|
من يستحق أن يقرأ له من كتابنا السودانيين؟
|
إن وجهة نظري التي سأدلي بها في هذا المقال قصدت منها لفت الأنظار و الإشارة إلى بعض الكتاب السودانيين الذين في كتاباتهم قيمة أو تنطلق كتاباتهم من ضمير متيقّظ و ذلك في زمن تكاثر فيه الكتاب من كل حدب و صوب (بعد أن تكاثرت مقاعد الكتابة و السمع الإسفيرية) يكتبون الغث و الساقط من القول و يغيب عنهم النافع و الثمين منه.كما قصدت من مقالي هذا أيضاً أن أسدي بعض من جميل لأناس قد لا يعرفهم البعض أو قد لا يقّدرهم حق تقديرهم و هم كثر. و لا ينطبق ما أقول على الكتابات السياسية فقط بل حتى الكتابات الأدبية و الحرة و العامة و ذات الصبغة الاكاديمية المتخصصة. و أريد أن أنوّه هنا بأنني لم أتعرف على معظمهم و لم التقي بهم.و في النهاية هذا رأي الخاص المتواضع و انطباعي الذاتي قد يقبل الصواب أو الخطأ كله أو جله أو بعضه أو قليلا منه. و الآن سأبدأ بإيراد أرائي حول بعض الكتاب أسأل الله أن يوفقني.كما أرجو أن لا أقع في المحظور بالتجريح أو الإساءة أو التقليل من شأن أحد أو المجاملة بدون حق. فلكهم العتبى جميعا مقدماً. الاستاذ الدكتور عبد الله علي ابراهيم: بغض النظر عن انتمائه السياسي السابق في الحزب الشيوعي أو الحالي( الحر كما اعتقد، و ليس اللامنتمي). فإنني أجد في كتاباته و التي تميل في معظمها للكتابات السياسية و الوطنية العامة -عمقا في الطرح قلّ أن يوجد لدى كتابنا المحليين في الوقت الحالي،مع تمتعه بأسلوب راقي ،لا أقول جذابا، لكنه اسلوب جزل العبارة يميل للصعوبة، و ليس التعقيد.و ذلك مما يفوّت على الكثيرين فرصة متابعة القراءة لما يكتب بشيء من الارتياح. بل و احيانا بسبب تعذر الفهم. فهو صعب الأسلوب مع جزالته بالإضافة إلى قوة العبارة .حيث يبدو و كأنه يكتب لصفوة معينة .هي الصفوة المفكرة. من ناحية أخرى يميل الدكتور عبد الله علي ابراهيم أحيانا إلى شيء من الحدة أو شئت فلنقل الوضوح في تقصّد الخصوم و المخالفين دون مجاملة. و كذلك إذا كان هناك ما يؤخذ على الدكتور عبد الله هو افتتانه باستخدام بعض العبارات أو الجمل الدارجة بشكل يخل بالطعم العام للكتابة و يعكّر صفو استطابة ما يكتب. و قد كنت أرشحه (مع تواضعي أمام مقامه) لأن يكون أفضل من يكتب في الموضوعات العامة لولا هذا المأخذ الذي ذكرته في عبارتي الأخيرة. من ضمن آراء الدكتور الناضجة و القوية في الفكرة هو موضوع كتبه قبل سنوات عدة عن الهدف الاستعماري من إنشاء معهد بخت الرضا، أي هدف الحكم الاستعماري من خلال تنشئة أبناءً لنا يكونون منفصلين عن بيئاتهم وواقعهم، أو كما ذكر هو. و كان من المتوقع أن ينال حظه من النقد و التناول ممن هم على دراية و اهتمام بالتربية و الاجتماع و الشأن العام. و لكن هذا شأننا نحن كسودانيين نميل للسلبية في كثير من أمورنا فنكتفي بالإطلاع السلبي و هز الرؤوس سواء بالموافقة أو الاختلاف. و إن انبرينا للكتابة يكون دافعنا الحماس للرد على الخصوم، أو إيراد الحجج للدفاع عمن نناصرهم.و قد يكون ذلك على حساب قيمة الفكرة أو نجاعة الحل في ما يكتب و ما يتناول. و الدكتور عبدالله علي ابراهيم من خلال تجربته السياسية و الحياتية و من خلال تمكنه من ناصية البيان و الكتابة و قوة الأسلوب و هي مواهب نادرة في ساحتنا الثقافية و السياسية اليوم لو ابتعد و لو قليلا عن كتابة الموضوعات القصيرة و عدم الإنسياق إلى السجال و الجدل فيما لا يستفيد منه القراء. و ما يعنيه ذلك من تبديد للملكات الفكرية و الإمكانات البحثية. إننا نرجو من استاذنا الكبير أن يتحفنا بما هو أهل له بالإتجاه إلى كتابة الموضوعات الطويلة كان سيفيدنا أكثر فهو المفكر، و الباحث، و الكاتب، و مثله قليلون في الساحة اليوم.و له منا التجلة و الإحترام و التقدير.
|
|
|
|
|
|
|
|
|