|
|
 حـــــــــاج المـــــــــاحـــي الرجـــل المـــــــــــــــــــــثـقـف
|
لن أستطيع الكتابة عن حاج الماحي المادح ،، كما أنني لن أستطيع التطرق لحاج الماحي العارف بالله ،، أو الأديب ،، أو الشاعر ،، ولكن من رحمة الله علي أن تعرفت على حاج الماحي المثقف ،، فوجدت أنه من السهولة أن أبرهن على ثقافته وتنوع معارفه وعلومه ،، لا أقول بقليل من الجهد ،، ولكن بما هو متاح ويمكن الاستدلال عليه بكل يسر.
فقط من خلال قصيدته الشهيرة ( بريدك يا البشير ) يمكن أن يرى المرء رؤيا العين بنيان ثقافته الموسوعية.
شوقك شوى الضمير
شوقك شوى الضمير أطراك مناي أطير
أنا احبه من صغيـــر بريدك يالبشيــــر
بسم الله يــا قديـــر يا عــالي يا كبيـــر
يا جابر الكسير دبرنا يا بصيــــر
بي أحسن التدبير من فضلك الكثير
جود يا كريم بي الخير أنصرنا يا نصير
ويسر لنا العسير
ثنيت بالبشير محمد النذير
شفيع القمطرير يوم موقف الهجير
والشمس تستدير يجري العرق خرير
تتفلت أم زفير جانا النبي الأمير
بي كفو حين يشير يخمد حمو ام سعير
****) كعادته يبدأ بسم الله : ( باسم الله يا قدير ...
(****) ثم يثني على ربه بما هو أهل له من أسمائه الحسنى،، وصفاته العلى ( يا قدير يا عالي يا كبير...
(****) ثم يدعو ربه بأفضل عبارات الدعاء ،، وهي العبارات الشاملة الحاوية لمجمل الخيرات ،،، حيث لا ذكر هنا للتفاصيل ،، وهو الدعاء الذي يقال وقت الرخاء ،، وهو دعاء مدخر ،، لا يشكو صاحبه من هم ،، ولكنه يدعو به ليكون له دخراً لمقبل أيامه التي لا يعرف ما تحمله له (أعرف الله في الرخاء يعرفك وقت الشدة )،، بعكس دعاء الاضطرار الذي يكون موجهاً نحو التفاصيل والمواقف المحددة ،،، مثل قول المريض اللهم اشفني ،،، وقول المكروب اللهم فرج كربتي - وكلاهما وعد الله بإجابته {أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ}.
(***) هذا كله يؤكد ثقافة حاج الماحي الدينية ،، ومعرفته الدقيقة بأدب الدعاء وطرقه المثلى،، ومنها أن يحمد العبد ربه ويثني عليه بما هو أهل له من الصفات ثم يصلي على النبي صلوات الله وسلامه عليه ،، ثم يشرع في دعائه.
( **** ) ( دبرنا يا بصير ،،
بي أحسن التدبير ،،
من فضلك الكثير جود يا كريم بالخير ،،
أنصرنا يا نصير ،، ويسر لنا العسير
(***) ثم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ،، مشيراً إلى ما خصه الله به من كريم الأسماء ،، وجميل الأفعال وعظيم الصفات،، ومنها ما كان يتعلق بحياة النبي صلى الله عليه وسلم في دنياه ،، ومنها ما هو متعلق به في الآخرة مثل الشفاعة يوم القيامة ،، وإن كان ثمة ملاحظة هنا هي أنه يبدأ بالتي تتعلق بمكانة النبي صلى الله عليه وسلم في الآخرة فيذكرها أولاً:
ثنيت بالبشير محمد النذير
شفيع القمطرير يوم موقف الهجير
والشمس تستدير يجري العرق خرير
تتفلت أم زفير جانا النبي الأمير
بي كفو حين يشير يخمد حمو ام سعير
(***) ثم يعود ليذكر شمائل النبي التي انعم الله بها عليه في الدنيا:
سيد طلحة والزبير والرسل لا عزير
سيد ضمرة وسيد زهير
سيد ميسرة وعمير
سيد زيد مع المغير
سيد سمرة وسيد سمير
من جسمو العطير المسك ينتشر
الشائر المشير في اوصافو تستحير
بي مسه الدخــــير
يجـــــــبَر الكسير
يفتَح الضـــــــرير
ويطيب الـــــــــعذير
ويداوي البواسير
و كان من غلام صغير
معصوم من التزوير
ما بيلبس الحرير
يجلس على الحصير
يسمع نداء الهمير بابو البلا غفير
ان مر بالتنقير تآلفو الوحوش والطير
ان نادى للشجير
يسعى ويقولو خير
حلال المساجــــير
يكلمو البعـــــــــير
ينطق له القصــــير
وخـــــــــر له المنير
الشمس في العصير رداها وجات العــــير
،،،،، اللهم صلى وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،،،
سيد طلحة والزبير والرسل لا عزير
سيد ضمرة وسيد زهير
سيد ميسرة وعمير
سيد زيد مع المغير
سيد سمرة وسيد سمير
( **) من الأبيات السابقة فقط علمت لأول مرة أن هناك صحابي اسمه ( سمرة ) وآخر اسمه ( سمير ) - بضم السين وتسكين الميم - كما رجح عندي القول بأن ( عـزير ) من ضمن الرسل صلوات الله وسلامه عليهم ،، مما يدل على تبحر حاج الماحي في علم السيرة ،، والسيرة هي المكان الوحيد الذي يجد فيه المرء ضالته فيما يتعلق بأسماء الصحابة وأدوارهم التي قاموا بها في تاريخ الاسلام.
(**) جاء في موقع ( ejabat.google.com)
من المعجزات والآيات التي أُيد الله سبحانه وتعالى بها نبييه
تأييداً لدعوته، وإكراماً له، وإعلاءً لقدره، إنطاق الجماد له، وتكلم
الحيوان إليه، الأمر الذي ترك أثره في النفوس، وحرك العقول، ولفت
انتباه أصحابها نحو دعوته التي جاء بها، وأثبت لهم أنها دعوة صادقة
مؤيدة بالحجج والأدلة والبراهين، فلا يليق بالعقلاء إلا الاستجابة لها،
واتباع هذا الدين العظيم الذي يجلب لهم النفع، ويدفع عنهم الضر،
ويرقى بهم بين الأمم، ويضمن لهم سعادة الدارين.
نعم لقد نطق الجماد والحيوان حقاً، فسبّح الطعام، وسلّم الحجر والشجر،
وحنَّ الجذع، واشتكى الجمل، إنها آياتٌ وعبر، حصلت وثبتت في صحيح
الخبر، فلا بد من تصديقها وقبولها، وإن خالفت عقول البشر.
فمن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الطعام
الذي سبح الله وهو يُؤكل ، وقد سمع الصحابة تسبيحه ، فعن عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
في سفر ، فقلّ الماء ، فقال اطلبوا فضلة من ماء ، فجاءوا بإناءٍ فيه ماء
قليل، فأدخل يده في الإناء، ثم قال: حيّ على الطهور المبارك والبركة من
الله، فلقد رأيتُ الماءَ ينبع من بين أصابعِ رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل ) رواه البخاري ، وذكر الحافظ
ابن حجر في الفتح تسبيح العنب والرطب والحصى .
ومن ذلك تسليم الحجر والجبال والشجر عليه صلى الله عليه وسلم ، فقد
جاء عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم ( إني لأعرف حجراً بمكة كان يُسلِّم عليّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه
الآن ) رواه مسلم .
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال ( كنت مع النبي صلى الله عليه
وسلم بمكة ، فخرجنا في بعض نواحيها، فما استقبله جبل ولا شجر إلا وهو
يقول: السلام عليك يا رسول الله ) رواه الترمذي و الدارمي ، وصححه
الألباني .
ومن الجمادات التي أنطقها الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم الجذع
الذي كان يخطب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعن ابن عمر رضي
الله عنهما قال : ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذعٍ، فلما
اتخذ المنبر تحول إليه، فحنَّ الجذع، فأتاه فمسح يده عليه ) رواه البخاري .
وفي سنن الدارمي : (خار الجذع كخوار الثور حتى ارتج المسجد) ، وفي
"مسند" أحمد : ( خار الجذع حتى تصدع وانشق ) .
أما نطق الحيوان، فهي معجزة وآية أخرى أكرم الله بها رسوله صلى الله
عليه وسلم ، فقد اشتكى الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ظلم
صاحبه له، فعن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه قال ( أردفني رسول الله
صلى الله عليه وسلم خلفه ذات يوم، فأسرَّ إلي حديثاً لا أحدث به أحداً من الناس، وكان أحب ما استتر به رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته هدفاً
- كل ما ارتفع من بناء وغيره-، أو حائش نخل- بستان فيه نخل صغار - ،
قال: فدخل حائطاً لرجل من الأنصار، فإذا جمل ، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم، فمسح ذفراه
- أصل أذنيه وطرفاهما- فسكت، فقال: من رب هذا الجمل؟ لمن هذا الجمل؟
فجاء فتى من الأنصار، فقال: لي يا رسول الله، فقال أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها، فإنه شكا إلي أنك تجيعه، وتدئبه- تَكُدُّهُ وتُتعبه-)
رواه الإمام أحمد و أبوداود ، وصححه الألباني.
فسبحان من أنطق لنبيه الجماد والحيوان ،
وجعلها معجزة تدل على صدق نبوته ،
وصحة دعوته .
( * ) كل هذا يعرفه حاج الماحي معرفة دقيقة،، وهذه المعرفة التامة بفقه السيرة تضع علامة استفهام كبرى على حقيقة كونه ( أمــيَ ) ،، وتجعل المرء يشك في ذلك،، لأن مثل هذه العلوم في ذلك الزمان لا تتواجد إلا عند من درس الخلاوى ،، ومن يدرس بالخلاوى ،، يعلم القراءة والكتابة قبل كل شيء.
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:00 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:03 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:06 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:06 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:06 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:07 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:07 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:07 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:08 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:08 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-18-2013, 07:08 PM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-19-2013, 10:26 AM)
(عدل بواسطة السر البشير on 09-19-2013, 10:27 AM)
|
|
 
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حـــــــــاج المـــــــــاحـــي الرجـــل المـــــــــــــــــــــثـقـف (Re: السر البشير)
|
( نواصــــــــــل )
(**) مدح الصحابة :
يمدح حاج الماحي أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كأحسن المدح،، ويعلم علم العارف ما يتميز به كل منهم من الصفات ،، وأشهر أدواره التاريخية التي قام بها في سبيل الدعوة،، فانظروا ماذا قال عن أبي بكر وزير الرسول (ص) ،، فـعمر ،، وعثمان الذي يشير إليه بـ ( الحبر ) لتعلقه بالقرآن،، ثم علي الذي أورد له في أقل من مقطع واحد ما يكاد يشير إلى سيرته كلها خاصة في جانبها البطولي والحربي فذكر فرسه ( فوق قارحو ) وذاكراً سيفه المسمى ذو الفقار ، وكيف أنه كان يحصد به رؤوس الكفار مروراً بالمبارزة الشهيرة التي حدثت بين علي وعمرو بن ود ، وكيف أن عمرو بن ود اقترح على علي عدم الدخول في المبارزة وأن يرجع بدعوى أنه لا يحب قتاله لأنه كان صاحباً لأبيه أبي طالب ،، وكيف أن علياً قال لعمرو لا مجال لذلك فإما المبارزة ، وإما أن تسلم ، فصورها لنا في قالب أدبي رفيع ،، ثم الستة الباقين من العشرة المبشرين بالجنة ( في ترتيب مقصود ) ذاكراً منهم خمسة هم طلحة والزبير وسعد وسعيد وابا عبيدة ،، وتبقى له واحد هو عبد الرحمن بن عوف لم يذكره بالاسم (لأن للقافية أحكامها) ثم يدلف إلى الكندي وبلال ،، إلى أن يختم بخالد بن الوليد.. الذي يتمثل بحمزة جاعلاُ منه مثله الأعلى ( في حمزة يستتر ) ثم يمضي ذاكراً بطولات خالد ،، فيصفه بأنه ( خـرًاب ام توابير ) بتشديد الراء ،، ويقصد بها المعركة حيث يصطف المتحاربين في شكل طوابير - جمع طابور - وفي الدارجة السودانية القديمة تعطش الطاء في كثير من المواضع فتصير تاء .. إلا أن أهم مايلفت النظر في جرده لسيرة خالد بن الوليد وصفه له بأنه محارب ( العلوج ) هذا المصطلح الذي غاب عن قاموس اللغة العربية ربما لقرون ،، حتى نبشه ( الصحاف ) وزير الإعلام العراقي في فترة صدام حسين.. ومعروف أن الصحاف قال للصحافيين حين سألوه عن معنى الكلمة ،، قال لهم أنها تعني ( كفار العجم )،، وفي تقديري أن حاج الماحي عندما ذكر كلمة ( العلوج ) مقترنة بسيرة خالد بن الوليد ،، كان يتكلم كرجل مثقف من الطراز الأول ،، لأن معظم حروب خالد بن الوليد التي خاضها مع الأسلام كانت ضد ( كفار العجم ) وهم كفار الفرس والروم،، بخلاف علي بن أبي طالب الذي لمعت بطولاته عند ما كانت الحروب ضد مشركي مكة والمشركين من الاعراب،، وهي حروب لم يكن العجم طرفاً فيها. وهؤلاء أسماهم حاج الماحي ( كلاب النيـر ) أي كلاب النار،، فالننظر إلى الأبيات:
يا لساني قول ذاكـــــــــــــــــر
ويا فمي جيب تشكير
لي الكُمل أهل الخير
ناس سيدي بابكر
كان للرسول وزير
فاروق مع الحبر
لا زالوا بي تكبير
الرابع القاهــــــر
كـــرار علي الظاهر
فوق قارحو مابيجير
بي سيفو ذو الفقير
كم رامي لي زنطير
*قال فاسق الحمير
أخـــــــــير لنا الفــــــــــرير
قال ليهـــــــــــــــــو يا خـــــــنزير
ما بينفـــــــــــع التعـــــــــــذير
*حيدر كلاب النير .. ملاهم جنازير
* (فاسق الحمير ) يقصد بها عمرو بن ود
* ( حـيـــدر ) هو لقب علي بن أبي طالب قبل أن يكنى بأبو الحسن. ويقال اسم اطلقته عليه أمه،، والكلم تعني ( الأسد ).
* الملاحظ في الصوفية عامة حبهم الطاغي للإمام علي بن أبي طالب وآل بيت النبي عامة ،، والذي يعتبرونه من تمام محبة الرسول صلى الله عليه وسلم.. وبعضهم يرى أن ثمة علاقة بين الإمام علي والتصوف.
** ** ** ** **
وين ستة التدبير السامو للعمير
ناس طلـــــــــحة والزبير
ســــعد و ســــــــــعيد صقير
باعــــــــــــبيدة كان قِمير
* حــــــــــباب الغـــــــــنادير
اعمامو المسامــــــــــير
الكندي مـــبتــــــدر
ضرغام بلال شاطر
ابن الوليد نــــــاذر
في حمـــــــــــزة يستتر
خـــــــــــرًاب ام توابير .. خالد مكان يغير هدّ الحلل كسًير
الصقر اب غراغيــــر فوق العلوج نفـــــــــــــــير
* الغنادير ،،، أي العمالقة ،، والرجل الغندور هو : غُنْدَرٌ: سمين غليظ.
* الصقر اب غراغير : إشارة إلى كثرة جثث الأعداء حتى أن الصقور الكبيرة التي لها (غراغير) تجتمع بإعداد هائلة ( نفـــير ) لتغتات من تلك الجثث. ورد ذكر الصقور مقترناً مع جثث الأعداء كثيراً في الشعر السوداني.
( اللهم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين)
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حـــــــــاج المـــــــــاحـــي الرجـــل المـــــــــــــــــــــثـقـف (Re: السر البشير)
|
الشوق للرحلــــــــة
ثم يخرج ما يعتلج في صدره من شوق إلى رحلة الحج ،، وزيارة قبر الحبيب المصطفى في المدينة،، متخيلاً نفسه على جمل ( ظهير ) أي طويل الظهر ،، يوصله إلى الساحل الشرقي حيث سواكن التي كانت ترفل في أمجادها كعروس للبحر الأحمر إبان سطوة الامبراطورية التركية ،، ثم يتسع الخيال العبقري ليصور لنا شكل الرحلة المأمولة إلى ما بعد سواكن ،، حيث لا وسيلة لبلوغ تلك الغاية في العهد التركي إلا سفينة الفحم التي لها برج يقبع في أعلاه ما يشبه الزير يخرج منه دخان أسود ،، هذا الشكل الذي يشبه الزير رأيناه أيام قطار البخار ،، ( في تقديري أنه أقرب التصورات لتفسير معنى كلمة ( ام زير )). التي وردت في الأبيات ،، وسبحان الله ما زالت مواقيت الباخرة كما هي مع اختلاف طفيف فرضه التقدم العلمي ،، وكان السنارييون ينزلون إلى الساحل عصراً ليدلفوا إلى الباخرة التي تقتحم بهم العباب مع أول الليل ،، فيقضون في البحر ما شاء الله لهم وهم متحللين ،، حتى إذا بلغوا آخر ليلة من أيام الرحلة وحان ثلثها الأخير تجردوا من المخيط والمحيط كما يتجرد التكارير (أنظر إلى براعة التصوير ) ،، لتوصلهم الباخرة إلى الجانب الآخر مع أول خيوط الفجر.
لا يكتمل المشهد إلا بالمرور على باب الجمرك ،، حيث الموظفين الذين كناهم حاج الماحي ( بالنائب والمدير ) مستخدماً حيلة التقديم والتأخير ،، لتسعفه في الالتزام بقافيته الرائية،، هناك في بوابة الجمرك المهيبة يستقبل السناريين بحرارة من قبل الموظفين ( حباب السنانير) ،، وهكذا كان ينطقها أهل الحجاز ،، كل هذا والرحلة لم تبدأ بعد ،، ولم يتحصل المادح على ضالته التي هي جمل،، هذا الجمل الظهير وصفه حاج الماحي في قصيدة أخرى بأوصافاً تجعل المرء يتعرف عليه حتى ولو رآه في المنام.
يحرص السنارييون على الذهاب إلى المدينة ،،، للسلام على المصطفى عليه صلوات الله وسلامه ،، فيسلمون عليه سلاماً حاراً ،، ويعطرون انفاسهم من أريج روضته الشريفة ،، ويتمنون من الله أن يكتب لهم الوفاة بالقرب منه إذا دنت آجالهم ،، هكذا يخبرنا حاج الماحي:
ياربي فوق ظهير نمرق مع الخبير
نندلي في العصـــــــــير
تاتينا البوابيــــــــــر
نكري السفينة ام زير
شحنا ياســـــــــاتر
ونرسي الشروق باكر
في الثلث الأخــــير
ننجرد تكاريـــــــــر
ونوصل مدينة الخير
النائب والمدير
قالولنا بي تبشير
حباب السنانير
ونخش على البشير
ونقري السلام كتير
في روضتو ام حصير
نشم ندهو العطــــــــــير
حين تجري المقـــــادير
جـم سيدي القـــــــبير
،،، اللهـــــــم صل وســلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،
(ونواصـــــــــــل )
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حـــــــــاج المـــــــــاحـــي الرجـــل المـــــــــــــــــــــثـقـف (Re: السر البشير)
|
الدعـــــــاء العجيب :
الجزء الأخير في هذه القصيدة يجبر المرء لكي يتساءل بشأن الوقت الذي نظمت فيه هذه الأبيات , فلعل حاج الماحي نظم تلك الأبيات وهو في طريقه إلى الحج ،، ولعله نظمها في طريق عودته من الحج في معية القافلة،، وكله اجتهاد ولكني أظن وبعض الظن اثم أن حاج الماحي نظم تلك الأبيات في طريق عودته من الحجاز ،، فعند وصول الناس إلى سواكن حين عودتهم من الحج تتجه كل قافلة إلى طريق مختلف ،، بعضها يتجه إلى وسط السودان وبعضها إلى غربه وبعضها إلى شماله ،، وكانت قافلة أهل الشمال تصل من سواكن إلى بربر ،، ومنها يفترق زملاء الحج ويتوادعون ويدعون لبعضهم البعض بأن يوصلهم إلى ديارهم سالمين،، قبل أن تسلك كل جماعة طريقاً مختلفاً،، ولربما يبكون جراء هذا الفراق،، لأن رفقة الحج كانت تعني الكثير ،، هنالك أنشد حاج الماحي هذه الأبيات يدعو فيها بالخير لكل من زامله في هذه الرحلة الميمونة ،، من حلة الباقير إلى قرية الدر في أقصى الشمال،، فالننظر ماذا قال:
ياخواني لي الباقير
لا قوز البسابير
مويس والسناهير
السيال مع الجوير
كرقوس والمغاوير
بقروسي والكمير
سقادي البقاقير
الدامر والعشير
الباوقة و السنقير
مقرات مع اب سدير
لي دار المناصير
جيراني الكجاجير
غريب الكوارير
جريف الحواجنير
سقاي ولاد شبير
دويم ود حاج شهير
* عمراب و السواعير
تنقاسي والقرير
حلة ولاد صبير
جزيرة ود سدير
الدتي و الحجير
ولا تنسى الجبابير
عربان الهواوير
أبقسي التجاجــير
لاتنس الجبابير
شوايق والبدير
لا أرقو و الحفير
*إدري وكنوز والدر
مايشوفو زمهرير
في زفة الوزيـــر
باخواني مستجير.. واقع بدور كتير
في الجنة ام قوارير
لا يجات على سرير
لا بسات الاساوير
ما بعرفن السرير
الفين جزاياً لي الناظم الحـقـيـر....
والفين لإبنو الابقي من العمير
والفين صداياً للمادح البشير
والفين قبالن لود سنان الخير
والفين للطاهر والفين لابوالكبير
والفين ندايا للحاج ولد ضكير
والفين مثالٍن لمحمد البصير
والفين زهايا لاحمد الفقير
وآلاف الوفاً للزملاء والعشير
ونجلس معاهن فوق سندس الحرير
وننظر إليهن سبحان هو القدير
مافيش مخافة دار البقا وتعمير
ان شاء الله كافة المسلمين نسير
يا مهون العسير اقبل دعاي يسير
نشوف ها التصاوير في حكمة البصير
صليت ألوف تكرير .. تسليمي غير تعبير
عدد الدواب و الطير
القمري والحمير
الصقور و الزرازير
جراد و العصافير
ونبات العتامير
القوي والقرير
الحنطة و الشعير
من عبدِ محيسير
الماحي المغيرير
خايف من الكرير
يوم أقطع الفرفير
عن ضمة القبير
داير الرسول يحضر .. يحبس سؤال نكير
في بيتو مستتر لا يومة النشير
في تاجـــــــــو إنحـــشر
* عامراب والسواعير : الإشارة هنا للعامراب في موطنهم الأصلي بكريمة أو البركل.
* إدري وكنوز والدر : هذه القرى الثلاث الآن داخل الحدود المصرية ،، كانت تتبع للسودان جغرفياً ،، وكان أهلها يذهبون إلى الحج في معية القافلة السنارية ،، وهذه من المعلومات المهمة التي ترفدنا بها القصيدة.
تظهر الأبيات مدى رقة الشاعر ورهافة حسه ،، وشعوره جراء فراقه لزملاء رحلته،، وكيف أنه دعى لهم بأقصى ما يتمناه العبد من ربه من الرغائب ،، فهناك في دار الخلود لهم فيها ما تدعي أنفسهم ولهم ما يشتهون ،، منهم من ذكر اسمه ،، ومنهم من أشار إليه بكنية أو خلافه،، ،،، ثم ختم بدعاء خاص لنفسه يسأل الله أن يقيه وحشة القبر وأن يحشره في ذمرة الصالحين ،، وماذا يريد الحاج أكثر من ذلك ،، دعا لنفسه ،، ودعا لرفقائه،، فكم كان مؤدباً ،، وكم كان فصيحاً.
،،، اللهـــــم نسألك ما سألك إياه عبدك الماحي ،،،
،،، اللهــــم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،
( ونواصــــــــل )
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حـــــــــاج المـــــــــاحـــي الرجـــل المـــــــــــــــــــــثـقـف (Re: السر البشير)
|
الدعـــــــاء العجيب :
الجزء الأخير في هذه القصيدة يجبر المرء لكي يتساءل بشأن الوقت الذي نظمت فيه هذه الأبيات , فلعل حاج الماحي نظم تلك الأبيات وهو في طريقه إلى الحج ،، ولعله نظمها في طريق عودته من الحج في معية القافلة،، وكله اجتهاد ولكني أظن وبعض الظن اثم أن حاج الماحي نظم تلك الأبيات في طريق عودته من الحجاز ،، فعند وصول الناس إلى سواكن حين عودتهم من الحج تتجه كل قافلة إلى طريق مختلف ،، بعضها يتجه إلى وسط السودان وبعضها إلى غربه وبعضها إلى شماله ،، وكانت قافلة أهل الشمال تصل من سواكن إلى بربر ،، ومنها يفترق زملاء الحج ويتوادعون ويدعون لبعضهم البعض بأن يوصلهم إلى ديارهم سالمين،، قبل أن تسلك كل جماعة طريقاً مختلفاً،، ولربما يبكون جراء هذا الفراق،، لأن رفقة الحج كانت تعني الكثير ،، هنالك أنشد حاج الماحي هذه الأبيات يدعو فيها بالخير لكل من زامله في هذه الرحلة الميمونة ،، من حلة الباقير إلى قرية الدر في أقصى الشمال،، فالننظر ماذا قال:
ياخواني لي الباقير
لا قوز البسابير
مويس والسناهير
السيال مع الجوير
كرقوس والمغاوير
بقروسي والكمير
سقادي البقاقير
الدامر والعشير
الباوقة و السنقير
مقرات مع اب سدير
لي دار المناصير
جيراني الكجاجير
غريب الكوارير
جريف الحواجنير
سقاي ولاد شبير
دويم ود حاج شهير
* عمراب و السواعير
تنقاسي والقرير
حلة ولاد صبير
جزيرة ود سدير
الدتي و الحجير
ولا تنسى الجبابير
عربان الهواوير
أبقسي التجاجــير
لاتنس الجبابير
شوايق والبدير
لا أرقو و الحفير
*إدري وكنوز والدر
مايشوفو زمهرير
في زفة الوزيـــر
باخواني مستجير.. واقع بدور كتير
في الجنة ام قوارير
لا يجات على سرير
لا بسات الاساوير
ما بعرفن السرير
الفين جزاياً لي الناظم الحـقـيـر....
والفين لإبنو الابقي من العمير
والفين صداياً للمادح البشير
والفين قبالن لود سنان الخير
والفين للطاهر والفين لابوالكبير
والفين ندايا للحاج ولد ضكير
والفين مثالٍن لمحمد البصير
والفين زهايا لاحمد الفقير
وآلاف الوفاً للزملاء والعشير
ونجلس معاهن فوق سندس الحرير
وننظر إليهن سبحان هو القدير
مافيش مخافة دار البقا وتعمير
ان شاء الله كافة المسلمين نسير
يا مهون العسير اقبل دعاي يسير
نشوف ها التصاوير في حكمة البصير
صليت ألوف تكرير .. تسليمي غير تعبير
عدد الدواب و الطير
القمري والحمير
الصقور و الزرازير
جراد و العصافير
ونبات العتامير
القوي والقرير
الحنطة و الشعير
من عبدِ محيسير
الماحي المغيرير
خايف من الكرير
يوم أقطع الفرفير
عن ضمة القبير
داير الرسول يحضر .. يحبس سؤال نكير
في بيتو مستتر لا يومة النشير
في تاجـــــــــو إنحـــشر
* عامراب والسواعير : الإشارة هنا للعامراب في موطنهم الأصلي بكريمة أو البركل.
* إدري وكنوز والدر : هذه القرى الثلاث الآن داخل الحدود المصرية ،، كانت تتبع للسودان جغرفياً ،، وكان أهلها يذهبون إلى الحج في معية القافلة السنارية ،، وهذه من المعلومات المهمة التي ترفدنا بها القصيدة.
تظهر الأبيات مدى رقة الشاعر ورهافة حسه ،، وشعوره جراء فراقه لزملاء رحلته،، وكيف أنه دعى لهم بأقصى ما يتمناه العبد من ربه من الرغائب ،، فهناك في دار الخلود لهم فيها ما تدعي أنفسهم ولهم ما يشتهون ،، منهم من ذكر اسمه ،، ومنهم من أشار إليه بكنية أو خلافه،، ،،، ثم ختم بدعاء خاص لنفسه يسأل الله أن يقيه وحشة القبر وأن يحشره في ذمرة الصالحين ،، وماذا يريد الحاج أكثر من ذلك ،، دعا لنفسه ،، ودعا لرفقائه،، فكم كان مؤدباً ،، وكم كان فصيحاً.
،،، اللهـــــم نسألك ما سألك إياه عبدك الماحي ،،،
،،، اللهــــم صل وسلم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،،
( ونواصــــــــل )
| |
|
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حـــــــــاج المـــــــــاحـــي الرجـــل المـــــــــــــــــــــثـقـف (Re: السر البشير)
|
يا سلام اخي السر البشير ..
ده شغل في غابة في الروعة .. قراءتك فيها الكثير
ويمكن ان تكون هناك الكثير من القراءات لأن الموضوع دسم وثري ثراء تراث أهلنا الشوايقة ..
يا السر أهلنا مبدعين جداً ورسخوا الكثير من القيم الفكرية والتراثية ..
حتى نحن النوبيين في الشمال نجد الكثير من التراثنا المندثر بين اشعار اهلنا الشوايقة ..
أولا مرة أقرأ بعمق لهذا الرائع رحمه الله ..
أقول بصراحة هذا الرجل مظلوم مظلوم من ناحية الدراسة والبحث والعمق ..
بالله عليك وسائل الاعلام تنشر لنا الغثاء يومياً .. وتتجاهل مثل هذا الدرر ..
مثال بسيط :
Quote: ان مر بالتنقير تآلفو الوحوش والطير
ان نادى للشجير
يسعى ويقولو خير |
لفظ ( التنقير ) كلمة نوبية منقرضة حالياً .. هو العشب العشوائي
وكان في بوست هنا عن اسماعيل حسن ( قش التناقير ) ..
وكلمة العلوج ( اذكر عند بداية الحرب العراقية كان وزير الاعلام العراقي يردد جملة .. هؤلاء العلوج )
وكنت وقتها اعمل في القاعدة العسكرية بحفرالباطن .. ركض العساكر الى مكتبي يسألون عن معنى العلوج ( ودائماً السوداني مرجع في الادب والفكر )
وتذكري قصيدة احمد محمدصالح في دمشق ( شلت يمين العلج حين رماكي ) كما ذكر احد الاخوة ( العلج ) بأن الكلمة وردت في مديح اولاد حاج الماحي .. وشرحنا معنى كلمة للاخوان
رحمه الله رحمة واسعة ..
فكان معجزة ومازال في شعره ( تجد التاريخ الاسلامي والفقه والجغرافيا والوصف والتراث الاسلامي والسوداني وهو مرجعية للباحثين في التراث والجغرافيا والسياسة )
وصفة للقرى والاثنيات الى منطقة النوبة في وبالترتيب وكل من يقرأ هذه القصيدة يجد نفسه ضمن هؤلاء انتماءاً ومكاناً وزماناً ..
بوست رائع جداً .. ولمزيد من القراءة ..
..
| |
|
|
|
|
|
|
| |
السر البشير
حسام عبد الرحيم
علاء سيداحمد
علي عبدالوهاب عثمان
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست