|
Re: المقال الملعون ... عبد الله علي إبراهيم (Re: معاوية الزبير)
|
دفعت في هذه المقالات بمفهومات لتشخيص الأزمة الوطنية واقترحت سبلاً للخروج منها. ولم تبل جدة طرحي إلى يومنا. فقلت إن الأصل في أزمتنا هو "الإرهاق الخلاق" الذي ضرب سياستنا. وهو بلوغ السياسة السودانية شفا جرف هار يقتضي من قواها أن تتوقف عن نطاحها الأخرق. ودعوت إلى أن نتواضع فنعترف بهذا الرهق ونستصحبه بإرادة جديدة خلاقة نتخيل بها وطناً سودانياً متآخياً.
وأذعت في نفس الوقت مفهوم "نهاية السياسة" عن صاموئيل هنتنغتون، من جامعة هارفارد، لأصف نطاح الصفوة الطويل العقيم بما يشبه في ضيق ساحته عراك عقارب مسدودة في زجاجة. وصراع هذا الدود الملغوم بالريب هو تعريف هنتنغتون لنهاية السياسة كوضع تجبه فيه القوى الاجتماعية واحدها الآخر كما ولدتها أمهاتها: عارية من السياسة التي قال عنها أنطونيو غرامشي إنها تهذب الأطماع. ولا يلطف هذا النطاح قادة عركتهم السياسة وانعقدت لهم شرعية التوسط بمواثيق تهدي إلى السبل السلطانية لفض العنف. فالسياسة تنتهي عندما يبدأ القتل. فالموت من أجل السياسة يعني في جوهر المسألة مقتل السياسة.
ولم ينقض عقد أو أكثر من إذاعتي لمفهوم الإرهاق الخلاق حتى صار وصفة سياسية مقبولة لأزمتنا. فسمى محمد إبراهيم نقد الزعيم الشيوعي رهق صفوتنا السياسية بـ"توازن الضعف". ووجدت أن إليكس دي وال، المشغول بالشأن السوداني، قد وصل بطرقه الخاصة إلى إنهاك صفوة النادي السياسي في كلمة نشرها نحو 2008.
فقال إنهم جربوا الأفكار الكبيرة التي ألهمتهم في البدء ثم تهاوت وسدت خرائبها الطريق نحو أفكار ملهمة جديدة. فالصفوة مسيرة بالعادة غير مخيرة . فالمؤتمر الوطني لا يفعل بزمام السلطة التي بيده غير العض بالنواجذ عليها. بينما استسلمت أحزاب المعارضة للوضع الراهن تدعو للتحول الديمقراطي والتغيير بغير حمية.
يتبع
|
|
|
|
|
|