|
جيدلكم ياشماليين : إجتراركم للعموميات أوصلكم للمأساة وسيقودكم للأسوأ
|
الحاجة الملحة للساحة السياسية لثقافة التفاصيل الدقيقة
في الثمانينات كان قريبي التكّاسي يدور بعد الحادية عشرة مساءاً بزنك الخرطوم ويجهز نفسه للعودة للمنزل , فأوقفه زبون وقال له "وصلني الحزام الأخضر" فرد عليه "يا أخينا الدنيا أنصاص ليالي ! حزام أخضر شنو؟" فأصر الزبون بأنه لابد أن يذهب به إلى هناك الآن , فقال له التكّاسي "أقول ليك حاجة ؟ موديني هناك لشنو؟ اختصر الموضوع واقتلني هنا"
العموميات لها فائدة كبيرة لأنها تقود إلى تفكير عالي المستوي High level thinking ويتبناها الفلاسفة والمفكرون الإستراتيجيون لكنها خطرة عند التنفيذ إذ تخضع لتفسيرات وأمزجة وظروف مختلفة فالتنفيذ يلزمه المزيد من التفاصيل وكلما كان الورق دقيقاً ومفصلاً كلما كان التطبيق العملي له أقرب إلى النجاح. لذلك أطرح في البدء علاقة الدين بالدولة ونحاول سوياً التمهيد لصياغتها في السودان بصورة أكثر تفصيلاً.
إنطلاقاُ من حقائق وبديهيات أن الدولة تحدها الجغرافيا وأساسها المواطنة وتساوي الحقوق, والدين لا تحده الجغرافيا ويجمع المنتمين لنفس الديانة حتى ولو كانوا خارج حدود الدولة.
ولا يتساوى إطلاقاً لدى معتنقي ديانة ما كل معتقدات الديانات الأخرى , الديانة التي يعتنقها الإنسان لا محيص هي الصحيحة وجميع الأديان سواها حتماً خاطئة
معايير الدولة يجب أن تكون قابلة للقياس والوزن والمراجعة والتقييم والتقويم من قبل البشر فهي قابلة للجرح والتعديل والإضافة والإلغاء لأنها معايير نسبية متغيرة, لكن معايير الدين مردها ومرجعها في علم الغيب لأنها معايير مطلقة.
لذلك تنجح الدولة الدينية التي يقودها الأنبياء لأنهم مرتبطين مباشرة بالمطلق بشكل مقدس فعلاً , وتفشل الدولة الدينية التي يقودها البشر لنسبية تفسيراتهم وافتقادهم للمطلق حتى لو حاولوا إعطائها صبغة مقدسة.
معايير الدولة والعمل بها بعد المواطنة في الأساس هي الكفاءة واحياناً في بعض الوظائف التي تتطلب ذلك يضاف بعض الصفات الشخصية كاللباقة وحسن المظهر وحسن السيرة والسلوك (البعض طرح أن مظاهر التدين أحد مؤشرات حسن الخلق , لكن الواقع بدأ يدحض هذا الطرح وعموماً يلزم إثبات الطرح أو عكسه في أوقات أرحب)
معايير الدين ليست واحدة بل تعتمد على كل دين على حده وربما في الدين الواحد تختلف حسب كل مذهب أو فرقة وربما تعارضت وتناقضت فماهو خير في هذا المذهب يعتبر شر في المذهب الآخر بل ووصلت الخلافات حد التعارض أيضاً داخل المذهب الواحد.
بنظرة سريعة نجد أن الدولة تنظم أداء المواطنين لشعائرهم الدينية بما لا يضر بالآخرين مثل الحج والعمرة والصوم والأوقاف الدينية وبناء دور العبادة وإجازات واحتفالات المناسبات الدينية واداء الطقوس في ساعات العمل الرسمية بعض الدول مثل كثير من الدول العربية تخصص مجلساً للإفتاء له مهام محددة قوانين الاحوال الشخصية المستمدة من ديانات المواطنين من زواج وما يترتب عليه وطلاق/انفصال وما يترتب عليه كذلك الوصايا وتوزيع المواريث كثير من الدول تضمنه قوانين الأحوال الشخصية
|
|
|
|
|
|