|
Re: قصص من الحرب - منيرة الشيخ، عائشة إسماعيل، مواهب بشير سليمان (Re: Ridhaa)
|
منيرة الشيخ عائشة بدأت قصتي في 20 يوليو عام 1993 أنها قصة مليئة بالمعاناة. بدأت ألمعانا بسفري من الدمازين غالى منطقة نائية. فقد كنت اعمل مدرسة وقررت أن انتقل إلى تلك القرية البعيدة لأسهم في التعليم وفي التنمية بها. وأصطحب زوجي أولادي. كنت اعرف مدى صعوبة قراري لكن زوجي ساندني فيه، وقرر كذلك أن يدرس هو أيضا مع انه لم معلما في الأساس. تحركت سيارة الأجرة من الدمازين، وتعطلت عدة مرات في الطريق بسبب المطر والطريق غير المعبد، في المرة الأخيرة رفض السائق الاستمرار، واضطررنا النزول من السيارة في الخلاء.وصلنا إلى وجهتنا بعد إحدى عشر يوما، فقد أقلتنا الحمير مع امتيعتنا. كانت قرية مغدة خالية من أي نوع من أنواع الخدمات والمرافق، سواء للصحة أو التعليم . وكانت هذه هي معاناتي الثانية :كيف نظل على قيد الحياة هناك. المعاناة الثالثة كانت مرض البني الصغير جهاد، فلم تكن هناك أية خدمة طبية لعلاجه، فكان على أن احمله وأخرج به إلى منطقة أخرى بعيدة بحثا عن العلاج. لكن فجأة جاءت سيارة من الدمازين إلى منطقتنا لغرض خاص، فاستخدمتها للرجوع إلى الدمازين بابني لعلاجه. وبعد ذلك عدنا مرة أخرى إلى مغده، لكن شاءت الأقدار أن يمرض الطفل مرة أخرى، لم استطع العثور على أي حل. ولم يكن زوجي معنا وقتها، فقد ذهب إلى الدمازين بدوره لكي يأتي بمعدات ومؤن للقرية . قررت أن اخز ابني إلى دندرو حيث كانت هناك شفا خانه. وبالفعل اصطحبت معي أحد تلاميذي، وغادرنا إلى هناك . لكن القدر لم يمهلنا. مات ابني قبل أن نصل هناك . عدت إلى مغده وأكملنا العام الدراسي. معاناتي التالية حدثه في يونيو 1994، فقد نفد الماء من القرية . وهرب السكان إلى منطقة جبل الطير، وانتقلت أنا وأسرتي إلى منطقة كامير. ثم هطلت الأمطار في القرية بعد حين، وأمرنا مدير المدرسة بالعودة لاستكمال العام الدراسي. قررنا الرجوع. في يوم 20 يوليو عام 1994،بدأنا رحلة الرجوع في الثانية مساء. وصلنا إلى منطقة مليئة بألغام المدفونة. كان زوجي يحمل ابنتنا الصغيرة " رفقة" ، معه على الحمار. انفجر لغم تحتهم، توقيت رفقة على الفور، لكن زوجي كانت معاناته أكبر، فقد تفجر جسده وتناثر أشلاء منه في الهواء أمام عيني، إلا انه لم يكن قد مات. استقرت أجزاء من جسده وجلده فوق الأشجار وعلى أطراف الجبل. كان الانفجار هائلا أما جسد ابنتي " رفقة" فقد ظل قطعة واحدة، طار إلى أعلا ونزل أرضا. كانت ميتة لكنها لم تتشوه مطلقا. بدت كأنها نائمة كانت تلك نعمة من الله . اختار الله عز وجل الحي من الميت، فقد كنت أنا وابنتي الأخرى " رفيدة" على الحمار الأخر الذي سبق حمار زوجي، وكان ابناي الأكبر "ضياء الحق" و" بشير" على حمارا خر، وعبرنا كلنا من نفس منطقة اللغم، لكنه انفجر فقط أسفل زوجي وابنتي. هذا هو القدر. كان أولادي يصرخون ويبكون أمام هذا المشهد، لكني كنت متماسكة، وساعدتهم لكي يهدءوا. احتضنتهم وقلت لهم أن هذه هي مشيئة الله ولا بد أن نقبلها. نادى زوجي على، وهو يئن، كانت الروح لم تفارقه بعد مع أنه كان مقطع الأوصال. أخذته بين ذراعي، أو ما تبقى منه، قرأت له بعض الآيات القرآنية، و الشهادتين لما فارقته الروح. بمساعدة أناس كثيرين تجمعوا اثر سماعهم انفجار اللغم، استطعت أن اجمع أشلاء جسد زوجي. وحملناها ونقلناها إلى الدمازين، ومن هناك إلى قرية أهله حيث مسقط رأسه. ودفن هناك. أردنا له أن يدفن كالشهداء، لكن ذلك لم يصادف قبولا. ابني الأكبر، "ضياء الحق"، في السنة النهائية بالجامعة ألان " رفيد " بالسنة الأولى، أما " بشير" ففي العام الأخير بالثانوية. قي أثناء المرحلة الأخيرة من معاناتي كنت حبلى. عندما قتل زوجي وابنتي، كنت حبلى في الشهر الثالث، وبعد الحادث بستة شهور وضعت مولدتي الأخيرة " حميده"،أصغير أطفالي. هي ألان في السنة السابعة بالتعليم الاساسى. ذكرى حية للبقاء على قيد الحياة.
...//3
|
|
|
|
|
|
|
|
|