العطش ..

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-05-2024, 04:00 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثالث للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-25-2013, 00:01 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
العطش ..

    انقطعت فترة طويلة عن اتمام هذه الرواية ..
    فترة طويلة جدا في الواقع ..
    وسبحان ربي وكأني ما تعلمت الا كتابتها في أوارق هذا المنبر البيضاء ..
    سأقوم بانزالها تباعا وحتي أتمها أو .. ينكسر عضم العشق جواي*

    * التعبير لتاج السر جعفر الخليفة ..
                  

07-25-2013, 00:11 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    إلي شهداء الحركة الطلابية ..
    طارق , سليم , التاية و محمد عبدالسلام
    عليهم السلام أجمعين ...

    ( إنهم يعزفون الحاناً محرمة ... بمزامير محرمة )

    ( من فيلم Brave heart )


    ( 1 )

    منعم محمود ..


    كان ذلك ظهيره النحيب الحزين لحاجه آمنه حين أوصد منعم وجه سلمى فى غرفة نائية خلف سهوب الذاكرة ... لم يشعر برغبة البكاء اذ تأجل ذلك سنوات عديدة عندما ألفى نفسه ينشج بين ذراعى أمل عند الضفة الاخرى لنهر مزيف , فى مدينة غريبة , بعد عشرون عاما من النحيب الحزين ل " حاجه آمنه " ..

    حدق ملياً وجه أمه - منذورً للبهاء , ومبارك عند الرب هذا الوجه وهو يكاد يشتعل بالحزن , وفاجعة الرحيل , وهذا الصمت الموجع ...
    من اين لنا هذه القسوه ؟.. وهذا الحنان الداكن الملمس, والعميق جدا حد الموت ... من أورثنا هذا الفصام مع اللغه ..
    أوكلما اوغل المعنى فى احترافه فينا , سكت الكلام !

    كان الصمت نبيلا جدا بالحضور الشاهق لحاجه آمنه ... سرى منه شيئا كالنحيب الحزين , وتمتمات صلاة فجر , واحتدام مطر ... تدفق العرق من مسامه غزيرا ... وأمدرمان فى تمام صيفها ذو الشمس المستبدة ذات الملمس العنيف .. وحاجه امنه تواصل نحيبها فى الروح , لم أشاركها النحيب الا بعد عشرون عاما .. عند الضفة الاخرى لنهر مزيف فى مدينه غريبة ..
    أحسست بالرحيل بالرحيل يهبط ثقيلا فى الفراغ بينى وبينهم , أمى وحاجه آمنه ومنى وهى تجئ بابريق الشاى وتغادر الغرفه .... أين ستذهبين بحزنك يا منى ... أعرف أنك لا تتطيقين الوداع , ولكن مهلا .. دعينى أحاول البكاء لديك قليلا ... دعينى أملا حشاشاتى بوقود ما سيأتى من حريق ... كم أنت صغيرة على البكاء ... وكم أنا مجبر على الرحيل , مكره اخاك يا منى .... كم أحسست بالفزع عليه أخبرتنى ذات هاتف أن أبنك يشبهنى

    - عيناه كعينيك يا منعم ..

    أجبتك مازحا

    - يبدو ان أمدرمان لم تتطهر من جراثيم الحزن بعد ...

    - متى ستأتى ؟؟

    - عندما أعود ...

    ساعتها فاجأتنى سماعه الهاتف بذات ذاك النحيب الحزين لحاجه آمنه ( رحمها الله ) ... قد اورثتك كل شى يا منى .... حتى النحيب !!

    صببت الشاى لأبى وهو مطرق فى صمت مهيب , تماما كنبى يتلقى وحيه وهو يستبصر خلف حدود الادراك ما سيأتى من نقيض ... بدا كخلاصة من أرواح اجداده العركيين فى جسد نبي حزين .. سيصلب عند الفجر .. ويغدو الها.



    طاردنى هذا الخاطر طويلا , حتى بحت بسره لمحمود ... ونحن فى منتصف الكاس المليون بعد العطش . فى فندق اندهش رواده لمرأى نزيلين بهذا السواد .. فى ليلة الميلاد بقريه صغيره خارج العالم , تبدو كقطعة ثلج فى خريطه اسهب رسامها فى التفاصيل .
    التفت محمود الى ذاهلا ..

    - اما زلت تصلى ؟؟؟

    - تماما بعد الوضوء .

    أخذ أبى رشفة من كوب الشاى .. وكأنها شهقة من روحه التى اخذت فى التسلل اليها ... كان السودان املا اخضر يضئ والنيل حلما من القطن والماء والكهرباء ... اخرجنى صوت أبى من لوزة القطن واحلام المياه

    كان صوته عميقا جدا و وحزينا جدا وهو يقول ...

    - أدرك تماما اتساع الهوه بين ما انت عليه وما تريد .... أنتم جيل الخروج فلتذهب .. حاولنا كثيرا ان نورثكم هذا السودان معافى ... حاولنا اللا نورثكم هذا السودان ممزقا ... احلامنا كانت عصية على التحقيق .. فانقلبنا وبالا عليها وانقلبت وبالا علينا ... هم , لم يحلموا ابدا بوطن جميل , سعوا وراء احلامهم الصغيره , فأدركوها وانخزلنا ... لا نقوى حتى على النسيان , لذا قدرنا ان نبقى فيه ... وليكن قدركم الرحيل ولكن ... ليكن الرحيل دوما اليه , انت من هنا , فى الحقيقه نحن الراحلون ... قد لا تجدنى حضورا عندما تعود , وقد تجدنى حضورا فى الغياب , وفى الحالين قد زرعت فيك بذرة لن تموت .. هذا الوطن لعنه , فاحرص ان تصاب بها ... رغبتى الا تزرع بذورك فى رحم غريبه ... لا تجعل من احفادى هجينا ماسخ , عندها سترسخ فى اغتراب لا يموت ... تذكر دائما ان ( النى للنار ) نجض امورك كويس , شد حيلك ومع السلامه ...



    أدار النذير محرك العربه الذى انطلق بخشونة ظل صداها يرن فى اذنيه فى كل مساءات الرحيل ... امه , حاجه آمنه , منى , النور صاحب الدكان ... الشوارع تعدو ... الفجيعة تكبر , تطل من حوائط البيوت ولونها الاصفر الباهت , والاسفلت المهترى , وعيون البنات , وموت الرجال , وشواهد القبور , وساعة البلديه , وقبة الامام , وحديقة المورده , و ... وجه سلمى الذي اخذ فى التسلل من غرفته النائيه خلف سهوب الذاكره لمجرى الدماء ..
    آه يا منعم ..أين تهرب من هذه الدماء ..؟
    هكذا همس منعم لنفسه قبل ان يطلب من النذير اغلاق الراديو , حينها بدأ النذير بالكلام ...

    - بالمناسبه جمعت ليك مجموعه كويسه من الشرايط , مصطفى وعركى والبلابل وابوداؤود ... وفى كمان تسجيل الاذاعه بتاع ( الود ) , وشريط سعاد بتاع كابلى ... ياخى ما عارفك بتسمع كابلى ده كيف .. حتى سعاد عندو بقت زوله غريبه , ما سعاد بتاعت الدوش ... تذكر يا منعم اول مره نقراها. . كنت معاكم فى كافتيريا صيدله لما طلعت سلمى القصيده من شنطتا و ..

    شنطة سلمى ..
    شنطة سلمى ..
    وأحس منعم بالعطش يجتاح فيه كل الخلايا ..

    سلمى وأحمد وعثمان و .. ترى اين انت يا عثمان الان ؟؟.. اى خمر تحتسى .. واى قوافى تسوقها الان نحو جحيم معناك العصى ... وارتسمت امام عينيه تفاصيل يوم هو كألف عام ... كانوا خارج كافتيريا قانون فى طريقهم نحو المين روود ... طلابا فى سنتهم الاولى .. والنقاش مازال محتدما بينهم .. كان يتحدث بحماسة جديرة بسنه

    - يا اخوانا انا ما عندي مانع او اعتراض على العلاقات الجامعيه بين ولد وبت , انا عندي اعتراض على الاسفاف الحاصل ده ... يعنى شنو اعرف لى بت عشان اقشر بيها وسط الشباب , وطبعا لازم تكون شديده ومبكيه الناس ... واسوقا كافتيريا بزنس وانتظر ربع ساعه عشان القى لى كبايتين واجيها شايل الليمون وانا عاضانى نحله من النحل الملموم فى حله الليمون , وحتى الليمون نصو مدفق فى الجزمه وراسم ليهو
    خرايط غريبه جدا .. ونشرب ونحن بنعاين لى بعض ونغرود فى عويناتنا ونتكلم عن عرس فلانه وحفله نجاح اميره وشريط ايمن بورسودان ... ده كلام فارغ .

    النذير :

    - ياخى عليك الله خلينا ... اصلو انتو المثقفاتيه ديل بتعقدو اى حاجه وهو فى الذ من ليمون بزنس يا بزنس

    عثمان :

    - النذير خلى الكلام الفارغ البتقول فيهو ده ... منعم كلامو صاح

    احمد :

    - بس يا منعم كده ممكن نفقد العفويه فى العلاقات الانسانيه البسيطه .. وكمان النذير بفقدنا البعد الجوانى والجوهري لمفهوم علاقه اطلاقا ... المنو ممكن نحدد الجدوى من العلاقه .. وما نتجاوز

    النذير :

    - أمٌك ... جابت ليها بعد جوانى وتجاوز ... عارفين يا جماعه انا فعلا ما مهتم بى مساله البعد الجوانى دي ... انا مهتم اكتر باللستك الجوانى خصوصا مع البنات ... يا اخوانا المساله دى واضحه .. انا
    كده .. عليكم الله ما تبوظوا لينا البنات بى كلامكم ده ...

    قاطعته صائحا :

    - انت اساسا ما فيك فايده ... بنية وعيك التناسلى اتولدت بيها
    وحتموت بيها , والجامعه دى ما حتستفيد منها اى حاجه غير تفقد السودانيين مقعد فيها , لا حتقدم البلد دي ولا تاخرها ... ماشى ساكت كده ورا اصغر حاجه فيك ...

    النذير :

    - وده كلوا ما عشان البلد , يا منعم التناسل ده فلسفه ... بس انتو ما عارفنها ساى

    ضحك عثمان وهو يمازحنى :

    - ده كلو هين ... بس يا منعم عرفت من وين انو الجاري وراهو النذير اصغر حاجه عندو...؟

    اجبته ضاحكا :

    - شفتو ... والله العظيم شفتو ... زمان ونحن فى تانيه عام وانا فى البيت بعد المغرب كده اسمع ليك زول بكورك لى من ورا حيطتنا الفى الزقاق ... اطلع القى ليك صاحبنا ده لابس ليك فنله داخليه .. آى والله بس فنله وكمان لابسها بالقلبه ... سالتو والضحك كاتلنى يا زول مالك ... فى شنو ؟

    قال لى وهو يمط فى الفنله :
    كشه , كشه يا (.........) ... , جيب لى حاجه البسها سريع ...
    قلت ابرمج بيهو شويه و لكن بالجد الموقف ما كان بستحمل ... اخينا ده اتضح انو كان فى الزقاق الورا الاميريه ... والكشه جات , تصوروا جاري من زقاق السينما لغايه بيتنا فى حى البوسته عريان ... وبعد ده كلو ما تاب .... هذا النذير حياتو ما حضر معانا لا الحصه التالته ولا الرابعه ولا الخامسه ... يمشى الزقاق فو الفسحه الكبيره ما يجى الا فى الفسحه الصغيره ... واليغيظ اكتر برضو يطلع اول الفصل .. كيف ما عارف ؟!

    استغرقنا فى فاصل من الضحك والنذير يردد

    - خلاص فكيت التعرصه ... انشالله تكون ارتحت

    - انا ما برتاح الا انت تفكر فى الكلام البقولو ليك ده ... اصلو ..
    وفجأة قاطعنى عثمان وهو يقول ...

    - منعم كده خلينا من التنظير بتاعك ده ... ديك سلمى الكلمتك عنها , وشكلها جايه علينا

    النذير

    - والمعاها دى منو ... تنفع تكون فتاة غلاف .. السماحه دي بيجوبوها من وين ..؟؟

    والتفت انا منعم محمود , التفت تلك الالتفاته الشهيره , والتى لم يغادرنى بعدها وجه سلمى قط .... حتى بعدما اوصدته فى غرفة نائيه خلف سهوب الذاكره , ظهيرة النحيب الحزين لحاجه آمنه ... لحظتها طافت بذهنى احداث عشرون عاما مقبله ..
    عرفتها , عرفت سلمى ... فجيعتى التى اعلنتها انتحابا بين ذراعى امل عند الضفة الاخرى لنهر مزيف فى بلاد غريبه ... اعادنى صوتها المطير من ذهول الرؤيا والانصعاق وهى تحى عثمان

    - عثمان ازيك ...

    فقط لا غير - تماما - كاحترافيه المعني حد الفصام مع اللغه ...

    صوت له رائحه الدعاش وذاكره المطر واشياء اخرى كثيره لا تشتهي الرحيل , ولكنها تابى الاقامه ... تمدد احساسى بالصحراء , تذكرت حديث هاشم صديق عن الحراز والمطر ..... ولاول مره بعد التفاتتى
    الشهيره - والتى بها تؤرخ اشيائى - احسست بالعطش

    عثمان:

    - اهلا سلمى .. كيفك .. ده احمد , النذير , منعم ... احمد فى اقتصاد .. النذير فى هندسه معمار وانت لاقيتيهو قبل كده ... ومنعم

    قاطعتيه يا سلمى

    - فى طب معاك ... اهلا يا دكتور , دى نسرين معاى فى صيدله

    وزاد احساسي بالعطش ...
    ساعتها ... احسست بطعم كاسى المليون بعد العطش يقفز لحلقى وانا ومحمود ... عشيه الميلاد بعد عشرون عاما مقبله , فى ذاك الفندق ... فى تلك المدينه الغريبة خارج حدود هذا العالم ... وانا اقرأ لمحمود نصا لتاج السر جعفر الخليفه

    ( كانت لحظة اللقيا ...
    تجلجل فى فناء الروح ...
    كان الحب يرقص عاريا ..
    متجاهلا كل الخرافة , والمعانى السافله ...
    كالنيل حين يضج بالايقاع , ينفذ وحده ...
    عبر الصحاري القاحله ...
    طوبى اذا احتملت شرايينى هدير القلب حين اراك )

    تري اين ستكون حينها ايها التاج ... السر ... الخليفه
    يا لصوفيه هذا الاسم ...

    أفقت على صوت عثمان وانا مرتجف من برد ليله الميلاد

    - منعم مالك ساكت , سلمى بتسأل فيك !...

    التفت اليها

    - ايوه , ليمون بزنس ما بطال ... ما عندى مانع اعزمك , تعزمينى مافى مشكله ... المهم فى مسافه بيناتنا لازم نلغيها , ونحدد انت عاوزه منى شنو ... وادرت ظهري لهم ومشيت ... استوقفتنى بعد قليل

    - طيب اقل حاجه انتظرنى نمشى سوا ... ولا بتحب تقود القطيع ؟...

    - انت عارفه انك انتى الجارانى ... معاك قروش ؟؟...

    - اهلا ... بدينا , يا دكتور انت العازمنى !...

    - ذكرينى بعدين نشترى كراس عشان نقيد حساباتنا .... وصدقينى ما حآكل الا حقك

    - بس دى طريقة سداد صعبه عليك ...

    - انى ظلوما وجهولا .. وكادح اليك كدحا فملاقيك

    - ما حأشفق عليك

    - ما عندك وقت تشفقى فيهو على نفسك

    عقدت ما بين عينيها وهى تخرج بعض الاوراق الماليه وتقول

    - خليك عارف ... كلو مقيد




    كانت كافتيريا بزنس كما اشتهيتها تماما ... احضرت الليمون بعد صراع لذيذ مع ( الكبابى ) .. جلست بجانبها , ولكن .. تعذر الكلام ..

    تردد صوت مصطفى سيد احمد يغنى ( ولا بيناتنا المسافه ) .. اغمضت عينىً كى اعفى الاغنيه من حيز الشتات ...

    سألتنى بهدوء:

    - منعم وبتقرأ طب ومتأثر جدا بى مصطفى سيد احمد ..
    فى حاجه تانية ؟!

    - مريخابى ... ومن امدرمان

    - منو القال انو المريخاب ديل بس هلالاب زعلانيين

    - ممكن يكون نفس الزول القال انو الكيزان والشيوعيين وجهين لعمله واحده

    - داير تقول انو الهلال مؤسسه رجعيه .. يا دكتور الهل...

    - داير اقول انت منو ؟...

    - نعم ؟!!..

    - انت منو ؟؟

    - سلمى وهلالابيه وما من امدرمان ... وبكره شوارعها الضيقه وبيوتها الملصقه وانفعال ناسها ال over بيها

    - كده انت صاح

    - صاح فى شنو ؟!..

    - فى تعريفك لنفسك ... اصلو الناس نوعين ... من امدرمان وما من امدرمان

    - يا سيدى اشبعوا بيها ... بس اطلعوا من دماغنا

    -انتو الما بتقدروا تطلعوها منكم ... امدرمان دى مليون ميل مربع ... ما عندكم طريقه تتجاوزوها ...

    - دى ما مركزيه السلطه الضيعت البلد

    - انتو ما هامش لانو فى مركزيه فعاله .. انتو هامش لانكم عاوزيين تفضلوا هامش
    ضحكت هازئة:
    - انت فاكر انو حاحبك لانو افكارك غريبه ... ولا متخيل غنيه مصطفى دى متآمره معاك ... مغمض لى عيونك .. بالمناسبه ما بسمع مصطفى

    - ليه ؟!..

    - امكن بعد مريم الاخري غنى غربتو .. وذاتيه اى فنان بتكون خصما على اضافاتو .. يعنى انا بقرا لى عاطف وعثمان والصادق ... وحبيت حاجاتم اكتر وهى مكتوبه ...

    - يعنى بتسمعى مصطفى

    - ما بسمعوا


    هتفت لحظتها كاذبه , لم اري احدا اشد منك حزنا عليه يوم رحيله الحزين ... رأيتك تنتحبين خفيه , واعلنت عيونك الحداد موسمين من الاسى والدموع .. وفى الخاطر عشرون من الاعوام مقبله .. ووجهك يتسلل من خلف سهوب الذاكره وقوافل العشاق تضرب فى تيه الانتماء اليك ... وذاكرة العطش تبعثر ما
    تبقى من رمالك فى حلق الغناء ... ومناقير الطيور ... وطعم الحكايا عنك فى برد البلاد الغريبه ... وتمتمات الشوق اليك ... وحزن القصائد اذ تشتهيك ... وانت الحضور ... وانت الغياب ... هكذا تمتد الفجيعة فى الرحيل ... صورة سلمى , وبذرة والدى , نحيب حاجه آمنه ظهيرة صيف امدرمانى حزين ... ونشيجى بين ذراعى امل عند ضفة اخرى لنهر مزيف بمدينة غريبه , وأكواب الليمون , قبر احمد , وصوتك المطير , ورائحة الدعاش , وذاكرة العطش


    أشعلت آخر لفافة تبغ صنعت خصيصا للسودان ... ملأت رئتىَ برماد الحريق ... والنذير ما زال يحاول تأكيد العلاقه بين كابلى وادعاءات النخبه الزائفه فى السودان وحسين خوجلى وعمر الجزلى والتصفويه واقصاء الاخر والتهميش ... ونحن نعبر الكوبري انتبهت - انا منعم محمود - لحقيقه مرعبه

    فقد غادرت امدرمان
                  

07-25-2013, 00:18 AM

اساسي
<aاساسي
تاريخ التسجيل: 07-20-2002
مجموع المشاركات: 16468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    يا للاستجداء المبتزل الرخيص للنصرة

    قلت لي الي شهداء الحركة الطلابية !!؟
                  

07-25-2013, 00:21 AM

اساسي
<aاساسي
تاريخ التسجيل: 07-20-2002
مجموع المشاركات: 16468

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: اساسي)

    الي وقت قريب كنت اظن ان هذه بضاعة كيزانية خالصة
    استجداء مشاعر الاخرين واعادة تسوق النفس عبر بوابات الدين والشهداء ...الخ لكن يبدو ان الامر ليس حرزا كيزانيا كما تراي لي سابقا
                  

07-25-2013, 00:19 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)



    ( 2 )

    عثمان الفكى




    كان الوقت اشبه بالبارحه عندما افاق عثمان من حالة سكر انتابته اثر زيارة غامضه قام بها مامون لماري وهى فى تمام خمرها .. أدخل يده تحت المخده وسحب كيس السعوط والذي بدا منهكا من سوء الاستعمال .. استنشقه تماما كعاشق يستشنق جيد فتاته .. كور سفة اودعها فمه بالاهتمام الذي يليق , وسب اجداد اجداد مامون الذي استغرق فى فاصل من الضحك

    - العرقى ده جبتو من وين ؟!..

    - امبارح ما سالت مالك ؟؟؟.. لكن ما كنت قرد عديل كده ...

    اغمض عثمان عينيه محاولا التركيز فى ايجاد مساحه ذهنيه بينه والسفه يرتاح فيها الخدر ... تذكر ضرورة ذهابه للمستشفى لوداع زملاءه ... غدا يغادر كسلا للخرطوم , انتابه احساس مرير بالتخاذل ... ماذا سيفعل فى الخرطوم .. وما ... وراح فى اغفاءه افاق منها معتدل المزاج وقد خفت حدة الصداع - آخر تداعيات زياره مامون الغامضه لخمر ماري - ارتدى ملابسه بعد دش بارد ... حاول ان يبدو انيقا ولكن .. من اين اتت هذه الكرش اللعينه ... تمتم فى ضيق , سمع مامون وقد اشتبك فى نقاش صاخب مع آسيا ست الشاى

    - يعنى ساعه كامله يا خالتى آسيا عشان جبنه ؟...

    - هى يا ولدى ساعه شنو ؟... ما دابك طلبتها , بس ياها عوايدك تكورك فى الفاضيه والملانه

    - شكرا يا عسل

    ودخل وفى يده صينيه الجبنه


    - يا عب قاشر كده مالك ؟ ... وهو فى حاجه يقشرو ليها

    أدار عثمان جهاز التسجيل وانطلق صوت عبد العزيز داؤود

    ( وداعا ... روضتى الغنا ..

    وداعا معبدى القدس ...

    وداعا ...)

    تناول فنجانه فى هدوء ... اشعل سيجاره ... اطل من عينيه حزن تواري سريعا قبل ان يفاجئه مامون بسؤال بدا كقنبله

    - انت سلمى دى منو ؟...

    - سلمى !!!

    - ايوه ... سلمى بتاعت القصيده

    - قصيدة شنو ؟؟!

    - يا دكتور انت ما كنت واعى ولا شنو ؟ ...

    امبارح الميز كلوا سمعك وانت بتقول فى القصيده ... وبالمناسبه القصيده لغتها عاليه جدا , ومتماسكه جدا ... السكاري الامبارح ديل كلهم سكتوا وانت بتلقيها ...

    سلمى دى منو ؟...

    اطرق عثمان وابو داءؤود يردد:

    ( ولما لم اجد سلوى .. )

    احس بالاغنيه تدنو من بقايا سكره الواهن , والصداع ... ومن سلمى , آه يا سلمى ... ما زلت تنسلين من نسيج ذاكرتى وتهدينى هذا السلام ... ترى , اين انت يا منعم محمود ؟... تحت اى غيمة تكتب الشعر ... واى بلاد تستفيق على اساك ولا تنام ... وكيف تحلم بسلماك العصيه ... وسلماى المستحيل ؟..

    تذكر اول لقاء بين منعم وسلمى ... نعم كان المين رووود فى تمام ضجيجه ... كانت الدهشة تطل من اعيننا .. والعزم يطل من عينيها , ومنعم يبادرها بدعوة دونما اى مقدمات

    - ايوه .. ليمون بزنس , بس انا وانت ... اعزمك تعزمينى ما مشكله , بس فى لسه مسافه بيناتنا نحاول نلغيها ... ونحدد نحن عاوزين شنو ... وكيف .. ومتين .

    ساعتها , اغمضت عينى بشده فى انتظار سماع صفعه مدويِة ... وفتحتهما اثر ضحكة واثقه وسلمى تستأذننا فى هدوء وتنفلت وراءه كالطيف ...

    كنا مأخوذين تماما بالدهشة ... لم نعرف اينا اكثر دهشة من الاخر ... غير ان النذير كان اول من تمتم فى ذهول :

    - بالله شوفو الزول ده !! ... قبل شويه كان بقول شنو عن ليمون بزنس !!...

    احمد :

    - ديل كانوا راجين بعض ... اهلا نسرين

    وعرفت ان دهشة احمد كانت لاشعار آخر

    نسرين :

    - اهلا احمد وعثمان و ...!؟

    النذير :

    - النذير ... اوعك تنسى الاسم ده تانى ... وبالمناسبه عازمك ليمون فى بزنس عشان برضو فى حاجات كده وكده ... وبعدين انا صاحب البطل طوالى

    نسرين :

    - لا شكرا ..

    - طيب منقه فى علوم ؟!

    - شكرا

    - كركدى هندسه اى حاجه ؟؟

    وانقضى ذلك اليوم ولا اثر لمنعم وسلمى ...

    هجمنا عليه عندما عاد ليلا للبركس ... كانت خلاياه باديه العطش بعينيه بريق خافت ... وحزن عميق

    - يا زول وين انت ؟ والحصل شنو ....

    - لقيتها ...

    النذير:

    - لقيت منو ؟...

    - سلمى

    - وهى كانت رايحه ؟...

    وبصوت عميق الاسى .. ما زال صداه يثير رجفتى ... رددت عليه يا منعم

    - لا ... حتروح

    واحسست بطعم الليمون يقفز لحلقى ..
    تمتم عثمان فى سره ومامون يصب له فنجان أخر من جبنه خالتى اسيا...

    ترى ... اين انت يا منعم محمود .... قسرا تساق كل يوم لرحيل .. متى تعود ؟ .. كان احمد اول احزاننا , لم اكن اعلم انى سأحمله ميتا فى ذراعى .. ما زلت اشم رائحة الدم فى يدى , لم نكن نحارب ... كنا داخل اسوار الجامعه , نهتف بالصوت ليس الا حين باغتنا النزيف ...
    اين كان النذير يومئذ ؟؟, فقط تأوه ... نظرت اليه ... هالنى الحزن بعينيه ... لم يكن الما , كان ذات الحزن الذى عرفته بعد ذاك طويلا ... شاهدت انبثاق الدم من ثقب صغير بصدره ... اتسعت دائرة الحزن بعينيه , اطلت منها نسرين .. وخالتى التومه ... والصغيرة تيسير , والهتاف ... الهتاف يصم اذنى


    الجامعه تدين .... تجار الدين

    والرصاص يدوى ... وثقب الدم ... ودائره الحزن تتمدد ... مدنى , ود ازرق , مدينه البحوث , حديقه وقيع الله , بانت , حنتوب , والرصاص يدوى من جديد , والهتاف ... ورائحة الدم

    صرخت فيه بفزع :

    - احمد فى شنو ؟؟ ... احمد مالك ؟؟..

    صرخت فيك يا منعم وانت ما زلت تهتف ... واصوات الطلقات ترن .. نظرت الى بدهشه ... ثم اليه , صرخت .. بأعلى صوتك صرخت يا منعم .. بجزعٍ ما زال يثير رهبتى حتى الآن

    - عثمان ... احمد مالو ؟... أحمد مالو يا عثمان ؟!!

    وحملناه سويا يا منعم ... كم كانت دماءه غزيره .. عبرنا شارع النشاط ... تجاوزنا البوابة والرصاص يرن من حولنا ... وصلنا شارع الجامعه , انحرفنا واحمد بايدينا فى اتجاه قاعة الشارقه , عبرناها واحمد بايدينا ... اكان ميتا انذاك ؟ ,

    اذكر ان دماءه مازالت تسيل ... دماء احمد تسيل , تسيل يا .. تسيل والدخان يزكم انفى ..شى كالنار يزحف بعينىً .. ودوي الرصاص .. والهتاف ياتى من بعيد ..

    الجامعة تدين .. تجار الدين
    الجامعة جامعة حرة .. والعسكر يطلع بره ..

    ودماء احمد تسيل على ثيابنا , اهابنا , خلايانا , و حتى ارواحنا اصطبغت بذاك بالاحمر القانى .. اكاد احس لزوجته فى اصابعى الان ...
    اكان ميتا انذاك ؟؟...
    ونحن نجري , و نجري ولا شى سوى عربات الشرطه .. توسلنا اليهم , اطل من عيونهم الحزن والتردد ... ثم انتصرت ارواحهم لانتماءها الكريم ... وانطلقت بنا عربه الشرطه ... شارع الجامعه , المك نمر , السيد عبد الرحمن , الحوادث , الموت , الموت ... لماذا لم تبكى يا منعم ... اذكر ذاك بوضوح ... بكيت انا على صدرك .. انتحبت كالنساء على صدرك .. ولم تبكى , ولكنى احسست بالعطش وقد اجتاح فيك كل
    الخلايا ...


    توافدت مجموعات صغيره من الطلاب ... وبعد قليل تحولت مستشفى الخرطوم وما حولها لساحة محاصرة بعربات الشرطة والتى تمركزت فى نقاط محدده بينما راحت عربات رجال الامن تجوب شوارع القصر والسيد عبد الرحمن وبيويو كوان والشارع الداخلى المؤدى للمستشفى بسرعات عاليه مع اطلاق زخات من الذخيره الحية من بنادقهم الاليه ... علمت فيما بعد ان خبر استشهاد احمد قد سري بين الطلاب كسريان النار فى الهشيم , كان هدف السلطات الامنيه منع طلاب المجمع الطبى من التوافد على المستشفى ... بعد ان تم حصار طلاب السنتر بعد مصادمات عنيفه داخل وخارج الحرم الجامعى ..

    تم اقتيادنا انا وانت يا منعم محمود لمكتب الشرطه الصغير بالمستشفى لمقابله احد رجال الامن الذي بادرك بالقول

    - اهلا بالمناضل الكبير ... شايف نتيجة البتسوا فيهو ده ؟..

    مش انت منعم محمود ولا انا غلطان ..

    لم ترد عليه فقال

    - مش مهم ترد .. ثم وجه لى الكلام

    - انت ... الطالب المات ده من وين ؟...

    - مدنى ...

    - بتعرف بيتهم

    - ايوه

    - خلاص تتحرك حسع مع الجثمان ..

    نادى احد الرجال لاقتيادى مع التعليمات باكمال الاجراءات , وسرعه مغادرة المستشفى .. اقتادنى

    الرجل وانا اسمع ضابط الامن يقول لك ..

    - انت حتمشى معانا .. عاوزينك تشرفنا شويه ..


    تحركت بنا عربه رجال الامن اللاندكروزر بعد المغرب بقليل ... معى ثلاثه منهم بالاضافه للسائق ... وجثمان احمد مسجي فى الخلفيه .. راقدا فوق الحماله المهترئه لمستشفى الخرطوم ... كنت خائفا , وحزينا جدا حد الموت المكوم خلفى ... كانوا يتبادلون الحديث ببساطة متناهيه ... يثرثرون ويضحكون وهم فى حضرة من قتلوا ... كانوا يمازحوننى بالصفعات لم اكن اعلم قبل هذا اليوم ان بصدري ما يتسع لكل ذاك البغض الذي احسسته تجاه اؤلئك البشر ... وصلنا مدنى نحو التاسعه .. هيئت نفسى كى اصف لهم الطريق ... لم يطلبوا منى شيئا ... تجاوزوا ود ازرق حاولت ان اشرح لهم ذلك .. انهالت على الصفعات , ثم غطوا عينى بقطعة قماش ... سرنا نحو ربع ساعه حتى توقفت العربه , وامرونى بالنزول
    ... قادونى حتى ادخلونى غرفة اغلقوها على بعد ان اوثقونى بالحبال ...

    لا اعلم كم مر على وانا بذاك الحال حتى اخرجونى ... احسست بلسعة الشمس وقد تسرب لعينىَ المعصوبتين بصيص ضوء ... تحركت بنا العربة من جديد .. سالونى عن موقع البيت .. شرحت لهم موقعه بدقه حتى توقفت العربه ... من صوت حركتهم علمت بانهم انزلوا جثمان احمد
    جائنى احدهم وانزلنى بعنف , فكوا وثاقى , دفعونى حتى ارتميت على الارض , سمعت انطلاق العربه بسرعه جنونيه , نزعت قطعة القماش عن عيونى .. غمرنى الضوء الباهر لضحى شمس الصيف ... بدات اعى المشاهد رويدا رويدا , وجدت نفسى بوسط الميدان المجاور لمنزل احمد , و جثمانه مسجى بجانبى .. بدأ بعض الاطفال فى التجمع .. وبعض النسوه ... الاوغاد قد جاؤوا بالجثمان فى هذا الوقت بالذات كى لا

    يكون الرجال حاضرون ... بدا بعضهم فى سؤالى ... لم اقوى على الكلام , حتى جاء شيخ كبير رفع الغطاء عن وجه احمد ... وابتدأ العويل ...

    مرت عدة اشهر كالحات ... لم نلتقى فيها الا لماما , حتى جائنى النذير واخبرنى ان نسرين تريدنا الان و معا ... آه يا نسرين , كيف القاك الان وانا لم انسى بعد طعم المرارة فى حلقى ... والانكسار والهزيمه , حين وجدتنى اهتز كعصفور صغير امام خالتى التومه و هى تسألنى لماذا اتيت باحمد ميتا ؟... وبكاء الصغيرة تيسير ما زال يرن فى اذنى كقرع آلاف النواقيس .. كنت اعرف ان رصاصه اخري ستغرز
    فى صدرى عندما ألقاك يا نسرين , التفت الى النذير قائلا

    - منعم عارف ؟..

    - راجينا فى امدرمان

    ترددت قليلا ... ثم سألته

    - نسرين عاوزانا ليه ؟..

    - احتمال عرفت انو الجامعه قربت تفتح .. وقدرت انو

    احسن نتلاقى قبل كده

    - وسلمى ؟.. عرفت انها جات الخرطوم

    - والله ما عارف يا عثمان .. انا اصلا متضايق من الموضوع ده واحسن ننتهى منو سريع .. يلا منعم منتظرنا

    .


    وهكذا التقينا .... كم كنت مشتاقا لك يا منعم ... تعانقنا - فى صمت - طويلا , ثم انتحبت انا وهطلت دموع النذير غزيره , ولكنك لم تبكى ايضا ...

    وصلنا بعد المغرب بقليل ... جلسنا فى الحوش ... جاءت نسرين قرأنا الفاتحه .. ثم جلست , جلسنا ... لم نقوى حتى على تبادل السلام ... لم تسعفنا اللغه ... تذكرت حديثك عن احترافيه المعنى حد الفصام مع اللغه ... كسرت انت حاجز الصمت بهدوء قائلا

    - كيف احوالك يا نسرين ؟..

    - الحمدلله .. اسمعوا يا جماعه ... انا ماسكه نفسى بالقوه وما عاوزه ابكى ... لاسباب كتيره فضلت القاكم هنا قبل ما نتلاقى هناك ... انتو عارفين انا بعزكم قدر شنو ... وقدر شنو انتو قريبين .. وفقدنا واحد ... ... بس ما حأقدر امارس علاقتى بيكم زى اول ... احمد , الله يرحموا .. مات مره واحده و وانا بموت فى اليوم الف مره .. بموت فى اللحظه دى بالتحديد وانا شايفاهو طالى وبنفس ضحكتو ديك من عيونكم ... بموت لمن القاهو حاضر فى تفاصيلى كلها ... انتو فاهمنى واكيد حاسين بالكلام العاوزا اقولوا ... انا ما حاقدر الاقيكم تانى .. ما حاقدر

    وبذات هدوءك كان صوتك عميقا جدا يا منعم وانت تقول لها

    - اصلا ما عندنا خيارات كتيره يا نسرين ... ما حنتفرق الا عشان الحاجات البتلمنا ... خوفك مننا من حاجاتك العندنا وما فيشه ... خوفنا منك من حاجاتنا العندك وما فيشه ... والخوف ما زى الحزن يا نسرين ... الخوف بكبر .. والعطش بزيد ... بس بيفضل عندنا عندك حاجات لسه فى ... خلى بالك من نفسك ... وحافظي على نفسك ... ولو اتخلصنا يوم من الخوف الكبر جوانا ده ... امكن نتلم تانى ونتعافى ونصالح زمنا من جديد ... يلا شدى حيلك ومع السلامه ...

    و نهضنا ... وانفجرت نسرين بالبكاء , غالبت دموعى والتفت اليك يا منعم ... لحظتها , عرفت ان كل خلية فيك تشكو من العطش ... كنت تحدق خلفى تماما ... التفت , رأتها ...رأيت سلمى .. كيف كانت قريبه منى لهذا الحد ولم احس بسريانها ذاك العنيد فى عروقى ... كيف لم احس بدبيب نبض العشق يموسق نبض القلب حال اقترابها منى .. لم تنطق هى - سلمى -بشى .. اخذت بيد نسرين وقادتها لداخل المنزل ... ساد الصمت بيننا طويلا .. والنذير يقود العربه بتوتر ملحوظ وصوت مصطفى يغنى ..

    ( قطع شامة هواك من قلبو ..

    الا هواك نبت تانى

    وملا الساحات .. )

    وبدون اتفاق مسبق اوقف النذير العربه امام احد الكافتريات المطله على النيل ... نزلنا ... طلب النذير القهوه , التفت انت الى النادل مصححا ...

    - شاى ... عاوز شاى ساده ..

    باغتك النذير بالسؤال :

    - لاقيت سلمى الفتره دى ..

    - آخر مره اتلاقينا كان معانا احمد ... فى الميدان الشرقى
    تتصوروا !...
    كنا بنتكلم عن الموت ... عن الناس الاختاروا الموت ... مايكوفسكى , وعبد الرحيم ابوذكرى والعلاقه البيناتم ... احمد كان بفتكر انو فى بعد صوفى فى الموضوع ... الحقيقه المطلقه البنمشى ليها بغض النظر عن الاداة المستخدمه فى فعل الموت نفسو ... ممكن تقع من الطابق العاشر , وممكن تتكيف ذهنيا مع الموت وتموت .. وده بفسر موت المبدعين بدرى ... عبدالعزيز العميرى مثلا ... اصرار محمود محمد طه كان برضو جزء من مشيهو للحقيقه المطلقه .... موت صلاح احمد ابراهيم بعد على المك بشويه ... والناس الاقل شفافيه بختاروا الغياب كموت بديل ... والناس الماعندهم شفافيه بقعدوا ... عثمان مالك ساكت ؟...

    رشفت من فنجانى وانا ما زلت امد بصرى فى الظلام الكثيف اليلف توتى ... ثم قلت

    - عارفين انو غياب احمد خلانى اكتشف انو موجود فى حياتى بصوره غريبه ... تفاصيلى كلها ما بتم الا بيهو .. احمد كان هادى فينى ... جزء كبير من فهمى للحاجات كان من تاثير احمد على .... زى فنان كان بلون فينا بى ريشتو , وبدون ما نحس نطلع اجمل ... يا الله يا احمد ...

    وتحدثنا كثيرا ليلتها .. ضحكنا طويلا , وطويلا مارسنا الحزن .. وقبل ان نفترق قال النذير

    - غريبه انو نضحك ... بس كنت حاسس انو احمد كان بضحك معانا ... الايام الفاتت كنت بحس بالذنب

    لو لقيت نفسي بضحك ...

    التفت يا منعم محمود اليه قائلا :

    - يا عزيزى ... عندما تصبح التجربه اقوى من الالم ... ينمحى الاحساس بالذنب

    صاح فيك النذير :

    - انت الكلام ده بتجيبو من وين ؟!..

    رددت عليه

    - محمد شكرى ... رواية وجوه , عندى فى البيت

    وحاديك ليها ... بس تقراها كويس

    بعدها ما افترقنا قط .. الا بعد رحيلك الحزين عن امدرمان ... حبلك السري ... او عن تلك الشامه التى قطعتها من قلبك , فازهرت بستان عشق فى باحة روحك العطشى ... سلماك العصيه ... وسلماى المستحيل .. هل كنت تعلم ذلك يا منعم محمود ؟!

    وها انذا اعود اليك يا خرطوم .. ليس فى يدى سواك ماذا بيديك لى .. ايتها اللعينه


                  

07-25-2013, 00:42 AM

ibrahim alnimma
<aibrahim alnimma
تاريخ التسجيل: 03-28-2008
مجموع المشاركات: 5197

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    Quote: - مريخابى ... ومن امدرمان

    - منو القال انو المريخاب ديل بس هلالاب زعلانيين

    - ممكن يكون نفس الزول القال انو الكيزان والشيوعيين وجهين لعمله واحده

    - داير تقول انو الهلال مؤسسه رجعيه .. يا دكتور الهل...

    - داير اقول انت منو ؟...

    - نعم ؟!!..

    - انت منو ؟؟

    - سلمى وهلالابيه وما من امدرمان ... وبكره شوارعها الضيقه وبيوتها الملصقه وانفعال ناسها ال over بيها

    - كده انت صاح

    - صاح فى شنو ؟!..

    - فى تعريفك لنفسك ... اصلو الناس نوعين ... من امدرمان وما من امدرمان

    - يا سيدى اشبعوا بيها ... بس اطلعوا من دماغنا

    -انتو الما بتقدروا تطلعوها منكم ... امدرمان دى مليون ميل مربع ... ما عندكم طريقه تتجاوزوها ...

    - دى ما مركزيه السلطه الضيعت البلد

    سلام يادكتور .....حاولت ان احدد اي المقاطع اسرتني فوجدت صعوبة بالغة اذ ان كل ماقيل يستحق المتابعة اشكرك علي هذه المتعة والسياحة الثقافية الرائعة
                  

07-25-2013, 00:45 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: ibrahim alnimma)

    تسلم يا إبراهيم ..
    وأهو المرة دي عقدنا العزم تماما نحو اكمالها ..

    مودتي ..
                  

07-25-2013, 01:00 AM

امير طمبل
<aامير طمبل
تاريخ التسجيل: 10-22-2010
مجموع المشاركات: 1722

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)


    بترسم في رموش الغنية طعم الشوف علي جفن الحلم لامن ضلوع أقدارنا طقطقن النضم الكان مدسدس للصباح الجاي من سكة بحر




    دكتور محمد
    تسلم الأنامل يا عزيز واصل و أتحفنا ياخي
                  

07-25-2013, 01:10 AM

Sameer Kuku
<aSameer Kuku
تاريخ التسجيل: 03-28-2013
مجموع المشاركات: 1591

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: امير طمبل)

    إمضاء في دفتر الحضور دون انصراف.


    Sameer Kuku
                  

07-25-2013, 03:58 AM

سليمان القرشي
<aسليمان القرشي
تاريخ التسجيل: 01-12-2013
مجموع المشاركات: 1491

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: Sameer Kuku)

    حضور ومتابعة للكتابة الانيقة
    تسلم يادكتور
                  

07-25-2013, 05:32 AM

عبيد الطيب
<aعبيد الطيب
تاريخ التسجيل: 08-31-2012
مجموع المشاركات: 1801

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: سليمان القرشي)

    كتابة سمحة بلحيل
    صدق رزين ووفاء نبيل وحزن مقفي
    حضور ومتابعة وعطشي لمثل هذه الحروف الأنيقة

    محبتي ودمت سمحا
                  

07-25-2013, 02:17 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: عبيد الطيب)

    الاعزاء الاصدقاء ..
    أمير طمبل ..
    سمير كوكو ..
    سليمان القرشي ..
    عبيد الطيب ..

    كتبت بتاريخ 21/12/2010 ..
    وفي ذات العطش ..


    "وفى الخاطر, ان مقولة وطن المليون ميل مربع, لن تعود ذات صلاحيه فى ظرف الايام القليله المقبلات, وفى خضم هذا الحزن البالغ لفقدان جزء عزيز جدا من الوطن, والذى يبدو وكأننا أضعناه عنوة ومع سابق الاصرار و الترصد .. سأعاود محاولة الكتابه هنا, وسأجتهد قدر الامكان حصر مشاركاتى فى هذا الخيط, فليس هناك ما يغرى بالكتابه المثمره فى هذا المشهد العبثى .."


    ونعم, معايشة هذه الاحداث الوطنية الفادحة .. تجعل من الكتابة ذاكرة حيًة تسعي بين الناس .. وشاهدة على عصرها .. وأصدق ما يكون .. فلنلتزم جادة هذا الحرف المستقيم .. سنلزم عندها صراط الوطن الرحيم .. . والمسأله أشبه بما أشار إليه الفيتوري في وتريته .. (لما هزم الحرف هزمنا) .


    والحرف شقيق الروح فكيف تخون الروح التؤام فيها كيف تخون
    لما هزم الحرف هزمنا ….كان النظر أمام جدار الوهم كسيحا
    لما شدده الخوف الجسد المتعب كان مسيحا
    لما ذبحته اللهجه قمنا نبحث عنه فكان الروح جريحا
    وفضاء الفرقه فينا كان فسيحا




    لما ذبتحه اللهجة قمنا نبحث عنه فكان "الوطن" جريحاً ..
    سألزم جادة هذا الحرف الرحيم في هذا المجال..
    وسأحاول ما وسعني اتمام هذه الحكاية ..
    وسعادتي بكم تفوق الوصف ..
    مودتي ..

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 07-25-2013, 02:34 PM)

                  

07-25-2013, 02:42 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    ( 3 )
    منعم محمود




    الدنيا ليل .. غربه ومطر , وها أنت يا منعم محمود - وفى كل المساءات الغريبه - تعود , لرحم الارض امدرمان .... ولمدارات خروجك الحزين ظهيرة النحيب الموغل فيك ابدا ... وها أنت الغريب فى المدن الغريبه لا شى سوى جرثومة متحوصله فى كبد الغياب ... لا تمنع الذكري , ولا تقوي على هذا المطر الشجين ...

    وسلمى, عليها اللعنه ...
    مازالت تمارس ايغالها الموحش فيك بذات هدوؤها المستفز ... الواثق ... الشفيف , سلمى العصيه على كل الكؤوس , والمسافات البعيدة ... و الرحيل , هل كنت تحبها حقا ؟... حدث منعم نفسه هازئا بالاجابات المعلبه ... راقب جيدا احتقان السؤال على زجاج النافذه .... ابتسم بمرارة لصورته الشبحيه المنعكسه على زجاج النافذه قبل ان ينتبه ل ( آنَا ) وهى تحييه بحميميتها الدافقه:


    - عزيزى منعم كيف حالك اليوم ... لا تبدو بحال جيده رغم الابتسامه .... هل تذكرت احداهن ؟

    - عزيزتى آنا .. كيف حالك , وكيف جورج والاولاد ؟!


    - ليس لديه الكثير هذه الايام ليورط نفسه فيه ... ولكنك أتيت باكرا هذه الليله ؟...

    - هناك موعد ... ولكن وكما قلت لك نحن قد نلتزم باى شى الا المواعيد

    - أنتم أناس جميلون جدا ..

    - شكرا يا عزيزتى ... والان فلتاتينى بالبيره البارده ...

    ولكن لماذا تأخر محمود ؟...

    تمتم منعم لنفسه وهو يتامل الذهبى ذو الرغوه العنيفه .. جرع منه وهو يدعى الانصات ل آنا وهى تمارس ثرثرتها الاليفه حتى اقتحمهم محمود فجأة ... كان شديد الاشراق كأنه نازل للتو من السماء , حاضر الوسامة والالق ... وحميم جدا هذا المحمود ...

    - معليش على التأخير .... الجو سى جدا مش كده , كيف

    حالك يا آنا

    - بخير كيف حالك انت ؟.. ها قد اتى صديقك , فلتسعد

    - انا اسعد بك حقا يا آنا

    جلس محمود بعدما عاد بكأس ... وعينيه ما زالت تومض بشده .. عرفت ان لمحمود ما يخفيه .. تعمدت الا اسأله لاخبتر قدرتى على الصبر ... ورحنا نثرثر

    - كيفك يا محمود , وكيف ساميه وهبه

    - كويسين ... ساميه مصره ارجع بيك فى يدى , بكره اجازه وما عندك ايى طريقه للزوغان

    - خلينى بكره اجى اتغدى معاكم ... اصلا مشتاق جدا لى هبه

    - هبه حتفرح بيك ... تصور بقت تقول اسمك بطريقه لذيذه
    ( اموو موونئيم ) ...
    لكن ما عندك طريقه .. حتمشى معاى الليله ساميه عامله حسابك على العشا , وبكره يوم مفتوح وعندها ليك مفاجئه .. الموضوع ده محسوم , سمعت تصريح الطيب الخير الاخير ؟...

    - ابدا ... لكن بتوقع يحصل انشقاق فى حزبهم قريب

    - اتوقعت المساله دى كيف ؟... التصريح فعلا هجوم عنيف على القياده ... مع انو كان اقرب الشباب للسِد ..

    - شوف يا محمود ... الطيب عندو جلابيه لكل مرحله ... بغير جلدو كل ما يحس انو ضاق عليهو ... بكره حيطلع ليهو بيان وينشق مع مجموعتو ... بعد بكره يرجع الخرطوم ... وحينتهى وزير ... حساباتو دقيقه جدا ... ايام الجامعه كان صوتو اعلى مننا .... كان صوره مثاليه لمناضل شرس وعنيف .. لكن تتصور انو اصلا ما تم اعتقالو ... بعد الجامعه اتفاجأنا بانضمامو للحزب الكبير .... نفس الحزب الكان بهاجمو ... استقبلوه هنا استقبال الابطال ... ومشى فى الحزب بسرعه الصاروخ .... لو عرفتو يا محمود حتلقى دكتاتور كبير جواهو ... هو مثابر لكن افقو السياسى ضيق جدا ... ولو رصدتو كويس حتلاقيهو حايم فى كل المواضيع بى بره ... حياتو ما اتجاوز اليافطه والشعارات ... عندو ذاكره فوتوغرافيه للاحداث , لكن قدرتو على التحليل صفر ... صدقنى يا محمود النوع ده خطير جدا وللاسف , بوصل لاهدافو ... دى يا محمود مأساة بلد زي السودان

    - عارف يا منعم ده كلام غريب !... انا لاقيتو كم مره وكان دايما بسألنى عنك ... بذكر آخر مره هاجمك بى شكل غريب ... هو بفتكر انك نزلت من قطر النضال فى محطة الجامعه ... ده تعبيرو بالظبط .. نا افتكرت انو الموضوع نوع من الزعل منك والاهتمام بيك ... بس يا منعم بغض النظر عن الجزء الغير معلن فى هجومو عليك .. لكن

    - عاوز تقول انو فيهو جزء من الحقيقه ...
    عارف يا محمود قصة القطر دى هى ذاتها المشكله ...
    المسار الواحد البوصل لى محطه واحده حددتها السلطه فى السودان ... السلطه بى معناها الواسع , البتلمهم كلهم حكومه , معارضه , احزاب , عساكر و حركات عسكريه , بيوتات كبيره وتجار زيت وسماسره .... ونحن ما مسموح لينا الا بى خيارهم الواحد ده , يا نركب معاهم او يجردونا من الالقاب والنياشين ... وحتى لما نتناول خيارهم ده فى النقاش معاهم ما مسموح لينا بى نقاش افقى فى ارضيه واحده , لانو شكل التواصل عندهم راسي من فوق لى تحت ... وده تصور اساسو الدين والطائفه والايدلوجيا ... السودان ده ابدا ما قام فيهو نقاش حقيقى ... ما قعدنا يا محمود فى الواطه دى ومسكنا ورقه وقلم وحسبناها ... زمان فهمت سودانوية احمد الطيب زين العابدين كده ... وكلامو عن ( البرش ) البنقعد فيهو كلنا بى شكل دائري ... خيارهم الواحد ده بفرض علينا انو نناضل عشان يصلوا ... يلبسوا جلابيه الديمقراطيه ويحكموا ... او بدله العساكر وبرضو يحكموا ... والطريقه المعروفه قطر النضال بتاعم ده

                  

07-25-2013, 02:47 PM

محمد كابيلا
<aمحمد كابيلا
تاريخ التسجيل: 11-15-2008
مجموع المشاركات: 3510

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    حكى طاعم ،،،

    حضور ومتابعة
                  

07-25-2013, 02:52 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد كابيلا)

    تسلم يا كابيلا ياخ ..
    مودتي الفائقه آ زول ..
                  

07-25-2013, 03:02 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)


    محمود :

    - حتى لو كان كلامك ده صاح ... وانا ما معاك فيهو , تبقى انت والهامش الكبير فى السودان السبب الحقيقى ...
    السلطه مسلمة موجوده .. وحتكون موجوده تخدم فى مصالحها وحتى وانت سلبى معاها يتهبشك ... السلبيه والصوت المافى بتاعك ده خلى احساسك بالهزيمه متضخم جدا ..
    الهزيمه يا منعم شرك وقعت فيهو ...
    وين قدرتك على ابداع نضالك .....؟
    انت طلعت من السودان ليك سنوات طويله ... ولسه سلبي قدام هزيمتك , ما قادر او ما عاوز تتعامل معاها ... عايش ليك فى سراب داخلى ... وبتدير مع نفسك منلوجات داخليه .. حتى نفسك عملت منها داخليه
    وقعدت فيها ... انت يا منعم ما حاولت مره تنزل السودان عشان على الاقل تجدد احساسك بيهو .. اتحول السودان جواك لى فكره ثابته ما بتتحرك ...
    اتحولت الفكره دى لى طوطم ..
    صدقنى يا منعم الخيار ما واحد , الخيارات لسه مفتوحه , فى عوالم لسه راجياك ... انا ما عاوزك تنفض التجربه بتاعتك .. انا عاوزك تبنى عليها ... الناس لسه حيه وبتتحرك ... عارف يا منعم اول احساس جانى يوم اتولدت هبه ... شفتها وسط مجموعه من الاطفال ... عرفتها , بت سودانيه صاح ... حسيت بالابداع ... بالتجديد .. بالامتداد فى بكره ... حسيت انو غنانا القبيل داك ممكن يتحقق
    .. اولادنا السمر يا منعم ..
    افراحنا البنمسح بيها احزان العمر
    .. ده ما زمن الاسئله الكبيره ... ده زمن الاسئله الصغيره والبسيطه ... التفاصيل اليوميه ... وصدقنى يا منعم اجابات الاسئله الصغيره دى هى البتقودنا للاجابات الكبيره ... الكميات الكبيره دايما بتقودنا للفوضى
    ... الشرائح الصغيره هى الربطت العالم .... انا آسف , لكن من حقى اتكلم معاك ... كلامى معاك ده جزء من حواراتى مع ساميه ... مشغولة بيك كتير ...وحقيقى عاوزنك تتطلع من الجو الداخلى العايش فيهو ... اطلب ليك بيره ... منعم , منعم



    آه يا محمود ... لا تعلم كم هو موجع انتزاع هذه الخلايا ... كم هو موجع النزوع اليها ... كم هى موجعه حيث هى الان .. اعلم ان هذه المسارات الثلاثه غير متوازيه , تقاطعها داخل هذا الجسد وخارجه ليس خيارا ... ولكن , هذا انا ... تماما كما قال التشكيلى كاظم العراقى

    ( هذا انا .. هذا جسدى اراه فى الرؤيا من الداخل ... كما كنت اراه وانا فاقد الوعى .... انا استقرئ ولا احلل .. هى الرؤيا تركتها لحالها فانطلقت حرة مثلما رأيتها ...)

    طافت تلك الخاطره بذهن منعم وهو يسترجع بعض الذكريات التى بدت موغلة فى القدم .. وكأنها كانت منذ الازل ..
    كانت قد مضت بضعة اشهر كالحات منذ استشهاد احمد بين يديه واعتقاله الذي دام اياما معدودات بدت كدهور عجفاء كرست احساسه المقيم بالعطش ... خرج من المعتقل ذات ليل حين قادوه بعربة وهو معصوب العينين وانزلوه فى ميدان ابو جنزير ... كان فاقدا لاى احساس بالزمن .. تطارده صوره احمد احيانا واحيانا صور زبانيه الامن الغلاظ .. واخذ يمشى ويمشى صوب امدرمان .. طافت صورة سلمى بخاطره عند اجتيازه الكوبري ... وقف طويلا امام قبه الامام المهدى حتى زجرته احدى دوريات الشرطه

    طرق باب بيتهم طويلا قبل ان تفتح امه الباب .. لم يبكى على احمد الا فى حضن امه التى بادلته البكاء والقبل طويلا .. تردد كثيرا ضحى اليوم التالى فى الذهاب الى الجامعه .. كان اكثر ما يخافه رؤيته لعيون
    سلمى يجللها الاسى .. لا لم يكن يخاف الاسي بعينيها .. كان يخاف تلك التهمه التى ما استطاع نفيها قط .. كان يخافها ان تطل من عينيها .... هل كنت يا منعم مسؤولا عن موت احمد ؟ ..

    اواه ما هذا الجحيم . استقبله الطلاب بحفاوة فاقت حتى تصوراته .. تجمعوا حوله معزين ومباركين .. بحثت عيناه طويلا عن سلمى .. لم يجدها .. ولن ... لم يلتقيها الا بعد عدة اشهر للحظات قليله توقف عندها الزمان .. توقفت كرته الارضيه عن الدوران .. توقف قلبه قليلا قبل ان يتأكد من تهمته تنطق بها عيون سلمى فى جرأة ووثوق .. كان ذلك بمنزل نسرين .. مرت ايام قليله قبل ان يلتقيها جوار قاعة سيد المبارك بكليه الصيدله ذات نهار كالح ... تبادلنا التحايا سريعا قبل ان تقول

    - منعم ... انت عارف كويس انو مافى فايده .. هكذا ومضت



    آه يا سلمى ... لماذا تركتينى وحيدا .. زبونا لكل المطارات البعيدة , والبلاد الماسخه , والشوارع الجحيم ... اشتاق لطعم الحليب فى غياب ( سيد اللبن ) ... وأزرع الشوارع بالقصائد والغياب ..


    وتريد لى يا محمود الآن حبيبة اخري واطفالا قصائد وتفاصيل اخري رحيمه ..؟

    تريد لى يا محمود وطنا اكونه مناضلا وعاشقا وفارسا نبيل ؟؟..

    ليس لى الان هذا الوطن ... ذاك التراب الهناك .. محض تراب .. محض شموس لا تجي الا بالنهارات الزيف والطيور الميته والمحاذير ... وطن لا يلبى اشتهاءاتنا البسيطه ... ويغتال حلم اغانينا الفارهات .. تراب لا نطير اليه عشاقا فنلقى عشاقا ... وطن يقابضنا حبه بالنزيف .. ولكنى ارفض المساومة ,

    اذن .. ليس عندى الا ان اتم قصيدتى قبل القيام الاخير ثم اغيب .. اغيب اليها .. فلسلمى ما تبقى من رحيق .. ولى منها زاد الاف المساءات المقبله ذات المطر الشجين , وخاطر .. وقصيدتين .... وارض الله واسعه .. وستكون واسعة وحتى يغادرنى الحنين .. هكذا اعلن محمود درويش , نعم الخيارات مفتوحه .. ولكنها غير مستقله لان المسارات غير متوازيه .. تتقاطع حتما بفعل المساوقه اللااراديه نحو نهايات متواطأ عليها سلفا .. اذن لا وجود للخط المستقيم .. هذي هى ثقافة الدوران التى ارفضها .. وانت ما زلت تدور بسيارتك الصغيره , والمدينة تلبس ثوب دعارتها كى تتعري من هذا الزيف العالق فى عيون ساكنيها .. وتدعوهم للجحيم .



    نقترب الان من منزل محمود .. يزداد يقينى ان لمحمود ما يخفيه مما زاد توتري .. ما عدت اطيق المفاجأءات .. اصبحت اضيق بالاجواء الاجتماعيه المفروضه والغير متوقعه .. اسخف ما فيها الاسئله والتى يعتبرها السودانيون حقا مشروعا لهم وان كانت تخص اكثر اشياءك خصوصيه ... هيأت نفسي للاستباحه والتى ستبدأ من ساميه وبطريقتها المحببه , وقد تنتهى بغرباء لا قبل لى بهم ..

    ومحمود ما زال يثرثر عن الصغيره هبه وهواجس الغربه والعمل حتى توقفت بنا السياره وهممت بالنزول ... فاستوقفنى محمود ضاحكا :

    - دقيقه بس نتجهز قبل ما نقابل الحكومه ..

    - كيف يعنى ؟..

    اخرج من درج السياره زجاجه عطر وبخاخ معطر للفم فادركت ان محمود يحاول ان يدارى سوأة سكره .. اشار ضاحكا

    - عدة الشغل

    ضحكت هازئا :

    - والله طليعيين آخر زمن .. مش دى ساميه الكنت زمان بتشيل منها الشير بتاع العرقى ايام الجامعه !!..

    - ساميه اصلا كانت جبهه ديقراطيه ايام الجامعه .. اتخرجت

    بقت ديقراطيه .. بعد العرس غيرت رايها و بقت جبهه بس .. وجبهه عنيده كمان

    استقبلتنا هبه اولا وهى تتعثر فى مشيتها وتتمتم:

    - با .. با با ....

    اما ساميه فقد شرعت فورا فى هجومها العنيف والمتوقع

    - منعم .. وين انت ليك شهور ما شفناك ... ومالك ضعفان كده , وانتو عيونكم مالا محمره كده ليه .. و .. وانهارت كل خطوط محمود الدفاعيه

    اخذ محمود يتمتم بما يشبه الاعتذارات الواهية:

    - شربنا لينا كاسين قبل ما نجى .. كدى انت روقى شويه ... العشا جاهز ؟..

    - منعم انا حأفرض عليك حظر ... ما ممكن الببنيهو فى شهور تبوظو لى فى ساعتين ... كدى هسع جهزوا السفره .. حأنوم هبه واجيكم

    كنا تماما كتلميذين نالهما التقريع العنيف من استاذ لغه عربية شايقى !!
    شرعنا فى اعداد السفره ونحن نتضاحك سرا ..ومحمود يمارس الطنطنه التحت تحت كأجمل مغلوب على امره ... أخذنى هذا الطقس العائلى الحميم ... كان قريبا جدا لبعض ما حلمنا به انا وسلمى كثيرا ..

    سلمى !!!
                  

07-25-2013, 07:24 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    سلمى !!!
    ياااا ..

    ( عليها اللعنه
    وعاصفة الطبول ..
    وساعدى الاسمر ..
    وهذا النشيد .. )*


    سلمى .. تلك المقيمة الابديه .. الراحلة دوما فى الوريد .. العصيه على النسيان , تسللت- كعادتها - تلك الضحكة الواثقه لعينيها من غرفتها النائيه الموصدة خلف سهوب الذاكرة وانتصبت جلية امام ناظريَ.. هنيهة وانفتحت كنوز الذكريات ..

    كنا فى طريقنا لحضور حفل تخريج طلاب كليه الفنون بجامعة السودان .. سلمى وانا .. محمود وساميه .. احمد ونسرين والنذير وعثمان ..
    كان الحفل شديد الازدحام , لكن النذير نجح وبسهولة شديده فى الحصول على بعض المقاعد الاماميه بطريقه لا يعلمها الا هو .. كان دبيب النشوة متصاعدا فى عروقي حتى اقصى حدود الاحتمال .. عيون سلمى الضاحكه .. والاصدقاء .. وتلك الخمر الجيده التى جاء بها عثمان من سوبا خصيصا لذاك المساء .. وعركى يغنى ويغنى .. ضحكك شرح قلب السما وتزداد عيناها اتساعا وضحكا .. تتصاعد النشوة وراء حدود الاحتمال .. وانا اغدو طيفا لطيفا يحلق حول ملاك .. همست باذنيها شعرا.. عشقا .. بوحا رقيق الفواصل .. همسا اقرب لصلاة روح طاهره.. غناء نازفا ما فى الوريد .. وممعنا فى عذوبته .. وشاهقا فى المقال

    وعركي يغنى فى الروح
    ( ياريت انت تعرف ...
    لحدت وين بعزك ..
    وفى اعماقى حسيتك .. )

    وانا ما زلت امارس الصلاة عشقا هامسا باذنيها .. شفتاى تكاد تلامس خصلات شعرها .. ضحك عينيها يزداد ضجيجا فى العروق .. خالجها انذاك مزيجا فريدا من الخجل والفرح والارتباك

    رجعنا مشيا حتى المجمع الطبي .. غنيت لها ( حاجه فيك )

    غنت لى ..

    ( وامضينا باقى الليل

    مشوار يطوح القام

    وسرحنا متقاودين ...

    نتلاقى احلى كلام )

    اجتاحنى الفرح العارم وهى تودعنى و ( عم سيد ) يتظاهر بالغضب الشديد لتاخرهم وهو يفتح باب الداخليه

    - منعم .. الله يخليك لى ... تانى خأخت ليك قزازه احتياطى فى شنطتى .. ولا اقول ليك تانى اصلك تشرب.. انا ما حأقدر استحمل فرح زى ده

    ارجعنى صوت ساميه من ذاك الفرح المقيم

    - منعم ... انت ما معانا ولا شنو , بعد العشا حنكلمك فى موضوع بس عاوزنك تسمعنا للنهايه


    .* ( مقطع من قصيدة وانجا .. المرأه التى صوبت فاكهتها نحو الفرح

    فاذهلت الفصول بموسمين )



    اجبتها بحذر مشوب بالقلق :

    - خير !.. انشاء الله خير .. موضوع شنو ؟...

    - مش قلنا بعد العشا ... وانت ما بتاكل مالك .. عشاى ده ما عاجبك ولا شنو ؟..

    اكملنا عشاءنا وانا احاول تخمين ما سيقولاه لى ..
    احسست بجدية ما يريدان قوله فقد تم ترتيب هذه الزياره جيدا ... اولا تلفون من محمود لترتيب لقاء , واصراره فى الهاتف الا ارتبط بمواعيد فى اجازه نهاية الاسبوع .. واصراره الغريب على اقتيادى للمبيت عندهم , ثم ها هى ساميه تفصح بمقدمات شئ اكاد احس بخطورته ...بادرت بسؤالهم بعد الفراغ من الطعام , مصطنعا شيئا من اللامبالاة والمرح ..

    - يلا كلمونى بى موضوعكم الخطير الما عاوزنى اقاطعكم

    تبادلوا نظرة سريعه ... تم بها الاتفاق بان تتولى ساميه مسؤوليه بدء الحديث ... اتأكت بظهرها على المقعد وتتطلعت الى بنظرة ثابته وبمنتهى الهدوء قالت

    - سلمى ....


    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 07-25-2013, 07:26 PM)

                  

07-25-2013, 09:09 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    سلمى خالد


    سافر .. محطات الوداع ضجت , قدامك وراك ...

    ترددت الاغنية طازجة .. متدفقة .. وحارة بخاطر سلمى وهى تمارس انتظارا شديد الوطأة والتوجس والاغتراب فى مطار من تلك المطارات التى يعبرها العابرون ثم لا يلبثوا الا ان يسقطوها من ذاكرتهم بكل صخبها الرزين وضجيجها الصامت وعيون عابريها المرهقة .. تململت فى مقعدها وبدأت تمارس هواية استدعاء الاغنيات تتمتمها سرا لا يتجاوز الشفتين .. قفزت لخاطرها بضعة مقاطع لاغنيات , راعها انها وكلها من تلك النوعية والتى تدعوها بالمتآمرة والتى تدين بالولاء بشكل او بآخر لمنعم محمود فتمتمت جهرا:
    ( عليك اللعنة يا منعم )
    وسرا تردد:

    ( لم نجد فيما قطار العمر يدنو , من بقايا الدرب
    من ضوء على شئ وقد ضج الاسى اسراب .. والهوى اسراب
    كنت تدعونا , فأسرعنا .. وجدنا هذه الدنيا محطات بلا ركاب
    ثم سافرنا على ايامنا اغراب )

    زفرت بحرقة وهى تتمتم له سرا

    - ها انت ( تطل من كل شباك امسية ) .. ومن كل الصباحات الاسيفة والشجن , من كل خطوة اخطوها ولا تخطوها معى .. من كل درب يمضى بعيدا عنك .. يا كل مساءاتى / الاشتهاء ... ومسافاتى /الاغتراب .. ايها المتجول الابدى فى شراينى .. ايها الساكن دوما حواشى القلب .. هلا أوقدت لى فى دواخلى شمعة اثر اقامتك الابدية فيها كى اراك

    ما زلت أحفظ مقاطعى من القصيدة .. وابحث عنك كثيرا كى اسمع منك ختامها .. اسمعة احيانا كصوت يأتينى من البعيد , يشبه صوتك ..

    ( سلمى , فانوسك نومنى وساهر .. اطفى النور ) ..
    آه يا منعم قد ضاعت منى تفاصيل صوتك , ملامح عطرك ... ضاعت منى تفاصيلى .. حتى ملامحى ما عدت أعرفها من بين تضاريس الحزن ويأس الاشواق .. كيف ارتحالك في هكذا حرا طليق السراح تفعل ما تشاء .. كيف وانا من اضاعك عنوة وترصدا وغباء .. رجل بطعم الاغانى الفارهات والوطن الجميل , لا يجئ فى الحلم الا ممتطيا صهوة الخيول الجامحات نضالا وثورة واشتعال .. ولكنه كان شديد الالفة حين يضاحكنى .. والرقة اذ يحن .. والحنان اذا ما ساوره الحنان .. ترى , لماذا حدثت او لماذا لم تحدث كل تلك الاشياء .. وتنهدت ...

    آه يا منعم كيف انحسارك عنى ومواسم المد فيك لا تنقطع ..
    رجل دائم الخضرة حتى فى صقيع الاغتراب ..
    لماذا حدثت او لماذا لم تحدث كل تلك الاشياء ..

    وتدفقت عليها الذكريات فأجفلت كمن اصابة نزف وجدانى غزير .. تواترت مرائى طفولتها بالابيض , بيتهم بحى القبة جوار مدرستها آنذاك .. تذكرت ذاك الحزن الدائم والمطل ابدا من عيون أمها , لا تذكر امها الا بحزن عينيها الوادعتين , وفمها المزموم فى حزم وجلد .. كانت شديدة الجمال .. ذاك الجمال الذى لا يزيده الارهاق البادى فيه الا غموضا وسحرا لا ينتهى , فمريم بت محمد احمد ود طه كما تدعى امها دائما , كانت من اجمل النساء فى الابيض .. أبوها تاجر جاء مهاجرا من الشمال فى منتصف اربعينيات القرن الماضى ..وسرعان توطدت علاقاته بأعيان المدينة وكبار التجار .. أسس لنفسة تجارة راسخة وكان وكيلا لبعض تجار امدرمان .. أزدهرت أعمالة اوائل الخمسينيات فأبتنى دارا واسعة وصاهر احد أكبر تجار المدينه الشيخ عبدالقادر الحاج محمد نور وكانت مريم اول غيثة والذى امتد بامتداد ثروته لاحد عشر ابنا وابنة واحدة .. وهكذا .. ترعرت أمها فى عز وجاه شديدين .. ونالت مريم حظها من التعليم شأنها تماما كشأن اخوانها الذكور , ومرد ذلك ربما يعود لتعلق ابيها الشديد بها باعتبارها ابنته الوحيدة اضافة لانه يعتبرها فاتحة خيره .

    ولطالما شهدت الدروب المفضية للسوق الحاج محمد أحمد وهو ذاهب بمريم لدكانة حيث تقضى معه سحابة يومها ... وقد استمر ذلك حتى بعد ان تفتقت ملامح انوثتها عن بينوناتها الصغري بيد انه توقف بانبلاج البينونات الشاهقة التضاريس لانوثتها .. وهكذا اجدبت كثير من حدائق كانت قد اينعت فى قلوب الكثير من شباب السوق ..
    غير ان منهم من تشبث بكردفانيته الاصيلة فى العشق فأدمن التسكع امام مدرستها الثانوية , حيث التقت هى هناك بالاستاذ خالد محمد عثمان ..

    تشهق دواخل سلمى دوما آن تذكرها لابيها ... تأتيها ملامحة وكأنها من وراء الضباب .. يقولون لها انها شديدة الشبه بابيها .. فأدمنت التطلع للمرآة علها تستشف ما ضاع من ملامح .. وكثيرا ما يكون هو حاضر بذاتة فى تفاصيل حياتها .. وحتى بعد موته بسنوات كانت تحس بوجوده دوما بين موجودات الحياة .. كانت وكأنها تغالط موته بأستحضاره حيا يعشق .. ادمنت معة ممارسة عفو الحياة ضحكا وغضبا وألما وأنسا واشتهاء .. ولطالما خاصمتة غضبا منه لموتة وكأنها تحملة مسؤولية ان يبقى حيا لا يموت



    فى تلك الايام .. عرفت عيون أمها الحزن , وأكتسبت شفتاها مهارات الصلابة والجلد , شى من الاسي العميق يسكنها .. شى من الخوف يطل دوما من عينيها الوادعتين الطيبتين .. تذكر سلمى فترات غياب والدها الطويلة عن البيت , وتعليل امها لذاك بانه على سفر , غير انها كانت تسمع من همسات الجيران وابنائهن وبعض الزوار كلمات مثل السجن والمعتقل ثم لعنات تنصب على شى يسمونه السياسة ..

    تذكر سلمى أخر تلك الغيابات حين ايقظتها وهى فزعة ضربات قوية على الباب .. كانت تنام على حضنة , ازاحها ومشي بهدوء واطمئنان ووثوق .. تحدث مع بعضهم قليلا ثم عاد ليحزم شنطتة الصغيره رفيقته الدائمه فى الغياب .. قبلها فى وجنتيها سريعا وودع امها التى انخرطت فى نحيب صامت .. كان موت ابيها تماما بعد عودته من تلك السفرة / المعتقل باسبوع واحد .. عانى فيه مرضا شديدا استدعى نقلة للمستشفى , حيث غلب السل صدرة هناك ومات.

                  

08-01-2013, 02:56 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    أجمل ما يمكن قراءته
    شكرا يا مشرف

    فكرة تعدد مصادر السر د جميلة
    المقصود سرد و حوار
    امسكاك عميق بالفكرة و لغة باذخة
    شكرا تاني

    طه جعفر
                  

07-25-2013, 10:48 PM

عاطف عمر
<aعاطف عمر
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 11152

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    تسجيل حضور
    دعماً للمفردة الأنيقة

    تحياتي وسلامات حبيبنا المشرف
                  

07-25-2013, 10:58 PM

عادل الباهي عبدالرازق
<aعادل الباهي عبدالرازق
تاريخ التسجيل: 10-18-2010
مجموع المشاركات: 4905

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: عاطف عمر)

    هاديء قعدة
    دكتور المشرف واصل يا حبيب بالجد حاجة روعة
                  

07-25-2013, 11:54 PM

Ishraga Mustafa
<aIshraga Mustafa
تاريخ التسجيل: 09-05-2002
مجموع المشاركات: 11885

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: عادل الباهي عبدالرازق)

    Quote: طُقُوسُ الْعَطَشْ
    مُسْمَارٌ في قَدَمِ الْلَّيْلِ يَنْتَحُ بأشْوَاقِ الْحَرَازْ
    يَشُدُّ أشْرِعَتَهُ لِمُهْرَةٍ غَريبة
    يَفِكُّ ضَفَائرَ هُوِيَّتِهَا لِتَعْبُرَ
    جِسْرًا عَلَى نَهْرٍ مُلَوَّنٍ بِقَوْسِ دَمِهَا
    ( سَوْط مَطَرْ )
    يَنِشُّ عَنْ قَلْبِهَا طُيُورَ حُزْنِهَا
    يَبْزُغُ طَلقَ الأغنيةِ الَّتي ضاعَ مُغنِّيهَا
    إبْرَةٌ تَنغرزُ في شَهْوةِ اللَّيْلِ لِلْحِجَى
    وَحِكَايَاتٍ عَنْ نَبَاتاتٍ بَرِّيَّة
    وَهُمُومِ وَطَنٍ لا يَحْمِلُ سِوى ظِلِّنَا
    وَجرَاحَاتِنَا الَّتي تَنْبِضُ هَزيمةً وَصَوْتًا مُنْكسِرًا
    على مِرْآةٍ لا تَعْكِسُ سِوَى أحْلامٍ تَبَخَّرَتْ
    تَخَلَّقَتْ غَمامًا
    يَتَشَكَّلُ فَاكهةً لِرُوحٍ تَشْتَاقُ لبرَاءَاتِهَا
    عندَ انْهِمَارِ اللُّغة .
    لغةُ الْغَمامِ وَنُبوءتُهَا
    تَرُذُّ الْعُشْبَ
    وَمَا مَنَحَني مِنْ شَهْوةٍ للْحَيَاةِ
    وَشَاشَايًا للْمُسْتحيلْ
    أنْ تَعودَ الْمَوْجَةُ لِهَديرِهَا الْقَديمْ
    أنْ تُعانقَ طَمْيَهَا
    وَتنَامَ على أسِرّةِ حِمَمِكْ
    لا فَرْقْ ..
    فَمثلي للْمَاءِ وَالنَّارِ تَنْتَمي
    تقابُلات لُغَةِ الضِّد.
    تناغُمَات مَوْتِ أسماكِ الْكِتَابةِ
    عَلى ضِفَافِك الَّتي نَثَرَتْني برِمَالٍ
    انْحَسَرَ عنهَا مَديحُ الْبَحْرْ
    تَكَلَّمْ إذنْ
    لا مَفَرّ
    فَالْبَحْرُ أمامَنَا
    والنَّارُ خَلْفَنَا
    تَكَلَّمْ لِتَكْمِلَ رغْوَةُ الْبحْرِ قصيدةَ ضجيجِ النَّمْلِ
    والدُّنيا شِتَاءٌ للْحنينْ
    أوْ ليَلُفّني نَسْرُ قَلبِكَ تحتَ جَنَاحِ الرَّحمةِ الَّتي أحِنُّ ..
    تَكَلَّمْ.....
    سوفَ أنتظرُ أنْ يعودَني ظِلِّي
    أنْ يَعودَني الْمُغني في لَيلةِ عُرْسِ الْحَرَازِ وَالْمَطَرْ
    فَلَنْ أمضيَ قبلَ اكتمالِ أنشودةِ الإيابْ
    قبلَ أنْ تنثُرَ الرَّمادَ عنها لِغُيُومِ قلبي..
    ستنهمرُ لغةُ الكلامِ الَّذي أشتهي..
    لنْ أمضيَ قبلَ أنْ أرتشفَ قُبلتيَ الأخيرةَ
    ليكْتَمِلَ مهرجانُ الْعَطَشْ ..
    فَتَكَلَّمْ !!

    ----------
    اشراقه مصطفى حامد ... ذات عطش
                  

07-26-2013, 06:18 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: Ishraga Mustafa)

    لاشراقه ونحوها ما اليها من بنات القلب حبيباتنا..
    لوانجا ذات البهاء وذات الحضور ..
    كيفك وكيف كيفك يا عزيزتي ..

    ترتبط "العطش" عندي بالصديقات والأصدقاء ..
    وعندي فيها حكايات وحكايات أجمل ..
    وانت براك حكاية يا شروق ..

    أذكر أول مرة قرأتك ..
    كان ذلك في سودانايل
    وكنت تحكين عن كوستي وأنت في كامل الإغتراب ..
    ومذاك الحين ظللت أتابع عطشك الخاص يا صديقتي ..
    فلكل منا, على نحو ما , ذات العطش , ذات تلك التفاصيل الموجعة .. ذات حراق الروح .. ذات الغربه


    Quote: سوفَ أنتظرُ أنْ يعودَني ظِلِّي
    أنْ يَعودَني الْمُغني في لَيلةِ عُرْسِ الْحَرَازِ وَالْمَطَرْ
    فَلَنْ أمضيَ قبلَ اكتمالِ أنشودةِ الإيابْ
    قبلَ أنْ تنثُرَ الرَّمادَ عنها لِغُيُومِ قلبي..
    ستنهمرُ لغةُ الكلامِ الَّذي أشتهي..
    لنْ أمضيَ قبلَ أنْ أرتشفَ قُبلتيَ الأخيرةَ
    ليكْتَمِلَ مهرجانُ الْعَطَشْ ..
    فَتَكَلَّمْ !!
                  

07-26-2013, 06:31 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: عادل الباهي عبدالرازق)

    عادل الباهي ..

    وفي البال حكاياك والغجر يا صديقي أقول:

    أن يختبر زول نفسو في مجال فيهوهذا العدد من الذين يفهمون في جماليات السرد .. فتلك تجربة مخيفة جدا , وسأجتازها لو ربك هون يا عادل !!
                  

07-26-2013, 06:35 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)


    اجهشت دواخل سلمى بنداءات الحزن الشاهق .. وبذات دمعها السري غسلت دواخلها الروح فى طقس
    داكن الملمس و عنيف جدا فى ايغاله الموحش بين تفاصيل خساراتها الفادحه .. لملمت شيئا من التماسك
    وادعت ما تبقى واستدعت ذاك اللا موجود ..

    وهكذا وفى اعتياد اليف مضت تمارس شهوتها الابدية فى التواثب ما بين المحطات - تلك الوضيئة - من عمرها .. غير ان ذاك الحزن مقيم , آلفته .. وكثيرا ما تأبطت ذراعه فى جزل لتمشى فى مهامة اغترابها السحيق .. كم كان رائعا ودافقا بالحب والدف والانسنه .. وكم كان الشجو ظاهرا وقريبا جدا , والذكريات .. أنست روحها كثيرا بايمانها ان الحزن دليل عافية الحس والشعور ..

    توترت قليلا عند سماعها الاذاعة الداخليه لذاك المطار الموحش وهى تعلن للركاب حتميه التوجه لبوابة المغادره .. اصابها الرعب لادراكها كم ميلا ستقترب من منعم محمود عند عبورها تلك البوابه .. كم احساسا ستقطع .. كم اغنية ستهرق دمائها قربانا لذاك اللقاء .. تملكها احساس مريب بفقدان الوزن والاتزان ..

    استسلمت تماما لشئ من الآليه عند ولوجها بوابة المغادره فى طريقها للطائره , تفاجأت بالرهق البادى فوق عيون المسافرين وبالتوجس المطل منها والخوف الذى لم تمنعه كل تلك الابتسامات من التواجد الحي والمسيطر على جو الطائره الداخلى , بادلتهم - بآلية وطنت نفسها جيدا فى روح روحها - تلك الابتسامات , وساهمت بغير قليل فى ازدياد وطأة الخوف على الجو الداخلى للطائره .. قليلا واسلمت قيادها للشء من الخوف يهدهدها صوت منعم بالقصيدة:

    ( بلقاك مكان خاطري القديم ..
    زحمة حجا وزمنا وسيم ..
    والشارع , الناس والبيوت
    والجاي منك , وليك بفوت
    كل الخرايط والمدن مليانه بيك ..
    شرقانه بى حرفى البموت
    ما بين شفاهك اغنيات .. )

    مازالت وبعد كل هذه السنوات التى امضتها فى الترحال اينما القت بها عصاه , تخاف لحظات اقلاع الطائره .. بيد انها سرعان ما تستجم فرائصها عند استقرار الطائره افقيا وعودة الحياة والحركه لطاقم الطائره والركاب .. كانت كثيرا ماتعجب لهرولة عدد كبير من الركاب لحمامات الطائره عند اطفاء اشارات ربط الاحزمه .. وكان تلك الدقائق المعدودات بين الارض والسماء تفعل فعلها بمثانلت الناس .. او لعله الخوف , الخوف الذى لاحقها كثيرا حتى اعتادته ..

    تذكرت حديث منعم عن الحزن والخوف والعطش ,فكثيرا ما يردد كمقارنه بين الكلمات الثلاث بأن الحزن ومهما عظم فهو يتبدد رويدا رويدا حتى يزول ..

    - الحزن يا سلمى يأبى الاقامه , ويهوي الرحيل .. لكنه الخوف مقيم , والعطش يا سلمى مقيم .

    وبطريقته تلك المحببه يقول لها بأداء مسرحى وهو ينحنى لها انحناءه خفيفه

    - عشان كده ويا سيدتى انت المقيمة الابديه فى دواخلى , والراحلة دوما فى وريدى .. لا ليس عشقا فيك سيدتى بل خوفا منك , وعطشا اليك ..

    عارفه يا سلمى, بحس معاك دايما انو عاوز انجر لى كلمه تورينى انت شنو جواى

    - انت عاوز تغنى لى حاجه فيك ولا شنو ؟.
    - سلمى .. انا بغنيك ما بغنى ليك , بس عموما ما ( حاجه فيك ) .. هى حاجه فينى وساكنانى اسمها سلمى .. عارفه بعض مرات بحسها منفصله حتى منك ..
    بتنتمى لى اكثر من انها بتنتمى ليك ..
    تعرفى عشان كده وحتى فى غيابك بتكونى معاى وبمارس معاك نفس البمارسو معاك هسه .. بس بعض مرات بكون قليل ادب شويه .. وبصراحة , بعض مرات قلة الادب بتبالغ لكن ..

    فأتصنع أنا الغضب اذ اهتف به :

    - منعم .. ده كلام شنو !؟.

    ثم أبدأ بالضحك

    - اوع تكون عملت فينى عمله ؟..

    - يا ستى عمله واحده .. قولى عمايل , بس ما حأحكى ليك هسه .. عندى اجتماع فى السنتر

    - منعم اجتماع شنو ؟!. نحن لينا كم ما قعدنا مع بعض ..

    - يا ستى ح نقعد مع بعض العمر كلو .. او امكن استناك العمر كلو ..
    ونبقى زي فولورينتينو وفيرمينا دازا ابطال ( الحب فى زمن الكوليرا ) بتاعت ماركيز ..
    يعنى حنكون منعم وسلمى والحب فى زمن الانقاذ .. يلا ويقفز ماشيا دونما حتى التفاتة وداع ..

    ما أحلى تلك الايام يا منعم محمود .. كانت , ما زالت تسكننى , فرحا اسطوريا ينبت فيك ويزهر فينى , يأخذ منك رحيق العشق فأنمو , أغدو افقا جفرافيا للابعاد , اتداعى فى ملكوت حنانك .. اهتف يا حنانك .. اهتف يا .. واسكن فيك مكان الروح .. وارحل فيك كطفل يلهو بالتحديق وراء الطين الكامن فيه وأخرج - كما شئتنى ذات خاطر - من تأريخ الجسد الفاره والارداف .. اوغل فى طرقات الوعى اليك ..اوغل يا .. أوغل .. اجثو .. فى باحات الروح .. واسمو .. اعلو فوق جدار الحزن الساكن فيك .. تمازجنى بالوضاءة , تراتيلك للصباح وللثورة وللاطفال .. تهدهدنى باغنيات العميري .. بدندنات العود ومصطفى يغنينا - فى بهو بيتنا - عم عبدالرحيم .. يجيئنا من البعيد صوت مارسيل بوعود العاصفه وبالحنين .. فاسكن فيك يا منعم ..اسكن فيك يا .. اسكن يا .. تسكننى يا , تسكننى..

    كم هى موغلة فى الدهشة كل تلك التفاصيل التى لم تحدث ...من قال اننا فى هذى الدنيا نسكن نحن فى المكان ويسكننا الزمن وفى الابدية نسكن الزمن ويسكننا المكان .. ربما كان ابراهيم الكونى .. ربما , بيد انى اوقن أنى التى اسكن زمانك يا منعم محمود . ويسكننى الاغتراب .. اين ما وليت وجهى فثم وجهك الوضئ يحضرنى .. يعمدنى بالحرف و الشوق .. أنثى للتوهج فى مجامر الشتاء , يسربلنى غيابك بالحزن والاسي .. تعبرنى اليك الاغنيات ..


    ( فنم يا حبيبي ..
    عليك ضفائر شعري .. عليك السلام
    يطير الحمام ..
    يحط الحمام ..)

    راودتها القصيدة عن نفسها .. مازالت تندلق ما بين خلاياها حارة وطازجه تماما وبذات ما فعلت فيها من غوايات فارهه عند سماعها اول مرة ومنعم يسكبها عشقا شاهقا على اذنيها .. يا كيف تواثبت روحها نحو سماوات الفرح النادر واختلجت نبضات قلبها فى ترف موسيقى ذى ايقاعات شديده الهدوء .. كان ذاك عشية آخر ايام الدراسه فى سنتهما الجامعيه الثانيه ..

    تذكر جيدا تفاصيل المكان .. كانا قد يمما وجهيهما صوب ذاك المبنى العتيق لقاعة سيد المبارك وقوفا بتلك الباحه التى تتوسط كلية الصيدله متكئان على جدران ذاك الدرج المفضى للطابق الاول .. اعتراها الصمت والارتباك طويلا بعد ان تلي عليها القصيده ومضى يحاصرها بسطوة عينيه ترامقانها فى حب وفى خوف ما عرفت كنهه آنذاك .. كم جاهدت ان تخرج منها الكلمات .. وكم استعصت عليها - عشقذاك - الكلمات .. ودت ان تسكب فى اذنيه ما بدواخلها من عشق فاق حتى حدود احتمالها , غير انها اكتفت بالصمت وبالدموع التى ما استطاعت معها صبرا ومضت ترامقه من خلالها فى حنان اقرب فى خشوعة من صلاة ..

    تذكر جيدا انها ما استفاقت من تلك المناجاة الخاشعه الا على صوت النذير صائحا بهما ..

    - انتو يعنى بتحبو بعض اكتر من منو ؟..

    افلتت منها ابتسامه رضى ومنعم يجادله بأن ( يتخارج ) قبل ان تنحاز هى بدورها للنذير فى وجوب ذهابهم جميعا( للسنتر )..

                  

07-26-2013, 06:41 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    النذير ميرغني ..
    حبابك عشره آ زول ..

    ونعم, هي حكايتنا هذه التي أحكيها ..
    وفيها كتير من تفاصيلنا المشتركة يا نذير ..
    تكون النذير .. أكون عثمان .. نكون أحمد .. بيد الذي نكونه جميعا بالتأكيد .. هو ذلك الوطن المغلوب علي أمره .. والمرهون برسم الغياب والتيه الذي نحن فيه .. متى ما نعود اليه يعود .. فمتى نعود ؟!

    مودتي يا صديق ..
                  

07-26-2013, 06:21 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: عاطف عمر)

    عاطف عمر ..

    وجودك ضروري جدا يا عاطف في اي مكان تكون فيه .. ضرورى جدا !
                  

07-26-2013, 06:48 AM

صلاح عباس فقير
<aصلاح عباس فقير
تاريخ التسجيل: 08-08-2009
مجموع المشاركات: 5482

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    أخي محمد حيدر المشرف،
    سلام من الله عليك،
    وشهر مبارك ياخي!






    حقيقةً أتحيّن نهاية الشهر الفضيل،
    من أجل تحقيق ما تتيحه عبر هذا السرد القصصي من دخول
    لعالمك الداخلي!
    وعندها أو بعدها، حتماً بإذن الله ستكون عودة!
                  

07-26-2013, 06:09 PM

كمال سالم
<aكمال سالم
تاريخ التسجيل: 02-13-2008
مجموع المشاركات: 4786

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: صلاح عباس فقير)

    Quote: اعتراها الصمت والارتباك طويلا بعد ان تلي عليها القصيده ومضى يحاصرها بسطوة عينيه ترامقانها فى حب وفى خوف ما عرفت كنهه آنذاك .. كم جاهدت ان تخرج منها الكلمات .. وكم استعصت عليها - عشقذاك - الكلمات .. ودت ان تسكب فى اذنيه ما بدواخلها من عشق فاق حتى حدود احتمالها , غير انها اكتفت بالصمت وبالدموع التى ما استطاعت معها صبرا ومضت ترامقه من خلالها فى حنان اقرب فى خشوعة من صلاة ..

    إنعل أبو العطش ذاتو !!
    واصل يا ود أخوى فأنا أشاهد ولا أقرأ .
                  

07-26-2013, 09:23 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: كمال سالم)

    صلاح عباس فقير ..
    سأكون هنا, وسأكون في إنتظارك , وستكون عندها قد أتممت رمضانك وكأجمل ما يكون, لأنك زول صادق جدا في حاجاتو .
                  

07-26-2013, 09:27 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    أووو كمال سالم ..
    إزيك يا سعادتك وكيف الأحوال ..

    كبرنا يا كمال وعدنا لا نتعاطى هذه التفاصيل المدهشة الا بالحرف ..
    والله أحكام يا قدر ..
    والله أحكام يا مسافة .. ويااا زمن .. ويا سفر !!!

    شرفتُ بمقدمك الجميل يا جميل ..
                  

07-30-2013, 01:05 PM

HAIDER ALZAIN
<aHAIDER ALZAIN
تاريخ التسجيل: 12-27-2007
مجموع المشاركات: 22434

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    شكراً يا مشرف على هذه الفصول .. اتيح لي قراءة النص الاول فقط..



    بالتاكيد لي عودة مع فقيـــر


    Quote:
    حقيقةً أتحيّن نهاية الشهر الفضيل،
    من أجل تحقيق ما تتيحه عبر هذا السرد القصصي من دخول
    لعالمك الداخلي!
    وعندها أو بعدها، حتماً بإذن الله ستكون عودة!
                  

07-30-2013, 03:03 PM

Haitham Elsiddiq

تاريخ التسجيل: 02-11-2007
مجموع المشاركات: 766

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: HAIDER ALZAIN)

    الشريف الرهيف ود المشرف....

    ان من البيان لحكمة....
    وإن من الشعر لسحرا....

    ومن أوتي الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا....

    وانت يا صديق الزمن الجمييل قد اتيت خيرا كثيرا
                  

07-31-2013, 06:44 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: Haitham Elsiddiq)

    حيدر الزين ..

    يسعدني يا صاحبي أن تتابع هذه الفصول ..
    ساكون في الانتظار ..
    كن على الموعد ...


    هيثم الصديق ..
    كيفنك آ هيثم .. أريتك بخير وعافية وفي تمام الأشياء ..

    هي سيرة العطش آ هيثم .. وهي سيرتنا في نشاف الزمن الفوقنا ده .. زمن الانقاذ والرداءة والناس القُصًر

    مودتي التي تعلم ..

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 07-31-2013, 06:45 PM)

                  

07-31-2013, 06:53 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    سلمى الشيخ سلامة شخصياً ..
    حبابك عشرة والله ..

    Quote: مضان كريم يا حيدر وكتابة تشهد على عالم عشناه ، حميمية وبساطة الكلمة والحوار الدافئ بين المتحاورين فى هذا النص جعلتنى احلم ان نحوله الى سيناريو اذاعى لان اللغة فيه حميمة وتعرف دراما الاذاعة حميمة وتلتصق بلهاة السامعين الى يوم القيامة ، الى ذلك ان الكتابة هى فن الرؤية بالقلب ، لك ما تبقى من ندى العمر يا زول يا سمح


    سنحوله يوما ما لحوار إذاعي يا سلمى ( هذا الاسم أقرب من دمي )..
    وسأكون قيد هذا الحلم وحتي يجيء ..
    في امدرمان, يوما ما !!
                  

07-31-2013, 07:01 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    افلتت منها ابتسامه رضى ومنعم يجادله بأن ( يتخارج ) قبل ان تنحاز هى بدورها للنذير فى وجوب ذهابهم جميعا( للسنتر )..

    وهناك امضت بقية تلك الامسيه فى ممارسة شيئ من الخبث الانثوى فى تجاهل منعم والذى كان كثير الصمت وهازئا جدا بمحاولاتها الانصراف عن سطوة نظراته العميقه ..فأكثرت هى من التضاحك مع عثمان ومحمود ليقينها بادراك منعم لتقديرها الكبير لمحمود ولحظوتها عند عثمان , فاستثمرت رصيدها الانثوى وباءت عمدا بسخطه .

    عشقذاك تعلمت دواخل سلمى المماحكات الانثويه الاليفه , بيد ان الخوف كان قريبا جدا - وان تخفى - من روحها .. داهمها احساس وطد نفسه جيد ما بين حناياها .. كانت شديدة الجزع من انتماءها العاطفى لمنعم محمود .. احست باثقال العشق تكبلها بشى من الايغال فى سطوة عينيه العنيدتين .. حبل سري يربط ما بين شهقات القلب وما تخافه ..

    كان منعم محمود قد بدأ نجم سيرته النضاليه فى البزوع بسماء الجامعه .. هذا ووسامته قد لعبا دورا فى نسج ابعادا اسطوريه عند البنات .. كن يجئن اليها باشواقهن السريه لتسقط اخباره , يطل من عيونهن ذاك الشغف البادى بذكره .. ارهقها احساسها المقيم بخطورة ان تكون اشياءها الخاصه مشاعا بين الناس .. وهى التى ما فتأت تحلم برجل يكون وجهه خالصا لها .. وما فى قلبه الا هى .. كثيرا ما القت بهواجسها على احمد .. عاد- أحمد بوثوقه ذاك الاليف - اقرب اليها من ظنونها الممعنات فى الخوف المقيم .. وفى الخاطر دوما ما تطل صور شديدة الاضطراب لحياة امها فى مراوحتها ما بين العشق والمأساة .. كانت شديدة الايمان بقضايا الوطن ووجوب التغيير ودور الطليعيون فى احداث الثوره .. غير انها تجد نفسها غير موقنه بالنمط النضالي الممارس .. وباستغلال روح الاقدام المتوثبه عند طلاب الجامعه لتهرق خيالاتهم عند مذبح اؤلئك الساده الحزبيون قربانا لوصولهم سدة سلطاتهم المتوارثه .. كانت وأحمد يتلاقوا فى الكثير من الافكار .. يهمهمون بها بعيدا عن سطوة الحزب والعشق والاكاذيب العريضه ..

    ادهشهاأحمد كثيرا بقدرته على ابراز هواجسها بوضوح غريب .. كان يمنطق الاشياء , يحكمها بوعيه الخلاق وحكمتةالجامعه .. عادت هى وبصورة او بأخري اسيرة لمنطق رؤيته فقد وافق كثيرا منطلقاتها الوطنيه والعاطفيه وقد كان على مرمى حجر من ولاءها الحزبي وغير بعيد من منعم ..

    كما وكان شديد الالفه - تماما كوالدها - يطل الحزن من عينيه طازجا وشديد النقاء .. آه يا أحمد , كم تضاحكا سرا من تقاربهما الشديد وهما يعزوانه لتلك الريفيه الموغله فى ارواحهما على النقيض من منعم ونسرين .. وكم آلمتها نظرات الشك المطله من عينى نسرين وذاك القلق والذى كثيرا ما افصحت عنه ملامح منعم عند رؤيتهما سويا هى واحمد يمارسان ذاك الحضور المتوهج للتقارب اذ يكون كذا الذى يجمعها وأحمد ..

    .. آه يا أحمد , كم كان حزنى عليك عظيما.



    استدعت ذكرياتها وأحمد ذاك النهار الكالح بشمسه المخاتله وغباره العالق فى اجواء منتصف اكتوبر ..
    كان العام الدراسي قد استئنف بعد طول انتظار لذاك الاجل الغير المسمي .. وكانت قد امضت فى الابيض
    شهورا عددا اثر خلاف بائن مع منعم محمود فاستثمرت هى فرصه اغلاق الجامعه للركون الي نفسها قليلا
    ومحاولة تقييم مسارات علاقتها العاطفيه المتوتره جدا فى الآونه الاخيره بمنعم , ساءها جدا استخفافه
    الغريب بوجوب اعادته لعام دراسي كامل , وقد كان ان هيأت نفسها جيدا للتعامل بصوره ايجابيه مع
    اخفاقه فى امتحانات السنه الثالثه له فى كلية الطب اثر تلقيها خبر رسوبه فى مهاتفه تلفونيه تلقتها من نسرين بعد اعلان النتائج ..

    التقته صدفة فى ذاك الممر الذى يربط ما بين المكتبه ويسير محازيا كلية طب الاسنان فى طريقه للكافتيريا ومن ثم يفضى لباحة كلية الطب .. كان جالسا قبالة شعبة طب المجتمع وقد انخرط هو وهند الامين وبحميميه ظاهره ساءتها كثيرا فى نقاش أخذ منه كثيرا من الاهتمام حتى انه لم ينتبه لوقوفها قريبا منه وقد نال منها التوتر والتردد كثيرا ما بين التوجه اليه وبين مواصله طريقها نحو كلية الصيدله..

    فى الواقع كانت هند غريمتها ومحط كثير من غيرتها على منعم .. تختبئ خلف وسامة ملامحها والرقه الباديه على محياها الكثير من الصلابه والعناد الثوري والاندفاع , هذا غير ما حبتها الطبيعه من صوت له جرس موسيقي أخاذ ولطالما تغنت به فى جلسات سمرهم والليالي الثقافيه بالجامعه فكانت مثار اعجاب الجميع , الا ان علاقتها ومنعم كانت شديدة الخصوصيه حتى انها كانت سببا فى كثير من الخلافات بينها ومنعم ..

    حزمت سلمى امر ترددها .. ترقرق صوتها واكتسى نداوة تحسها طرية فى حلقها كلما هتفت بأسمه فى تودد وفى وجد موغل فى الحنين والشوق والخشوع كشقذاك ..

    - منعم ازيك ..

    تماما وكما يشتهيها منعم ..
    يتحدث كثيرا عندما تحييه بها عن احترافية المعنى حد الفصام مع اللغه .. يطربها نسجه لعلاقات تدعوها بالمريبة ما بين صوتها والدعاش .. غير انها توقن تماما من ابتلال حبال صوتها كلما ناغمته بالنداءات سرا وجهرا ..

    - يااا سلمى

    قفز اليها محتضنا اياها , صدره يضاغط نهدها الايسر فى يسر فادح .. يلفها بساعد واحد وقد احنى قامته نحوها بشئ من الميلان الخفيف للجزء العلوى من جسدها وارتكن بذقنه على كتفها ..ارتقت بجيدها قليلا اعلى من كتفه الايمن كى تزيد من حيز الحميميه والحوار الجسدى بينهما .. تلامس خداهما كصدفه متعمدة مع سابق الاصرار .. كان يتمتم بالاشواق فى فرح طفولي اليف .. همس بأذنها بيتا من الشعر للكتيابي ..

    - سلمى ..
    يا ليتنى استطيع انظر نور وجهك فى لحيظات العناق

    هنيهة واصابها شيئا من الارتباك وهى تطالع تلك الابتسامه المهزومه لهند الامين تجاهد على البقاء .. انفلتت من حصار النشوة والنداءات السريه للجسد.. حيت هندا والتى بدورها احتضنتها بشئ من الاليه ثم وقفت تتمتم بكلمات عازها الترابط قبل ان تنسل مبتعدة ..

    عندها التقت عيناها ومنعم ...
                  

08-01-2013, 01:33 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)



    تدين سلمى لتلك الحوارات ما بين عينيها وعينى منعم بكثير من تفاصيل ما انزل العشق بها من سلطان .. كان يخامرها حال استبداده بسطوة عينيه عليها شيئا من خدر الروح .. وكثيرا ما تزداد وطأته نهايات الاسبوع - غير اربعاء كانت اجمل - هذا وقطعا ان كان ذاك بشمبات .. وأجمل ما يكون ذاك امسيات الخميس لا الجمعه .. كان شديد الاحتفاء بأماسى الخميس ,غير ان طقس احتفاءه بتلك الامسيات الفارهه كما يدعوها يبدأ عند منتصف الاسبوع بالتنسيق الدقيق مع بابكر لما يدعوانه بالاجراءات .. وتعنى ترتيب متعلقات ( القعده ) من عشاء وخمر واصدقاء ثم يوزعان المهام بصرامه واهتمام بأدق التفاصيل غير ان جلب الخمر دوما كان من نصيب النذير لعلاقاته المريبه ( بستات العرقى ) ذوات الصيت الذائع .. يعنينى من ذاك تمضيه عصر ذاك اليوم مع منعم وحتى العاشره مساء بمبانى كلية الزراعه بشمبات ثم المبيت هناك بداخلية البنات ضيفة على ساره ونضال وبقية الصديقات هناك .. وكثيرا ما كثرت تنهدات نضال لنا

    - يا ربي هسع بابكر عامل كيف ؟..

    ولاحقا حرمت عليه الخمر تماما بعد عامين من زواجهما

    ترقرق حلقها بالندى وهى تخاصر ذكرياتها ومنعم محمود .. عشقذاك اليوم وبعد فراغهامن طقس غيرتها الشديده من هند اعادت سلمى اكتشاف شوقها له وقد تلألأت عينيه بفرح اسطوري وهو يحتويها بالعشق والشوق والحنان .. راودها خاطر جزيرة يشاطئها البحر بعنف ومن كل الجهات الاربع المعلومة للقلب , مضت بارتباك واضح تثرثر عن حياتها فى الابيض وعن كيف ظلت امها تلاحقها فى محاولات مستميته لتقصى احوالها العاطفيه .. مازحها قليلا قبل ان يبتدر وبجديه شديده طرح ارائه المتعلقه بالنشاط الطلابي ودور التنظيمات السياسيه فى المرحله القادمة

    - الفتره الجايه دى يا سلمى حساسه شويه ..
    نجحنا يحدى هسع فى اننا نخلق تحالفات قويه مع القوى السياسيه المعارضه , طبعا بالتأكيد قدمنا تنازلات .. الاولويه لكن للاهداف المشتركه .. المهم عندنا القدره على الحركه ولازم نستثمرها بصوره فعاله ..

    - منعم الانضباط مهم جدا .. اعملوا حسابكم من اي تصعيد ما ضرورى

    - انا معاك انو التصعيد بدون رؤيه واضحه مضر جدا .. كمان الخوف المرضى من السلطه بيلغى فكره الصراع من اساسها ..
    شوفى هنا ..
    طالما نحن مؤمنين بالدور الطليعى للطلاب فى احداث الثوره لازم نخت فى بالنا انو الطريق ما ساهل والتضحيات ضريبه مفروض ندفعها

    - منعم انت هسي ما دافع سنه كامله من حياتك ضريبه للعمل العام .. تقدر تقول لى المحصلات الايجابيه كانت شنو ؟..
    - سلمى واضح انك مستعجله لفتح الموضوع ده معاى .. تأكدى تماما انى ما حأساوم القضيه باستقراري الدراسي
    .. اذا نحن بنقول كده يا سلمى ..
    باقى الطلبه الما ملتزمين يقولوا شنو ؟..
    عارفه !!.. جزء كبير منهم ادهشنا بي صمودو فى المعتقل

    - منعم ده ما كلامى ..
    ولا عاوزه الغى فكرة الصراع من اساسها زى ما قلت ..
    انا ضد تضخيم دور الطلاب والمغامرات المامحسوبه

    عارفين انتو غيرتو مستقبل كم طالب .. عارفين كم اسره اضررت بي صوره مباشره من التصعيد الاخير .. جريتو الناس لمصادمات ابدا ما كانت ضروريه , وحتى انتو ما كنتوا مستعدين ليها .. والنتيجه شنو ؟.. اترفد كم طالب ؟
    وكم طالب كان فى المعتقل وزملاؤه فى قاعات الامتحانات ؟!!
    وحتى انت طلعوك قبل كم من الامتحانات ؟..
    النشاط فى الجامعه اتلغى وحلوا الجمعيات والروابط وقفلوا الجامعة اربعه شهور بعد بداية العام الدراس بى ايام بسيطة ..
    انتوا قاعدين تحسبوا ده كويس ؟!
    ولا بس بتجتمعوا مع السياسيين وتانى يوم تشدوا ليكم اركان نقاش وتطلعوا الطلبه فى مظاهرات ..

    - سلمى انت عارفه انو القياده الطلابيه منفصله تماما فى قراراتها من الحزب

    - منعم الكلام ده تقولوا لاي زول غيري

    ومضى اللقاء عامرا بالمشاحنات واليف جدا على طريقته ومنعم يبشرها بعمل كبير سينتظم الجامعه فى الايام القليله المقبلة .. فأنقبض دون وعى قلبها
                  

08-01-2013, 01:42 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    جاء ضحي اليوم التالى فألفت سلمى نفسها فى ( السنتر ) وقد تعالت اصوات مكبرات الصوت فى شارع النشاط .. خاطب منعم قبلا ركن نقاش ناري بكلية الطب قبل ان يتوجها نحو السنتر .. تولي بعده مخاطبه طلاب المجمع الطبي شهاب وهو احد طلاب قانون .. اخذنى احمد من يدي واستقلينا عربه النذير حتى بوابة كلية الهندسة ..

    كان شديد الصمت لدرجة فزعت لها .. اشتعلت عيناه بتصميم لم اعرفه فيه من قبل, حاول النذير ابداء اعتراضاته على نبرة التصعيد فى الخطاب

    - منعم انتو حتوصلوا الناس لى وين ؟!

    - للشارع

    - وبعد كده ؟

    - اذا ما آخر العلاج الكى .. مراويدك حمر يمى

    - شنو ؟!

    وبحده اجبته يا منعم آنذاك

    - النذير كلنا مؤمنين بالثوره المحميه بالسلاح

    - وينو السلاح ..؟ يا منعم السلاح لو ما شايفنوا عندهم ما عندنا !!

    - النذير خلى كلامك البتسوى فيهو ده.. الشعب ده اكبر من اي طاغية

    - الشعب ده يا منعم الليله لو طلعنا مظاهرات حيضرب كف بى كف ويقولوا لينا يا اولادنا ما تخلوا البتعملوا فيهو ده !!
    منعم انتو سايقين الطلبه لى حته خطيره جدا ..

    - النذير بعد ما توصلنا واختك سلمى دى .. امشي نوم فى حوشكم فى امدرمان

    - تحديدا ده الحأعملو

    ولذت بصمتى وذاك الانقباض وحتى شارع النشاط ..
    كان الحرم الجامعى اقرب ما يكون سوقا لباعة يتصايحون ..
    ترافقت وأحمد والهتافات تعلو , مكبرات الصوت والغبار الكثيف المصاحب لطقس العدائيه والمثير جدا حد الانفعال المشبوب بالترقب والقلق و شئ من اللامبالاة الغير مبررة



                  

08-01-2013, 01:44 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    تم حصار الجامعه تماما بقوات الامن غير ان الوضع مال تماما للهدوء بعد الانسحاب المفاجى لطلاب الاتجاه الاسلامى .. انتبذت آنذاك واحمد ركنا قصيا من الميدان الشرقي , وكان الصمت ثالثنا ورابعنا ذاك الشئ ما اخجل منه كثيرا, ويرواغ احمد انسرابه ما بين خلاياه.

    ثمة رابط يتخفى بمهارة فائقه يلمنا .. يلفنى بالامان فى حضرته وفى حضوره الواثق والشديد الوداعه والالفه ..وكأنه يلامس بحنو بالغ خلايا الروح , يهدهدها بنظراته الانيقة الخطى والمطمئنه فوق تضاريس وجهى ... أكاد احس دبيبها يسرى فى عروقى وما بين الدهاليز القصيات بدواخلى .. هو احساس مخاتل جدا بحضوره المفاجى حال اجتماعنا وغيابه الغريب عند الحضور الطاغى لمنعم محمود

    تبادلنا شيئا من الاحاديث المبعثرة, وكانه يستبصر موته فى الغد راح يتمتم كثيرا بسيرة الموت ..
    انضم الينا منعم فأزدادت وطأة احاديث الموت ..
    تحدث - أذكر - عن العميري ومصطفى وابوذكري ومايكوفسكى وقال شيئا عن الغياب باعتباره موتا بديلا للموات الحى .. قادنى منعم ليلذاك راجلين للمجمع الطبى .. كنت منقادة تماما لخطاه , لم اكن اعى على وجه التحديد الى اين نسير ؟..

    حتى انتفضت بقوة حين باغتنى بالسؤال ..

    - سلمى .. انا عاوز اجابه واضحه زى سؤالى , علاقتك بى احمد حدها شنو ؟

                  

08-01-2013, 01:47 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)


    انتفضت دواخلها وانتابها شئ من الفزع والخوف وارتعشت خلاياها وكأن مسا شيطانيا عبرها بغتة ..
    ترى ما بالتحديد عناه منعم بسؤاله المفاجئ .. كانت تظن ان ما بينها واحمد يدخل فى باب اللامرئيات
    ولا يخطو ابدا خارج عتبات الروح .. هذا غير يقينها الراسخ بحبها العميق لمنعم , بيد ان ذات
    السؤال كثيرا ما قض مضاجعها.. تنكره حينا وحينا تؤطره باطار روحى يجمعها واحمد ..

    ليس حبا , هو اقرب للتوأمه الروحيه واحساس متنامى بالانتماء والسكينة والاخاء .. كان لاحمد ذات مقاييس ما كانت لتحب من رجال .. الا ان احوال العشق لها طقس مختلف جدا عن الرؤي المسبقة للاشياء .. كثيرا ما احست بذات السؤال يطل من عيون نسرين او يكاد .. فيعتريها الخجل والاضطراب, غير ان وروده بذاك الوضوح والمباشره والاصرار من منعم , مدعاة للوقوف قليلا عند ذاك ( الشئ )

    لملمت اطراف كيدها قليلا وتمتمت متظاهره بشئ من الغضب


    - منعم , ده سؤال مستفز جدا .. كونى متفقه مع احمد فى تحليلو للاوضاع فى الجامعه ومختلفه معاك..
    ده ما بعنى انو فى علاقه اصلا غير الانت عارفها وعارفنها الناس كلهم ..
    وانتو فعلا جارين الناس وراكم لى تصعيد ما مقدرين نهايتو شنو و..
    انت يا منعم واعى للبتقول فيهو ده ؟!
    ياتو اجابة واضحة انت عاوزها !
    واصلا انا ما ملزمه باجابات لاسئله غبيه زى دى .. انت بتطعن فى حاجاتى كلها .. خلى علاقتنا وهى بالمناسبه زاتها اجابه واضحة .. علاقتى بى نسرين براها اجابة ..
    وشوف يا احمد ...
    قاطعها بهدوء وبصوت عميق ما زال يثير رعشتها حتى الان
                  

08-01-2013, 02:53 PM

hafiz Issue
<ahafiz Issue
تاريخ التسجيل: 02-14-2008
مجموع المشاركات: 520

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    سلام سناتور المشرف ومنور المنبر ... (سافر .. محطات الوداع ضجت , قدامك وراك)
    سرد خرافي من اقبية ودهاليز الجامعة ، جغرافيا حلوة وطاعمة وحكاوي كتير جميلة... شجر اللبخ ،المين رود ، ليمون بزنس و بنات الجامعة في الاماسي الناعمة ،، شعر ،،الحان ،، وضحكات و نغمات عجيبة لعركي ومصطفي سيداحمد وبعض كلمات لوركا و حميد ،، ومزيج الحب و النضال ووطن حزين مرهون
    شكرا ود المشرف و نتابع من المسطبات الشعبية ،،

    حافظ ايشو
                  

08-01-2013, 03:05 PM

طه جعفر
<aطه جعفر
تاريخ التسجيل: 09-14-2009
مجموع المشاركات: 7328

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: hafiz Issue)

    مكان محدد
    شخصيات مرسومة بعيانة
    و احداث مدفوعة بروية و هدوء و ماضية للامام
    اجابات واضحة للاسئلة الاساسية حول النص السردي
    من؟
    أين ؟
    كيف؟
    لماذا؟
    و ماذا او ما؟

    البناء جميل جدا و الافكار فيه رائدة
    هذه الكتابة جديدة و مهمة جدا

    شكرا يا مشرف

    طه جعفر
                  

08-02-2013, 08:40 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: طه جعفر)

    أستاذنا طه جعفر ..
    تحية طيبة ..

    هذه الحكاية, ذات صلة وثيقة بالمكان كحيز إنساني شديد الحميمية ..
    وليس لي فضل في هذا الا الملاحظة والانتباه ..

    المكان بذاته وشخوصه وحكاياه ..
    ولا أخفيك سرا إن قلت له بأنك كنت طرفا من تلك الحكايا ..

    شرفت بكلامك حول هذ الحكاية ..
    شرفت جدا بكلامك حول هذه الحكاية ..

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 08-02-2013, 08:40 AM)

                  

08-02-2013, 08:31 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: hafiz Issue)

    عزيزي حافظ إشو ..
    كيفك وكيف كيفك آ صاح ..

    حكايتنا يا حافظ .. ولو لم نتلوها على العالمين لمتنا كمدا .. او فليسعد النطق ان لم تسعد الحال
    نتلوها بأن يحكي كل منا طرفا منها ..
    وهذا نصيبي يا حافظ ..
    وفي البال أن الهجرة والإغتراب ساهمتا بفاعلية أكبر في مآلات هذا الوطن .. ذاك الوطن !!!

    متى نعود ؟!
    هل نعود ؟!
                  

08-02-2013, 08:54 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    قاطعها بهدوء وبصوت عميق ما زال يثير رعشتها حتى الان

    - اسمى منعم , منعم محمود



    وكان ان تدفقت الدموعُ غزيرة وطازجة وحارة من عينيها ليلذاك .. تنهدت سلمى وكل تلك الحكايا تعبرها للمرة المليون بعد العطش .. كان استشهاد احمد صادما وموجعا حد موات الاحلام .. التقت بعدها وبشهور بمنعم عند مدخل قاعة سيد المبارك بكليه الصيدله .. لم تنبس بالحروف سوى عينيه ترامقانها بقلق وكأنه يعلم ما ستلقيه عليه وبهدوء قاتل :

    - منعم .. انت عارف كويس انو مافى فايده

    وهكذا وفقط .. وكما يشتهى احترافها المعنى حد الفصام مع اللغه, وكان ان انصرف بهدوء.

    لماذا تري حدثت او لماذا لم تحدث تلك الاشياء ؟..
    لماذا انصرفت انت بذاك الهدوء ؟..

    اعلم وطأة اتهامى اياك عليك .. اعى ما كان يدور دواخلك النقية .. وفى وريدك ..

    ( اريدك ..
    ادينى صوابعك ضارينى من الغربة)*

    والآن ..
    الآن يا منعم ...
    ياااا عليك اللعنة ..

    ما زلت ارددها سرا اليك وجهرا تلك المقاطع النديات لصاحبك تاج السر جعفر الخليفه


    يا ..
    اشتاقك وردا اسطوريا
    ينبت فيك و يأخذ مني ضوءك فيني
    يشرب منك رحيقي يفتح بابا زمنا للتحديق
    ولي
    فأهدر كالشلال
    اموت علي أهدابك - اغفو حين اموت
    لأحيا فيك الرعشة
    والإمكان
    و نكهة موتي

    يا كونك انت
    و كوني فيك تجرد حتي غاب
    و دس لهاتي في أذنيك
    و قالك همسا يخرج مني حين تمرد حرفي- ضاع
    و ضعت
    هاج التوق واعلن ان الحرف الهارب لن يتحمل شيئا منك و مني
    كني
    او اتركني,,

    ابحث عن قنطرة عني
    كني
    أو اتركني ..

    أزرع حرفا آخر مني
    كني
    أدرك اني .. أني
    كني
    أو اتركني ..

    اوقن أن البعد عميل جغرافي ماهر )

    يا الله يا تاج .. هذا الحرف يشهق عشقا قبل ان يمتد صهيلا فى روحى
    ويااااا منعم محمود ..

    ( عليك اللعنه
    وعاصفة الطبول
    وساعدى الاسمر
    وهذا النشيد)


    وهكذا تباعدت خطانا يا منعم ونحن مازلنا بذات الحيز الجغرافى للمجمع الطبي ... التقيك احيانا هنا وهناك .. ما بين الممرات والكافتيريا واركان النقاش , اتقصى امتدادك فى تفاصيل الامكنة المحتمله للصدفة .. التقى عينيك برهة فاركض فيهما دهرا من العشق والحنان والالفه .. اعرف مهاراتك الفائقه فى الاختباء خلف اللامبالاة المرتسمه بعينيك مواقيت تلكم الصدف المتعمده كأجمل ما يكون .. كثيرا ما كسبت رهاناتى الشخصيه عند التفاتاتى المفاجئه بعد عبور تلك اللحظات المحملة بتفاصيل عشق ابدى ومكابدات حنين لا ينقطع .. يتبسم فى دواخلى الرضا قليلا اذ اراك تلاحقتنى بعينيك .. فى الواقع كنت احس بدبيب نظراتك الولهى تسري ككهرباء ناعمه تدغدغ جيدى من الخلف , كان لها ذات طعم شفاهك ذات اربعاء هى الأجمل وانت تضمنى اليك بحنان اسطوري ..


    اذكر انى كنت لا اعى بكل الموجودات من حولى الا انت .. وانت تضمنى من الخلف , تضاغط بيديك حواف نهداي البكراوين .. تجوس أصابعك النحيلة بتضاريسي الانثويه التى لم يعبرها قبلك انسانا قط .. ولم يفهمها بعدك - وكما ينبغى - انسانا قط ..وشفاهك تمران كاشهى ما يكون بجيدى , خداى واكتافى .. قبل انت تديرنى .. ترفع ذقنى قليلا لقبلة ستظل قبلة تولى شطهرها احزانى اذ تصليك عشقا وانجذابا كونيا واغترابا وجوديا سحيق ..






    كانت نهارات العشق تسفح دمائها فى مذابح السأم اليومى والارهاق البادى فى عيون منعم .. وكنت اترصد
    عنوة تفاصيله هنا وهناك .. امارس معه كل تداعيات الاحوال العاطفيه .. تدثرنى اجواء الحنين اليه وتورطنى الاغنيات أكثر فى العشق فيه ..

    آه يا منعم ..

    ( كلانا مدع كذاب )




    ابيات شعرية لعاطف خيري وايوب مصطفى وتاج السر

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 08-02-2013, 09:24 AM)

                  

08-02-2013, 08:57 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    متدت نقاشاتى الطويله مع عثمان .. غير ان النذير كان يختزل الاشياء آنذاك فى شمول عظيم عرفته فيما بعد

    - ( انتو بتمارسو فى ترف عاطفى غلط )

    كان لا يأبه لاعتراضاتى الشديده وكأنه غير معنيا بما كنت اقوله ..

    - يعنى شنو حاجاتكم ما زى بعض .. تلاجتكم اكبر من تلاجتهم ولا شنو ؟؟ ويمضى

    فقط عثمان من كان شديد الانصات والتفهم اذ اشير للخلاف الجذري بينى ومنعم فى تعاطينا للاشياء .. وان كان يمنطق الخلاف فى حدود ما جبل عليه الانسان والذى كان وما زال اكثر شئ جدلا كما كان يقول..


    - شوفى يا سلمى .. مافى تماهى مطلق فى الحب , وعمرو ما كان تتطابق الاراء مبرر كافى للحب ..ولاستمرار اي علاقه .. وانا متأكد انو الحاجة دى ما فايته عليكم , وفى حاجات انا ما عارفها .. حاولت كتير مع منعم ومعاك , فى النهايه بحترم خصوصيات العلاقه البيناتكم ..
    بس تأكدى تماما وزى ما قلت لي منعم ومع احترامى الشديد بقول ليكم انو خياراتكم غلط .. احنا عايشنا العلاقه دى من البدايه .. ونوعا ما, بتخصنا .. ياخى انتو كنتو اجمل حاجه عايشناها فى الجامعه دى .. ويوماتى قاعدين نخسر تفاصيلنا السمحه .. فقدنا احمد وما لاقين نسرين الزمان , شايف عندها علاقه مريبه جدا بي عصام وانت عارفه من زمان رائي في عصام كزول انتهازى .. فقدنا جزءا من منعم ومنك انت .. الحب ما ممكن يتلغى .. بقبل حالتين بس .. يا فى , يا مافى .. وانا عارف انو موجود وحيكون موجود بيناتكم

    وهكذا كم استمرئت انا الحديث عنك واذ يشير اليك كشئ يخصنى ويعلن انتمائي اليك .. استمرئته لكى يطول بك وعنك بطول ليالي الشوق الدافق اليك .. غير انهم ما عادوا يثيرون معى نقاشا حولك .. بالاحري عادوا يتحاشون سيرتنا .. كم كان ذاك مؤلما , حتى تلك الصدف المتعمده تباعدت رويدا رويدا

    ثم ترائت لى فداحة الاتكون انت من اخصه ويخصنى بالانتماء والعشق والحنين والجنون ..
                  

08-02-2013, 10:55 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)



    ثم ترائت لى فداحة الاتكون انت من اخصه ويخصنى بالانتماء والعشق والحنين والجنون ..
    وتترائي لي الآن تلك المشاهدات الوضيئة وأنت شاهدها الاول والأخير يا منعم , والحرف شقيق الروح فكيف تخون الروح التؤأم فيها كيف تخون.. وسبحان العشق إذ جعل الحرف ثالثنا, لا تترائي لي تلك المشاهدات الا وكان الحرف قريب.. اذكر إنفعالك يوم وترية الهاجس والحرف, هكذا اطلقنا على ذلك اليوم حرفه الخاص. تحلقنا جميعاً حول جهاز التسجيل الصغير , وكنا جلوساً بإحدي موائد كافتيريا صيدلة .. أنا وأنت وعثمان وأصدقاء عددا .. قل لو كان البحر مدادا لهذا الشجن, لنفذ البحر .. تحلقنا حول الفيتوري وحتى لم يعد في الوجود الا صوته ..

    ( تتشقق هذى الارض السفلى لما يصبح هذا الرب بلا ذاكره والأرباب تحج لرب أبيض
    فى ثوب أبيض … فى بيت أبيض …. بلسان أبيض …. بكتاب أبيض
    أجمل من ورد بلادى الأبيض والنيل الأبيض والبحر الأبيض والأبيض
    وأُبيض والبيوضه والبيضاء والدار البيضاء
    والبيض كثير فى وطنى لايفقس غير دجاجات بيضاءات…….
    وعقالات ……..وعمامات بيضاء
    لم يفقس ديكا ذا عرف والعرف السائد بات هجين الحرف سجين
    لم يفقس هذا البيض طبيعا
    لم يرضع هذا الطفل طبيعيا
    والحرف لأجل الخصب يقاوم
    والنخل يقاوم
    والروح تقاوم
    والطفل يقاوم
    والنطفه فى الأرحام تقاوم
    ليلوح الصبح وينمو القمح السيف الرمح الوطن السمح
    الوطن السمح يكون أكون … أكون يكون)


    ام اكن يا منعم لاعى هذا الرب التتري الابيض .. لم اكن لاعى غياب الذاكره ... لم تكن انت تعى حضورها فى الروح .. والروح شقيق الحرف فكيف تخون ؟..

    تجادلنا طويلا حول النص .. حكى عثمان حكايات عديدة عن قدرة الفيتوري في إلقاء الشعر في مناسباته الاشتراكية المجيدة في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي .. وحكى عن خشية الشعراء العرب من إلقاء اشعارهم بعد الفيتوري .. وكانوا أسماء ترتج لها سموات الشعر في ذاكرة الزمن العربي الاشتراكي المجيد كما كان يدعوه..

    حكيت لنا شيئا عن شكوك كثيرة حول نسبة النص للفيتوري .. كما وإقترحت محاولة تلحين بعض المقاطع .. توجهت لهند بذلك الاقتراح فهالها التحدي .. وأخيرا تم الاتفاق أن توسعا دائرة المشاركة بابي ذر ومجاهد .. وان تحملا النص اليهما نهاية الأسبوع في كلية الهندسة بجامعة السودان ..

    - مافي مشكله .. نمشي ليهم انا وانت وسلمي وعثمان يوم الخميس في الجناح الغربي .. النذير حيكون مشغول بالتأكيد ب"الإجراءات".. وقلتها ضاحكا يا منعم .. و..
    "عارف إنك لمن تضحك .. كل الدنيا الفيني بتضحك"

    هكذا كنا نحاور منطق الاشياء .. بداياتها والسبب والنتيجه .. وكأننا كنا نملك مفتاحا سريا لفك طلاسم الاشياء تري ؟ اي نقاش يطول بك بطول المساء مع هند الامين ؟.. كان اقصى حدود احتمالى رؤتكما سويا تتجادلان , تتهامسان , تمارسان ( قرب المسافه وبعدها ) .. لم اعى ساعاتها ان ( أمل ) بعد عشرون من السنوات القادمه ستكون مهرا لاحلامك .. ان صهيلها فى الروح سيلقنك درسا فى العشق لن يكون لى فيه حتى شرف العنوان ..

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 08-06-2013, 00:16 AM)

                  

08-02-2013, 10:59 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    اجتر الآن خساراتى الفادحه .. انا من ضيعك ترصدا وغباء .. رجل بحجم وطن .. ووطن هو فيك بحجم الانتماء العظيم والشمول الذي يوثق ما بين خصلة عشب بقاع البحار وبين كهوف العتام وقوس الافق .. هكذا كنت ترتل الشهوات لمريد البرغوثى

    - سلمى فى نص مبالغ فيهو فى العدد الجديد بتاع الكرمل ؟؟
    لا ما محمود درويش ..
    واحد اسمو مريد البرغوثى .. احتمال يكون قريب مصطفى او مروان

    كم كنت تحب كل تلك القصائد المخبوءه بشنطتى .. كن زميلاتى يحملن نحوك ادوات زينتهم . المناكير والبودرة والظلال والمرايا الصغيرة ..
    وكانت شنطتى اليك لا تخلو من قصيدة او رواية او كتاب .. اهديتك يوما ( زمن الياسمين الى فاطمه ) فادمنتها حتى التعب .. حفظتها عن ظهر عشق ..

    تقرأ :

    (افترش الارض
    ادعو بهاءك للشاى )

    ثم تصيح يالله يالله يا سلمى .. غير ان الاثيرة لديك كانت ( سعاد ) للدوش ..
    كنت كثيرا ما تتحدث عنها كدراما شعريه .. المدخل المباغت , القريه , والعشق والثوره والاشتعال .. دوما كان ثالثنا شاعر ما .. كاتب ما .. عالم عباس ( منك المعانى ومنا النشيد ) الصادق وعاطف وعثمان ومجمود درويش , مظفر , مريد .. الطيب صالح وانت لا تكاد تمل قراءة( موسم الهجره للشمال ) تماما ( كمائة عام من العزله ) ( وغابريلا .. قرفه وقرنفل ) ( شرق المتوسط ) و ( مصرع احلام مريم الوديعة ) و( المسيح يصلب من جديد ) و ( خبز حافى ) وغيرها وغيرها

    تمتد نقاشاتنا طويلا حول مفاهيم اللامنتمى لكولون ولسون وبعض القراءات النقديه ( لامفريب ) ومبدا التحليل الفاعلي للشيخ محمد الشيخ ووعيه الخلاق.. بيد أن سودانوية ( احمد الطيب زين العابدين ) كانت الاثيرة عندك ..وكثيرا ما احتج

    - منعم .. دى خلطه ولا درس عصر

    فتحدثنى عن اسماعيل صاحب الربابه وعن الغابه والصحراء والعوده لسنار والهويه .. ثم تنحرف وبغتة للصراع الدائر بمنطقه البحيرات ومدى تأثيره المستقبلى على المنطقه .. كانت مصطلحات الاباده الجماعيه والتطهير العرقى والمجتمع الدولى تدلقها على مسامعى طازجه وحاره ومتدفقه وهامسه وكأنها هى قاموس الغزل لديك ومخزون التعبير عندك العاطفه ومحاور ( الخلط ).. فاحتج

    - منعم .. انت عيونى ديل ما عاجباك , ولا صوابعى شينات

    فتحدق بعينى مليا .. ثم تتناول برفق جميل اناملى لتهمس

    ( ادينى صوابعك .. ضاريينى من الغربه )

    فيصبنى الارتباك كأجمل ما يكون

    - منعم .. نحن فى الجامعه والناس بتعاين لينا

    - الى الجحيم كل التفاصيل التى تباعد بينى وبينك يا وانجا , سلمى , سعاد
    اصلو ما مهم الاسم .. المهم يا سلمى انو .. وزي ما قال تاج .. واحد انت .. ولكنى اراك العالمين
    إذن .. سادعوك بسلمى الأخيرة .. انثى ما بين عينيها يمر الاستواء مع احتمال تساقط الامطار ..

    يا الله يا الله يا منعم ..
    وكنت بداية روحي .. وكنت الختام .. يطير الحمام .. يطير الحمام ..

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 08-02-2013, 11:03 AM)
    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 08-02-2013, 11:10 AM)
    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 08-02-2013, 11:15 AM)

                  

08-02-2013, 11:24 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    (نسرين)..



    عاديون جدا فى الصباح .. يشربون الشاى بفرح لم تغادره ذاكرة الطفوله .. يرتدون ملابسهم ثم يتوكلون سراً أن حيى على الفلاح .. ولا فلاح هنا ولا يحزنون .. بجلد ظاهر يحملون ما نائت تحت وطأتة جبال الهموم .. والخرطوم , مدينة من ظلالٍ وغبارٍ وطقسٍ من يحموم ..لا بارد ولا كريم .. تلك حال العامة , اهلى واصدقائي وجيرانى فى الحى القديم .

    تمر الحوادث فوق عظامهم اليابسه بلا جدوي .. تعود اليهم بلا جدوي .. بعضها لا يحدث وبلا جدوى ايضا .. ليس ذاك بهام , نطالع وجوهنا الغابرة .. وجوهنا المندسة تحت زخام السنوات .. وجوهنا تلك التى بلا ملامح وبلا جدوي .. نطالعها فى المرآة الصباحيه بسأم غريب ..أداري سوؤة وجهى المتكدر دوما بابتسامة امنحها لعصام مكابدةً, وللصغارِ حبا غريزيا وحنانا وحنين .. فى تلك الفيلا الفارهه فى كافوري .. كانت وبحق تحفه معماريه لم يدر بخلد عصام استنطاق جمالها أو فهم كيفيته .. فقط اشتراها من احد مهندسي الخليج ممن افنى عمره فى الاغتراب كى يبتنى دارا كهذى .. وإنتهى به المطاف لأن يبيعها للحاجة والعوز والمصاريف الجامعية ..

    كان تدافع الاقدار من زج زيجتها من عصام عنوة فى باب الحتميه التاريخية للسخرية والعبثية الضاربة باضنابها فى كهوف حياتها اللزجة ودهاليز الروح الرطبة والشديده الانزلاق نحو الانبهام ..

    كان متفردا فى اثارة حفيظتها لمجرد رؤيته بتقاسيم وجهه الوسيمه والحاده والنظرة الشهوانية لتفاصيلها الانثوية .. كانت تحسه يطأها كلما التقت عيناها بعينيه فتتحسس بصوره تلقائية بطنها وتضم ساقيها لبعضهما بقوه , غير انه كان مثار اعجاب الكثيرات بثرائه والعربة الفارهة والملامح الوسيمه برغم حديثه الفج وابتسامته المقيتة والشديده الوثوق ..

    كان فى اقصى حالات النقيض حال مقارنته باحمد والبهاء المريح الذى يطل من عينيه الوادعتين .. تعلم انها طريدة اختارها عصام بحدسه الغريزى عند اول لقاء بينهما بكلية الصيدله .. يسبقها بعام دراسى واحد وبسنين ضوئيه فى السخف الانسانى واللزوجة واللامبالاة .

    كانت حمامات روحها تحلق بعيدا عن محيط المكان/الجسد .. لذا كانت الغربه اقرب اليها من حبل غسيل الحزن المدود بعينيها .. كانت تحيا فى موازاة الحيز الوجودى خلف برزخ تمتد اقواسه القزحيه العظيمه من اشجار الموت الكثيف لاحمد حتى عيون اطفالها .. ولا تملك من امرها شيئا وكأن الامر لا يعنيها .. تكاد تحس وطأة اللامبالاة حينا من دهر ويغلبها الاعتياد دهورا .. وعصام سادر فى غى نرجسيته المطلقة .. يقفز فوق عفونة ذاته للنجاحات الكبيرة .. يزهو ثم يزهر موتا وجوديا خارج حدود الانسنة .. ويمارس شبق الغريزة معها ليلا ومع الاخريات نهارا وبدايات المساء النرجسي .. مديرا لادارة ما, بوزارة الصحة, تعنى بتراخيص الدواء ..

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 08-02-2013, 11:25 AM)

                  

08-02-2013, 11:32 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)


    كانت الصفقات تعقد ليلا فى ( الفيلا ) .. ينمو وتربو الاموال فى البنوك وتنهال تذاكر الطيران وعروض الاجازات المدفوعه الاجر فساحت ما شاء لها اصحاب الشركات فى اركان الدنيا الاربعة .. وامتزجت عروق الاطفال بالمحاليل الفاسده والأدوية ذات الصلاحيات المنتهية خارج اطار الديباجة الانيقة للعلبة .. إمتزجت بعرقهم الذابلة وبجذور اشجار روحها الآخذة فى الزبول حزنا حد اليباس والعطش..

    ( العطش ) !! .. تأتيها المفردة فتذكر آن حضورها منعم محمود والشله ..
    احمد وسلمى والنذير وعثمان ( وطيورا كانت تناجى عند الفجر .. يالله , يا الله )*

    كان النقاء الثوري لمنعم شديد الحضور فى تلك الاجازات المخمليه وكذلك كان النقاء الانسانى لاحمد .. فيوجعها صراط روحها المستقيم


    يا كيف تمضى الفجيعه فوق تضاريس الحزن بعينيها دونما يرف لوقعها العنيف جفن ..اعتادت خلاياها الحزن .. ( الحزن لا يتخير الدمع ثيابا ) .. ولى زمان كنا نحفل بالقصيدة طازجة وتقدم ساخنة او باردة كما كان يضاحكنا عثمان الفكى ..

    يحمل بشراها الانقياء , يفهمون ان الحرف شقيق الروح .. فيطول بطول الليالي الجدال حول فيم وكيف نكون ؟ .. كان احمد شديد الولع بماركيز وجورج امادو والواقعيه السحريه لكتاب اللاتين امريكا .. غير ان انفجار الكنوز الشعرية لعثمان بشري وخيري والرضى وسودانويه احمد الطيب زين العابدين اثر شواهد مدرسه الغابه والصحراء كانت الاثيره لدى عثمان .. وكان تاج السر الخليفه وتحديدا فى نصه الفاره ( خطاب مباشر للوعى الراهن باعتباره العدو الاول للوطن ) .. أو فى نشيدنا العاطفى كما اسماه منعم ( تمتمات عاشق بحب انسانه اسطوره ) ..هو المحرك الاساس لذائقة منعم وان كان اجماعنا على ( الكرمل ) ودرويش ومظفر ومريد البرغوثى اجماعا سكوتيا نتبادل الاعداد كتبادلنا التحايا كل صباح ..

    ولسلمى خصوصياتها فى تتبع بعض الشعر العامى والتقدمى جدا لحميد ويحى فضل الله ومحمد طه القدال وكل ذاك الذى غناه المغنى الرسول مصطفى سيد احمد غير ان لمحجوب شريف فضل شعر يعود به على العالمين وتماما وكما الدوش ..



    * من وترية الهاجس والحرف
                  

08-02-2013, 12:01 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    أدمنت فى اوقات فراغها شجو محازاة النيل مشياً يغسل دواخلها المرهقة او يكاد يخفيها .. كان ( عم عباس ) السائق بعد ان ينهى مهمة ايصال الاطفال مدارسهم صباحا يأتى ليتسامر مع ( عم محجوب ) الحارس حتى يفرغا من تناول الافطار وغالبا ما يشاركهما ( عم النور ) الجناينى ورابعهم الونس المعافى والشهية المفتوحة واحوال ( العيال ) والحال الواقف .. بعدها تماما تكون هى فى اهبة الاستعداد للطقس النيلى فيأخذها للكورنيش المحازى ( للفلل الرئاسيه ) .. ف ( ترد ) فيها الروح ..

    تذكر دوما حديث منعم عن ذاكرة الانسان المقهور , غير ان اشد ما يؤلمها انها اختارت القهر اختيارا بزواجها من عصام ..

    تذكر جيدا اذ هاتفت عثمان ذات صباح

    - عثمان ازيك ..
    - نسيرين ؟ .. وينك يازوله
    - عثمان عاوزه اقابلك ضرورى جدا الليله
    - خير ؟ .. طبعا مافى مانع .. بس قلقتينى ,, فى شنو ؟ ..
    - والله خير .. ما خير .. ما عارفه , المهم زمنك كيف ؟
    - ما عندى مشكله .. حأكون فى مستشفى الخرطوم
    - لا .. عاوزه اقابلك بره .. المريديان رايك شنو نتغدى سوا
    - اوكى

    تذكر تماما الملمس العنيف لذاك الصباح الامدرمانى وشمسه المستبده وكأنها على اهبة الاستعداد لممارسة طقسها المحموم على اهاب من يلفحهم هجيرها ..

    يكاد ذاك اليوم ان يكون آخر عهدها ب ( المواصلات ) كما تعي ذاكرتها الاشياء .. تستفيق احيانا كثيرة من نومها اثر لسعة لاهبة من شمس ذاك الصباح وهى فى سريرها المخملى بالرغم من برودة مكيفات الهواء والتى يصر عصام على ضبطها حد ان تكون ادنى من العشرين درجه مئوية قبل يتدثر بجسدها. كان ينهشه كمن يحتفى وبتلذذ غريب امتلاكه ما كان ابعد حتى من ظنونه .. كان كثيرا ما يعريها تماما ثم يسألها الوقوف امامه وهو جالس على حافة السرير بحيث يراها وصورتهما معا والمنعكسه من مرآة ضخمة موضعها بعنايه فائقه ازاء السرير. كان وكأنه يضاعف من وعيه القاصر على استيعاب نصرٍ راهن عليه كثيرا. وذلك قبل ان يبدأ فى تحسسها ومن ثم ضمها بيديه من ردفيها ثم ينهض لاهثا وهو كالـكـلـب يجوس بلسانه ما بين نهديها .. وكالـكـلب تماماً يبتدر العضاض.. يعلو لهاثه وانفاسه الكريهه تمارس فعلها فى اثاره غثيانها والذى يتصاعد حد تقيؤ الحياة .. تهدأ قليلا حين يرميها بقسوة واضحة على السرير اذ تحس آنذاك بدنو فكاكها من السعار الليلي بممارسة سريعة جدا تنتهى به عبدا ازاء نقص فحولته .. إلا ان كوابيس ذاك تطارد ليلها اضعافا مضاعفه وتقف شاهدا على موات الاغنيات..
                  

08-02-2013, 12:22 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)

    هو الموت يصادرها واشياءها شيئا فشيئا، عدا وجه أحمدا وبعضا من وضاءة لا تتجاسر عليها طقوس الموت. يبدو ان الموت لا يتجاسر ابدا على موت آخر ازاح عن وجهه الظلام .. أه يا درويش

    (ما أضيق الأرض التى لا أرض فيها للحنين الى أحد)

    تتوضأ ملامحها بؤضاءه وجه احمد الموارب دوما خلف نوافذ بصيرتها. تشرق وتتلاصف اضواء ذكرياتها معه كلما شارفت على الوصول لقاع الفجيعه الا قليلا فترفعها رويدا رويدا للحياة وتلهمها القدرة على المسير فيها أنثى واثقة كما اشتهاها ذات عشق احمد.

    تذكر انها كانت توصف دوما بالخجلى وكم كان حياءها بائنا .. غير ان ثراء تجاربها الاجتماعية فى السنوات الاولى بالجامعة وعلاقاتها الوثيقة بتلك (الشله) قد نحت بها للوثوق بنفسها منحى عظيما. وحتى انها امتلكت جرأة نادرة عند مثيلاتها. وكذا كان تأثير انتماءها للحزب الشيوعي دوره فى اتساع رقعة وعيها بقضايا الجندر وانكشاف بصيرتها على الكثير من الظلمات والظلامات التي سيج بها المجتمع السودانى الأنثى ومن ثم موضعها موضعا ادنى .. يكاد يكون اقرب للانعام الا قليلا .. هتفت لنفسها وهى تنفس غضبا تعددت اسبابه وكان واحدا ..
    (تبا لهذه الحياة) و.. تمادت.
                  

08-02-2013, 12:38 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)


    دلفت -تذكر- لردهة المريديان فاستجمت فرائصها المرهقة من قيظ شمس ذاك النهار ومواصلاته بفعل البرودة التى نفحتها اوان دخولها .. تطلعت فى المكان قليلا قبل ان تري عثمان فى انتظارها.. كان يجلس بهدوء يشوبه بعض التوتر لعدم شعوره بالاندغام وتلك الاماكن الفارهه كما كان يدعوها, وكثيرا ما يتهمني عند ذكرها ب "البرجزه" ..

    حياها بسلاسة تلك الايام التى كانوا فيها يمثلون وحدة اجتماعية شديدة التميز رغم القطيعة الطويلة معهم جميعا عدا سلمى. وذلك فى الفتره التى اعقبت إستشهاد أحمد

    - ازيك وعامله شنو يا زوله , وكيف ناس البيت ؟

    - كويسين .. وجد مشتاقه ليك

    - مسكين الشوق زى ما قال شرحبيل .. مش في فنان من مدني بغني (لو مشتاق حقيقة ما بتغيب دقيقه) ؟!

    ضحكت طويلا قبل أن أواصل في تلك الحميمية, تلك الأشواق ..

    - لا بالجد مشتاقه ليك .. مشتاقه ليكم كلكم .. كيف الباقين , عندك اى اخبار عن منعم

    - اهو بنتراسل .. فى آخر رساله قال انو امورو استقرت هناك في لندن.
    المهم .. قلقتينى , الحاصل شنو ؟..

    - عثمان انا حسيت انو عاوزه اتكلم مع زول قريب ومافى اقرب منك وانت عارف ..
    امكن الحميميه القاعدين نتكلم بيها دى هى السبب بالرغم انو ما قعدنا مع بعض من زمن طويل .. غريبه الحاجات اللمتنا !!

    - الاغرب كانت الحاجات الفرقتك مننا .. يبدو لى الصاح كان انك تتلمى علينا اكتر .. بس صعب نحاكم قرار كان فى سياق زمنى مختلف .. كلنا كنا مرتبكين جدا .. المهم عندى انو القرار تم بصوره فيزيائيه .. اخترتى تكونى بعيده شويه واحترمنا اختيارك .. بس وجدانيا اعتقد انو كان فى مسار تانى للعلاقه بيناتنا ! ..
    وأضاف ضاحكا
    - أهو انت بتتكلمى عن الحميميه .. ياخى الحاجات دى صعبه بصوره مربكه على الفهم الصحيح

    - فعلا , لكن حتى وبالمناسبه فيزيائيا يا سيدى ما انقطعت عنكم , بينى وبينك سلمى كانت زى حبل سري ممتد بيناتنا , كنت معاكم اكثر مما تتخيل وراصداكم كويس , موش بقوليها كده

    - سلمى كانت غواصة يعنى ..

    - أيواااا .. (اضفت ضاحكة) ..

    - بس مالك حايمه بى بره وما قادره تبدى كلامك الجابك من امدرمان .. عارفه بعرفك لمن تتزاوغى

    - امكن لانو فعلا عاوزه ازوغ .. كنت مرتبه كلامى كويس وعاوزها ادلقو كلو عليك .. اكتشفت انى عاوزه اورطك معاى فى مسؤوليه خطأ حيحصل

    - ابدا ما حأتورط معاك وانت عارفه .. عشان كده جيتينى , الحاصل شنو ؟..

    - الليله عصام حيقابل ابوى ..

    - طيب ماهو انت حسمتيها وقلتى خطأ حيحصل

    صمت لفترة , احسست بكل الماضى يهبط ثقيلا فى الفراغ بينى وعثمان .. كانت روح أحمد تهوم قريبا كانت روحى تخرج منى اليها رويدا رويدا .. تحلق معها ثم نمضى بعيدا وبعيدا جدا .. ارجعنى صوت عثمان

    - واضح انو حيحصل
                  

08-06-2013, 00:04 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)




    اطرقت وجاهدت دموعى كثيرا الا تهطل

    - أيوه

    - ليه يا نسرين .. ده موت اضافى , وابدا ما حأساهم فيهو .

    قالها ثم نهض واقفا وهو يضيف

    - انت بتمارسي فى نوع من العقاب لى ذاتك عن جريمه ما ارتكبتيها .. وليكن معلوما انو
    ولا واحد مننا مسؤول منها , أحمد مات لانو ده خيارو انو يقيف مع قناعاتو .. فما تبيعى
    قناعتو دى رخيصه كده وعاوزانا نبارك ليك .. انت عارفه عصام ده بمثل منو وشنو ..؟ عصام ده ممكن احمد يختار انو يموت مليون مره قبل الزيو يسرقوهو ويسرقو بلدو يقوم يجى ويسرق حبيبتو ..
    شوفى يا نسرين
    اذا كنت فاكره انك حتمرري على حكاية انتحارك الفضيحه ده نتيجه لى تأريخ فيهو دم ..
    تأريخ مشرف جدا وبشرفنى وبشرفك ويشرف بلد بى حالا فانت غلطانه ..
    وده حيكون سقوطنا الحقيقى مش يوم مات احمد ..
    ياتو هزيمه لبسناك ليها عشان تعاقبينا وتعاقبى تاريخك كلو وتسقطى السقوط الاخلاقى ده ؟..

    - عثمان لو سمحت ..

    - لا ما سمحت ولا حاجه .. ده سقوط اخلاقى .. عاوزه تعرسي زيك زى اي بت مبروك عليك .. عاوزانا نمرر مسودات انتحار تحت اي مسمى لى تاريخنا وتاريخك ونبرر موتك ده لا من حقى ولا حقك .. واعملى العاوزاهو

    قالها ومضى يكاد يتفجر غضبا

    سيجت نفسي بجدار ذاتي شاهق يحجبنى عن الاخرين .. وطفقت بحزن أراجع حيثات لا يعلمها سواى و .. تمتمت :

    شهوة ان اشب على سلَّمٍ شاهقٍ
    فى اقاصى السماء
    واستاذن الله، اسألهُ
    هل راتنا عيون الحبيب نميل
    كحزمة قمح
    من المنجل الملتوى
    للجفاف المؤكد
    للمطحنة؟


    المطحنه ؟!..
    وعيون الحبيب الميتة والاصدقاء الذين ليس بوسعهم مد ايديهم اليك , ولا تستطيعين التطلع مباشرة لاعينهم واحتمال ضجيج الاسئله ..
    المطحنة يا برغثوني ؟!!
    إن هي الا الوعى بحجم المأساة وادراك معنى الفجيعة و .. السكوت.

                  

08-06-2013, 00:06 AM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20359

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: العطش .. (Re: محمد حيدر المشرف)


    احتشدت دواخل نسرين بتناقضات الوعى الادراك والمسأله .. انها اقدار ؟ كما كان يغنى الحبيب للغريب !! ولكن ان يموت الحبيب خلسة وخلسة ينسرب عصام من حيث لا تدري لتفاصيل وجودها, فذلك ظلمً فادح ..

    كانت قد تخرجت للتومن كلية الصيدله جافة ويابسه كقطعة صبار وصبر , جاهدت ان تمضى فى تفاصيل ما تبقى من حياة .. ما تبقى من وجود يؤكد الانتماء لعالم لا يحتفى الا بارقام لا تمت للانسنة بشئ .. كابدت كما كابدت اسرتها - ومن بعد سعة - شظف العيش , كان والدها احد اميز الاقتصاديين أكاديميا مما اتاح له مجالا لتكوين ثروة صغيره كفلت لهم دعة فى العيش وشئ من الرفاهيه .. رفاهية ان تملك ما يقيم أود عز وجاه فى محيط الفقر .. منزلا من طابقين وسيارتين وبعض الاحتفاء بهم وبأبيها. ولكنها موازين وطن شائه وشديدة الاختلال ..


    وطن .. تردد صدى الكلمه وظل يرن بضجيج صامت فى دواخلها , ضباب كثيف تسلل خلسة لروحها, تراءت لها ومن خلف الضباب اشباح تقافزت فى طقوس محمومه وكأنها حمر مستنفره .. صور غرائبية تشيأت شيئا فشيئا وجوها تذكرها ليلة زفافها لعصام .. كانت الغريبة وسط غرباء يباركون ويرقصون .. وفى البعيد هناك ترائى لها وجه أحمد بذات الحزن الذى عينيه يرامقها .. ما كان غاضبا كما تهيبت , كان شديدالاسي والحنان عليها .. فانفلتت - كعادتها - روحها اليه محلقه بعيدا عن ذاك الطقس المحموم .. فاستجمت فرائص روحها عند باحة صدره الحنون ..

    كان - ياااا ما أحلاه - يعلم ما لا يعلمون , حتى سلمى لم تأتى للعرس وهى أحوج ما تكون لوجودها .. تناست كل الموجودات وهى تحاول ابتدار الحديث مع أحمد .. وكم كانت روحها خجلى , غير انه ما أحوجها لاى انكسار او تلعثم اذ بادرها ممازحا وضاحكا

    - ما انت عارفه ..

    - عارفه شنو ؟!!!

    - ما انت عارفه وقلت ليك ..

    فتنفست روحها الصعداء ورددا معه

    - يانى أكتر زول بريدك

    وهكذا ظلا يثرثران عشقا مذاك المساء .

    (عدل بواسطة محمد حيدر المشرف on 08-06-2013, 00:12 AM)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de