في حالة اليتم وهو صغير وكفله أحد أصدقاء والده من الصوفية والذي ألقى بذور الصوفية فيه الا أنه كان يحس بفضول عقلي غريب يدفعه الى التصدي على كل مشكلة والتفحص في كل عقيدة ولكل فرد. وكان الغزالي تلميذاً متفوقاً دفعه الى التعجب بالنفس والمباهاة مما جعل إستاذه أمام الحرمين يمتعض من ذلك دون أن ينكر عليه فطنته وذكائه. رافق ذلك حتى أصبح شاباً ناضجاً و اختلط بأهل العلم و مجالسهم و ناظر الأئمة وأهل العلم بفصاحة وبلاغة حيث دخل المدرسة النظامية ببغداد سنة 484 هجرية وكانت المدرسة النظامية هي وسيلة أهل السنة لتأييد موقفهم في منافسة الأزهر في مصر الذي أسسه الفاطميون، وكان مع تأييد السلطان القائم ضد كل دعوى علوية و لكن حالة القلق و الشك و عدم الاستقرار النفسي لديه دعته الى ترك بغداد و الدراسة و التدريس و التجول من بلاد الى أخرى مؤثراً الخلوة والاعتزال والاعتكاف من مسجد الى اخر وحتى بلغ الخمسين من العمر سنة 500 هجرية وبها خلال هذه المدة الف كتاب المنقذ و ترك التدريس واعتزل نهائياً سنة 501 هجرية حتى توفى سنة 505 هجرية.

    آرائه – شخصية غنية الروح واسعة الاطلاع كثيرة الإنتاج متشعب المناحي، في حياته شطران متباينان ووجوه مشتركة في أشياء يفصلهما انقلاب عميق... وأهتدى الى الصوفية عقله كثير التطلع، نفور من الانقياد ونزعته الى اليقين عرضته لعدم الاستقرار وهذه النزعة هي مهلكة لكل الأذكياء حيث ليس من اليسير الجمع بين المتناقضات وعدم الاستقرار. وبالرغم من تفهمنا واحترامنا الى نهج البحث عن الحقيقة وعدم المكابرة والعناد في التمسك بالخطأ.

    5. أبن خلدون. ولد في تونس عام 732 هجرية و توفي في مصر عام 808 هجرية من أسرة علم و مكانة سياسية. نبغ باللغة والأدب و في الفقه المالكي وقد تولى عدة وظائف في القضاء و الفقه و الحكم و السياسة و كان ذو طموح كبير لذا كان كثير التنقل والأسفار وانخرط في كافة دهاليز السياسة وعيوبها من مكر و دهاء وغدر من أجل الحصول على المنصب، وقد أستثمر خبرته تلك في كتبه في التاريخ و المقدمة التي موضوعها في العمران البشري ونشوءه و أسباب انحلاله. لذلك فقد وضع خلاصة خبرته وعلمه وفلسفته فيها وانتهج ابن خلدون العقل والمعرفة ورأى في العقل والغيبيات لابد من الفصل بينهما وجعل بينهما المجتمع و شؤنه و تطوره تاريخياً وقد أخذ على المؤرخين وأعمدته من أمثال الطبري والمسعودي وأبن الأثير في كتابة التاريخ عدم الدقة و مراعاة الهوى و العاطفة و قوة السلطان. وطالب بالمؤرخ الصالح ان يكون ذكياً ونزيهاً ودقيقاً وبارعاً في القياس والوقوف على الأسباب ويكون ذو اطلاع واسع في كل علم و فن وثقافة وفقه و سياسة واخلاق. وقد أبدع في مقدمته الفريدة والتي هي مثار الاعجاز والدراسة لسبقها والى يومنا هذا من الغرب والشرق في تعليل ظاهرة تطور الحياة الاجتماعية بتشخيصه المجتمع كائن حي، والمجتمع قاعدة للعمران، و السببية الاجتماعية وضرورة التعاون و العوامل المؤثرة في المجتمع هي الجغرافيا و المناخ و التربة وان المجتمع البشري يتطور باستمرار كحياة كل حي طفولة فشباب فكهولة فهرم وعندما يصل الى هذه المرحلة يكتسحه و يحل محله مجتمع ناشئ جديد ضمن هذه الخطى من نشئاً في البداوة فالزراع و الصناعة منتهياً بالحضارة.



    أخوان الصفا

    كان القرن الرابع للهجرة حافلاً بالمتناقضات والأحداث والمفاجآت والضعف ما أدى إلى تفكك الدولة العباسية إلى عدة دول وإمارات، كما نشطت الحركات الفكرية المختلفة ومنها المعتزلة بعد أن بطش المتوكل برجالها، وشوّه وعتّم الأشعري على تعاليمها، وساد التعميم في النظرة السلبية وأخذ الكل بجريرة البعض، مما سبب الظلم وعدم العدل الذي هو مبدأ إلهي وأخلاقي وديني، ويعتبر من الثوابت والأصول. وبالتالي خسر العرب والمسلمون والانسانية الكثير من العلم والمعرفة للعديد من العلماء والفلاسفة الذين كانوا ثروة هامة للأمة العربية والاسلامية وللإنسانية، فهم كانوا مصابيح العلم والمعرفة التي بها ازدهرت المجتمعات وتطورت، ونرى ذلك جلياً عند مقاربتنا على إسقاطات الواقع المظلم والانغلاقي الذي تعيشه هذه الأمّة الآن سواء بطبقات السياسيين الفاسدة أو فقهاء الظلام ووعاظ السلاطين أو من خلال تخبط وجهل العامة وانقيادهم العاطفي إلى الأخرين دون أن يحكّموا أهم نعمة أنعمها الله على الانسان، ألا وهي العقل والاحتكام به على الأمور، وتمييز ما يطرح عليهم من زاد، وهل هو غثٌّ أم سمين. ونستخلص ممّا سبق، أن الصراع الأزلي بين مدرسة الانغلاق والفساد ومدرسة العلم والعدل ليس بجديد حيث استثمر أصحاب السلطة ذلك في تزاوج غير مقدس مع فقهاء الظلام، مستغلين أحيانا جهل العامة وبراءتهم العاطفية تجاه الدين، والعصبية القبلية أحيانا أخرى، إضافةً إلى القسوة والبطش الذي وصل إلى الإجرام والابادة بالطرف الآخر في حال عدم الإذعان. هذا كلّه، وغيره من أسباب جعل البعض يدجَّن، والبعض الاخر يستسلم، لكن هنالك من فضّل أن يُبطن كلمة الحق في قلبه كي لا ينتحر او يُنحر، مقتدين بالحديث الصحيح "من رأى منكم منكراً فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، وإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان". وفي مفارقة عجيبة، نرى ما أشبه اليوم بالبارحة...! ذلك كله مهَّد إلى ظهور حركات مثل حركة أخوان الصفا. فالمؤسسون لهذه الحركة ألفّوا جمعيتهم، على أن تكون سرية، ولذا لم يكن من السهل أن نعلم عن زمان ظهورها وملابسات تكوينها الشيء الكثير. وكما يذكر أبو حيان التوحيدي عمّا ورد في كتاب (أخبار الحكماء) للقفطي، أن المؤسسين هم زيد بن رفاعة وأبو سلمان المقدسي وأبو حسن الزنجاني والمهرجاني والعرفي، ويظهر أن زيد بن رافعة كان المتقدم بينهم والموجّه والمرشد، وكان مركز الجماعة هو مدينة البصرة، وأن هذه الجمعية استكملت نظامها سنة 387 هجرية.

    والأهداف التي تأسست من أجلها جمعيتهم، أن الشريعة قد تدنّست بالجهالات والضلالات ولا سبيل لتطهيرها إلا بالفلسفة لأنها حاوية للحكمة، ومتى ما انتظمت الفلسفة اليونانية والشريعة العربية فقد حصل الكمال، حيث أن تعدّد الفرق وكثرة البدع واختلاف المفاهيم أدّى إلى البلبلة والشكوك، فضعف سلطان الدين على النفوس وتراجعت الثقة بالمفاهيم، وإحياء الايمان لن يكون إلا عن طريق إبطال المزاعم بالدليل، وتأييد الحق بالبرهان، لذلك عمدوا إلى العلوم العقلية لتحقيق تلك الأهداف.

    وفي رسائلهم ما يشهد بذلك، حيث اتخذوا العلم وسيلة لتهذيب النفس وترسيخ الايمان، ويذكرون في رسائلهم أيضا، أن أخلاق الناس قد انحطت وكثر بينهم الخداع والغدر وشاع الظلم والتعدي (فصار ذلك سبباً لاختفاء أخوان الصفا)، فانقطاع الوفاء والسبيل للخلاص من شرور الدنيا والفوز بسعادة الآخرة لا يكون إلا بالتعاون، وفي النهاية الهدف الذي ينشدونه يتحقق بالتعاون التام في بناء مدينة روحانية فاضلة تزدهر فيها الحياة، كما نلاحظ أن خصومهم طعنوا بهم، بأن لديهم هدفاً هو إسقاط الدولة العباسية وتصحيح بعض الأخطاء التاريخية لتحقيق العدل. ونرى من يرميهم بالقرب من الإسماعيلية، ولكن هذا لا يتلاءم مع طبيعة الأشياء، فالإسماعيليون تاريخياً هم فرقة سياسية عنيفة، في حين أنّ منهج أخوان الصفا هو العلم والفكر والحجة والبرهان في مقارعة الطرف الآخر، ويسعون كما نرى من اسمهم إلى صفوَة الأخوّة.

    نظام أخوان الصفا ورسائلهم.

    المبادئ الأساسية:

    أولا: التستّر والتكتّم (كما نصّت رسائلهم)، اعتقاداً منهم أن في ذلك حمايةً لهم بالأخذ بمبدأ التقية.

    ثانيا: التوسع والانتشار، فإنهم يسعون إلى نشر أفكارهم بتأسيس فروع لجمعيتهم في جميع الأقطار للاتصال بجميع طبقات الناس لزيادة عددهم، ولكنهم كانوا حريصين على الانتقاء والاختيار الدقيق وليس ذلك على العموم، حيث حرصوا على التعرف على أخلاق المرشح وأحواله، كما آثروا الاتصال بالشباب من ذوي القابلية والمرونة والذكاء والابتعاد عن المشايخ الهرمة الذين تجمدت لديهم آراء وعادات فاسدة ورديئة يصعب تغييرها، حيث أن الشباب سليمي الفطرة والنفوس الشغوفين للعلوم والمعرفة يريدون طريق الحق، وقرنوا ذلك بتصديق المبدأ وفهمه بوضوح، واتخاذه رأياً وعقيدة والعمل المخلص بموجبه.

    ثالثا: التعاون، يوصي أخوان الصفا بالعطف الشديد على الأخ وإيثاره حتى على أدنى قريب لأن صلة الأخوة روحية في حين صلة القرابة مادية ومصلحة.

    مراتب أخوان الصفا

    قسّموا أعضاء الجمعية حسب نظامهم إلى أربعة مراتب، رمزوا لها:

    أولا: مرتبة ذوي الضائع، وهم الأبرار الرحماء. ثانيا: مرتبة الرؤساء ذوي البأس والسياسة، وهم الأخيار الفضلاء. ثالثا: مرتبة الملوك ذوي السلطان، وهم الفضلاء الكرام. رابعا: مرتبة أرباب التسليم ومشاهدة الحق.



    وسائل أخوان الصفا



    إن المصدر الأول في دراسة أخوان الصفا هو الرسائل التي خلفوها، وفيها دوّنوا علومهم والكثير من آراء وأفكار جمعيتهم، وقد بلغت إحدى وخمسين رسالة، تقع في أربعة أجزاء:

    1. في الرياضيات، منها أبحاث في العدد والهندسة والنجوم والموسيقى والجغرافيا والمنطق وتهذيب الأخلاق.

    2. في العلوم الطبيعية، تناولوا فيها عناصر الموجودات وأصناف المعادن وأنواع النبات والحيوان.

    3. في الشؤون الخلقية والمدركات العقلية، يعالجون فيها منشأ الأخلاق ونواميس الكون.

    4. في الأمور الإلهية والغيبية، وفيها تفصيل نظام أخوان الصفا وخلاصة أرائهم.

    علوم أخوان الصفا و آراؤهم

    ليس لتفكيرهم طابع واضح، فقد غرفوا من كل بحر، ونهلوا من كل مورد، وامتازوا بالشمولية في بحوثهم المعرفية، كما امتازوا بنزعتهم الروحية التي تقترب من الزهد، إنهم يشدّدون على الفضائل الخلقية والقيم الإنسانية والمبادئ الروحية والتذكير بمخافة الله، ولكنهم يعتقدون بصحّة السحر وصدق التنجيم، و يرونه أجّل العلوم ، فعظموه من أجل استخدامه في فرض آرائهم على الشباب الخام الملتحقين بهم، إذ لا يمكننا أن نتفهم في يومنا هذا، ذلك سوى من باب التأثير النفسي على الأخرين من خلال الإيحاء وغسل الأدمغة الذي يمارسه الإعلام ورجال الدين وبعض علوم الباراسيكولوجي والتنويم المغناطيسي وغسل الدماغ في يومنا هذا كمثال لذلك.

    مصادر علومهم: أعتمد أخوان الصفا لعلومهم مصادر مختلفة أهمها:

    الكتب المصنفة على ألسنة الحكماء والفلاسفة من الرياضيين والطبيعيين. الكتب المنزّلة التي جاء بها الأنبياء كالتوراة والأنجيل والقرآن. الكتب الطبيعية التي تتحدّث عن الأفلاك والبروج. الكتب الإلهية التي هي (جواهر النفوس). وقد اعتمد أخوان الصفا على نظرية الفيثاغورسيين في العدد وفلسفة أرسطو في الطبيعة ونظام إفلاطون السياسي ومذهب الإفلاطونيين الإشرافي، وفي فلسفتهم أيضا أصول هندية في احتقار الجسد وتفضيل إحراق الجثة والرفق بالحيوان، ومن الأصول المسيحية عامل المحبة والتسامح. أما طريقتهم إلى معرفة الحق، فبالبرهان العقلي والاستدلال النظري والشعور الباطني.

    1. النظام الكوني. إن عالم الطبيعة لم يُخلق دفعة واحدة، وقد دعموا، وعللوا ذلك مستمدين مذهب فلسفة إفلاطون وفيثاغورس في الانبثاق وطبيعة العدد وهبة العقل وتكرار الواحد.

    2. السلم الطبيعي. لهم آراؤهم في ترتيب السلم الطبيعي من الأدنى إلى الأعلى وهو الجماد فالنبات والحيوان وهكذا.

    3. التعليم الخُلقي. يعطون الأخلاق أهمية كبرى، ويشيرون إليها، ويعتبرون الأخلاق الفاضلة هي السبيل إلى السعادة واليوم الآخر. الأخلاق في رأيهم نوعان: مولود بالفطرة البشرية، ومكتسب بالعادات الجارية. أما الأخلاق الفطرية والمكتسبة فتقع تحت تأثير الجسم البشري وتأثير المحيط الطبيعي أو الخارجي وتأثير التعامل وعلومه، وكذلك تحت تأثير التربية وعامل العشرة والمعاملة.

    4. المنحى الاجتماعي. تقوم فلسفتهم على مبدأ التعاون، إذ لا بدّ من نجاح التعاون بوجود عوامل اتفاق الفكر وانسجام الآراء والروح، إنه ضرورة اجتماعية وروحية. فالفرد لا يستطيع أن يستوفي حاجاته من دون تعاون مع أقرانه، ولن ينجو من الشر إلا بالتعاون، وبالتالي فالتعاون قائم على التفاهم في الرأي والمذهب.

    5. المنحى الروحي. يزعمون بأنهم لا يتعصبون إلى مذهب معين، لأن مذهبهم يتجاوز المذاهب، وأن منهجهم يعتمد على كتب الأنبياء كلهم، ولأنهم على الرغم من تفاوت أزمان الأنبياء، يهدفون إلى غرض واحد هو الحث على الأخلاق والفضيلة والتذكير بالله ويوم المعاد وبعدالة الله يوم الحساب، كما يؤمنون بالله، وينفون الصفات عن ذاته شأنهم شأن المعتزلة، ويشدّدون على وجوده بالدليل العقلي.



    نماذج من رسائل أخوان الصفا

    1. قيام دولة الشر ونظرتهم إليها، حيث لكل دولة سلم (أو خط بياني) تبتدأ منه ولغاية ترتقي إليها وحد تنتهي إليه. فإذا بلغت الدولة أقصى مدى في غاياتها أخذت في النقصان والانحطاط والتدهور، وبدأ في أهلها الشؤم والخذلان. وهكذا حُكم الزمان في دولة الخير والشر، فتارة تكون القوة والنجاح لدولة أهل الخير، وتارة تكون القوة والنجاح لأهل الشر. وكما جاء في القرآن "وتلك الأيام نداولها بين الناس".

    2. قيام دولة الخير، حيث رأيهم برغم أن أهل الشر هم الظاهرون في هذا الزمان، ولكن دولة الخير تبدأ بتعاون أهل الخير واجتماعهم على رأي ودين واحد حيث يجب أن يتفقوا على عهود ومواثيق لا يتناحرون أو يتخاذلون عن نصرة بعضهم البعض، ويكونوا كرجل واحد وكنفس واحدة.

    3. المدينة الروحانية (المدينة الفاضلة)، وبها يؤمنون بالسعي والتعاون وتجميع القوة لبناء هذه المدينة، ويكون بها الله هو الذي يملك النفوس والأجساد، ويجب أن يكون أهلها قوة، ويكونوا أخيرا حكماء وفضلاء عالمين بأمور النفوس والأجساد وحالاتها، ويجب أن يكون لأهلها سيرة جميلة وحسنة يتعاملون بها فيما بينهم، وسيرة للمدن الأخرى وحسب أخلاقهم حيث أساس هذه المدينة هو تقوى الله، وأن بناءها على الصدق والوفاء والأمانة، وأن يكون الكمال غايتها.

    4. مجالس أخوان الصفا، أن يكون لهم مجالسهم الخاصة بأوقات معلومة لا يدخلها غيرهم، يتذاكرون في علومهم ويتحاورون في إسرارهم.

    5. إخفاء العلوم، يجب أن تكون مذكراتهم في علم النفس والحس والمحسوس والعقل والمعقول، والبحث في أسرار الكتب الإلهية والتنزيلات النبوية، وكذلك في علوم الرياضيات ومنها العدد والهندسة والتنجيم والتأليف. إن غايتهم في كتم أسرارهم عن عامة الناس خوفاً من سطوة الملوك لا حذراً من جمهور العوام، وإنهم بذلك يصونون مواهب وهبها الله في العلوم والفلسفة.

    6. التوسع، وكما يدعون أن لهم أخواناً وأصدقاء من كرام الناس وفضائلهم في مختلف أرجاء الأرض، ومنهم طائفة من الملوك والأمراء وأبنائهم والوزراء والولاة والكتاب والعلماء والأدباء والشعراء والفقهاء وحملة الدين والصناع حتى يكونوا مندوبين عنهم للإصلاح في أمور الدنيا والدين.

    7. أختيار الأخوان، يتم التدقيق والتمحيص بما يحمله الأخ من هبة الله من فضل وحكمة وفهم ليكون مساعداً لهم.

    8. الحفاظ على صفاء الأخوة، ومنها شروط اختيار الصديق بالتعرف عليه وأحواله وأخباره وأخلاقه ومذهبه واعتقاده، وهل يصلح للصداقة وصفاء المودة وحقيقة الأخوة أم لا...؟ فإن ظفرت بواحد فيجب تفضيله على جميع الأهل والأقارب لأن وحدة الفكر هي وحدة الروح.

    9. تفضيل الشباب، حيث يرون أن أفكارالنفوس قبل أن تُشغل بأي اعتقاد وعلم ولأن مثلُها كمثل الورق الأبيض النقي الذي لم يُكتب به شيء، فإذا كُتبَ فيها شيء حقاً كان ذلك أم باطلا، فقد شغل مكاناً فيه منع الكتابة فيه، ويصعب مسحه، ولذا يرون الاهتمام بالشباب سليمي الصدر الراغبين في العلم والأدب، الراغبين بطريق الحق والدار الآخرة والمؤمنين بالله وغير المتعصبين إلى مذهب، والابتعاد عن المشايخ الهرمة الذين تحجرت أفكارهم وملئت ورقتهم بما يصعب مسحها. يرون أن الله ما بعث نبياً أو اختاره إلا وهو شاب، وأن الحكمة أعطاها لعبده الصالح الشاب، وأن كل أنبياء الله أوّل من كذبهم مشايخ قومهم المتعاطون في الفلسفة غير الهادفة والنظر والجدل العقيم من دون هدف.

    ***



    وأخيراً، وعبر هذه الرحلة والاستعراض، حاولت كل جهدي أن أختزل ما استطعت دون تشويه الفكرة.

    إن تاريخنا حافل وغني بما يعتبر في حينه سابقاً للأمم المجاورة، بما وفر لنا قاعدة للإنطلاق نحو الأمام لا الرجوع نحو الخلف عكس عجلة الحياة والتاريخ والتقدم.

    ومهما كان في التاريخ من رموز نجلّها ونحترمها في كافة مجالات العلوم والشريعة، لكن ذلك لا يعني أن نكون أسرى الماضي وعبدة لإشخاص هم كانوا متقدمين على غيرهم في ذلك الزمان، لأن الحياة في تقدم والعقل البشري في نمو، بل أكثر قابلية للاستيعاب والفهم، وأن مبدأ الاجتهاد والتبصر والعقل يوفر لنا مساحة كبيرة للتطور، مع تطور الحياة، واستيعاب المزيد من الفهم للحقيقة، ومنها حقيقة خلق الإنسان من قبل الله عز وجل، لأن يكون خليفة الله في الأرض للإعمار والبناء لا الهدم والتخريب والإرهاب.

    اننا عندما ننظر الى "صحيفة المدينة" التي خطها الرسول محمد (ص) نرى خلالها بداية ملامح المجتمع المدني ونجد فيها احترام حقوق الفرد والجماعة وحرية الفكر والتعبد الديني، خصوصا لباقي الأديان مثل اليهودية والمسيحية، ثمّ ما تبع ذلك من فترة الحكم الرشيد للخلفاء الراشدين والتي تعتبر فترة النقاء الايماني والمثل والقيم الأخلاقية بعد فترة حياة الرسول (ص)، ثمّ ما نراه حدث من تطور في آلية قيادة تلك الأمة الإسلامية ضمن مدة قصيرة نسبياً نتيجة عدم وجود مؤسسات دولة لدى العرب آنذاك او خبرة سابقة إدارية او مؤسساتية.. حيث نرى الخليفة الراشد عمر(رضي الله عنه) استفاد كثيراً في بناء الجيش الإسلامي وأسلوب بيت المال و توزيعه والبريد والمراسلات ... وأمور أخرى، من نظم الدول المجاورة للعرب في ذلك الزمان إضافة الى عمل الخلفاء في مبدأ الاجتهاد بالعديد من المشكلات والمعضلات التي ظهرت أمامهم، كما نرى عندما أجتهد الخليفة الراشد عمر في تجميد العمل بنصوص واضحة.. كل ذلك كان نابعاً من فهم صحيح لتطور المجتمع ومن الحاجة لأستخدام العقل في مواجهة معضلات ومشاكل وجب الاجتهاد فيها. لكن مع الأسف الشديد، هذا النهج الراشد باستخدام العقل والاجتهاد، في مواجهة المعضلات والتطور في المجتمعات، لم يستمر ويتواصل بعد هذه المرحلة الراشدة حيث غاب الرشد بعدها. ولو أستمر هذا النهج لوصلنا الى صيغ الحكم القائمة اليوم في المجتمعات الحديثة المتقدمة من حيث وجود آلية شرعية للانتخاب وتحديد لفترة الحاكم وسحب هذا التفويض عندما تقتضي المصلحة العامة. لكن كما قلنا فإنّ حداثة التجربة الإسلامية آنذاك، من ناحية، وقصر الفترة الزمنية لعهد الخلفاء الراشدين، من ناحية أخرى، أوجد خللاً كبيراً لاحقاً في كيفية الحكم وفي سؤ التصرف ببيت مال المسلمين وفي ظهور الفساد الإداري والمالي والسياسي، بداية مع تأسيس الدولة الأموية ثم وصولاً إلى العهود التي تبعتها حتى مطلع القرن العشرين، حيث أصبح الحكم وراثياً والأفضلية فيه وفي المغانم هي للعائلة أو القبيلة الحاكمة. وقد جرى، للأسف، ربط ذلك كله بقدر الله ومشيئته وبعدم جواز الاعتراض عليه وفق منهج الجبر كما أسلفنا سابقاً.

    ان السلف الصالح واعمدة الفقه والحكمة والفلسفة العربية كانوا محطات للانطلاق للامام وكانوا العتبة الأولى والاساس لسلم الرقي والارتقاء نحو الأعلى، ولم تكن اجتهاداتهم من أجل البقاء سجناء مسمرين عند هذه المحطة او تلك، كما هو معظم الحال السائد الآن في العالمين العربي والإسلامي.

    رحم الله شاعرنا الكبير ابي القاسم الشابي، وانا أقرأ هنا بعض الابيات المختارة من قصيدته العصماء، "أرادة الحياة":

    إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

    ولابد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر

    ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر

    أذا طمحت للحياة النفوس فلا بد أن يستجيب القدر



    وشكراً

    ضياء السعداوي

    مكتبة الحكمة --- 23/10/2013
                  

11-22-2013, 03:20 PM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    نشكر الاستاذ ضياء السعدواي علي هاذا العصف الذهني المقدر والذي يعكس جانب مهم
    من التاريخ الاسلامي وبعض من المدارس الفكرية والنقدية في تناول الفقه و تفسير وتاويل
    النص
                  

11-23-2013, 03:59 AM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    up.up
                  

11-23-2013, 05:29 AM

Tragie Mustafa
<aTragie Mustafa
تاريخ التسجيل: 03-29-2005
مجموع المشاركات: 49964

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    استاذا النقابي الجسور عبد الله بابكر

    اليوم قلت لي في قلب امهات الكتب و مع (عصف ذهني) عاصف بقلم ضياء السعداوي !

    كويس انك لقيت زمن تقرأ كل ده ......فامة لا تتدارس تاريخها لن تجد لها مستقبلا....

    ساعود لو وجدت زمن.

    تحياتي.
                  

11-24-2013, 04:59 PM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: Tragie Mustafa)

    up-up
                  

11-25-2013, 02:24 PM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    هاذا المقال يساعدنا في معرفة جانب مهم من تاريخ الاجتهاد في الاسلام
    وهاذا مدخل جيد لمعرفة العقل المسلم حتي نتمكن من تحليل وتفكيك
    الخطاب الديني وعمل مقاربات معي تسلسل وتمرحل هاذا الخطاب في مختلف منحدرات
    الاجتهاد صعودا وانحطاطا

    (عدل بواسطة عبد الله بابكر on 11-25-2013, 02:32 PM)

                  

11-26-2013, 03:32 PM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    up\up
                  

11-27-2013, 04:17 AM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: Tragie Mustafa)

    up
                  

11-27-2013, 04:37 AM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    في الصراع الطائفي المفتعل: معسكر’ ‘السنة’ يقوده المنافقون


    د. عبدالوهاب الأفندي


    November 25, 2013
    لم يعد هناك اليوم مفر من أن نعترف بأننا اليوم في قبضة صراع طائفي لا سابقة له في تاريخ هذه الأمة والمنطقة، وهو صراع يؤججه ويتولى كبره شرار الطائفتين، ولا يسلم منه البقية. وعليه لم يعد هناك مجال للتحذير من هذا الصراع ومخاطره، لأن هذا الصراع قد أصبح واقعاً، حيث نجحت محاولات الأطراف التي أرادت الزج بالأمة فيه. وكل هذه الأطراف لا تهمها المصلحة الحقيقية لهذه الطائفة أو تلك، ولا مصلحة الأمة ككل، وإنما تعمل لمصحلتها هي الضيقة.
    ولكن المؤكد هو أن من يدعون أنهم يدافعون عن ‘السنة’ في هذا الصراع هم أقل الناس أهلية للحديث باسم الطائفة السنية، لأنهم إما أنظمة منافقة تشن الحرب على كل من يتحدث باسم الإسلام، أو فئات متطرفة مهووسة تسيء للطائفة السنية بقبيح أفعالها ورديء خطابها. فالطائفة السنية محاربة من داخلها ومن خارجها معاً، والحرب من الداخل أشرس من تلك الآتية من الخارج. وهناك استغلال كذلك للشيعة في هذا الصراع، وإن كان بنسبة أقل. ولا يعني هذا أن الأخيرين أقل إثماً. فليس من يقاتل تطرفاً وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً بأفضل عذراً أمام الله ممن يعرف أنه كاذب، وإلا لكان غلاة الصهاينة الذين يحسبون أنهم أبناء الله وأحباؤه أحق بالعذر من القيادة الفلسطينية التي’يهمها رضا نتنياهو أكثر من مصالح شعبها.
    وهذا يذكرنا بأن أنظمة المنطق تتبع سنة الكاردينال ريشيليو، كبير وزراء الملك لويس الثالث عشر، أول وأبرز من جعل ‘مصلحة الدولة’ مرجعيته الأخيرة. فبالرغم من أن الرجل كان أحد زعماء الكنيسة والرجل الثاني في الدولة الفرنسية، فإنه لم يكن يتورع عن التحالف مع البروتستانت في حروب الثلاثين عاماً. هذا مع العلم بأن فرنسا كانت تقود المعسكر الكاثوليكي في تلك الحروب. ولكن المنافسة مع النمسا واسبانيا، ومساعي ريشيليو لتعزيز الملكية في فرنسا، جعلاه يدعم الثورات البروتستانية ضد هاتين الدولتين، والممالك البروتستانتية المعادية لهما، من أجل تعزيز موقع فرنسا.
    وقد شهدنا تجليات هذا المنطق ‘المكيافيلي’ منذ بداية ‘الحرب الطائفية’ الحالية. فعندما قررت أمريكا غزو العراق في عام 2003، أيدت كل من السعودية وإيران هذا الغزو، ودعم كلاهما الفئات ‘الشيعية’ التي تولت الحكم، كل من منطلقه. ولكن السعودية كانت هي المخدوعة في هذه الصفقة، لأنها صدقت أن الفئات العراقية التي دعمتها هي قوى ‘علمانية’ موالية للغرب. ولم تكتشف إلا بعد فوات الاوان أنها كانت تخدم إيران دون أن تدري. ولعل الغريب في الأمر أن أجهزة الإعلام التابعة للسعودية وحلفائها ما تزال تدعم قادة العراق حتى بعد أن برح الخفاء.
    بنفس القدر فإن النظام السوري دعم الجماعات المتطرفة في العراق والإسلاميين في السودان وغزة، رغم أن القانون السوري يحكم بالإعدام على كل من ينتمي لتنظيم إسلامي في داخل سورية. تحالفت سورية كذلك مع إيران وحزب الله، مثلما دعمت الكتائب اللبنانية، وكل ذلك من أجل مصلحة النظام. وكذلك فعل النظام الليبي، وهناك اتهامات لمخابرات النظام الجزائري بأنها تستغل المتطرفين في تونس لخدمة أغراضها السياسية.
    ومعلوم أن النظام المصري في عهدي السادات ومبارك قد سعى (في تحالف مع عدد من دول الخليج) منذ اندلاع الثورة الإيرانية في عام 1979 إلى لعب الورقة الطائفية من أجل احتواء الثورة. وقد تزايد الحماس الخليجي-المصري للعب هذه الورقة بعد تفجر الحرب العراقية-الإيرانية التي انغمست فيها مصر ودول الخليج بحماس شديد. ولكن هذه الاستراتيجية لم تفلح لأن إيران لم تسقط في الفخ، وركزت أكثر على معركتها مع الغرب وإسرائيل. هذا إضافة إلى أن غالبية أهل السنة لم يستجيبوا لدعوات يعلمون جيداً نفاق من يطلقها.
    ولكن تحولات مهمة بدأت منذ عام عندما صوت أكثر من 70% من الإيرانيين للرئيس خاتمي 1997، فكانت صدمة أن تكتشف الفئة الحاكمة في إيران أن الشعب الإيراني يرفض نهجها المتشدد. منذ ذلك الوقت اتخذ النظام خطوات حاسمة لقمع الحريات وإقصاء كل الأصوات ذات الشعبية. ومع ذلك تكرر الرفض الشعبي في عام 2009، وحدث الأمر نفسه هذا العام، رغم الاحتياطات. وقد تزامن هذا مع التطورات في العراق، والفرصة التي أتاحها وصول حركات متحالفة مع إيران إلى السلطة بعد الغزو الأمريكي. ولكن التحالف الموالي لإيران في العراق واجه نفس المشكلة، حيث نتج عن انتخابات عام 2010 فوز تحالف بين معتدلي الشيعة والسنة. وهكذا توصل النظام الإيراني وحلفاؤه في العراق إلى ضرورة لعب الورقة الطائفية لخنق الديمقراطية في البلدين.
    ولعل المفارقة هي أن هذا القرار للعب الورقة الطائفية جاء في مرحلة تخلت فيها دول الخليج، كل لأسبابها، عن الرهان الطائفي. فقد دخلت كل من السعودية والإمارات في صراع مع الإسلاميين فيها، وبالتالي بدأت تشعر أن الخطر الأكبر يأتيها من الداخل. أما قطر المتصالحة مع الإسلاميين فقد كانت ترى أن هناك الكثير الذي يجمعها مع إيران، بينما لعبت الكويت الورقة الطائفية بالمقلوب باستغلال مخاوف مواطنيها الشيعة لضمان تحالفهم ضد المطالبين بديمقراطية أكثر.
    ولكن بعد انقلاب الأوضاع في العراق وتفجر الصراع في سورية، هرعت السعودية وحلفاؤها لبعث الورقة الطائفية من جديد. وتشارك في هذه اللعبة دول مثل الأردن (التي كانت قيادتها أول من حذر من خطر ‘الهلال الشيعي’) حتى قبل أن تندلع الحرب الطائفية. ولكن الإشكالية أن هذه الأنظمة تفتقد المصداقية لدورها المزعوم في قيادة ‘المعسكر السني’ في مواجهة ‘الخطر الشيعي’، خاصة وأنها ترى الإسلام السني خطراً عليها. وبينما تحتضن إيران الحركات الشيعية، حتى المتطرفة منها، فإن الدول السنية في حالة حرب مع الإسلاميين فيها. وهناك كثير من الإسلاميين السنة يرفضون على كل حال الانخراط في هذه المنازلة الطائفية.
    بنفس القدر فإن بعض المنظمات السلفية الجهادية المتطرفة التي تدعي الدفاع عن السنة ضد متطرفي الشيعة، وعلى رأسها القاعدة، تضر السنة أكثر مما تنفعهم. فهذه المنظمات ساهمت بالقدر الأكبر، وبصورة متعمدة، في تفجير الصراع الطائفي في العراق، كما أنها ارتكبت من الكبائر ما أساء إلى السنة وأضعفهم في المعركة الأخلاقية. وفوق ذلك فإن هذه الجماعات قد تجبرت وطغت حتى على السنة، مما دفع بعضهم للانتفاضة ضدها. هذا مع العلم بأن هذه الجماعات اتبعت بدورها نفس نهج الانظمة العلمانية المكيافيلي، حيث تحالفت مع بقايا حزب البعث في العراق ومع نظام الأسد في سورية. وقد كان ظهور هذه الجماعات في سورية بدعوى المحاربة ضد النظام أكبر سند وظهير للنظام الأسدي، إذ أنه أضعف السند الخارجي الضروري لنجاح الثورة السورية. فهنا أيضاً كان ضرر هذه الجماعات على الشعب السوري أكثر من نفعها، إن كان لها نفع.
    ومع ذلك فإن ما حدث في سورية، وقبل ذلك في العراق، هو السبب المباشر في تعميق الشرخ الطائفي، لأن جماعات مثل حزب الله كانت حتى وقت قريب فوق الطائفية، غاصت حتى حقويها في الوحل الطائفي، وبالتالي فقدت دورها السابق كعامل توحيد. وهذا يعني أنه لأول مرة نجح رهان نقل المعركة الطائفية إلى الشارع، بعد أن كانت بعض الدول تسعى لعقود بلا طائل لتحقيق هذه الغاية. ولكن الجماعات المتطرفة من الجانبين نجحت فيما فشلت فيه أنظمة النفاق. ويزيد من الأزمة أن بعض المجموعات الشيعية أخذت تبذل الأموال لنشر المذهب الشيعي خارج مواقعه التقليدية، مما يعني بالضرورة اجترار السجالات التاريخية العقيمة التي كنا نعتقد أننا تجاوزناها، وبالتالي تنكأ الجراحات وتثير الفتن.
    وفي نظرنا أن المفتاح لإرجاع المارد الطائفي إلى قمقمه يجب أن يبدأ من العراق، وذلك باستعادة تحالف المعتدلين من السنة والشيعة في ذلك البلد المنكوب، وإبعاد المتطرفين وعزلهم. ويحتاج الأمر كذلك إلى عودة التوازن الطائفي في لبنان، وسحب المقاتلين العراقيين واللبنانيين من سورية بما يتيح أيضاً بروز تحالف معتدل في سورية أيضاً يساعد على عودة الاستقرار إليها.
    ولن يتحقق هذا إلا بأن تتبرأ كل طائفة من الغلاة والمتطرفين فيها، واختيار التعايش على التغالب. وعلى السنة خصوصاً أن يبتعدوا عن الانجراف خلف دعاة الطائفية، وأن يحسنوا اختيار قياداتهم، حتى لا يكون خيارهم بين المنافقين والمهووسين. وليس الشيعة بأقل حاجة إلى البعد عن الانسياق وراء كل ناعق سوء، يعدهم المجد ويوردهم موارد التهلكة.
    ورغم أن طريق الخلاص من وهدة الجحيم الطائفي واضحة بينة، إلا أن عبر التاريخ تعلمنا أن معظم الناس يتنكبونها حتى يتلقوا الدروس المريرة، وغالباً بعد فوات الأوان. وقد كان هذا شأن الصرب في يوغسلافيا وكثير غيرهم، اتبعوا أمر كل جبار عنيد، فنالهم العقاب العاجل في الدنيا قبل الآخرة، فندموا ولات ساعة مندم. ولا أرى عن قرب أي بارقة أمل في أن يتعظ مثيرو الفتن ويقصروا عن غيهم قبل أن ينالهم نصيبهم من الكتاب، ويصلون إلى نهاية الطريق المسدود. والله غالب على أمره.

    ‘ كاتب وباحث سوداني مقيم في لندن
                  

11-27-2013, 04:15 PM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    up-up-up
                  

11-28-2013, 05:00 AM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    جعفر بخيت: لمحة من جدليات اللامركزية والديمقراطية

    المنصور جعفر
    الحوار المتمدن-العدد: 3680 - 2012 / 3 / 27 - 00:29
    المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية


    في تكوينات اللامركزية والديمقراطية: نقاطهما الأساس وعلاقاتهما الداخلية والخارجية ومايواشج ذلك ببعض نقاط مركزية في تاريخ السودان الإداري وطروحات د. جعفر محمد علي بخيت


    1- تاريخ موجز لـ "المركزية" و "اللامركزية"

    في الزمان القديم تطورت حاجات الناس ونزعوا جماعة للتفرد بإمتلاك بعض موارد حياتهم وإختصاصهم بها دون غيرهم ثم بوعيهم بعض طبيعة القوة في الجماعة وتنظيم نشاطها وتقسيم العمل فيها لتلبية حاجات حياتها نشأ كيان "الدولة" بتحالف بعض جموع البشر التي فرضت بالقوة العنفية سلطة رؤساءها وإعتقاداتها على بعض الجموع المتواشجة معهم أو المجاورة لهم. ومنذ ذلك الزمان وإلى الآن يتباين هيكل تنظيم أمور الحياة الإجتماعية وتوزع سلطات تنظيم شؤونها في الدول بين : أ- دائرة لأقاليم، وب- المركز أو المحور الرئيس لها. وحديثاً سمى علم الإدارة العامة: النظام القابض سلطات الدولة وأمور تنظيم شؤونها في العاصمة نظاماً مركزياً ، بينما سُمي النظام الذي يقسط أمور تنظيم الحياة العامة في الأقاليم ينظم كل واحد منها أمواله وشؤونه بإسم "اللامركزية". وبحركة الحياة عبر قرون الزمان إختلفت في كل نظام منهما طبيعة المكونات الطبقية وترتيبات شؤونها على النحو الأتي:
    أ‌- ماقبل الرأسمالية :
    في مراحل ماقبل الرأسمالية كان تأثير أصحاب الزراعات والحرف والصنائع -البدنية أو النظرية- العمل في أمور المدن تأثيراً كبيراً بينما بقى التأثير الأكبر للملوك والأمراء وقادة الجيش في أمور الدولة وجيشها وضرائبها وحروبها وسلامها ومنصرفاتهم.

    ب‌- في الرأسمالية والإستعمار:
    في مرحلة نضج الرأسمالية بحكم تجمع وتمركز العمل والخدمات طغت العاصمة على المدن وأقاليمها وطغت المدن على القرى وضواحيها ثم تكأكأت عواصم الرأسمالية الأوربية على كل العالم نهباً وإستعمارأً .

    ت‌- من القرى المتفرقة إلى الحكومة العالمية :
    من إفاضة عمل المجتمعات المستعمرة عن حاجاتها الأولية، ومراكمة الإستعمار لهذه الفوائض، وتقدم آلاته وتجارته وحذق جيوشه، تبلورت حالة "الإمبريالية العالمية" بتواشج رؤوس المال الثلاثة الكبرى المصرفية والصناعية والتجارية مع آلات الدولة الإستعمارية االمالية -الإقتصادية والسياسية والعسكرية والإستخبارية والإعلامية.
    نقلت تبلورات الإستعمار الإمبريالية جهد الناس للتحكم في أمور حياتهم من حالة الدولة المفردة إلى حالة "العالم" والدوائر الدولية حيث المركز الإمبريالي مسيطر على شؤون كل الدول. ولولا نزاع الحرب العالمية الأولى 1914-1918 ثم إندلاع ثورة أكتوبر الإشتراكية العظمى1917 وبناء إتحاد الجمهوريات الإشتراكية السوفييتية، وترسخ الحركة النقابية والعمالية الدولية، ثم الحرب العالمية الثانية التي حرر فيها السوفيت وحلفاءهم العالم من الخطر النازي لأكبر كتلة رأسمالية-عسكرية حينذاك في ألمانيا، ثم نشاط حركات التحرر الوطني في آسيا وأفريقيا ضد الإستعمار الاوربي، وتفتح عدد كبير من تيارات مقاومة الإستغلال العالمي المتواشجة معها في أمريكا الجنوبية، وتأجج أفكار ونشاط المساواة والتقدم في أواسط النساء، وبين الشباب.

    في أعقاب هذه الأحداث الكبرى التي كشفت تناقضات الرأسمالية العالمية وبينت للناس سبل التخلص منها، بدأ الناس بحكم ظروفهم او بتأثير قوى التقدم الإجتماعي والإنعتاق من نقص الضرورات والحرية من التكالب على الموارد- بدأوا في غزل ونسج حرية العالم بكل دوله وأقاليمه وشعوبه وعماله، من حالة كونه مجرد (إقطاعية) صرفة لرأس المال العالمي.


    ث‌- السمة الرئيسة للنظام المركزي والسمة الرئيسة للنظام اللامركزي:
    السمة الرئيسة في النظم المركزية هي سيطرة مركز الدولة على تقرير الأمور المالية والإقتصادية لكل الألقاليم فيها (بتفاوت)
    السمة الرئيسة للنظم اللامركزية: هي تقرير الأرياف والقرى وبقية الوحدات الأساسية في البلاد، والأقاليم لأمورها المالية والإقتصادية ضمن النظام العام للدولة الذي إما ان تشترك في تاسيسه وإقراره أو تقبل به طوعاً.
    من هذه التثنية يجد المستكشف أمران:
    1- إن توزع السلطات والمصالح الإقتصادية السياسية بين الأقاليم يمثل المركز العام للنظام اللامركزي، وإن هذا التوزيع متحرك بتغيراتها ويتطلب دوماً تشكيل مراكز جديدة في تلك الأقاليم وسلطاتها والمصالح المواشجة لها.
    2- أن التاريخ الإقتصادي الإجتماعي والسياسي الثقافي لإمتلاك وتوزيع موارد ووسائل الإنتاج وجهوده وثمراته في الدولة بل وحتى بين دول العالم يمثل الأساس في نشوء وإرتقاء النظامين المركزي واللامركزي لإدارة الموارد.
    فمع الإنتقال من المشاعات الأولى البدائية إلى الحضارات القديمة القائم بملكها وأهراماتها على فكرة التمييز الآلهي لبعض الأسر القائدة في جماعاتها، تغيرت نظم الدولة بتوسع دول هذه الحضارات وضرورة تقليل أو زيادة مهمات مركز الدولة بتقسيم أو بتركيز إدارتها لهذه الأمور أو تلك الأقاليم والمناطق والجماعات المضافة إليها. وإن كان سلطان وتسلط الحكام المحليين لتلك المناطق لا يختلف كثيراً عن سلطان وتسلط الحاكم العام في مركز الدولة لعل أبلغ تعبير عن هذه النظام المزدوج المركزي اللامركزي القديم هو بيت الشعر الذي أنشده الخليفة العباسي :
    ((صبي يا مزن أينما صببت يأتيني خراجك))
    وبفعل هذه السيطرة الأسرية الفردية الغاشمة على المجتمعات وأعمالها كانت خيرات الطبيعة والمجتمع تتحول خيرات خاصة للحاكم وجماعته الأقربين وكان الشقاء ولم يزل نصيب المسيطر عليهم أياً كانت أعراقهم أو ثقافتهم.



    ج‌- الطبيعة الطبقية للدول مركزية أو لامركزية:

    وبصورة عامة يمكن القول إن وجود الدولة سواءاً كانت مركزية أو لامركزية تبلور بنشوء وإرتقاء هيئات وأجهزة جبر وأمر وسلطات إشتراع وقضاء وسلطة إدارة تفرض الأمن الداخلي وتنظم أمور السكن والعمل والصحة والتعليم وما يتعلق بالضرائب والمالية العامة والإقتصاد إلخ حيث تبقى العلاقات الخارجية مأخوذة لرأس البلد.
    ولكن إذ يزعم أن لكيان الدولة الحديث وأعماله طبيعة العموم والإنبساط إلى كل الناس بلا تمييز! وأنها سعي منظوم لتحقيق الصالح العام لجملة المواطنين أو السكان بلا تفريق بينهم حيث الدولة تنظم مواردهم وجهودهم العامة بهيئات عامة متخصصة وموظفين إختصوا بتلبية حاجات الناس وتحقيق النفع العام بشرائع عموم تضبط أحوال إصدارها سلطات التشريع والتقنين وتضبط إعمالها سلطات السيادة والتنفيذ، ويختص القضاء بضبط الحقوق والواجبات المواشجة لها فرغم كل غدعاءات العمومية والعدل هذه ا إلا أن إن الدولة وتراتبياتها -لا المساواة- تضحي فعلاً هي "روح القوانين" وحياتها فالطبيعة الطبقية لمجتمع الدولة تحد كثيراً هذا العموم المزعوم في وظيفتها.



    ح‌- الطبيعة الطبقية للديكاتوريات والديمقراطيات:

    إصطلاح "الديكتاتورية" Dictatorship في معناه الأصيل يعني السُلطة والسلطان النافذ، بينما إصطلاح "الديمقراطية" Democracy تعني حكم عامة الناس وأصل الإصطلاح أرستقراطي يحتقر حكم الجهلاء ولو كانوا كثرة وقد إرتبطت الطبيعة الطبقية للإصطلاحين بالتاريخ من حيث أن الإستعباد القديم وما فيه من حرمان وآلام وإستغلال وظلمات الجهل المحيطة به مثل الأساس لثورات المستعبدين ضد العبودية المفروضة عليهم وكانت في معظمها ثورات ضد الجلادين والجنود والأغلال الحديد دون أن تشمل أسس أو نتائج النظام العبودي السياسية- الإقتصادية ورغم تلك الظلمات فإن تلك الثورات دفعت مع عوامل أخرى الحكام الأقداس إلى التنازل عن أمرين رئيسين : 1- سيطرتهم المطلقة و2- عن تركيزهم الحكم القداسة في أشخاصهم إلى مجالس ونواب كهانة ومشورة.

    ثم من النوبة القديمة و"شكاوى الفلاح الفصيح" وتذمر اليهود عهد رمسيس الثاني ثم إضرابات عمال المحاجر في منطقة (دير المدينة) عهد رمسيس الثالث (أول إضرابات مسجلة رسمياً في تاريخ العالم) ووصولاً إلى اليونان القديمة إرتقت أحوال الثورات والتنازلات والتقاسيم حتى جاءت الثورة الدموية "للديمقراط" الذين يرون أن صلاحية الفكرة والرأي تقدر بعدد المؤيدين لها ولهذا الرأي العددي ومع عوامل أخرى قاموا بثورتهم الدموية ضد سيطرة "التكنوقراط" الذين كانوا يرون إن أهل كل إختصاص أدرى به فالمقرر لمجاله هو الخبير فيه.

    تلك الثورة الدموية التي أقامت ديكتاتورية الديموقراط وراح ضحيتها مع ألاف من الناس السفسطائي سقراط متكلم التكنوقراط وأشهر محجاج فيهم، تلك الثورة نجحت في تحويل الأمور العامة من مجموعة شؤون وقضايا فنية تكنيكية أو تكنوقراطية متفرقة يقر كل خبير بشأنها في مجاله، إلى أمر سياسي جمهوري جمعي تقر به – في كل مدينة- من جهات نظر (متنوعة)- حكمة الجمع الأكثر الحاضر في هذا الأمر أو ذاك.

    وبلورت تلك الثورة القديمة فكرة "السيادة" السياسية للشعب وديكتاتوريته في تقرير أمور حياته، إلا إن الحال العام للدولة -رغم هذا (النجاح)- بقى كما هو عليه: فـالمركز والمدينة العاصمة "المونوبوليس" Monopoliesبقيت حاكمة متحكمةً في (قرى الهامش المحيطة بالمراكز) "الميتروبوليس" Metropolis، فيما بقى إلى الآن معروفاً بـ"علاقة المركز والهامش" كذا أصحاب السفن والمال والنفوذ الديني والعسكري في تلك البلاد التجارية ذات الحروب بقوا مسيطرين على أراء الكثيرين.



    من العبودية إلى الإقطاع:
    بالإرتقاء العددي لأنماط السيطرة والتنظيم وتغيرها من حالة الفرد الواحد إلى حالة عدد من الأفراد والهيئات وإتساع مداها الجغرافي والإجتماعي، وتنوع تفويضات مراكزها وإقطاعهم أراض شاسعة لأفراد يديرونها نيابة عنهم، خف النظام العبودي من حالته الحربية المباشرة -عبر مئآت السنين إن لم تك ألوفها- وتحول عدد كثير من الناس إلى حالة شبه عبودية قنانة ودجانة في الأرض، كل حياتهم إنتاج المحاصيل لسيد الأرض، يعطيهم منها الفتات ويزجي كثير منها لحاكم الدولة ويبقي لنفسه الكثير، هذا النظام الإقطاعي المواشج لتأسس النقود والرواتب في الجيوش والدولة ساد أوربا روما، وآسيا فارس والهند والصين، بينما كانت أضعف حلقات النظام العبودي الباقية قائمة في صحراء شبه الجزيرة العربية بلا دولة ولا جيش تجار وموالي وعبيد وإبل تنقل التجارة اليهودية بين الشام واليمن وهي الحلقة التي كسرتها ثورة الإسلام قبل أن يتم تحويله بعصبيات شتى إلى دولات أسر مقدسة ذات إقطاعات أشهرها الدولة الأموية والدولة العباسية والدولة العثمانية.

    مع شدة التضييق الإسلامي على إقطاعات أوربا جنوباً وشرقاً وتوالي أزمات الطبيعة مع زيادة السكان مع تأثير العمرانيين والإشراقيين المتأثرين بـ"حضارة الشرق" نهضت طلائع أوربا الحديثة برسومها وادابها التي نمت البصيرة وبكشوفها الفلكية الفكرية والجغرافية التي بدأت مظالم إستعبادها الجديد، وبدأت مشارق أنوارها بثوراتها التجارية والصناعية التي أججتها الماسونية الماثلة بحركات عمرانية جمهورية وبالمجتمع المديني لحرية الأعمال الحرفية والأراء العلمية والسياسية من قيود الإقطاع الديني الإقتصادية والثقافية السياسية) ونضال تلك الحركات ومجتمعها المديني للإخاء والتعاضد والمساوة بين الناس في الحقوق والواجبات العامة، إذ كانت هي الشكل السياسي لقوى ومطالب تجمعات أصحاب الأعمال الحرفية والتجارية في المدن والأرياف (Guilds) وهي طوائف ونقابات أعمال حرفية كان وجودها السياسي في الأزمان الإقطاعية وجوداً مهمشاً ومقموعاً بينما كان دورها ووجودها الإقتصادي والثقافي وحتى السياسي يتضاعف وينتشر بفضل التفكير السببي ومزاوجته بين تنمية الآلة والعمران المادي وتنمية العوامل الفردية والسياسية لهذا العمران.


    تناحر الرأسمالية ومظالمها نجاحاً وفشلا، وإشراق الإشتراكية نجاحاً وفشلاً :
    وإذ إستمر عصر التملك الخاص لموارد االحياة ولإنتاج في المجتمع بعهوده المميزة بالإستعباد حوالى 5000 سنة، ولحوالي 4000 سنة من الإقطاع، فقدبلغ نهايته بالمرحلة الرأسمالية بعهودها الثلاثة (التراكم والإستعمار والإمبريالية) التي أكملت الـ500 سنة بداية بالثورات الألمانية (1524) والهولاندية (1549) والثورات الآيرلاندية والأسكوتلاندية والإنجليزية (1600-1702) ثم الثورة الأمريكية (1775- 1777) وإلى سنة 1812 حين أحرق الإنجليز البيت الأبيض، محافظين على كندا والثورة الفرنسية (1789-1792) التي سلبتها البرجوازية من البروليتاريا، وكذا ثورات الأسبان (1873) وايطاليا (1875)... المهم أن تحالفات طبقة البرجوازية الصغيرة مع العمال والمهمشين في دول غرب وجنوب أوربا نجحت في هدم بقية رموز النظام الإقطاعي المتآكل بثوراتها الناجحة في شمال أوربا وهولاندا أولاً ثم الثورات الإنجليزية والأمريكية والفرنسية، وهي الثورات التي نظمت الدول في شكل حكومات حديثة ذات ميزانيات مقدرة وبنوك مركزية تعمل لصالح تجمعاتها المصرفية والصناعية الكبرى وبرلمانات تضبط إيقاع حركتها.
    هذا النجاح في التحول من الغقطاع والحكم المقدس إلى الرأسمالية وحكم أمور الحياة الإقتصادية بمدى نفعها (العام) فشل ولم يزل فاشلاً في منع الأقلية المالكة لموارد ووسائل الإنتاج وإمكانات التمويل من إستغلال الأكثرية الكادحة والمهمشة وبقية عوالم المهمشين بقى الناس إلى الآن تحت سيطرة المركز الطبقي وشكله السياسي الحاكم للدولة.


    ضد هذا التطور الرأسمالي لفكرة التفرد بإمتلاك موارد الحياة بشخص الواحد أو بضعة أفراد يتملكون موارد المجتمع أو أهمها أو تقوم دولتهم بإمتلاك موارد كل مجتمعات العالم بإسم حرية السوق ومصارفه وشركاته الكبرى في السيطرة على الموارد تحسنت فكرة الإشتراكية وإرتقت من طور الهوام الفكري وأمنيات الخيال وأحلام العدل والرخاء إلى طور التفكير والتنظير السببي المادي ذو المنطق الجدلي للنشاط والممارسة العلمية العملية: حيث نشطت "الإشتراكية العلمية" بصورة عالمية منسقة ضد أسس وأشكال الرأسمالية والإستعمار والإمبريالية: فطلعت الثورات البروليتارية ناجحة في إقامة وتوضيد ديكتاتوريتها في روسيا من سنوات (1917- 1924) إلى سنة 1953 وفي الصين من سنوات (1912- 1949) وإلى الآن (2012) نهجاً عيانياً لتأسيس دولة إشتراكية تنقل الناس من نقص ضرورات المعيشة والتكالب عليها إلى حالة كبرى من الأقاليم والتعاونيات الإنتاجية-الإستهلاكية المتناسقة المستدامة التي تخرج الإنسان بالأسلوب الإشتراكي لإنتاج المنافع وتوزيعها من مملكة الضرورة وحوز المنافع بنقود إلى مملكة عقلانية للحرية من التملك والتحديد الخاص للجهود والموارد. لكن زيجات البروليتاريا مع البرجوازية الصغيرة في نضال الإشتراكية العلمية ضد التملك الخاص لوسائل الإنتاج العامة في ظروف الحياة وحروبها الساخنة والباردة وتفاوت قواها وقدراتها تراوح بين الفشل في مرات وتحقيق النجاح في مرات أخر حسب طبيعة الظروف الذاتية والموضوعية في كل طبقة أو شريحة طبقية أو الظروف العامة في هذا البلد أو ذاك.


    القنفذ والثعلب:
    في إطار العداوة والحرب ضد الشيوعية أنتجت مؤسسات الإعلام والمعرفة المرسملة عدداً من الفهوم والدراسات والآداب التي تحاول تثبيت إستحالة تغيير المجتمعات لأمور معيشتها وطبيعة حياتها بصورة عقلانية مخططة، كما رمت كذلك إلى تجميد إصطلاح الديمقراطية وقصره في حدود عمليات الحزبنة السياسية دون الأحوال الإقتصادية الإجتماعية وشؤونها الثقافية حفاظاً على جبروت رأس المال ومراكزه الدولية.

    وإستندت هذه الأعمال الحربية الثقافية إلى (فلسفة) الشك من ديكارتيه ثم حديثاً للنظرية النسبية في الفيزياء من إينشتاين (كاتب المقال المحبذ للإشتراكية:"الإشتراكية لماذا") كذلك سنمت لنفسها مدرسة في علم الإقتصاد سمتها "النقودية" صاحبها ميلتون فريدمان بئست بتضارب العملات وإنهيارات البررصات، أما في علوم الإجتماع فإكتهفت في أعمال لئيفي شتراوس حول إنتقال الإنسان من البدائية والوحشية الى الحضارة، مع بعض ترهات نهاية الصناعة وسوريالية المعاني، أما في الفلسفة فقد قرت الرسملة ومكارهة الشيوعية إلى السير. كارل بوبر والأخلاط التي أقامها في فلسفته بين كل من إصطلاح "الحقيقية المطلقة"، وإصطلاح "الحقيقة التاريخية"! أما في الأدب فقرت مؤسسات الإعلام والمعرفة المرسملة إلى السير. آزايا برلين (حزيقيا برلين) وروايته المضادة للتغيير الإجتماعي التي سماها "القنفذ والثعلب" محتفياً بالقنفذ وتحولاته الصغيرة مستخفاً بهدر الثعلب لطاقاته، متجاهلا إختلاف طبيعة غذائهما، وذلك رغم أن آزايا نفسه كان يقوم بدوري القنفذ والثعلب في الحرب الباردة ضد التطور المنطقي لحركة الإنسان.


    خ‌- التـطور العـام للدولـة في الســودان
    5- جاوز تطور المجتمع البشري وعلاقاته في منطقة السودان الراهن حال المشاعات القديم مؤسساً:
    and#61695; الممالك الفرعونية حتى 1504
    and#61695; الممالك العربية الإسلامية (سنار 1504- 1820، سلطنة الفور1638- 1916مملكة تقلي "العباسية" 1580-1899، المسبعات، وممالك العرب النييلية في شمال السودان1300-1821)
    and#61695; الخلافة العثمانية الإسلامية في السودان 1821-1885 التي كانت هجيناً للإقطاع ورأسمالية الدولة
    and#61695; الدولة المهدية كأول دولة وطنية شاملة للممالك المتفرقة القديمة وكدولة للإقطاع الديني فالقبلي بفحص لموضوعات الدستور والرق والأراض والعملة والضرائب وتوزيعها والحالة العسكرية أوالمدنية للممالك القبلية في أنحاء السودان وتؤائمها مع الأحوال الدولية المحيطة بالسودان أومع الوضع الدولي للسودان.
    and#61695; الإستعمار الإنكليزي البريطاني للسودان وتشكيله حاله الراهن (2005) وتأثيره في تطور مجتمعه بـ:
    1. قوانين الإدارة العامة (النظام الهرمي الأوامري)
    2. قوانين الأمن وحمل السلاح (تجريد الناس من مصدر قوتهم وتفرد الدولة به)
    3. قوانين الأراضي (تحويل المشاعات والحواكير القبلية لنظام التملك الفردي)
    4. قوانين العملة (تدجين عمليات التبادل والتجارة ومضاعفة قوى السوق)
    5. قوانين الشركات (تشكيل المؤسسات الرأسمالية الحديثة، شركة النور، شركة الجزيرة،)

    6. قوانين الرخص والمعاملات التجارية وقوانين الإستيراد والتصدير( التحكم بالتجارة الدولية)
    7. قوانين الصحافة (تأسيس وتوجيه الأراء)
    8. قوانين النشاط الهدام (محاربة التحرر الوطني والتقدم الإجتماعي)
    9. قوانين المناطق المغلقة (تركيز جهود الإستعمار على مناطق (الحلفاء) "العرب" لتضاريسها السهلة الإستغلال ولمراراتها من التعامل الجهادي العنيف لحكومة خليفة المهدي مع تراكيبها الإقتصادية والسياسية والإجتماعية )

    بهذه القوانين نشأت معالم الطبيعة الرأسمالية لدولة الإستعمار في السودان من حيث:
    and#61695; ظهور النقود والأسعار كمعيار للقيم في الجزء الرئيس لتبادل المنافع بين الناس
    and#61695; إفاضة الزراعة عن حاجة الزُراع ، لهدف الإتجار بها ونصب المال مركزاً قائداً لحياة الناس الإجتماعية وثقافاتهم
    and#61695; تركز منظومة القيم العرقية- الدينية وتوسع منظومة القيم النفعية-العقلانية (قبيلة المصلحة)



    د‌- السـودان: دولـة الرأسمــاليـة التـابعـة، الناهبـة، والمتفتتة:
    بين سنوات 1821 و1925 تبلورت عناصر الإقتصاد الرأسمالي فارضة سيطرتها المثلثة على عصب الحياة السودانية (سيادة النقود عمليات الإنتاج والتبادل، وتحدد الحالة الإجتماعية والسياسية للمجتمع ثروات طبقات وحكومات وسلطات، تحكم أوضاع التملك الخاصة في قطاعات الإنتاج والتجارة الخارجية وإزواج قطاعات الإقتصاد وتبعيتها للخارج: بتبعية القطاع التقليدي للقطاع الحديث، وتبعية القطاع الحديث للأوضاع التي تفرضها الإمبريالية في السوق الدولية ، حيث يمكن التوكيد على الوضع المتخلف المستغل والمهمش لإمكانات السودان ودولته في التنظيم الإمبريالي العالمي للموارد والاسواق.

    وفي وضع شبه لوضع التوزيع الرأسمالي للموارد في العالم تحصل حكومة السودان المركزية على 80% من دخل الدولة من إنتاج الريف، بينما تقوم نفس الحكومة بإنفاق وصرف حوالى 20% فقط من الدخل القومي على نفس الريف!! وتبين الميزانيات الرسمية المتعاقبة للدولة في جمهورية السودان بمختلف أشكال حكوماتها علمانية وإسلامية، عسكرية ومدنية على إن أكثر الدخل القومي والديون، يصرف لتثبيت الوجود الرسمي والعسكري للدولة نفسها وهو وجود مركزي .
    هذا الوضع المقيد لتطور القاعدة الإنتاجية في السودان يسد إمكانات تطورها رأسمالاً خاصةً مع إستحالة توفر مصادر موضوعية لتطور رأس المال نفسه في السودان، فبحكم العصر لاتوجد إمكانات لدخول السودان إلى حالة إستعمار متكاملة لموارد دولة خارج حدوده التقليدية، كما تستحيل إمكانات دخوله إلى حالة من الإستعمار الحديث لمجتمعات أخرى في وقت يأكل فيه الإنتاج الكبير في العالم الإنتاج الصغير.


    خ - أزمــة الدولــة الرأسمالية في السودان
    تكاملت البنية المأزومة إقتصاداً وإجتماعاً مع ثقافة الأوضاع السياسية الإقطاعية والحكومات الرأسمالية المدنية والعسكرية في تأزيم شامل لأسس وأشكال ومؤسسات الدولة وفعالياتها، مما يمكن إستبيانه في مناقشة:
    1- إنخفاض مؤشرات الحكم الصالح (الحريات والشفاف والإنتخاب والمسآئلة والتنمية) لصالح "إستقرار" و"قوة" الحكم،
    2- إضطراب شكل الحكم وأسلوبه بين الشكل والأسلوب المدني و الشكل والأسلوب العسكري،
    3- تراوح السياسات العامة بين السلب ورد الفعل المحدود، والمسكنات واللامسكنات،
    4- الواحدية الطبقية للحالة العنصرية في المجتمع بانواعها الثلاثة:
    أ‌- التي تسمح ببعض التعدد،
    ب‌- التي تعمل على إذابة التعدد،
    ت‌- التي تنفي أصلاً وجود التعدد مما يقيم الدولة على العنف منفردة بممارسته بأشكال ظاهرة وأشكال مستترة.





    د- إرتقاء مطــالب شعوب السودان:

    مع تغول الإستغلال الرأسمالي على معيشة السودانيين وظلم توزيعه الموارد (القومية) بين أقاليم بلادهم بفرضه شروط المؤسسات المالية الدولية ومركزتها للموارد المالية ونزحها فوائض الإنتاج المحلي والتجارة الداخلية إلى خارج السودان بأليات الديون وآليات التجارة الخارجية وتحولت الحدود الجغرافية والتاريخية والإقتصادية الإجتماعية والثقافية بين مناطق ومجتمعات المشاع ومناطق الإنتاج الرأسمالي التابع من نقاط تمازج أو توتر وئيد إلى نقاط صدام وتباعد سريع. وبفعل زيادة ضرورات المعيشة وحاجات الحياة وإرتقاء إمكانات الوعي بتيسر قليل في التعليم والسفر والإعلام والنشاط السياسي خلال عقدي السبعينيات والثمانينيات إرتقت مطالب السكان المهمشين من حالة أولية متناثرة إلى حشد من مطالب إقتصادية سياسية وثقافية متكاملة وواشج ذا الإرتقاء إرتقائين أساسيين وإرتقاءات أخرى: واحد في مجال فلسفة سياسة الإدارة العامة ، وآخر في مجال الإقتصاد:
    and#61695; إرتقاء فهوم ودراسات "الحكم المحلي والحكم الشعبي"(1947-1974) و
    and#61695; إرتفاع نقفات وتكاليف حرب الدفاع عن مركزية الدولة مع التحول الإقتصادي من الإنتاج الحيواني والزراعي الخام وشبه الخام إلى خدمات المراكمة التجارية وإنتاج النفط.

    1- إرتقاء فهوم ودراسات "الحكم المحلي والحكم الشعبي"(1947-1974) :
    مع حدوث وتبلور تجديدات إشتراكية كبرى ماثلة في قيام دول ضخمة في العالم كروسيا والصين والهند وتأسيسها في الأرياف والمدن بنية متكاملة للطاقة والطرق والمدارس والمشافي والمساكن والمشاغل والحرف والصناعات كانت متناسقة مع حاجات وقدرات شعوبها وأساس لتقدم حياتها بحرية من أغلال الإستغلال الداخلي والتهميش والإستعمار الحديث، وقد صارت خبرة الحكم الشعبي وبناءه الناجح في نقل مئات ملايين الناس من مثلث الإستغلال والجهل والمرض إلى حالة التقدم الزراعي-الصناعي الخدمي المتناسق صارت عياراً علمياً عالمياً في التنمية المتوازنة، والتنمية الريفية، إطاره السياسي الإداري العام هو "حكم الشعب" وهو إطار يبنى من القاعدة إلى القمة بالإنتخاب المباشر والديمقراطية المباشرة، يتحكم الناس في كل منطقة في موارد حياتهم من الضواحي إلى القرى والمدن فالإقليم بتمثيل نسبي يراعي تفاوت الأعداد ويراعي نوعية التقدم الطلوب إنجازه إجتماعياً.

    ظهرت بعض كيانات ذلك "التجديد" في واحدة من أضعف حلقات التنظيم المعرفي والعملي في العالم الرأسمالي الحديث وهوامشه في قلب أفريقيا ما بعد الإستعمار ، إذ إنبجس تجديد صغير فريد في السودان الشاسع والمتنوع والمتناقض التشكيلات والمصالح، وذلك في مجال فلسفة سياسة الإدارة العامة للموارد والخدمات وهي عصب تصريف الحياة الإقتصادية والسياسية الحديثة.

    إنبجس التجديد السوداني في فلسفة سياسة الإدارة العامة بصيغة تأثرت بأمرين هما:

    1- صراع المصالح القديم المتأجج بقوة منذ رسملة السودان بقوة الإستعمار القديم في السنوات من 1821 إلى1885، ومن 1898 إلى 1956 ثم حبائل الإستعمار الحديث وسيطرته المالية إلى الآن على طبيعة الإنتاج والخدمات وتركيزه الأموال بصورة عاسفة بحقوق وكرامة الإنسان في مجتمعات أقاليم السودان وقدرة تنظيم الدولة على الوفاء بحاجات الناس بإتساق مع إرتفاع قدراتهم.

    2- الحرب الأهلية في الخمسينيات والستينيات بين مركز التشكيلة الحاكمة شبه الإقطاعية والرأسمالية في "الشمال" وهامش البلاد المقاوم ماثلاً في"الجنوب" .





    ز- بعض عوامل سودانية لظهور فلسفة "حكم الشعب" وتقدمها في مجال سياسة الإدارة العامة:

    خبرة الخبراء المختصين :

    كانت "مؤتمرات أركويت" لنقاش قضايا وأزمات الإدارة العامة في السودان ترتقي بتؤدة إلى زيادة تقسيم المديريات وسلطات المديرين وقد بلغت حد الإنقسام بين تيار قليل من كبار الإداريين يرى مركزة أمور السودان، وتيار غالب من الإداريين الشباب الأحدث تعليماً، يرى ضرورة زيادة تقسيم المديريات وسلطات الإداريين وفي هؤلاء كان الإداري الهمام جعفر محمد علي بخيت الذي تميز في تنظيراته بينهم بناحية شعبية ترى إنتخاب أهل المنطقة لضابط الإدارة فيهم. ومع مقدم سبعينيات القرن الـ20 كان الصراع الداخلي قد إحتدم في السودان بين الكتلتين الأهم في تاريخه السياسي الإداري الحديث:

    الصراع الطبقي

    1- كتلة الحكم والجبروت الممركز والمبتسر لتوزيع الموارد والخدمات لأقاليم البلاد ومواطنيها.

    2- كتلة التحرر والتقدم الإجتماعي المنظوم المخطط أوضاع الدولة وأقاليمها لوفاء حقوق المهمشين



    بشكل وئيد تحقق إنتصار قوى التقدم الإجتماعي المنظوم على حكم شبه الإقطاع والرأسمالية، بتضافر القوى التقدمية في ركائز الدولة الثلاثة: في وسائط الثقافة والإعلام ، وفي تنظيمات الجماهير النقابية والمدنية والسياسية، وبين العسكر، وبذا التقسيم والتضافر في العمل الثوري نجحت قوى التقدم بإنقلاب عسكري قام به تنظيم الضباط الاحرار 25 مايو 1969 في السيطرةعلى مقاليد الدولة الموبؤة بالجبروت الإقطاعي والرأسمالي والمركزية الطبقية ذات الإشكال العنصرية والإقليمية، وسيطرة البنوك العالمية والرأسمالية التابعة لها، وإرتفعت شعارات التقدم وحكم الشعب وسيطرته على موارد وأمور عيشه وتنمية حياته ضد سيطرة مراكز القبائل والمال والتجارة السياسية وممارسات الإستغلال والإستعمار.


    مع ذلك الإنتصار التقدمي في أول السبعينيات أشرقت في أفق الإدارة العامة السودان تنظيرات ونشاطات التجديد الكبير في فلسفة علم ونشاط سياسة الإدارة العامة ومنها تنظيرات "الشمولية" Holism و"اللامركزية" Decentralization الراكزين إلى إنفتاح قيادة أمور الدولة على حاجات وقدرات الريف وقيام كل مجتمع محلي بحكم أمور حياته الرئيسة .

    مثلت تنظيرات "الحكم الشعبي" التي قادها الشاب خبير الإدارة وأستاذ العلوم الإدارية في جامعة الخرطوم د.جعفر محمد علي بخيت جدة خلاقة لفلسفة سياسة التنظيم العام لإدارة الدولة وعملية تغييره من صيغة "المركزية" إلى "اللامركزية". ومع جهود أخرى أكبر منه وأصغر حقق ذاك التجديد وبسرعة كبرى مقدمة منطقية ودستورية لأول حالة سلام في السودان بين مركز الحكم في الشمال والهامش المقاوم في الجنوب.

    ورغم وفاة د. جعفر بخيت في 26 مارس سنة 1976 فعدا بعض قلاقل تكاثرت مع أسلمة الدولة ولبرلة الإقتصاد بداية من يوليو 1976 والمصالحة الوطنية مع أرباب الطائفية والإسلام السياسي وحرية السوق في 1977، فقد إستمر ذلك السلام الموعود بالتنمية عقداً ثميراً من الزمان إمتد وريفاً رخياً من تاريخ 03-03- 1972 إلى تاريخ 16-03-1983 حين حلت بالسلام والوحدة الوطنية شريعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتركيز وخصخصة الموارد، بما فيها نفط الجنوب، وتوالى الإفقار والقمع والقطع مع عودة رئيس الدولة في العاصمة للتحكم في شؤون الجنوب الإدارية والمالية وسماحه بتوسع الطفيلية والتهميش تحت راية الإسلام السياسي ومصارفه.

    لعل ما عجل بوفاة مجتهد تلك التغييرات أنه بعد سنتين ثلاثة من بدء تنظيراته تلك أوقفت مفاعيلها بشروط مؤسسات السيطرة المالية المركزية العالمية (صندوق النقد والبنك الدولي وناد باريس لتجديد الديون الدولية) وهي شروط مثلث الموت : أ- "تركيز الموارد"، وب- "إستقرار الحكم"، و ج "حرية السوق" معاً! وبهذا الحكم المركزي الإستعماري الحديث المثلث تجدد وتفاقم إنحياز مركز الدولة السودانية إلى مركزية السوق والسلطة والنفط.

    وقد أدى فرض المؤسسات الإمبريالية لتركيز الرسملة والسلطة وفتح أنشطة البنوك والتجارة في الموارد والخدمات الضرورة لحياة المجتمع إلى نمو تفاوت إقتصادي وثقافي مهول بين طبيعة الحياة في أقاليم السودان حضراً و ريفاً، وطبيعة الحياة في مركز الدولة، مما زاد منذ ثمانينيات القرن الـ20 مع التهميش والفقر والجوع والطفيلية والفساد مظاهر وحالات التعصب الإثني والديني والقبيلي الضيق.



    ز- عوامل عالمية لظهور فلسفة "حكم الشعب" وتقدمها في مجال سياسة الإدارة العامة:


    الإنقسام في الحركة الإشتراكية العالمية:
    كان قيام "المنشفيك الجدد" بتسميم إستالين وإستيلاءهم على أمور الحزب الشيوعي السوفييتي ودولته وعقدهم المؤتمر العشرين (فبراير 1956) وتوجيهه دفة قيادة الحركة الإشتراكية العالمية من يسار التصدي والبناء إلى يمين السوق الموازية والتعايش السلمي ثم تدخلاتهم المسلحة في المجر وتشيكوسلفاكيا وما أعقب ذلك من صدام بين أولئك المنشفيك مع خط الصين في التطور الإشتراكي والتعاون الدولي وخطوط يوغسلافيا ورومانيا، وتوالي الحزازات والإنقسامات في الحركة الشيوعية العالمية أوربيا ًوآسيوياً وأفريقياً وعربياً وسودانياً.

    الحياد وعدم الإنحياز:
    في الدول الواقعة في محيط سيطرة المراكز الإمبريالية في غرب أوربا وأمريكا صارت الدول والشعوب المستغلة وحتى بعض الأحزاب الشيوعية مفتونةً بشعارات "الحياد الدولي" و"عدم الإنحياز الإيجابي" في الصراع بين الإشتراكية العالمية والرأسمالية العالمية وبأفكار "الطريق الثالث" ذا الرصف التقدمي الإشتراكي.

    الطريق الثالث
    كانت أفكار التطور اللارأسمالي والخصائص المحلية والوطنية للتطور الإشتراكي في كل بلد وتواشج إصطلاحات الشعب والكادحين والبروليتاريا والأغلبية المسحوقة تمثل النقاط الرئيسة في التيار العام لحركة الإشتراكية العالمية في الدول المستقلة حديثاً للخروج من إنسداد طريق الإقطاع وإنسداد طريق الرأسمالية والإستعمار بطريق ثالث هو طريق التطور اللارأسمالي.

    أما في أوربا الإمبريالية فقد كانت تيار "الماركسية الجديدة" neo-Marxism ,ولم يزل يشع بأنوار التجديد الجزئي والتخصص الأكاديمي وبناء الإشتراكية بالقطعة والعمل الأكاديمي والخيري والإعلامي. وفي العالمين: العالم الاوربي والعالم الافريقي-الأسيوي لحركات التحرر كانت تيارات "الجماهيرية الإشتراكية" (Socialist Anarchism) تيارات صاخبة لـ"نزع السلاح" و"السلطة للشعب"Power to the People ، وكان إصطلاح "الشعب" واضحاً في أذهانهم، ومعهم كانت هناك تيارات شتى بعضها قديم جديد وطيد راسخ في تيارات "إشتراكية التعاونيات والتسيير الذاتي"، و"تيارات الإشتراكية العربية" و"الإشتراكية الإسلامية" و"الإشتراكية الأفريقية" وحتى الإشتراكية السودانية. بينما كانت إصطلاحات "العالم الثالث" و"التنمية" تشع بأنوارها على عالم "الدول المتحررة حديثاً".



    س. فلسفة الطريق الثالث في السودان: خير الأمور الوسط:

    وسط ذلك الخضم الثقافي الإعلامي نشأ الأمدرماني (دكتور فلسفة سياسة الإدارة العامة فيما بعد) جعفر محمد علي بخيت شاباً خريجاً جامعياً إدارياً وكان ككل الشباب التقدمي آنذاك متمرداً جسوراً في الإنتماء للمستضعفين والإتجاه إلى المناطق البائسات الداميات في جنوب السودان ثم في جنوب دارفور مثرياً معرفته ووعيه بطبيعة وأسباب الفروق الجسام بين حال العاصمة والمدن الكبرى التي نشأ فيها وحالة تلك المناطق التي رزأ التنظيم المركزي الرأسمالي للموارد أهلها بالبؤس والضنك والشقاء وفي هذا التعارف والخضم السياسي المحيط به لم يرى لتحزب السياسيين في المدن الكبرى أو للعمل الإداري الفردي المباشر في الريف، فائدة في تغيير أوضاع المهمشين، فقر رأيه على طريق ثالث جديد يفيد في تحرير الأقاليم من جبروت ومظالم حكم العاصمة لشؤونهم.



    ش. الطريق الأكاديمي للعدل والمساواة وسطاً بين الحزبية والوظيفة :

    بعد تلك السنوات الضميرية لشاب المدينة والإدارة المركزية في تلك المناطق المظلومة متأثراً من جديه بأفكار العروة الوثقى بين الإيمان الديني الإسلامي، وطلب العلم والمعرفة وإحقاق العدل، والإستقلال، ومتأثراً من أبيه وأمه وأعمامه وأخواله أصحاب التعليم فوق الجامعي بأفكار النهضة والتقدم والإشتراكية ونمو معرفته ووعيه ببعض الأسباب الطبقية العالمية، والعنصرية المحلية لمواصلة حكومات الإستقلال إهمالها وتهميشها حاجات وقدرات تلك المناطق ومجتمعاتها.

    بين هذه الطرق إتخذ الشاب جعفر الصادق طريق الدراسة العالية، وفي قلب المركز العلمي لبريطانيا العظمى نجح في الدفاع عن أطروحته لنيل شهادة الفلسفة العليا في سياسة الإدارة العامة وكانت بعنوان "الإدارة الوطنية والحركة الوطنية في السودان 1919-1937 " وقد إنصبت على تاريخ أعمال وأخطاء الإدارة البريطانية للسودان سياسة وإقتصاداً وإجتماعاً وثقافةً وإيضاح طبيعة المصالح والقوى الرجعية القبيلية والطائفية التي سدنت الإستعمار البريطاني وأعماله وسياساته، مقنعاً أساتذته الجهابزة بالنهج الشمولي المادي التاريخي والجدلي لأطروحته وعناصر دراستها: معلوماتها وتحليلاتها وفروضها وإثباتتها والنتائج التي توصل إليها والأسئلة التي تسمح بإرتقاءها وتطويرها.



    ص. عوامل قيام د. جعفر بخيت بمناهضة سياسة البرجوازية الكبيرة وشبه الإقطاع ضد جماهير الريف:


    العوامل الثقافية في الأسرة:
    بعض قدرات جعفر محمد علي بخيت على المحص والتحقق العلمي كانت جزءاً من حياة أهله اليومية فحتى الجدة الشيخة كانت زوجة زعيم الجبهة الوطنية المتحدة أول الخمسينيات وراعي الشباب الوطني اليساري والإسلامي وممول الإضرابات الشيخ محمد بخيت "حبة" رحمهما الله، كانا يقرءآن لأطفالهما الفقه والصحف والروايات يتناقشان السياسة، وفي ثورة 1924 خرجت الجدة الانصارية مسلحة وكانت تنسخ لزوجها من الكتب بخط يدها الجميل، وتناقشه عناصر رأيه، وفي أوائل الخمسينيات كانت تلك الأميرة تشجع البنات والحفيدات على الإلتحاق بالإتحاد النسائي وتجمعهن لسماع نشرة الأخبار وتذاكر لهم ولحفدتها قصص االقرءآن والسيرة، ونهج البلاغة ومسارد الأئمة، وحجج فقه الجمهور السني في الولاية وما يقابلها من حجج مذهب آل البيت في الإمامة وتمتحنهم فيها غامزة ضد هذا الغلو وذاك. وإذ كانت جدة جعفر من المؤسسات المحتفيات بتعليم البنات حتى أصبحت بناتها كلهن معلمات ثم مديرات مدارس وقت كان تعليم البنات في ندرة لبن الطير فقد كانت تنمي فيهن الإلتزام السياسي بتقدم المجتمع وتمحيص شؤونه العامة ففازت إبنتين من بناتها الثلاثة بقيادة الإتحاد النسائي كل في مدينتها لسنوات وزادت واحدة بالإنابة عضوة في مجلس الشعب1973، وكانت حفيدتها الأولى كانت أول مبعوثة سودانية في بريطانيا أول الخمسينيات، أما عالم الرجال فكان بحكم الظروف التاريخية أفضل وأحسن من ذا خاصة والأرفف والخزائن ملأى بتحف المخطوطات والكتب والمجلات والصحف والشهادات.

    كان بيت (حوش) الشيخ. علي بخيت في أمدرمان منذ تأسيسه في المهدية وحتى هدمه في التسعينيات جامعة ثقافة سياسية لآله، أما البيتين الأخرين في مدينة الأبيض فكانا لجده لأمه الشيخ محمد بخيت "حبة" فكانا مركز تجارة وسياسة نزل فيهم كثير من قادة الحركة الوطنية السودانية في تلك المنطقة قبل أن يصبحوا زعامات سودانية كما زاره الزعماء السوفيت واليوغسلاف والمصريين حين زيارتهم تلك المدينة وكان الوحيد بين الناس الذي يلقبه السيدين الجليلين بلقب "الشيخ" بينما كان هو ينادي رئيس البلاد آنذاك الملقب بالزعيم بإسمه مجرداً (ياا إسماعين). وفي تلك القصور بين المعلمات اليونانيات والقبطيات كان هناك من يرثي ######ه بـ 114 قصيدة، وإذ أصبح أبناء الشيخين وبناتهم وأحفادهم أعلام مهن نظرية فقد كانت حياتهم جملة حياةً عجيبة: فملئها القراءة وبعض نقاش فيها، فقط، إلا والد جعفر فقد كان مع حبه للرياضيات محاسباً في "وزارة" المالية وقد كان رائداً للمسرح ومؤسساً ثم لاعباً ثم رئيساً أسبقاً لنادي المريخ لكرة القدم، وجماعة للشطرنج، وكانت له علاقة ما بجمعية الموظفين والضباط التي كدرت مؤسسي جمعية الإتحاد وجمعية اللواء الأبيض ضد الإستعمار الإنجليزي ثم أسهم كوادرها في تكوين الجمعيات الأدبية السياسية والأحزاب السياسية في السودان.


    المعلم الثوري حسن الطاهر زروق:
    كان خروج د. جعفر محمد علي بخيت على نمط حياة البرجوازية الكبيرة ورفاهية حياتها في المدن وشيجاً بخروج إجتماعاً من ثقافة العائلة الممتدة ومن عشائرية شياخات النافعاب والعمراب القبيلية ومن المثاقفات الدائرية للفقه والصحف والسياسة، وإنتقاله الوئيد عبر التعليم الذي أوهجه أستاذه الشيوعي النضير حسن الطاهر زروق رائد التفكير السياسي الحديث المتكامل في مسألة القوميات السودانية: وتفاوت التطور بينها. كتب جعفر إهداء رسالته الجامعية إليه.


    ثورة 23 يوليو 1952 ومناخ التحرر الوطني والعدل الإجتماعي:
    وعبر الوظيفة الإدارية والمناخ الإعلامي الثقافي بعد ثورة يوليو 1952 ثم الحكم الذاتي وتقرير السودان مصيره وإعلان إستقلال البلاد 1956 من معسكر السادة إلى معسكر الأرقاء أضحى إنتقال جعفر بخيت الذهني والنفسي تحولاً عميقاً أضحى به جزءاً من شريحة البرجوازية الصغيرة وأفكارها التي تنشد التقدم والعدل الإجتماعي ثم سما من ذلك الوضع العام إلى محاولة التأثير في حياة المهمشين عبر تغيير فسلفة سياسة الإدارة العامة في السودان، وعدل تكوين وعمل الحكومة على قاعدة الشعب وبداية منه بدلاً لوقوف الحكومات على رأسها .

    تحققه العلمي والعملي من العناصر الطبقية والثفافية لنظرية المركز والهامش:
    كانت كتلة دراسة جعفر بخيت في جامعة كيمبردج إيضاحاً للصراع بين كتلة الإحتكارات البريطانية وقوى الرأسمالية-شبه الإقطاعية لزعماء السودان المحليين في جهة، والقوى الشعبية (معلمين وموظفين وعمال وزراع ومهمشين)، في الجهة الضد، وهي جهة تبلورت خبراتها وإتجاهاتها الثورية في أربعينيات القرن الـ20 في الكيان الثوري المثلث الإشراق المسمى: "الحركة السودانية للتحرر الوطني"، و"الجبهة المعادية للإستعمار" و "الحزب الشيوعي السوداني"، وقد كان القيام المنطقي لإيضاح د. جعفر بخيت لوقائع التناسق والتعارض بين القوى الإحتكارية والقوى الشعبية بشكل دقيق ثم بشكل العمومي مما زاد قناعتي بجدلية "الأهداف والوسائل" وبأهمية شمولية عملية التغيير ضد شمولية عملية التجزئة والتفتيت والإستغلال والتهميش.

    أوضحت رسالة الفلسفة الجامعية تلك الأسس والأهداف الإستعمارية التي واشجت ديمقراطيات رأس المال في بريطانيا وفي السودان وإرتباط ذلك بعمليتي الإستغلال والتهميش زيادة لقطاع الإستهلاك في المدن الكبرى وفتحاً لقطاع توريد الخامات في الريف ضمن سياسة تتبيع السودان كله مدناً وريفاً للعملية الرأسمالية العالمية لتقسيم العمل بين الدول.


    معرفة أن قدرات شيخ جماعة أقل من مهمات تنمية إقليم:

    كان للدكتور جعفر محمد علي بخيت رأي قديم في حسن إدارة السودان القبيلية (القديمة) قبل الحكم العثماني وفي سنوات المهدية وتفوقها بالهدوء والزراعة والتجارة على الإدارة في دول الممالك القبيلية الشبه إليها، ولكن جعفر بخيت بدراسته الحديثة لعملية تجديد النهب الإستعماري للموارد في السودان وغيره من دول أفريقيا عرف أن عملية تجديد الإستعمار مرتبطة بالضعف البنيوي للإدارة الأهلية بتمركزها الواحد الجُمد وسط مجتمعات تزيد أعدادها وتتنوع حاجاتهاعن قدرة وسلطة شخص واحد على ضبط كل أمور الحكم والضرائب والقضاء والتنفيذ فيها بحياد، وإنه لا يمكن لشخص واحد أيما كانت قدرته القيام بأمور التنمية الحديثة المتكاملة التي يتوجب أن تكون تنمية شعبية، وفي ذاك الوقت أوان تلك الرسالة كانت المذكرات الشعبية والرسمية لإلغاء الإدارة الأهلية من الجسور التقدمية للإشتراكية في السودان، نقلاً للناس من حالة الإذعان والإحتجاج العقيم إلى حالة الفعل وتحمل المسؤولية فبتولي الناس أمور حكمهم بأنفسهم وإنتخابهم مجالسهم الشعبية المحلية وككل أمر جديد: تراوحت نتائج محاولة تغيير فلسفة سياسة الإدارة العامة في السودان بكل تقلباته بين النجاح في مناطق والضعف في مناطق أخرى.


    ضرورة التوزيع العادل لموارد الإنتاج والأسس المادية لحقوق الإنسان:

    مهدت دراسة جعفر بخيت لتناقضات الإدارة البريطانية بشكليها الحكومي والأهلي لإكتشاف أن الأسس المادية لحقوق الإنسان في الماء والغذاء والسكن و العمل والأجور اللازمة لكفاية ضرورات المعيشة والحياة والتعليم والصحة والعلاج والثقافة والإتصال والتنقل والخصوصية والأمن وتنمية حياة المجتمع تتطلب تغيير طبيعة إدارة موارد حياة الأقاليم تغييراً جذرياً من النظام المركزي العاصمي القابض الموزع لهذه الموارد إلى نظام لامركزي تستقل فيه الوحدات الأساسية أو القاعدية لأقاليم الدولة السودانية بالموارد القائمة فيها الضرورة لكفاية حاجاتها الأولية، على أن تتشارك الوحدات أو الأقاليم في تنمية أوضاعها إشتراكية موزونة مخططة بفوائض الثروات القومية الزائدة عن الحاجات الأولية في كل وحدة أو أقليم. وعلى الأقل بمنطق تناسق دعاوى الدولة إذ تطلب الإستغلال لنفسها من سيطرة الإستعمار القديم والحديث بينما تفرض ذات السيطرة على الأقاليم المكونة لها وبنفس التقسيم المطفف للموارد بين مركزها والأقاليم الخاضعة له.



    ض. أشرقت الأنوار:
    قديماً كانت التنظيمات الإدارية لبلاد السودان في أشكالها التعاونية والفرعونية أس نظر مكون لعلوم الإدارة الحديثة والآن بعد آلاف السنين من تلك التقسيمات والنظم الإدارية التي أكلتها زيادة السكان والهجرات والحروب و بعد الريادات الهولاندية والألمانية والإنجليزية والسوفييتية والصينية واليوغوسلافية والهندية والنيجيرية في مجالات سياسة الإدارة العامة كانت فلسفة وسياسة الحكم الشعبي في السودان التي نظمها د. جعفر محمد علي بخيت G. M. A. Bakheit Dr. مقدمة سودانية لبداية تغييرات شمولية في بنيات الدول الأفريقية والآسيوية والأمريكجنوبية حيث لم تزل أكثر الموارد المفاضة من الأرياف تؤخذ للفئات المسيطرة في العواصم والمدن الكبرى! تماماً مثلما تذهب الموارد المفاضة من أكثر دول العالم إلى المراكز الإمبريالية في أوربا وأمريكا وجنان الضرائب التابعة لها.


    وإن كانت اللامركزية الإدارية تركها المرحوم جعفر وليدة غضة في سنتها الثالثة في مواجهة غول المركزية الإقتصادية السياسية المستمر منذً حوالى قرن من الزمان وقيام مركز الحكم في العاصمة بتحديد السلطات والميزانيات والمشاريع والمصالح في الأقاليم فإن وأدها المبكر كشف للناس أهمية وجود لامركزية سياسية، وأهمية وجود لا مركزية إقتصادية ما يسمى حاضراً: "توزيع السلطة والثروة" خاصة مع سيطرة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي وهيمنته المركزية على موارد مجتمعات وشعوب دول العالم وتوجيهه إياها لخدمة حرية السوق التي تسيطر عليها المراكز الإمبريالية.. أي توجيهه موارد دول العالم إلى مهاوي الرأسمالية، خاصة مع تعفن شكلي الرأسمالية القديمين العالميين وهما: الشكل المبرمج المنظوم (Regulated Capitalism) والشكل اللعبي المقامر (Casino Capitalism).






    تفنيد الدعاوى المضادة للامركزية :

    1- الدعوى الاولى هي زيادة التكاليف ورهق ميزانية الدولة بها :
    التفنيد : عنصر الزيادة والرهق لا يرجع إلى اللامركزية القائمة على الحكم الشعبي والعمل الطوعي والإستقلال بالموارد عن مصروفات وتحكمات المركز، بل برجع إلى طبيعة إحتفاظ المركز ببنيات الإدارة العليا المركزية وزيادة الصرف عليها في جانب وتأسيسه في جانب آخر للامركزية شكلية كمزارع لتدجين الباحثين عن عمل وظيفي يمنعها موارد أقاليمها وتنميتها بينما يستمر في الصرف عليها. وهذا جانب رئيس من أزمة الإدارة العامة في البلاد (الرأسـ)مالية.


    2- الدعوى الثانية: الصعوبة النظرية السياسية لأن ينتخب المواطن حكومة له في منطقة عمله أو سكنه!!
    التفنيد: المواطن الذي يستطيع فرز الأحزاب والمرشحين وبرامجهم لإنتخابات البرلمان المركزي بما في ذلك من صخب وضجيج يحتاج جهداً و معرفة أقل لإنتخاب برلمان وحدة سكنه أو عمله.


    3- تسمح بإرتقاء الوظائف قفزاً بالعمود على بعض الخبرات:
    التفنيد : حاجة العمل ونوعية الخبرة هما الأساس في هذا الجدل فإن كانت خبرة الإداري الموظف ترفض حكم الجماهير في مصلحة لها في توزيع أرض أو تغيير مسار فإن الأقل منه خبرة يمكنه القفز بعمود تأهيله العلمي أو بإرادة الناس المنتخبين له ليحل محل الخبير المتصلب، فالإدارة الشعبية بحركيتها غير الإدارة الحكومية الرتيبة.


    4- إنها جهد فوقي من شخص واحد:
    التفنيد: للدكتور جعفر محمد علي بخيت دور مركزي في تنظير اللامركزية والمبادرة بها منذ شبابه وإلى حين وفاته ومنذ كان إداريا جديداً وإلى أن صار أستاذاً للإدارة ووكيلاً ثم وزيراً لوزارتها، ولكنها جزء من تطور وإرتقاء عالمي في أمور السياسة العامة لإدارة الأقاليم-الدول وكان للسودان منذ أواخر الثلاثينيات نصيب في نمو وإنتصار هذا التيار حتى أضحى مطلباً للقوى الكادحة والشعوب المضطهدة في السودان والعالم (يسمونه الآن توزيع السلطة والثروة، والفيدرالية، إلخ)


    ختام الطرق السياسية، والطرق العسكرية، والطرق العلمية:
    وفي كل العالم فإن تناقض وفشل محاولات "الطريق الثالث" في هوامش العالم الرأسمالي ، جدد الأزمة الرأسمالية العالمية في ثمانينيات القرن الـ20 وضدها بدأت في أفريقيا الإستعمار الجديد وفي السودان عملية تجديد شمولية أخرى ضد سياسة ونظم المركزة الرأسمالية والسياسية. وكما في كل أفريقيا تم ذلك التجديد بطبيعتين متزامنتين لم يتحقق في السودان تواشج قوي بينهما:

    1- طبيعة عسكرية مركزها الريف وقضاياه وتحريره من ظلم مركز الدولة في توزيع الموارد والقدرات العامة على أقاليمها ومواطنيها ،

    2- طبيعة مدنية مركزها النقابات ومنظمات حقوق الإنسان ونشاط تيارات التقدم واليسار كينونتها تأجيجات نضال نقابي وإعلامي في المدن ضد الإستغلال والقهر .

    وبغلبة نمط النظر والتفكير الواحد في بعض تجديدات الجانبين الجانب العسكري والجانب المدني لم تتوطد فيهما ككل معرفة ثورية شمولية مستدامة بل تناثرت خبراتهما بيانات سياسية أو أخبار دعائية، كذلك لم تقم بين الجانبين العسكري والمدني صلات ثورية متجددة بل لقاءات متقطعة، وإعلانات سياسية فضفاضة، وككل أمر جديد إذ حقق كل منهما نجاحات، فقد حققا أيضاً تراجعات عن بعض المبادئي التي إنطلقا منها كما قصرا عن تحقيق بعض أهدافهما الأولى.

    وبزيادة التبادلات الدولية -المحلية لمصلحة المراكز الرأسمالية إضافة لإضطراب الأوضاع الطبيعية وزيادة السكان وإرتفاع إمكانات المعرفة والتعلم. وتراكم وتطور الحاجات والمطالب الشعبية وعجز الحكومات المركزية المسيرة بالضغط الإمبريالي ومؤسساته ومصالحها المالية الدولية عن تغيير أسلوب وعلاقات الإنتاج لسد حاجات الناس وإستثمار قدراتهم المتراكمة، فقد تراكمت وتضافرت وتطورت أشكال القمع من حظر المنشورات وممارسة الإعتقال الفردي ووصلت في العهد الممتد منذ سنة 1989 المعرف لنفسه بأسماء "الإنقاذ" و"المشروع الحضاري" إلى حالات التشريد و الإعتقال الجمعي وحرق أو إغراق القرى وتهجير السكان من مناطقهم مع نشوء وتطور عمليات تعذيب وقهر وقتل جمعي ومخاز زاد تسجيلها في تقارير المنظمات الوطنية والعالمية المهتمة بحقوق الإنسان وأودت هذه العمليات بوحدة الوطن السوداني .
    ولكن في إطار الحكم الثيوقراطي-الليبرالي الحاضر في السودان حيث تتركز الإحتكارات السياسية-المالية بشكل مخاتل ديني-عسكري يسم مراكز السلطة وأعمالها فإن القوى الشعبية السودانية بأنماطها الحزبية والنقابية والعسكرية والاكاديمية ومياسمها الليبرالية والثورية اليمنية واليسارية قد شرعت في بناء لا مركزياتها في السودان (الدولة والمجتمع) بوسائلها المتنوعة، مما يؤكد أن "اللامركزية" لم تكن فكرة عبقرية بل كانت ضرورة حياة وتنمية مستدامة وسلم وطيد له ولها الغد المشرق، بينما صارت "المركزية" التي شكلت السودان الحديث عائقاً لوجوده كدولة متوازنة وسبباً لتناحر مجتمعاته ونمو القمع والفساد والتمزق والحروب والتدخلات الدولية فيه.



    د. جعفر محمد علي بخيت ... نقاط حياة

    1. جده الأستاذ الشيخ "علي بخيت" حظي من الشيخ أبو القاسم هاشم بلقب بحر العلوم وكان له إشتراكات متنظمة في "المنار" و"الأهرام" وكان في مجتمع تقاليد الجمهور السنية هاماً بفقه آل البيت وفهمهم للإسلام
    2. والده المحاسب -محمد علي بخيت (نائب وكيل وزارة المالية)،
    3. الحفيد جعفر الصادق محمد علي بخيت،
    4. ولد جعفر بخيت في سرايا جده لأمه الشيخ: محمد بخيت "حبة" في الأبيض في 31 يوليو سنة 1933
    5. ترعرع في أم درمان دارساً في خلوة الإسماعيلية وعند جده ،
    6. درس التعليم الحديث في خور طقت،
    7. دخل الجامعة في يناير 1948 وكان من مصابي التظاهرات ضد الجمعية التشريعية،
    8. تخرج في فبراير 1952 ،
    9. عمل في جنوب السودان حيث عرف مباشرة الطبيعة التهميشية والإستعمارية لإدارة الدولة في السودان
    10. تزوج من إبنة خالته بت أورسود الاستاذة الترجمانة الحاجة فاطمة الزهراء ذوالنون في 15 يوليو 1954،
    11. وعمل في جنوب دارفور حيث عرف مباشرةإن الطبيعة الإستغلالية لإدارة الدولة لم تتغير بعد الإستقلال
    12. حضر للدراسة العليا في جامعة إكستر من 1956- 1958 MA in Public Administration
    13. جامعة كيمبردج من يناير -1961 إلى أكتوبر 1965 شهادة الفلسفة العليا (في تخصص فلسفة الإدارة).PhD
    14. رفض العمل في الجامعات البريطانية والخليجية محبةً لجامعة الخرطوم أستاذاً فمحاضراً
    ومحبة لعمله الإداري نائباً وكيلاً لوزارة الحكومات المحلية ثم وزيراً لها،

    15. أصدقاءه: د. محمد إبراهيم ابو سليم، أ. محمد محجوب حسب الله، أ. محجوب الزمزمي، أ. أبراهيم صابون ، أ.النذير البُر ، أ. عبدالرحمن عبدالله، أ. محمد عمر بشير، د. عبدالرحمن العاقب، أ. عبدالرحمن النصري حمزة ، أبوبكر عثمان محمد صالح، كمال حمزة الحسن، كباشي عيسى، أ.محمد عثمان سرالختم، أبيل آلير، هلري باولو لوجالي، د.منصور خالد، أ. إسماعيل عبدالله الفاضل المهدي، الصادق المهدي، ومحمد أبو القاسم حاج حمد، وآخرين.
    16. أدبه: التخصص العالي في الإدارة العامة، والكتب العيون في التاريخ والدين والشعر والأدب العربي والإنجليزي
    17. عالم قارئي وكاتب في علم الإدارة وفي أدب التاريخ والسياسة، أم كثير من المكتبات والمتاحف الكبرى في العالم.
    18. أحيا مع بعض من رفاقه أعلاه سنة جماعة إخوان الصفا وخلان الوفا في التثاقف بين العلوم والفلسفات
    19. كان جهده الأكبر تحويل السودان من النظام المركزي والقبيلي في الإدارة بما فيه من إستغلال وتهميش وحروب إلى نظام لامركزي يحقق حكم الشعب في كل منطقة لأمور موارده وكيفية توزيعها.
    20. تولى مهام عدداً كان يرفض تلقي راتب عنها مكتفياً براتب الوزارة بلا حوافز أو نثريات
    21. توفي في منزل الإيجار الذي كان يقيم فيه مع أسرته في "الخرطوم" قبيل الفجر 26 مارس 1976
    22. دفن إلى جوار جده وأعمامه وأبيه في أم درمان في مقابر السيد البكري السيد إسماعيل الولي
    23. كان معاشه 137 جنيهاً وتولى الأهل أمر أبناءه،
    24. زوجه وابناءه من أهل القراءات: في الأدب الإنجليزي والقرءآن، وفي الطب، وفي الفلسفة في ثقافة الحقوق والعلوم الإجتماعية، وفي إستراتيجيات هندسة الطاقة، وفي العلوم السياسية.
    25. – إجتمع على تقديره الفقراء والعلماء وزعماء اليسار واليمين في السودان،
    26. كان مشروعه النظري الأهم "إتحاد جمهوريات السودان" .



    -------------------------------------
    --------------------------------------

    African Development Bank
    African Development Report
    African Development Bank, 1999

    Immanuel Wallerstein
    Africa and the Modern World
    Africa World Press, 1986

    Bernard Magubane and Georges Nzongola-Ntalaja
    Proletarianization and Class Struggle in Africa
    Synthesis Publications, 1983

    Gwendolen Margaret Carter
    - National Unity and Regionalism in Eight African States: Nigeria, Niger, The Congo, Gabon, Central African Republic, Chad, Uganda, Ethiopia
    Cornell University Press, 1966
    - Five African States: Responses to Diversity: The Congo, Dahomey, The Cameroun Federal Republic, The Rhodesias and Nyasaland ,South Africa
    Cornell University Press, 1963

    Carl Rosberg Jr and James Coleman
    Political Parties and National Integration in Tropical Africa
    University of California Press, 1964

    Gwendolen Margaret Carter and Charles Gallagher
    African One-Party States
    Cornell University Press, 1962

    Thomas Lionel Hodgkin
    African Political Parties: An Introductory Guide
    Penguin Books, 1961

    Marxism and anti-Imperialism in Africa
    http://www.marxists.org/subject/africa/index.htm

    Immanuel Wallerstein
    Africa: The Politics of Independence and Unity
    University of Nebraska Press, 1961

    Thomas Lionel Hodgkin
    Nationalism in Colonial Africa
    New York University Press, 1957


    Robert Collins
    Problems in the History of Modern Africa, Vol. 3
    Markus Wiener Publishers, 2008

    Robert O. Collins
    The Southern Sudan in Historical Perspective
    Transaction Publishers, 2006

    Riang Yer Zuor
    Modern Sudan: Its History and the Genesis of the Current Crises
    Publish America, 2005

    Amir Idris
    Conflict and Politics of Identity in Sudan
    Palgrave Macmillan, 2005

    Asafa Jalata
    State Crises, Globalisation, and National Movements in North-East Africa
    Routledge, 2004

    Mansour Khalid
    War and Peace in Sudan: A Tale of Two Countries
    Kegan Paul, 2003

    Douglas Hamilton Johnson
    The Root Causes of Sudan s Civil Wars
    James Currey Publishers, 2003

    Catherine Jendia
    The Sudanese Civil Conflict (1969-1985)
    Peter Lang, 2002

    Francis Mading Deng
    War of Visions: Conflict of Identities in the Sudan
    Brookings Institution Press, 1995

    Sharif Harir, Terje Tvedt, Raphael Badal
    Short-Cut to Decay: The Case of the Sudan
    Nordic Africa Institute, 1994

    Deng Akol Ruay
    The Politics of Two Sudans: The South and the North (1821-1969)
    Nordic Africa Institute, 1994


    M. W. Daly and Ahmad Alawad Sikainga
    Civil War in the Sudan
    British Academic Press, 1993

    Abel Alier
    Southern Sudan: Too Many Agreements Dishonoured
    Ithaca Press, 1992

    Peter Woodward
    - Sudan after Nimeiri
    Routledge, 1991
    - Sudan , 1898-1989: The Unstable State
    Lynne Rienner, 1990

    Mohamed Omer Beshir
    Southern Sudan, Regionalism and Religion: Selected Essays
    Graduate College, University of Khartoum, 1984

    Dunstan Wai
    The African-Arab Conflict in the Sudan
    Africana Publications,1981

    Edgar O Ballance
    The Secret War in the Sudan (1955-1972)
    Archon Books, 1977

    Mohamed Omer Beshir
    The Southern Sudan: From Conflict to Peace
    Barnes and Noble Books, 1975

    Cecil Eprile
    War and Peace in the Sudan (1955-1972)
    David and Charles, 1974

    Dunstan M. Wai
    The Southern Sudan: The Problem of National Integration
    Routledge, 1973

    Mohamed Omer Beshir
    The Southern Sudan; Background to Conflict
    C. Hurst and Co., 1968

    Peter Malcolm Holt
    A Modern History of the Sudan: From the Funj Sultanate to the Present Day
    Weidenfeld and Nicolson,1961>>> 1967


    G. M. A. Bakheit
    The British Administration and the Sudanese Nationalism Movement (1919-1939)
    PhD thesis, St. John Collage, Cambridge University, 1965


    G. M. A. Bakheit,
    * Holism Theory in Policies of Public Administration=
    Arabic term; ‘Al-Shomouliah’ (=Holism) (= Intricacies-Interactings System) see;
    G. M. A Bakhit; Holism Revolution and People’s Governing [ in Arabic: ‘‘Al-Thawora Al-Shomuliah wa Al-Houkum Al-Sha^abi’’
    * Dialectics of Structure theory and Chaos theory in the policy of Public Administration, (=Decentralization) Arabic= ‘‘La-Mrkziah’’
    Publications of Sudan’s Ministry of Local Governments, 1972, 1974

    H. Priesmeyer
    Organizations and Chaos: Defining Methods of Nonlinear Management
    Quorum Books, 1992

    M. Feigenbaum
    Quantitative Universality for A Class of Nonlinear Transformations
    Journal of Statistical Physics, No: (19). 1978

    S. Kauffman
    The Origins of Order: Self-Organization and Selection in Evolution.
    Oxford University Press, 1993

    S. Kellert
    In The Wake of Chaos: Unpredictable Order in Dynamical Systems
    Chicago, The University of Chicago Press, 1993

    Zohar and Marshall,
    The Quantum Society: Mind, Physics, and a New Social Vision
    NY, William morrow, 1994

    P. David and D. Johnson
    Chaos Prevailing on Every Continent, Towards a New Theory of Decentralized Decision-Making in Complex Systems
    Kent University, Chicago University, 1997

    H. F. W. Dubois and G. Fattore
    Definitions and Typologies in Public Administration Research: the Case of Decentralization
    International Journal of Public Administration, 32(8): 2009

    L White
    Effective Governance, Complexity Thinking and Management Science
    Systems Research and Behavioral Science, 2001

    A Haveri
    Complexity in Local Government Change, Limits to Rational Reforming
    South Bank University, Public Management Review, 2006

    Bogdanov*
    Tektologiya: Vseobschaya Organizatsionnaya Nauka (3. Volumes) Moscow, 1922
    Tektology: The General Science of Organization,
    Trans. George Gorelik, Seaside, CA, Intersystems Publications, 1980



    Peter Dudley,
    Bogdanov s Tektology
    University of Hull, Centre for Systems Studies, 1996

    *آلكساندر بوجادنوف: (1873-1928)
    آلكساندر بوجادنوف: (1873-1928) ثوري (بلشفيك)، طبيب وعالم في الخلايا والدم، فيلسوف في النظم ، وأستاذ جامعي في الإقتصاد، منظر ذو رؤى، صاحب خيال علمي برواية سماها "النجم الأحمر" عن قاعدة إشتراكية في كوكب المريخ ينتقل إليها الناس بصورايخ تتحرك بالإنشطار الذري، زمانذاك (1908)، وقدم في الرواية صورة العالم الجديد حيث الصحة والتعليم والعمل والسكن لكل الناس والسواء بين النساء والرجال وهي بديهيات حياتية إشتراكية قائمة الآن كان الكلام عنها آنذاك يعد خيالاً خبالاً!!

    ضمن النشاط الثوري العمالي نمى حركة الفمينزم (النسوية)، فسبق عصره وجنسه إلى هذه المنحى الكريم ، وبعد الثورة رفض الوزارات والإدارات مؤسسأ أكاديمية الإتحاد السوفييتي للعلوم الإجتماعية، وإذ رفض بجدانوف مناصباً عددا قبل الثورة وبعدها، فقد أنفق حياته كداعية ومحرك ناظم لـ"برتلة الثقافة" بدلاً لأقانيمها ونهجها البرجوازي الإستغلالي والإستهلاكي الفردي، وإخراجاً لثقافة المجتمع من سمات الصورية والجزئية الطاغية بها والباثة سمومها في أرجاء الحياة.

    مع كثرة تنظيره وندرة إشتغالاته العملية طُرد بجدانوف من قيادة الحزب، فأسس معهد أبحاث الخلايا والدمGenetics وبلغ به شأواً عالياً لم يزل العالم يفيد منه. كذلك راد بجدانوف تنظير الشمول والتداخل والتواشج عند النظر العلمي إلى القضايا ضداً لتنظيرات الجزئية المفردة المشتتة بفردية (التخصص) وتفاوت الباحثين فيه بفوضى تؤخر كثيراً. وأسهم وآخرين مع ستالين في صوغ فريد لتنظيرات وأفكار "المادية الجدلية" و"المادية التاريخية" وتحويلها من حالة النظر إلى دولة وحكومة ومياه ونظيفة وكهرباء ومساكن وأعمال ونقل ومواصلات وتعليم وعلاج وقدرات علمية ودفاعية وسياسية كبرى، وهي تنظيرات وأفكار كانت المجلدات والنقاشات الضخمة للتفكير الإشتراكي تحتويها إحتواء السماء النجوم.


    الرؤية الشمولية في الكهارب والفيزياء الدقيقة في بريطانيا بين الأربعينيات والخمسينيات في القرن الـ20
    Lancelot Law Whyte
    Unitary Pricables: A Dimensionless Physics?
    http://en.wikipedia.org/wiki/Lancelot_Law_Whyte

    الرؤية الشمولية في العلوم الطبيعية وماظهر من الأفكار الإجتماعية: القرن الثامن عشر للموسوعي البلقاني الأصل روجر بوسكوفيك (1787-1711) فيزيائي، وعالم فلك،، وفيلسوف، مهندس ، وشاعر.
    Ruger Boskovic
    http://en.wikipedia.org/wiki/Roger_Boscovich

    الرؤية الشمولية في إنفتاحها من الحياة إلى الطبيعة فالحياة الإجتماعية بواسطة النمساوي لودفيج برتالانفي 1911- 1972 منظر نظرية النظم العامة GST ونظرية النظم المنفتحةOST
    Ludwig von Bertalanffy
    General System Theory
    http://en.wikipedia.org/wiki/Ludwig_von_Bertalanffy


    في علم النفس والفلسفة الشمولية
    J. Smuts*
    Holism and Evolution
    Macmillan and Co, 1926
    http://www.archive.org/stream/holismandevoluti032439mbp/holi...ti032439mbp_djvu.txt,

    • جان كريستيان سمتوس (1873-1950) قانوني وعلومي وقائد عسكري إستعماري وديبلوماسي ورجل دولة من أكبر قادة بريطانيا العسكريين خلال الحربين العالميتين، وكذا من مؤسسي عصبة الأمم و الأمم المتحدة وواضعي نظمها ومواثيقها الدولية للأمن والسلم الدوليين، وبعدما كان قائداً في عملية نزع جنوب أفريقيا من الهولانديين أسهم ج. سموتس في تأسيس وتنظيم إتحاد جنوب أفريقيا وإتباعه إلى إنجلترا ثم إنتهى إلى تأسيس الكمونولث البريطاني بعد الحرب العالمية الثانية..

    Susan George
    A Fate Worse Than Debt
    Grove Weidenfeld, 1990

    William Easterly
    The Effect of IMF and World Bank Programs on Poverty
    World Bank, October 31, 2000
    http://www.imf.org/external/pubs/ft/staffp/2000/00-00/e.pdf

    Eswar Prasad, Kenneth Rogoff, Shang-Jin Wei , M. Ayhan Kose
    Effects of Financial Globalization on Developing Countries: Some Empirical Evidence
    IMF, March 17, 2003
    http://www.imf.org/external/np/res/docs/2003/031703.pdf

    Philip Locker
    Global Capitalism and Socialist Alternative :The IMF, World Bank, and the Global Economy
    http://www.socialistalternative.org/publications/imfwb/

    Kevin Danaher
    10 Reasons to Abolish the IMF and World Bank
    Seven Stories Press, 2001

    Richard Peet
    Unholy Trinity: The IMF, World Bank and WTO
    London, Zed Books, 2003

    Douglas Hamilton Johnson
    The Root Causes of Sudan s Civil Wars
    James Currey Publishers, 2003


    Kjell Havnevik
    The IMF and the World Bank in Africa: Conditionality, Impact, and Alternatives
    Uppsala, Scandinavian Institute of African Studies, 1987

    John de Prendergast
    - Blood Money for Sudan: World Bank and IMF to the "Rescue"
    Africa Today, 1989
    - God, Oil and Country: Changing the Logic of War in Sudan,
    International Crisis Group, (Africa Report, 39), January 28, 2002


    Kris McCracken
    The Third Way: Post-ideology or Politics as Usual?
    School of Government, University of Tasmania
    http://www.utas.edu.au/government/APSA/KMcCrackenfinal.pdf

    Slavoj Zizek
    - Third Way
    http://www.lacan.com/zizway.htm
    - Mapping Ideology
    Verso, 1994

    Bernard Magubane, Philip Bonner, Jabulani Sithole, Peter Delius,JanetCherry, Pat Gibbs, Thoama April
    The Turn to Armed Struggle
    http://www.sadet.co.za/docs/RTD/vol1/SADET1_chap02.pdf , 2004

    Mawut Achiecque Mach Guarak
    Integration and Fragmentation of the Sudan: An African Renaissance
    Author House, 2011

    SPLM/A
    Civil War-The SPLM/A Evolution and Struggle for the New Sudan
    http://www.splmtoday.com/index.php?option=com_contentandview=a...icleandid=12andItemid=30 , 2007

    The Right to be Nuba: The Story of a Sudanese People’s Struggle for Survival
    International Nuba Co-ordination Centre

    Summary Report of the First All Nuba Conference
    http://www.sudanarchive.net/cgi-bin/pagessoa?a=pdfandd=Dslpd230anddl=1

    Sudan Human Security Baseline Assessment (HSBA)
    Beja Congress
    http://www.smallarmssurveysudan.org/pdfs/facts-figures/armed...ps-Beja-Congress.pdf

    The Struggle of the Beja People in Eastern Sudan
    http://www.theird.org/document.doc?id=132


    Darfur
    http://www.globalsecurity.org/military/world/para/darfur.htm

    Kush Liberation Movement (Nubia)
    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=40724
    http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=22902


    تاج السر عثمان
    خصوصية نشوء وتطور الطبقة العاملة السودانية (and#1633;and#1641;and#1632;and#1632;-and#1633;and#1641;and#1637;and#1638; ))
    الشركة العالمية‎, 2007

    منال محمد نصر الدين الامين‎
    الحركة النقابية السودانية ودورها في السياسة (1956-1985
    مطبعة مجلة روايات الجيب‎, 2005

    محمد سعيد القدال‎
    معالم في تاريخ الحزب الشيوعي السوداني
    دار الفارابى للنشر والتوزيع‎, 1999

    Mahgoub Sid Ahmed
    Human Rights and the Development of Workers’ Movement in Sudan (1946-1996)
    Collected: Ali Mahgoub, Translated:Mahgoub El-Tigani
    Sudan’ Human Rights Organisation- Cairo Brnch , 1996
    http://www.shro-cairo.org/reports/01/sidahmed.htm
    محجوب سيدأحمد
    الحركة النقابية وحقوق الإنسان
    المنظمة السودانية لحقوق الإنسان- فرع القاهرة، 1996

    Norman O Neill
    Imperialism and Class Struggle in Sudan
    Race and Class , Volume 20 (1): , Sage , Jul 1, 1978

    Carole Collins
    Colonialism and Class Struggle in Sudan
    Middle East Research and Information Project No 46, Cambridge. MA., 1976

    Norman O Neill
    Sudan and the National Revolution Democratic
    Department of Sociologyand, SocialAuthropology,University of Hul, l975

    عبدالمنعم الغزالي
    الشفع أحمد الشيخ والحركة النقابة والوطنية السودانية
    دار الفارابي
                  

11-28-2013, 04:55 PM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    إكسبو2020 وكنتِ لها يا دُبـــــــــي

    * أحمد إبراهيم (كاتب إماراتي)
    البريد الإلكتروني: [email protected]
    .
    ما عهدت منذ كتبتُ أن أكتب ما كتبته مرةً أخرى.!

    خاصةً منذ أن أتيح لقلمي المتواضع مساحات واسعة وقيّمة للنشر وهو دون المستوى، أن أكرّر ما تم نشره عنواناً ومضموناً، إلا أنّني وجدت هذه المرة القلم يقفلُ راجعاً للجيب إلاّ وبتكرار العنوان السابق (إكسبو2020 وأنتِ لها يا دُبـــي) بإحلاله محلّ (إكسبو2020 وكنتِ لها يا دُبـــي).!

    فوز دُبى عيونٌ من وراء الشفق، تشتهي الفور للعواصم كلها، القريبة منها والبعيدة .. دبيُّ كلّنا خليفة تحتفل اليوم، لزفاف في الرياض غداً، والدوحة بعد غد، والكويت ومسقط والمنامة وغيرها، والترنيمة مشتركة (كلنا إمارات، كلنا خليج وكلنا إنتصارات)
    • فتلك طموحاتك يا دًبى!
    وكنتِ لها يا دُبي!
    • وأنتِ لها يا دُبى.!

    الفوز سمةُ النجاح، والنجاحُ شعارُ دبي، وكلها شعاراتُ حاكم دبي سموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ، ورثها من أب عن جد منذ الّلبِنة الأولى لوالده المرحوم الشيخ راشد بن سعيد، الذي زرعها تلك اللبنة في الصحراء وعلى بعد خمسين كيلو من المدينة وسماها (جبل علي) جنيناً للإنجاب دون الإجهاض: (هونغ كونغ الشرق الأوسط.!)


    والمولود إصطلب عوده اليوم (دبى القرن الواحد والعشرين)

    • دبي محمد بن راشد وأشباله.!

    • دبي المركز العالمي للأعمال والترفيه.!

    • دبى الإقتصاد الرقمي الإسلامي العالمي.!

    • دبي (برج خليفة) أعلى برج في العالم.!

    ثم واليوم :
    • دبىُّ إكسبو2020.!

    ولا ندري ماذا تخفي لنا دبي الغدوبعد الغد..!



    العالم العربي بالحضر والريف، بالمُدن القُرى، بالبداوة والأرياف ما أكبرها ما أكثرها ..؟ من يدري؟ ... ثم ودبي ما أصغرها بشوارعها وسكيكها بسنخية بيوتها الطينية القديمة.! من يدري؟



    نعم لا يدري، يدري أن سباقات دبي ليست بالسرعة وإنما بالقدرة والجودة، ونجاحات دبي تكمن في أنها تجيد كل لغات البناء بالحب والعطاء، ولا تفهم لغة العداء!

    دبي تبني ذاتها بالذات وبالغير، ودون التجسس على الغير.

    ودبى ترحب بالغير، ولاتتدخل بشؤون الغير.!



    نحن في زمن شقّ العالمُ نفسه الى شقين: عالمٌ شفّافٌ متحضر وآخر غامضٌ متخلف متعنّف، الأول يخشى على معالمه العمرانية من الزلزال والتصحّر وهو بأحدث التقنيات، والآخر يخشى على مدنه وحضره من الترييف وهو بأجود العقول.! ..



    إما خيول دبي، فإنها إجتازت تلك العواصف والمعابر بثقة ويقين، وأرست قواعدها على محطة، لاعودة منها ولا تراجع!

    سرُّ نجاحات دبي في أنها تتكلم دون لفّ ودوران.

    والسرّ الأعظم في أنها تتكلم بالصوت المرئي في المنجزات فقط، وتخطّط لمنجزات ما بعد المنجزات بالصوت الخفي.!



    (تويتر) و (فيسبوك) عملاقتا الإنترنت أين مقرهما في الإقليم؟ وقبلهما أين إتجه إمبراطور الشبكة العنكبوتية (مايكروسوفت) لتختار مكتبها في الإقليم؟ وعلى غرارها أين إستقر غريمها (الآبل ماكنتوش.؟) .. وذلك لأن دبي لاتتكلم في الذكاء الرقمي وكأنها هى المايكروسوفت و الآبل ماكنتوش، وإنما تسمح لكل شأن أن يتكلم بشأنه لينال كل ذي حق حقه.


    أعذروني، لعلّي ترنّمت كثيراً (دبي) وهى ترنيمةٌ لاتعني عضواً دون عضو في جسم الإتحاد، دبي تعني شقيقتها (أبوظبي) العاصمة، وتعني جارتها الشقيقة (الشارقة) العاصمة الثقافية، وتعني كل الإمارات السبع بقياداتها ومعالمها وحضاراتها في رعاية صاحب السمو رئيس الدولة الشيخ خليفة بن زايد آل النهيان حفظه الله رئيس الدولة، ونائبه سمو الشيخ محمد بن راشد آل المكتوم رئيس الوزراء نائب رئيس الدولة.



    في 2 ديسمبر 1971، دبي آمنت بالإتحاد في مهده بمنطقة "سيح الشعيب" عندما إلتقيا الوالدان زايد وراشد رحمهما الله في بداية السبعينيات ببقية أخوانه الأشقاء أعضاء المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية الحبيبة، وأكدوا بالإجماع على أن كل إمارة مهما صغرت ستكبر بالإتحاد وتصغر بالإنفراد، وبالفعل كبرت والحمدلله .. وما سرّ نجاحات الإمارات عربياً وإسلامياً الاّ بالوحدة الإماراتية يداً واحدة في هذه البقعة الآمنة من الوطن الحبيب .. وما سرّ خسائر العرب والمسلمين الا وهم منقسمون مختلفون في البقاع الأخرى.



    إكسبو2020 أتتك وأنتِ لها يا دُبي .. لقد فاجأتِ الكون بمهرجان الإبداع التنظيمي، فرسانه شبّان إماراتيون في عمر الزهور، ومنافسوه مخضرمون دول عظمى كروسيا وبرازيل .. هؤلاء الفرسان الشباب سيسطّرون خيرات الربيع المخضرم بأعلى المستويات عام 2020 .. قد تفوق على ما سطّرته ألمانيا بهانوفر إكسبو2000، واليابان بناغويا إكسبو2005، والصين بشنغهاي إكسبو2010 .. وحتى على ما قد ستفعله إيطاليا بميلانو إكسبو2015



    أخذتيها يا دُبي وأنتِ أهلٌ لها .. فإن كانت الامم المتحدة تعتبر نفسها متعددة الجنسيات بأعلام 190 دول على سقفها، فإن دبي تسكنها 265 جنسية، وتمر عليها بحرا وبرا وجوا كل الجنسيات بالمئات والملايين التي قد تتضاعف لعشرات الملايين بحول 2020



    وإن خرج من يستنكر علينا هذا الفوز الساحق فإبن الإمارات كفيلٌ به، أكان المستنكر من الأشقاء او الأعداء وثم ولله الحمد لا أعداء لنا.!



    واما الأشقاء إن ضجروا وإشمأزّوا .. فلهم من إمارات المحبّة غداً كعكة إكسبو2020 الدسمة، حول تلك المائدة المستديرة التي أجمعتنا وستجمعنا دائماً بأبنائنا، وأبناء أبنائنا وبنو عمومتنا بالقهوة الإماراتية نكهتها خليجية، لذّتها عربية، صبغتها عالمية ..

    فإلى ذلك الغد يا أحبي...!


    *كاتب إماراتي
    بودّي وإحترامي ....
    أحمد إبراهيم – دبي
    رئيس مجلس إدارة
    مجموعة يوني بكس العالمية
    www.unipexTRADE.com
    الجوال/00971506559911
    البريد الإلكتروني: [email protected]
                  

11-29-2013, 04:44 PM

عبد الله بابكر

تاريخ التسجيل: 09-04-2009
مجموع المشاركات: 312

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    فتحي الضَّـو
    فتحي الضَّـو

    ودنت ساعة التفاف الساق بالساق

    فتحي الضَّـو
    [email protected]
    في البداية أرجو ألا تسأمون أو تضجرون أو حتى تيأسون من تعابير ظللنا نكررها في الآون الأخيرة ومن ضمنها العنوان أعلاه، أو عن إيمان العجائز حول حتمية سقوط نظام العصبة ذوي البأس، أو ما سبق وتنبأنا باحتمال حدوثه عن (ليلة السكاكين الطويلة) تلك التي أوردنا فيها حيثيات نكاد نراها رأي العين برغم المسافات الطوال التي تفصلنا عن وطن بات يقف حائراً بين الألم والأمل. أما وإن كنت اليوم سأكتب استناداً على معلومات جديدة توفرت لنا فيما سبق ذكره، أرجو ألا يسألني سائل عن عذاب واقع على عصبة فتحت الباب على مصراعيه لكل وسائل التغيير والبادي أظلم كما تعلمون. فهذه العصبة التي تحكمت في حاضرنا ومصائرنا، قبرت ما سُمى بالتسامح السياسي السوداني في أسفل سافلين، شيعت المُثل والقيم والأخلاق السودانية إلى مثواها الأخير، حرمت حلالاً ساقه الله رزقاً على عباده، وحللت سفك الدم الحرام والتنكيل بالمعارضين، عبثت بعقيدة من جُبل على دين الإسلام بالفطرة فوضعتهم بين خيارين، إما أن يفروا بدينهم أو يفروا من دينهم. وفي كلٍ، لو أن أبي الطيب المتنبي عاش بين ظهرانينا، لكان المواطن السوداني المغلوب على أمره هو من عناه بقوله (كفى بك داءً أن ترى الموت شافياً)!
    دعونا من المعلومات وأسرارها وليُحكِّم كل منا عقله ويفتح عينيه على هذا الواقع البئيس. أنظروا وقولوا لنا ماذا ترون في بلد وصلت حد الإفلاس؟ ما الذي ستقولونه عن فساد صَمَم صانعوه على استنزاف موارد هذا البلد حتى آخر قطرة؟ ما الذي ستقولونه عن عصبة استبدت لدرجة بات فيها الرئيس الضرورة يمن على الناس بتوافه الطعام عند أصحابه (الهوت دوق) ووقواقة كمهدي إبراهيم يدمغنا بما لا عين رأت ولا أذن سمعت عن رفاهية حلت بنا في الأيام الغابرة، و(طفل معجزة) كمصطفى عثمان يمارس فينا هوايته في الجهل، فينعتنا بالشحادة كأن ليس في وجوهنا مُزْعة كرامة وهي آخر ما تبقى لنا من موروث نفتخر به في هذه الدنيا الفانية، وإِمَّعَة كعلي محمود عبد الرسول وزير المالية الذي اختلطت عليه حسابات الحقل والبيدر، إذ رأى في ما يرى الواهم أن الذين امتطوا الدواب الفارهات، وسكنوا القصور العاليات، ولم يروا في القرآن سوى آية النكاح، هم السودانيون الذين يحكمون. في حين غضَّ البصر عن الذين يتضورون جوعاً، ويشهقون معاناةً، ويزفرون أسىً، في بلاد أصابت فيها عصبته البشر فأفقروها ومسوا فيها الحجر فقسموها!
    دعوكم من قولهم ومن قولنا أيضاً، وكروا البصر مرتين فماذا ترون في الأفق؟ بعد ربع قرن يقف الناس صفاً صفاً بحثاً عن الخبز والصبر. بعد ربع قرن يصل ثمن كيلو الطماطم نحو 25 جنيهاً وهي طعام الفقراء والمساكين والمؤلفة قلوبهم. بعد ربع قرن، ليس سعرها فحسب بل ذات الطماطم تُستورد من أثيوبيا، ويتبعها الثوم من إيران ويزيد عليهما السكر من الجزائر وما زال هناك من يردد بأن البلد الذي يتسول طعامه سيكون سلة غذاء العالم؟ هل يُصدق عاقل أن الحصول على اللحم صار حلماً متمنعاً في بلدٍ الثروة الحيوانية فيه تقارب عدد النجم والحصى والتراب. أنظروا في الأفق هل ترون ديوناً وصلت لأكثر من 43 مليار دولار وكانت نحو ربع ذلك يوم أن سطوا على السلطة. هل ترون أكثر من 70 مليار دولار من مدخولات البترول وقد ذابت كما يذوب الآيسكريم في أفواه ابناء العصبة. أنظروا فهل ترون شباباً عاطلاً، بلغ بحديث النسب نحو 47% ومنهم من بات يلوذ بالمخدرات والخمور للهروب من هذا الواقع الأليم؟ أمعنوا النظر فهل ترون بنوكاً على شفا حفرة من الانهيار؟ لعلكم أدركتم لماذا صار الإنسان السوداني رخيصاً إلى درجة يعاد فيها تصديره إلى بلاده بعد هروبه من جحيمها؟ أنظروا مثنىً وثلاثاً ورباعاً، فلن تروا سوى بلدٍ وصل حد الافلاس، اقتصادياً وسياسياً وفكرياً وثقافياً وسدنتها ما زالوا يكابرون بدرجةٍ تضاءل فيها الأبالسة وتقزَّم الشياطين!
    دعوكم من قولهم وقولنا، فسوف أذر على سمعكم قولاً ثقيلاً نطق به الآخرون. فكلنا سمع بقائد عبقري اسمه مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق وصانع نهضتها الحديثة. ففي نوفمبر من العام الماضي عنَّ للعصبة الحاكمة أن تدعوه لمؤتمرٍ من مؤتمراتهم التي لا تُحصى ولا تُعد. احتفوا به وفي نفوسهم شيء من حتى، وتحدثوا إليه كمبعوث رسالي وفي أصواتهم غُنَّة فقالوا: كيف يمكن أن ننهض ونصبح مثل ماليزيا؟ لم يقل الرجل لهم حياءً إنهم في ماليزيا تعايشوا بمللهم ونحلهم في بلد متعدد القوميات والديانات واللغات. لم يقل لهم إنهم لم يدّعوا زوراً أن الله تبارك وتعالى ابتعثهم لإخراج الماليزيين من الظلمات إلى النور. لم يقل لهم إنهم جعلوا بينهم وبين الفساد سداً وحالت الديمقراطية بينهم والاستبداد. صمت الرجل وقال بإيجاز مقصود: إذا أردتم أن تصبحوا مثل ماليزيا فعليكم بإرجاع مبلغ الـ 12 مليار دولار المُودعة في بنوكنا، فماليزيا ليست في حاجة لها وبلادكم أحوج.. ثم استقل طائرته وعاد أدراجه!
    تلك ساق - يا رعاك الله – ولكن أين الساق الأخرى التي سيساقون فيها إلى حتفهم. لا شك أنكم كنتم تعلمون مثلي أن العُصبة يتنازعها فريقان طيلة سنوات ما بعد انقسامها أو مفاصلتها في العام 1999 الأولى عُصبة علي عثمان محمد طه، والثانية عصبة نافع علي نافع. وهذان الفريقان ظلا يتصارعان في الكواليس مداً وجزراً، بمعنى أن فريقاً يستقوى على الآخر في مرحلة ما وفقاً للظروف المحيطة حتى يظن أن الدولة (السايبة) قد دانت إليه. لكن فجأة تتغير المعادلات، فيظفر الطرف المستضعف برداء الطرف القوي فيوحي لناظره أن الدولة المهترئة جاءته تجرجر خيبتها، وهكذا دواليك كما يقول اللغويون. أما الواقعيون فيقولون أن الفريقين انشطرا الآن لنحو عشر فرقة ليس من بينهم فرقة ناجية. فدولة العصبة الآن هي محض جزر لا رابط بينها غير الشحناء والبغضاء والمكائد التي يحيكونها لبعضهم البعض، بدرجة فاقت ما كان دائراً في أروقة قصور خلفاء الدولة الأموية والعباسية معاً!
    في خضم تلك المعمعة التي تسمع لها تغيظاً وزفيراً هذه الأيام، انتقل الرئيس الكذوب من حالة الديكتاتورية الجماعية إلى ديكتاتورية الفرد، وبات يتحكم في مسار الدولة وفق أهواءه ويطارده هاجس التآمر الذي شارك في نظم خيوطه من قبل، ويقلقه نبأ المحكمة الجنائية وإن تطاول الزمن. ولعمري فقد صدق (خاله الرئاسي) المدعو الطيب مصطفى في حديثه لوكالة الأنباء الفرنسية قبل بضع أيام (21/11/2013) وأفصح فيه عن خائنة الأعين وما تخفي الصدور فقال: (يريد الاستمرار في السلطة ليحمي نفسه من المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت مذكرات اعتقال بحقه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور) وزاد أيضاً بما كان يستحي من ذكره من قبل (لا أحد من الحزب الحاكم يجرؤ على الوقوف في وجه البشير، وأن قيادات المؤتمر الوطني يتبعونه مثل قطيع من البهائم التي تتبع الراعي) ولعلم الذين لم تحفظ ذاكرتهم ما كتبنا من قبل وهم غير ملومين، نقول إن المنعوت بديكتاتورية الفرد هذا كان قد طرح نفسه فيما سبق طرفاً محايداً بين عصبة علي عثمان وعصبة نافع علي نافع بدعوى أنه متفق عليه.. ولنتأمل الآتي الذي يزيح بعض الغيوم!
    كخلفية ضرورية لما نود أن نقول، رحل قبل أيام قليلة خلت عبد الوهاب محمد عثمان، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وهو بين يديه الآن. والمذكور عرف بين عصبته بالدقة الشديدة والنزاهة ولكنه لم يشذ في ما ظلوا فيه متفقين من صفات أخر. كانت وزارة الصناعة هي آخر منصب شغله عبد الوهاب قبل رحيله، وهو ختام لرحلة طويلة بدأت منذ أن تسلمت عصبته السلطة في يونيو 1989 وللذين لم يقرأوا كتابنا الأخير (الخندق/ دولة الفساد والاستبداد) الذي صدر العام الماضي، نقول كان عبد الوهاب ضمن منظومة (السواقين) وهي خلية من الأجهزة الخاصة، تضم مدنيين موصولين بالعسكريين ليكونوا وسطاء بينهم والقيادة التنظيمية للانقلاب. وإلى جانبه كنا قد ذكرنا أيضاً علي كرتي وأحمد علي الفشاشوية والزبير محمد الحسن ومحمد حسن المقلي (شقيق عبد الله حسن أحمد) وعلي الروَّي (والأخيران انتقلا للدار الآخرة) وآخرون. (أنظر الخندق/ الفصل الثاني بعنوان النوم مع الشيطان ص 114) ومنذاك الزمن تمرحل عبد الوهاب في علاقته حتى أصبح مقرباً من المشير البشير أو الحاكم بأمره الآن. ويستدل العالمون ببواطن الأمور على الإيثار في مسألة استقالته من منصبه بعد فضيحة مصنع سكر النيل الأبيض، والذي كان مخططاً أن يشهده وزراء مجموعة بنك التنمية الأفريقي. فقد كان حامل الاستقالة والمحمولة إليه يعلمان أنها محض مسرحية نُزع عنها الستار!
    بيد أنه بين المنصبين كان الراحل عبد الوهاب قد تقلد منصب مدير عام شركة دان فوديو وهي بؤرة ضمن بؤر الشركات الأمنية العديدة. بجانب أنها عُرفت بكونها معقلاً من المعاقل العتيدة في الفساد، ونستدل بقصة واحدة لأولي الألباب، وذلك لارتباطها بمسألة تقلد الراحل منصب مديرها العام. الرواية تقول إن شخصاً اسمه إبراهيم موسى ليس كسميه عليه السلام وإنما على العكس تماماً، فهو يعد من جلاوزة العصبة الفاسدين والمفسدين، وهو أيضاً ابن عم علي كرتي الذي يشغل منصب وزير الخارجية الآن في دولة الكُهْنَة. واجمالاً فهو أخطر ما أنتجته الحركة الإسلاموية في الإجرام، وأفسدها في المال، وأولغها في الدم. سرح وصحبه في شركة دان فوديو بلا رقيب أو عتيد. أثناء ذلك كانت فضيحة رجل الأعمال السعودي عادل موترجي سنام فساده هو ورهطه. فقد استولوا من المذكور على أكثر من عشرة ملايين دولار بقانون (وضع اليد) الذي برعت فيه العصبة تشريعاً وتنصيصاً وفهلوةً. وكان الموترجي قد هوى لدولة الصحابة يرجو لملايينه استثماراً يضاعفها. والذي حدث بعدئذٍ أن عَهَد كِبار العصبة إلى أحدهم من الاقتصاديين بالتحقيق في ذلك الملف. لكنه إثر تلقيه تهديداً ووعيداً طلب الحاكم بأمره من عبد الوهاب عثمان أن يتولى الملف بالعناية المركزة، ومن ثمَّ إدارة الشركة كلها.. وقد امتثل!
    طبقاً لهذه الخلفية التاريخية، كان الحاكم بأمره قد عهد أيضاً إلى عبد الوهاب بملف آخر قبل نحو ثلاثة أشهر من رحيله. والملف المحال يدخل ضمن المقاصات التي تشهدها جُزر العصبة هذه الأيام، فثمة جزيرة تضجرت من فساد أسامة عبد الله المحظِي بحصانة لا تخفى على الناظرين (كنا أيضاً قد نشرنا في الخندق ص 350 قرار تعيينه رقم 217 لسنة 2005 وفيه استثناء من المحاسبة من قبل أي جهة حكومية) لدرجة كاد القرار أن يلحقها بعدم محاسبته من خالقه جل وعلا. على كلٍ بمنطق (إياك أعني فاسمعي يا جارة) تمَّ الطعن في ذمة عبد العاطي هاشم الطيب المسئول المالي والإداري في وحدة السدود، والأهم أنه الساعد الأيمن لأسامة بن عبد الله (كان صديقنا الزميل عبد الرحمن الأمين قد نشر نذراً من فساده/الراكوبة 3/4/2013) بعد فترة وجيزة أعاد عبد الوهاب عثمان ذات الملف للرئيس الحاكم بأمره وقال له إنه لا يحتاج لتدقيق وإنما يحتاج للنيابة العامة مباشرة. تبعاً لذلك أودع عبد العاطي السجن فارتبكت حسابات أسامه بن عبد الله ورهطه في المنظومة، واللبيب بالاشارة يفهم. وواقع الأمر ظل أسامة بن عبد الله طليقاً ولم يحل بينه والسجن سوى تلك العلاقة الغامضة مع الرئيس الحاكم بأمره، والتي لم يفك البعض من طلاسمها سوى أن أسامة هو عرَّاب زيجة البشير الثانية (وداد بابكر) وبموجبها أصبحا صهرين في دار واحدة!
    لكن الذي صار كانت للأقدار فيه يد لا تُرى بالطبع إلا عند حدوثه. فبعد فترة قصيرة من تسلمه ملف أسامة بن عبد الله وفي معيته عبد العاطي هاشم الطيب، والذي رمى الأخير هذا في غياهب الجب لفترة قصيرة، ظهرت على عبد الوهاب أعراض ألم في الحبال الصوتية وتغير فيها صوته. سافر على إثرها إلى ألمانيا وعاد منها مستشفياً، ثم فجأة ظهرت عليه أعراض مرض في القلب وشخصت حالته بماء في الرئتين، فغادر على إثرها أيضاً إلى الأردن إذ صعدت روحه إلى بارئها بعد أربعة أيام. المفارقة التي تشبه العصبة وأفعالها وقد تدهش الذين لا يعلمون، أن الذي غادر مع الراحل عبد الوهاب عثمان وعاد مع جثته من الأردن كان هو أسامة بن عبد الله! لهذا فأعلم يا هداك الله إن رأيت دموع العصبة تنهمر على فقيد بمثلما شاهد البعض الحاكم بأمره فأعلم أن وراء الدموع مكائد ودسائس ومؤامرات!
    كفى بالعصبة الموت واعظاً، وقد دنت ساعة التفاف الساق بالساق!
    آخر الكلام: لابد من الديمقراطية وإن طال السفر!!
                  

11-29-2013, 06:40 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10903

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: رحلة مع تاريخ المدراس الفكرية العربية والاسلا مية --واين نحن منها اليوم (Re: عبد الله بابكر)

    الاستاذ عبدالله بابكر
    لك التحية و الود
    نشكرك أن ألقيت في بحيرة حياتنا المليئة بالانشغال بما هو غث و سطحي بما ينشلنا من واقع مرير ننشغل فيه بالتوافه من المسائل، و تركنا المهم، بينما نحن نحتل ذيل التصنيفات بمختلف مشاربها. و في نفس الوقت ننام على وسائد الوهم بأننا الأكثر وعيا ممن حولنا، و نرفع في سذاجة راية مكتوب عليها (القاهرة تكتب و بيروت تطبع و الخرطوم تقرأ). و كان ذلك في وقت غير هذا الوقت حيث كان الآن من المفترض أن تكون الخرطوم هي التي تكتب و تطبع بعد أن اقتاتت سنين على موائد الآخرين و قد حان الوقت لأن تكون استفادت مما كتب و طبع.
    في الختام لك الشكر و ننتظر منك المزيد.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de