عدم تمكين الكافر من المصحف .. مقال د. عارف عوض الركابي

Quote: عَدَمُ تَمْكِينِ الكَافِرِ مِن المُصْحَف : والقول بالمنع من التمكين هو قول الصحابة وجمهور أهل العلم من السلف وأتباعهم كثر الحديث في الأيام الماضية عن حكم إهداء المصحف للكافر بعد قيام الدكتور إسماعيل عثمان رئيس جماعة أنصار السنة المحمدية بإهداء المصحف للقائم بالأعمال الأمريكي في السودان عند زيارته للمركز العام لجماعة أنصار السنة .. ولبيان الحكم الشرعي وما ورد في المسألة من أحاديث وتوجيهات شرعية أقول(*) : لقد استقر لدى الصحابة الكرام رضوان الله عليهم حكم منع الكافر من مس القرآن الكريم ، وقد ورد أثر عن عمر رضي الله عنه مع أخته قبل أن يسلم حين رام الاطلاع على صحيفة معها فيها قرآن ، فأبت عليه ذلك وقالت : (إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون) .. رواه البلاذري والدارقطني وكان عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ينهى أن يُمكّن أحد من اليهود أو النصارى من قراءة القرآن) .. تفسير القرطبي . ولما في تمكين الكافر من مسه تعريضاً له بالامتهان والانتهاك .. وهذا هو قول جماهير أهل العلم من السلف وأتباعهم .. وهو قول المالكية (الخرشي 1/160 ، الزرقاني على الموطأ 1/10 ، الزرقاني على خليل 1/94) والشافعية (المجموع للنووي 2/78 ، أسنى المطالب 1/62 ) والحنابلة (المغني 1/138 ، الفروع 4/17 ، الإنصاف 1/126) وقول للحنفية اختاره أبو يوسف (بدائع الصنائع 1/37 ، الأشباه لابن نجيم ص50). وقد جاء في الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو. وفي زيادة عند مسلم: "مخافة أن يناله العدو" صحيح البخاري (2990)، وصحيح مسلم (1869). وقد ورد أيضاً قول النبي عليه الصلاة والسلام الذي رواه الأثرم والدارقطني وصححه الألباني في الإرواء وغيره : (لا يمس القرآن إلا طاهر). قال الحافظ ابن حجر في الفتح : (قال ابن عبد البر أجمع الفقهاء أن لا يسافر بالمصحف في السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه ........ واستدل به على منع بيع المصحف من الكافر لوجود المعنى المذكور فيه وهو التمكن من الاستهانة به ولا خلاف في تحريم ذلك وإنما وقع الاختلاف هل يصح لو وقع ويؤمر بإزالة ملكه عنه أم لا ). وقال العيني في عمدة القارئ : (وقال العلماء ولا يمكن المشركون من الدراهم التي فيها ذكر الله تعالى ). وهو قول مشهور عند المالكية.. ولكن كتابة الآية والآيتين كما في قصة كتاب النبي عليه الصلاة والسلام إلى هرقل أجاز بها أهل العلم كتابة الآية والآيتين في خطاب للدعوة ... وسئل الشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمه الله: لو طلب مني رجل مسيحي مصحفاً هل أعطيه أو لا ؟ فأجاب : ( ليس لك أن تعطيه ، ولكن تقرأ عليه القرءان ، وتسمعه القرءان ، وتدعوه إلى الله ، وتدعوا له بالهداية ، لقوله تعالى في كتابه العزيز : " وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه " وقوله صلى الله عليه وسلم : "لا تسافروا بالقرءان إلى أرض العدو لئلا تناله أيديهم" فدل ذلك على أنه لا يعطى الكافر المصحف ، خشية أن يهينه أو يعبث به ، ولكن يعلم ويقرأ عليه القرءان ويوجه ويدعى له ، فإذا أسلم سلم له المصحف . ولا مانع أن يعطى بعض كتب التفسير أو بعض كتب الحديث إذا رجي انتفاعه بذلك ، أو بعض تراجم معاني القرءان الكريم ) مجموع فتاوى ابن باز :6/469 وعليه فإن ما قام به د.إسماعيل عثمان من إهداء المصحف لهذا الكافر هو أمر لا يجوز في حق العامي من عامة الناس .. فكيف برئيس جماعة دعوية كجماعة أنصار السنة ؟!! والمعروف أن المقتدى به وسط مجموعته وقومه عليه من الفعل والترك ما لا يكون على غيره .. كيف والأمر في هذه القضية فيه قول لجمهور أهل العلم من السلف والخلف ..؟!! وكيف والمذهب المالكي المعمول به في ديارنا وما حولها ... سدّ فيه الذرائع إلى درجة منع بيع النقود التي فيها القرآن الكريم للكافر ؟! وعلى من سُوِّد وسط مجموعته وقومه أن يتأمل ويراجع ويتأنى في ما يقوم به .. حتى لا يعود خطأه عليه وعلى من يحسبون عليه .. وقد قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (من سوّد بفقه كان له ولهم .. ومن سوّد بغير فقه كان عليه وعليهم) .. ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ انظر رسالة علمية من ثلاثة أجزاء بعنوان : المتحف في أحكام المصحف للدكتور صالح الرشيد.