نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 05-04-2024, 05:47 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2013م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى صورة مستقيمة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-20-2013, 06:55 PM

Farida Mahgoub
<aFarida Mahgoub
تاريخ التسجيل: 01-13-2013
مجموع المشاركات: 2252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل

    نزار قباني: شاهد من الزمن الجميل

    نصف مجدي محفور على منبر "لويس هول" و "الشابل" في الجامعة الأمريكية في بيروت، والنصف الآخر معلق على أشجار النخيل في بغداد، ومنقوش على مياه النيلين الأزرق والأبيض في الخرطوم، طبعا هناك مدن عربية أخرى تحتفي بالشعر وتلوح له بالمناديل، ولكن بيروت وبغداد والخرطوم تتنفس الشعر وتلبسه وتتكحل به، إن قراءتي الشعرية في السودان كانت حفلة ألعاب نارية على أرض من الرماد الساخن.

    في "دار الثقافة" في أرض أم درمان، كان السودانيون يجلسون كالعصافير على غصون الشجر، وسطوح المنازل، ويضيئون الليل بجلابياتهم البيضاء، وعيونهم التي تختزن كل طفولة الدنيا وطيبتها.

    هذا الذي يحدث لي ولشعري في السودان شيء خرافي، شيء لم يحدث في الحلم ولا في الأساطير، شيء يشرفني ويسعدني ويبكيني، أنا أبكي دائما حين يتحول الشعر إلى معبد والناس إلى مصلين، أبكي دائما حين لا يجد الناس مكانا يجلسون فيه فيجلسون على أهداب عيوني، أبكي دائما حين تختلط حدودي بحدود الناس فلا أكاد أعرف من بنا الشاعر ومن بنا المستمع، أبكي دائما حين يصبح الناس جزءًا من أوراقي، جزءًا من صوتي، جزءًا من ثيابي، أبكي لأن مدينة عربية، مدينة واحدة على الأقل لا تزال بخير، والسودان بألف خير، لأنه يفتح للشعر ذراعيه، كما تفتح شجرة التين الكبيرة ذراعيها لأفواج العصافير الربيعية المولد.

    السودان ينتظر الشعر كما تنتظر الحلوة على النافذة فارس أحلامها، يأتي على صهوة جواده حاملا لها قوارير العطر وأطواق الياسمين، ومكاتيب الغرام.

    السودان يجلس أمام الشعر كما تجلس الأم أمام سرير طفلها تغمر خديه بالقبلات وتطمعه حلاوة اللوز والسكر.

    السودان يلبس للشعر أجمل ما عنده من الثياب ويذهب للقاء الشعر كما يذهب العاشقون إلى موعد غرام.

    السودان بألف خير، لأنه ربط قدره بالشعر، بالكلمات الجميلة، الكلمات جنيات رائعات الفتنة، يخرجن مرة من عتمة الظنون، ومرة من عتمة الدفاتر، الكلمات طيور بحرية تخترق زرقة السماء دون تأشيرة، ودون جواز سفر، لم أكن أعرف – قبل أن أزور السودان – أي طاقة على السفر والرحيل تملك الكلمات، ولم أكن أتصور قدرتها الهائلة على الحركة والتوالد والإخصاب، لم أكن أتخيل أن كلمة تكتب بقلم الرصاص على ورقة منسية قادرة على تنوير مدينة بأكملها، على تطريزها بالأخضر والأحمر، وتغطية سمائها بالعصافير.

    أشعر بالزهو والكبرياء حين أرى حروفي التي نثرتها في الريح قبل عشرين عاما تورق وتزهر على ضفاف النيلين الأزرق والأبيض.

    هذا الذي يحدث لي ولشعري في السودان شيء لا يصدق، وهو شهادة حاسمة على نقاء عروبتكم، فالعربي يرث الشعر كما يرث لون عينيه ولون بشرته، وطول قامته، ويحمله منذ مولده ويحمله كما يحمل اسمه وبطاقته الشخصية.

    مفاجأة المفاجآت لي كانت الإنسان السوداني، الإنسان في السودان حادثة شعرية فريدة لا تتكرر، ظاهرة غير طبيعية، خارقة من الخوارق التي تحدث كل عشرة آلاف سنه مرة واحدة، الإنسان السوداني هو الوارث الشرعي الباقي لتراثنا الشعري، هو الولد الشاطر الذي لا يزال يحتفظ دون سائر الإخوة بمصباح الشعر في غرفة نومه، كل سوداني عرفته كان شاعرا أو راوية شعر، ففي السودان إما أن تكون شاعرا أو أن تكون عاطلا عن العمل، فالشعر في السودان هو جواز السفر الذي يسمح لك بدخول المجتمع ويمنحك الجنسية السودانية، الإنسان السوداني هو الولد الأصفى والأنقى والأطهر الذي لم يبع ثياب أبيه ومكتبته ليشتري بثمنها زجاجة خمر، أو سياره أمريكية، هو الإنسان العربي الوحيد الذي لم يتشوه من الداخل ولم يبع تاريخه بفخذ امرأة أبيض تسبح على شاطئ "كان" أو "سان تروبيز".

    ها أنذا مرة أخرى في السودان، أتعمد بمائه، وأتكحل بليله، وأسترجع حبا قديما لا يزال يشتعل كقوس قزح في دورتي الدموية، عرفت في حياتي وفي رحلاتي كل أنواع اللآلئ البحرية، عرفت اللؤلؤ الأبيض، واللؤلؤ الرمادي، وعرفت اللؤلؤ الأخضر، واللؤلؤ الوردي، وعرفت الأوربي والآسيوي، واللؤلؤ الذي يوزن بالقيراط، واللؤلؤ الذي يوزن بالقصائد والدموع، واللؤلؤ الذي يتدلى على صدور الكواكب و... و... واللؤلؤ الذي يتدلى على صدور الجميلات.

    بعد ثلاثين سنه من الغطس تحت سطح الماء، والغرق في بحار النساء اكتشفت أن اللؤلؤ الأسود هو الأغلى، والأحلى والأكثر إثارة، كما اكتشفت أن الذي يملك مثقالا واحدا من اللؤلؤ السوداني، يمتلك كنوز سليمان، والحور المقصورات في الجنات، ويصبح ملك الإنس والجان.

    الحب السوداني ليس جديدا علي، فهو يشتعل كالشطة الحمراء على ضفاف فمي، ويتساقط كثمار المانغو على بوابة قلبي، ويسافر كرمح أفريقي بين عنقي وخاصرتي، هذا الحب السوداني لا أناقشه، ولا أحتج عليه، لأنه صار أكبر من احتجاجي، وأكبر مني، صار وشما على غلاف القلب لا يغسل ولا يمسح.
                  

العنوان الكاتب Date
نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-20-13, 06:55 PM
  Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل محمد المرتضى حامد05-20-13, 08:01 PM
    Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-20-13, 08:47 PM
  Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل محمد أحمد الريح05-20-13, 08:06 PM
    Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-20-13, 10:01 PM
  Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Salah Ahmed Eisa05-21-13, 06:29 AM
    Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-21-13, 09:52 AM
      Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Salah Ahmed Eisa05-22-13, 07:28 AM
        Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل حيدر حسن ميرغني05-22-13, 08:46 AM
          Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل د.محمد حسن05-22-13, 03:53 PM
            Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-23-13, 06:18 PM
          Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-22-13, 11:38 PM
        Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-22-13, 11:35 PM
          Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-24-13, 04:20 PM
            Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Salah Ahmed Eisa05-25-13, 01:24 PM
              Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل امجد الجميعابى05-25-13, 05:13 PM
                Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Salah Ahmed Eisa05-25-13, 07:13 PM
                  Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل وضاحة05-25-13, 07:24 PM
                    Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل امجد الجميعابى05-25-13, 09:00 PM
                    Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-26-13, 05:50 PM
                Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-26-13, 05:45 PM
              Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub05-26-13, 05:30 PM
                Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Salah Ahmed Eisa05-30-13, 09:49 AM
                  Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub06-01-13, 01:49 PM
                Re: نزار قباني والشعر والسودان ....كلام عن الزمن الجميل Farida Mahgoub06-01-13, 12:49 PM


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de