الحاسد

نعى اليم ...... سودانيز اون لاين دوت كم تحتسب الزميل فتحي البحيري فى رحمه الله
وداعاً فتحي البحيري
مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-27-2024, 10:42 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
06-29-2013, 06:04 AM

wadalzain
<awadalzain
تاريخ التسجيل: 06-16-2002
مجموع المشاركات: 4701

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الحاسد

    بقلم - عوض محمد الحسن:

    أدرك جيّدًا أن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب، ولكن ما حيلتي مع نفسي الأمّارة بالسوء، لا تقنع بما أتاها الله وتحمد له ذلك، وتُقبّل يدها ظاهرًا وباطنًا، بل تنظر إلى ما في يد الغير، تشتهيه، وتحسدهم عليه.

    تُبحلق نفسي الأمّارة بالسوء في شوارع الخرطوم، تُحصي عدد السيارات ذات الدفع الرُّباعي من جميع الألوان والأحجام والتصاميم وبلدان المنشأ، تسستنشق الرائحة التي تفوح من السيارات الجديدة (رغم الزجاج السافر حينًا، والمُظلّل حينًا آخر، أو المُظلم للفئة الخاصّة)، وتُوكزني أن أنظر: "هذه واحدة، وثانية، وتلك أخرى، وأخرى. أين نصيبك من كل ذلك؟" ثمّ تمضي، فيما يُشبه التشفّي، في وصف هذه السيّارات الخرافيّة ذات الدفع الرُّباعي ومصادرها ومزاياها - وأثمانها التي تحوي أرقامًا فلكيّة لم نسمع بها إلاّ في الطوب وسكان الهند والسند والصين: هيونداي توسون الكوريّة وثمنها نحو 300 مليون جنيه فقط لا غير؛ كيا سبورتيج الكوريّة هي الأخرى وثمنها نحو 350 مليون جنيه؛ وهذه تويوتا برادو اليابانيّة، الشقيقة الصغرى للاند كروزر، وثمن الأخت الصغرى المُتبرّجة التي تهفو إليها قُلوب الرجال في عهد التعدّد وزواج الصغيرات، نحو 800 مليون من الجنيهات السودانيّة، بينما يبلغ ثمن الأخت الكبيرة المُنقبّة نحو مليار وثلاثمئة مليون جنيه؛ وتلك الأخرى من عائلة المرسيدس بنز الألمانية، وقد تكاثرت هذه الأيام بما أفاء الله على السودان من مال سائب وشهوة في التفرّد والامتياز والتباهي، ويبلغ ثمنها نحو مليار وثمانمئة جنيه؛ وهذه البي أم دبليو، بنت عمّ المرسيدس والأودي، ويبلغ ثمنها نحو مليار إلاّ قليلاً من الجنيهات. وبين الفينة والأخرى تُشير نفسي الأمّارة بالسوء إلى سيارات غريبة المظهر، لا ندري مخبرها لأنها مجللة بالسواد اتقاء عين الحسود، وتقول لي بمزيد ممّا يُشبه التشفّي والتحريض: "هذه هامر، وهذه بورش كايين، وهذه ليكزس، وتلك إنفنتي، ولن أحدثك عن أثمانها شفقة عليك إذ لا يُطيقها إلاّ الرجال أولي العزم (وأزواجهم وولدانهم!)".

    صمتُّ أبحث عن حُجّة أُسكت بها نفسي الأمّارة بالسوء، وقلت لها بعد تفكّر: "هذه حكمة الله في أرضه؛ يُؤتي السلطة والثروة لمن يشاء، وينزعها عمّن يشاء!" فوكزتني بما يُشبه وكزة موسى للمصري، وصاحت في وجهي (بلغة نيفاشا والدوحة وأبوجا وأخواتها): "ألم تسمع بقسمة السلطة والثروة؟ أليس لك نصيب في كل ذلك (المُولِد)؟ أوكي؛ "تُحبّ نفسي الأمّارة الحديث باللغات الأعجميّة حين تغضب" السلطة لا نصيب لك فيها لأن الجماعة احتكروها ورموا فتاتها للجهويين والقَبَليين والمتحالفين والمتوالين والمؤلفة جيوبهم وراكبي الموجة والسابحين مع التيّار، وحسُن أؤلئك رفيقًا (يصمت الفم والضمير حين تمتلئ البطن، أمّا العين فلا يملؤها إلاّ التُراب!)؛ والثروة احتكروها هي الأخرى وما تركوا فيها إلاّ منافذ ضيّقة لإرضاع الكبير والصغير. ولكن، أين نصيبك إذن؟ ألست مواطنًا مثلهم؟ ألم تخدم بلادك في تجرّد وإخلاص سنين عددًا؟ لماذا يرمون لك بمعاش هو الحدّ الأدنى للأجور، لا يُسمن ولا يُغني من جوع، ويركبون، هم ورهطهم، هذه السيّارات التي تُزحم الطرقات والآفاق، ويلبسون فاخر الثياب، ويأكلون أطايب الطعام، ويسكنون القصور التي ترتع في حدائقها الغنّاء الظباء والنعام والحُمر المُستنفرة؟"

    أفحمتني نفسي الأمّارة بالسوء فلم أدر ماذا أقول، وطفقت أتذكّر الأعداد المهولة من هذه السيّارات الخرافيّة، تراها حيثما ذهبت، يُفسح لها الجميع الطرقات احترامًا، ورهبة، وخوفًا على حياتهم وسياراتهم، ويتبادلون العجب والتساؤل: من أين لكل هؤلاء بمثل هذه المبالغ الأسطوريّة الكافية لاقتناء مثل هذه المركبات (الفضائيّة)؟ وقد قيل لي أن حواضر الولايات ومدنها ودساكرها تعجّ بمثل هذه السيّارات العجيبة حتى ظننت أنها تُصنّع محليًّا، ربّما عن طريق التفريخ، أو الانقسام الأميبي، أو الاستنساخ، أو أنها تُصنّع مع طائرات "صافات" في أرياف أمدرمان.

    هل كل هذه السيارات العجيبة خاصّة؟ وإن كان الحال كذلك، من هم مُلّاكها، ومن أين لهم بهذه المبالغ الهائلة في هذا الزمن العصيب؟ وما هو نوع الاستثمار الخفي الذي يُدرّ أرباحًا هائلة تُمكّنهم من شراء عدد من هذه المركبات صعبة المنال، ولا ينعكس في اقتصاد البلاد وحال العباد؟ وإذا كانت هذه سيارات حكوميّة، فمن أين للحكومة مثل هذه الموارد وهي تشكو صباح مساء من خواء خزائنها، وعجز موازناتها، وتصاعد مديونيّتها الداخليّة والخارجيّة، وتلجأ لرفع الدعم عن السلع والخدمات (والتي تشمل فيما يبدو ما يُصرف على التعليم والصحة - على قلته)؟ وكيف تمتلئ عواصم الولايات ومدنها بسيارات الدفع الرباعي وسُلطاتها لا تستطيع تحمل مرتبات معلميها وعامليها، وتعجز عن توفير الخدمات الأساسيّة لسكّانها؟

    وحين ضعفت مقاومتي، وتمسّكي بـ "القناعة كنز لا يفنى"، وبدأ الحسد ينهش أحشائي، ويأكل حسناتي، اعترضت سيارتنا الصغيرة، في كثير من الشراسة والغطرسة، واحدة من تلك القلاع الميكانيكيّة المُجلّلة بالسواد (رمز الفرح والسُّلطة الجديد)، ذات الكروم اللامع، والأنوار المتراقصة، والأسلحة المضادّة لكل منافس في الطريق. وقبل أن تصدر عني أنواع اللعنات التي لا تُقال أمام الأطفال وربّات الخدور، تجاوزتنا السيّارة الضخمة على عجل، فرأيت على عجيزتها التي ترتفع عن الأرض مقدار قامة رجلين من رجال هذا الزمان التعيس، سؤالاً استنكاريًّا (أو لعله استنكافيًّا) بالخط الرِقعة الأنيق:

    "ماذا يفعل الحاسد مع الرازق!"

    فبُهِتَ الذي كفر!

    كاتب سوداني

    السفير عوض محمد الحسن
    [email protected]
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de