|
|
 عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ))/))
|
من الصديق الحبيب المهندس/ حسام عثمان محجوب أتتني كلمات والدنا كلنا الموسوعي صانع الأحداث شاهد العصر الحبيب الوالد الأستاذ عثمان محجوب سيد أحمد من أعلام الوطن وقادة حركة الاستنارة والتعليم به.. كتب بأمانة واقتدار معروف بهما مبيناً كأرقى ما يكون الراحل مصطفى سمساعة.. لا أملك إلا أن أضع القاريء بين دفء هذه السطور..
محبتي
لنا مهدي
رحيل جيل - الراحل مصطفى سمساعة
الراحل: مصطفى سمساعة لمن لا يعرفه
تخرج الراحل العزيز من معهد المعلمين العالي في سنة 1968 متخصصاً في مادتي الفيزياء و الكيمياء و عمل معلما للفيزياء في مدرسة أمدرمان الأهلية الثانوية ثم مدرسة وادي سيدنا الثانوية بأمدرمان، ثم مدرسة الدوش الأهلية الثانوية. وفي أواسط السبعينات من القرن الماضي سافر للمملكة العربية السعودية للعمل بشركة أرامكو، إلا أنه استقال منها بعد ثلاثة أشهر فقط رغم المرتب الكبير الذي كان يتقاضاه هناك و عاد للسودان حيث التحق بالعمل بوكالة أنباء السودان مترجماً (رغم أنه لم يكن متخصصاً في اللغة الانجليزية). بعدها بعدة سنوات سافر للمملكة العربية السعودية مرة أخرى وعمل مترجماً بوزارة الأوقاف لحين وفاته المفاجئة في الثالث من مارس الماضي، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
محطات في حياته:
عندما تقدم للعمل بأرامكو، كان ترتيبه الأول في امتحان اللغة الانجليزية الذي جلس له المعلمون المتقدمون للعمل من كل التخصصات بمن فيهم معلمو اللغة الإنجليزية (رغم أنه كما ذكرنا آنفاً لم يكن متخصصاً فيها وإنما كان معلماً للفيزياء) ورغم الراتب الضخم الذي كان يتقاضاه في أرامكو ؟إلا انه استقال بعد ثلاثة أشهر كما ذكرت و ذلك لأنه شعر بأنه، كما ذكر لي فيما بعد، كان يبيع كرامته مقابل دريهمات (وما كانت دريهمات!).
عندما تقدم للعمل بأرامكو واختير للعمل بها كانت الاستقالات من وزارة التربية والتعليم ممنوعة بقرار من مجلس الوزراء، و ذلك لكثرة تسرب واستقالة معلمي مواد الندرة في تلك الأيام، فتقدم باستقالته الشهيرة التي حفظها معظم المعلمين في تلك الفترة عن ظهر قلب والتي عرفنا فيما بعد بأن الدكتور منصور خالد (وزير التربية والتعليم حينها) قد قرأها في مجلس الوزراء متسائلاً: "زي ده أشغله كيف؟". وبعدها انفتحت الاستقالات للمعلمين وخرج الكثيرون خاصة لأرامكو حيث ما زال البعض يعمل فيها حتى اليوم. ومما جاء في استقالته الشهيرة: "لقد قررت ألا أمسك طباشيرة في أية مدرسة في السودان بعد اليوم حتى لو أدى ذلك لذهابي لسجن كوبر أو للمشنقة. فما الذي انتظره من وزارة التربية والتعليم؟! أن أترقى للدرجة (B) وبعد الكثير من المن والأذى للدرجة السابعة، حتى إذا أمطرت السماء ترقيات، أحال للمعاش في الدرجة السابعة لأعالج بقية عمري من الأمراض التي تصيب المعلمين عادة في بلادنا! إن عملي في هذه الوزارة هذه السنين جعلني أستوعب معنى الآية الكريمة "هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئاً مذكوراً"، صدق الله العظيم". وقد كانت استقالة من عدة صفحات وهي من أشهر الاستقالات في تاريخ الخدمة المدنية في السودان.
المحطة الثانية كانـت حين كان يعمل بمدرسة وادي سيدنا الثانوية. كان يوماً مشهوداً إذ كان يوم تكوين مجلس الآباء والمعلمين وهو رافد من روافد (الاتحاد الأشتراكي العظيم!)، وكان راعي الاجتماع السيد (ح . ز) أمين الاتحاد الاشتراكي لمنطقة غرب النيل. وسار الاجتماع بطريقة عادية وفتحت الاقتراحات بترشيح الأعضاء: أرشح فلان، أثني، أرشح علان، أثني، إلى أن قام أحد المعلمين وقال أنه يرشح الأستاذ مصطفى سمساعة. هنا انبرى الأستاذ مصطفى لذلك الأستاذ مزمجراً: "يا أستاذ احترم نفسك. أنا لا أدخل مثل هذه التنظيمات المشبوهة!" وهنا تكهرب الجو فسأله مدير المدرسة (الأستاذ ف): "ماذا قلت؟" فكرر له الكلام ثم أردف: إنت خائف ليه؟ أنا اللي قلت الكلام ده مش إنت" ورفعت الجلسة وأجلت إلى وقت لاحق وتفرق الجمع. وفي اليوم التالي وجد نفسه منقولاً لمدرسة الدوش الأهلية الثانوية، فدخل لمديرالمدرسة وسأله لماذا نقلوه من المدرسة ؟ فأجابه المدير (ف): "أعلم أنك أحسن معلم فيزياء في وادي النيل ولكنك نقلت لأني جبـان! طول عمري تمنيت أن أكون مثلك ولم أتمكن، وأتمنى أن يكون أولادي مثلك" فشكرالمدير على صراحته وذهب لمدرسة الدوش الثانوية التي غادرها إلى أرامكو كما ذكرت.
عند عودته من أرامكو، استدعي لجهاز الأمن للتحقيق معه. وبعد التحقيق أبدى له المحقق إعجابه به وبتهذيبه وصدقه وذكر له بأنه كان صادقاً في كل المعلومات التي كانوا يعرفونها عنه أو التي جمعوها عنه. ثم أصر أن يعيده إلى منزله في سيارته الخاصة قائلاً له: "صحيح أنت لست مؤيداً للنظام ولكن مثلك لا يكون خائناً ولا يدعو للعنف". وعند وصوله لمنزله، قال للمحقق: "ما دمت تعرفون عني كل شيء هل يمكنني أن أسأل عن اسمك؟" فقال له: "جدا. "أنا النقيب لويجي عبيد. لا تستغرب من هذا الاسم فأنا من أم جنوبية و أب شمالي" (أين هو الآن يا ترى ؟!).
عندما سألته عن أرامكو ذكر لي بأنه لا يريد حتى الحديث عنها و لكنه كان سعيداً بشيء واحد من تجربته بها وهو تعرفه على صديقه عبدالسلام سليمان سعد (رحمة الله عليه) الذي كان مديراً لمنظمة الدعوة الإسلامية في الخرطوم التي التحق بالعمل بها بعد تركه السعودية (وقد استشهد مع الفريق الزبير في الحادث الشهير). وقد كانت علاقته به علاقة الشقيق بالشقيق رغم اختلاف وجهات النظر بينهما ووقوفهما في طرفي نقيض سياسياً، جمعهما الله في الجنة كما جمع بينهما في الدنيا.
عندما مات جده الشيخ الصاوي السنوسي (عليه رحمة الله)، طلب مني أن نذهب سوياً لبوستة أمدرمان لعمل برقية لشقيقته الصغرى الدكتورة ليلى (أستاذة الاجتماع النابهة بجامعة الخرطوم) التي كانت تحضر للدكتوراة في جامعة باث ببريطانيا. ونحن في طريق العودة لمكان العزاء، و كنت أقود السيارة، طلب مني أن أقف و قال: لقد ارتكبت اليوم خطأً جسيماً. لو حدث لهذه البنت مكروه فسأكون أنا المسئول. سألته لماذا؟ فقال أنه كان يجب عليه أن يذهب بنفسه لباث ويبلغها بالخبر حتى يكون بالقرب منها حين تسمعه! ومن بعدها لم يذق طعماً للنوم لثلاث ليال حتى حضرت ليلى للسودان لحضور العزاء ورآها بعينيه.
و بمناسبة جده (الذي تولى تربيته وإخوانه بعد وفاة والدهم العالم الأزهري وهم صغار) كنا في مكان العزاء بمنزله حين فاجأنا رجل لا نعرفه وهو يبكي بكاءاً حاراً. وبعد أن بكى لمدة طويلة اتجه للمعزين وقال: أنا جار المرحوم والعلاقة بيني وبينه أنني بنيت منزلي في قطعة أرض كان يملكها وعندما اكتشف الأمر وسألني لم فعلت ذلك؟، قلت له: "عملتها رجالة، وأعلى ما في خيلك أركبه، أنا ما ممكن أخلي اولادي في الشارع." فطلب مني ان أقابله في اليوم التالي بأراضي أمدرمان وهناك سلمني تنازلاً مكتوباً عن القطعة باسمي! ذّريّة بعضها من بعض.
لقد كان تقديره لجده خاصة ولكل أهله وأصدقائه عامةً استثنائياً. ولقد ذكر لي مرة، وأنا أصدقه، بأنه لم يضحك في حضرة جده طوال عمره. وعندما ولد ابنه البكر (المهندس محمد زهير) في مستشفى الراهبات بالخرطوم في سنة 1981، ذهبنا معا لإحضار جده من أمبدة حتى يكون أول من يحمل المولود. وبالفعل لم يقترب من المولود أحد (رغم أن العائلة كلها كانت موجودة في المستشفى) حتى أحضرنا جده من أمبدة بعد عدة ساعات، فجاء وحمله ثم تبادل الجمع حمله بعد ذلك.
أما بالنسبة لعلاقته بأمه وإخوانه وأخته ليلى وأولاده فيكفي أن تعرف أنه كان يذهب و يجيء بين بيت والده
وبيته (بعد ان رحل منه بعد الزواج) ثلاثة أو أربعة مرات في اليوم الواحد ويسلم على كل من في المنزلين في جباههم في كل جيئة وكل ذهاب .
عندما اتصلت به بنتي وطفاء (التي لم تره قط للأسف) لأول مرة في الرياض، قال لها: "يا بنتي أنا لا أقفل التلفون عندما أتحدث إلى من أحبهم، لو شعرتي بأنك خلصتي ودّعيني واقفلي إنتي."
لقد رحل عن هذه الدنيا وهو لا يملك فيها شيئاً من متاعها، لم يمتلك متراً مربعاً من الأرض في أي مكان في الدنيا وهو الذي ولد ونشأ في قلب أمدرمان وهو ابن العائلة الكبيرة، عائلة العلماء وشيوخ الدين. مات ولم يمتلك سيارة بل أنه لم يتعلم كيف يقود سيارة في حياته ولم يمثل له الأمر هاجساً ولعل الأمر لم يخطر بباله أبداً. رحمة الله عليه رحمةً واسعةً وأدخله فسيح جناته.
عثمان محجوب سيدأحمد – أبريل 2013
|
|
  
|
|
|
|
|
| العنوان |
الكاتب |
Date |
| عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ))/)) | lana mahdi | 05-11-13, 09:14 PM |
 Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | Ismail Yasin | 05-11-13, 11:48 PM |
| Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | Emad Ahmed | 05-12-13, 10:08 AM |
 Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | محمد امين مبروك | 05-12-13, 10:30 AM |
| Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | dardiri satti | 05-12-13, 04:14 PM |
| Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | السمانى عمارة | 05-12-13, 07:15 PM |
| Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | إسحاق بله الأمين | 05-13-13, 07:06 AM |
| Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | Khalid Saeed | 05-13-13, 11:21 AM |
| Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | محمد أحمد الريح | 05-13-13, 11:54 AM |
| Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | Ismail Yasin | 05-15-13, 03:04 PM |
| Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | Zomrawi Alweli | 05-15-13, 06:45 PM |
| Re: عثمان محجوب سيدأحمد يكتب: رحيل جيل-الراحل مصطفى سمساعة///)))))) ) | Zomrawi Alweli | 05-20-13, 07:15 AM |
|
| |
lana mahdi
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست